المجموع : 3
أتركيني بوحدتي و عنائي
أتركيني بوحدتي و عنائي / و اهربي من تأوّهي و بكائي
أنت عذراء و النعيم و صفو الحبّ / حقّ المليحة العذراء
ما بقلبي غير الجراح و هل يرضيك / مأوى مدنّس بالدّماء
إن هذا الورى بيوت قصيد / أنا فيها يا ميّ بيت الرثاء
لست أهواك فازدريني و الخائن / أهل للهجر و الازدراء
كذبة تسعدين فيها و أشقى / أنا في كذبتي من الشهداء
قد يخطّ القضاء سطرا و في / تضحية المرء محو خط القضاء
يا دوائي من الأسى أنا أجللتك / عن قرحة الأذى يا دوائي
باسم و الهموم تحفر دمعي / أنا في الابتسام عين المرائي
و الكآبات ألف نوع و ما / يقتل إلا الكآبة الخرساء
يا نديمي إلى متى الإغفاء
يا نديمي إلى متى الإغفاء / بسم الكون حين حيّت ذكاء
لا تمل بي إلى الرجاء فقد / أودى بنفسي طموحها و الرجاء
و دع اليأس ينتحيني ففي ال / يأس لداء النفس الطموح دواء
فقد رضيت الأكواخ و هي نعيم / و هجرت القصور و هي شقاء
و من الهون أن يقيم كريم / في مكان هانت به الكرماء
أترع الكأس و اسقني بمكان / ضلّ عنه الوشاة و الرقباء
حبّذا كوخي النديّ و إن لم / يكتنفه الإعجاب و الخيلاء
لم يشنه في ناظري أن عداه / زخرف في بنائه و رواء
أنا حرّ به و ما بعد هذا / عند باغي سرّ الحياة هباء
يا نديمي لا تأس بالله و اشرب / لذّة العيش هذه الصهباء
و تمتّع بالنور إذ ربّ قوم / منع الكأس عنهم و الضياء
و استمع هذه البلابل غنّت / فأثار الشجون ذاك الغناء
لا تخاف الصيّاد إذ عصمتها / من دواهيه هذه الصحراء
ذكّرتك الديار جرّ عليها / ذيله بعد قاطنيها العفاء
و حماة الدّيار و هي عبيد / و غواني الديار و هي إماء
يا نديمي تعزّ واسل فقبلا / قد عفت بعد أهلها الحمراء
و عفت من ظباء صقر قريش / و أغاني قيانه الزهراء
و تناست قساور العرب في / المرية الخمائل الخضراء
و تعزّت عن ابن عبّاد روض / و قصور في باحة قوراء
بعد أن كان في رباها / من العنبر و الزعفران طين و ماء
يا نديمي إليّ نبكي فقد يسعد / قلب النائي الحزين البكاء
أنت أوفى منّي و أوثق عهدا / يا نديمي و أين أين الوفاء
فوق شعري بلاغة و بيانا / منك هذي المدامع الحمراء
ترجمت عن أساك فهي قصيد / لم يفته البيان و الانتقاء
إنّما الحزن مرسل الشعر شعرا / و الحزانى هُمُ هُمُ الشعراءُ
الزغاريد فقد جنّ الإباء
الزغاريد فقد جنّ الإباء / من صفات الله هذي الكبرياء
بأبي العزلاء في غمرتها / آلة الحرب جراح و دماء
بنت مروان اصطفاها ربّها / لا يشاء الله إلاّ ما تشاء
هي في غسان بأس و ندى / و هي في الإسلام فتح و بلاء
جمرة الحق فسبحان الذي / صاغ هذا الجمر من ظل و ماء
الأديم السّمح عطر و رؤى / ربّما أغفى عليه الأنبياء
و على كلّ مكان جدّة / تأسر العين و نعمى و رواء
خالف المشهد فيها جاره / فلدات الحسن شتّى غرباء
كلّ حسن بدعة مفردة / ليس بين الحسن و الحسن إخاء
تندر الأشباه ممّا اختلفت / صور الحسن و تخفى النظراء
ألورود الحمر ذكرى و هوى / و طيوف من جراح الشّهداء
نفحة الصّبح على غوطتنا / خبر عنهم و أطياب المساء
حملت زغردة العرس لكم / فانتشى الأفق و لم يصح الهواء
أيّها الدنيا ارشفي من كأسنا / إنّ عطر الشام من عطر السماء
شهداء الحقّ في جنّتهم / هزّهم للشام وجد و وفاء
تضحك (الرّبوة) في أحلامهم / هل عن الرّبوة في عدن غناء
كلّما هبّت صبا من (دمّر) / رنّح الجنّة طيب و غناء
خيلاء الحقّ في عدن لكم / يغفر الله لقومي الخيلاء
و اعذروا عدنا على غيرتها / إنّها و الشام في الحسن سواء
شهداء الحقّ هل يسكركم / في نعيم الله شعر و غناء
فسلوا الله بما قدّمتم / يكشف الله عم السرّ الغطاء
و إذا الفردوس مجلو على / مفرق الشمس فما فيه خفاء
عربيّ الدّار و الأهل معا / و الرحيق المشتهى و الندماء
حمحمات الخيل في أفيائه / و قرى الضيف و ترجيع الحداء
عمر الفردوس ظلا و قرى / و تجلّى للوفود الخلفاء
آل مروان جلال و ندى / و بنو العبّاس هدي و ضياء
متصافين على نعمائه / ليس في الجنّة إلاّ الأصفياء
سكب الله على أحقادهم / من نديّ الحبّ ما شاؤوا و شاء
و على السدّة قحطانية / جلي الملك و قيل : الشعراء
و تغّنيت فمرّت صور / لذّة الأحلام من دنيا الفناء
كلّما سلسلت من ألحانها / مسحوا الدمع على فضل الرّداء
أنت ميراث لنا من عمر / يسأل الديّان عنه الورثاء
يا فلسطين هوى مسعر / من ربى الشام و نصر و ولاء
و تحيّات الرضى من دجلة / و سلام الله من غار حراء
أين من ثأرك و الثأر دم / خالد الفتح و أين الأمراء
اليهود استأسدوا فيك فمن / جرّأ الضعف و أشلى الضعفاء
هان عن شكواي عبدان العصا / أنا أشكو من عهود الحلفاء
و تغنّيت فجنّت طربا / أريحيات و نعمى و حياء
جنّة الفردوس أنتم أهلها / و سواكم في حماها غرباء
أنا أشعاري من أحسابكم / غرر الأحساب و الشعر وضاء
هفت الحور و ألقت خمرها / أين رضوان و أين الرقباء
كلّ حوراء على أجفانها / يحلم السّحر و يغفو الإشتهاء
تمّ صفو الدّهر لولا محنة / في فلسطين و بلوى و شقاء
يا ربى القدس و ما أندى الرّبى / دمنا فيها ربيع و نماء
هذه الأطياف في جنّاتها / أريحيّات الجدود القدماء
همس الفردوس هل من نبأ / عن ربى الغوطة معسول الرّجاء
و نعم عندي بشرى عطّرت / بالزغاريد وجوه البشراء
إنتزعنا الملك من غاصبه / و كتبنا بالدم الغمر الجلاء
و سقانا كأسه مترعة / و سقينا و في الكأس امتلاء
و اقتحمنا حديدا و لظى / و جزيناه اعتداء باعتداء
سكرت ممّا ارتوت من دمه / غصص حرّى و ثارات ظماء
كلّما جدّل منّا بطل / زغردت في زحمة الهول النّساء
الظباء الأمويّات و في / خدرها الدّنيا : حمى الله الظّباء
كلّما نادين فتيان الحمى / كبّر الفتيان و ارتدّ النداء
نحن للغوطة في الجلّى فدى / و لهذا الكحل في العين فداء
سقت الجرحى فلم يظمأ فتى / رشف الكوثر من هذا السقاء
شهداء الحقّ لا أبكيكم / جلّت الغوطة عن ضعف البكاء
جلّ هذا الدم أن يرثى له / عار سفّاكيه أولى بالرّثاء
الرّبى في ميسلون استعبرت / أين دمع الحزن من دمع الهناء
أقبل الدّهر عليها تائبا / وعفا يوسف عن جور القضاء
يا ظباء الأمويّين اضحكي / تضحك الدّنيا و يغمرها الصفاء
و اغمزي الأنجم هذي أعين / شأنها في الدّهر لمح و اجتلاء
أعين حبّك قد سهّدها / فاغمريها بالمنى تغف السّماء
و على السدّة و النقع دجى / أموي الفتح مرموق البهاء
من عليّ فيه طهر و هدى / و من الفاروق بأس و مضاء
كيف أنسى يا زعيمي ليلة / عصفت نيرانها بالأبرياء
غوطة الشام جحيم فائر / و الميادين طعان و رماء
ما شكى الشاكون فيها ظمأ / أكؤس الحقد روّيات ملاء
ملك الطاغي الثنايا عنوة / و استحرّ القتل و اشتدّ البلاء
و تجارى الأمويّون إلى / غمرة الموت و فاز السعداء
جنّت النّخوة قحطانيّة / و هي عزلاء و جنّ الأقوياء
تخرس الأنباء ممّا حملت / فهي همس في شفاه السّفراء
عنف باريس شجاني أمره / بدعة الأقدار عنف الجبناء
قد عذرناهم على غدرهم / و استرحنا و استراح الطلقاء
سهّل الغدر على صاحبه / أنّه من كلف المجد براء
لم ينل من عزمك اليأس و لا / عنت الدّهر و لا الدّاء العياء
بورك الإيمان نورا و هدى / نعمة الله و سرّ العظماء
يصنع الدنيا و لا تصنعها / صور العقل و ألوان الدّهاء
كتب الله لك النّصر به / فعلى الظلاّم و الظلم العفاء
حقّ يوم الشام أن تكتبه / قدرة الله على وجه ذكاء
هذه الأرض لفرسانكم / ولعقبانكم هذا الفضاء
ملك مروان لكم وحدكم / قد جلا الإيمان كلّ الشركاء
الغد الميمون في الدنيا لكم / فاقتحم يا جيش و اخفق يا لواء