القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 9
طَرَقَتْ ونحنُ بسُرَّةِ البَطْحاءِ
طَرَقَتْ ونحنُ بسُرَّةِ البَطْحاءِ / والليلُ يَنشُرُ وَفْرَةَ الظَّلماءِ
فرَأَتْ رَذايا أنْفُسٍ تُدْمي بِها / أيدي الخُطوبِ غَوارِبَ الأنْضاءِ
وإذا النّوى مَدّتْ إلينا باعَها / سُدّتْ بِهِنَّ مَطالِعُ البَيْداءِ
أأُمَيمَ كيفَ طوَيتِ أروِقَةَ الدُجى / في كلِّ أغْبَرَ قاتِمِ الأرجاءِ
هلا اتَّقَيتِ الشُّهْبَ حين تَخاوَصَتْ / فرَنَتْ إليكِ بأعيُنِ الرُّقَباءِ
خُضْتِ الظَّلامَ ومِن جَبينِكِ يُجْتَلى / صُبْحٌ يَنِمُّ عليكِ بالأضواءِ
فطَرَقْتِ مَطْويَّ الضلوعِ على جوًى / أغضَى الجُفونَ بهِ على الأقذاءِ
مِن أرْيَحيَّاتٍ إذا هَبَّتْ بِها / ذِكرى الحَبيبِ نهَضْنَ بالأحشاءِ
قَسَماً بثَغْرٍ في رُضابِكِ كارِعٍ / فكأنَّهُ حَبَبٌ على صَهْباءِ
وجُفونِكِ المَرضَى الصَّحيحةِ لا دَرَتْ / ما الدّاءُ بل لا أفْرَقَتْ مِن داءِ
لأُخالِفَنَّ هوى العَذولِ فَطالما / أفضى المَلامُ بهِ إِلى الإغراءِ
وإذا القُلوبُ تَنَقَّلَتْ صَبَواتُها / في الغانِياتِ تنَقُّلَ الأفْياءِ
لمْ تَتِّبِعْ عَيني سِواكِ ولا ثَنى / عَنْكِ الفُؤادَ تَقَسُّمُ الأهواءِ
وأقلُّ ما جَنَتِ الصّبابَةُ وَقْفَةٌ / مَلَكَتْ قِيادَ الدَّمعِ بالخَلْصاءِ
وبَدا لنا طَلَلٌ لرَبْعِكِ خاشِعٌ / تَزدادُ بَهجَتُهُ على الإقواءِ
وأَبِي الدِّيارِ لقد مشى فيها البِلى / وعَفَتْ معالِمُها سِوى أشْلاءِ
يَبكي الغَمامُ بها ويَبْسِمُ رَوضُها / لا زِلْنَ بينَ تَبَسُّمٍ وبُكاءِ
وقَفَتْ مَطايانا بِها فعَرَفْنَها / وكَفَفْنَ غَرْبَيْ مَيْعَةٍ ونَجاءِ
وهزَزْنَ مِن أعطافِهنَّ كأنَّما / مُلِئَتْ مَسامِعُهُنَّ رَجْعَ غِناءِ
ونَزَلْتُ أفتَرشُ الثَّرى مُتَلوِّياً / فيهِ تلوِّيَ حيَّةٍ رَقْشاءِ
وبنَفْحَةِ الأرَجِ الذي أودَعْتِهِ / عَبقَتْ حَواشي رَيْطَتي وردائي
وكأنني بِذَرا الإمامِ مُقَبِّلٌ / مِن سُدَّتَيْهِ مُعَرَّسَ العَلياءِ
حيثُ الجِباهُ البِيضُ تَلْثِمُ تُرْبَهُ / وتَحُلُّ هَيبَتُهُ حُبا العُظَماءِ
وخُطا المُلوكِ الصِّيدِ تَقْصُرُ عِندَهُ / وتَطولُ فيهِ ألْسُنُ الشُّعَراءِ
مَلِكٌ نَمَتْ في الأنبياءِ فروعُهُ / وزَكَتْ بهِ الأعْراقُ في الخُلَفاءِ
بلغَ المَدى والسِّنُّ في غُلَوائِها / خَضِلَ الصِّبا مُتكَهِّلَ الآراءِ
فغَدا الرَّعيَّةُ لائِذينَ بظِلِّهِ / يَرْجُونَ غَيْثَ حَياً ولَيْثَ حَياءِ
ومَرابِضُ الآسادِ في أيَّامِهِ / بالعَدْلِ مثْلُ مَجاثِمِ الأطْلاءِ
مَلأَ البِلادَ كَتائِباً لَمْ يَرضَعوا / إلا لِبانَ العِزَّةِ القَعْساءِ
يتَسَرَّعونَ إِلى الوَغى بِصَوارِمٍ / خَلَطَتْ بنَشْرِ المِسكِ ريحَ دِماءِ
لم تَهجُرِ الأغمادَ إلاّ رَيْثَما / تَعرى لِتُغْمَدَ في طُلَى الأعداءِ
مِن كُلِّ مَشْبوحِ الأشاجِعِ ساحِبٍ / في الرَّوعِ ذَيْلَ النَّثْرةِ الحَصْداءِ
يَنسابُ في الأدْراعِ عامِلُ رُمْحِهِ / كالأَيْمِ يَسبَحُ في غَديرِ الماءِ
أخذَ الحُقوقَ بِهِمْ وأعطاها مَعاً / والحَزْمُ بَينَ الأخْذِ والإعطاءِ
يا بْنَ الشّفيعِ إِلى الحَيا وقدِ اكْتَسَتْ / شَمَطاً فُروعُ الروضَةِ الغنَّاءِ
فَدنا الغَمَامُ وكاد يَمْري المُجْتَدِي / بِيَدَيْهِ خِلْفَ المُزْنَةِ الوَطْفاءِ
لَولاهُ لَم تَشِمِ الرِّياضُ بأعْيُنٍ / مِن زَهرِهِنَّ مَخايِلَ الأنْواءِ
خُلِقَتْ طِلاعَ القَلْبِ هَيْبَتُكَ التي / خَلفَتْ غِرارَ السَّيفَ في الهَيجاءِ
ونَضا وَزيرُكَ دونَ مُلْكِكَ عَزْمَةً / تَكْفيهِ نَهْضَةَ فَيلَقٍ شَهباءِ
وتَرُدُّ مَن قَلِقَتْ بهِ أضْغانُهُ / حَيَّ المَخافَةِ مَيِّتَ الأعضاءِ
وتُصيبُ شاكِلَةَ الرَّمِيِّ إذا بَدَتْ / رِيَبٌ تُهيبُ بِمُقْلَةٍ شَوْساءِ
فكأنَّ أسرارَ القُلوبِ تُظِلُّهُ / بغُيوبِهنَّ جَوائِبُ الأنباءِ
يَسعى ويَدْأبُ في رِضاكَ وإنْ غَلَتْ / مُهَجُ النفوسِ عَلَيهِ بالشَّحْناءِ
وإذا الزَّمانُ أتى بخَطْبٍ مُعْضِلٍ / ولِيَ افتِراعَ الخُطَّةِ العَذْراءِ
وإصابَةُ الخُلَفاءِ فيما حاوَلوا / مَقْرونَةٌ بِكِفايَةِ الوُزَراءِ
لا زِلْتُما مُتَوَشِّحَيْنِ بِدَوْلَةٍ / مُرْخًى ذَوائِبها عَلى النَّعماءِ
نَبَأٌ تَقاصَرَ دونَهُ الأنْباءُ
نَبَأٌ تَقاصَرَ دونَهُ الأنْباءُ / واستَمطَرَ العَبَراتِ وهْيَ دِماءُ
فالمُقْرَباتُ خَواشِعٌ أبصارُها / مِيلُ الرُّؤوسِ صَليلُهُنَّ بُكاءُ
والبِيضُ تَقْلَقُ في الغُمودِ كَما الْتَوى / رُقْشٌ تَبُلُّ مُتونَها الأنْداءُ
والسُّمْرُ راجِفَةٌ كأنَّ كُعوبَها / تَلوي معاقِدَها يَدٌ شَلاّءُ
والشَّمسُ شاحِبةٌ يَمورُ شُعاعُها / مَوْرَ الغَديرِ طَغَتْ بهِ النَّكْباءُ
والنَّيِّراتُ طَوالِعٌ رَأْدَ الضُّحى / نُفِضَتْ على صَفَحاتِها الظَّلْماءُ
يَنْدُبْنَ أحْمَدَ فالبِلادُ خَواشِعٌ / والأرضُ تُعْوِلُ والصّباحُ مَساءُ
والعينُ تنْزِفُ ماءَها حُرَقُ الجَوى / والوجْهُ تُضمِرُ نارَهُ الأحشاءُ
فأذَلَّ أعناقاً خَضَعْنَ لفَقْدِهِ / وهْيَ التي طَمَحَتْ بها الخُيَلاءُ
غَنِيَتْ عَواطِلَ بَعْدَما صاغتْ حُلَى / أطواقِها بِنَوالِهِ الآلاءُ
ما لِلْمَنايا يَجْتَذِبْنَ إِلى الرَّدى / مُهَجاً فهُنَّ طلائِحٌ أنْضاءُ
تُدْهى بِها العَصْماءُ في شَعَفاتِها / وتُحَطُّ عنْ وُكُناتِها الشّغْواءُ
عُونٌ تَكَدَّسَ بالنّفوسِ وعِندَها / في كُلِّ يومٍ مُهجَةٌ عَذْراءُ
دُنيا تُرَشِّحُ للرَّدى أبْناءَها / أُمٌّ لَعَمْرُ أبيهِمُ وَرْهاءُ
فالنّاسُ منْ غادٍ علَيهِ ورائِحٍ / ولِمَنْ تأخَّرَ عنهُما الإسْراءُ
لا شارِخٌ يَبْقى ولا ذو لِمَّةٍ / ألْوَتْ بعَصْرِ شَبابِها العنْقاءُ
ولكَمْ نَظَرْتُ إِلى الحياةِ وقدْ دَجَتْ / أظْلالُها فإذا الحَياةُ عَناءُ
لا يَخْدَعَنّكَ مَعْقِلٌ أشِبٌ ولَو / حلَّتْ علَيْهِ نِطاقَها الجَوْزاءُ
واكْفُفْ شَبا العَينِ الطّموحِ فَدونَ ما / تَسْمو إليهِ بلَحْظِها أقْذاءُ
ولَوِ اسْتُطيلَ على الحِمامِ بعِزَّةٍ / رُفِعَتْ بِها اليَزَنِيَّةُ السَّمْراءُ
لَتَحدَّبَتْ صِيدُ المُلوكِ على القَنا / حَيثُ القُلوبُ تُطيرُها الهَيْجاءُ
يَطَؤونَ أذيالَ الدُّروعِ كأنّهُمْ / أُسْدُ الشّرَى وكأنّهُنَّ إضاءُ
والخَيْلُ عابِسَةُ الوُجوهِ كأنّها / تَحْتَ الكُماةِ إذا انْجَرَدْنَ ضِراءُ
يَفْدونَ أحمَدَ بالنُّفوسِ وقلَّما / يُغْني إذا نَشِبَ المَنونُ فِداءُ
قادَ الكَتائِبَ وهْوَ مُقتَبِلُ الصِّبا / حتَّى اتّقَتْ غَزَواتِهِ الأعْداءُ
ورَمى المَشارِقَ بالمَذاكِي فارْتَدى / بِعَجاجِها المَلْمومَةُ الشَّهْباءُ
ولهُ بأطرارِ المَغارِبِ وَقْعَةٌ / تُرضي السُّيوفَ وغارَةٌ شَعْواءُ
لمْ يَدْفَعِ الحَدَثانِ عَن حَوبائِهِ / مَجْدٌ أشَمُّ وعِزّةٌ قَعْساءُ
وصَوارِمٌ مَشْحوذَةٌ وأسِنَّةٌ / مَذروبَةٌ وكَتيبَةٌ جَأواءُ
لَقِحَتْ بهِ الأرضُ العَقيمُ وأُسْقِيَتْ / سَبَلَ الحَيا فكأنَّها عُشَراءُ
والصّبْرُ في رَيْعانِ كُلِّ رَزيَّةٍ / تَقِصُ الجَوانِحَ عَزْمَةٌ بَزْلاءُ
ولِكُلِّ نَفْسٍ مَصْرَعٌ لا تُمْتَطَى / إلا إلَيهِ الآلَةُ الحَدْباءُ
للِّهِ ما اعتْتَنَقَ الثَّرى من سُؤْدَدٍ / شَهِدَتْ بهِ أُكْرومَةٌ وحَياءُ
وشَمائِلٍ رقَّتْ كَما خَطَرتْ على / زَهرِ الرَّبيعِ رُوَيْحَةٌ سَجواءُ
عَطِرَتْ بهِ الأرضُ الفَضاءُ كأنَّما / نُشِرَتْ علَيها الرَّوضَةُ الغنَّاءُ
لا زال يَنْضَحُ قبْرَهُ دَمُ قارِحٍ / يَحْبو لدَيْهِ وديمَةٌ وَطْفاءُ
والبَرْقُ يختلِسُ الوَميضَ كأنّهُ / بَلْقاءُ تَمْرَحُ حَولَها الأفْلاءُ
جَرَّ النَّسيمُ بهِ فُضولَ عِطافِهِ / وبَكَتْ عَلَيْهِ شَجْوَها الأنواءُ
ألا مَنْ لنَفْسٍ لا تزالُ مُشيحَةً
ألا مَنْ لنَفْسٍ لا تزالُ مُشيحَةً / على كَمَدٍ لمْ يَبْقَ إلا ذَماؤُها
أرى هِمّتي هَمّاً تَخَوَّنَ مُهْجَتي / فَقُلْ يا شَقيقَ النّفْسِ لي ما شِفاؤُها
ومَنْ رامَ ما أسْمُو إلَيْهِ أزارَهُ / صَوارِمَ تَرْوى بالنّجيعِ ظِماؤُها
وطُلاّبِ مَجْدٍ دونَ ما يَبْتَغونَهُ / أعالِي رُباً لا يُسْتَطاعُ امْتِطاؤُها
عَلَوْنا ذُراها كالبُدورِ تألّقَتْ / فجَلّى دَياجِيرَ الظّلامِ ضِياؤُها
ونحنُ مُعاوِيّونَ يَرْضى بِنا الوَرى / مُلوكاً وَفينا مِنْ لُؤَيٍّ لِواؤُها
وأخْوالُنا ساداتُ قَيْسٍ ووائِلٍ / وأعْمامُنا مِنْ خِنْدِفٍ خُلفاؤُها
وقدْ عَلَمَتْ عُلْيا كِنانَةَ أنّنا / إذا نَقَض الطّيشُ الحُبا حُلَماؤُها
وما بَلَغَتْ إلا بِنا العَرَبُ العُلا / وقد كانَ منّا عِزُّها وثَراؤُها
وأيُّ قَريضٍ طبّقَ الأرْضَ لمْ يَرُضْ / قَوافيَهُ في مَدحِنا شُعَراؤُها
ولما انْتَهَتْ أيّامُنا عَلِقَتْ بِها / شَدائِدُ أيامٍ قَليلٍ رَخاؤُها
وكان إلَيْنا في السّرورِ ابْتِسامُها / فَصارَ علَيْنا في الهُمومِ بُكاؤُها
أُصِيبَتْ بِنا فاسْتَعْبَرَتْ وضُلوعُها / على مِثْلِ وَخْزِ السّمْهَريِّ انْطِواؤُها
ولو عَلِمَتْ ماذا تُعانيهِ بَعْدَنا / لما شَمِتَتْ جَهْلاً بِنا سُفَهاؤُها
إذا ما ذَكَرْنا أوَّلِينا تَولَّعَتْ / بنا مَيْعَةٌ يُطْغي الفَتى غُلَواؤُها
وقد ساءَ قَوْماً مِنْ نِزارٍ ويَعْرُبٍ / فَخاري وهُمْ أرضٌ ونحنُ سَماؤُها
وهَلْ تَخْفِضُ الأُسْدُ الزَّئيرَ بمَوْطِنٍ / إذا لَجَّ فيهِ مِنْ كِلابٍ عُواؤها
ملَكْنا أقاليمَ البِلادِ فأذْعَنَتْ / لَنا رَغْبَةً أو رَهْبَةً عُظَماؤها
وجاسَتْ بنا الجُرْدُ العِتاقُ خِلالَها / سَواكِبَ منْ لَبّاتِهِنّ دِماؤُها
فصِرْنا نُلاقي النّائِباتِ بأوْجُهٍ / رِقاقِ الحَواشي كادَ يَقْطُرُ ماؤُها
إذا ما أرَدْنا أن نَبوحَ بما جَنَتْ / عَلينا اللّيالي لمْ يَدَعْنا حَياؤُها
وأنتمْ بَني مَنْ عِيبَ أوْلادُهُ بهِ / ذَوو نِعْمَةٍ يَضْفو علَيْكُمْ رِداؤُها
فلَمْ تَسألُوا عمّا تُجِنُّ نُفوسُنا / وتَمْنَعُنا مِنْ ذِكْرِهِ كِبْرياؤها
ولا خَيْرَ في نَفْسٍ تَذِلُّ لحادِثٍ / يُلِمُّ ولا يَعْتادُها خُيَلاؤُها
فلا كانَ دَهْرٌ نِلْتُمُ فيهِ ثَرْوَةً / وتبّاً لِدُنيا أنتُمُ رؤَساؤُها
أَنا المُعاويُّ أَعْمامِي خَلائِفُ مِنْ
أَنا المُعاويُّ أَعْمامِي خَلائِفُ مِنْ / أَبْناءِ عَدْنانَ وَالأَخْوالُ مِنْ سَبإِ
فَما لجدِّي وَلا لِي في العُلا شَبَهٌ / وَأَيْنَ شِبْهُ أَبي سُفيانَ في مَلإِ
سَادَ الأَنامَ فَلَمْ يُعْدَلْ بِهِ أَحَدٌ / وَكُلُّ صَيْدٍ كَما قد قيلَ في الفَرَإِ
لَكِنّني في زَمانٍ أَهْلُهُ هَمَجٌ / وَكُلُّهُمْ حِينَ تُطْريهِ أَبو لَجإِ
يا دَهْرُ حَتّامَ تَجْفو مَنْ تُزانُ بِهِ / أَمَا لَدَيْكَ بِما يَلْقاهُ مِنْ نَبَإِ
تُدْني اللِّئامَ وَتُقْصِي كُلَّ ذِي حَسَبٍ / وَهَلْ يُقاسُ نَميرُ المَاءِ بِالْحَمإِ
فَالعَبْدُ رَيّانُ مِنْ نُعْمى يَجودُ بِها / وَالحُرُّ مُلْتَهِبُ الأَحْشاءِ مِنْ ظَمإِ
وَالفَقْرُ تُطْفَأُ أَنْوارُ الكِرامِ بِهِ / كَما يَقِلُّ وَميضُ السَّيْفِ بِالصَّدَإِ
وَمُدَجَّجٍ نازَلْتُهُ في مَأْزِقٍ
وَمُدَجَّجٍ نازَلْتُهُ في مَأْزِقٍ / يَضْفو عَلَيْهِ مِنَ العَجاجِ رِداءُ
فَشَفَيْتُ مِنْهُ النَّفْسَ حينَ اعْتَادَهُ / سَفَهاً عَلَيَّ مِنَ المَخيلَةِ داءُ
بِصَفيحَةٍ بَيْضاءَ لَمّا شِمْتُها / دَلَفَتْ إِليْهِ مَنِيَّةٌ سَوْدَاءُ
لَعَمْرُ أَبي وَهْوَ ابْنُ مَنْ تَعْرِفونَهُ
لَعَمْرُ أَبي وَهْوَ ابْنُ مَنْ تَعْرِفونَهُ / لقَدْ ذَلَّ عِرْضٌ لَمْ يَصُنْهُ إِباءُ
أَيَقْتَادُني نَحْوَ الدَّنِيَّةِ مَطْمَعٌ / عَلَيَّ إِذاً إِنْ لَمْ أَذَرْهُ عَفَاءُ
لَوَتْ طَرَفَيْ حَبْلي عَنِ الذُّلِّ هِمَّةٌ / لَها بِمَناطِ الشِّعْرَيَيْنِ ثَواءُ
وَحَيٌّ إِذا الأَنْسابُ أَظْلَمَ لَيْلُها / تَبَلَّجَ عَنهمْ صُبْحُها فَأَضاؤوا
نَمانِيَ مِنْهُمْ كُلُّ أَبْيَضَ ماجِدٍ / على صَفْحَتَيْهِ بَهْجَةٌ وَحَياءُ
أَغَرُّ كَماءِ المُزْنِ أُخْلِصَ نَجْرُهُ / وَلَمْ يتَوَّركْ والِدَيْهِ إِماءُ
يَخوضُ إِذَا ما الحَرْبُ بَزَّتْ قِناعَها / حِياضَ الرَّدى وَالمَشْرَفِيُّ رِداءُ
وَيَعْتادُهُ عِنْدَ الندى أَرْيَحِيَّةٌ / كَما هَزَّ أَعْطافَ الخَليعِ طِلاءُ
وَيَرْوَى إِذا ما أَمْكَنَ الوِرْدُ جارُنا / وَأذْوادُنا صُعْرُ الخُدودِ ظِماءُ
وَيَحْلُبُ فينا العَيْشَ وُسْعَ إِنائِهِ / وَيُرْضِعُهُ دَرَّ النَّعيمِ ثَراءُ
وَيَرْعَى حِمانَا مُطْمَئِناً جَنانُهُ / لَهُ مِنْ ظُبا أَسْيافِنا خُفَراءُ
وَنَحْنُ إِلى الدّاعِي سِراعٌ وفي الخَنى / يَهُزُّ مَقاريفَ الرِّجالِ بِطاءُ
فَما سَكَّنَتْنا لِلْهوانِ خَصاصَةٌ / وَلا حَرَّكَتْنا في الغِنى خُيَلاءُ
الخَمرَ ما أَكرَمَ أَكفاءَها
الخَمرَ ما أَكرَمَ أَكفاءَها / فَأَبعِدِ الهَمَّ بإِدنائِها
وَهاتِها فالدِّيكُ مُستَيقظٌ / وَالشُّهْبُ قد هَمَّت بإِغفائِها
وَاللَيلُ إِن وارَتكَ ظَلماؤُهُ / فَالرَّاحُ تَجلوُهُ بِأَضوائِها
تَرى عَلى الكأسِ إِذا صُفِّقَتْ / وَالحَبَبُ الطَّافي بِأَرجائِها
لآلِئاً في التِّبرِ مَغروسَةً / تَستَوقِفُ العَينَ بِلألائِها
فَهيَ دواءُ النَّفسِ في شُربِها / ما تَشتَهيهِ وَهيَ مِن دائِها
هَذهِ دارُها عَلى الخَلصاءِ
هَذهِ دارُها عَلى الخَلصاءِ / أَضحَكَ المُزنُ رَوضَها بالبُكاءِ
وَكَساها الرَّبيعُ حُلَّةَ نَورٍ / نَسَجَتها أَناملُ الأَنواءِ
فَسَلِ الرَّكبَ أَن يَميلوا إِلَيها / بِصُدورِ الرَّكائِبِ الأَنضاءِ
إِنَّها مَنزِلٌ بِهِ التَقَمَ الأَج / رَعُ في مَيعَةِ الشَّبابِ رِدائي
وَكأَنّي أَرى بِأَطلالِهِ وَش / ماً خَفيّاً بِمعصَمَيْ ظَمياءِ
أَرِجٌ تُربُهُنَّ مِن فَتَياتٍ / أَلِفَتهُ أَشباهُها مِن ظِباءِ
كَبُدورٍ عَلى غُصونٍ ظِماءٍ / في حُقوقٍ تُقِلُّهُنَّ رِواءِ
إِن تَبَسَّمنَ فالثُّغورُ أَقاحٍ / لُحْنَ غِبَّ الغَمامَةِ الوَطفاءِ
تَرتَوي حينَ يَنشُرُ الصُّبحُ سِقطَيْ / هِ مَساوِيكُهُنَّ مِن صَهباءِ
وَبِنَجدٍ لِلعَامِريَّةِ دارٌ / بِرُباها مُعَرَّسُ الأَهواءِ
غادَةٌ تَملأُ العيونَ جَمالاً / هيَ دائي مِنهُنَّ وَهْيَ شِفائي
فَتَملَّيتُهُنَّ في عيشَةٍ خَضْ / راءَ تَندى كَروَضَةٍ غَنّاءِ
واِرغَوى باطِلي وَعاثَ بياضٌ / مِن قَتيرٍ في لِمَّةٍ سَوداءِ
وَظَلامُ الشَّبابِ أَحسَنُ عِندي / مِن مَشيبٍ يُظِلُّني بِضياءِ
وَلِذِكرَى ذاكَ الزَّمانِ حَيازِي / مِي تَلَوَّى بِالزَفرَةِ الصُّعْداءِ
كُلَمّا أَوقَدَتْ عَلى القَلبِ ناراً / شَرِقَ الجَفنُ يا أُمُيم بِماءِ
وغادَةٍ كَمهاةِ الرَّملِ آنِسَةٍ
وغادَةٍ كَمهاةِ الرَّملِ آنِسَةٍ / تَذودُ عَنها سَراةُ الحَيِّ مِن سَبإِ
إِذا بَدَتْ سارَقَتْها العَينُ نَظرَتَها / تَلَمُّحَ الصَّقرِ رُعباً فَوقَ مُرتَبإِ
قالَتْ وَقَد أَنكَرَتْ وَجهاً يُلَوِّحُهُ / طَيُّ المَهامِهِ ما لِلسَّيفِ ذا صَدأِ
فَقُلتُ لا تُنكريهِ إِنَّ لي شِيَماً / تَرضَينَها إِن سأَلتِ الحَيَّ عَن نَبئِي
أَرجو وَخَصرُكِ يَهوى لا رأى فَرَجاً / أَن يُرويَ اللَهُ ما يَشكوهُ مِن ظَمإِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025