قولا لَهُ هَل دارَ في حَوبائِهِ
قولا لَهُ هَل دارَ في حَوبائِهِ / أَنَّ القُلوبَ تَجولُ حَولَ خِبائِهِ
ريمٌ إِذا رَفَعَ السَتائِرَ بَينَنا / أَعشانيَ اللَألاءُ دونَ رُوائِهِ
نمَّ الضِياءُ عَلَيهِ في غَسَقِ الدُجى / حَتّى كَأَنَّ الحُسنَ مِن رُقَبائِهِ
أَهدى لَنا في النَومِ نَجداً كُلَّهُ / بِبُدُوره وَغُصونِهِ وَظِبائِهِ
وَسَفرنَ في جُنحِ الدُجى فَتَشابَهَت / بِاللَيلِ أَنجُم أَرضِهِ وَسَمائِهِ
وَجَلا جَبيناً واضِحاً كالبَدرِ في / تَدويرِهِ وَبِعادِهِ وَضِيائِهِ
حَتّى كَأَنَّ سَنا الصَباحِ لِثامُهُ / وَمَضى الظَلامُ يَجُرُّ فَضلَ رِدائِهِ
وَالزَهرُ كالحَدقِ النَواعِسِ خامَرَت / نَوماً وَما بَلَغت إِلى استِقصائِهِ
حَيّا بِكاسِ رُضابِهِ فَرَدَدُّتها / نَفسي فِداءُ رُضابِهِ وَإِنائِهِ
وَرأى فَتىً لم يَبقَ غَيرُ غَرامِهِ / وَكَلامِهِ وَعِظامِهِ وَذَمائِهِ
قَلبي فِداؤكَ وَهوَ قَلبٌ لَم يَزَل / يُذكي شِهابَ الشَوقِ في أَثنائِهِ
جاوَرتُهُ شَرَّ الجِوارِ وَزُرتُهُ / لما حَلَلتُ فِناءَهُ بِفَنائِهِ
حَرِّق سِوى قَلبي وَدَعه فَإِنَّني / أَخشى عَلَيكَ وَأَنتَ في سَودائِهِ
فَمَتى أُجازي من هَويتُ بِهَجرِهِ / وَصُدودِهِ وَالقَلبُ من شُفعائِهِ
ما أَبصَرَت عَينايَ شَيئاً مونِقاً / إِلّا وَوَجهِكَ قائِمٌ بإِزائِهِ
إِنّي لأَعجَبُ مِن جَبينِكَ كَيفَ لا / يُطفي لَهيبَ الوَجنَتَينِ بِمائِهِ
لا يُطمعنَّك نورُ كَوكَبِ عامِرٍ / فَوَراءُ قُربِ سَناهُ بِعدُ سَنائِهِ
حَتّى سُيوفٌ رِجالِهِ وَهيَ القَضا / أَشوا جِراحاً مِن عُيونِ نِسائِهِ
لِلَهِ عَزمٌ مِن وَراءِ تِهامَةٍ / نادى فَثرتُ مُلَبِياً لِندائِهِ
حَتّى ظفَرتُ مِنَ المُظَفَّرِ بِالمُنى / عَفواً وتهتُ عَلى الزَمانِ التائِهِ
بِمُهَذَّبٍ لَولا صَفيحَةُ وَجهِهِ / لَجَرى عَلى الخَدَّينِ ماءَ حَيائِهِ
لا خَلقَ أَعظَمُ مِنهُ عِندي مِنَّة / إِلّا زَماناً جادَ ليَ بِلِقائِهِ
يُنبيكَ رَونَقُ وَجهِهِ عَن بِشرِهِ / وَالسَيفُ يُعرَفُ عِتقَهُ في مائِهِ
سَمحَ الخَليقَةِ وَالخَلائِق وَجهَهُ / بِشرٌ يُبَشِّرُ وَفدَهُ بِعَطائِهِ
زانَ الرِئاسَةَ وَهيَ زَينٌ لِلوَرى / فازدادَ رَونَقُ وَجهِها بِعَلائِهِ
كالدُرِّ يَحسِنُ وَحدَه وَبَهاؤهُ / في لِبَّةِ الحَسناء ضِعفُ بَهائِهِ
ما زالَ يَطرُدُ مالَهُ بِنَوالِهِ / حَتّى حَسِبنا المالَ مِن أَعدائِهِ
يَبني مَآثِرَهُ وَيَهدِمُ مالَهُ / وَالمَجدُ ثالِثٌ هَدمِهِ وَبِنائِهِ
وَتَرى العُلاء يَحفُّه لِيمينه / وَشِمالِهِ وَأَمامهِ وَوَرائِهِ
وَتَرى لَهُ حُلماً أَصَمَّ وَنائِلاً / نَدُساً يُجيبُ الوَفدَ قَبلَ دُعائِهِ
مَن لِلكِرامِ بِأَن تَرى أَبواعَهُم / كَذِراعِهِ وَمَديحَهُم كَهِجائِهِ
هَيهاتَ يَشرَكُهُ الوَرى في مَجدِهِ / أَبَداً وَإِن شَرَكوهُ في أَسمائِهِ
حُلو الثَناءِ مُمدَّحٌ يُلهيكَ عَن / حُسنِ الثَنايا الغُرُّ حُسنُ ثَنائِهِ
نَطَقَ العِداةُ بِفَضلِهِ لُظُهورِهِ / كُرهاً وَقَد حَرِصوا عَلى إِخفائِهِ
لَمّا تَزايَدَ في العُلوِّ تَواضُعاً / لِلَّهِ زادَ اللَهُ في إِعلائِهِ
يَعِدُ الفَتى الصَيادي إِلى مَعروفِهِ / بالرَيِّ ماء حُبابِهِ وَحِبائِهِ
إِن حَلَّ حَلَّ الجود في أَفنائِهِ / أَو سار سارَ النَصرُ تَحتَ لِوائِهِ
بِعَساكِرٍ مِن جُندِهِ وَعَساكِرٍ / مِن بَأسِهِ وَعَساكِرٍ مِن رائِهِ
يُخفي النَوالَ بِجَهدِهِ فَيُذيعُهُ / وَإِماتَةُ المَعروفِ مِن إِحيائِهِ
وَكَأَنَّما في كُلِّ مَنبَتِ شَعرَةٍ / مِن جِسمِهِ قَلبٌ لَفَرَطَ ذَكائِهِ
سَلبَت خَلائِقُهُ الرِياضَ أَريجَها / وَالماءَ طيبَ مَذاقِهِ وَصَفائِهِ
أَعدى أَنابيبَ اليَراع بِفَهمِهِ / وَنَفاذِهِ فمَضَينَ مِثلَ مَضائِهِ
إِنَّ المَخالِبَ في يَدي ليثِ الشَرى / تَمضي وَتَنبو في يَمينِ سِوائِهِ
يُرضي الكَتيبَةَ وَالكِتابَةَ وَالنَدى / بِفعالِهِ وَمَقالِهِ وَسَخائِهِ
يَجلو الخطابَة وَالخُطوبَ بِكَفِّهِ / قَلَمٌ يُرَجّى الرِزقَ في أَثنائِهِ
وَكَتيبَةٍ قَرأت مِنكَ فانفضَّ / ت كَما فَضَّت خِتام سِحائِهِ
لما تَأمَّل ما حَواهُ كَمَيُّهُم / رَقَصَت بَناتُ الرُعبِ في أَحشائِهِ
وَكَأَنَّ أَسطُرَهُ خَميسُ عَرمومٍ / وَهِلالُ رايَتِهِ استدارَةُ رائهِ
كَذِبَ المَبخِّل لِلزَّمانِ وَأَنتَ من / جَدوى أَنامِلِهِ وَمِن إِهدائِهِ
زانَ البِلادَ وَأَهلَها بِكَ فاستَوى ال / أَمواتُ وَالأَحياءُ في آلائِهِ
أَمِنَ الزَمانُ وَإِن أَساءَ مَلامَتي / أَلَومُ دَهراً أَنتَ مِن أَبنائِهِ
فاسلَم وَعِش لِلمُلكِ مَوصولِ البَقا / فَلِلَهُ يَحفَظُهُ وَحيدُ سَمائِهِ
ما سَحَّ مزنٌ دفعة في رَوضَةٍ / وَتَضاحَكَت في صَوِّها بِبُكائِهِ