القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 69
لولا فواكهُ أَيلولٍ إذا اجتمعتْ
لولا فواكهُ أَيلولٍ إذا اجتمعتْ / من كل نوعٍ ورَقَّ الجوُّ والماءُ
إذاَ لَمَا حَفَلتْ نفسي متى اشتملتْ / عليَّ هائلةُ الجالَيْن غبراءُ
يا حَبَّذَا ليلُ أيلولٍ إذا بردتْ / فيه مَضاجِعُنا والريحُ سَجْواءُ
وجَمَّش القُرُّ فيه الجلدَ فائتلفتْ / من الضَّجيعينِ أحشاءٌ وأحشاءُ
وأَسفر القمرُ الساري فصفحتُه / ريَّا لها من صفاءِ الجوِّ لألاءُ
يا حبذا نفحة من ريحهِ سَحَراً / تأتيك فيها من الريحان أنباءُ
قلْ فيه ما شئتَ من شهرٍ تعهَّدُهُ / في كلّ يومٍ يدٌ للَّهِ بيضاءُ
أُحبُّ المِهْرَجانَ لأنَّ فيهِ
أُحبُّ المِهْرَجانَ لأنَّ فيهِ / سروراً للملوكِ ذوي السَناءِ
وباباً للمصير إلى أوانٍ / تُفتَّح فيه أبوابُ السماءِ
أُشبِّههُ إذا أَفضَى حميداً / بإفضاءِ المَصيفِ إلى الشتاءِ
رجاءَ مؤمِّليكَ إذا تناهَى / بهم بعد البلاءِ إلى الرخاءِ
فَمَهرِجْ فيه تحت ظلال عيشٍ / ممدَّدةٍ على عيشٍ فضاءِ
أخا نِعَمٍ تتمُّ بلا فناءٍ / إذا كان التمامُ أخا الفناءِ
يزيدُ اللَّه فيها كلَّ يومٍ / فلا تنفكُّ دائمةَ النَّماءِ
ويُصْحبُك الإلهُ على الأَعادي / مساعدةَ المَقادرِ والقضاءِ
شهدتُ لقد لهوتَ وأنت عفُّ / مصونُ الدِّين مبذولُ العطاءِ
تَغَنَّتك القيانُ فما تغنَّتْ / سوى محمولِ مدحِك من غِناءِ
وأحسَنُ ما تغنّاك المغنِّي / غناءٌ صاغَهُ لك من ثناءِ
كَمُلْتَ فلستُ أسألُ فيك شيئاً / يَزيدُكَهُ المَليكُ سوى البقاءِ
وبعدُ فإنّ عذري في قصوري / عن الباب المحجَّب ذي البهاءِ
حدوثُ حوادثٍ منها حريقٌ / تَحيَّف ما جمعت من الثراءِ
فلم أسألْ له خَلَفاً ولكنْ / دعوتُ اللَّه مجتهدَ الدعاءِ
ليجعَلَه فداءَك إنْ رآه / فداءك أيها الغالي الفداءِ
وأما قبلَ ذاك فلم يكن لي / قَرارٌ في الصباح ولا المساءِ
أعاني ضيعةً ما زلتُ منها / بِحمدِ اللَّه قِدْماً في عناءِ
فرأيَك مُنعِماً بالصفحِ عنِّي / فما لي غيرَ صفحِك من عَزاءِ
ولا تعتب عليَّ فداك أهلي / فتُضعِفَ ما لقيتُ من البلاءِ
ألم تَرَ لابن بلبلَ إذ حماني
ألم تَرَ لابن بلبلَ إذ حماني / مَواردَهُ وأَوْرادِي ظِماءُ
سألت الأرضَ تنكيراً عليه / فلم تفعلْ فنكَّرتِ السماءُ
وصاعدُ ما تَصعَّدَ بل تَهَاوَى / ولكنْ جادَ ما صَعِد الدعاءُ
رعى هذا الأنامَ فكان ذئباً / أحصَّ وما الذئابُ وما الرِّعاءُ
يُهنَّأُ بالإِفطار قومٌ لأنهمْ
يُهنَّأُ بالإِفطار قومٌ لأنهمْ / تأتَّى لهم قبلَ العَشاءِ غَداءُ
وأما عليُّ ذو العلا فلأنهُ / أطاعَ له الإطعامُ كيف يشاءُ
وما فاته في الصومِ فِطْرٌ لأنهٌ / مُدارِسُ علمٍ والدِّارسُ غذاءُ
ولا فاتهُ في الفطر صومٌ لأنهُ / مواصِلُ صومٍ عُقْبَتاهُ سَواءُ
هنيئاً له إفطارُهُ وصيامُهُ / هنيئاً ومن بعد الهناءِ مَراءُ
بحقِّك أمطرتَ الورى وبحقهمْ / لأنهُمُ أرضٌ وأنتَ سماءُ
المالُ يكسِبُ ربَّه ما لم يَفضْ
المالُ يكسِبُ ربَّه ما لم يَفضْ / في الراغبينَ إليه سوءَ ثناءِ
كالماءِ تأسِنُ بِئرُهُ إلا إذا / خبطَ السُّقاةُ جِمامَهُ بدِلاءِ
والنائلُ المُعْطَى بغيرِ وسيلةٍ / كالماءِ مُغْتَرفاً بغيرِ رِشاءِ
ليس حمدُ الجفون في مَرْيها النوْ
ليس حمدُ الجفون في مَرْيها النوْ / مَ ولا نَفيِها أَذى الأَقذاءِ
إنما حمدُها إذا هي حالتْ / بين طرفِ العيونِ والبُغَضاءِ
أحمدُ اللَّه نيةً وثناءَ
أحمدُ اللَّه نيةً وثناءَ / غُدوةً بل عَشيَّةً بل مساءَ
بلْ جميعاً وبين ذلك حمداً / أبديّاً يُطبِّقُ الآناءَ
حَمْدَ مُستعظمٍ جلالاً عظيماً / من مَليكٍ وشاكرٍ آلاءَ
مَلِكٌ يقدحُ الحياة من الموْ / تى ويَكفي بفضله الأحياءَ
صاغنا ثم قاتنا ووَقانا / بالتي نتَّقي بها الأَسواءَ
من بناءٍ يَكِنُّنا ولَبُوسٍ / ودواء يحارب الأدواءَ
ثم أهدى لنا الفواكه شتّى / والتحياتِ جَلَّ ذاك عطاءَ
عَظُمت تلكمُ الأيادي وجَلَّتْ / فاذكر المَوز واتركِ الأشياءَ
إنما الموزُ حين تُمْكَنُ منهُ / كاسمه مبْدلاً من الميم فاءَ
وكذا فقدُه العزيزُ علينا / كاسمه مبْدلاً من الزاي تاءَ
فهو الفوزُ مثلما فقدُهُ المو / تُ لقد بان فضلُه لا خَفَاءَ
ولهذا التأوِيلِ سَماه موزاً / مَنْ أفاد المعانيَ الأسماءَ
رَبِّ فاجعله لي صبوحاً وقَيْلاً / وغَبوقاً وما أسأت الغذاءَ
وأرى بل أبُتُّ أن جوابي / لا تُغالط فقد سألتَ البقاءَ
يَشهَد اللَّه إنه لطعامٌ / خُرَّميٌّ يُغازل الأحشاءَ
نكهةٌ عذبةٌ وطعم لذيذٌ / سَاعدا نَعمةً إلى نَعْماءَ
وتخالُ انْسرابهُ في مجاري / هِ افتراعَ الأبكارِ والإغفاءَ
لو تكونُ القلوبُ مأوى طعامٍ / نازَعتْهُ قلوبُنا الأحشاءَ
إنني لَلْحقيق بالشِّبَعِ السا / ئغِ من أكلِهِ وإن كان ماءَ
مِن عطايا أبي محمدٍ المح / مودِ ظَرفاً وحكمةً وسخاءَ
وجمالاً مُنَمَّقاً وجلالاً / ووفاءً مُحقَّقاً وصفاءَ
ذلك السيدُ الذي قتل اليأ / سَ بأفضاله وأحيا الرجاءَ
سرّني برَّني رعاني كفاني / جازَهُ السوءُ إنه ما أساءَ
وتخطَّته كلُّ بأساءَ لكن / صادمتْ مِن ورائه الأعداءَ
وتعالتْ به سماءُ المعالي / أو ترى مجدَه السماءُ سماءَ
مَلِكاً يَلْبَسُ الطويل من العُم / رِ ويَحْظى ويَجْبُرُ الأولياءَ
وأما والذي حباني بزُلفا / يَ لديه أليَّةً غرَّاءَ
لأكدَّنَّ للمدائح فيه / فِكَري أو أردَّها أنضاءَ
ومَعَاذَ الإله لا مدحَ يأتي / فيه كَرْهاً بل مُعفياً إعفاءَ
وترانا في مدحهِ كيف كنّا / كالمُعَنَّى في أن يُضيء الضياءَ
إذا ما المدح سار بلا ثواب
إذا ما المدح سار بلا ثواب / من الممدوح فهو لهُ هجاءُ
لأن الناس لا يخفى عليهم / أمنعٌ كان منهُ أم عطاءُ
ما بالُها قد حُسِّنتْ ورقيبُها
ما بالُها قد حُسِّنتْ ورقيبُها / أبداً قبيحٌ قُبِّح الرقباءُ
ما ذاك إلا أنها شمسُ الضحى / أبداً تكون رقيبَها الحرباءُ
يا أخي أين رَيْعُ ذاك اللِّقاءِ
يا أخي أين رَيْعُ ذاك اللِّقاءِ / أين ما كان بيننا من صفاءِ
أين مصداقُ شاهدٍ كان يحكي / أنك المخلصُ الصحيحُ الإخاءِ
شاهدٌ ما رأيت فعلك إلا / غير ما شاهدٍ له بالذكاءِ
كشفَتْ منك حاجتي هَنواتٍ / غُطِّيتْ برهةً بحسن اللقاءِ
تركتْني ولم أكن سَيِّئَ الظن / نِ أسيءُ الظنونَ بالأصدقاءِ
قلت لمّا بدتْ لعينيَ شُنْعاً / رُبَّ شوهاءَ في حَشا حسناءِ
ليتني ما هتكتُ عنكن سِتراً / فثويتُنَّ تحت ذاك الغطاءِ
قلن لولا انكشافُنا ما تجلَّت / عنك ظَلمَاءُ شُبْهةٍ قتماءِ
قلت أعجبْ بكنَّ من كاسفاتٍ / كاشفاتٍ غَواشِيَ الظلماءِ
قد أَفدتُنَّني مع الخُبْر بالصّا / حِبِ أنْ ربَّ كاسفٍ مُستضاءِ
قلن أعَجِبْ بمُهْتَدٍ يتمنَّى / أنه لم يزل على عمياءِ
كنتَ في شُبْهَة فزالت بها عن / ك فأوسعتنا من الإزراءِ
وتمنيت أن تكون على الحي / رةِ تحت العَماية الطَّخْياءِ
قلت تاللَّه ليس مثلي مَنْ وَد / دَ ضَلالاً وحيَرةً باهتداءِ
غير أنِّي ودِدتُ سترَ صَديقي / بدلاً باسْتفادة الأْنباءِ
قُلْن هذا هوىً فعرّجْ على الحق / قِ وخلِّ الهوى لقلْبٍ هواءِ
ليس في الحقِّ أن تودّ لخلٍّ / أنَّهُ الدهرَ كامنُ الأدواءِ
بلْ من الحقِّ أن تُنقِّر عنْهن / نَ وإلَّا فأنت كالبُعَداءِ
إن بَحْثَ الطَّبيبِ عنْ داءِ ذي الدَّا / ءِ لَأُسُّ الشِّفاءِ قبل الشفاءِ
دُونك الكَشْفَ والعتابَ فقوِّم / بهمَا كُلَّ خَلَّةٍ عَوْجاءِ
وإذا ما بدا لَكَ العُرُّ يوْماً / فَتَتَبَّعْ نِقابَه بالهِناء
قُلْتُ في ذاك مَوْتُكُنَّ وما المو / تُ بمُستعذب لدى الأحْياءِ
قُلْن ما الموتُ بالكريه إذا كا / ن بحقٍّ فلا تزدْ في المراءِ
يا أخي هَبْكَ لم تهبْ ليَ من سَع / يك حظاً كسائر البُخلاءِ
أَفَلا كان منك ردٌّ جميلٌ / فيه للنّفس راحةٌ من عَناءِ
أجَزاءُ الصَّديق إيطاؤُهُ العِش / وة حتَى يظلّ كالعشْواءِ
تاركاً سعْيَه اتِّكالاً على سَعْ / يكَ دون الصِّحاب والشُّفعاءِ
كالَّذي غرَّه السَّراب بما خي / يَل حتَّى هراق ما في السِّقاءِ
يا أبا القاسم الذي كنت أرجو / ه لدهْري قَطَعْتَ مَتْن الرَّجاءِ
بِكرُ حاجاتِ من يعُدُّك للشِد / دَةِ طوراً وتارةً للرَّخاءِ
نمتَ عنها وما لمثلك عُذْرٌ / عند ذي نُهيةٍ على الإغفاءِ
قَسَماً لو سألتُ أخرى عَواناً / لتَنمَّرْتَ لي مَعَ الأعداءِ
لا أجازيك من غروركَ إيا / يَ غروراً وُقِّيت سُوء الجزاءِ
بل أَرى صِدْقك الحديثَ وما ذا / ك لبخلٍ عليك بالإغضاءِ
أنتَ عيني وليس من حق عَيني / غَضُّ أَجفانها على الأقْذاءِ
ما بِأمثالِ ما أتيت من الأم / ر يَحُلُّ الفتى ذُرا الْعلْياء
لا ولا يكْسب المحامِد في النا / س ولا يشتري جميلَ الثناءِ
ليس من حلَّ بالمحلِّ الذي أن / ت به من سماحةٍ ووفاءِ
بَذَلَ الوعْدَ للأخلَّاءِ سَمْحاً / وأبى بعد ذاك بذلَ العطاءِ
فَغَدا كالْخلافِ يُورقُ للعي / ن ويأبى الإثمار كل الإباءِ
ليس يرضى الصديقُ منك ببشر / تحت مَخْبوره دَفينُ جَفاءِ
يا أخي يا أخا الدَّماثة والرق / قَة والظَّرف والحِجا والدهاءِ
أتُرى الضَّربة التي هي غيبٌ / خُلْفَ خمسين ضربةً في وَحَاءِ
ثاقِب الرأي نافذ الفكر فيها / غير ذي فَتْرة ولا إبْطاءِ
وتُلاقيك شيعةٌ فيظلّو / ن على ظهر آلةٍ حَدْباءِ
تَهزمُ الجمع أوحديّاً وتُلْوي / بالصَّناديد أيَّما إلواءِ
وَتحُطُّ الرِّخَاخَ بعد الفَرازي / ن فتزداد شدةَ استعلاءِ
رُبَّما هالني وحيَّر عقلِي / أخْذُكَ اللّاعبين بالبأساءِ
ورضاهم هناك بالنِّصف والرُّب / ع وأَدْنى رضاكَ في الإِرباءِ
واحتراسُ الدُهاة منك وإعصا / فُكَ بالأقوياءِ والضعفاءِ
عن تدابيرك اللِّطاف اللَّواتي / هُنَّ أخفى من مُستسرِّ الهباءِ
بل من السِّر في ضمير مُحبٍّ / أدَّبتْهُ عقوبةُ الإفْشاءِ
فإخالُ الذي تُديرُ على القو / م حُروباً دوائرَ الأرحاءِ
وأظُنُّ افتراسَك القِرْنَ فالقر / ن منايا وشيكةَ الإرداءِ
وأرى أنّ رقعةَ الأَدَمِ الأحْ / مر أرْضٌ عَلَّلتها بدماءِ
غلطَ الناسُ لست تلعب بالشِّط / رنج لكن بأنفُس اللُّعباءِ
أنت جِدِّيها وغيرك من يل / عب إن الرِّجال غيرُ النِّساءِ
لك مكرٌ يدبُّ في القوم أخفى / من دبيب الغذاء في الأعضاءِ
أو دبيب المَلالِ في مُسْتهامَيْ / ن إلى غاية من البغضاءِ
أو مَسيرِ القضاء في ظُلمِ الغي / ب إلى من يُريده بالتَّواءِ
أو سُرى الشيب تحت ليل شباب / مُستحير في لِمِّة سَحماءِ
دبَّ فيها لها ومنها إليها / فاكْتَسَتْ لون رثَّة شَمْطاءِ
تَقْتُلُ الشَّاه حيث شِئت من الرُّق / عة طَبَّا بالقِتْلة النّكراءِ
غير ما ناظرٍ بعيْنك في الدَّس / تِ ولا مقبلٍ على الرُّسلاءِ
بل تراها وأنتَ مُستدبرُ الظَّه / ر بقلبٍ مُصوَّرٍ من ذكاءِ
ما رأينا سِواك قِرْناً يُولِّي / وهو يُرْدي فوارس الْهيجاءِ
رُبَّ قَوْم رأوْكَ رِيعُوا فقالوا / هل تكونُ العيون في الأقفاءِ
والفُؤادُ الذكيُّ للمطرق المُع / رِضِ عينٌ يَرى بها من وراءِ
تقرأ الدَّستَ ظاهراً فتُؤدي / ه جميعاً كأحْفظ القُرّاءِ
وتُلَقَّى الصوابَ فيما سوى ذا / ك إذا جار جائرُ الآراءِ
فترى أن بُلغةً معها الرَّا / حةُ خيرٌ من ثَروةٍ وشقاءِ
رؤيةٌ لا خلاج فيها ولولا / ذاك لم تأبَ صحبة ابنِ بُغاءِ
وهو موسى وصاحبُ السيف والجي / ش ورُكْنُ الخِلافة الغلباءِ
بعتَه واشتريت عيشاً هنيئاً / رابح البيع كيَّساً في الشراءِ
وقديماً رغْبتَ عن كل مَصْحو / بٍ من المُتْرفينَ والأمراءِ
ورَفَضْتَ التجارةَ الجمَّة الرِّب / حِ وما في مِراسها من جَداءِ
وهَذَى العاذلُونَ من جهة الرِّب / حِ فخلَّيتهم وطولَ الهُذاءِ
أعْرَضَتْ عنهُمُ عَزَائمُك الصُم / مُ بأُذنٍ سميعة صمّاءِ
حين لم تكْترثْ لقول أخي غِش / شٍ يُرى أنه من النُّصحاءِ
وإذا صحَّ رأيُ ذي الرأي لم تن / ظر بعيني مَشُورةٍ عَوْراءِ
لمْ تبعْ طيب عيشةٍ بفضولٍ / دُوَنها خبثُ عيشةٍ كدْراءِ
تعبُ النَّفس والمهانةُ والذل / لَةُ والخوفُ واطِّراحُ الحياءِ
بل أطعتَ النُّهى فَفُزت بحظٍّ / قَصُرتْ عنه فِطنةُ الأغْبياءِ
راحةُ النفس والصِّيانةُ والعف / فَةُ والأمنُ في حياء رَواءِ
عالماً بالذي أخذتَ وأعطي / تَ حكيماً في الأخذ والإعْطاءِ
جَهبَذَ العَقل لا يفوتك شيءٌ / مِثلُهُ فاتَ أعينَ البُصَراءِ
غيرَ مُستنزِلٍ عن الوضَح الأط / لس بالزائف الصبيح الرُّواءِ
قائلاً للمشيرِ بالكدحِ مهلاً / ما اجتهادُ اللَّبيبِ بعد اكتفاءِ
قرّبَ الحِرْصُ مركباً لشقيّ / إنما الحرصُ مركبُ الأشقياءِ
مرحباً بالكفافِ يأتي هنيئاً / وعلى المُتعِبات ذيلُ العفاءِ
ضَلةً لامرئٍ يُشمِّرُ في الجم / ع لعيش مُشَمِّرٍ للفناءِ
دائباً يكنز القناطير للوا / رِث والعُمرُ دائباً لانقضاءِ
حبذا كثرةُ القناطير لو كا / نت لربِّ الكنوزِ كنزَ بقاءِ
يَغْتدي يَرْحم الأسيرُ أسيراً / جاهلاً أنه من الأُسَراءِ
لا إلى الله يذهب الحائرُ البا / ئرُ جهلاً ولا إلى السراءِ
يَحسَبُ الحظَّ كله في يديه / وهو منه على مدى الجَوزاءِ
ليس في آجلِ النَّعيم له حظ / ظٌ وما ذاقَ عاجلَ النَّعماءِ
ذلك الخائبُ الشقي وإن كا / ن يُرى أنّهُ من السُّعداءِ
حَسْبُ ذي إرْبةٍ ورأيٍ جَليٍّ / نَظَرتْ عينه بلا غُلواءِ
صحةُ الدينِ والجوارح والعرْ / ضِ وإحرازُ مُسكة الحوباءِ
تلك خيرٌ لعارِف الخير مما / يجمعُ الناسُ من فضولِ الثراءِ
ولها من ذَوي الأصالة عُشَّا / قٌ وليسوا بتابِعي الأهواءِ
ليس للمكثر المُنغَّص عيشٌ / إنما عيشُ عائشٍ بالهَنَاءِ
يا أبا القاسم الذي ليس يخفَى / عنه مكنُونُ خُطَّةٍ عَوْصاءِ
أتَرَى كل ما ذكرتُ جليّاً / وسواهُ من غامض الأنحاءِ
ثم يَخْفَى عليك أنّي صديقٌ / رُبَّما عزَّ مِثلُه بالغَلاءِ
لا لَعَمرُ الإله لكن تعاشي / تَ بصيراً في ليلةٍ قَمراءِ
بل تعامَيْتَ غير أعمى عن الحق / قِ نهاراً في ضَحوةٍ غرّاءِ
ظالماً لي مع الزمانِ الذي ابتَز / زَ حقوقَ الكرام للُّؤماءِ
ثَقُلتْ حاجتي عليك فأضحتْ / وهي عبءٌ من فادحِ الأعباءِ
ولها محمِلٌ خفيفٌ ولكن / كان حظّي لديك دونَ اللَّفاءِ
كان مقدارُ حُرمتي بك في نف / سك شيئاً من تافِه الأشياءِ
فتَوانَيْت والتواني وَطيءُ ال / ظَهرِ لكنَّه ذَميمُ الوِطاءِ
كنت ممن يرى التشيُّعَ لكنْ / مِلتَ في حاجتي إلى الإرْجاءِ
ولعَمْرِي لقد سعيتَ ولكن / نَك عذّرت بعد طول التواءِ
فتَنزَّه عن الرياء فتعذي / رُك في السعيِ شُعبةٌ من رِياءِ
ليس يُجدي عليك في طلب الحا / جاتِ إلا ذو نيةٍ ومضَاءِ
ظلمت حاجتي فلاذتْ بحقْوَيْ / ك فأسلمتها بكف القضاءَ
وقضاءُ الإله أَحوط للنا / س من الأمهات والآباءِ
غير أن اليقين أضحى مريضاً / مرضاً باطِناَ شديدَ الخفاءِ
ما وجدتُ امْرَأً يرى أنه يو / قِن إلّا وفيه شَوْبُ امْتِراءِ
لو يصحُّ اليقينُ ما رَغِبَ الرا / غبُ إلّا إلى مَليكِ السماءِ
وعَسيرٌ بلوغُ هاتِيكَ جداً / تلك عُليا مَراتِب الأنبياءِ
كنتُ مستوحشاً فأظهرتَ بَخساً / زادني وحشةً من الخلطاءِ
وعزيزٌ عليَّ عَضِّيكَ باللو / م ولكنْ أصبتَ صدري بداءِ
أنت أدْوَيتَ صدر خِلِّك فاعذر / هُ على النَّفثِ إنه كالدواءِ
لا تلومنَّ لائماً وضع اللَّو / ماءَ في كُنه موضع اللَّوماءِ
إنْ تكن نفحةٌ أصابتك من عَذ / لي فعمّا قدحتَ في الأحشاءِ
يا أبا بكرٍ المُشارَ إليه / بانقطاعِ القَرين في الأُدباءِ
قد جعلناك حاكماً فاقض بالحق / قِ وما زلتَ حاكم الظرفاءِ
تأخذ الحقَّ للمُحقِّ وتنهى / عن ركوب العَداء أهلَ العداءِ
ليس يؤتى الخَصمانِ من جَنَفٍ في / ك ولا من جهالةٍ وغباءِ
هل ترى ما أتى أخوكَ أبو القا / سم في حاجتي بعينِ ارتضاءِ
لي حقوقٌ عليه أصبح يلْوي / ها فَطالِبْهُ لي بوشْك الأداءِ
لست أعتدُّ لي عليه يداً بي / ضاءَ غير المودة البيضاءِ
تلك أو أنني أخٌ لو دعاه / لمُهمٍّ أجاب أُولى الدعاءِ
يتقاضى صديقَهُ مثل ما يب / ذل من ذات نفسه بالسواءِ
وأُناديك عائذاً يا أبا القا / سم أفديك يا عزيزَ الفداءِ
قد قضينا لُبانةً من عتاب / وجميلٌ تَعاتُبُ الأكفاءِ
ومعَ العَتْب والعتابِ فإني / حاضرُ الصفح واسعُ الإعفاءِ
ولك الوُدُّ كالذي كان من خِل / لك والصدرُ غيرُ ذي الشّحناءِ
ولك العذر مثل قافيتي في / ك اتساعاً فإنها كالفضاءِ
وتأمّلْ فإنها ألِفُ المد / دِ لها مَدّةٌ بغيرِ انتهاءِ
والذي أطلق اللسان فعاتَبْ / تُك عَدِّيكَ أوَّلَ الفُهماءِ
لم أخفْ منك غلطةً حين عاتب / تُك تدعو العتابَ باسم الهجاءِ
وأنا المرءُ لا أسومُ عتابي / صاحباً غيرَ صَفوةِ الأصفياءِ
ذا الحِجا منهُمُ وذا الحِلمِ والعل / مِ وجهلٌ ملامةُ الجُهَلاءِ
إن من لام جاهلاً لَطَبيبٌ / يتعاطى علاج داءٍ عياءِ
لستُ ممّن يظلُّ يربَع باللوْ / مِ على منزلٍ خلاءٍ قَواءِ
إذا أنت لم تَحْفل بمدحٍ من امرئٍ
إذا أنت لم تَحْفل بمدحٍ من امرئٍ / فأنصِفْ ولا تَحْفِل له بهجاءِ
وإلا فقد أقررتَ أن مديحَهُ / رَضِيٌّ ولكن لا تفي بجزاءِ
بلى بجزاءِ الشرِّ بالشر ماهرٌ / ولستَ تُجازي مُحسناً ببلاءِ
يدٌ خُلقت للنُّكر لا العُرف سَلْطةٌ / صَؤول على سُؤّالها الضعفاءِ
قدم الإمامُ يسير تحت لوائه
قدم الإمامُ يسير تحت لوائه / سَيْرَ السكينةِ سيدُ الأمراءِ
شمسٌ وبدر يشفيان ذوي العمى / وهما سراجا أعينِ البُصراءِ
لا عيبَ عند ذوي التُّعنتِ فيهما / إلّا انفرادُهما عن النظراءِ
كم قد تخلَّف عنهما من سابقٍ / غيرِ الوزير مُبَرِّزِ الوزَراءِ
يا أيها الرجل المُدَلِّسُ نفسَه
يا أيها الرجل المُدَلِّسُ نفسَه / في جملةِ الكُرَماء والأدباءِ
بالبيتِ يُنْشِدُ رُبعَه أو نصفَه / والخبزِ يُرزَأُ عنده والماءِ
تدليسه عند الكواعب لمَّةً / مخضوبةً بالخِطْر والحنّاءِ
لا تكذبنَّ فإن لُؤمكَ ناصلٌ / كنُصولِ تلك اللِّمّةِ الشمطاءِ
يقولون ما لا يفعلون مسبّةً
يقولون ما لا يفعلون مسبّةً / من الله مسبوبٌ بها الشعراءُ
وما ذاكَ فيهم وحدَه بل زيادةٌ / يقولون ما لا يفعلُ الأمراءُ
قد بُلينا في دهرنا بملوكٍ
قد بُلينا في دهرنا بملوكٍ / أدباءٍ عَلِمْتُهمْ شعراءِ
إن أجدنا في مدحِهم حسدونا / فحُرِمنا منهُمْ ثوابَ الثناءِ
أو أسأنا في مَدْحهم أنَّبونا / وهَجَوْا شعرَنا أشدَّ هجاءِ
قد أقاموا نفوسَهم لذوي المدْ / حِ مُقامَ الأندادِ والنظراءِ
يومُ الثلاثاء ما يومُ الثلاثاءُ
يومُ الثلاثاء ما يومُ الثلاثاءُ / في ذِروة من ذُرا الأيام علياءِ
كأنما هو في الأسبوعِ واسطةٌ / في سِمْطِ دُرٍّ مُحَلٍّ جيدَ حسناءِ
ما طابق اللَّهُ نيروزَ الأمير به / إلّا لتلقاهُ فيه كلُّ سَرّاءِ
لا سيما في ربيع مُمْرعٍ غَدقٍ / ما انْفَكّ يُتْبعُ أنواءً بأنواءِ
حتى لشبَّهتُ سُقياه وزَهرتَه / جَدوى أبي أحمدٍ أو وشيَ صنعاءِ
لم يبقَ للأرض من سرٍّ تُكاتمهُ / إلّا وقد أظهرتْهُ بعد إخفاءِ
أبدت طرائفَ شتّى من زَواهرها / حُمراً وصُفراً وكلٌّ نبتُ غبراءِ
فاسعدْ بنيروزك المسعودِ طالعهُ / يا ابن الأَكارم في خَفضٍ ونعماءِ
وأعطِ نفسك فيه قِسط راحتها / إن العلا ذاتُ أثقالٍ وأعباءِ
قد كان عيداً مجوسياً فشرَّفهُ / ملهَاكَ فيه وما تلهو بفحشاءِ
لكن بأشياءَ يهتزُّ الكريمُ لها / جُوداً فيُسني العطايا أيّ إسناءِ
جادت يمينُك في النيروز فائضةً / بالمالِ إذ جاد فيه الناسُ بالماءِ
لا زلت تنسخ نيروزاً مُعوَّلُهُ / على الذي فيك من صفحٍ وإغضاءِ
لم نُهدِ شيئاً لأن الناس مذ أرِبوا / عابوا الهديةَ إلّا بين أكفاءِ
إن العبيدَ إذا أهدتْ لسادتها / فقد تعدَّت وأَربتْ كلَّ إرباءِ
إلّا الثناءَ فإني لست أنكِرُهُ / أو الدعاءَ لذي نُعمى وآلاءِ
عاقنا أن نعود أنك أوْليْ
عاقنا أن نعود أنك أوْليْ / تَ أموراً يضيق عنها الجزاءُ
غمرتْنا منك الأيادي اللَّواتي / ما لِمعْشارِها لدينا كِفاءُ
فنهانا عنك الحياءُ طويلاً / ثم قد ردنا إليك الحياءُ
ولَمَا حَقَّ إن قَرُبْتَ التنائي / ولَمَا حَقّ إن بَرَرْتَ الجفاءُ
غير أنّا أَنضاءُ شُكرٍ أُريحتْ / وقديماً أريحتِ الأنضاءُ
وظَمِئنا إلى الشراب وأنت الْ / بحرُ يَروى في جانبيه الظِّماءُ
فاسقنا من شرابك الرائق العذْ / بِ ولا تَحمِنا سَقتكَ السماءُ
من عتيقٍ كأنه دمعةُ المه / جور يبكي وعينهُ مَرْهاءُ
يقدحُ الصبحَ في الظلام ويأبى / أن يُرى في فِنائه الإمساءُ
سَبغتْ نِعمةٌ ودام صفاءُ
سَبغتْ نِعمةٌ ودام صفاءُ / ووقاك الحوادثَ الأكْفاءُ
يا ابن من جلَّ أمره وأجلَّتْ / هُ ولاةُ العهود والخلفاءُ
لم يُصَفِّ الدواءُ جسمَك إلا / عن صفاءٍ كما يكون الصفاءُ
فلأعدائك البشاعةُ منه / ولك النفعُ دونهم والشفاءُ
أسقط المدحَ فيك أن لم يُبِنْ من / ك خفياً وهل بصبحٍ خفاءُ
فالبس العفو والمُعافاة ثوباً / وعلى الكارهينَ ذاكَ العَفاءُ
ووقاكَ الإلهُ ما تتوقَّى / في بقاءٍ للنفس فيه اكتفاءُ
فُوكَ مَجْنى حِجاً ووجهك شمسٌ / ويميناك مُزنةٌ وَطْفاءُ
يا طالباً عند الإمام هوادةً
يا طالباً عند الإمام هوادةً / مهلاً وحسبُك مُنذراً شَشْداءُ
حَكم الإمامُ عليه حكماً فيصلاً / مرَّ السِّراط فليس فيهِ عداءُ
حَكَم الإمامُ عليه بالحكم الذي / قَسَم السَّواء فليس فيه خَطاءُ
حُكمٌ أحدُّ أحصُّ أبلجُ واضحٌ / لا أولياءَ له ولا أعداءُ
يأبى محاباةَ الأحبة عدلهُ / فأخوه فيه والغريبُ سواءُ
دامت سلامتُه وطال بقاؤه / ومع البقاء العزُّ والنعماءُ
عينيَّ شُحَّا ولا تَسُحَّا
عينيَّ شُحَّا ولا تَسُحَّا / جلَّ مُصابي عن البكاءِ
تركُكُما الداءَ مُستكنّاً / أصدقُ عن صحةِ الوفاءِ
إن الأسى والبكاءَ قِدْماً / أمرانِ كالداء والدواءِ
وما ابتغاءُ الدواءِ إلا / بُغْيا سبيل إلى البقاءِ
ومُبتغِي العيشِ بعد خِلٍّ / كاذِبُهُ خُلَّةَ الصفاءِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025