المجموع : 3
عبثت بلبك وجنة حمراء
عبثت بلبك وجنة حمراء / أم لاعبتك ذؤابة سوداء
أم مرت النفحات وهي بليلة / فتحركت بحراكها الأهواء
أم اسهرت عينيك أخبار الألى / منعوا الرضا فتمنع الاغفاء
أم جاد المام الخيال بزورة / ثم أرعوى فألمت البرحاء
أم جددت ذكرى الشباب لك الأسى / أين الشباب وأين منه وفاء
كم مر في الماضين مثلك مدنف / عز الدواء له وأعيا الداء
ولو أن دائرة النجوم تعشقت / ما دار في قطب لها أرحاء
ومن التعلل ان تطارحك المنى / ما في مطارحة المنى استغناء
يا صاحبي ما عز قط لطالب / إلا الصديق واخته العنقاء
هل فيك من صلة فتطرق بي الحمى / جادتك يا نادي الحمى انداء
حي يروقك منه كيف لحظته / رشأ أغن وروضة غناء
وإذا سألت عن الفؤاد فإنما / هتفت به يوم الحمى ورقاء
تشدو فيسعدها البكاء على الأسى / ولربما نقع الغليل بكاء
ولقد ذكرت بذي الأراكة منزلا / نشرت جناحيها به السراء
حيث الكؤوس كأنهن حمائم / وكأن لجلجلة الكؤوس غناء
ومذائب الفدران يطفح ماؤها / والدوح ترقص تحته الأفياء
واللثم يمتص الخدود كأنها / ديم الندى ظفرت به رمضاء
حلت به حلل الشقيق كأنما / صبغت حواشي جانبيه دماء
الراح تسكب في الزجاج كأنها / نار أحاط بجانبيها الماء
والجو وعث بالغيوم قد التقت / فيه الصفوف وضاق منه فضاء
فكان مرتكم السحاب عساكر / وكأن خافقة البروق لواء
للَه من لو هم يسكب كأسها / غابت على آثاره الندماء
حتى إذا دبت بهم نشوانها / خروا لها موتى وهم أحياء
من عاذري في وجنة موشية / زرت عليها اللامة الخضراء
لا تعجبن من اصفراري في رشا / حجبته عني الكلة الصفراء
علقت بأذيله النوى فكأنما / طارت بلب حشاشتي الكوماء
لم يشجني إلا ترقرق مرشف / تحميه عني الطعنة النجلاء
ويروقني للثم خد مقرطق / تنشق عنه شقيقة حمراء
ويشوقني الشنب الشتيت كأنما / نفضت عليه صباغها الصهباء
كل المحاسن للقلوب جواذب / وأخصهن المقلة الكحلاء
يا قلب جعجع عن هواك فقد ذوت / تلك الرياض وجف ذاك الماء
لا تطمعن من الهوى بمخائل / هي ضلة للدهر واستهزاء
إن ضاع شعرك في الغرام فإنما / بمديح أسعد تسعد الشعراء
ملك كأن الجود أقسم باسمه / أن لا ترى بوجوده فقراء
آلاؤه مثل النجوم سوافرا / في كل ناحية لها لألاء
علم يمد العلم من أنواره / فأنما هو للضياء ضياء
فلك أحاط بكل شيء وسعه / فالبحر فيه والخليج سواء
ولكل ليث من سطاه تحذر / ولكل غيث في نداه رجاء
يرعى المعالي الغر خير رعاية / فكأنهن الأهل والأبناء
يرنو بنور اللَه حيث تراكمت / حجب الغيوب وطبق الأخفاء
متهلل بالمكرمات كأنما / غذيت نمير لبانه الوطفاء
صلت الجبين كأن غر هباته / درر النجوم وداره الجوزاء
في كل يوم للنضار كتائب / وله عليها الغارة الشعواء
لم يبق باق للضلال برشده / إن الظلام تميته الأضواء
قد صافحت منه المكارم سيدا / بفعاله تتوج العلياء
ويهزه بذل النوال فينثني / فكأن راح الأريحي عطاء
ظفرت يد الرواد منه بمخصب / ثبتت براحة كفه الآلاء
إن المناقب كلهن بقية / من بعض ما تركت له الآباء
لم يقترن بدنية ومن الهدى / والفضل والتقوى له قرناء
يقضي على المتمردين بأنمل / للناس منها نعمة وشقاء
وتدور شهب المكرمات بداره / فكأنما أرض الكريم سماء
طلق اليدين تكاد أنواء الحيا / تحكيه لو لم تسقط الأنواء
تلقي إلى يده الأمور عنانها / فيصرف الأشياء كيف يشاء
كحلت به عين السعود وركبت / في ساعديه شجاعة وسخاء
وبل تسيل بل البطحاء وبارق / في كل مقتدح له إيراء
ملك متى طلعت طلائع رأيه / نكصت على أعقابها الآراء
من آل أحمد والمقدسة التي / للمجد منها الطلعة الزهراء
ومطلق الدنيا ثلاثا لم يكن / لتغره البيضاء والصفراء
شهدت له سود الوقائع إنه / في كلهن له اليد البيضاء
يا أيها الهادي إلى طرق التقى / وكذا هداة العالم العلماء
أشكو إليك حوادثا دهرية / ضلت بها من قبلنا القدماء
تغضي عن السفل الرعاع ومالها / عن وجه ذي الشيم العلى أغضاء
فإليك معتصم الطريد ثوت به / لحضيضها البأساء والضراء
إن الهدى علم وأنت مناره / إن العلى قمر وأنت سماء
ولانت أكرم جوهر من معشر / بيض إذا اعتكر الزمان أضاؤا
يحمى نزيلهم ويأمن جارهم / ولو استجارت فيهم الأعداء
أنتم بنو المختار ليس بمنكر / لكم الندى والعفو والإعفاء
ما شأنكم نقض العهود وشأنكم / إبرام عهد المجد والإيفاء
فاجدر ذيول الفخر إن أصوله / وفروعه أسلافك النجباء
بكم تشرف جبرئيل وأوجبت / لكم عليه مودة وولاء
أني اهنئكم بعيد أكبر / ووجوهكم شرف له وهناء
بل أنتم للعيد عيد أكبر / بأساؤه بوجودكم سراء
لازلتم عون الضعيف وركنه / ما ضوعت بولاكم النعماء
لمعت بروقهم على الدهناء
لمعت بروقهم على الدهناء / فانحل عقد الدمعة الحمراء
عرب متى انتشق العليل عرارهم / كانت رياحهم رياح شفاء
من كل مكحول اللحاظ باثمد / يجلو غشاء الطخية العمياء
يستل من جفنيه أرهف صارم / فخرت به الموتى على الأحياء
وإذا ذكرت حديث ربرب ضارج / لا تنس ذكر أهلة الزوراء
بلد يفور الحسن من جنباته / فوران غيث من عيون سماء
هي بلدة أم جنة أم وجنة / شرقت بماء الدمية الادماء
لم أنس ذكر الغيد إذ صارمنني / وعلمن أن بقاءهن بقائي
أيام كانت للملاح موردا / تنشق عنه مصادر الاهواء
أيام ما كانت تفيق من الهوى / حتى استدارت دورة الاسواء
أترى الزمان درى بما أوعى لنا / إن الزمان وعاء كل بلاء
ونفائس الدنيا لأهل زمانها / كالماء خانته فروج إناء
للَه قوم كلما غلت النوى / رخصت نفوسهم على الأهواء
وجدوا بمفنية الغرام بقاءهم / فمشوا إليها مشية الغرماء
فهموا إشارات الهوى قبل الهوى / ما أقنع الأكياس بالإيماء
اشقيتموني بعد إسعادي بكم / والمرء بين سعادة وشقاء
نبهتموني للغليل وإن أكن / عن لذة الإغفاء في إغفاء
لي فيكم قلب يقلبه الجوى / في بردتين مودة ووفاء
ومحاجر نجل الجراح كأنها / شرقت بوخز الطعنة النجلاء
يا أهل ودي هل يضيء زماننا / فيعود فيء الدوحة الخضراء
حي اللويلات التي سلفت لنا / ما بين سالفتي سنى وسناء
حيث الصبا حالي الأديم كأنما / تلوى عليه ضفيرة الجوزاء
لا تنكروا دمع المحب فإنه / كرة تدفق من كرات الماء
ودعوا حجاب البين فيما بيننا / يا شمس لا تتبرقعي بسماء
يا صاحبي ترفقا بي إنني / كالريح قد علقت بذيل هباء
لا تطلبا مني الهدواء فإنني / أعددته هديا ليوم لقائي
ومتى دعا داعي الصلاح فإن لي / أذنا إليه شديدة الاصفاء
ضمئت لبارقة الفراق مفارقي / فليهنهن اليوم ري بكائي
تسقى بأدمعي الديار كأنها / غلل تبل بديمة وطفاء
يا بينهم كن كيف شئت فإنما / برحائي الأولى بهم برحائي
هيهات توقفني على سلوانهم / سارت مطايا الحب في الأعضاء
يا بعد أن غطى حجابك عنهم / فالشوق يهتك ستر كل غطاء
أنا من علمت رضعت ثدي وصالهم / وعلى الولاء طبعت والإيفاء
إن عيل صبري من أذاك فإنما / ذاك الزناد كبا عن الإيراء
كنا نشاوى اللهو قبل وداعهم / واليوم طارت نشوة الصهباء
أتروم مني اللهو صوح عوده / هيهات أدلي في المحال دلائي
يا محدرا بالبيض دون مزاره / سيل البطاح بأنفس الأمراء
لم أطو كشحا عن هواك وإنما / علق الفراق بأذيل الرفقاء
كم بت أرعى السائرات كأنني / منها أراقب أعين الرقباء
خانت بذمتي الخطوب وهل لها / إلا الكريم بقية الكرماء
المدرك الأمد البعيد بسابق / من دون خطوته بلوغ ذكاء
الخارق النوب الشداد برأيه / خرق الصباح غلالة الظلماء
شغف الصبا منه بأبلج واضح / سالت عليه غدائر العلياء
يحيي براحته السخاء وربما / تؤذي شحيح الطبع ريح سخاء
القاتل الآلاف يوم كريهة / والواهب الآلاف يوم عطاء
والطاعن البهم الكماة بنافذ / يمضي مضاء النار في الحلفاء
قناص حرب يعتري آسادها / فيصيدها بالصعدة السمراء
وأخو السجايا المفدقات كأنها / أخلاق كل ملثة وطفاء
ريحانة الأدباء بل ياقوتة / الأمراء بل اقليدس الحكماء
ذو راحتين يد على العادي ردى / ويد جدى وندى على الفقراء
وأغر في مرآة جوهر علمه / لاحت وجوه غوامض الأشياء
ينبوع روحانية الحكم التي / تنهل بالأنوار والأنواء
قيسي رأي لا ترى آراءه / إلا ملوك رعية الآراء
عبل الجلاد رقيق حاشية الندى / للمجد فيه مجامع الأهواء
لم تنكر الأيام حدة عزمه / فأتته ماشية على استحياء
يا ابن الذين إذا تعطلت الوغى / كانوا حلي عواطل الهيجاء
والمرتقين إلى ثنيات المنى / بسراة كل طمرة جرداء
والسائقين إلى الملوك سحائبا / لا تستهل بغير ماء دماء
إن شف وصفك عن ملاحظة النهى / فالماء لا يبدو لعين الرائي
وإذا اتخذت لك النوال تميمة / فالمكرمات تمائم الكرماء
خفيت معانيك الحسان عن الورى / والكيمياء أحق بالإخفاء
فاسلم ودم في عيشة شرفية / تنحط عنها همة الشرفاء
للسعد في كلتا يديك أزمة / ولحادثات الدهر طوع أماء
فأنا ابن ودكم الطبيعي الذي / كانت مودته من القدماء
يا آل بيت اللَه كل من ابتلى
يا آل بيت اللَه كل من ابتلى / لم ينج إلا فيكم أهل الولا
لكم كأبراج السماوات العلى / حفر بطيبة والغرّي وكربلا
وبطوس والزّورا وسامراء /
يا من غداة قضوا بنو الدنيا قضت / ومجامع الخيرات منذ مضوا مضت
إلا قبوراً كالبوارق أو مضت / ما جئتهم في حاجة إلا انقضت
وتبدل الضراء بالسراء /