المجموع : 480
ولّى الشباب حميد العين والأثَرِ
ولّى الشباب حميد العين والأثَرِ / والشِّيبُ وافى عظيمَ الخُبر والخَبَرِ
لله درّ شبابٍ كُنتُ آلفه / أندى على كَبِدِي من نِسمَةِ السَّحَرِ
عكستُ فيه قضايا النّاس كلِّهم / فما قضيتُ به لِلَّهوِ من وطرِ
ولا صبوتُ إلى كأسٍ ولا رَشَإٍ / ولا أصختُ إلى نَاي ولا وترِ
ظَلَلتُ مُنصَرِفاً عن كُلِّ ذي أشَر / وبِتُّ معتزلاً مِن كُلِّ ذي أشُرِ
حتى إذا ما مشيبي لاح لائحه / وجاءني مُنذِراً بالقربِ من سَفَرِي
هو الوزيرُ ابن مسعودٍ أبو حسنٍ / قُطبُ المعالي الكريم الذات والسِّيَرِ
ومن كَمِثلِ علي في وزارتِهِ / أغنَى عن الملك أو أحنى على البشرِ
ومن كَمِثلِ عليٍّ في إدارتِهِ / أرضَى عن اللهِ أو أغفى عن الكبرِ
ومن كَمِثلِ عليِّ في سياسَتِهِ / أهدَى إلى النفع أو أعدَى على الضررِ
خُشُوعُ قَلبٍ بخوفِ الله مُنكَسِر / يراقبُ الله في وردٍ وفي صدَرِ
ألا يا ابني الأحبَّ الزاكِيَ الآثارِ
ألا يا ابني الأحبَّ الزاكِيَ الآثارِ / ويا أخي الأغرّ السامي النِّجَارِ
ومبرزاً في شأو كل فضيلةٍ / ومُشيّداً بنيانَ كل فخارِ
قسماً وهل في الصبح من شك إذا / ما لاح أبلج ساطع الأنوارِ
لجريت في شأو المكارم سابقاً / سبق الجواد ولات حين تجارِ
إهنأ بإدراكِ المُنَى والوطَرِ
إهنأ بإدراكِ المُنَى والوطَرِ / وَقُرَّ عيناً باقتِبَالِ البِشَرِ
وانعم بأملاكك مستقبلاً / وجوه سعد سافرات الغُررِ
ونل من الدنيا النصيبَ الذي / حُبِّبَ لِلمُختَارِ خَيرَ البَشَرِ
وعصمة وافية أوجبت / طهارةَ الثَّوبِ وحُسنِ الأثَرِ
ومبصراً مستبصراً نابذاً / دار الغرور ومقام الغُرَرِ
فخير دنيا المرء حظاً له / ماحصَّنَ الدينَ وغَضَّ البَصَرِ
فَإنَّ حُبِّي فيك يا سيدي / مجدَّد الحُكمِ صَحِيحُ الخَبَرِ
صَدِيقِي لَكَ العُتبَى وَما أنتَ مُذنِبُ
صَدِيقِي لَكَ العُتبَى وَما أنتَ مُذنِبُ / لكن عَساها أن تَرُوضَ ازورَارَكا
أتاني كتاب منك لم أر وَجهَهُ / فيا ليتَ شِعرِي أنِّي طِرتُ مَطَارَكا
أبا للوم تَرمِينِي وحاشاك فالتَمِس / لِيَ العذرَ لا تشننُن عليَّ مغاركا
حكمتَ ولم تَعذُر وتلكَ حكومةٌ / لِنَفسِكَ ما أبلغت فيها انتظاركا
عتبتَ ولم تَعذُر وتَزعَمُ أنَّنِي / لك الصاحبُ الخوَّانُ مَلَّ وتَاركا
أعيذُ الودادَ المحضَ والخطةَ التي / جعلتََ التُّقَى والعَدلَ فيها شِعَارَكا
صَدَعتَ فؤادي بالعتابِ وإنه / لمنزلُكَ الأرضي فخربتَ دَارَكا
فيا ثائرَ العتبِ الذي قد عكستَهُ / بحقٍ ألا فارجع على مَن أشاركا
قدحتَ زِنَادي بالعتابِ فَهَاكَهَا / نَتِيجَةَ فِكرِ فِيهِ أضرمت نَارَكا
فها هي تُبدِي من وجُوه جَفَائِها / وتجزي سواءً بالنفار نفاركا
ولو أنني أنصفتُ سلمتُ طائعاً / لِتَأخُذَ مني باحتكامكَ ثَارَكا
فإنَّ لَكَ الحبَّ الوثيقَ بناؤُهُ / وإنَّ لَكَ الفَضلَ الذي لَن يُشَاركَا
وكم لَكَ عِندِي قَبلَهَا من قَصِيدَةٍ / أريت بها في رفع قدري اقتداركَا
حَشَدن عليَّ القَولَ مَثنَى ومَوحِدا / وأعلَينَ في سَمكِ المَعالِي مَنَاركَا
رِياضٌ تروقُ القلبَ والطَّرفَ بَهجَةً / فها أنا أجنِي في رُباها ثِمَاركَا
فلو نُشِرَ الصَّادانِ مِن مَضجَعَيهِمَا / ليومِ رهانٍ لم يشقَّا غُبَاركَا
تَثَبَّت ولا تَعجَل على مَن تُحِبُّهُ / فَمِثلُك من أولى الرضى وتداركا
فَعَهدِيَ محفوظٌ وحَسبِي بِحفظِهِ / شهادةُ ربٍّ العالمين تبارَكا
يا سيدي صفحُك المرجّى
يا سيدي صفحُك المرجّى / فاسمَح لمن فاتَهُ البكورُ
واغض عنه قلا يَنَلهُ / منكَ لتفريطِهِ نكيرُ
أبقاكَ رَبِّي تُقِيمُ رَسماً / ما هو إلاّ هدىً ونورُ
أيا حَبَّذَا ذاك العتابُ الذي مَضَى
أيا حَبَّذَا ذاك العتابُ الذي مَضَى / وإن جَرَّهُ واشٍ بزورٍ تَمَضمَضَا
أغارت له خيلٌ فما ذَعِرَت حِمىً / ولكنَّها كانت طلائع للرِّضىَ
تألَّق منه بارقٌ صابَ مُزنَهُ / على معهد الحُبِّ الصميم فَرَوَّضا
تلألأ نوراً للصداقة كالئاً / وإن ضَنَّ سيفاً بالقطيعة منتضا
فإن سوَّدَ الشيطانُ منه صحيفةٌ / أتَى مَلِكُ الرَّحمى عليها فبيّضا
وما كان حبّ أحكمَ الصِّدقُ عقده / ليفسدَهُ سَعيُ الكذوبِ فَيُنقَضَا
أيضغى حبيبٌ صحَّ صدق صفائِهِ / لِنَفثِ حُبابٍ بالأكاذيب نضنضا
أعيد وداداً زاكى القصد وافياً / تخلص من إحسانه فتمخَّضا
ونية صدق في رضى الله أخلصت / سناها بآفاق البَسِيطَةِ قد أضا
مَنِ الآفك الساعي ليُخفِيَ نُورَهَا / أيَخفَى شُعَاعُ الشَّمسِ قد ملأ الفَضَا
وكيف يَحِلُّ المبطلون بإفكهم / معاقد حبٍّ أحكمتها يَدُ القضَا
تعرَّضَ يبغي هَدمَهَا فكأنَّهُ / لتشييد مبناها الوثيقِ تَعَرَّضَا
وحرَّضَ في تنفيرِهِ فكأنَّمَا / على البِرِّ والتسكينِ والحبِّ حَرَّضَا
وأوقد ناراً فهو يَصلَى جَحِيمَهَا / يُقَلِّبُ منها القلبَ في مَوقِدِ الغَضَا
لقد حكم الجبارُ فيما سَعَى لَهُ / بِرَفضِ القَضَايَا رَافِضاً ومحرِّضَاد
بَعَثتَ من الدُرِّ النفيسِ قلائداً / على ما ارتضى حكم المَحَبَّةِ واقتضى
نتيجةُ آدابٍ وطبعٍ مُهَذبٍ / أطالَ مداهُ في البيانِ وأعرضَا
ولا مثل بِكر بَاكَرتَنِي آنفا / كزورة خِلٍّ بعدما كان أعرَضَا
هي الروضةُ الغنَّاء أينعَ زهرُها / تناضرَ حُسناً مُذهباً ومفضَّضا
أو الغادةُ الحسناءُ راقت فينقَضِي / مدى العمر في وصفي لها وما ارتضى
تطابقَ منها شَعرُهَا وجَبِينُهَا / فذا اللَّيلُ مُسوَداً وذا الصُّبحُ أبيضا
أو الشهب منها زينة وهداية / ورجمٌ لشيطانِ إذا هو قَيَّضَا
أتَت ببديعِ الشعر طوراً مصرّحا / بآثارك الحسنى وطوراً معرضا
فهل مع هذا ريبةٌ في مودةٍ / بحالٍ ولو كانت فما أنا معرضا
فثق بولائي إنَّنِي لك مُخلِصٌ / هَوًى ثابتاً يَبقَى فليسَ له انقضا
عليكَ سلامُ اللهِ ما هَبَّتِ الصِّبَا / وما بارقٌ جنح الدُّجنة أو مضا
سَقاني فأهلاً بالسقايةِ والساقي
سَقاني فأهلاً بالسقايةِ والساقي / سلافاً بها قامَ السرور على ساقِ
ولا نُقلَ إلاَّ مِن بدائعِ حكمةٍ / ولا كأس من سُرورٍ وأوراقِ
فقد أنشأت لي نشوةً بعد نشوةٍ / تَمُد بروحانيةٍ ذات أذواقِ
فمن خطِّها الفاني متاع لناظري / وسمعي وحظ الروح من حَظّها الباقي
أعادت شبابي بعدَ سبعين حِجَّةً / فأثوابُهُ قر جُدِّدَت بعد إخلاقِ
وما كنتُ يوماً للمدامة صاحباً / ولا قَبِلتُها قَطُّ نشأةُ أخلاقي
ولا خَالَطَت لحمي ولا مازجت دمي / وقى شَرَّها مولاي فالشكر للواقي
وهذا على عهدِ الشبابِ فكيفَ لِي / بها بعد ماءٍ للشبيبة مهراقِ
وشتان ما بينَ المدامين فاعتبِر / فكم بين إنجاح لسعي وإخفاق
فتلك تهادَى بينَ ظُلمٍ وظُلمَةٍ / وهذي تهادى بين نورٍ وإشراقِ
أيا علمَ الإحسان غيرَ منازع / شهادةَ إجماعٍ عليها وإطباق
قصائِدُكَ الحُسنَى عَلَيَّ تواترت / بخمر من سُحبِ فِكرِكَ غيدَاقِ
خزائنُ آدابٍ بَعَثتَ بشدُرِّها / إلىّ ولم تمنُهن بخشية إنفاق
ولا مثلَ بِكرٍ حُرَّةٍ عربيّةٍ / زكيَّة أخلاقٍ كريمةٍ أعراقِ
فاقسمُ ما البيضُ الحسانُ تَبَرَّجت / تناجيكَ سِراً بين وحي وإطراقِ
بدورٌ بدت من أفق أطواقها على / رياض تَبَدَّت في قضبة ذات أطواق
فناظر منها الأقحوان ثغورها / وقابل منها نرجس سحر أحداقِ
وناسب منها الوردُ خَداً مورّداً / سقاه الشباب النَّضرُ بورك من ساقِ
وألبسنَ من صنعاء وشياً مُنَمنَماً / وحُلِّينَ من دُرٍّ نفائسَ أعلاقِ
بأحلى لأفواهٍ وأبهى لأعينٍ / وَأجلَى لألبابٍ وَأشهَى لعشاقِ
رأيتُ بها شُهبَ السماء تَنَزَّلت / إِليَّ تُحَيِّينِي تحيةَ مشتاقِ
ألا إنَّ هذا السحرَ لا سحرَ بابل / فقد سَحَرَت قَلبِي المُعَنَّى فَمَن راقِ
لقد أعجزت شكري فضائل ماجد / أبرِّ بأحبابِ وأوفَى بميثاقِ
تقاضى ديون الشعر مني منبها / رويدك لا تعجل عليَّ بإرهاق
فلو نُشِرَ الصادان من لحديهما / لإنصافِ هذا الدَّينِ لاذا بإملاق
فلا زلتَ تُحي للمكارِمِ رَسمَهَا / وقدرُكَ في أهلِ العُلاَ والنُّهَى راقِ
أقسم بالقيسين والنابغتين
أقسم بالقيسين والنابغتين / وشَاعِرَي طيء المولدَين
وبابن حُجرٍ وزهيرٍ وابنه / والأعشيين بعدُ ثُم الأعميين
ثم بعشاق الثريا والرقيا / ت وعزةٍ ومي وبثين
وبأبي الشيخص ودعبل ومَن / كشاعِري خزاعة المخضرمين
وولدِ المعتزِّ والرَّضِيِّ والسريّ / ثم حَسنٍ وابن الحسين
واختم بقُسٍّ وسَحبانٍ فإن / أوجب حق أن يكونا أولين
وحليتي نثرهم ونظمهم / في مشرقي أقطارهم والمغربين
إن الخطيب ابنَ الخطيب سابقٌ / بنشرِهِ ونَظمِهِ للحلبتين
وافتنيَ الصحيفةُ الحسنى التي / شاهدتُ فيها المكرماتِ رأي عين
تجمع منب راعة المعنى إِلى / براعة الألفاظ كِلتَا الحُسنَيين
أشهدُ أنك الذي سبقتَ في / طريقة الآداب أقصى الأمدين
شعرٌ حوى جزالةً ورقِّةً / تصاغُ منه حِليةٌ للشعريين
رسائلٌ أزهارها منثورة / سرور قلب ومتاع ناظرين
يا أحوذيّا يا نسيج وحده / شهادة تنزَّهَت عن قول مين
بقيتَ في مواهبِ الله التي / تقر عينيك وتملأ اليدين
أسفر عن وجهٍ بديع الجمال
أسفر عن وجهٍ بديع الجمال / من اللهِ الكريم الفعال
فابتسمَت منهُ ثغورُ المُنَى / وأشرقَت منهُ وجوهُ الليال
أهلاً بهذا البرءِ من قادمٍ / ليسَ له بعد الحُلُولِ ارتحال
آب إلى المغنى فألقى العَصَا / مخيَّماً ليس لهُ من زوال
ويا لها من صِحَّةٍ أقبَلَت / بالنُّجحِ إقبال زمان الوصال
جاءت بوصلٍ ناسخ كلَّ ما / أبدَت من الصدِّ وطولِ المطال
تختال في موشى أثوابها / وتطلع المرأى لاأنيق الجمال
فأدبر السقم سريعَ الخُطا / وأقبلَ البرءُ فسيحَ المجال
فاهنأ بها من راحة سوّغت / موردها العذب البرود الزلال
أحي بها الله الهدى والنَّدى / والعلم والحلم وشتَّى المعال
خَصَّت وعمَّت فجميع الورى / يرتاح منها في ثياب اختيال
والملك قد أحكم تدبيره / بالعدلِ والبأس وبذل النوال
ألقى المقاليدَ إلى سَيِّدٍ / مؤثل المجدِ كريمِ الخلال
ابن الحكيم الحكم المرتقى / محمد معنى العلى والكمال
بَحرُ النَّدَى الزاخر شَمسُ العُلَى / طودُ النُّهَى الراسخ قُطبُ الجلال
يا سيدي يا نخبةَ الأشرافِ
يا سيدي يا نخبةَ الأشرافِ / والواحدِ المعدودِ بالآلافِ
سِر في ضمانِ الله محفوفاً بما / تهوى من الإسعادِ والإسعافِ
وإذا حَلَلتَ فَحُلَّ حيث تحلهُ / فضلٌ من الرحمنِ بادٍ خافِي
قد كنتُ جاركَ استضِيءُ بِغُرَّة / علويةٍ نبويةِ الأوصافِ
وأرى بوجهِكَ وجهَ أحمدُ طَالِعاً / كالشمس مَاحِيَة دُجى الأسدافِ
لله أي رجاحةٍ وسجاحةٍ / وسماح أخلاقٍ وعَهدٍ وافِ
نسبٌ لفاطمةَ البتولِ صُعُودُهُ / للمصطفى وكفى ونعمَ الكافِي
لا تنسني من دعوةٍ وشفاعةٍ / قسماً عليكَ بِحُرمَةِ الأسلافِ
أعزز عليَّ بِأن أودع سيداً / ثَبَتَت فضائِلُهُ بغير خلافِ
أنا ضيفكم يا آل بيتِ محمَّدٍ / وعلى الكرامِ إجارةُ الأضيافِ
سِترُكَ اللهم للذنب الجلَل
سِترُكَ اللهم للذنب الجلَل / عفوكَ اللهم عن قبح الزلَل
عائذاً بالله أن يفضحني / جامعاً لكل زيغ وخَلَل
سيدي الأعلى ومولايَ وَمَن / حُبُّه عندي قَولٌ وعَمَل
وعقيدة عليها مبعثي / وبها الأمان لي يوم الوجل
إنَّ مملوككَ عَبدٌ مُسرِفٌ / مُقبِلٌ على الخطايا والخطل
سالك لكن سبيلَ غَيِّه / غافلٌ عن رشده فيمن غَفَل
حجبته أمّ دفر فهو من / حبها ما بين سُكرٍ وَوجَل
يا إمامي أنت لي وسيلة / أرتجي بها غداً نَيلُ الأمل
يا طبيبي إنَّ دائي مُعضِلٌ / هل دواءٌ مِنكَ شافٍ لِلعِلَل
لا تظن بي الظنَّ الذي / ليس لي يا سيدي بِهِ قِبَل
وأرغب الرحمن في توبة / فعسى أحظى بها قبل الأجل
إنيّ قد مسَّني الضُّرُّ وقد / جئتُ استجدِيكَ فارحم من سأل
جمع الرحمن شملنا مع المصطفى / في دار نعمى وجذل
وبقيتَ علماً يهدي إلى / طاعةِ الرحمنِ قال أو فَعَل
أيا زَفرَتِي زِيدي ويا عَبرتِي جُودِي
أيا زَفرَتِي زِيدي ويا عَبرتِي جُودِي / على فاضِلِ الدُّنيا عليِّ بن مسعودِ
على الشامخ الأبياتِ في المجدِ والعُلاَ / على السَّابق الغاياتِ في البأسِ والجودِ
على عُدَّةِ العصرِ التي جَمَعَت إلى / مهابة موهوب طلاقة مَودودِ
على من له في المُلكِ غيرُ منازعٍ / وزارة ميمون النقيبةِ محمود
على من إذا عُدَّ الكرام فإنه / بواجب فضل الحق أول معدود
ومن كعليٍّ ذي الشجاعة والرِّضا / لإصراخ مذعور وإيواءِ مَطرُود
ومن كعليٍّ ذي السماحة والنَّدى / لإسباغِ إنعامٍ وإنجازِ موعودِ
ومن كعليٍّ ذي الرجاحة والنهى / لإفصاح إشكالٍ وإدراك مقصودِ
ومن كعليٍّ للوزارة قائماً / عليها بتصويبٍ عليها وتَصعِيدِ
ومن كعليٍّ للإدارة سالكاً / لها نَهجَ تليينٍ مشوبٍ بتشديدِ
ومن كعليٍّ للسياسةِ منفذاً / أوامرَ تنفيذٍ وأحكام تَوطِيدِ
ومن كعليٍّ في رِضَا الله حاكماً / بإيجاد معدوم ولإعدام موجودِ
ومن كعليٍّ واصلِ الرَّحِمِ التي / تَمُتَّ بتقريبٍ له أو بِتَبعِيدِ
أيا كافىء السلطان كلَّ عظيمةٍ / بآراء تسديدٍ وأعمال تَمهِيدِ
ويا حامِيَ المُلكِ المُشِيدِ بناؤُهُ / بصولة محذور وغرّة مقصودِ
ويا كافِلَ الأيتام يُجري عليهِمُ / جرايةَ نُعمَى بابها غير مَسدودِ
ذكرتُكَ في نادي الوزارة صادعاً / بأمرٍ مطاع حُكمُهُ غير مردودِ
ذكرتُكَ في صدرِ الكتيبةِ قائماً / بخدمةِ مولى بعد طاعةش مَعبُودِ
ذكرتُكَ في المحرابِ والليلُ دامسٌ / تُرَدِّدُ آيَ الذكرِ أطيبَ ترديدِ
ودمعُكَ مُرفضٌ وقلبُكَ واجبٌ / لخشيةِ يوم بينَ عينيكَ مشهودِ
لأظلمت الدنيا عليَّ لفَقدِه / فها أنا أرعاها بمُقلة مَرصودِ
وقلّص من ظل الرَّجاء فراقه / فضلَّ رجائي بعده غير مَمدودِ
وكم سَبحَت فُلكُ المُنى في بحارها / مواخِرَ فاليومَ استَوت بي على الجودِي
وهوَّن عندي كلَّ خَطبٍ مصابُهُ / فَبَعدَ عليِّ لستُ أبكي لمفقودِ
عليه سلامُ اللهِ ما ذرَّ شارقٌ / وما صَدَعَت ورقاءُ في فَرِعِ أملُودِ
وجادت ثَرى اللَّحدِ الزَّكي سحائِبٌ / مجددَّة الرُّحمى بأحسن تجديدِ
خطبٌ كما شاءت صروفُ الليال
خطبٌ كما شاءت صروفُ الليال / تَرتجُ منه راسيات الجبال
عمَّت وخصَّت فجميعُ الورَى / ضاقَ بِهِم ذرع وعزّ احتمال
طارت لها ألبابُنا روعة / فكلُّ قلبٍ فهو رَهنُ الخَبال
وأظلمت آفاقُنا وحشةً / لحادثٍ ليسَ لَه مِن مِثَال
ما للرَّدى لا كان من فاتك / تنبو لديه عزماتُ الرجال
فأي دار لم يَرُع سِربُهَا / ولم يَدُسهَا بِخُطاها الثقال
فلتبكه أندلس إنه / أوسعها العدل المديد الظلال
ولتبكه الخيل العتاق التي / أعدِّها ذخراً ليومِ النِزال
وليبكه الوفد يرجونه / ولتبكه البيض وسمر العوال
وحسبه من شرف باهر / مُخلّد الذكر فسيح المجال
أن أعقب الملك المنيع الحمى / وخلّد العزّ البعيد المنال
لله منه دوحة أنبتت / فرعاً كريماً طاب أصلاً وطال
ومن كإسماعيل محي الهدى / بصادق العزم وحسن القتال
يا أيها المولى الذي فَضلُهُ / أنطَقَنِي رويّة وارتجال
لئن أصبت بالمصاب الذي / فاض به للدمع وكف انهمال
فقد بقيتَ سالماً للوَرى / في عزّ مُلكٍ واتصالِ اقتِبَال
وأنت نعم الخلق المرتجى / والحمد لله على كلّ حال
حُقَّ أن نبكي التُّقى والفَضلا
حُقَّ أن نبكي التُّقى والفَضلا / إذ أصابت أيدي المنية فضلا
ونريق الدموعَ حُزناً على مَن / لم يُخَلِّف في الدين والعلم مثلا
أسفي يوم أودع الترب شخص / بصفات الكمال كان مُحلَّى
يا لها من مصيبة عظم الرز / ء فيها على المسلمين وجلا
كان سلكاً للعلم ضاع فما / بعد هذا بدرة تتحلى
عَلَماً كان في الديانةِ والفض / لِ فمن حاد عنه حار وضلا
قمراً كان يُهتَدى بسنانه / فطفقنا نحار لما اضمحلا
أنفَقَ العمرَ في العبادةِ إذ / لم يتخذ غير طاعةِ الله شُغلا
فسواءٌ بحالِ عُسر ويسر / وسواءٌ شيخاً وكهلاً وطفلا
عالمٌ عاملٌ تقيٌّ مُنِيبٌ / جل قدراً وطابَ ذاتاً وأصلا
في مناجاة ربه يقطع اللي / ل إلى أن يجرِّدَ الصبّحُ نَصلا
فلو أن الحِمام يُفدى لأعطيته / بيوم تبقاه عمري وقلا
وعسى الله يجمعُ الشمل منا / في جِنَانِ الفردوسِ طابت محلا
في جوار الرسول صلى عليه الل / هُ ما اقتبل النهار وولّى
رِضَى المَلِكِ الأعلى يَرُوح ويَغتَدِي
رِضَى المَلِكِ الأعلى يَرُوح ويَغتَدِي / على قَبر مَولانا الإمام المؤَيَّدِ
مَقَرُّ العُلى والمُلكِ والبأس والنَّدى / فَقُدِّس من مغنَى كريم ومشهدِ
ومثوى الهدى والفضل والعدل والنهي / فَبُورِكَ مِن مَثوى زكي ومَلحَدِ
فيا عجباً طودُ الوقارِ جلالةً / ثَوى تحتَ أطباقِ الصَّفِيحِ المنَضَّدِ
وواسِطَةُ العِقد الكريم الذي له / مآثُر فخرٍ بين مثنى وموحدِ
محمد الأرضي سَلِيلُ مُحَمَّدٍ / إمامُ الهُدَى نَجلُ الإمامِ مُحَمَّدِ
فيا نُخبةَ الأملاكِ غير منازع / ويَا عَلَم الأعلامِ غير مُفَنَّد
بَكَتكَ بلادٌ كنتَ تحمي ثُغُورَها / بِعَزمٍ أصيلٍ أو برأيِ مُسَدَّدِ
وكم مَعلَمٍ للدين أوضَحتَ رَسمَهُ / بَنَى لك في الفردوسِ أرفَعَ مَصعَدِ
هو البين ظَنا لا لَعَلَّ وَلا عَسَى
هو البين ظَنا لا لَعَلَّ وَلا عَسَى / فما بالُ نَفسي لم تفِض عندَه أسى
وَما لفؤادي لم يَذُب مِنهُ حسرةً / فتبّاً لهذا القلب سُرعانَ ما نَسى
وما لجفوني لا تفيضُ مورداً / منَ الدمعِ يَهمِي تارةً ومورّسا
وما للساني مُفصِحاً بخطابه / وما كان لو أوفى بَعَهدٍ لِيَنبسا
أمِن بعدِ ما أودَعت رُوحِيَ في الثَّرى / ورمّدتُ منِّي فلذة القلب مَرمَسَا
وبعد فراقِ ابني أبي القاسم الذي / كسانيَ ثَوبَ الثَّكلِ لا كانَ مَلبِسَا
أؤَمِّلُ في الدُنيا حياةً وأرتَضِي / مقيلاً لدى أبيَاتِها ومعرّسا
فآهٍ وللمفجوع فيها استراحة / ولا بُدَّ للمصدُورِ أن يتَنَفَّسَا
على عُمرٍ أفنَيتُ فيه بضاعتي / فأسلمني للقبر حَيرانَ مُفلسا
ظَلَلتُ به في غفلةٍ وجهالةٍ / إلى أن رَمَى سَهمَ الفِراقِ فَقَرطسَا
إلى الله أشكو بَرحَ حُزني فإنَّه / تلبّس منه القلبُ ما قد تَلَبَّسَا
وصدمة خَطبٍ نازلتني عَشِيَّةً / فما أغنَت الشكوى ولا نفعَ الأسا
فقد صدَّعت شملي وأصمت مَقاتلي / وقد هَدَّمت رُكنِي الوثيقَ المُؤَسَّسا
ثبتُّ لها صَبراً لشدَّة وقعها / فما زلزلت صَبري الجميلَ وقد رسا
ولكن لها نارٌ يشبُّ وقودها / أبيتُ لها ليل السليم موسوسا
وأطمع أن نَلقَى برحمَتِهِ الرِّضا / وأجزعُ أن نشقى بِذَنبٍ فننكسا
أبا القاسم اسمع شَكوَ والدك الذي / حسا مِن كؤوسِ البينِ أفظَعَ ماحَسا
وقفتُ فؤادي مذ رحلتَ على الأسى / فأشهدُ لا ينفكَ وقفاً محبَّسا
وقطّعتُ أمالي من النَّاس كلِّهِم / فلستُ أبالي أحسنَ المرءُ أم أسا
تواريتَ يا شَمسِي وبدرِي وناظِرِي / فصارَ وجودي مُذ تواريتَ حِندسا
وخلَّفت لي عبئاً من الثَّكلِ فادِحاً / فما أتعب الثَّكلانِ نَفساً واتعسا
فيا غُصناً نضراً ذوى عندما استوى / فأوحشني أضعافَ ما كان أنَّسا
يا نعمةً لمّا تبلّغتها انقضت / فأنعَمُ أحوالي بماعاد أبأسا
فودعته والدمعُ يَهمي سحابه / كما أسلم السلك الفريد المجنَّسا
وقبَّلتُ في ذاكَ الجبين مودَّعاً / لأكرم من نفسي عليَّ وأنفَسَا
فلو أنَّ هذا الموتَ يَقبَل فِديَةً / حبوناه أموالاً كِرَاماً وأنفُسَا
ولكنَّهُ حُكمٌ من اللهِ واجبٌ / يسلم فيه من بخير الورى ائتسى
تَغَمَّدَك الرَّحمنُ بالعفوِ والرِّضا / وكرَّم مثواك الحميدَ وقدّسا
وألفَ مِنَّا الشَمل في جَنَّةِ العُلاَ / فنشرب تسنيماً ونلبس سُندُسا
أما شُعوبٌ فخيّمَت بشعابِ
أما شُعوبٌ فخيّمَت بشعابِ / فسطت عليَّ وقطّعت أسبابِي
لم يكفها أنّي فقدت شبيبتي / وكفى به رزءاً فراقُ شبابِي
حتى رَمَتنِي صائباتُ سِهَامِهَا / بعد الصِّبا بتفاقُدِ الأحبابِ
مدَّت إليّ يَمينَهَا وشِمَالَهَا / صلة القطوع وهَجمَةَ النّهَاب
فاستأصلت أصلِي وفرعي أهلَكَت / أبويَّ ثم تعقَّبَت أعقابِي
لِلّهِ ذاكَ القبرُ ماذا ضمَّ مِن / فَضلِ الحِجَى ومحاسنِ الآدابِ
وسماحةٍ ورجاحةٍ وأمانةٍ / وصيانةٍ وطهارةِ الأثوابِ
وشمائل مرضيّة معسُولَةٍ / كالشُهدِ ممزوجاً بماءِ سحابِ
كُن في كفالةِ أحمدٍ خيرِ الوَرَى / فَلَنَا به زُلفَى وحُسنُ مآبِ
وتغمدتكَ من المهَيمِنِ رحمةٌ / فَلَنَا به زُلفَى وحُسنُ مآبِ
حتى أراكَ مُكَرَّماً ومنعَّماً / في الخُلدِ بين كواعب أترابِ
إنَّ المطايا في السراب سوابِحا
إنَّ المطايا في السراب سوابِحا / تُفلي الفَلاة غوادِيا ورَوَائِحا
عوجٌ كأمثالِ القسيّ ضوامرٌ / يَرمِينَ في الآفاقِ مَرمَىً نازحا
أو كالسحابِ تَسِيرُ مُثقَلَةً بما / حَمَلَتهُ من سُقيَا البِطاحِ دوالِحا
ركبٌ تَيَمَّم غايةً بل آية / أبدَت مُحيَّا الحق أبلج واضحا
لما دعا داعي الرشاد مردِّداً / لَبَّوهُ شَوقاً كالحَمَامِ صَوادِحا
فلهم عَجيجٌ بالبسيطة صاعدٌ / يُذكي بنار الشوق منكَ جَوانِحا
وإذا حَدَا الحادي بذكرِ المصطفى / أذروا على الأكوارِ دمعاً سافحا
عيسٌ تهادى بالمحبّين الألى / ركبوا من العزم المصمم جامحا
طارت بهم أشواقهم سبّاقةً / فتركن أعلامَ المطيّ روازحا
رِفقاً بِهنَّ فهنَّ خلقٌ مِثلُكُم / أنضاءُ أسفارٍ قطعن منادحا
قد جُبن لِلهَادِي وهاداً جمَّة / وسلكن نحو الأبطحيّ أباطحا
ناشدتك الرحمن وافد مكة / ألاَّ صرفتَ إليَّ طَرفاً طامحا
وإذا أتيتَ القبرَ قبرَ مُحَمَّدٍ / وحمدتَ سَعياً من سِفَارِكَ ناجِحا
وذُهِلتَ عن هذا الوجود مُغَيِّباً / لمَّا لمحتَ من الجمالِ مَلاَمِحَا
فاقبُر سلامي عند قبرِ المصطفى / وامسَح بيُمنَاكَ الجِدارَ مُصافِحا
حتى أناخوا بالمحصَّبِ مِن مِنى / وتأملوا النورَ المبينَ اللائِحا
وتعرَّضوا لعوارف عرفيّةٍ / هبَّت بها تلكَ الرياح لوافِحا
وآوَوا إلى الحرمِ الشريفِ فطائِفا / بالبيتِ أو بالرُكنِ منه مَاسِحا
وسقوا بها من ماءِ زمزم شربةً / نالوا بها بالخُلدِ حظاً رابحا
ثم انثَنوا قصداً إلى دارِ الهُدَى / يتَسابقونَ عزائما وجوارِحا
فتبوأوا المغنى الذي بركاتُه / فاضت على الآفاقِ بَحراً طافِحا
ختموا مناسكَهُم بزورَةِ أحمدٍ / فختامُ مسكٍ طَابَ عَرفاً نافِحا
إن السماحةَ والشجاعةَ والنَّدَى / والبأسَ والعقلَ الأصيلَ الراجِحا
وقفٌ على شَمسِ المَعَالِي يُوسُف / أعلَى المُلوك خَواتِماً وفواتحا
إن شئتَ أبدَت رقةً وملاحةً
إن شئتَ أبدَت رقةً وملاحةً / فكأنَّما هُزمَ الحسامُ المقضَبُ
لعلقت منها ذات حسن معجب / صادت فؤادي بالتي هي أعجب
لِلَّهِ منه بِكرُ فكرٍ ألبِسَت
لِلَّهِ منه بِكرُ فكرٍ ألبِسَت / ثوبَ الجمالِ على تُقى وعَفافِ