الآن إِذ بَرَدَ السلوُّ ظَمائي
الآن إِذ بَرَدَ السلوُّ ظَمائي / وأصاب بَعدكم الأُساةُ دوائي
كانت عزيمة حازمٍ أضللتُها / في قربكم فأصبتُها في النائي
آليتُ لا رَقَبَ الكواكبَ ناظري / شوقا ولا مَسَحَ الدموعَ ردائي
أمسٌ من الأهواء عَفَّي رسَمه / بيد النُّهى يومٌ من الآراءِ
وقَذاءُ قلبي أن يَحنّ لناظرٍ / يومَ الرحيل تفرّقَ الخُلَطاءِ
دعهم ومَنْ حَمَلَتْه حُمْرُ جِمالهم / للبين مِن حمراءَ في بيضاءِ
مستمطِرين ولم تَجُدهم أدمعي / ومؤجِّجين وما لهم أحشائي
كانوا النواظرَ عِزّةً لكنهم / غَدروا فلم تُطبِق على الأقذاءِ
ولقد يغادرني وحيدا مخفقا / خَبَثُ المعاش وقِلَّةُ النجباءِ
أظمَى ورِيِّي في السؤال فلا يفي / حَرُّ المذلّةِ لي ببَرْد الماءِ
قالوا سخِطتَ على الأنام وإنما / سخطي لجهلهمُ بوجه رضائي
صُوَرٌ تَصَرَّفُ أنفسُ الأمواتِ فى / أجسامها بجوارح الأحياءِ
أُلقِي إلى الصَّمَّاء بثّيَ منهُمُ / وأُعير شمسيَ ناظرَ العَشْواءِ
بأبي غريبٌ بينهم في داره / متوحِّدٌ بتعدّد النُّظَراءِ
يَفديك مستامون لا عن قيمةٍ / مُسْمَوْن والمعنَى سوى الأسماءِ
يتطاولون ليبلُغوك ولم يكن / ليضمَّهم وعلاك خطُّ سواءِ
واذا جريتَ على الرِّهان وبُهْمَهم / لاقَ الخَلوقُ بجبهة الغرّاءِ
والشامةُ البيضاءُ تَنعَت نفْسَها / بوضوحها في الجِلدة السوداءِ
عَجَزتْ قرائحُهم وأغدرُ غادرٍ / يومَ الخصام الفاءُ بالفأفاءِ
لبّيك عِدّةَ ما أتاني غافلا / عنك الرواةُ بطيّب الأنباءِ
وغلوتَ في وصفي فقلتُ سجيّةٌ / ما زلتُ أعرفها من الكرماءِ
عمِيَ الورى عن وجهها فرأيتُه / وهو البعيد بناظريْ زرقاءِ
قد كنتُ أُظهرها وتَخفَي بينهم / ما للِغني أثرٌ على البخلاءِ
لا ارتعتُ إذ أُعطيتُ منك مودّةً / ماذا أسرّ الناسُ من بَغضائي
وصداقتي للفاضلين شهادةٌ / بالنقص ثابتةٌ على أعدائي
نسبٌ مُزِجنا لا تميّز بيننا / فيه أمتزاجَ الماءِ بالصهباءِ
ومودّة الأبناء أحسنُ ما تُرَى / موروثةً عن نِسبة الآباءِ