القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حسن الطّويراني الكل
المجموع : 43
كُل العَوالم مَهما سر أَو ساءَ
كُل العَوالم مَهما سر أَو ساءَ / فَلَيسَ إِلاك يَقضى كُلَّ ما شاءَ
نَرى الحَوادث بُرهاناً عَليك فَما / تَنفكُّ تشكر من جَدواك آلاءَ
شَيَّأتَ ما شئته من منشأ عدمٍ / جعلته لشموس الحَق أَفياء
لِذاك أَصبحت الأَكوان شاهِدَةً / بالحق للخلق في المَعنى أَدلّاء
أَخفيت جَوهر كَونٍ ذاتُه عَرضٌ / إلا على كُنهِ كُنهٍ عَزَّ إخَفاء
فَمَن هديتَ اِهتَدى أَو لا فَلا عَجَبٌ / أن لَيسَ يَدري بسر الذات أَسماء
قَد يَهتدي بِنُجوم اللَيل ذُو بَصَرٍ / وَقَد يَضل ضياء الشَمس عَمياء
تُدني وَتُقصي بِأَقدارٍ مقدّرة / كَتبتها أَنتَ إِبداعاً وَإِنشاء
جَعلتَني بَشَراً لا النفس طائِعتي / وَلَستُ أَعصي لَها في الغَي أَهواء
جِسمي وَرُوحي غَيري مَن أَنا فَأَنا / أَبغي سِوى العَجز إطراباً وَإِطراء
يا مالكَ الرُوح يُشقيها وَيُسعدها / وَحافظ الجسم إفناء وَإبقاء
أَوجَدت مِن عَدمٍ رُوحي وَكُنت لَها / أَوقاتَ لَم أَدر فيها الطين وَالماء
مَتَّعتني في صَفاء القُدس مُنفَرِداً / مطهَّراً لَم أَخَف رجساً وَبأساء
يا طيب ذا العَهد أذ روحٌ مجردة / لَم تَحتبس بِحَواسٍ صرنَ أَعداء
إِذ جانبُ القُربِ بِالإِيناس يُطربنا / لَم نَدر آدم إِذ يستجلي حَواء
كانَت مَواطنَ صَفو لا يكدرها / هَمُّ السوى وَيَروق الكل أَجزاء
كُن لي إلهى كَما قَد كُنت لي قِدَماً / وَأَهدني سبلاً للرُشد فَيحاء
خَرَجت مِنها وَلا ذَنبٌ أَحاذره / وَها أَعود لَها حُمِّلت أَسواء
فاقبل عَلى مُقبلٍ بِالذلِّ معترفٍ / بِالعَجز ملتمسٍ بِالبُؤس نعماء
وَاغفر ذنوباً إِذا لَم تُغتَفَر فَضحت / فَسوّدت مِن جَمال الستر بَيضاء
وَارحم فَتىً طالَما لذَّ الهيامُ لَهُ / فَذلَّ عَن بابك العالي وَقَد جاء
لا تجعلنّي إلهي عِندَما اِكتسبت / نَفسي فَقَد كسبت كَفّاي ما ساء
وَكُن لعقبى عُبَيد أَنت كُنت لَهُ / مِن قَبل أَن تَجعَل الأَشياء أَشياء
وَاجعل شفاعة خَير الخَلق ناصرَه / لديك إن أَعوز العز الأَذلاء
وَصلِّ رَبي عَلَيهِ كلما ابتسمت / ثُغور زَهرٍ فَهاج النوحُ وَرقاء
تلك أعلامنا وهذا الثواءُ
تلك أعلامنا وهذا الثواءُ / قف لنبكي إن كان يغني البكاءُ
قف نجرِّرْ قديمَ وجدٍ بذكرى / ههنا كان قومنا القدماء
إيه عيش الديار لو أبت أو لم / يَعرُ أيامك العزاز انقضاء
إيه جمعٌ لو لم يفرقه صرفٌ / كنت تزهى لو لم يخنك الوفاء
إيه عهد الشباب والعمر غضٌّ / والليالي بأهلها وضّاء
خبريني وأنت لا تخبريني / ولها العذر إنها بكماء
ليت شعري وأي واد وشِعبٍ / طاب للقوم تربُه والهواء
هذه أرضهم وهذا حماهم / بارحوا فاغتدوا وهم نزلاء
تركوا موطنا فحلوا السوى فاس / توطنوه أم هم به غرباء
يا لها وقفةً على الرسم أضحى / لا يجيب النداء إلا النداء
لا تروِّعْ عن الرغاء المطايا / فالمطايا حنينهنَّ الرغاء
لا تُرَعْ إنها تفي بهواها / ليس تنسى وجينَها الوجناء
ذكرت عهدها القديم فحنت / ولها الشكر إنها عجماء
خلها ترو وادياً بدموعٍ / طالما قد غذاها منه الكلاء
خلها خلها تنوح وتبكي / كلنا في ادكارِ عهدٍ سواء
فهواها مؤالف وربوض / وهوانا الأحباب والاحياء
وكلانا مكلف بنُواح / حيث شط الأليف والأصفياء
لهف نفسي على مرابع أنسي / كيف بادت وقد علاها العفاء
غير الدهر حسنها وشبابي / إنه غير راحم عدّاء
لم يرق عينه نعيمٌ مقيمٌ / راقه البين بعده والشقاء
كنت أهوى البقاء واليوم أرجو / بعض ذاك اللقا وأين اللقاء
رُبَّ ليلٍ بجمع شمل نضير / ذي سواد له اليدُ البيضاء
رب قَدِّ إذا تمايل عُجباً / هجرت غصنَها به الورقاء
رب وجهٍ إذا تبدى كبدرٍ / حسنت أرضها عليه السماء
رب خالٍ متى علا وردَ خدٍّ / هام روضٌ وَجنّت السوداء
رب لحظٍ إِذا رنا وَهوَ ساجٍ / أَوجبت سلبَ عقلِها الكهرباء
رب صدرٍ من خالص النور تهوَى / لَو حكته الجنة النضراء
رب ثغر عن كَوثر الخُلد ينبي / تتشهى رضابَه الصَهباء
رب شعر أَمدَّ من طول حزني / تتمنى سوادَه الليلاء
رب صب هوى الجَمال فَأَضحى / مستهاماً تُبيدُه البَيداء
عجباً لِلنَوى تفرّق جَمعاً / طال ما جمّعت لَهُ الأَهواء
ما علمنا لذلك العيش قدراً / وَبِهَذا تحوّل النعماء
إيه نفس اقصري فَقَد بَعُد العَه / دُ وَأَسمت رقيَّها العَنقاء
ليسَ ماض يُرَدّ أَو مُقْبِلٌ يُد / رَى ولا الحال يزدهيها البَقاء
فاترك الهَمَّ ما استطعت وسلّ ال / نفس إِذ يقتل الرَشادَ العَناء
والزم الصَبر وَاستعنه فيا كم / نعَّمت بالَ صابرٍ بأساء
كَيفَ تَرجو دَوام حال محال / ما استطاعَت بلوغه الحكماء
كَيفَ تَهوى الثبوت منها وَعَنها / تَتَلقّى التلوّن الحرباء
انظر الوَجه وَاعرف الكنه مِنهُ / وَتزّود تُقاك فهوَ النَماء
إِن أَيامنا لَهنَّ مَع الدَه / ر اِنتِهاءٌ كَما لَهنَّ اِبتداء
وَالحَليم الرَشيد مَن باتَ فيها / لَيسَ تَهوي بِعَقله الأَشياء
فَسماء الوُجود منا عليها / سحبٌ بعضها لبعض غِشاء
أمة أمة تَزول وَتَأتي / فَلذا يَبدو وَكْفُها وانجلاء
وَرِياض الحَياة تزهر منا / بِنَضير وَتَيبس الخَضراء
هَكذا هَكذا حَياةٌ وَمَوتٌ / يَتوالى وشدةٌ وَرَخاء
فَإِذا لَم يَكُن سِوى الترك حَد / فَالهَوى باطل إِذا لا مراء
وَإِذا لَم تَفدك شَكوى سِوى ما / قَدّر اللَه فليصُنك الحَياء
وَإِذا ما المخاف عمَّ مصاباً / ثِق بِمَولاك فَالأمور قَضاء
وَإِذا ما الرَجاء أَغلق باباً / لذ بِخير الأَنام فَهوَ الرَجاء
كَم رِجال سَعوا إِليه فَنالوا / عم أكدارَهم صَفىً وَصَفاء
حرّروا الرق حين صاروا عَبيداً / لحماه فَهُم بِهِ سُعَداء
وَبقدر افتقارهم لعطاه / حسدتهم فَذلت الأَغنياء
وَيعز الهَوان بَينَ يَديهِ / عظَّمَتهم أَو هانَت العظماء
وَبذل الخُضوع عزّوا وَسادوا / رفعتهم لِهامِها العَلياء
فَاصلح القَلب وَاخلص السَير وَاقصد / تَلقَ مَولى لَهُ اللوا وَالوَلاء
ذاكَ جار إذا رَجَوت مجيرٌ / فَاعزم القَصد يحمك الاحتماء
ذاكَ نُور إِذا دجا الخَطب فَاطلب / يَتَجلّى فَتنجلي الظَلماء
كُن ضَعيفاً حَقير ذا الحَي تَشرُفْ / فَإليهِ يُشرِّفُ الانتِماء
لا تَخف ابن رابش هم أَصارو / ه أَبا الفَضل إنهم أَقوياء
فَالعَطا ابنه ومن يرتجيه / ابن أَوسٍ لأنهم كرماء
يا أَبا طرفة افتخر في حماهم / أَنتَ عَبدٌ وَالحادثات إماء
إِن عاراً عَليك حملانُ همٍّ / وَلَكَ اللَه وَالنَبي أَولياء
ته عَلى الحادِثات إِنكَ مِنهُ / في ذمام تَقلُّك الشماء
يا مطيّ الرجا استريحي فهَذا / ما قَصدنا وَعيشةٌ خَضراء
لا تَخاف المَسير هَذا مَقام / تَبتَغيهِ لتَكرُمَ الضعفاء
يا مطيّ الرَجاء قَد فارق الإع / ياء قرّي وَحُطَّت الأَعباء
قَد حمدت السَرى فَأَنتَ عَتيق / وَليسرّ الإنضاء وَالإضناء
قَد أَرحنا الرَجاء لَما استرحنا / هَكذا الشَرط بَيننا وَالجَزاء
مرجع الأَمر مَوطن النَفس هَذا / تَتَقي مَن يَحتله الأسواء
إِن قوت القُلوب فيهِ مقيتٌ / وَلصادِ الفؤاد مِنهُ اِرتواء
مَهبط الوَحي مَظهر السر نُور ال / حَق مِنهُ الهُدى بِهِ الاهتداء
يا نبي الهُدى وَأَنتَ سَميع / جل داءُ العَنا وَعز الدَواء
غال حَزمي الهَوى وَعَزمي الأَماني / هال عَقلي البَلا وَجسمي البَلاء
رَدَّني الغيُّ عَن رَشاد مُبين / حَيث وَلَّى بيقظَتي الإغفاء
وَانقَضى العُمر بَينَ لَهو وَلَغو / ما أَفادا ولَيسَ ثمّ اقتضاء
ثم ذا اليَوم وَالصَباح صَباح / وَكَذا اللَيل وَالمَساء المَساء
لَم تغير سِوى شؤوني وَلم يَم / ضِ سِوى العُمر وَالجَميعُ هباء
بعت أَيامها بخسران نفسي / وَلَقد كانَ في السَماح الثراء
كُل وَقت يَغر حَتّى كَأَني / خلت أَبقى وَقَد مَضى النظراء
إِن تُحَذِّرْ نُهىً يَغِرَّ هيامٌ / لَم يُمكِّن تحذيرَها الإغراء
ما عَلى النَفس لَو أَصابَت هداها / فَنجت مثل ما نجَى الأتقياء
كُل حين يمر تدنو مِن الأم / وات داري وتبعد الأحياء
وَأَنا جاهل الحقيقة لاهٍ / أَتردّى وَهكَذا الجهلاء
كم لآمالنا الطوال اِبتداءٌ / وَلا جالنا القصار اِنتِهاء
يا طَبيب الأَرواح أَمرض رُوحي / سوءُ فعلي وفي يديك الشفاء
يا ضياء اليَقين أَنتَ تَقيني / إِن دَهى الخَطب أَو عرت دَهياء
بِكَ نام الأَنام تَحتَ أَمان / نَشرته الشَريعة الغَراء
بِكَ عَم الوُجود جُودٌ عَميم / نَضَّرت وَجهَها بِهِ الغَبراء
لَكَ ذلت جَبابرٌ وَطغاة / بِكَ عَزت أَجلَّةٌ حُنفاء
أَنتَ سر الوُجود ديناً وَدُنيا / لَيسَ في جاهك العَظيم اِمتِراء
أَنتَ أُرسلتَ وَالخَلائق شَتّى / مَهملاتٌ وَكلُّهم غَوغاء
فَاِغتَدوا أَحباباً بِأخوة دين / بَعد حين مَضى وَهُم أَعداء
جِئتنا بِالبُرهان فَاتّضح الحق / ق لذي أَعين فَبان الخَفاء
عم إنساً وَعَم جنّاً نداك ال / مُرتَجى بَل قَد نالَت الصماء
عمت الأُمَهات قَبل المَوالي / د مَعاليك حَيث خَص الجداء
نُقطة الكَون كُنت أَنتَ ولا شَك / ك وَكلاً جَميعنا أَجزاء
لَيتَ شعري فما حقيقتك القص / وى التي رُدَّ دونَها العُقَلاء
أَيّ شَمس هِيَ الحَقيقة إِن كا / ن الَّذي في العُيون هَذا الضياء
إِن عَيناً لَم تُبصر الرُشد مِن نُو / رك عَينٌ كَميهةٌ عَمياء
كَيفَ نطق الحَيوان وَالجذع اذ حن / ن وَفي الكَفِّ سبَّحت حَصباء
لَيتَ شعري أَحلّ في تِلكَ رُوح / أَم بِلا رُوح تَنطق الخَرساء
آية اللَه أَظهرت معجزاتٍ / لِلنبي الكَريم فيما يَشاء
وَلَكَم مثلَها عَجائبُ تترى / يَنقضي دُونَ حَصرِها الإحصاء
وَالَّذي قَد رقى إِلى العَرش قُرباً / كَيفَ تَرقى رُقيَّهُ الأنبياء
وَالَّذي قَد أَثنى الإِلهُ عَلَيهِ / كَيفَ تَسطيع مَدحه الشعراء
فَلتكن أَبحرُ الوجود مِداداً / وَليَكُن صحفَ كاتبيها الفَضاء
وَلتَعش ما تَشاء وَالوَقت دَهر / لَن يرجَّى لِذَلكَ استقراء
إِنَّما قَد تَقول جهد مقلٍّ / وَهوَ عَرض يَمده الإلتجاء
يا نبي الهُدى أَقلْها عثاراً / لَم يُقِلني من حملها الإعياء
وَارضني مِنكَ لِلمَراحم أَهلاً / لتروح الأَرواح وَالبرحاء
وَاقض لي بِالقبول وَالعَفو وَاصفح / ليتمَّ المنى وَيَبدو الهَناء
يا نَبي الهُدى عَليك سَلام / لا اِبتِداء لَهُ وَلا إنتِهاء
ذُكِرَ الغَضا فَتلهب الأَحشاءُ
ذُكِرَ الغَضا فَتلهب الأَحشاءُ / وَبَكى العَقيقُ وَما يَحير بُكاءُ
غَنّى بترداد الحنين فَهامت ال / ورقاء حيث بَكَت لَهُ العَيناءُ
هاج الهَوى مِنهُ فؤاداً شيقاً / لَما تبدى لِلخَيال شظاء
صحب الجُنون جَوىً وَفارق عَقله / في حيرة راحَت بِهِ الرَوحاء
وَثَوى الأَسى في صَدره فَأَباده / مَيتاً وَما رقّت لَهُ الأَحياء
وَلَوى بِهِ سَفح اللَوى عَن سَلوةٍ / وَأَبى عَلَيهِ إباءه الإبواء
وَعَلى شُؤون الجزع أَضحى جازعاً / إِذ جرّعته شُؤونَه الجَرعاء
متطلع يَهوَى بدور طويلع / قَد تيمته بشوقها تَيماء
وَلَكَم يُعالج لاعجاً مِن عالج / وَجواه حَيثُ أَحبة وَجَواء
أَمسى بكاظمة الفُؤاد وَأَصبَحَت / تِلكَ القباب يَصونهن قباء
تِلكَ المَعاهد وَالرُسوم حدودها / في القَلب فهوَ مَع الفِناء فِناء
فَتوقد الشفقُ الوَضوحُ بِناره / وَتسربلت بهمومه الزَرقاء
عجبت تَصاريف الرِياح لفكره / وازّينت بدموعه الغَبراء
مُذ أَوحشته آنساتُ الإنس كَم / أَنست بِهِ الآجام وَالفَيفاء
حزنت صعابُ سهولها لهيامه / وَتزعزعت أَجبالها الشماء
تتصرف الأَكدار في أَفكاره / إِن لاحَ في لَوح الضَمير صَفاء
وَتُجزِّئُ الأَحزانُ جَوهرَ عَقله / مَهما تُعارضُ رَأيَه الآراء
وَتخاله ذا جِنَّة مِما جَرى / وَلربما خضعت لَهُ العقلاء
وَيبين بَين تَجاهل وَتجهُّل / عرفت بِهِ حَق الهَوى العرفاء
لِلّه أَيُّ هَوى تَجمَّع في حَشىً / مُتفرقٍ وَلَهُ الهيام ثَواء
يُطرَى وَيَطرَبُ وَحدَه في وَجده / فَيروعه الإِطراب وَالإِطراء
وَلطالما أَلهاه عَن مَولاه مِن / هَذا الوُجود وَأَهله أَهواء
وَلطالما أَغرى بنور جَبينه / صبحٌ وَخبعجت السَرى لَيلاء
كَم فرّ مِن أَلم الفراق إِلى اللقا / فَإِذا الَّذي اجتلب الفراق لقاء
وَلَقد كَفته تجاربٌ في طيها / عبرٌ تحذِّر ما دَهى الإِغراء
يا قَلب كم هَذا التَقلب في الهَوى / أَتعبت نَفسك وَالجَميع عَناء
هَل في الأَنام مِن الأَمان حَقيقة / أَو في الوُجود عَلى الوَفا أَمناء
إِن الَّذي تَرجوه مِن هَذا المُنى / قَد رَدَّ عَنهُ قَبلنا القدماء
ما الود إلا عارضٌ يَفنى وَإِن / بَقيت جَواهر فَهيَ طينٌ ماء
فَإليك عَمّا أَنتَ فيهِ حالم / فَالناس عَن ذَنب الوَفا بُرآء
إِن الأَنام وَإِن رَأَيت جسومهم / إنساً فَإِن قُلوبهم حرباء
لَم يَصف قَلب فيهِ طَبع تَقلّب / إِلا وَذاك لغدره إِيماء
فَدَع النَديم وَما دَعا مِن أُنسه / إِن النَدامة ما يَرى الندماء
وَاخلع إِذاً ثَوب الخَلاعة وَاتّئد / فَلربما هانَت بِها العظماء
وَاختر مرير الصَبر عَن حُلو الهَوى / فَالحُلو داء وَالمَرير دَواء
وَانظر سِواك كَما يَراك فللفتى / بِالنَفس عَن كُل الوَرى استغناء
وَالبس مَع التَقوى العفاف تجملاً / إِن التقى بَعد العَفاف بَهاء
لا تَشتغل بِالغَير عَنكَ فَربما / تَتَقلب الأَدوار وَالخلصاء
لا يذهلنك مقبل أَو مدبر / فَحقيقة العَيش النَضير فَناء
إِن اللَيالي إِن تسالم معشراً / تؤذن بحربٍ صرفُها عَدّاء
وَالدَهر إن يُسألْ يجبْ عَن كُنه ما / لَقيَ الرِجالُ وَجرّب النبهاء
فاقرأ عَلى الدُنيا دروسَ تجارب / أَبقى الحَكيم وَصنف الأُدباء
فَاليَومُ يَكتبُ وَالعُصور صَحائفٌ / وَالعُمر يَنشرُ وَالنُهى قرّاء
ما خَلف الآباء فيهِ سيرةً / إِلا ليدرك سرها الأَبناء
فَارض النَصيح وَلِنْ لتغنم نَصحه / فَبِلينها تَتقوّم العَوجاء
وَاصحب رِجال الحَق تبلغْ ما تَشا / فَبجمعها تَتَجسم الأَجزاء
لم تَرض عَنكَ الناس أَجمع إِنَّما / فَلترض عَنكَ السادة الحُنفاء
وَاربأ بنفسك إِن أَردت سَلامة / فَلَقَد بَدا خافٍ وَزال غِطاء
وَالجأ لأعتاب النَبي المُصطَفى / فَهوَ الرَجاء إِذا اِستَحال رَجاء
وَانزل بِها حُصناً حَصيناً يُرتَجى / إِن همهَمت بجيوشها الأَرزاء
وَاقصد بِهِ طوداً عَليّاً وَاعتصم / إِن أَرسلت طوفانَها الدهياء
وَالزم بِهِ رُكناً شَديداً تَتَقي / بِجنابه إِن عَمَّت الأَسواء
فَهوَ الَّذي تُرجَى هدايةُ نُوره / إِن تكفهرَّ بجُونها الدَهماء
وَهوَ الَّذي تَأتَمُّ ساحتَه إِذا / ضاقَت بِكَ الساحات وَالأَرجاء
إِن الَّذي سمك السماء أَقامه / باب العياذ إِذا دَهت لأواء
أَحيى بِهِ مَيتَ القُلوب فَأَبصرت / نَهجَ النَجاة الأَعيُنُ العَمياء
شِيدت بِهِ أَعلامُ أَبيات الهُدى / فَأَقامَها وَرَمى الضَلالَ عَفاء
فَتيقظت بخطابه أَفهامُنا / مِن بَعد ما أَودى بِها الإغفاء
بِجَوامع الكلم الكِرام وَما تَلا / خضعَ الفَصيحُ وَأذعنَ البلغاء
كَم أَعجَمَ العربيْ الفَصيحُ بَلاغةً / وَأَتَت إِلَيهِ فَأَفصَحَت عَجماء
كَم محنة سَوداء جلّى ليلها / فَأَزالها وَلَهُ اليد البَيضاء
خمدت بِهِ نارُ المجوس لِأَنَّها / سطعت لَها بقدومه الأَضواء
وَتزلزل الإيوان يعلن أَنَّهُ / سيُظلُّه علَمٌ لهُ وَلواء
وَاسأل بني سعد عَن الأَمر الَّذي / شَهدت بِما شهدت لَهُ البَيداء
وَتنزّل القرآن في الغار الَّذي / آوى فشُرِّفَ واستقل حراء
وَلكَم حباه معجزاتٍ آيةً / من ضمنها المعراج وَالإِسراء
أَسفاً لِمَن آذاه أَقربُ قومِه / فَتقربت لَولائه البُعَداء
هم حكَّموه قَبل بعثته فَما / أَغراهم إِذ حَقَّت الأَنباء
كَتبوا القَطيعة في الصحيفة بَينَهُم / فَإِذا بِها مجلوَّةٌ وَضّاء
عَجَباً لجَزْع الجِذْع عِندَ فراقه / أَيحنّ نبتٌ وَالقُلوب جفاء
جحد الطغاة حُقوق مَولاهم وَكَم / قَد سبّحت في كَفه الحَصباء
همّوا فَهاجرَ ثم طابَت طيبة / وَتَأيد المَنصور وَالنصراء
وَليومِ بَدرٍ أَيُّ فَخرٍ دائمٍ / حَيث التظت بِأُوارها الهيجاء
نَزلت مَلائكة السَماء تحفُّه / فَكأنما تِلكَ الدِيار سَماء
ذلت لعزة دينه أَعداؤه / وَتصاغرت لجلاله الكبراء
إِن عُلِّمَ الأَسماءَ آدمَ قبلها / فهوَ الَّذي عُلِمت بِهِ الأَسماء
أَبدى وَأَيَّد كُل حَق غامض / فتوضح الحسناء وَالشنعاء
علمت بهِ الجهلاء سرَّ وجودها / وَتحققت بعلومه العلماء
وَهدى الأَنامَ فجمعت أَشتاتهم / وَعَلى اليَقين تحبب الأَعداء
جمع المفرّقَ عدلُه وَلطالما / قَد فرّقت بِالباطل الحُلَفاء
ضحك اليقين على بكاء الشك إِذ / عز الحَليم وَذلت السفهاء
دانَت لدين اللَه وَهوَ نبيه ال / دنيا وَساد المعشرُ النجباء
وَلكَم مخالفةُ القُلوب تَألفت / بِالحَق إِذ شمل الجَميع إِخاء
وَضع الموازينَ الحقيقةَ بيننا / بِالقَسط وهيَ الشرعة الغَراء
يا قبلة الحاجات إِني مُقبلٌ / بكَ مُستَجير وَالخَصيم قَضاء
سمعاً رَسولَ اللَه دَعوةَ ضارعٍ / يدنيه مِنكَ تذللٌ وَنِداء
حرِّر عُبيدَك من متَاعب أَسره / بيد الهَوى فإلى مَتى وَيساء
كُن عونه في ضيق صَدرٍ غاله / فَالمَوت فيهِ وَالحَياة سَواء
وَاصفح بعفوك عن ذُنوب طالما / بأقلها غلب النَعيم شَقاء
فَلئن مَضى ما قَد مَضى لسبيله / وَعدت وَعَدَّت شدةٌ وَرخاء
فَلَقد صحوت كما ثملت وَقد بَدا / كنه الخفي فَما هناك مراء
وَلَقد رَجعت إِلَيك أَرجو بعدَ ما / حققت أَن كل الوُجود هباء
فاقبَل بحقك مُقبلاً بذنوبه / فلمثل جاهك يَرجع الضعفاء
ضيعت عمري في سِواك جهالة / وَلبئسما يتحمّل الجهلاء
لكنني سَأبيد ذلك جفوة / تمحو الهُموم فتَثبُتُ السراء
وَأَقول حسبي مدح طَه المُصطَفى / نَصراً إِذا ما ذلت النصراء
عجباً لمثلي كَيفَ يمدح سيداً / وَصفاته لم يحوها إحصاء
إِن الذي جاء الكِتاب بمدحه / هيهات تُحسن مدحَه الشعراء
صلى عَليهِ اللَه ما سرَتِ الصبا / وَترنمت في عُودها الورقاء
إِذا اتخذَت نفسُ هَوى النَفسَ مبدأَ
إِذا اتخذَت نفسُ هَوى النَفسَ مبدأَ / فَقد جهلت عُقبى أُمور ومنشأَ
وَمَن لَم يقدّم حزمَه قبل عزمه / يجد ندماً جماً عَواقب ما اِرتَأى
وَمَن لَم يَصانع دَهره في سَلامة / يَرى خطبه أَجرى إِلَيهِ وَأَجرأَ
وَمَن لَم يَصن بَأساً شَديداً وَنَخوةً / بَرأيٍ سَديدٍ ينك مجداً وَضئضئا
وَمَن يَتخذ يوماً هَواه إلهَه / يجده خذولاً حَيثما الأَمر أَلجأ
وَمَن يَحتلل دارَ الزخارف يرتحل / وَقَد ظَنَ مَأوى الراحلين مبوّأ
وَمَن يَأتلف أَبناء آدم تختلف / عَلَيهِ وَمَن لَم يَنهه الرشدُ أَخطأ
وَمَن عَرف الأَيام لَم يلهُ قَلبُه / وَفا مَن دنا مِنهُ وَلم يَبك مَن نَأى
وَمَن خال إحساناً إِساءةَ نَفسه / يَرى كُل إِحسان من الغَير سيئا
وَمن قرّ عيناً بِالظَواهر لَم يَجد / سَبيلاً إِلى درك الحَقائق موطئا
وَمَن تَغتدي آمالُه وهوَ رايحٌ / فَقَد أَسرَعت فيهِ اللَيالي وَأبطأ
وَمَن لَم يصن من عزة العرض جَوهراً / تجرّد عَن ثَوب البها فتجزّأ
وَمَن يَعتمد إِلّا عَلى اللَه يُمتَهَنْ / وَمَن يَعتصم إلّا بِهِ خاب ملجأ
وَمَن يَجهل الزُهر الدراري وَشَأنها / يَظن سراج البَيت مِنهن أَضوأ
وَمِن عَز عَنهُ الكُنه تاه بِأَوجه / فَحقّر ما يَخفى وَعظّم ما رَأى
أَرى جاهِلاً مَن أَحزَنَ البُؤسُ قَلبَه / وَأَجهل مِنهُ مَن بصفوٍ تَهنّأ
وَما العَيش إِلا غَفوة ثم يَقظة / وَبَينَهُما المَجهود يطلب أَدنأ
يُحاول في دار الرَحيل إِقامةً / وَقَد صَحب الرَكب الَّذي قَد تهيأ
وَما المَهد إِلّا رحل راكبه إِلى / حمى اللَحد مَهما قيل في السَير أَبطأ
فَلا شَيء إِلّا اللَه يُرجَى وَيُتقى / وَما غَيره إِلّا عَديماً تَشيّأ
وَلا شافع إِلا النبي محمد / فَلذ بحماه تلق منجا وَمَلجأ
فَذَلِكَ خَير الناس حَياً وَمَيِتاً / وَأَشرفهم مَجداً كَريماً وَضِئضِئا
بِهِ اِتضح الحَقُّ المُبين لعارف / وِمِنهُ اِنجَلَت عَين اليَقين لِمَن رَأى
هَدَى فَعَلَت وَجهَ الضلال كَآبةٌ / جَبين الهُدى منها اِنجَلا وَتَلألأَ
لأعتابه العلياء أَفياءُ نعمة / أَرى الدين وَالدُنيا لديها تَفيّأَ
فَما أَبصرت عَلياه إِلّا بَصائرٌ / تجرُّ عَلى الأَبصار ستراً مُخبّأ
وَكَيفَ تَرى شَمس الحَقيقة أَعيُنٌ / رَأَتهُ عَلى أَسنى العَوالم أَسنأ
فَكُن جَوهَراً عَما يَشين مجرَّداً / تَرى الحَق عَن مَعنى مَعاليه نَبّأ
فَلم تَدره إلا نفوسٌ جسومُها / غَدَت فكرةً تسري وَقلباً مُبَرّأ
فَناد بياقوت القُلوب فَإِن تَفُز / بِجَوهَر قرب فانثر الدَمعَ لُؤلؤا
عَلَيهِ صَلاة اللَه ما كَوكَبٌ سَرى / وَما زُيِّنَت أَرضٌ وَجوٌّ تَنوّأ
هوىً إِذا ما تَناهى دَورُه اِبتَدأَ
هوىً إِذا ما تَناهى دَورُه اِبتَدأَ / أَفنى الحَياة وَأَضناني وَما فَتِئا
وَالنَفس إِن جبنت بالغي همّتُها / عَن كَبح زلتها شَيطانها جرأ
عَمّا تَساءل ياذا اللَوم عَن نَبأٍ / وَلَست أَذكر بلقيساً وَلا سَبأَ
فَهَل أَتاكَ بِأَني عَنك في شغلٍ / بِمَن دَنا فَأَصابَ القَلب ثُمَّ نَأى
فَاعذر إِذا حَنَ قَلبي أَو بكى بصري / فَذا هَوى ودَّه الصافي وَذاك رَأى
وَدَع مَلام فَتى كانَت محبته / جبلَّةً وَهوَ في مَهد الهَوى نَشأ
صبٌّ صبا للهوى إِذ كانَ جَوهرُه / مجرداً لَم يَحلّ الكَم وَالحمأَ
أَوقاتَ لا الفلكُ الدوّارُ يَحصرُنا / وَلا الحِجابُ عَلى أَرواحنا طرأ
يا حَبَّذا النشأة الأُولى وَنضرتها / أَيامَ كُنا عَلى أنس الخَفا ملأ
ني لأذكرها يَوماً فيَحزُنُني / قَيدُ المَظاهر أَو تذكار ما اختبأ
كانَت مَواطن قدسٍ لا يدنسها / غيٌّ وَصيقلُ لَوحِ الرُوحِ ما صَدأ
آهاً لها إِذ تَبدّلْنا بِها وَطناً / داراً عليلُ هَواها قلّ ما برأ
أَصبَحت فيها سجينَ الجسم مرتهناً / بِما الحَواس بِهِ تقضيه لي خطأ
يا ويلتا مِن وُجودٍ كلُّه كدرٌ / مَن سار فيهِ عَلى غَرب الظُبى وطئا
كَأَنني فيهِ إِذ أَمّلتُ راحتَه / أَعمى يحاول في دوّ الفَضا رَشأ
لَكن يؤمّن خَوفي أَنني بحمى / خَيرِ البَرية قَد أَصبَحتُ ملتجئا
فَهوَ الذي جاءَ بِالحَق المبين لَنا / وَجدد العَهد وَالمِيثاق وَالنَبأ
وَكَم أَقام مهيضاً في اليقين وَكم / أَنار مصباح قلب طالما طُفئا
وَكَم جسومٍ تلافى مِن تَلاف ضنىً / أَرواحها إِذ هداها روعها هدأ
وَكَم قُلوبٍ وَقاها في تقلبها / وَكَم عَظائمِ أَمرٍ إذ دَرى دَرأ
أَتى بِآيات مَولاه الكَريمِ فيا / وَيلَ الألى اتخذوا آياته هزؤا
وَهوَ الَّذي تَرتجي الدُنيا شفاعته / إِذ يحشر اللَه يَوم الحشر ما ذَرأ
لَو أَبصرت حسنَ مَعناه زليخا نُهىً / لَم تَتَّخذ في هَوى الصديق متّكأ
وَإِن قَلباً خلا عما سِواه غَدا / مَعززاً ببَها الإِيمان ممتلأ
تَرى الحَقيقة تَبدو في صحيفته / مَسطورة إِنَّما هَيهات مَن قَرأ
فَاقصد بِهِ العروة الوثقى إِذا انفصمت / عرى الأَنام وَفاجئ إِن عَناً فجأ
عَلَيهِ أَزكى صَلاة اللَه دائِمَة / ما تمّ دورٌ مِن الدُنيا وَما اِبتَدأ
لَيسَ تُجدي خَيفة وَرجاءُ
لَيسَ تُجدي خَيفة وَرجاءُ / حَيث تَفنى شدة وَرَخاءُ
وَالليالي دَأبها في تَوالي / ها اِنتِهاء أسُّه الابتداء
وَالأَماني كَالهَوى آتياتٌ / ذاهبات ما لهن بقاء
وَالتَداني قسمة وَالتَنائي / لَيسَ تَبقى نعمة أَو شَقاء
وَمبادي صفوها سَوفَ يَتلو / ه اِنقضاءٌ يَقتضيه اقتضاء
وَالخَبايا في زَوايا الأَواتي / لحدود ثم يبدو الخَفاء
وَخمول المَرء عيش حبيب / وَالمَعالي لِأَهلِها أَعداء
إِن جهد النَفس فيها فُضول / حَيث يغني المرء قوت وَماء
كَيفَ تَهوى نضرة الأُنس مِنها / وَهِيَ دار وَحشة غَبراء
وَإِذا ما زار فرح وَحُزنٌ / ثُم زالا فَالجَميع سواء
لَيسَ فيها غَير زاد التُقى زا / د وَإِن لَم يَرضه الأَغبياء
فَاطّرح ما لَيسَ يبقى وَحاذر / غرّةً ذلت بِها العقلاء
وَاسترح من هم دنياك وَاقصد / جاه طهَ يعزك الانتماء
لُذ بخير الخَلق تحظى مِن الل / ه بفضل ماله استقصاء
فهو رُكن العائذين إِذا ما / كشفت عن وَيلها الدهياء
وَهوَ بر بِالأَنام رؤوفٌ / وَهوَ نور إِن دجت ظلماء
وَهوَ فينا رحمة اللَه يرجو / ما لديهِ المعشر الفقراء
ثق به وَاقصد حماه وَأمّل / واقترح من فضله ما تشاء
وَاعتصم منهُ بجاه خَطير / طالما لاذت بِهِ الأَنبياء
واشف داء البؤس من راحتيه / بنعيم فالأَيادي دَواء
يا رَسول اللَه أَنتَ مَلاذ / وَمعاذٌ يَأتمه الضعفاء
يا رَسول اللَه أَنتَ وليّ / إِن جفت من أمّها الأَولياء
يا رسول اللَه فيكَ الأَماني / ناعِمات ما بِها بَأساء
يا رَسول اللَه خلص فؤادي / مِن هُموم أَصلها الأَهواء
يا رَسول اللَه بصِّر عيوني / بعيوب زادهن الغطاء
يا رسول اللَه نوّر يقيني / بِالهُدى كَي تَنجلي الأَسواء
يا رَسول اللَه أَصلح شؤوني / فشؤوني في الخدود دماء
يا رَسول اللَه كن لي فإني / وَالهٌ مسّتنيَ الضراء
يا رَسول اللَه أَنتَ ظَهير / مستعان إن نَأى الظهراء
فَسلام دائم وَصلاة ال / له تَتلو مالها إنتِهاء
كَرمت بآدابي وَسدت بضئضئي
كَرمت بآدابي وَسدت بضئضئي / وَوَطدت عقب الأَمر إِذ صنت مبدئي
فَلم أَخشَ ذا هَول وَلَم أَرج ذا عُلا / فَلم يَنخفض شَأوى وَلم ينك منشأي
وَلو جرت الأَقدار جاريت ما جَرَت / وَإِن تتجرأ بي عَلى الدَهر أَجرأِ
وَلم أَجزِ إِحسانَ الوَرى بِإِساءةٍ / وَلم أَجز بالإِحسان عِن سُوء سَيِّئِ
أَصون بيأسي جَوهَر العَرض عزة / فلم أَبتذل نفساً وَلم يَتجزَّئ
البَدر أَسفرَ واضحَ اللألاءِ
البَدر أَسفرَ واضحَ اللألاءِ / وَالليل أَزهر عاطرَ الظَلماءِ
وَالزُهر تَسعى في السَماء بِأَكؤسٍ / طافَت عَلى النسرين وَالجَوزاء
فكأنها وَسط السَماء تَردّدت / تَتَرى أَزاهرُ رَوضةٍ غَنّاء
وَالفضل زاه وَالرَبيع منوّع ال / أَجناس وَهوَ مؤرّج الأَرجاء
وَالغصن وَرديّ الخدود شميمُها / يَحكى شَميمَ غَدائر الحَسناء
وَالنَهر مضطرب الفُؤاد كَأَنه / صبٌّ بِقامة أَغصُنٍ هَيفاء
وَالجَمع بَين معزز بحزامة / يَزهى وَبين مجمّل ببهاء
مِن كُل فَردٍ بالمفاخر مفردٍ / يَسمو عَلى الأَشباه وَالنظراء
في المحفل المَرهوب طودٌ ثابتٌ / وَهوَ الهزبر لجحفل الهَيجاء
إِخوان صدقٍ في تودّد إِخوةٍ / أَخدانُ مَجدٍ في صَفاء إِخاء
لا تَعرف الزلاتُ أَرضَ وَقارِهم / فَحماهمُ قُدسٌ لكل رَجاء
لَهُمُ الثَبات لدى الكِفاح وفيهمُ / لُطفُ السقاة وَرقّةُ النُدماء
قَوم وَجوههمُ حَكَت أَعراضَهم / بيضاً تُعير الشَمسَ ثَوبَ ضِياء
بِهم قَطعت مع الدجنّة سَربخاً / للغول فيهِ وَحشةُ الجبناء
وَبكل أَجردَ ضامرٍ يَجري القَضا / مِن خَلفه فَيَسير سَيرَ رُخاء
عبلُ الشَوى زاهي الجَبين كَأَنَّه / صبحٌ بَدا في اللَيلة اللَيلاء
يَتناول العَنقاءَ فارسُ سرجِه / إِذ سَرجُه يَعلو عَلى العَنقاء
تَجري النَعامة خَلفه فَتَرى العَصا / عَبَثاً فتلقيها عَلى الغبراء
وَبكل ميادٍ كَعوبٍ ميلُه / ميلُ المُدلِّ بمشية الخيلاء
وَبكل مصقول الغرار فرندُه / زاهي الصقال كَوَجنة العَذراء
جُبنا السباسبَ رُكَّباً فكأننا / زُهر الكَواكب في مَدار سَماء
نَسري نؤمّ حِمىً وَنَطلب حامياً / سَعيَ المُجِدِّ وَمَطلب الحُكَماء
وَرَجاؤنا وَملاذنا وَمعاذنا / ملكُ الملوك خَليفة الخُلَفاء
خَير الخَليقة بَعد طَه عنصراً / وَأَجلّ من يَسمو عَلى الأَحياء
ظلُّ الرَحيم عَلى البِلاد وَنورُه / بَين العِباد وَهديه لِسواء
ملك إِذا نظر التراب رآه من / آثار عَين عَبيده القُدَماء
تَجري أَوامرُه العَلية وَالقَضا / ء موكّلٌ بوظيفة الإِجراء
تتنافس الأَقدار كَي تَسعى لَهُ / فيما يَرى مِن نعمة وَشَقاء
لَو يَرتَضي رَدّ الصِعاب ذَليلة / رَدّ الرَواسخ في اِنبِساط فَضاء
فَالعَدل رايته بِهِ خفاقةٌ / تَدهي الظلوم بلمحة الإِيماء
وَالفَضل بَين يَديهِ جمٌّ وِردُهُ / عَذبٌ يَسوغ مَع الهَنا بِصَفاء
وَالسَيف مَجرودٌ بِأَيدي أَماجد / يَزهى اِزدِهَى الأَقلام بِالنبهاء
وَكَذا البَوارج كَالبروج تبذّخت / في البر تلك وَهنّ فَوق الماء
أَوما تَرى القانون والديوان وَال / ميدان كُلٌّ معلن بثناء
لا يَعرف الذل الأَنام وقد حمى / عَبد العَزيز المُلكَ مِن أَسواء
وَرث الخلافة عَن أَبيه وَجده / وَالجَد وارثها عَن الآباء
قَومٌ سَنابك خَيلهم نجم السَما / وَنعالهنّ جماجم الكُبراء
دَهموا الممالك وَالمُلوك بخيلهم / وَبرجلهم والبطشة الدَهماء
وَتبوّأوا عرشَ الأَبيّ فقوّضوا / رُكنَ المَنيع وَعصبةَ الأَهواء
وَتبذّخوا في العالمين فدوّخوا ال / جاهَ المكين بهمة شماء
كَم هوّنوا بكر الحُصون عَظيمة / بعوان شنِّ الغارة الشَعواء
تَركوا القتام عَلى البَسيطة طرّةً / سَوداء فَوق الوَجنة الحَمراء
فَاسأل عَن الأَملاك غربَ سيوفهم / في الشَرق تَعرفُ هَيبة العظماء
بَزغوا شُموساً كان للشَرق البها / مِنها وَللغرب اضطرام عناء
وَبهم علا أَوجَ التباذخِ يافثٌ / إِذ شرّفته مكارمُ الأَبناء
ثَبتت قَواعدُ مجدهم تَحت الثَرى / وَسمى فَظلّل هامةَ الخَضراء
شَرف عَلى شَرف تتابع بَين مَن / وَضع الأَساس وَمعتن بِبناء
عز تَضاءَلت القُرون لقدره / فَمشت لَديهِ مَشيةَ استحياء
تِلكَ المَكارم في الأَنام زَهَت عَلى / كُل الوَرى كَالغُرّة الغَرّاء
وَورثتَهم وَخلفتَهم يا خَير مَن / شادَ التليد بِطارف العَلياء
عَززت دين اللَه وَهوَ معززٌ / لَكَ ما تَشا مِنهُ بِفَضل عَطاء
دامَت مَعاليك الكِرام كَما تَشا / ما دامَت الدُنيا لِعَين الرائي
وَإِلَيك يا خَير الخَلائف صُغتَها / عَرض العَبيد لِذي لِوا وَوَلاء
تَلقى بِأَعتاب الخَليفة إِن تَفز / فَضلاً تَتيه بِهِ عَلى الأُدَباء
فَالدين وَالدُنيا بِطالع سَعدكم / متعززٌ شادٍ بِخَير دُعاء
وَالكَون أَجمَع قائل تاريخه / دم يا خَليفة مُوجب الآلاء
ما بَين رَوض طَيِّبِ الأَهواءِ
ما بَين رَوض طَيِّبِ الأَهواءِ / سَفرت فَهاجت بِالحَشا أَهوائي
رودٌ جَرى ماء الشَباب عَلى رُبى / وَجناتها يا حَبَذا مِن ماء
رقت فراقَت ناظِريّ وَمُهجتي / ما بَينَ بَهجة مَنظر وَبَهاء
وَتحكّمت إِذ أَرسلت لحظاتها / رُسلاً دَعتنا لبَيعة الحَسناء
وَتلت عَلَينا الساحرات مِن الهَوى / آيات حب معجز الوصفاء
سفرت فَما شَمس النَهار كَما بَدَت / وَمضت تَروع بليلة لَيلاء
سَفرت وَلَيل الأُنس يَغشى يَومه / بِسَتائر مِن عَنبر الظَلماء
وَسَعَت فَغُصن رنحته نَسمة / بِمَدامة كَالوَردة الحَمراء
نَثر اللآلئ في رِياض كؤوسها / كفُّ الحَباب وَراحةُ الأَنواء
ظَنوا تمايلها بفعل مدامها / وَنَسوا تَأوُّدَ بانةٍ هَيفاء
هِيَ قامة السَمراء إِلّا أَنها / مَخلوقة مِن دُرة بَيضاء
وَجلت عَلَينا وَجهها وَعقودها / كَالبَدر يُسفر مِن وَرا الجَوزاء
وَافت لَنا وَرَنَت لَواحظُها فَكَم / هِيَ أَخجلت مِن نيِّرٍ وَظباء
وَشدت فَشدّت بِالغَرام عَلى النُهى / فَغَدا طَبيب القَوم رَبَّ الداء
وَالرَوض جوُّ زمردٍ وَالزَهر زُه / رُ كَواكبٍ تَبدو لعين الرائي
وَجرت جداوله كأَنَّ مَجرّة / شقت لِأَرض الرَوض وَجهَ سَماء
وَالطير هاتفة عَلى أَغصانها / مِن بلبل غَرِدٍ وَمِن وَرقاء
وَالكُل هاتفة بِمَدح أَبي الفِدا / كَهف الملمّ وَغرّة الأُمَراء
مَن شَأنُه السامي الجَليل وَشَأوُه ال / عالي البَعيد معزز العَلياء
لا تسئلنَّ بمصره عَن عَصره / غَير اغتِنام مَسرةٍ وَصَفاء
فَلَقَد أَعاد شبابها في نَضرة / مِن بَعد طُول تَقلّب الغَبراء
أَحيى رُسوم دَوارسٍ من فضلها / بِمدارس دَرست رُسومَ عَناء
أَوَما تَرى شَمس المَعارف أَصبَحَت / تَجلو سَماء تدبّر العقلاء
غَرسَ المَفاخرَ أَوّلوه فجادها / سَقياً فَجاء عَلى البَقا بِنَماء
وَمِن العَجائب أَن نَرى هرماً بِها / وَشَبابها غضٌّ بحسن بهاء
تِلكَ المَآثر لا بقية من مَضى / من صمِّ صَلدٍ أَوخُلود بِناء
لا تذكرن لي غَير مَجد واضح / وَمَكارم وَشهامةٍ شَماء
إِني أَعيذك أن تَشيبَ حديثَنا / بَعد النُهَى بسفاسف القدماء
مَن مثل إِسماعيل وَاحد دَهره / متكافئ العزمات وَالآراء
وَهوَ المهاب لعدله وَهوَ المرج / جى فَضله في شدّة وَرَخاء
فَإِذا دَعَوت لنعمة أَو نَقمة / والاك بالآلاء وَالشَعواء
وَإِذا لزمت لزمت طوداً عاصماً / مِنهُ يَردّ تموّجَ الأَرزاء
آباؤه سادوا وَساد وَإنهم / شادوا فشاد مآثر العظماء
وَلَقَد حَباه اللَه تَوفيقاً فَما / يَقضي سِوى مَسنونةَ الحُكماء
حسن الفعال وكامل الإفضال لا / يَثني لِغَير سِياسة وَثَناء
دامَت مَعاليه وَسدّد رَأيه / في نعمة تَلقى العِدا بِشَقاء
وَإِلَيكَ يا روح المَكارم تَزدَهي / مَحفوظة عَن ذلة الشعراء
درّاً بوصف علاك يحسنُ نَسقُهُ / في غرّة الأَيام باللألاء
وَلأنت أَولى بِالمَديح وَإِنَّني / أَولى بمدحك وَالثَناء ثرائي
دَعَوتك وَالمَدامةُ في كؤوسٍ
دَعَوتك وَالمَدامةُ في كؤوسٍ / تَلألأُ كَالكَواكب في السَماءِ
وَجَيشي لِلهَوى أَغصانُ رَوضٍ / وَسرح السُرو تَخفق بِاللواء
وَإِني بَين جَناتٍ وَحورٍ / عَلى أَبهى المَناظر وَالمَرائي
سُرور لَو دَرى الزهّادُ ما هو / لَما تَركوا التنعُّمَ بِالشَقاء
فَبادر نغتنم للدهر يَوماً / عَلى غيظ المُناصح وَالمُرائي
وَلا تمهل فتهمل من صَفاء / فَإِني قَد عَزمت عَلى الصَفاء
مُدَّت إِلَيك نَواظرُ الندماءِ
مُدَّت إِلَيك نَواظرُ الندماءِ / وَبَكَت عَلَيك مَدامعُ الصَهباءِ
وَالرَوض نَرجسُهُ للحظك شيّقٌ / رصد الطَريق عَلى اختلاف مراء
وَالبان من وَجدٍ يَميل مَع الهَوى / لِيَرى تَرنُّحَ مشيةِ الخيلاء
وَالوَرد مِن لَهف تورّدَ خدُّه / وَجَرَت عَلَيهِ مَدامعُ الأَنواء
وَالنَهر مضطربُ الفُؤاد كَأَنَّهُ / قَلبي عَلَيك مَتى أَرَدت لقائي
وَالظل مَحلول الغدائر حائرٌ / وَأَظنه قَد جُنّ بِالسوداء
وَالكأس فاغرُ فاهُ يَرجو قبلةً / من فيك فهو ملألأ اللألاء
يَهوى حلاوتَها لكي يَمحو بها / ما مرّ في فيهِ من العَذراء
كُلٌّ يقدّم شَوقه بلسان عو / د ناطقٍ أَو نغمةِ الوَرقاء
فَبحق من أَنشاك فتنةَ خلقِه / فَحكمتَ بِالأَهواء في العقلاء
وَبحق أَفئدة علمتَ غرامَها / وَهيامَها في نعمة وَشَقاء
أَجب النَدا وَاسمع دعاءَ متيّمٍ / فَاللَه ربك سامع لدعائي
بادر بِنا نُعطي المَدامة حقَّها / عند الشبيبة في ضمان وفاء
وارأفْ بنادٍ أنت كوكبُ أُفقِهِ / لا يَغتدي بنواك في ظَلماء
فَاليَومُ في إِقباله وَالراحُ في / أَكوابها وَالشَوقُ في الأَحشاء
وَالكُلُّ جسمٌ أَنتَ رُوح حَياته / فَامنن عَلَيهِ بمنة الإحياء
لا يَترك اللَه ثاري
لا يَترك اللَه ثاري / يا مَن أَبحتَ دمائي
فَقَد هَويتُك طفلاً / وَكانَ ذاكَ ابتلائي
وَلَم يَكُن لَكَ حُبي / لريبةٍ أَو رياء
وَقَد علمتَ وِدادي / وَقد رأَيت إخائي
جرّبتني في شؤوني / وَشدّتي وَرَخائي
وَاللَه يَشهد حَقاً / بِما أَكَنّ حشائي
فَكيفَ أَخلصتُ وَدّي / وَكانَ هذا جَزائي
جَعلتَ وَصلي حراماً / يا فَرحة الأَعداء
ما هَكَذا كُنت أَرجو / يا واحد الأَصدقاء
وَها تخبّرتَ غيري / وَجئت بالأَنباء
لَكن جفاؤك حتمٌ / لطول ذلّ شَقائي
أَقول هذا بِقَلب / أَحزنته بِالتَنائي
وَكانَ حُبّك يَكفي / تَعذيبه بِالعَناء
وَما ظلمتك يَوماً / وَلا هَجرت وَلائي
فَكيفَ يرضيك حالي / وَأَنتَ سامع رائي
أَرجوك تحيي وَتَبقى / بقسوة وَجَفاء
وَلَستُ أَبغى وِصالاً / فَقَد عَرَفتَ رَجائي
وَلَست أَبكي عَزيزاً / وَلا لغيري بكائي
لِمَن أَقول جَفاني / وَكَيفَ تَرضى اِشتكائي
وَإِن يَكُن مِنكَ سقمي / فَمن يحير دَوائي
يا فاضحي بدلالٍ / وَعزةِ الخيلاء
يا قاتلي كُن رَحيماً / في قتلتي برضائي
ما كُنتُ وَاللَه ممن / يُبلى بِهَذا البَلاء
وَقَد عَرَفتَ مَكاني / في مَوقف الفصحاء
أَفري بنطقي قُلوباً / تَقوى عَلى الصمّاء
وَأترك الشَهم ذلاً / عَن مَصدر العَلياء
منكَّسَ الرَأس ساهٍ / يَمشي عَلى استحياء
هذي شؤوني وَتدري / أَني صَحيح ادّعائي
وَطالما كُنتَ تَهوى / فَكاهَتي وَلِقائي
مرّت بذاك ليال / يا واحد النَظراء
فارحم سهاد عُيوني / في داجي الظلماء
وَارفق بحقك وَارحم / وَاحذر سهامَ دعائي
فَربما أَنتَ تُبلَى / مَع الهَوى بِمُناء
هناك تُجزَى بذنبي / فَالدَهر بيت الجَزاء
فَكَم شَباب تَولّى / كَما يَراه الرائي
وَنَحنُ كُنّا شَباباً / نَتيه بِالكبرياء
فَكَم غَنمنا وَنلنا / مِن غادة هَيفاء
وَكَم لثمنا خُدوداً / كَالوردة الحَمراء
وَكَم بكرنا لنادٍ / بلذة الصَهباء
فَلا يغرنك حُسنٌ / فَليس ذا لبقاء
وَاحذر مَقالي يَوماً / خانَ الحَبيب وَفائي
يا لَيلةً جاد الزَمانُ بصفوها
يا لَيلةً جاد الزَمانُ بصفوها / وَشؤونُه التكديرُ بَعد صَفائهِ
أَكرَم بِها من لَيلةٍ ما شانَها / خَوفُ العَذول وَلا تَمنُّعُ تائهِ
قَضّيتُها مع أَغيدٍ يا طالما / وَاعدتُه حَتّى اِعتَنى بِوَفائه
وَوَفى بِأَحلى زورةٍ في وَقتِها / لأسرِّ مشتاقٍ بحسن لقائه
طفل يَجورُ بنا وَنَحنُ نحبه / وَطَريحُه يهواه إثرَ ذمائه
ملأ القُلوبَ محبةً وَمَهابةً / وَسبى النهى بجلاله وَبهائه
لَو شاء طُولَ الليلِ أَرخى شعرَه / أَو رامَ صبحاً ردَّه بسنائه
عاطيتُه حُرَّ المُدامِ كَأَنَّها / من وَجنتيهِ شفعتُها بضيائه
حَتّى إِذا مالَت بِهِ ملنا معاً / وَكَفى المَنام الجدّ في إرضائه
لِلّه لَيلٌ سرّ مَن يَهوى لَقَد / فَتنت بدورُ الأَرض بَدرَ سَمائه
وَلَقَد تَولّى هَل لَهُ من عودةٍ / وَلَوَ اَنَّ لَيلَ الخُلدِ دُونَ رَجائه
جَبينُك أَيها الزاهي تَلألأْ
جَبينُك أَيها الزاهي تَلألأْ / وَدرّ الثَغرِ حَين بَدا تَلألأْ
فَقم كي نَرتشف ظَلم الحُميّا / فَداعي الصَفو قَد حَيى وَنَبَّأْ
وَلا تَدَعِ المَسرّةَ وَانتهزها / وَإِن خُتمت مبادي الراح فابدأْ
وَلا تَدرأ بمصباح الدياجي / وَلكن بالسرور الهمَّ فادرأْ
فشملك بَين أُنسٍ وَاجتماعٍ / وَقَلب حَسودك الباغي تجزّأْ
وَدَهرُك بَين إِحسانٍ وَحُسنٍ / وَأَعدانا كَما نَهوى وَأَسوأْ
فَلا تقنع مِن الدُنيا بِأَدنى / وَلا تعلق بغير هَوىً وَتعبأْ
وَكُن عِندَ الخَلاعة ظَبيَ أنس / وَإِنك للوغى لَيثٌ وَأَجرأْ
وَسُد أَهلَ الجَمالِ بكل فَضلٍ / وَعَن فَضل التَجني قم تبرّأْ
وَقَلِّد لبةَ الجَنّاتِ صُبحاً / بِأَنجُم خَندريسٍ ذاكَ أَضوأْ
وَلا تَسمَع مِن الواشي المُعنَّى / فَلا مَعنى لما أَوحى فَأَخطأْ
وَلا تتعب بحملك مشرفيّاً / فَإِن حسامَ لحظك مِنهُ أَوجأْ
عرّج أُخَيَّ بظبيةِ الوَعساءِ
عرّج أُخَيَّ بظبيةِ الوَعساءِ / وَانشُد فؤادي في فنا الأَحياءِ
وَإِذا مَررتَ بِها فخف من قومها / إِلا الأُسود حمينَ بيضَ ظِباء
فَلَكَم دَمٍ سَفكوا فَضاع مصونُه / هَدراً وَكانَ معزَّزَ القرناء
قف دونَها مَع ذا النَسيم عشيةً / متخفياً في حلّة الظلماء
وَانشر لها طيَّ الهَوى عَن مدنفٍ / شَكوى العَليل لعالم بالداء
قل عبدكم يفديكمُ من دهره / بِالرُوح وَهيَ هديةُ الخلصاء
أَو ما كَفى سهرُ العُيون وَما شَفا / جَريُ الشؤونِ وَلَوعةُ الأَحشاء
يا أَيُّها الأَحبابُ كَيفَ تَسرُّكم / حالٌ تسرُّ شماتةَ الأَعداء
ذللتموا نَفساً عَليّ عَزيزةً / وَنعمتمُ تيهاً بطول شَقائي
وَمنعتمُ حَتّى الخَيال زِيارَتي / وَمنحتمُ نَومي إِلى الرقباء
وَكَأَنكم خفتم عليه حَرارةً / مِن نار قَلبي أَن يؤمَّ فِنائي
مَهلاً فإن كنتم بَخلتم بالوَفا / فمدامعي ليست من البخلاء
وَإِذا غدرتم فاعذروني في الَّذي / يُجريه دَمعي أَو يَصونُ وَفائي
أَرى منيتي ناء فزاد الهَوى عبءا
أَرى منيتي ناء فزاد الهَوى عبءا / وَلَست أَرى قَلبي لهجرانه كُفءا
فَيا هاجِراً أَبكَى الخَليلَ وَإِنَّما / غُروبُ ذُكاء الأُفق قَد أَوجب النوءا
فَيا ظالمي ارفق بِعَينٍ وَمُهجةٍ / فَحَسبي جَوىً إِن لَم أَجد لِلهَوى دَرءا
فَهَذا بِهِ جارَ السهادُ وَلم يَخن / وَذي أَحرقت ظُلماً وَما علمت شيئا
إِذا أَسقمت مَرضى العُيون متيَّماً / فَقَد حجبت عَنهُ السَلامةَ وَالبُرءا
أَرى أن لوّامي عَلَيهِ مِن الهَوى / همُ جَهلوا كُلّاً وَإِن عرفوا جزءا
فَمَن عاذري إِذ جَنةُ الخُلد أُزلفت / وَأَرسلت الطرّاتُ من ظلِّها فَيئا
وَمَن ساكنٌ إِن حرّكت قَدَّه الصَّبا / وَأَلحاظُه بِالسَيف تفجؤنا فجءا
أَساجِلُ الوُرقَ إنشاداً وَإنشاءَ
أَساجِلُ الوُرقَ إنشاداً وَإنشاءَ / وَأسألُ الحُبَّ عودَ القُرب إِن شاءَ
وَأسأل الناسَ طِبّاً للهوى دلها / وَإِنّ داء الهَوى أَعيا الأَطباء
إِني لأعجبُ من نَفسي تغرّ وَقَد / جَرّبتُ في الناس أَحباباً وَأَعداء
فَانصب أَمانيك أَشراكاً تصيد بها / إِن أَسعدت من فضاء القَصد عَنقاء
جفنٌ يُحذّرُ ما أَغرت لَواحظُهُ / بِالسَلب يوجبُ تحذيراً وَإغراء
مَسرى النَسيم بعنبرِ الظَلماءِ
مَسرى النَسيم بعنبرِ الظَلماءِ / أَهدى شَميمَ غَدائرِ الحَسناءِ
وَالبَدر أَذكرني صَفاءَ جَبينِها / لتشابه الأَنوارِ وَالأَضواء
وَالنَهر مَصقول الفرند مرصّعٌ / من نُوره بلآلئٍ بَيضاء
وَظلالُ هاتيك الخَمائل حَولَه / مَدَّت مَذابةَ إثمدٍ في الماء
وَالوَصلُ قَد جادَ الزَمانُ بِهِ عَلى / رَغمِ العَذول وَغرّةِ الرقباء
فاشرب بنا يا نُورَ عَيني خمرةً / تَنفي الهمومَ بلذّةٍ وَصَفاء
فَالراحُ رُوحٌ للسرور وَللهنا / وَصَفا المدامةِ راحةُ الندماء
هذا هوَ العَيشُ الَّذي لا يَنبغي / إِهمالُه من غدوةٍ لِمَساء
فاغنم وَطب حَيثُ الزَمان مساعدٌ / قبل الفَوات فَلَيسَ ذا لبقاء
تِه مُنيتي في الرَوضة الغَنّاءِ
تِه مُنيتي في الرَوضة الغَنّاءِ / وَأَدر بِأَمرِكَ أَكؤسَ الصهباءِ
وَاستجلِ وَجهَ غَديرها فَقَد اِنجَلى / كَجَبينِ ذاتِ سَناً وَذاتِ سَناء
نَقَشت عَلى مَتن الصَباح ظلالَها / سَطراً صفا من لَيلةٍ لَيلاء
فَكأنه إِنسانُ عَينٍ زانَه / أَهدابُهُ لإحاطةِ الأَفياء
متبسمٌ بشقيقهِ متضاحكٌ / بخدودِ وَردٍ زاهرٍ للرائي
متماوجُ الأَعطافِ من مسِّ الصَّبا / متلاعبٌ بخواطرِ الشعراء
صاحي أَدِرها وَالهَواءُ مع الهَوى / بِكَ طيِّبٌ وَمجمِّعُ السرّاء
صاحي أَدر كاساتِها فَلَقَد بَدا / وَجهُ الهيام وَضلّ كلُّ ذكاء
وَعَلى المَغاني بِالأَغاني بهجةٌ / وَمَع الغَواني حلّ جلّ صَفاء
حَمراء مازجها السرورُ فَقلدت / عقدَ الحَبابِ عَلى سُموطِ الماء
فكأنها خدٌّ أَريقَ عَلَيهِ دَمْ / عٌ وَاكتسى للحسنِ ثَوبَ حَياء
رقّت وَرقّ بِها الزَمانُ فَلَن تَرى / إِلا عَقيقاً خفَّ فهوَ هَوائي
بكرٌ تقادم عصرُها في دَنِّها / محجوبةٌ في عالم الإخفاء
حتى إِذا سَمح الزَمانُ بَدَت لَنا / تَروي حَديثَ السادةِ القدماء
بِاللَه هاتِ وَعاطني يا سيدي / وَاشرب وَطِبْ من هذهِ العَذراء
وَاغنم بنا صَفوَ الشَباب وَلا تُضِع / هذا الزَمان بغفلةِ النصحاء
وَاملا لنا يا نورَ عَيني وَاسقِنا / في غفلةِ الواشين والرقباء
وَاجعل لَيالي الأنس وَهيَ قَصيرةٌ / موصولةً بغدائرِ الحسناء
وَالأَمر ما تأمر بهِ يا سيد ال / جلساءِ يا ريحانةَ الندماء
كَأَنّ انسكاب الطلّ في جنحِ لَيلِه
كَأَنّ انسكاب الطلّ في جنحِ لَيلِه / دُموعٌ جرت من جفنِ هَيفاء كحلاءِ
وَقَد جرّدت أَيدي المَشارقِ مرهفاً / صقيلاً عَلى جَيشَي منامٍ وَظلماء
فقم نغتنم للجاشرية لذّةً / وَدَعنا عن التفريط فيها وَالاغفاء

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025