المجموع : 12
أَلا إِنَّ أَسبابَ الصَفاءِ تَصَرَّمَت
أَلا إِنَّ أَسبابَ الصَفاءِ تَصَرَّمَت / فَما لِمَوَدّاتِ الرِجالِ صَفاءُ
وَما لِجَميعِ العالِمينَ رِعايَةٌ / وَما لِجَميعِ العالِمينَ وَفاءُ
أَلا إِنَّما آوى وَعَنقاءُ مُغرِبٍ / وَعُرسٌ وَإِخوانُ الصَفاءِ سَواءُ
كَم قَد مَنَحتُكَ حُبّاً
كَم قَد مَنَحتُكَ حُبّاً / وَلَيسَ مِنهُ جَزاءُ
تَرى يَضُرُّكَ أَن لَو / يَكونُ مِنكَ وَفاءُ
لا تَبلِنا بِصُدودٍ / إِنَّ الصُدودَ بَلاءُ
بَل ما لَنا مِنكَ بُدٌّ / فَاِصنَع بِنا ما تَشاءُ
عِندَنا طيبٌ وَرَيحا
عِندَنا طيبٌ وَرَيحا / نٌ وَنَقلٌ وَغِناءُ
وَمِنَ المَشروبِ لَونا / نِ شُمولٌ وَطِلاءُ
وَمِنَ اللَحمِ خَليطا / نِ طَبيخٌ وَشِواءُ
وَمِنَ الحَلواءِ أَلوا / نٌ أُحادٌ وَثِناءُ
وَلَنا غُلمانُ صِدقٍ / أُدَباءٌ أَرباءُ
أَرسَلوا في الصَحنِ ماءً / فَكَأَنَّ الصَحنَ ماءُ
وَاِنثَنوا لِلحُسنِ عَدواً / فَحَواشيهِ رِداءُ
فَاِرشَفِ الهَمَّ عَناءُ / إِنَّما الهَمُّ بَلاءُ
وَاِغتَنِم لَذَّةَ يَومٍ / قَد تَخَطّاهُ العَناءُ
فَهُوَ يَطويكَ وَيَمضي / لَيسَ لِلدُنيا بَقاءُ
أَصبَحَت أَوجُهُ القُبورِ وَضاءَ
أَصبَحَت أَوجُهُ القُبورِ وَضاءَ / وَغَدَت ظُلمَةُ القُبورِ ضِياءَ
يَومَ أَضحى طَريدَةً لِلمَنايا / فَفَقَدنا بِهِ الغِنى وَالغِناءَ
يَومَ ظَلَّ الثَرى يَضُمُّ الثُرَيّا / فَعَدِمنا مِنهُ السَّنا وَالسَناءَ
يَومَ فاتَت بِهِ بَوادِرَ شُؤمٍ / فَرُزينا بِهِ الثَرى وَالثَراءَ
يَومَ أَلقى الرَدى عَلَيهِ جِراناً / فَحُرِمنا بِهِ الجَدا وَالجِداءَ
يَومَ أَلوَت بِهِ هَناتُ اللَيالي / فَلَبِسنا بِهِ البَلى وَالبَلاءَ
لَبِسَ الماءُ وَالهَواءُ صَفاءَ
لَبِسَ الماءُ وَالهَواءُ صَفاءَ / وَاِكتَسى الرَوضُ بَهجَةً وَبَهاءَ
فَكَأَنَّ النِهاءَ صِرنَ رِياضاً / وَكَأَنَّ الرِياضَ عُدنَ نِهاءَ
وَكَأَنَّ الهَواءَ صارَ رَحيقاً / وَكَأَنَّ الرَحيقَ صارَ هَواءَ
وَتَخالُ السَماءَ بِاللَيلِ أَرضاً / وَتَرى الأَرضَ بِالنَهارِ سَماءَ
جَلَّلَتها الأَنواءُ زَهراً وَصُفراً / يَومَ ظَلَّت تُنادِمُ الأَنواءَ
فَتَراها ما بَينَ نَوءٍ وَنَورٍ / تَتَكافا تَبَسُّماً وَبُكاءَ
وَتَظَلُّ الأَشجارُ تَتَّخِذُ الحُسنَ / قَميصاً أَوِ الجَمالَ رِداءَ
لَبِسَت حينَ أَثمَرَت خُلُداتٍ / وَإِكتَسَت حينَ أَورَقَت سيراءَ
وَتَرى السَروَ كَالمَنابِرَ تَزهى / وَتَرى الطَيرَ فَوقَها خُطَباءَ
راحٌ إِذا ما اللَيلُ مَدَّ رُواقَهُ
راحٌ إِذا ما اللَيلُ مَدَّ رُواقَهُ / لاحَت تُطَرِّزُ حُلَّةَ الظَلماءِ
حَتّى إِذا مُزِجَت أَراكَ حُبابُها / زَهَراتِ أَرضٍ أَو نُجومَ سَماءِ
وَبَرَكَةٍ مُترَعَةَ الأَرجاءِ
وَبَرَكَةٍ مُترَعَةَ الأَرجاءِ / فارِغَةً مِن سُبُلِ الأَنواءِ
يَغسِلُ فيها حُلَّةَ الظُلَماءِ / أَقامَت النارَ مَقامَ الماءِ
نارٌ كَوَجهِ غادَةٍ حَسناءَ / تَرقُصُ في مَبدَعَةٍ صَفراءِ
وَالجَمرُ في حُلَّتِهِ الحَمراءُ / مِثلَ بَنانٍ عُلَّ بِالحِنّاءِ
وَأَسهُمٌ تُصبَغُ بِالدِماءِ / فَهاكَها رَيحانَةَ الشِتاءِ
وَإِشرَب عَلَيها حَلَبَ الصَهباءَ / فَشُربِ صَهباءَ عَلى صَفراءِ
يَطرُفُ عَينُ البُؤسِ وَالضِراءِ /
لَيلٍ كَفَرعِ الخودِ تَخلُفُهُ ضُحىً
لَيلٍ كَفَرعِ الخودِ تَخلُفُهُ ضُحىً / زَهراءُ مِثلَ عَوارِضٍ زَهراءِ
عَبِقَت بِأَنفاسِ الرِياضِ كَأَنَّما / نَفَضَ الرَقيبُ غُلالَةَ الدَلتاءِ
إِلى كَم تَستَمِرُّ عَلى الجَفاءِ
إِلى كَم تَستَمِرُّ عَلى الجَفاءِ / وَلا تَرعى حُقوقَ الأَصدِقاءِ
فَمَن لي أَن أَرى لَكَ مِثلَ فِعلي / فَنُصبِحُ في الوِدادِ عَلى إِستِواءِ
أَلا إِنّي لَأَعرِفُ كُلَّ شَيءٍ / سِوى خُلُقِ الرِعايَةِ وَالوَفاءِ
عَرَيتَ مِنَ الوَفاءِ وَلَيسَ بِدعاً / لِأَنَّكَ قَد عُريتَ مِنَ الحَياءِ
فَإِن تَرجِع إِلى الحُسنى وَإِلّا / فَما الإِجداءُ إِلّا في التَنائي
فيها مُؤانِسَةٌ لَنا وَحشِيَّةٌ
فيها مُؤانِسَةٌ لَنا وَحشِيَّةٌ / تومي بِناظِرِها إِلى ظَمياءِ
تَختالُ في مُتَصَندِلٍ مُتَكَفِّرٍ / تِبراً أَضَرَّ بِفِضَّةٍ بَيضاءِ
وَدَقيقَةَ الأَطرافِ وَهيَ جَسيمَةٌ / رَيّا تُمَرمِرُ في مُتونِ ظِماءِ
وَمُغَنِّياتٍ مِن وَراءِ سَتائِرٍ / مَشقوقَةَ الأَوساطِ وَالأَحناءِ
غَنَّت فَلَم تُحوَج إِلى مَشهورَةٍ / وَشَدَت فَلَم تَفقَر إِلى المَيلاءِ
تَبدو عَلى أَعناقِهِنَّ أَهِلَّةٌ / سودٌ تَبَدَّلُ ظُلمَةً بِضِياءِ
لَيسَ حَدُّ الحُسامِ أَكفى وَأَغنى
لَيسَ حَدُّ الحُسامِ أَكفى وَأَغنى / مِن أَخٍ ذي كِفايَةٍ وَغِناءِ
وَأَخو المَرءِ عِصمَةٌ في بَلاءِ / يَعتَريهِ وَزينَةٌ في الرَخاءِ
باكَرَنا الدَهرُ بِسَرّائِهِ
باكَرَنا الدَهرُ بِسَرّائِهِ / وَكَفَّ عَنّا بَأسَ بَأسائِهِ
وَجاءَنا أَيلولُ مُستَبشِراً / يَثني عَلى الدَهرِ بِآلائِهِ
أَما تَرى الرِقَّةَ في جَوِّهِ / تُناسِبُ الرِقَّةَ في مائِهِ
أُنظُر إِلى أَنواعِ أَثمارِهِ / قَد ضَمَّها في بَردِ أَحشائِهِ
راحَت عَلَيها نَسَماتُ الصِبا / تَقرُصُها في بَردِ أَفنائِهِ
أَما تَرى حُسنَ مُلاحِيِّهِ / يُهدى إِلى بَهجَةِ شَعرائِهِ
أُنظُر إِلى رُمّانِهِ ضاحِكاً / حَمراؤُهُ في وَجهِ بَيضائِهِ