المجموع : 5
إِلى مَتى مِنكُمُ هَجري وإقْصَائي
إِلى مَتى مِنكُمُ هَجري وإقْصَائي / ويلي وجدتُ أحِبّائي كأعْدائي
هُمْ أظمؤُوني إلى ماءِ اللّمى ظمأً / تَرَحّلَ الرِّيُّ بي منهُ عنِ الماءِ
وخالفونيَ فيما كنْتُ آمُلُهُ / منهمْ وَرُبَّ دواءٍ عادَ كالداءِ
أَعيا عَليّ وعُذري لا خفاءَ بِهِ / رِياضَةُ الصعبِ مِن أَخلاقِ عذراءِ
يا هَذِهِ هَذِهِ عَيني الَّتي نَظَرتْ / تَبلّ بالدَّمْعِ إِصباحي وَإِمسائي
مِن مُقلَتَيكَ كَساني ناظِري سَقَماً / فَما لِجسميَ فَيءٌ بيْنَ أفيَاءِ
وَكُلُّ جَدْبٍ لَه الأنوَاءُ ماحِيةٌ / وَجَدْبُ جسميَ لا تمحوهُ أنْوَائي
إنّي لَجَمرُ وَفاءٍ يُستَضاءُ بهِ / وأنْتِ بالغدرِ تختارينَ إطفائي
حاشاكِ مما اقتضاهُ الذمّ في مثلٍ / قد عادَ بعد صَنَاعٍ نقضُ خرقاءِ
ما في عتابِكِ من عُتْبَى فأرقبها / هل يُسْتَدَلّ على سلمٍ بِهَيْجاءِ
ولا لوعدكِ إنجازٌ أفوزُ بهِ / وكيف يُرْوي غليلاً آلُ بيداءِ
مُؤنِّبي في رَصينِ الحلم حين هَفَا / لم يَهْفُ حلميَ إلّا عند هيفاءِ
دعْ حيلةَ البُرْءِ في تبريح ذي سَقَم / إنّ المشارَ إليه ريقُ لمياءِ
مُضنى يردّ سلامَ العائداتِ له / مثلَ الغريق إذا صلّى بإيماءِ
كأنّه حينَ يستشفيْ بغانيةٍ / غيرِ البخيلة يَرْمي الداءَ بالداءِ
ما في الكواكب من شمس الضحى عوَضٌ / ولا لأسماءَ في أترابِ أسماءِ
نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ
نَفَى همُّ شيبي سرورَ الشبابِ / لقد أظلمَ الشيبُ لمّا أضاءَ
قضيتُ لظلّ الصبا بالزوالِ / لمّا تحوّلَ عنّي وفاءَ
أتعرفُ لي عن شبابي سُلُوّاً / ومَن يجدِ الداءَ يبغِ الدواءَ
أأكسو المشيبَ سوادَ الخضاب / فأجعلَ للصبح ليلاً غطاءَ
وكيفَ أُرَجّي وفاءَ الخضاب / إذا لم أجِدْ لشبابي وفاءَ
وريحٍ خفِيفَةٍ رَوْحِ النّسِيمِ / أطّتْ بليلاً وهبّت رُخاءَ
سرت وحياها شقيقُ الحياةِ / على مَيّت الأرض تُبكي السماءَ
فمن صَوْتِ رَعدٍ يسوق السحابَ / كما يسمعُ الفحلُ شولاً رغاءَ
وتُشْعِلُ في جانبيها البروقُ / بريقَ السيوف تُهزّ انتضاءَ
فبتّ من الليل في ظلمةٍ / فيا غُرّةَ الصبح هاتي الضياءَ
ويا ريحُ إمّا مَرَيْتِ الحيا / ورَوّيْتِ منه الربوعَ الظماءَ
فسوقي إليّ جهامَ السحاب / لأملأهنّ من الدمع ماءَ
ويسقي بكائيَ ربع الصبا / فما زالَ في المحل يسقي البكاءَ
ولا تعطِشي طللاً بالحمى / تَدَانى على مُزْنَةٍ أو تنائى
وإن تَجْهَلِيهِ فَعِيدانُهُ / لظى الشمس تلذَعُ منها الكباءَ
ولا تعجبي فمغاني الهوى / يطيّب طيبُ ثراها الهواءَ
ولي بينها مهجةٌ صَبّةٌ / تزودتُ في الجسم منها ذماءَ
ديارٌ تمشّتْ إليها الخطوبُ / كما تتمشّى الذئابُ الضراءَ
صحبتُ بها في الغياض الأسودَ / وزرتُ بها في الكناس الظباءَ
وراءَك يا بحرُ لي جَنّةٌ / لبستُ النّعيم بها لا الشقاءَ
إذا أنا حاولت منها صباحاً / تعرضتَ من دونها لي مساءَ
فلو أنّني كنتُ أُعطى المنى / إذا مَنَعَ البحرُ منها اللّقاءَ
ركبتُ الهلالَ به زورقاً / إلى أن أعانقَ فيها ذُكاءَ
إِشرَبْ على بركة نَيْلُوْفَرٍ
إِشرَبْ على بركة نَيْلُوْفَرٍ / مُحْمرّةِ النّوّارِ خضراءِ
كأنما أزهارُهَا أخرجتْ / ألسنةَ النارِ من الماءِ
يا سالباً قَمَرَ السّماء جَمالَهُ
يا سالباً قَمَرَ السّماء جَمالَهُ / ألبَستَني للحزْنِ ثوبَ سمائِهِ
أضرَمْتَ قلبي فارتمى بشرارةٍ / وَقَعَتْ بخدّكَ فانطَفَتْ من مائِهِ
وأخضر لولا آيةٌ ما ركبتُهُ
وأخضر لولا آيةٌ ما ركبتُهُ / وللّه تصريفُ القضاءِ كما شاءَ
أقول حذاراً من ركوب عبابه / أيا ربّ إن الطينَ قد ركبَ الماءَ