القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد زكي أبو شادي الكل
المجموع : 19
يعزّ علي أن ألفىَ المعزى
يعزّ علي أن ألفىَ المعزى / أديباً ملءُ برديه الرجاءُ
وملءُ جَنابِه نورٌ أصيلٌ / كأنَّ هُداه ما وَعتِ السماءُ
أيحسنُ للحيياة وللبرايا / فيخذلُ أو يعذبُ أو يُساء
ومن أين التاسىّ في المآسي / ودنيانا يعُّج بها الشقاء
ونخترع السعادة في إباءٍ / لعزّتنا فلا يُجدى الإباء
عبيدٌ نحسبُ الأسياد منا / وفيمَ الوهمَ أو فيمَ الرياء
وليس سوى المقادر حاكماتٌ / تُراوغنا فيخدعنا الدهاء
لأمرٍ حارت الألبابُ فيه / وجود العالمين أو الفناء
تساوى كل ما نلقى ونرجو / كما وعت الشكولَ الكهرباءُ
ففي طى البقاء لنا فناءٌ / وفي طىّ الفناءِ لنا بقاء
على رغم المصاب أبا رجاءٍ / تصبر حينما الصبرُ الفداء
لئن غرق الشهيد فنحن غرقى / أشُّد ولا رجاءُ ولا نجاء
اضحكي يا شمسُ وابكى يا سماء
اضحكي يا شمسُ وابكى يا سماء / إنَّ هذا العيدَ عيدُ الشَّهداء
لا أبالي أيَّ قُطرٍ حازهُم / إنّهم ملءُ أناشيدِ الرجاء
لا أُبالي أيَّ تاريخٍ حوى / ذِكرهُم فالَّذكرُ عنوانُ البقاء
لم تميزهمُ سوى أعمالِهم / أو يعِّرفهم سوى لون الفدَاء
ربَّ منهم مَن تردَّى بالأسى / كم ذبيحٍ لم يُضرَّج بالدماء
كم شجاع عاينَ الموت وقد / هابهَ الموتُ وشُّر الأشقياء
ليس من يحملُ قلباً كفُّه / مثلَ من يحملُ ذُلَّ الجبناء
وفتاة في رُبَى شيلى حَمت / بطلاً بل بطلينِ من فناء
لجآ واستعصما في قبوها / كدنانِ الخمرِ تزكو في الخفاء
والدٌ حُّر وطفلٌ رَضعا / في اختلافِ السنِّ تقدَيس الإباء
كافحا في طردهم أسبانيا / حينَ سادَ الليلُ واغتيلَ الضياء
حين صار العيشُ والموتُ معاً / عَدَماً لليائسين الضعفاء
فأتى الجندُ لبحثٍ عنهما / وهما في القبو رهنٌ للقضاء
لحظةٌ إن شاءَ ماتا إثرَها / أو أبىَ مَرَّت مُجوناً أو هُراء
قالت الحسناءُ هذا منزلي / لا ألبىّ فيه حُكمَ الغربَاء
أي زادْ شئتمو حُّل لكم / إن يكن عندي وليس الاعتداء
ما مفاتيحي سوى رمزي فما / أرتضى ذُلاًّ لمن بالسيف جاء
ان يكن معناى هذا ضائعاً / بينكم فهو بنفسي والوفاء
قُبِّحتَ أعمالكم من ظَنِّكم / أنَّ عُذر الحرب عذر اللؤماء
تستبيحون بيوتاً لم تكن / غير أقداس عفافِ ونقاء
وتدوسون رضىَ اصحابها / هل هُموُ رجسٌ وأنتم أتقياء
فاستشاط الضابطُ العاتي وأرغى / حانقاً كالذئبِ دوَّى بالعواء
استعُّدوا فاستعُّدوا زُمرةَ / عُوِّدت لذةَ قتل الأبرياء
صوبوا النار إليها في رضىَ / يرقبونَ الأمرَ كالرَّاجي العطاء
والفتاةُ الحرةُ الهيفاءُ تأبى / أىَّ عفوٍ أو خضوعِ أو رياء
نظرت نظرةَ جبارٍ عنيدٍ / تطعنُ البغىَ بسهمِ الكبرياء
فإذا بالضابطِ المغرورِ يبدو / عاجزاً عن أن يُثنِّى بالنِّداء
وأخيراً بعد لأىٍ قال بل / سوف تغدونَ أمامي كالشِّواء
سأحيلُ البيتَ ناراً ملؤها / ضحكاتٌ من روؤسِ الأغبياء
لا تظنىّ والألى تحمينهم / أنكم إلاّ هباءً في هَباء
سأريكم في حجيمٍ حولكم / غاية الغدرِ وعقبى السفهاء
فأبت إلاّ شموخا زاده / ثورةً واستضحكت مما أفاء
وأشارت نحو جمرٍ لاعبٍ / باللَّظى في الموقدِ الجمّ الذَكاء
ثم قالت لك هذا كلُّهُ / فاغتنمه محرِقاً أنَّى تشاء
إنّ حرقَ الجسمِ أمرٌ هينٌ / حين تنجو الروحُ من هذا البلاء
فتهاوى ذلك القاسي كمن / ناله العُّى وإن فات الحياء
ومضى والجندُ ما مدوا يداً / نحوها أو لفظوا لفظا أساء
بل مضوا كالخرسٍ لم يُعرف لهم / غرضٌ أو نكصوا كالبلهاء
دامت الحربُ طويلا وانتهت / كانتهاءِ الشهُّبِ في القفر العراء
ما درى الناسُ لماذا نشبت / واستمرت في دموعٍ ودماء
ولماذا فجأةً قد انتهت / فتساوت في ابتداءٍ وانتهاء
أيدومُ الناس في ضلاّتهم / وأَضُّل الناسِ كان الزعماء
ما تعادَوا مرةً عن سببٍ / لم يوفَّق فيه حُكمُ الحكماء
ما حقوقُ الشعبِ مهما أنكرَت / بالتي تُمحى إذا ما الشعب شاء
شَّب ذاك الطفلُ في أمتَّه / قائداً أنضجهُ طولُ البلاءَ
مرَّت الأحداثُ في سيرته / مِثلَ عصفِ الريحِ في أعلى الجوَاء
لم تُهَّدمهُ ولكن أشبعت / عَقلهُ فهماً وحزماً ومضاء
صار قُطباً تهتدى أمَّتهٌ / بهدَاه وصديقَ العلماء
وَبَنىَ تحديدَها من روحه / قبل صُلبٍ راسخٍ أو كهرباء
شَّع في تاريخها اشعاعَهُ / في نُهىَ جامعةٍ فيها أضاء
كان من أَسَّسها إيمانُهُ / برسالاتِ الهدَاةِ الأمُناء
هكذا الأبطال يحيا ذكرٌ هم / في سبيل الحقِّ مثلَ الأنبياء
من مبلغٌ وطني الحبيب تلُّهفي
من مبلغٌ وطني الحبيب تلُّهفي / للقائه كتأسفي للقائه
لَّج الحنينُ وما عرفتُ بهجرتي / أن استخفَّ بعنفهِ وزكائه
وطني الذي رُبِّيتُ تحت سمائه / ووهبتهُ فني نجومَ سمائِه
ورضعتُ من أزهاره وسكرتُ من / أسماره وشربتُ من أضوائه
من ليس بَعدِ له سوى حِّبي له / حبَّاً تشرَّد كاليتيمِ التائه
من عنده الخبزُ القفارُ ولائمٌ / وولائمُ الأرواح ملءُ رُوائهِ
من طالما غنيتُ في افيائه / بروءاى حين سجنتُ في أفيائه
من لم يمكني لأرفعَ مجدّه / ولواءه وخذلتُ تحت لوائه
من لم ينهنه زجره جهدِي له / وأنا المكبل في مديد بلائه
من ظلَّ لا يجد الثمالَ سوى الألى / خانوه واعتبروا مناطَ رجائهِ
من لا يبالي أن يُشاهدَ أهله / يشقونَ والأبرارَ من شُهدائه
من مكن الإقطاعَ من تقطيعه / وأباح عَّزتهُ رضىَّ سُفهائهِ
من لم يَصن تاريخه بفعاله / وهَوتَ زعامتهُ لدى زُعمائه
من عفَّرَ الرأسَ المنّزه في الثرى / للفاسقين الصُّمِّ من رؤسائه
كُنَّا نُرجِّى الأمسَ صِدقَ بلائهم / فغدوا رزيئتهُ وسرَّ بلائه
من كلِّ أرعنَ لا يصِّعرُ خَدِّهُ / إلا وتلطمه أحُّط نسائه
ينضىِ الركائبَ في الطِّلاب لشهوةٍ / ولِضمِّ أهواءٍ إلى أهوائه
ويخال صَخبَ الموبقاتِ حيا لهُ / إعجابَ من عَانوا من استهزائه
أسفىِ على المُلكِ المذالِ وطالما / حامت قلوبٌ حوله لفدائه
كنا نلوذُ به ليوم كريهةٍ / فإذا بنا ما شاءَ من أشلائه
أسفى وكم يَطغَى الحنينُ كأنني / عبدٌ وإن حِّررتُ بين إمائه
ولربما كان النساءُ بأرضهش / هُنَّ الرجالَ وكنَّ من أدوائه
كم عابثٍ يرثى لحالي ساخراً / وهو الأحُّق بسخره ورثائه
والشعبُ إن باع الكرامةَ صاغراً / أو فاجراً فبقاؤه كفنائه
عَزائي قِف مكانكَ يا عَزائي
عَزائي قِف مكانكَ يا عَزائي / فإنِّى لا أراك سوى الُمرائي
هَجرتُكَ مذ خبرتُ صُروفَ دنيا / تُراوغُنا بألوانِ الفناءِ
ولستَ بأىِّ حالٍ من تُرجَّى / لِتزجُي للأخِ الجِّم الإباءِ
إلى الحِّر الذي صَاحَبتُ فيه / أحبَّ الشاعريةِ والذكاء
ومن يطوِى الفؤادَ على هُمومٍ / ولكن في ابتسامِ الكبرياءِ
ومن نَظراتهُ للكونِ نُورُ / وإن بعدَ الوُجودُ عن الِضباءِ
ومن عَرَفَ الحياةَ وإن تسامت / فناءً قد تَطَّورَ عن فَناءِ
فحسبي أن أصوغَ له رَجَاءً / من الصبَّرِ الُمرنَّقِ بالبكاءِ
ومن قلبٍ وفيٍ لا يداجِي / ومن حُبٍّ صفيٍّ لا يُرائي
بأن يَحيا ملاذاً للأماني / ولو وُئدت وضاعت في الهباءِ
طيورَ الخريفِ أطيلي البقاء
طيورَ الخريفِ أطيلي البقاء / فما زال للحبِّ هذا الضياء
أقيلي وغنى غناءَ الربيع / ولو في الخريفِ فينأَى الصقيع
أطيلي البقاءَ فإنَّ العطور / تُراقُ استماعا وُتزهَى الزهور
طيور الخريفِ لماذا الرحيل / وهذى ربوع الجمال الأصيل
لماذا الرحيلُ بليلٍ حزين / ونحن محُّبوكِ لو تعلمين
ونعشقُ جَمعكِ فوقَ الهضاب / ويستوقفُ الجمعُ حتىّ السحاب
نراقبُ لَهوكِ كالعاشقين / وطوراً بخالكِ كالعابدين
وكل الطبيعة تأبى المراحِ / إذا نُحتِ حتى يبينَ الِمزاح
وفي كلّ بيتٍ مكانُ الحنين / لمأواكِ لو كانَ ما تشتهين
فلا الدفءُ والقوتُ عبءٌ ثقيل / على أمَّةٍ تبدعُ المستحيل
ولا الحُّب عَزَّ بأرِضٍ تصون / له الملكَ حين تُعُّز الفنون
وفيها الحياةُ رؤىً للنعيم / تدومُ ولم تَنسَ طيراً يُقيم
ست من السنوات جاوز عمرهَا
ست من السنوات جاوز عمرهَا / عُمرى بل الأبدَ السحيقَ ورائى
هيهاتَ أغفرُ ما جنتهُ فلمؤها / رَممٌ من الآمالِ والأرزاء
خُلطت كأشلاء الحروبِ وليتها / دُفنت ولم تضحك على أشلائي
وإذا بُعثنَ فما أرى إلاَّ الأذى / فيها وما يُشجى من الأصداءِ
فكأنّما الآمالُ لا بعثُ لها / وكأنما الأرزاءُ دُمنَ إزائي
قالوا يحف بكَ النعيمُ ألا ترى / بعضَ الحنينِ هو الجحودُ لنائي
إن كان فالقلبُ الموزعُ شاردٌ / مثلَ النعامة في رؤى الصحراء
يجرى إلى الماضي فينقله الهوى / فوق النجومِ إلى أحبّ سماءِ
يقتاتُ من إشعاعها وخيالها / ويعودُ بين مجاعةٍ وظَماءِ
لو أستطيع خَنقتها بانأملي / فعلى يَدِى سكبت عزيزَ دِمائي
ست من السنوات كم من لوعةٍ / فيها وكم من رعشةٍ لوفائي
ودمي يسيلُ على بيوت مشاعري / لهفاً وُذكِى النارَ طىَّ رجائي
ما اخترتها طوعاً ولكن غضبةً / للحقِّ والأَحرار والشُّهداءِ
وأظل أعتنقُ الشقاءَ عقيدتي / ما دمتُ ألهمُ أمَّتى بشقائي
مثلي على الحالين جدُّ مُغرَّبٍ / كالنورِ حين تراه عينُ الرائي
لا موطنٌ لي غيرُ موطنِ مُهجتي / فإذا أبوا لم يبقَ غيرُ إبائي
هيهاتَ أرَضى العيشَ بين أذَّلةٍ / خَصُّوا مودَّتهم بكلِّ مُرائي
سأَظَل أرقُبُ صابراً تحريرهم / من هذه الحشراتِ والأدواءِ
وأظل انتحهم بروحٍ حُرةٍ / لم تُخترم بمنافعٍ عرجاءِ
فإذا حييتُ وقدرتني أمتي / وتحررت لبيَّتها بولائي
وإذ مضيتُ إلى الفناء وهبتها / في الغربتينَ هواىَ دون فناء
ما كان هذا اليومُ عيداً يُشتهى / والنفيُ يَلطمُ همَّتي وفدائي
أو كانت الأعمارُ غيرَ مآثرٍ / أو كانت الأيامُ غيرَ بناءِ
لو كنت كالمتنبي في جراءته
لو كنت كالمتنبي في جراءته / وفي التحدي لحساد وأعداء
لطرت فوق بساط الريح منصلتا / سيفا يمزق ما آذاك من داء
قد سار وصف له في سعره مثلا / للفن والفن عندي فوق إنشائي
يا منسي الناس آلاما لعلتهم / عوفيت واسلم كعيسى في سويدائي
أعدّ ساعات قرب موشك ثملا / كراهب بين تسبيح وإصغاء
إني على الحب قد نشئت لا عوض / عنه لروحي أو سر لإحيائي
وما الجمال سوى ند لروعته / أو توأم بين أطياف وأضواء
أهلا بعودك للأحياء تسعدهم / وتنشر النور فيهم بعد ظلماء
الحب والحسن في كفيك قد رفعا / للمهتدين فيما يجزيك إطرائي
وددت أهدي طويل العمر من أدبي
وددت أهدي طويل العمر من أدبي / في عيده نفح أضواء وأنداء
أبقى على الدهر من أموال دولته / ولن يبز بإشعاع وأشذاء
ولن تسامى بشعر عبقريته / كأنما فوق معنى الوحي إيحائي
أصغت إلى شدوه الآرباب ساهمة / والأنبياء وأعلام الألباء
فلم أجد غير صدق النصح يشفعني / واشرف النصح لا يجزى بإصغاء
لكنني لا أزال الحر معتمدا / على وفائي وإخلاصي وآرائي
أزجي لكم من ضميري في تجاربه / عبر القرون تعالت فوق أهواء
معالم الحق لم تخذل مسائلها / وخبرة لم تزل ذخري وإثرائي
كما نصحت لكم من قبل في شغفي / بخيركم فكبا صوتي وأصدائي
كأنما كان تبصيري لكم سفها / وحكمة الحر سم للأرقاء
في عيد ميلادك الميمون أي هدى / يرجى سوى طرد هذا الموغل الداء
وكيف يطرد إذ يحمي زبانية / هذا الأذى لشجى مؤتى وأحياء
قد أصبح الملك فذا في دعارته / ورمزه بين إجرام وفحشاء
من كل أرعن في عرنينه خرف / وكل لص وسكير وزناء
فاقوا الجراد وباء حينما أتفقوا / على الخراب لأموال وأرجاء
حتى بيثرب ضج القبر من جزع / لأمّة بعد نور رهن ظلماء
حتى بمكة صار البيت في دنس / من قومكم بين أبناء وأحباء
مبددي المال تبديدا لسمعتهم / وقاتلي الشعب في بؤس وأنواء
دون المعارف قد لائت مفارقهم / أعراض طيش وزهري وأقذاء
حتى غدوا هكذا أعداء أنفسهم / وقومهم فوق أدواء وأعداء
يا ويحهم جعلوا الإسلام سخرية / وظلمة بعد أمجاد ولألاء
وهيؤوا ثورة كبرى ستلحقهم / وملككم إن بقيتم رهن إغضاء
من يسحق الحق يحييه ويشعله / والحق أفصح نطقا وسط ضوضاء
وناشدو الحق يوما ظافرون به / مشوا على النار أم ساروا على الماء
لج الحنين إليك حتى خلتني
لج الحنين إليك حتى خلتني / وأنا القصيّ غدوت غير النائي
وإذا الفصول جميعها فواحة / حولي بعطرك تستثير رجائي
وإذا السماء يرعدها وبروقها / زرقاء مثل سمائك الزرقاء
وإذا الجمال بكل مرأى حفّني / يفترّ لي بجمالك الوضاء
وغذا الحياة وقد رشفت نعيمها / ليست سواك بخاطري ودعائي
هذي المشاهد كيف كن شهيدة / لتلهفي وتبسمي وبكائي
مزجت بأفراحي وأتراحي معا / فكأنها مثلي من الشهداء
وإذا بكيت بها فإنك دمعتي / وإذا شدوت بها فأنت غنائي
ما فاتها مني الوفاء وفاتها / أرضي لديك وجنتي وسمائي
عاث الطغاة مدى فما هادنتهم / ورحلت أرشقهم بصدق هجائي
كانت فعالي قدوة وعواطفي / نارية واسلتها كدمائي
ما تضحيات الماهدين ضئيلة / إلا لدى الناسين والجهلاء
من لي بقربك لو ملكت قيادة / للثائرين فكم أضيع ندائي
لجعلت مصر إذن حفيدة جدّة / غنّى بها الشعراء للشعراء
سبقت مبادئها المسيح بعدلها / وشأت بأخناتون كل ضياء
وغدا بها الوادي جنانا حرة / طهرت من الأوشاب والدهماء
ينساب فيها النيل سيفا مصلتا / إلا على أحبابه الشرفاء
رقصت شواطئة بأشتات المنى / والحب عابقة بكل عطاء
غنى الغراب بها وكان غناؤها / وقفا على الشحرور والورقاء
فيها المساواة العميقة زينة / كالنور في الأجبال والأوداء
ما قيمة الإنسان إلا نفعه / وكذاك حكم عظائم الأشياء
والشمس لولا نفعها هانت لنا / بل أصبحت جيشا من الأعداء
وطن الصبا وعزيز أحلام الصبا / ما زلت لي حلما وحلو عزاء
حمّلت في شيخوختي أعباء من / قبعوا ومن ناموا على الأقذاء
وتخذت لي منفاي منبر دعوة / للثأر من ضيم ومن أدواء
في موطن الأحرار لم يخذل به / فرد ولم يسحق على الغبراء
يسمو به إقدامه فوق السهى / ويحول الغبارء كالجوزاء
أو يفلق الذرات فهي جهنم / للغاشمين وجنة العلماء
صارت شجاعته مثالا يحتذى / وعلت مىربه على الجببناء
فإذا بقيت به عزيزا آبيا / ورضيت من نفيي بكنز إبائي
فلكي أبر بعهد إنسانيّتي / وأكون رمز تجاوب وإخاء
غضّي عيونك يا نجوم فإنني
غضّي عيونك يا نجوم فإنني / أرنو إلى القدسيّ من أضواء
لن تكشفي سري ولو أعطيته / ما كنت كاشفة مدى إسرائي
هذي صلاتي لا أذان يؤمها / غردا ولا الأجراس بالضوضاء
بهت المساء لها كأنّ تأمّلي / ألق وذؤب نهاي في الظلماء
إن كنت في الحسبان أحقر ذرة / فأنا رموز عوالم وفضاء
غنّى الأثير بها ففاض عواطفا / واهتز بالإلهام للشعراء
أصغي إليها يا نجوم فربما / ألهمت ما ضيت من إيحاء
أين الألوهة إنها حولي وما / خفيت وإن عدت كحلم ناء
هي في الحيا وكل ما هو كائن / فجميعه حي بلا استثناء
وجدت مع الأزل السحيق قصيدة / نارية الأنغام والأصداء
لسنا سوى من بعض تفعيلاتها / أو أننا صور لها ومراء
كانت وسوف تكون ذلك شأنها / فعلام فلسفتي وشحذ ذكائي
والخلد من طبع الوجود تسلسلا / لا طوع أفراد ولا أشياء
والموت من صور الحياة فما مضى / حيّ بلا بدل ودون عطاء
فتأمليها يا نجوم وجد لها / يا عقل بالإشعاع غير مرائي
فلربما أصبحت وحدك هاديا / للأرض إن أصغت وللجوزاء
لماذا أعزّي بل لماذا أهنّىء
لماذا أعزّي بل لماذا أهنّىء / وشعبكمو للذل والظلم موطئُ
إذا قيل هذا غابر مات عهده / رأينا جديدا عهده الشؤم أسوأ
نحار بتكييف له ثم حيرتي / تجن فلا أدري بما اليوم أبدأ
فهذي المخازي ما لهن نهاية / وكل قرير عندها يتفيأ
سوى الشعب لم يدرك وجودا لذاته / كأن الممات الصرف أحلى وأهنأ
شعار كمو هذا النفاق مجدا / وفي صخب الأحداث حصن ومرفأ
ويقترف الإجرام غرّ مسبّح / وبالخمر غر آثم يتوضأ
ويبرأ من هذا وذلك مجرم / فمن يا ترى الجاني الذي ليس يبرأ
ألم يبق بين الناس شهم منزة / يدوي له صوت وبالحق يجرؤ
وهل اصفرت ارض النبوة كلها / وأرض الحجا عن زاجر ليس يهدأ
وهل بات أهل الشعر أمثال غيرهم / صعاليك كل للضلال يوطى
يرضون أمداحا هي الذم عينه / إذا عقل الأحياء بل هي أردأ
تفوح نفاقا كل حي يمجه / ومنه ضياء الحق يكبو وصدأ
إذا لم يكن هذا ولا ذاك فلتكن / لصيحة شعري ما يهزّ ويفقأ
نذيراً وتبشيرا ووعظا وحكمة / وما كان نصح مثل نصحي يرجأ
وإني الذي قد أنظر الغيب شاخصا / أمامي فأرويه ولا أتنبأ
أقول لكم لا بد من هدم ملككم / وإن كان هذا الهدم بالغش ينسأ
لأنكمو خادعتمو القسط في الورى / وكلكمو في النهب غرثان يمرأ
وفلسفة الأقدار ليس لها ونى / إذا حكمت لكنها تتهيأ
وما ظمىء الجبار إلا وهده / عتي من الأحداث للعدل أظمأ
فإن تبتغوا عقبى تصون رؤوسكم / فهبوا إلى سعي شريف يوطئ
وردوا إلى الشعب السليب كنوزه / وصونوا له عرضا بكم صار يهرأ
وكونوا رعايا بينه لا مواليا / فما كان مولى من يخون ويهزأ
وإنا بعصر سيد الناس خادم / لعزتهم لا غاشم راح ينتأ
فمن خانه خان النبي محمدا / ومن خانه لا بد يشقى ويرزأ
ولا بد للإسلام من بعث ثورة / ومن أخطر الثورات حنق مخبا
وعنئذ تغدو الجزيرة كلها / منارا لكل الثائرين وتربأ
فهلا ادكرتم واتعظتم وعندكم / صحائف للتاريخ بالنذر تملأ
ستفنى قصور شدتموها وتمحي / حصون لكم في حين يرسخ مبدأ
الخريف الخريف رددت الأطيار
الخريف الخريف رددت الأطيار / نشيدا مرقرقا كالضياء
لست أدري أكان بصحبه / الخوف من البرد أم حواه الحياء
كل شيء صاف وصاح ويسام / وكأن الشباب في وجنتيه
كل شيء قد ناله البعث بع / الصيف حلوا والشوق في مقلتيه
قد خرجنا من الجحيم معافين / فمن ذا يشتاق عهد الجحيم
أيها المشتكي تنعم قبيل النفي / شريدا إلى الصقيع العميم
الوجود القرير حولك يفتر / بتسبيح عابد في صلاته
غلب الخوف جم إيمانه / الحلو فزاد الإيمان مجلى حياته
وإخال الأشجار في نثرها / الأوراق تعرين قبل يوم عميق
كالجمال الذي تهيأ للنوم / طويلا مع الشتاء الصديق
لا تبالي ما بعد نومتها الكبرى / ولم تكترث لنذر الشتاء
حسبها اليوم نشوة من / حياة لم تنغص فما لها والفناء
ذكرى الأباة ومطلع الشهداء
ذكرى الأباة ومطلع الشهداء / هذا دعاء المفلحين دعائي
عبرت عن أحرار مصر بغربتي / ولرب ناء كان غير النائي
وجعلت تبريكي مشاطرة لها / بعواطفي ومدامعي ورجائي
في فرحة النيل هلّل مثلنا / لسنائها واختصّها بوفاء
أوفى وحوض النيل أصبح كله / حرا ففاض بحبه المعطاء
الحسن في نظراته كالحصب في / خطراته كالوحي للشعراء
مرت عهود الحاكمين بأمرهم / واليوم بعث الحق والشهداء
من لم يصدقني فذلك حوله / جمّمن الآيات والالاء
الشعب مجدها وهذا جيشه / قد حاطها بمناعة وعلاء
أنى نظرت ترى مواكب نسقت / للحب بين ترنم وضياء
وترى النخيل على السماء زواهيا / فالنيل فاق جمال كل سماء
تتألق الآمال فوق نضاره / كتألق الأحلام في الصحراء
وترى جموع الفالحين تعرفوا / أقدارهم فغدوا من الأمراء
الفأس في يد كل فرد ماثل / كالصولجان وشامخ للرائي
يا ليتني في مصر ألثم تربها / كالنيل يلثم شطها بولاء
حتى أجدد من غنى إكسيره / عمري وأرشف نعمتي وروائي
فرحان كالطفل الصغير تجمعت / كل الكنوز لصفوه في الماء
لم لا وللنيروز روعة ساحر / قد جال بين عواطف ومرائي
أبناء مصر المخلصين تسابقوا / لأبيكمو المعتزّ بالأبناء
وخذوا هدية عيده ما نلتمو / من نصفة وتحرر وإخاء
حتى يباركها مباركة الهدى / فتزيد بين سماحة ونقاء
وتصير كالنيل العزيز أبيكمو / قدسا تنزّه عن هوى ورياء
العيد هذا عيد مصر بأسرها / لا عيد طائفة ولا أهواء
غنى به الفلاح مثل زروعه / ودموعه في الحقل والأنداء
يا ليت لي في كل عام وقفة / كالحج بينكمو وليت ثوائي
حتى أنافس كل حر مولع / بالنيل مبتدعا فنون غنائي
وألقن الأحفاد ما لقنته / من قبل من سر لفرط إبائي
لا يعرف الأحرار إلا مسهم / في التضحيات وقانع بعناء
فلتحي يا وطني الأصيل منعما / بتتابع الأعياد كالأضواء
ولتحي جمهورية أحرزتها / كالبعث بعد تبدد وفناء
ترقى الشعوب على سواعد أهلها / وتهون تحت سنابك الدخلاء
الله في الحب ألحان واضواء
الله في الحب ألحان واضواء / والله في السلم أزهار وأنداء
حييت يا سلم هذا يوم سيّده / فلتخجل الحرب ولتعتزّ ورقاء
وليفرح العالم المنكوب عن سفه / فقد تعالت على الضوضاء أشذاء
إني أشم عطورا لا أكيفها / لكن يكيفها للنفس إيحاء
فأين مبعثها الروحي يشملني / فليس تدركه عين وإصغاء
لعل في الجامع المبرور تذكرة / فها هو الجامع المبرور وضاء
من وضع أمجد عن بر بملّته / وكذاك يصطحب الأكفاء أكفاء
بلاد إقبال لا فاتتك فلسفة / تعلي السلام ولا نالتك ضراء
إن السلام هو الإسلام من قدم / كما رآه الألباء الأجلّاء
وليس أليق رمزا في رسالته / من جامع حوله الإيمان أضواء
في جادة أسهمت في عرسها أمم / وبوركت فإذا الظلماء لألاء
ما بال مصر تناست ثم مغرسها / وفي ثرى مصر للجنات أفياء
كأنما ما مشى نور المسيح بها / ونوره في جميع الأرض مشاء
كأنما مريم العذراء ما سكنت / بأرضها وكأن الأرض جرداء
وأين ما وهب الأردن من شجر / وفي بساتينه الأدواح غنّاء
واين قدسي أرضيه التي سطعت / أمالها اليوم في الإسراء إسراء
يا ليتني المتنبي الآن صولته / تهز من أذنه للحقف صماء
حتى أعلم قومي في توجسهم / أن العروبة كالإسلام زهراء
أن التسامح اسنى ما يشاد به / وما عداه فللإسلام أعداء
شدا السلام وأنفاس المسيح به / وما عداه فللإسلام أعداء
شدا السلام وأنفاس المسيح به / فكل ما رف أنغام وأصداء
وإن تكن قد تناهت في مشاعرنا / من العواطف أطهار وعذراء
فهللي يا بروجا طالما هتفت / كما هتفت وناجاها الأرقاء
وحررينا من الأحزان قاهرة / كما تحرر من أسداده الماء
قال الصديق وديع في سوانحه
قال الصديق وديع في سوانحه / تقسو الحياة على الأخيار أرزاء
وراح يذكر من آثاره مثل / للمحسنين أسر الدهر أم ساء
من رنق الأدب العالي بنفحته / وحظه من عقوق الدهر ما شاء
لم يكفه الخطب في زوج وفي ولد / حتى أراه جحود الناس أنواء
فيم التفجع والدنيا فواجعها / لا تنتهي وتعيد الأمس أصداء
خل احتمالك ثأرا من نكايتها / واسخر بها حينما تشقي الألباء
جئنا إلى الكون في الذرات من قدم / ولم نفارقه أطيافا واضواء
وليس يعرف منا كنهه أحد / وإن تغلغل في ماضيه مشاء
وإن عرفنا عرفنا بعض أخيلة / كأنما البحر ما نلقاه أنداء
ليست نقاط حروف لا نكيفها / قصيدة راودتنا اليوم عصماء
ولا المآسي التي غاضت مدامعنا / من نارها ستزيد الكون أشلاء
ساوى النشوء دمارا في مسارحه / كما عرفت وساوى البؤس نعماء
وما شكوت التياعا بل مسايرة / للفن أجتاز أمواتا وأحياء
فسر معي يا أديبا عيشه حرق / في مهمه العمر مغمورين أهواء
نحيا لهيبا كأنا شبه ألهة / ونغتدي بانتهاء النار إيحاء
علم الإباء وأحكم الشعراء
علم الإباء وأحكم الشعراء / هذا عزاء الوامقين عزائي
أطلعتهم في كل أرض أنجما / من وحيك المتفنن الوضاء
واليوم ليس لهم سواك ملاذهم / مهما لجأت للوعة وبكاء
منك استمد العارفون يقينهم / فلديك ملجؤهم وخير عزاء
يا من رأى مثلي المنية صورة / للعيش لا تجزع من الأرزاء
ولو أن موت الأم أفدح نكبة / ويصل فيه تفلسف الحكماء
أمم العروبة كلها محزونة / لأساك يا من خصها بوفاء
وبنى لها شم الخوالد شعره / بمعالم الإرشاد والإيحاء
فيم البكاء وفي المنية رحمة / حين الظلام مفوّق بضياء
أنى نظرت ترى المناحة حولها ال / أعراس والأحباب في الأعداء
ولئن شقيت من الجحود فإنني / آثرت أن أحيا مع الشهداء
فتلق بطش الدهر غير مروع / فالدهر معتنق لكل غباء
واجرع كما جرعت فرط جحوده / واصبر فحسبك غاية العلياء
من كان مثلك في سماء نوغه / يسمو على الأعصار والأنواء
ويرى الخلود المعنويّ كفاءه / ويحقر التخليد في الأعضاء
أخي سليمان هذي غربتي بلغت
أخي سليمان هذي غربتي بلغت / بي غربتين وزاد الموت إقصائي
قد كنت أشجي لنايي عنك في أسفي / يا ليتني دمت ذاك الآسف النائي
ما لي سبيل إلى لقيا فأنشدها / فعالم الغيب محفوف بظلماء
لا على ذكريات حية أبدا / من الطفولة لم يبرحن تلقائي
عشنا سويا أليفي نعمة وهوى / نحسو الشذى بين أزهار وأضواء
لم يبلغ الطير ما نلناه من مرح / ومن طلاقة أحلام وأهواء
ولا ابتسام شواطي النيل ما بلغت / عيننا من صفاء دون أقذاء
ولا خرير السواقي في تعثرها / تعثري ضاحكا في الطين والماء
ولا اختصام الورى والحرب صاخبة / مثل اختصام لنا من غير شحناء
ولا الأماني للدنيا بأجمعها / ساوت أمانينا أو بعض إحصائي
تلك السنون التي مرت على عجل / ذخيرة لم تفت لحظي وإصغائي
أحسها وأناجيها وأعرفها / كأنما هي من ذاتي وأعضائي
يا خادم المسرح العالي يسيرته / هذي رواياتك العصماء للرائي
قد خلدت في المرائي فهي نابضة / بين الورى والمرائي مثل أحياء
من عاصروك استقلواف ي مشاعرهم / عن عرضها فهي لن تنسى لنساء
ومن يجيئون حيث الضاد مكرمة / سيكرمونك إكرام الألباء
فنّ كفنّك لن يفنى وإن بعدت / به السنون كبعد للأحباء
لم ندر أيهما أولى بتكرمة / تأليفك الحر في نقد وإيصاء
أم عبقرية تمثيل خصصت به / حتى تعدد في ألوان إيحاء
يا مصلحا كل ما أهدى لنا مثل / للمصلحين ودستور الأطباء
تخذت بعد أبيك الشهم سيرته / شعارك الحي في تنوير دهماء
وفي التسامي بمن هانوا ومن قبعوا / في اللهو حتى غدوا أدنى الأذلاء
إنا افتقدناك في وقت أحق به / من كان مثلك يحمي كل علياء
من كان دون شبيه في مناقبه / حلو الفكاهة حتى للألداء
ويمزج الجد طي المزح تحسبه / يلهو وفيه أفانين لإغراء
نم في ضريحك نوم الأنس في سرر / من الضياء وفي ألوان أشذاء
واقبل دموعي رثائي فهو من مهج / شتى وإن كن أزهاري وأندائي
تمهّل أمام الماء حين ابتسامه
تمهّل أمام الماء حين ابتسامه / على الكرز البسام غير مرائي
تولى صقيع كاد يودي بحسنه / وجمد حتى دمعه كرجائي
تخيّلته في الحلم ميتا مجرحا / ففاء ولكن عالقا بدماء
وقد نفض الأكفان بيضا تبعثرت / وبدل منها حالمات ضياء
بنات الهوى والفن تشرق بالمنى / كما تشرق الأطياف للشعراء
نماها القصي الشرق ثم أتى بها / شعور إخاء أو شعوب ولاء
فرفّت حنينا كالأشة عندما / تحن إلى أصل لها وسماء
ورفت وفاء للديار التي احتفت / بها وأعزتها على النظراء
وقد أشعلوا المصباح رمزا لعيدها / كأن به للعيد كنز ضياء
لئن سكنت هذي البحيرة لم يكن / سكون لها إلا سكون حياء
وفيها ضروب من عواطف لم تكن / لتسكن بل جاشت بغير نداء
أتسمعها إني لأسمع شعرها / أغاني من حب لآخر ناء
أتبصرها إني لأبصر بعضها / مرائي تجلوها فنون مرائي
وقد عكست في الماء فاهتاجه الغنى / فكان لهيبا أو مذاب ذكاء
لئن زارها العشاق من كل بقعة / فكم عاشق في غربة بعنائي
وأما العصافير اللواهي بقربها / فهنّ معاني رفقة وإخاء
تلاهت تلاهي النحل غنت لطلعه / على زمر الأزهار دون عناء
فأخجلني أني المقصر بينها / وأن غنائي ليس فيه غنائي
قالوا طيور تغالي في محبتها
قالوا طيور تغالي في محبتها / فقلت ما كن إلا بعض أبنائي
مرحن حولي كالأطفال في لعب / حتى تحاربن في فسقية الماء
وألبست ريشها الألوان أوسمة / كأنما تتحدى مجد أضواء
يبعثر الماء درّا في تنافسها / كأنّها كرنفال الفنّ للرّائي
ويغضب الماء حينا في تبجّحها / فيستثار كموج فوق أنواء
وكم تعالت لنا أصواتها هرجا / فأضحكتنا وشاقتنا بإيماء
كأنما صور التمثيل معرضها / ما بين وثب وترتيل وأزياء
وأشرب الشاي عن قرب أراقبها / منعّما وكأنّ الشايَ صهبائي
تركت ديوان شعر كنت أقرؤه / لما تسامت بألحان وأصداء
كم شاعر بينها في قوله عجب / للملهمين فما يكفيه إصغائي
لا تشخروا من ودادي حين أرمقها / وحين أعشقها من دون أسماء
لكل طير معان وهي كافية / لتستقل بأشعاري وأهوائي
أسكنتها في عيوني وهي شاردة / كالزهر تسكنه ذرات أنداء
وحومت حول سمعي حينما صمتت / كأنما الصمت مقرون بإفشاء
فهل أغالي إذا أخلصتها مقتي / وهل تغالي بتجديدي وإحيائي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025