القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 5
ذوى شبابيَ لم يَنْعَم بسرّاءِ
ذوى شبابيَ لم يَنْعَم بسرّاءِ / كما ذوى الغصنُ ممنوعاً عن الماءِ
سَدَّتْ عليَّ مجاري العيشِ صافيةً / كفُّ الليالي وأجرتها بأقذاء
فمِنْ عناءِ بَلَّياتٍ نُهكتُ بها / إلى عناء . ومن داءٍ إلى داء
ستٌ وعشرونَ ما كانت خُلاصتُها / - وهي الشبابُ طريّاً – غيرَ غمَّاء
وما الحياةُ سوى حسناءَ فارِكةٍ / مخطوبةٍ من أحبَّاء وأعداء
قد تمنعُ النفسَ أكفاءً ذوي شغفٍ / ورّبما وهبتها غيرَ أكفاء
ولا يزالُ على الحالينِ صاحبُها / معذَّبَ النفسِ فيها بيِّنَ الداء
فإنْ عجِبتَ لشكوى شاعرٍ طرِبٍ / طولَ الليالي يُرى في زِيِّ بّكاء
فلستُ أجهلُ ما في العيش من نِعمٍ / انا الخبيرُ بأشياءٍ وأشياء
ولا أحبُّ ظلامَ القبر يغمُرني / أنا الخبيرُ بأشياءٍ وأشياء
وإنَّما أنا والدُّنيا ومحنتُها / كطالبِ الماء لمَّا غَصَّ بالماء
أُريدُها لمسرّاتٍ فتعكِسُها / وللهناءِ فَتثنيهِ لايذاء
وقد تتبَّعتُ أسلافي فما وقعتْ / عيني على غير مشغوفِ بدُنياء
فانْ أتتكَ أحاديثٌ مُزخرَفةٌ / عن الذينَ رَوَوْها أو عن الللائي
يُشوِّهونَ بها إبداعَ غانيةٍ / فتَّانهٍ لم تكنْ يوماً بشوهاء
طوراً تُصوّرُ حِرباء وآونةً / كالأفعوان . وأُخرى كالرُّتَيْلاء
فلا تصدّقْ فما في العيشِ منقصةٌ / لولا أضاليلُ غوغاءٍ ... ودهماء
ذَمَّ الحياةَ أُناسٌ لم تُواتِهُمُ / ولا دَروا غيرَ دَرَّ الإبْل والشاء
وقلَّدَتْهُمْ على العمياء جَمهرةٌ / تمشي على غير قصدٍ خبطَ عشواء
ولو بدَتْ لهمُ الدُّنيا بزيِنتها / لقابلوها بتبجيلٍ وإطراء
لم تكفِني نكباتٌ قد أُخذتُ بها / حَتى نُكبتُ بأفكاري وآرائي
لي في الحياة أمانٍ لو جَهَرتُ بها / قُوبلتُ من سَفْسطيَّاتٍ بضوضاء
ولو أتاني بِبُرهانٍ يجادلُني / لقلتُ : أهلاً على العينين ِ مولائي
شِيدتْ قصورٌ على الأجراف جاهزةٌ / بكلِّ ما تشتهيهِ أعينُ الرائي
فيهنَّ من شهواتِ النفس أفظعُها / فيها غرائبُ أخبارٍ وأنباء
فيها اللَّذاذاتُ والأفراحُ عاصفةٌ / بنفسِ ذاكَ المُرائي عَصفَ نكباء
حتى إذا قلتَ قولاً تستبينُ به / لُطفَ الحياةِ بتصريحٍ وإيماء
هاجوا عليكَ بإقذاعٍ ومفحشةٍ / وآذنوكَ بحربٍ جِدِّ شعواء
حُرِّيةُ الفكر ما زالتْ مهدَّدةً / في " الرَّافدين " بهمَّازٍ ومشَّاء
وبالنواميسِ ما كانتْ مُفسَّرةً / إلا لِصالحِ هيئاتٍ وأسماء
صاحبي لو تكونُ من أعدائي
صاحبي لو تكونُ من أعدائي / لتمنَّيتَ أن تموتَ بدائي
لتمنيت أن يكونَ لك الطُولان / طُولُ الأذى وطُولُ البقاء
نضت الروح وهزتها لواء
نضت الروح وهزتها لواء / وكسته واكتست منه الدماء
واستمدت من إله الحقل . والبيت / والمصنع . عزما ومَضَاء
رمتِ الزرعَ بعين أثلجَ الدَمعُ / فيها ضرمَ الحِقدِ اجتواء
أعجلت عنهُ فآلت قَسَماً / أن ستسقيه دمَ الاعداءِ ماء
ومشت في زَحمةِ الموتِ على / قدمٍ لم تخشَ مَيلا والتواء
اقسمت باسم عظيمٍ كرمت / باسمِه أنْ لا تهين العظماء
يا " ستَالينُ " وما أعظمَها / في التهجي أحرُفاً تأبى الهجاء
أحرف يستمطرُ الكونُ بها / إنعتاقاً وازدهاراً وإخاء
خالق الامة لم يمنُنْ ولم / يبغِ – لولا أرَجُ الزهر – ثناء
وزعيمٌ شعَّ فيمنْ حولَه / قبسٌ منه فكانوا الزعماء
زَرَّ بُردْيهِ على ذي مِرّةٍ / فاض إشفاقاً وبأساً وعناء
مسّه الظلمُ فعادى أهله / وامترى البؤسَ فَحَبَّ البوساء
وانبرى كالغيمِ في مُضْحِيَةٍ / فسقى دهراً وأحيا وأفاء
بُوركَ الباني وعاشت أمةٌ / وفتِ الباني حقوقاً والبناء
قيل للعيشِ ففاضت امناء / وإلى الموت ففاضت شهداء
ومشى التاريخُ موزونَ الخُطى / ما انحنى ذُلاً ولا ضجّ ادعاء
هذه التربهُ لا ما سُمِّيت / وطناً يُنبِتُ جوعاً وعراء
وهي ذي الحفرة إذ طارت عَجاجاً / الفُ نفسٍ معها طارت فداء
وهو ذا العِرضُ فهل تبغي وقاةً / مثلَهم أو مثل ذا تبغي وقاء
قف على " القَفْقاس " وانظر / موكبَ المجدِ والعزةِ يمشي خُيَلاء
وسلِ ( القوزاقَ ) هل كان دماً / لمعانُ السيف أم كان طلاء
وجدَ الغادرُ من قسوتها / ما رأى من لطفها الضيفُ سخاء
والعتاقُ الجردُ هل لاقت بما / عاقها من جثث القتلى عناء
نفخت من وَدَجَيْها أن رأتْ / مُمْتطَى فارسِها أمسى خلاء
فهي والغيظُ مرى أشداقها / تعرِكُ اللُّجْمَ وتجتّر الغثاء
واحتواها رهَجُ الحربِ فما / تُبصر الأرضَ عتواً وازدهاء
من على صهوتِها يمنحُها / شرف " الفارسِ " عزماً وفتاء
ياعروسَ " الفلغِ " والفلغا دمٌ / ساءت البلوى فاحسنت البلاء
صبغ " الدونَ " دماءين هما / بُعدُ بين الرجس والطهر التقاء
وجرت امواجُه حاملةً / فوقها الضدينِ صبحاً ومساء
وعلى الجرفين " عظمان " هما / رمزُ عهدَيْنِ انحطاطاً وارتقاء
يا ابنة النهرين دومي شَبَحاً / لقويٍّ وضعيفٍ يتراءى
للمهينين عقاباً وجزاء / والمهانين انتفاضاً وإباء
كنتِ اسمى مثلاً من ظَفَرٍ / لم تلده خططُ الحربِ دهاء
غلب الغالبُ فيه وانثنى الطوقُ / – كالحبل – على الطوق انثناء
كنت رمزاً ألْهَمَ الجيلَ الفداء / وهدى الأعقاب ما شاءت وشاء
حسِبوا أمرك ما قد عودوا / صعقَ الحربِ اتقاداً وانطفاء
وابتداء من حديدٍ ودمٍ / يمهَرُ الفتح به ثم انتهاء
واستجاشوا – فيلق الموت على / ظمأ للدم منَّوه ارتواء
ومضوا فيما أرادوا خطوة / أوشك اليأس بها يمحو الرجاء
وجف الغربُ على وطأتِها / وأمالت كلكلَ الشرقِ فناء
وتلوت جيرةٌ طماحةٌ / أفناء تَتَلَقّى أم بقاء
حملت حاضرَها واثقةً / أنَّ في مستقبلٍ آتٍ عزاء
وانبرى التاريخُ في حَيْرتِهِ / أأماماً يتخطّى ام وراء
وسرت انباءُ سوءٍ تَدّعي / أن ريحاً تُنِذرُ الدنيا وباء
حُلُمٌ حلوٌ مُمرٌّ مؤنسٌ / مُوحشٌ سرَّ بما جاء وساء
طاف بالكون فأغفى اهلهُ / تعساءً و أفاقوا سعداء
فاذا العزة في عليائها / تتضرّى فتدوسُ الكبرياء
وإذا الأنقاض في كُرْبتِها / تُفْعِمُ المكروبَ كالرَّوض شذاء
واذا المنقضُ من أحجارها / لمح النجمَ تعالى فاضاء
وإذا الطاغوتُ في أعراسه / يملأ الدنيا نحيباً وبكاء
أنتِ امليت على تاريخه / طافحا بالكبر ذلاً واختذاء
ومحوتِ العجب من اسطاره / وملأت الصَّلَفَ المحضَ ازدراء
وصفعتِ الدنَّ في يافوخِهِ / صفعة لم تُبْقِ خَمْراً وانتشاء
حسب من ضاقت ثناياكِ به / أنه يبغي فلا يَقوى النَّجاء
وكفى المحتلَ هَوناً أن يُرى / الاسرون الغلبُ منه اسراء
نحنُ أهلَ الأرض لو نقْوى وفاء / لرفعناكِ على الأرض سماء
لجعلنا كلَّ عينٍ – مثلما / كلَّ قلب – تتملاكِ اجتلاء
نَعْمَ ما أسدَتْ يدٌ آثمةٌ / كشفت عن وجهِكِ الحرِّ غطاء
عاصفٌ مر فجلّى وانجلى / بدت الشمسُ به أبهى سناء
وضح الحق الذي طال خفاء / وتولى زَبَدُ الكِذبِ جُفاءا
وحّدَ العدلُ شعوباً خلطاء / عمروا الأرضَ وعاشوا خلصاء
وجدوا في تربة تجمعُهمْ / كلّ ما يُطْلبُ في الخُلْدِ اشتهاء
ورأوا في السّلمِ ديناً يُقْتَضى / ورأوا في الحربِ للدَّين اقتضِاء
اترجي – أن تنجي وطنا / من يد الموت – جنوداً فقراء
إن للحرب رجالا ليتَهُمْ / خبّرونا أنَّ للحرب نساء
وغيورات أبى تاريخها / أن ترى دون الغيورين غَناء
زانها الطهرُ رُواءً وارتمتْ / في مُثار النقعِ فازدادت رُواء
ذادت الامُّ عن البيت وقاء / وارتمى الطفلُ على الامِّ افتداء
وتعزَّت حين أخلت طُنفا / لم تَصُنْه – أنها صانت فِناء
" أم غوركَي " ليت عندي وحيه / لأوفى ( بنتَك ) اليومَ الثناء
لو يعود اليومَ حياً لرأى / مثلَها ألفْاً تهزّ البُلَغاء
بل ولولا أن غوركي أمه / مثلُ هذي لم يُبزَّ النبغاء
يا " تولستوي " ولم تذهبْ سدى / ثورةُ الفكر ولا طارت هَباء
يا ثرياً وهبَ الناسَ الثراء / قُمْ ترَ الناسَ جميعا أثرياء
قُمْ تَجِدْهم ما لكِي غلّتهِمْ / من على عهِدك كانوا الأجَراء
هكذا ( الفكرةُ ) تزكو ثَمَراً / أن زكت غرساً وأن طابت نماء
قد محصتَ حقاً وادعاء / كلم يخترق السمع سواء
ووجدت الناسَ من جهلِهِمُ / لا يَميزون ثُغاء ورُغاء
استُغلوا فهُمُ من بأسِهمْ / لا يكادون يَعون الأنبياء
فحملت " البعثَ " باليمنىَ لَهم / وعلى اليسرى هناء ورخاء
وشجبت الرفقَ والرحمةَ من / نفر ليسوا بحق رُحَمَاء
ينشُدون الناس أحراراً وهم / ملأوا البيتَ عبيداً وإماء
وكَسَوْا كلبهُمُ الخزَّ ومنْ / حولهمْ يلتحفُ الجمعُ العراء
ووجدت الذئبَ في حالاتِه / ربما رافق معزاة وشاء
قد يكون الكذب مفضوحا هراء / ويكون الصدقُ مدسوسا وباء
ويكون الحقُ – ما بينهما - / باطلاً والطالحون الصلحاء
يا ابنةَ النهرين هذا نَسَبٌ / من ولاءٍ لو تقبلتِ الولاء
بَعُدَ المَرْمى بما استهدفتِه / واختذى السهمُ فقصرتِ عياء
وارتمى الحسُّ على الحسِّ فما / يستطيع اللفظُ للوعي اداء
ومن الظلم – الذي تابَيْنَه / أن تسومي المعجزاتِ الشعراء
عاطفاتٌ حُوَّمٌ عاجت على / أبْحُرِ الشعر فردتها ظماء
وهي ما كانت لتدلي سببا / لك لولا أنها كانت بَراء
لم تُثِرْها نزوةُ النفس ولم / يُزهها العُجْبُ ولم تنبِضْ رياء
جُلُّ ما يسعفني به / أن يلبي " الفمُ " للقلبِ نداء
بم أستَهِلُّ بِموته ورثائِهِ
بم أستَهِلُّ بِموته ورثائِهِ / أم قبل ذاك بعُرسه وهنائِهِ
عيَّ اللسانُ فان سمِعتَ بِمِقول / فاعلم بأني لستُ من أكفائه
هو موقفٌ ما بين قلبي والأسى / جَلّى فكان الصبرُ من شهدائه
سكن الثرى من كان لا يطِأ الثرى / وهوى اليه وكان في جوزائه
ولقد خشِيتُ عليه من نَفسَ الصَّبا / أسفاً لواهُ الموت في نكبائه
نجم هوى من أُفقه فتناقصت / ولتشهدنَّ عليه شُهْبُ سمائه
من كان يفترش الجْفُون وطاؤه / قد وسدته الترب غيرَ وِطائه
بشرى أبيكَ وبورك العُرسُ الذي / زفوك فيه الى ثرى بَوغْائِه
ما الموت أطبقَ ناظريكَ وإنما / رق الصَّبا فكَرعْتَ من صهبائه
امجانباً عرض البسيط أعيذه / من ان يَضيقَ عليك رحبٌ فضائه
لكن رأى زمراً تمور وعالماً / خلط الظلال هديره بِرُغائه
فطواك في أحشائه متخوفاً / من أن يضيع الدُّر في حصبائه
هذا الربيع – وأنت من أزهاره - / يَبكيك طيبَ أريجه وهوائه
أسفاً فلا روضُ الحمى زاهٍ ولا / نُوارُه متفتحٌ بشذائه
ما اهتز نعشك يوم صفف عوده / الا لأنك كنت من خطبائه
يَبكيك مِنْبَرُكَ الرفيعُ وإنما / يبكى لفقد وقاره وعلائه
قد كان يأمُل أن يبلغ مُنيةٍ / حتى يراك وأنت من بلغائه
لا توقظوه بالدموع فربّما / أغفى لطول سُهاده وعنائه
ولقد خشِيتُ عليه قبلَ حِمامه / أن سوف يُحرِقُه لهيبُ ذكائه
غصْن لوته الحادثات فلم يُطِق / دفعاً لها فذوى بخضرة مائه
جاذبنه فضل الحياة فقصّرت / منه وما قصُرت فضول رادئه
قالوا أأعوزه الدواء جهالةً / ولربما مات الفتى بدوائه
يا أيها " السلك " المبلغ نعيَهُ / هلاّ حملتَ لنا حديث لقائه
ركب تحمل والحِمامُ يسوقه / عَجِلاً ووقعُ البرق صوتُ حُدائه
قلت : البشارةُ بالقدوم فهذه / أوتارهُ هزِجت بلحن غنائه
فإذا على أسلاكه مهزوزةً / نبأ يرِن الحزن في أثنائه
عجباً له خِلو الحشا من لوعة / وجليلُ رزء الموت في أحشائه
قاسٍ تحمل وقع كل عظيمة / جللٍ تحطُ البدر في عليائه
كالعود في أهزاجه والسهم في / إصماته والطَرفِ في إيمائه
متملكٌ سمعَ المُلوك وإنما / يروي فصيح القول في فأفائه
لا يستكنُّ السرُّ بين ضلوعه / وتراه محموداً على إفشائه
تتراجع الأفكار رازحةََ الخطى / ما بين عودته الى إبدائه
ما كنت أعلم " والغريُّ " مَحِلّةٌ / لك أن ستقضي في ربى " فيحائه "
كنت الهلال تنقلاً وقد ارتدى / ثوب المِحاق رعايةً لاخائه
لفُّوْهُ في شَطَن الردى ومضى فلم / يحللْ لغير الله عقد قَبائه
أفديه مصدورَ الفؤاد تقاطرت / افلاذُه بالنار من صُعَدائه
أبكيه ريانَ الشباب رداؤه / نَضِرُ الصبِّا شَرِقٌ بحسن روائه
أبكيه منطوياً على نارين من / داء النَّوى وهو الأمضّ ودائه
أبكيه مذعوراً تقسَّمَ طرفُهُ / ما بين أهليه الى رفقائه
أو بعدَما بَرَقَتْ أسِرَّتُّه لنا / وبدت مخايلُ حسنِه وبهائه
تنتاشُه كفُ المنية صارماً / عَضْباً يفُلُ العضبَ حدُّ مضائه
ما بعدَ يومك غيرُ عينٍ ثَرّة / ومدامعٍ سُحٍّ وحِلْمٍ تائه
لا تسألنِّي عن " أبيكَ " فبعض ما / لاقاه أن بكاءَنا لبكائه
عين تسيل دماً لفقد سوادها / وحشىً يذوب أسىً على سودائه
والمرء سلوة والدٍ متصبرٍّ / فاذا استقلَّ فصبره بازائه
ولقد عهِدْتُكَ والشمائلُ غضةٌ / غنيَ النديم بهن عن نُدمَائه
قالوا : " الوباءُ " فقلت من أدوائنا / وهو القتيل بهن لا بوبائه
رُحْ سالماً ودع الحياة لجاهل / وغروره أو عالم وريائه
والدين كلُّ الناس تعرف حَمْلَهُ / والفرق كلُّ الفرق عند أدائه
هل كنت لو نُجِّيتَ الا ساخراً / من حكم دهرك سادراً بشقائه
صبراً أباهُ وإن دهاك برزئه / دهر يذوب الصبر في أرزائه
أخذ الاله واخذُه أجرٌ كما / أعطى وكان الفضل في اعطائه
ولربما جزِع الفتى من علّة / كانت سبيلَ الشكر عند شِفائه
صبراً وشافع من تسمّى " محسنا " / أملٌ بحسن الصبر عند بلائه
بالخلد عن هذي الحياة تصبراً / يُغنى وعن أكدارها بصفائه
إني نظمت الدمع فيه قصيدة / لما وجدت القول دون رثائه
وعلمت أن الخلد ملك " محمد " / فعسى أكون هناك من شعرائه
صبراً وإن ذهب " العليُ " وأنتم / " بسعيد " هذا الجيل من سعدائه
حياكَ ربُّكَ من ساعٍ بسراءِ
حياكَ ربُّكَ من ساعٍ بسراءِ / يلقى الوفودَ بوجهٍ منهُ وضّاءِ
فاضت أساريرهُ بشراً فما وَقَعَتْ / منهُ العيونُ على كَدٍّ وإعياء
لله يومُك مشهوداً بِروَعْته / تهزّ داني بلادِ اللهِ والنائي
في محفلٍ حجَبَ الأبصارَ موكبُهُ / فليس يحسُدُ الا الناظرَ الرائي
هذي الوفودُ وفودُ الشعبِ حاملةً / إليك إخلاصَ آباءٍ وأبناء
هابُوا جلالتَك العُليا فما نَطَقُوا / حَرْفاً ولا سَلَّموا إلا بايماء
للنَصرِ فوقَك أقواسٌ نوافذُها / ترمي سويداءَ حُسادٍ وأعداء
بغداد مثل قلوب المخلصين لكم / تُزهَى بشُعلة أنوارٍ وأضواء
أنت الطبيبُ لشعبي والدواءُ له / وأنت شَخَّصت منه موضعَ الداء
يدٌ من اللطف غراءٌ ولا عجبٌ / كم من يدٍ لكَ قد أسلفتَ غراء
كم موقفٍ مثلِ حدِّ السيف ذي زلق / فَرَجْتَهُ بين إصباحٍ وإمساء
أذيّةٌ في جهاد نِلتَها طرباً / وهل جهادٌ بلا مسٍّ وإيذاء
في ذمةِ اللهِ ما لاقيتَ من نَفَرٍ / من الأجانب عُبّادٍ لأهواء
الله يُخزي مهازيلاً ضمائرهُم / مأجورة بين إطراء وإزراء
يسوؤهم أن تُرى في زِيِّ مضطلع / بثِقل شعب لما يُصميه أبّاء
لو يقدرون أدالوا كلَّ ظاهرةٍ / وبّدلوا كلَّ نعماءٍ بغماء
هزُّوا العراق بما اسطاعوا فما أخذت / منه تَضارب انباء بأنباء
كانوا وما أمّلوا من زُخْرُفٍ سفهاً / كمن يَخُطّ الذي يهوي على الماء
مررتَ باللغو مرّ الهازئين به / بأُذْنِ حُرٍّ عن الفحشاء صمّاء
حراجة بالكريم الحر موقفُه / حيران ما بين قومٍ غيرِ أكْفاء
إنْ يهمزوك بإرجافٍ فقد بُليتْ / كلُّ الشعوبِ بهمّازٍ ومشّاء
هوِّن فما قام هدّامٌ بمعوله / إّلا وقام عليه ألْفُ بنّاء
يأبى شعوريَ أن يلقاك عن كثب / إّلا بقافيةٍ تأتيك غراء
ومَرْحَباً بك في طياتها نَفَسٌ / كنسمةِ الفجرِ قد طُلّت بانداء

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025