أَولى بَني حَوّاءِ
أَولى بَني حَوّاءِ / بِالمَدحِ وَالثَناءِ
مَن قَولُهُ مَعرُوفُ / وَالآلِفُ المَألُوفُ
فَطَيّب المُعامَلَه / وَأَحسنَ المُجامَلَه
وَادَّرَعَ المُصانَعه / لِيَأمَنَ المُقاطَعَه
وَبَذَلَ العَطاءَ / لا يَبتَغي ثَناءَ
أَحسِن تَكُن أَمِيرا / وَاِزهَد تَكُن نَظيرا
لَم أَرَ كَالسَخاءِ / أَدعى إِلى صَفاءِ
وَلَيسَ كَالأَيادي / أَجلبَ لِلودادِ
قَد جادَ بِالمَعالي / مَن ضَنَّ بِالنَوالِ
وَلَيسَ لِلبَخيل / في الناسِ مِن خَليل
فَإِنَّما هُم سِربُ / وَأَينَ أَينَ الحَبُّ
لا تَبغِ بِالإِحسانِ / شُكراً مِن الإِنسانِ
وَاِبتَغ شُكرَ القادِرِ / فَاللَهُ خَيرُ شاكِرِ
عَلَّ رَبيبَ نِعمَتِك / كانَ دَليلَ نِقمَتِك
أَعرِض عَن المَثالِبِ / تَسلَم مِن المَعاطِبِ
وَاِنظُر إِلى ما فِيكَ / فَإِنَّهُ يَكفِيكَ
لَيسَ مِن التَهذيبِ / حِفظُكَ لِلعُيوبِ
وَمَن يَرى رَذائِلَه / وَلا يَرى فَضائِلَه
فَذاكَ عِندي الكامِلُ / وَهوَ البَصيرُ العاقِلُ
وَمَن يُريني عَيبي / فَذاكَ خَيرُ صَحبي
أَفدِيهِ بِالحَياةِ / لِأَنَّهُ مِرآتي
أَرى بِها القَبيحا / مِنّيَ وَالمَليحا
شَرٌّ مِن المُكاشِحِ / مَن زانَ لي قَبائِحي
فَرُبَّما يَضُرُّ / لأَنَّهُ يَغُرُّ
ذاكَ الشَفيقُ الغافِلُ / وَهوَ الصَديقُ الجاهِلُ
وَلا أُريدُ حَمدي / بِالشَيءِ لَيسَ عِندي
أَأَلبَسُ المُعارا / وَأعجَبُ اِفتِخارا
فَمادِحي بِالمَينِ / مُبالغٌ في شَيني
مَن ذَمَّني بِحَقِّ / وَعابَني بِصِدقِ
أَنصحُ عِندَ العاقِلِ / مِن مادِحٍ بِالباطِلِ
سالِم جَميعَ الناسِ / تَسلَم مِن الوُسواسِ
وَطَوِّلِ العِنانا / وَقَصِّر السِنانا
هُم حَربُ مَن يُقارِبُ / فَكَيفَ مَن يُحارِبُ
إِيّاكَ وَالمُنافَرَه / وَأَحسَن المُعاشَرَه
فَحُسنُها يَزينُ / وَسُوءُها يَشِينُ
تُقَرِّبُ الغَريبا / وَتَجمَعُ القُلُوبا
كُن لَيِّنَ الخِلالِ / في القَولِ وَالفِعالِ
سَهلاً بِغَيرِ ذُلِّ / تُحمَدُ عِندَ الكُلِّ
مَن طابَ مِثلَ الزَهرِ / يُحمَلُ فَوقَ الصَدرِ
لَكنَّما الثَقيلُ / في قَومِهِ مَرذُولُ
يُلقى عَنِ الكَواهِلِ / فَالأَرضُ أَقوى حامِلِ
وَكُن سَليمَ الجانِبِ / وَاِنظُر إِلى العَواقِبِ
لَيسَ مِن العَلاءِ / وَصفُكَ بِالدَهاءِ
يَفرُّ مِنكَ الكُلُّ / وَيَتَّقيكَ الأَهلُ
مَن ذا الَّذي لا يَهرُبُ / مِنكَ وَأَنتَ عَقربُ
يَخشاكَ مَن يُجانِبُك / فَكَيفَ مَن يُقارِبُك
فَأَنتَ كَالصَيادِ / وَالناسُ كَالجَرادِ
مَن ضَمَّه الشراكُ / فَما لَهُ فَكاكُ
تِلكَ سَجايا عالِيَه / وَذِي عِظاتٌ غالِيَه
جَمعتُها في شِعري / كَلُؤلُؤٍ في نَحرِ
ظَلِلتُ فيها مُدَّه / تِسعينَ يَوماً عِدَّه
بَينَ نَهارٍ جاهِدِ / وَبَينَ لَيلٍ ساهِدِ
مُقرَّحَ الجُفونِ / مُفَرَّقَ الشؤُونِ
وَالسُقمُ منّي بادِ / وَالهَمُّ في وِسادي
وَالفِكرُ في شَتاتِ / مِن نَكَدِ الحَياةِ
في حِين أَنَّ الأَدَبا / في أَرضِ مِصر نَضَبا
فَلا أَرى مَن يُنصِفُ / وَلا أَرى مَن يَعرِفُ
وَلا أَرى تَشجيعا / لَكِن أَرى تَشنيعا
بَينَ مَقال حاقِدِ / أَو اِنتِقاد حاسِدِ
تِجارَةُ الأَخلاقِ / أَبعَدُ عَن نَفاقِ
وَباذِلُ الآدابِ / كَباذِلِ التُرابِ
فَكِدتُ عَنها أَنكُلُ / لَولا الإِمامُ الأَفضَلُ
عَلامَةُ الزَمانِ / وَمَهبِطُ العِرفانِ
هَذا فَريدُ العَصرِ / وَغُرَّةٌ في مِصرِ
وَذُو العُلا وَالمَجدِ / فيها فَريدُ وَجدي
ذاكَ الذَكيُّ الأَروَعُ / شَمسُ هُداه تَسطَعُ
مَكانُهُ لا يُجهَلُ / بَينَ الرِجالِ أَوَّلُ
أَشباهُهُ قَليلُ / وَرَأيُهُ جَميلُ
حَبَّبَ لي الإِقداما / وَثَبَّتَ الأَقداما
تِلكَ يَدٌ لا تُكفَرُ / وَمِنَّةٌ لا تُنكَرُ
فَهَذِهِ حَوراءُ / وَمَهرُها الدُعاءُ
لا أَبتَغي جَزاء / بِها وَلا ثَناء
وَالحَمدُ لِلّهِ كَما / أَولى الجَميلَ مُنعِما
ثُمَّ الصَلاةُ أَبَدا / عَلى النَبيِّ أَحمَدا