قد خصَّك الرحمن في آلائه
قد خصَّك الرحمن في آلائه / فدعاك داعيه لدار لقائه
عمت رزيتك السما والأرض يا / داعي هداه بأرضه وسمائه
يا محيي الدين الحنيف تلافه / فالدين أوشك أن يموت بدائه
أوقدت أنوار الهدى من بعدما / قد جدَّ أهل الكفر في إطفائه
ورفعت للتوحيد راية باسل / ردَّ الضلال منكِّساً للوائه
يا باري القلم الذي إن يجرِ في / لوح أصاب الشرك حتم قضائه
ما السمر تشبه منه حسن قوامه / كلا ولا الأسياف حدَّ مضائه
عجباً له يملي بيانَك أخرساً / وترى الأصمَّ ملبّياً لدعائه
هو معجز طوراً ويسحر تارة / أهلَ الحجى إن شاء في إنشائه
قد نلت نمنه مشحطاً بمداده / أجر الشهيد مشحطاً بدمائه
كم من مريض ضلالةٍ أشفى وقد / كنت الضمين لبرئه وشفائه
يا من أغاث الدين عند ندائه / فكفاه ما يلقاه من خصمائه
اليوم أصبح شاكياً متألماً / لما انفصلت وأنت من أعضائه
لما ركدت وأنت ينبوع الهدى / أذويت غصن الحق بعد نمائه
كلاّ لقد أبقيت ذكراً خالداً / يفنى طويل الدهر قبل فنائه
لك عاد بطن الأرض أفسح منزل / والكون بعدك ضاق رحب فضائه
جاورت مرقد حيدر إذ لم تزل / ما عشت معتصماً بحبل ولائه
شقُّوا ضريحك في الصعيد وودَّ لو / قد شقَّه الإِسلام في أحشائه
لم تألُ جهدك بالجهاد كأنّما / خوطبتَ وحدك دوننا بأدائه
ووقفت نفسك في المواقف كلها / لحماية الإِسلام من أعدائه
ومنيت مدة ما حييت معانيا / إصلاح ما يلقاه من أبنائه
حتى بنفسك جُدتَ تفديه ومن / مثل الجواد بجوده وفدائه
إن كان صرح الدين هُدَّ فطالما / شيَّدتَ في الدنيا رفيع بنائه
لله رزؤك مذ أطلَّ على الهدى / أنساه ما قد مرَّ من أرزائه
ليس المجاهد عنه في أسيافه / مثل المجاهد عنه في آرائه