المجموع : 5
لمن قبةٌ حمراء مُدّ نُضارُها
لمن قبةٌ حمراء مُدّ نُضارُها / تطابق منها أرضُها وسماؤُها
وما أرضها إلا خزائنُ رحمةٍ / وما قد سما من فوق ذاك غطاؤُها
وقد شبّه الرحمن خلقتنا به / وحسبُك فخراً بان منه اعتلاؤُها
ومعروشةِ الأرجاء مفروشةٍ بها / صنوفٌ من النعماء منها وطاؤُها
ترى الطير في أجوافها قد تصفّفت / على نعم عند الإله كفاؤُها
ونسبتها صنهاجة غير أنها / تُقَصِّرُ عمَّا قد حوى خلفاؤها
حبتني بها دون العبيد خلافةٌ / على الله في يوم الجزاء جزاؤها
أَمدامعٌ منهلَّةٌ أم لؤلؤُ
أَمدامعٌ منهلَّةٌ أم لؤلؤُ / لما استهلَّ العارض المتلألِئُ
زارَ الخيالُ بِأَيْمَنِ الزَّوْرَاءِ
زارَ الخيالُ بِأَيْمَنِ الزَّوْرَاءِ / فَجَلاَ سَناهُ غَياهبَ الظلماءِ
وسَرى مع النَسَماتِ يَسحبُ ذيلَهُ / فأَتَتُ تَنمُّ بعنبر وكباءِ
هذا وما شَيءٌ أَلَذُ من المنَى / إِلاَّ زيارتُهُ مَعَ الإِغفاءِ
بتْنَا خَيالَيْنِ الْتَحَفْنا بالضنى / والسقم ما نخشى من الرقباءِ
حتى أفاقَ الصبحُ من غمراتِهِ / وتجاذبَتُ أَيْدي النسيم ردائي
يا سائلي عن سرِّ من أَحْبَبْتُهُ / السرُّ عندي مَيِّتُ الإِحياءِ
تاللهِ لا أشكُو الصبابة والهوى / لسوى الأَحِبَّةِ إِذْ أموتُ بدائي
يا زَيْنَ قلبي لست أبرح عانياً / أرضى بسقمي في الهوى وعناني
أبكي وما غيرُ النجيعِ مدامعٌ / أُذكي ولا ضرمٌ سوى أحشائي
أَهفُو إِذَا تهفُوا البروقُ وأَنثني / لِسُرى النواسمِ من رُبى تيماءِ
باللهِ يا نفسَ الحمى رفقاً بِمَنْ / أَغْرَيْتِهِ بتنفسِ الصعداءِ
عجباً لهُ يندَى على كبدي وقَدْ / أَذْكى بقلبي جمرةَ البُرَحَاءِ
يا ساكني البطحاءِ أيُّ إِبانةٍ / لي عندكمْ يا ساكني البطحاءِ
أَتُرى النوى يوماً تخيبُ قِداحُها / ويفوزُ قِدحي منكمُ بلقاءِ
في حَيكُمُ قمرٌ فؤادي أُفْقُهُ / تفديهِ نفسي من قريبٍ نائي
لم تُنْسِني الأَيامُ يومَ وداعِهِ / والركبُ قد أوفَى على الزوراءِ
أَبكي وَبْسِمُ والمحاسنُ تُجْتَلَى / فَعَلِقْتُ بينَ تَبَسُّمِ وبُكاءِ
يا نظرةً جاذبتها أيدي النوى / حتى استهلَّتْ أدمعي بدماءِ
من لي بثانيةٍ تنادي بالأسى / قَدْكَ اتئدْ أسرفت في الغلواء
ولرُبَّ ليلٍ بالوصالِ قطعْتُهُ / أجلو دجاهُ بأوجهِ الندمَاءِ
أَنُسَيْتُ فيه القلبَ عادةَ حِلمهِ / وحَثَثْتُ فيهِ أكؤسَ السرَّاءِ
وجَرَيْتُ في طَلَقِ التصابي جامحاً / لا أنثني لمقادة النصحاءِ
أَطوي شبابي للمشيب مراحلاً / برواحلِ الإصباح والإِمساءِ
يا ليت شعري هَلْ أُرَى أطوي إلى / قبر الرسولِ صحائفَ البيداءِ
فتطيبَ في تلك الربوعِ مدائحي / ويطولَ في ذاك المَقَام ثوائي
حيثُ النبوةُ نورها متألقٌ / كالشمس تُزْهَى في سَناً وسَناءِ
حيثُ الرسالةُ في ثنية قدسها / رَفَعَتْ لهدي الخَلْقِ خيرَ لواءِ
حيثُ الضريحُ ضريحُ أكرمِ مرسلٍ / فخر الوجودِ وشافعِ الشفعاءِ
المصطفى والمرتضى والمجتبى / والمنتقى من عنصرِ العلياءِ
خيرِ البريَّةِ مجتباها ذخرها / ظلَّ الإِلهِ الوارف الأفياء
تاج الرسالة خَتمِها وقِوامِها / وعِمادِها السامي على النظراءِ
لواهُ للأفلاكِ ما لاحت بها / شهبٌ تنيرُ دياجيَ الظلماءِ
ذو المعجزاتِ الغُرِّ والآي الألى / أُكْبِرْنَ عن عَدٌ وعن إحصاءِ
وكفاكَ ردُّ الشمسِ بعد مغيبها / وكفاكَ ما قدْ جاءَ في الإِسراءِ
والبدرُ شُقَّ لَهُ وكم من آيةٍ / كأَناملِ جاءتْ بنبع الماءِ
وبليلةِ الميلاد كم من رحمةٍ / نشرَ الإِلَهُ بها ومن نعماءِ
قد بشَّرَ الرسُلُ الكرامُ ببعثِهِ / وتقدَّمَ الكُهَّانُ بالأَنباءِ
أَكرمْ بها بشرى على قدم سَرَتْ / في الكون كالأَرْواحِ في الأَعضاءِ
أمسى بها الإِسلامُ يشرقُ نورُهُ / والكفرُ أصبحَ فاحمَ الأرجاءِ
هو آيةُ اللهِ التي أنوارُها / تجلو ظلامَ الشكِّ أيَّ جلاءِ
والشمسُ لا تخفى مَزِيَّةُ فضلِها / إلاَّ على ذي المقلةِ العمياءِ
يا مُصطفى والكونُ لم تعلَقُ بِهِ / من بعدُ أيدي الخَلْقِ والإنشاءِ
يا مُظْهِر الحقِّ الجليِّ ومُطْلِعَ ال / نّورِ السَّنِيِّ الساطعِ الأَضواءِ
يا ملجأَ الخلق المشفَّعِ فيهمُ / يا رحمةَ الأمواتِ والأحياءِ
يا آسيَ المرضى ومنتجَعَ الرضى / ومُاسيَ الأيتامِ والضُعَفاءِ
أشكو إليكَ وأنت خيرُ مُؤمَّلِ / داءَ الذنوبِ وفي يديكَ دوائي
إني مددتُ يَدِي إليكَ تَضَرُّعاً / حاشا وكلاَّ أن يخيبَ رجائي
إن كنت لم أخلص إليك فإِنَّما / خلصت إليك محبتي وندائي
وبسعدِ مولايَ الإمام محمدٍ / تَعِدُ الأماني أَنْ يتاحَ لقائي
ظلُّ الإِلهِ على البلادَ وأهلِها / فخرُ الملوكِ السادة الخلفاء
غوثُ العبادِ ولَيْثُ مشتجرِ القَنَا / يومَ الطعانِ وفارجُ الغماءِ
كالدهر في سطواته وسماحه / تجري صَباه بزَعزعِ وَرُخاءِ
رقت سجاياه وراقت مجتلى / كالنهر وسط الروضةَ الغنّاءِ
كالزَّهر في إيراقهِ والبدر في / إشراقه والزُّهر في لألاءِ
يا ابن الألى إجمالهم وجمالهم / فَلَقُ الصباح وواكف الأنواءِ
أنصارُ دين الله حزبُ رسوله / والسابقون بحلبة العلياءِ
يا ابن الخلائف من بني نصر ومَنْ / حاطوا ذمَار الملة السمحاءِ
من كل من تقف الملوك ببابه / يستمطرون سحائب النعماءِ
قومٌ إذا قادوا الجيوش إلى الوغى / فالرعب رائدهم إلى الأعداءِ
والعز مجلوب بكلِّ كتيبةٍ / والنصر معقود بكلِّ لواءِ
يا وارثاً عنها مناقبها التي / تسمو مراقيها على الجوزاءِ
يا فخر أندلسٍ وعصمةَ أهلها / يجزيك عنها اللهُ خيرَ جزاءِ
كم خضت طوع صلاحها من مهمةٍ / لا تهتدي فيه القطا للماءِ
تهدي بها حادي السُّري بعزائم / تهدي نجومَ الأفق فضلَ ضياءِ
فارفع لواء الفخْر غير مُدافع / واسحَبْ ذيولَ العّزةِ القعساءِ
واهْنَأ بمبناك السعيد فإنه / كهفٌ ليوم مشورةِ وعَطاءِ
للهِ منه هالةٌ قد أصبحت / حَرَمَ العفاةِ ومصرع الأعداءِ
تنتابُها طيرُ الرجاء فتجتني / ثمرَ المنى من دوحة الآلاءِ
للهِ منه قبةٌ مرفوعة / دون السماء تفوت لحظ الرائي
راقت بدائعُ وشيها فكأنها / وشيُ الربيع بمسقط الأنداءِ
عظّمتَ ميلادَ النبيِّ محمدٍ / وشَفعتَهُ بالليلةِ الغرَّاءِ
أحييتَ ليلك ساهراً فأفدتنا / قوتَ القلوب بذلك الإِحيَاءِ
يا أَيُّها الملكُ الهُمام المجتبى / فاتت علاك مداركَ العُقَلاءِ
من لي بأن أُحصي مناقبك التي / ضاقت بهنْ مذاهبُ الفصحاءِ
وإليك مني روضةٌ مطلولةٌ / أَرِجَتْ أزاهرها بطيب ثَناءِ
فافْسَحْ لها أكْنافَ صفحك إنها / بكرٌ أتت تمشي على استحياءِ
يا من تمدُّ له الملوكُ أكفّها
يا من تمدُّ له الملوكُ أكفّها / تدعوْ الإِله له بطول بقاءِ
أضحى وليُّ العهد نجلُك صائداً / شأن الملوك العِليةِ العظمَاءِ
ورمى البزاةَ على القناة يصيده / صيد الخليفة شارِدَ الأعداءِ
من كل خافقة الجناح إذا مشت / تبدي اختيال الغادةِ العذراءِ
أهدت لنا سَبَجَ العيون وطوَّقت / أرجاءها بعقيقةٍ حمراءِ
واستاقت الياقوتَ في منقارها / ومشت على المرجان في استحياءِ
ووشت يد الأقدار في أعطافها / وشياً زَرَى بالحلّة السّيَراءِ
ملك الطيور أتى إلى ملك الورى / فاستاقَها لمؤمَّل الخلفاءِ
وقضى سماحك أن تجود ببعضها / للعبد تُعليه على الجوزاءِ
للهِ هل شرف يضاهي ذا الذي / أوليته من منةِ غَرَّاءِ
هَيْهاتَ أينَ جزاؤها من شكره / يجزيك عنا الله خير جزاءِ
أَوَلَسْتَ قد أوليتَ كلَّ خليفة / شرقاً وغرْباً أصوب الآراءِ
فلصاحب الصفراء فخر خالد / يَحظَى به من صاحب الحمراء
بيضاً وسمراً قد شرعتَ لنصره / وأعنت بالبيضاءِ والصَّفراءِ
لا زلتَ شمس خلافة أبناؤه / مثل البدور بمرقب العلياءِ
يا أيها المولى الذي أيامه
يا أيها المولى الذي أيامه / تهمي بسحب الجود من آلائِهِ
أَبْشِرْ لجيشك بالسعادة كلّها / يَغزو ونصر الله تحت لوائهِ