القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 12
صِلَةُ الْخَيَالِ عَلَى الْبِعَادِ لِقَاءُ
صِلَةُ الْخَيَالِ عَلَى الْبِعَادِ لِقَاءُ / لَوْ كانَ يَمْلِكُ عَيْنِيَ الإِغْفَاءُ
يا هاجِري مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ في الْهَوَى / مَهْلاً فَهَجْرُكَ والْمَنُونُ سَواءُ
أَغْرَيْتَ لَحْظَكَ بالْفُؤادِ فَشَفَّهُ / ومِنَ الْعُيُونِ عَلَى النُّفُوسِ بَلاءُ
هِيَ نَظْرَةٌ فامْنُنْ عَلَي بِأُخْتِها / فالْخَمْرُ مِنْ أَلَمِ الْخُمارِ شِفَاءُ
أَنا مِنْكَ مَطْوِيُّ الْفُؤادِ عَلَى جَوىً / لَوْلا الْدُّمُوعُ ذَكَتْ بِهِ الْحَوْبَاءُ
لا أَنْتَ تَرْحَمُنِي ولا نَارُ الْهَوَى / تَخْبُو وَلاَ للنَّفْسِ عَنْكَ عَزاءُ
فانْظُرْ إِلَيَّ تَجِدْ خَيَالَةَ صُورَةٍ / لم يَبْقَ فيها للحياةِ ذَمَاءُ
رَقَّتْ لِيَ الْوَرْقَاءُ في عَذَباتِها / وبَكَتْ عَلَيَّ بِدَمْعِهَا الأَنْدَاءُ
وَتَحَدَّثَتْ رُسُلُ النَّسِيمِ بلَوْعَتِي / فَلِكُلِّ غُصْنٍ نَحْوَها إِصْغَاءُ
كَلَفٌ تَنَاقَلَهُ الْحَمامُ عَنِ الصَّبَا / فصَبَتْ إِلَيْهِ الْغِيدُ والشُّعَراءُ
فَبِقَلْبِ كُلِّ فَتىً غَرامٌ كامِنٌ / وبِعِطْفِ كُلِّ مَلِيحَةٍ خُيَلاءُ
فَدَعِ التَّكَهُّنَ يا طَبِيبُ فإِنَّمَا / دائِي الْهَوَى ولِكُلِّ نَفْسٍ داءُ
أَلَمُ الصَّبَابَةِ لَذَّةٌ تَحْيَا بِها / نَفْسِي وَدَائِي لَوْ عَلِمْتَ دَواءُ
وبِمُهْجَتِي رَشَئِيَّةٌ مِنْ دُونِها / أُسُدٌ لَهَا قَصَبُ الرِّمَاحِ أَبَاءُ
هَيْفَاءُ مالَ بِهَا النَّعيمُ فَخَطْوُها / دُونَ الْقَطاةِ ونُطْقُها إِيمَاءُ
تَرْنُو بِأَحْوَرَ لَوْ تَمَكَّنَ لَحْظُهُ / مِنْ صَخْرَةٍ لَارْفَضَّ مِنها الماءُ
حَكَمَ الجَمالُ لها بِمَا تَخْتَارُهُ / فَتَحَكَّمَتْ في النَّاسِ كَيفَ تَشاءُ
غَضِبَتْ عَلَيَّ وَما جَنَيتُ وَرُبَّما / حَمَلَ الْمَشُوقُ الذَّنْبَ وَهوَ بَراءُ
طافَ الوُشاةُ بِها فَكانَ لِقَوْلِهِمْ / في مِسْمَعَيْها رَنَّةٌ وحُداءُ
لَوْلا النَّمِيمَةُ لم يَقَعْ بَيْنَ امْرِئٍ / وأَخِيهِ مِنْ بَعْدِ الْوِدادِ عِداءُ
أَشَقِيقَةَ الْقَمَرَيْنِ أَيُّ وَسِيلَةٍ / تُدْنِي إِلَيكِ فَلَيْس لِي شُفَعَاءُ
جُودِي عَلَيَّ ولَوْ بِوَعْدٍ كاذِبٍ / فالْوَعْدُ فيهِ تَعِلَّةٌ ورَجَاءُ
وَثِقِي بِكِتْمَانِ الْحَدِيثِ فإِنَّمَا / شَفَتاي خَتْمٌ والْفُؤادُ وِعاءُ
لا تَرْهَبِي قَوْلَ الْوُشاةِ فإِنَّهُمْ / قَدْ أَحْسَنُوا في الْقَوْلِ حِينَ أَساءُوا
زَعَمُوكِ شَمْسَاً لا تَلُوحُ بظُلْمَةٍ / ولِقَولِهِمْ عِنْدِي يَدٌ بَيْضاءُ
فَعَلامَ تَخْشَيْنَ الزِّيارَةَ بعدَما / أَمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجَى الرُّقَباءُ
هِيَ زَلَّةٌ في الرأْيِ مِنْهُمْ أَعْقَبَتْ / نَفْعَاً كَذَلِكَ تَفْعَلُ الْجُهَلاءُ
كَيْدُ الْغَبِيِّ مَساءَةٌ لِضَمِيرِهِ / وَلِمَنْ يُحَاوِلُ كَيْدَهُ إِرْضَاءُ
والناسُ أَشْبَاهٌ ولَكِنْ فَرَّقَتْ / ما بَيْنَهُمْ في الرُّتْبَةِ الآراءُ
وَالنَّفْسُ إِنْ صَلَحَتْ زَكَتْ وَإِذَا خَلَتْ / مِنْ فِطْنَةٍ لَعِبَتْ بها الأَهْوَاءُ
لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الرِّجالِ تَفَاوُتٌ / ما كانَ فيهِمْ سادَةٌ ورِعاءُ
وَلَقَدْ بَلَوْتُ النّاسَ في أَطْوارِهِمْ / ومَلِلْتُ حتَّى مَلَّني الإِبْلاءُ
فَإِذا المَوَدَّةُ خَلَّةٌ مَكْذُوبَةٌ / بَيْنَ الْبَرِيَّةِ والوَفاءُ رِياءُ
كَيْفَ الْوثُوقُ بِذِمَّةٍ مِنْ صاحِبٍ / وَبِكُلِّ قَلْبٍ نُقْطَةٌ سَوْداءُ
لَوْ كَانَ فِي الدُّنْيَا وِدَادٌ صَادِقٌ / مَا حَالَ بَيْنَ الخُلَّتَيْنِ جَفاءُ
فانْفُضْ يَدَيْكَ مِنَ الزَّمانِ وأَهْلِهِ / فالسَّعْيُ في طَلَبِ الصَّديِقِ هَبَاءُ
عَبَّاسُ يا خَيْرَ المُلُوكِ عَدَالَةً
عَبَّاسُ يا خَيْرَ المُلُوكِ عَدَالَةً / وَأَجَلَّ مَنْ نَطَقَ امْرُؤٌ بِثَنَائِهِ
أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ الرِّضَا وجَلَوْتَ لِي / وَجْهاً قَرَأْتُ البِشْرَ في أَثْنَائِهِ
فاسْلَمْ لِمُلْكٍ أَنْتَ بَدْرُ سَرِيرِهِ / وَعِمَادُ قُوَّتِهِ ونَصْرُ لِوائِهِ
يأَيُّها الصَّادِي إِلى نَيْلِ الْمُنَى / رِدْ بَحْرَ سُدَّتِهِ تَفُزْ بِوَلائِهِ
هُوَ ذَلِكَ الْمَلِكُ الَّذِي وَرِث الْعُلا / عَنْ نَفْسِهِ شَرَفا وعَن آبائِهِ
الْعَدْلُ مِنْ أَخْلاقِهِ والْعِلْمُ مِنْ / أَوْصافِهِ والْحِلْمُ مِنْ أَسْمَائِهِ
لا غَرْوَ أَنْ جَمَعَ المَحَامِدَ يافِعاً / وَسَمَا بِهِمَّتِهِ عَلَى نُظَرائِهِ
فالْعَينُ وَهْيَ صَغِيرَةٌ في حَجْمِها / تَسَعُ الفَضَاءَ بِأَرْضِهِ وسَمائِهِ
أَهِلالُ أَرْضٍ أَمْ هِلالُ سماءٍ
أَهِلالُ أَرْضٍ أَمْ هِلالُ سماءٍ / شَمِلَ الزَّمَانَ وأَهْلَهُ بِضِيَاءِ
بَدَرَتْ لَوامِعُ مِنْهُ شَقَّ وَمِيضُها / حُجُبَ الظَّلامِ فَمَاجَ في لأْلاَءِ
وَبَدَتْ أَسِرَّتُهُ فَكانَتْ غُرَّةً / لِلْمُلْكِ فَوْقَ أَسِرَّةِ الْجَوْزَاءِ
نُورٌ تَوَلَّدَ بَيْنَ بَدْرٍ طالِعٍ / في أَوْجِ عِزَّتِهِ وَشَمْسِ عَلاءِ
أَكْرِمْ بِطَلْعَتِهِ هِلالاً لَم يَزَلْ / يَعْنُو إِلَيْهِ هِلالُ كُلِّ لِواءِ
هُوَ مَوْلِدٌ عَمَّ الْكِنانَةَ نُورُهُ / فَتَباشَرَتْ بِالْيُمْنِ وَالسَّرّاءِ
لَبِسَتْ بِهِ الدُّنيا جَمالَ شَبابِها / وَتَبَرَّجَتْ كَالغادَةِ الحَسْناءِ
فَاهْنَأْ بِعَبدِ القادِرِ الشَّهْمِ الَّذي / وافاكَ يَرْفُلُ في سَناً وَسَناءِ
وَاسْعَدْ بِهِ وَأَخِيهِ يا ابْنَ مَحَمَّدٍ / في ظِلِّ مُلْكٍ وارِفِ الأَفْيَاءِ
وَلَسَوْفَ تَنْجُمُ أَنْجُمٌ عَلَوِيَّةٌ / تَجْلُو ظَلامَ الشَّكِّ بِالآراءِ
مِنها صُدُورُ مَحَافِلٍ وَجَحَافِلٍ / في يَومِ أَقْضِيَةٍ وَيَوْمِ لِقَاءِ
وَبَوارِقٌ تَنْهَلُّ فينَا بالنَّدَى / وصَواعِقٌ تَنْقَضُّ في الأَعداءِ
وَكَأَنَّنِي بِكَ بَيْنَهُمْ مُتَرَفِّعاً / كَالْبَدْرِ بَيْنَ كَواكِبِ الخَضْراءِ
فانْعَمْ بِعِزِّكَ يا ملِيكُ ولا تَزَلْ / تَحْوِي يَدَاكَ مَقالِدَ الْعَلْياء ِ
لا زِلْتَ مَعْمُور الفِناءِ مُهَنَّأً / في نِعْمَةٍ مَوْصُولَةٍ بِبَقاءِ
غادِ النَّدَى بِالْجِيزَةِ الفَيْحَاءِ
غادِ النَّدَى بِالْجِيزَةِ الفَيْحَاءِ / واحْدُ الصَّبُوحَ بِنَغْمَةِ الوَرْقَاءِ
والْمَحْ بِطَرْفِكَ ما وَحَتْهُ يَدُ الصَّبا / فَوْقَ الْغَدِيرِ تَجِدْ حُروفَ هِجاءِ
مِنْ كُلِّ حَرْفٍ فيهِ مَعْنَى صَبْوَةٍ / تَتْلُو بِهِ الوَرْقَاءُ لَحْنَ غِنَاءِ
مَيْدَانُ سَبْقٍ لِلْخَلاعَةِ أَشْرَقَتْ / فيهِ الْكُمَيْتُ بِغُرَّةٍ غَرَّاءِ
حَمْرَاءُ دارَ بها الْحَبابُ كأَنَّها / شَفَقٌ بَدَتْ فِيهِ نُجُومُ سَماءِ
هِيَ كالأَشِعَّةِ غَيْرَ أَنَّ ضِيَاءَها / مِنْ ذاتِها لا مِنْ ثُقُوبِ ضِياءِ
وإِذا رَجَعْتَ إِلى الْيَقِينِ فَإِنَّها / نارٌ تَحَلَّلَ جِسْمُها في ماءِ
تَجْرِي فَتَفْعَلُ بالْعُقُولِ كُؤُوسُها / ما تَفْعَلُ الأَلْحَاظُ بالأَحْشَاءِ
خَفِيَتْ عَلَى الأَحْقَابِ فَهِيَ ذَخِيرَةٌ / مِنْ عَهدِ آدَمَ أُودِعَتْ بِوِعاءِ
مَحَقَ الْفَنَاءُ وُجُودَها فَتَزَايَلَتْ / إِلاَّ نَسِيماً شَفَّ عَنْ حَوْباءِ
هِيَ جَمْرَةُ الفُرْسِ الَّتِي سَجَدَتْ لَهَا / أَملاكُها في سَالِفِ الآنَاءِ
فَانْهَضْ إِلَى شُرْبِ الصَّبُوحِ فَقَدْ بَدَا / شَيْبُ الصَّباحِ بِلِمَّةِ الظَّلْماءِ
وَتَرَنَّمَتْ في وَكْرِها سَحَرِيَّةٌ / تُغْنِي الْمَقَامَةَ عَنْ صَفِيرِ النَّاءِ
وَرْقاءُ تَسْجَعُ في سَماوَةِ أَيْكَةٍ / مَوْشِيَّةِ الْعَذَباتِ بِالأَنْدَاءِ
تَبْكِي الْهَدِيلَ وَما رَأَتْهُ فَيَا لَها / مِنْ ذُكْرَةٍ عَرَضَتْ بِغَيْرِ لِقاءِ
قَدْ أَشْبَهَتْنِي في الْهَوى لَكِنَّها / لَمْ تَحْكِني في لَوْعَتِي وَبُكائِي
مَالَ النَّسِيمُ بِهَا وَمَالَ بِيَ الأَسَى / شَتَّانَ بَيْنَ نَعِيمِها وَشَقائِي
أَنَا يَا حَمَامَةُ مِنْكِ أَعْلَمُ بِالْهَوى / فَدَعي الْحَنِينَ فَلَسْتِ مِنْ أَكْفائِي
إِنِّي امْرُؤٌ مَلَكَ الودادُ قِيَادَتِي / وَجَرَى عَلَى صِدْقِ الْعُهُودِ وَفائِي
لا أَسْتَرِيحُ إِلَى السُّلُوِّ وَلَوْ جَنَى / خِلِّي عَلَيَّ وَلا أَشِينُ وَلائِي
لا ذِمَّتِي رَهْنُ الْفِكَاكِ وَلا يَدِي / تُلْقِي أَزِمَّةَ عِفَّتِي وَحَبائِي
لَكِنَّنِي غَرَضٌ لأَسْهُمِ حاسِدٍ / وارِي الجَوانِحِ مِنْ لَهِيبِ عِدَائِي
مِنْ غَيْرِ ما ذَنْبٍ جَنَيْتُ وَإِنَّما / بُغْضُ الْفَضِيلَةِ شِيمَةُ الْجُهَلاءِ
تَعِست مُقارَنَةُ اللَّئِيمِ فَإِنَّها / شَرَقُ النُّفُوسِ وَمِحْنَةُ الْكُرَمَاءِ
أَنا في زَمانٍ غادِرٍ وَمَعَاشِرٍ / يَتَلَوَّنُونَ تَلَوُّنَ الْحِرْباءِ
أَعْداءُ غَيْبٍ لَيْسَ يَسْلَمُ صاحِبٌ / مِنْهُمْ وإِخْوَةُ مَحْضَرٍ وَرَخَاءِ
أَقْبِحْ بِهِمْ قَوْماً بَلَوْتُ إِخاءَهُمْ / فَبَلَوْتُ أَقْبَحَ ذِمَّةٍ وَإِخَاءِ
قَدْ أَصْبَحُوا للدَّهْرِ سُبَّةَ ناقِمٍ / فِي كُلِّ مَصْدَرِ مِحْنَةٍ وَبَلاءِ
وَأَشَدُّ مَا يَلْقَى الْفَتَى فِي دَهْرِهِ / فَقْدُ الْكِرَامِ وصُحْبَةُ اللُّؤَمَاءِ
شَقِيَ ابنُ آدَمَ في الزّمانِ بِعَقلِهِ / إِنَّ الْفَضِيلَةَ آفَةُ الْعُقَلاءِ
تَوَازَنَ الصَّيْفُ والشِّتَاءُ
تَوَازَنَ الصَّيْفُ والشِّتَاءُ / واعْتَدَلَ الصُّبْحُ والْمَساءُ
واصْطَلَحَتْ بَعْدَ طُولِ عَتْبٍ / بَيْنَهُمَا الأَرْضُ والسَّمَاءُ
فَلا اصْطِحارٌ وَلا اكْتِنَانٌ / وَلا ابْتِرادٌ وَلا اصْطِلاءُ
تَبْتَهِجُ العَيْنُ في رِياضٍ / أَنْضَرَها الماءُ وَالْهَواءُ
مَنَابِتٌ زَرْعُها بَهِيجٌ / وَغَيْضَةٌ ماؤُها رَوَاءُ
لِلطَّيْرِ في أَيْكِها هَدِيلٌ / وَلِلصَّبا بَيْنَها مُكَاءُ
تَوَارَتِ الشَّمْسُ عَنْ ذراهَا / وَشَبَّ مِنْ زَهْرِهَا سَناءُ
فَالصُّبْحُ وَالظُّهْرُ وَالْعَشَايَا / وَالْوَهْنُ مِنْ لَيْلِها سَوَاءُ
فَلا ضَبَابٌ وَلا غَمَامٌ / وَلا ظَلاَمٌ وَلا ضِياءُ
فَقُمْ بِنا نَغْتَنِمْ شَبَاباً / وَلَذَّةً بَعْدَها فَنَاءُ
وَلا تُطِلْ فِكْرَةَ التَّمَنِّي / فَإِنَّهُ الْحُكْمُ وَالْقَضَاءُ
يُرِيْدُ كُلُّ امْرِئٍ مُنَاهُ / وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ
وَخَمِيلَةٍ بَكَرَتْ سَمَاوَةُ أَيْكِها
وَخَمِيلَةٍ بَكَرَتْ سَمَاوَةُ أَيْكِها / تَحْمِي الْهَجِيرَ عَنِ النُّفُوسِ وَتَدْرَأُ
تَسْتَنُّ فيها الرِّيحُ بَينَ مَنابِتٍ / خَضْراءَ يَغْشاها الْجَبَانُ فَيَجْرُؤُ
تَسْتَوقِفُ الأَبْصَارَ في غُدْرانِها / صُوَرٌ تَزُولُ مَعَ النَّسِيمِ وَتَطْرَأُ
يَنْسَى بها الْمَوْتُورُ ما في نَفْسِهِ / طَرَبَاً وَيَنزِلُها السَّقِيمُ فَيَبْرَأُ
فَالْوُرْقُ تَهْتِفُ وَالرَّبارِبُ تَرْتَعِي / وَالْعِينُ تَبْغَمُ وَالبَلابِلُ تَصْرَأُ
فَنَباتُها عَمّا يَعِيبُ مُنَزَّهٌ / وَهَواؤُهَا مِمّا يَشِينُ مُبَرَّأُ
شَجْرَاءُ تَسْلُكُها السَّمُومُ فَتَغْتَدِي / رَهْواً وَيَسْكُنُها الْهَجِيرُ فَيَمْرَأُ
فَتَحَ الرَّبِيعُ بِها مَدَارِسَ بَهْجَةٍ / لِلْعَينِ فِيها بَهْجَةٌ لا تَضْرَأُ
فَالرِّيحُ تكتبُ وَالْغَدِيرُ صَحِيفَةٌ / وَالسُحْبُ تَنْقُطُ وَالحَمائِمُ تَقْرَأُ
صُوَرٌ تَدُلُّ عَلَى حَكِيمٍ صانِعٍ / وَاللهُ يَخْلُقُ ما يَشَاءُ وَيَبْرَأُ
أَلاَ عاطِنِيها بِنْتَ كَرْمٍ تَزَوَّجَتْ
أَلاَ عاطِنِيها بِنْتَ كَرْمٍ تَزَوَّجَتْ / عَلَى نَغَماتِ الْعُودِ بِابْنِ سَمَاءِ
أَتَتْ حِقَبٌ مِنْ دُونِها فَتَهدَّمَتْ / سِوَى رَدْعِ لَوْنٍ أَوْ رَفِيفِ ذَمَاءِ
إِذا اتَّقَدَتْ في الْكَأْسِ خِلْتَ وَمِيضَهَا / عَلَى وَتَراتِ الْكَفِّ نَضْحَ دِمَاءِ
فَهَاتِ وَخُذْ وَاشْرَبْ وَدُرْ وَاسْقِ وَارْتَجِعْ / إِلَى الدَّوْرِ مِنْ بَدْءٍ عَلَى النُّدَمَاءِ
وَدَعْنِي مِنْ ذِكْرِ الْوَقَارِ فَإِنَّنِي / عَلَى سَرَفٍ مِنْ بِغْضَةِ الحُلَمَاءِ
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا ساعَةٌ سَوْفَ تَنْقَضِي / وَذَا الدَّهْرُ فينَا مُولَعٌ بِرِماءِ
وَلا تَحْسَبَنَّ المَرءَ يَبْقَى مُخَلَّداً / فَمَا النَّقْصُ إِلَّا بَعدَ كُلِّ نَماءِ
أَبِي آدَمٌ باعَ الْجِنَانَ بِحَبَّةٍ / وَبِعْتُ أَنَا الدُّنْيَا بِجَرْعَةِ ماءِ
لَكَ رُوحِي فَاصْنَعْ بِها مَا تَشاءُ
لَكَ رُوحِي فَاصْنَعْ بِها مَا تَشاءُ / فَهْيَ مِنِّي لِناظِرَيْكَ فِداءُ
لا تَكِلْنِي إِلَى الصُّدُودِ فَحَسْبِي / لَوْعَةٌ لا تُقِلُّها الأَحْشَاءُ
أَنَا وَاللهِ مُنْذُ غِبْتَ عَلِيلٌ / لَيْسَ لِي غَيْرَ أَنْ أَرَاكَ دَوَاءُ
كَيْفَ أُروِي غَلِيلَ قَلْبِي وَلَمْ يَبْ / قَ لِعَيْنِي مِنْ بَعْدِ هَجْرِكَ مَاءُ
فَتَرَفَّقْ بِمُهْجَةٍ شَفَّهَا الْوَجْ / دُ وَعَيْنٍ أَخْنَى عَلَيْهَا الْبُكاءُ
أَنا رَاضٍ بِنَظْرَةٍ مِنْكَ تَشْفِي / بَرْحَ قَلْبٍ هاجَتْ بِهِ الأَدْوَاءُ
نَظْرَةٌ رُبَّمَا أَماتَتْ وَأَحْيَتْ / وَمِنَ الْخَمْرِ عِلَّةٌ وَشِفَاءُ
لا تَخَلْ نَمَّةَ الْوُشاةِ صَلاحاً / فَهْيَ داءٌ تَدْوَى بِهِ الْحَوْبَاءُ
وَمِنَ الناسِ مَنْ تَراهُ سَلِيماً / وَبِهِ لِلْحُقُودِ داءٌ عَياءُ
فَاحْذَرِ النَّاسَ ما اسْتَطَعْتَ فَإِنَّ الن / ناسَ إِلاَّ أَقَلَّهُمْ أَعْدَاءُ
وَاخْتَبِرْنِي تَجِدْ صَدِيقاً حَمِيماً / لَم تُغَيِّرْ وِدادَهُ الأَهْوَاءُ
صادِقاً في الَّذِي يَقُولُ وَإِنْ ضا / قَتْ عَلَيْهِ بِرُحْبِها الدَّهْنَاءُ
لَقَدْ صَفِرَتْ عِيابُ الْوُدِّ بَيْنِي
لَقَدْ صَفِرَتْ عِيابُ الْوُدِّ بَيْنِي / وَبَيْنَ أَحِبَّتِي بَعدَ امْتِلاءِ
وَعَادَتْ أَوْجُهُ الْمَعْرُوفِ سُوداً / وَكانَتْ مِنْ نَضَارَتِها بِمَاءِ
فَزِعْتُ إِلَى الدُّمُوعِ فَلَمْ تُجِبْنِي
فَزِعْتُ إِلَى الدُّمُوعِ فَلَمْ تُجِبْنِي / وَفَقْدُ الدَّمْعِ عِنْدَ الْحُزْنِ دَاءُ
وَما قَصَّرْتُ في جَزَعٍ وَلَكِنْ / إِذا غَلَبَ الأَسَى ذَهَبَ الْبُكاءُ
أَلا بِأَبِي مَنْ كَانَ نُوراً مُجَسَّداً
أَلا بِأَبِي مَنْ كَانَ نُوراً مُجَسَّداً / يَفِيضُ عَلَينَا بِالنَّعِيمِ رَواؤُهُ
ثَوَى بُرْهَةً في الأَرْضِ حَتى إِذا قَضَى / لُبانَتَهُ مِنْهَا دَعَتْهُ سَمَاؤُهُ
وَما كانَ إِلَّا كَوْكَباً حَلَّ بِالثَّرَى / لِوَقْتٍ فَلَمَّا تَمَّ شالَ ضِيَاؤُهُ
نَضَا عَنْهُ أَثْوَابَ الْفَنَاءِ وَرَفْرَفَتْ / إِلَى الْفَلَكِ الأَعْلَى بِهِ مُضوَاؤُهُ
فَأَصْبَحَ في لُجٍّ مِنَ النُّورِ سَابِحاً / سَوَاحِلُهُ مَجْهُولَةٌ وَفَضاؤُهُ
تَجَرَّدَ مِنْ غِمْدِ الْحَوادِثِ ناصِعاً / وَمَا السَّيْفُ إِلاَّ أَثْرُهُ ومَضاؤُهُ
فإِنْ يَكُ وَلَّى فَهُوَ باقٍ بِأُفْقِهِ / كَنَجْمٍ يَشُوقُ النّاظِرِينَ بَهَاؤُهُ
وَلَوْلا اعْتِقَادِي أَنَّهُ في حَظِيرَةٍ / مِنَ الْقُدْسِ لاسْتَوْلَى على الْجَفْنِ ماؤُهُ
عَليكَ سَلامٌ مِنْ فُؤادٍ نَزَا بِهِ / إِلَيكَ نِزاعٌ أَعْجَزَ الطِّبَّ داؤُهُ
وَصَاحِبٍ كَهُمُومِ النَّفْسِ مُعْتَرِضٍ
وَصَاحِبٍ كَهُمُومِ النَّفْسِ مُعْتَرِضٍ / مَا بَيْنَ تَرْقُوَةٍ مِنِّي وَأَحشاءِ
إِنْ قَالَ خَيْراً فَعَنْ سَهْوٍ أَلَمَّ بِهِ / أَوْ قَالَ شَرَّاً فَعَنْ قَصْدٍ وَإِمْضَاءِ
لا يَفْعَلُ السُّوءَ إِلَّا بَعْدَ مَقْدِرَةٍ / وَلا يُكَفْكِفُ إِلَّا بَعْدَ إِيذاءِ
عاشَرْتُهُ حِقْبَةً مِنْ غَيْرِ سابِقَةٍ / فَكَانَ أَقْتَلَ مِنْ دَاءٍ لِحَوْباءِ
يَبْغِي رِضايَ وقَدْ أَوْدَى بِرُمَّتِهِ / وَكَيْفَ يَحْيَا صَرِيعٌ بَعْدَ إِيداءِ
لا بارَكَ اللهُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ وَلا / جَزَاهُ عَنْ فِعْلِهِ إِلَّا بِأَسْواءِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025