القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
لنا كلَّ يومٍ رنَّةٌ وعويلُ
لنا كلَّ يومٍ رنَّةٌ وعويلُ / وَخطبٌ يَكلُّ الرأيُ وهو صَقيلُ
بكيتُ لو اِنَّ الدمعَ يُرجعُ ميِّتاً / وأَعولتُ لَو أَجدى الحزينَ عويلُ
لَحا اللَه دَهراً لا تَزال صروفُه / تطولُ علينا دائماً وتَعولُ
علامَ وَفيما قد أَصابَ مقاتلي / وَغادَرني هامي الدموع أَعولُ
وحمَّلني خطباً تضاءَلتُ دونَه / وَما أَنا قِدماً للخطوب حَمولُ
بموتِ كَريمٍ ماجِدٍ وابن ماجدٍ / له العزُّ دارٌ والعَلاءُ مَقيلُ
فَتىً قد عَنَت يومَ الهياج له القَنا / وراح الحسامُ العضبُ وهو ذَليلُ
بكاهُ القَنا الخَطّي علماً بأَنَّه / كَسيرٌ وأَنَّ المشرفيَّ كَليلُ
فمن للعَوالي بعد كفَّيه والنَدى / ومن في صفوف الناكثينَ يَجولُ
ومَن بعدَه للسَيف والضَيف والعلى / وَمَن بعدَه للمكرُمات كَفيلُ
رَبيبُ عُلاً شحَّ الزَمانُ بمثله / وَكُلُّ زَمانٍ بالكرام بَخيلُ
وَلَمّا نَعى الناعي به ضاق بي الفضا / وَراحَت دموعي الجامداتُ تَسيلُ
وَهَيهات أَن تأتي النِساءُ بمثله / وَيَخلف عنه في الأَنام بَديلُ
سأبكيكَ يا عمّارُ ما ناحَ طائِرٌ / وما نُدبَت بعد الرحيل طُلولُ
مُصابي وإِن طوَّلته عنك قاصرٌ / وَدمعي وإن كثّرتُ فيكَ قَليلُ
سلكتَ وأَسلكتَ الأَسى في حشاشتي / ممرَّ سَبيل ما سواه سَبيلُ
لك اليومَ في قَلبي مكانُ مودَّةٍ / ودادُك فيه ما حَييتُ نَزيلُ
فإن هاطِلاتُ السُحب شحَّت بسقيها / سقاكَ من الجَفن القَريح هَطولُ
عليك سَلامُ اللَه منّي تحيَّة / مَدى الدَهر ما غالَ البَريَّة غولُ
حسنُ اِبتدائي بذكري جيرةَ الحرم
حسنُ اِبتدائي بذكري جيرةَ الحرم / له بَراعةُ شَوقٍ تستهلُّ دمي
دَعني وعُجبي وعُج بي بالرسوم ودَع / مركَّب الجهل واِعقل مطلقَ الرُسُمِ
بانوا فَهانَ دَمي عندي فَها نَدمي / على ملفَّق صَبري بَعد بُعدهمِ
وَذيَّل الدمُ دَمعي يوم فرَّقهم / وَراح حبّي بلبّي لاحقاً بهمِ
يا زَيدُ زَيدَ المنى مذ تمَّ طرَّفني / وَقال هِم بهم تُسعد بقربهمِ
كَم عاذِلٍ عادِلٍ عنهم يصحِّف لي / ما حرَّفته وشاةُ الظُلم والظُلَمِ
ما زِلتُ في حرق منهم وفي حزَن / مشوَّشَ الفكر من خَصمي ومن حكمي
ظنّوا سلوّيَ إِذ ضنّوا فما لفظوا / بذكر أُنسٍ مضى للقَلب في إِضمِ
قدري أَبو حسنٍ يا معنويُّ بهم / ووصفُ حال ابنِه حالٍ بحبِّهمِ
أَجروا سوابقَ دَمعي في محبِّتهم / واِستطردوها كخيلي يوم مزدحَمِ
ذَوى وريقُ شبابي في الغَرام بهم / من اِستعارة نار الشَوق والأَلَمِ
وَلّوا بسخطٍ وعُنف نازحين وقد / قابلتُهم بالرِضا والرفق من أمَمِ
وإِن هُمُ اِستَخدموا عَيني لرَعيهم / أَو حاولوا بذلَها فالسَعدُ من خَدمي
إِنَّ اِفتنانَهم في الحسن هيَّمني / قدماً وقد وطِئت فرقَ السُهى قدمي
لفّي ونَشري اِنتهائي مبدئي شَغفي / مَعهم لديهم إِليهم منهم بهمِ
ما أَسعدَ الظبي لو يَحكي لحاظَهم / أَو كنتَ يا ظبيُ تُعزى لالتفاتِهمِ
أَمَّلت عَودَهم بعد العتاب وقد / عادوا ولكن إِلى اِستدراكِ صدِّهمِ
قالوا وقد أبهموا إِنّا لنرغبُ أَن / نَراكَ من إِضم لحماً على وَضمِ
إِن أَدنُ ينأوا وما قَلبي كقلبهم / وَهَل يُطابَقُ مصدوعٌ بملتئِمِ
أرسلتُ إِذ لذَّ لي حبِّهمُ مثلا / وَقَد يَكون نَقيعُ السمِّ في الدَسمِ
تخييرُ قَلبيَ أَضناني بهم ومحا / منّي الوجود وأَلجاني إلى النَدمِ
راموا النَزاهةَ عن هَجوٍ وقد فَعَلوا / ما لَيسَ يَرضاه حفظُ العَهد والذِمَمِ
هازلتُ بالجِدِّ عُذّالي فَقُلتُ لهم / أَكثرتم العذلَ فاِخشوا كِظَّة البَشمِ
تهكُّماً قُلتُ للواشين لي بهم / لَقَد هُديتم لفصل القول والحِكمِ
قالوا وقد زخرفوا قَولاً بموجبه / فهِمتَ قُلتُ هيامَ الصبِّ ذي اللَممِ
كَم اِدَّعوا صدقَهم يَوماً وما صدقوا / سلَّمتُ ذاكَ فما أَرجو بصدقهمِ
قالوا سَمعنا وهم لا يَسمعون وقد / أَوروا بجنبيَّ ناراً باِقتباسِهمِ
عدلتُ قَصداً لأسلوب الحكيم وقد / قالوا تَشا قلتُ ثَوبَ الصِدق والحكمِ
هديتَ يا لائمي فاِترك موارَبتي / فَلَيسَ يحسنُ إِلّا ترك ودِّهمِ
أحسِن أسئ ظُنَّ حقِّق أدنِ أقصِ أطل / حُك وَشِّ فوِّف أبن أخفِ اِرتحل أَقمِ
من رام رشدَ أَخي غيٍّ هَدى وأَتى / كلامُه جامِعاً للصِدق لا التُهمِ
قالوا تُراجعُهم من بعد قُلتُ نعم / قالوا أَتصدقُ قُلتُ الصِدق من شيمي
وإِنَّني سَوفَ أوليهم مناقضةً / إِذا هرمتُ وشبَّ الشَيخُ بالهرمِ
غايرت غيري في حبِّهم فأَنا / أَهوى الوشاةَ لتقريبي لسَمعهمِ
هُم وشَّحوني بمنثور الدموع وقد / توشَّحوا من لآليهم بمنتظمِ
عدمتُ تذييلَ حظّي حين قصَّره / طولُ التفرُّق والدُنيا إلى عَدمِ
تشابَهَت فيهم أَطرافُ وصفِهمُ / ووصفُهم لم يُطقه ناطقٌ بفمِ
أَنا الَّذي جئتُ تتميماً لمدحهم / نظماً بِقَولٍ يُباهي الدرَّ في القيمِ
هجوتُ في معرض المدح الحسودَ لهم / فَقُلتُ إِنَّك ذو صَبرٍ على السَدَمِ
لَم يَكتَفوا بي عميداً في محبّتهم / بَل كُلُّ ذي نظر فيهم أَراه عَمي
زادَ اِحتباكُ غَرامي يا عَذولُ بهم / فبرّئِ القلب من غيٍّ أَو اِتَّهمِ
نَتائجي اِتَّصلت والاتّصال بهم / عزٌّ وعزّي بهم فَخرٌ على الأُمَمِ
بهجرهم كم وَكَم فلَّ الهوى أمماً / وردَّ صَدراً على عَجزٍ بهجرِهمِ
سَلَوتُ من بعدهم هيفَ القدود فَلَم / أستثنِ إِلّا غصوناً شُبِّهت بهمِ
وقد قصدتُ مراعاةَ النظير لهم / مِن جُلَّنار ومن وَردٍ ومن عَنَمِ
رَفَعتُ حالي إِليهم إِذ خفضت وقد / نصبتُ طَرفي إلى تَوجيه رسلهمِ
طربتُ في البُعد من تمثيل قربهمُ / وَالمَرءُ قد تَزدَهيه لذَّةُ الحلمِ
عاتبت نَفسي وَقُلتُ الشيبُ أَنذرني / وأَنتِ يا نفسُ عنه اليوم في صَممِ
لا برَّ صدقي وعزمي في العُلى قسمي / إِن لَم أَردَّكِ ردَّ الخيل باللُجمِ
وَقَد هُديتُ إلى حسن التخلُّص من / غيّ النَسيب بمدحي سيِّد الأُمَمِ
مُحمَّدٌ أَحمَدُ الهادي البَشير بن عب / د اللَّه فخر نِزارٍ باطِّرادِهمِ
عزُّ الذَليلِ ذَليلُ العزِّ مبغضُه / فاِعجب لعكس أَعاديه وذلِّهمِ
هو القسيمُ له أَوفى القسيمَ على / نَفي القسيم ولا ترديد في القسمِ
زاكي النِجار علوُّ المجد ناسَبَه / زاهي الفَخار كَريمُ الجَدِّ ذو شَمَمِ
أَفضالُه وَمَعاليه ورفعتُه / جمعٌ من الفضل فيه غير مُنقسمِ
أَوصافُه اِنسجمت للذاكرين لها / في هل أَتى في سَبا في نون والقَلمِ
فاِسمع تناسبَ أَطرافِ المديح له / واِفهم معانيه إِن كنت ذا فَهَمِ
معظَّمٌ باِئتلاف المعنيين له / من عفو مقتدرٍ أَو عزِّ منتَقِمِ
كلَّ البَليغُ وقد أطرى مبالغةً / عَن حصرِ بعض الَّذي أولى من النِعمِ
لَو أَنَّه رام إِغراق العداة له / لأَصبح البَرُّ بحراً غير مقتَحَمِ
ولا غلوَّ إذا ما قُلتُ عزمتُه / تَكاد تَثني عهودَ الأَعصر القُدُمِ
قاسوه بالبَحر وَالتَفريقُ متَّضحٌ / أَينَ الأُجاجُ من المستَعذَب الشَبِمِ
تَلميحُه كَم شَفى في الخلق من عِلَلٍ / وَما لعيسى يَدٌ فيها فَلا تَهِمِ
وآدمٌ إذ بدا عنوانُ زلَّته / به توسَّل عند اللَه في القِدَمِ
به دعا إِذ دَعا فرعونُ شيعتَه / موسى فأفلتَ من تَسهيم سحرهمِ
لاح الهُدى فَهَدى تَشريع ملَّته / لمّا بدا لسلوكِ المنهج الأَممِ
وَاللَه لَولا هُداه ما اِهتدى أَحَدٌ / لمذهبٍ من كلام اللَه ذي الحِكمِ
نَفى بإِيجابه عنّا وسنَّتِه / جَهلاً نضلُّ به عن واضِح اللَقمِ
ولا رجوعَ لغاوي نهج ملَّته / بَلى بإرشاده الكشّاف للغُمَمِ
ردَّت بمُعجزه من غير تَوريةٍ / له الغَزالةُ تَعدو نحوَ أُفقهمِ
تجاهلَ العارفُ الباغي فقال له / أَمعجزٌ ما تَرى أَم سحرُ مُجتَرِمِ
وما عليه اِعتراضٌ في نبوَّته / وهو الصَدوق فَثِق بالحقِّ واِلتزمِ
وَقصدُ إِحضاره في الذِهن لاح لنا / لَمّا سَرى فيؤمُّ الرسلَ من أمَمِ
هُوَ العوالمُ عن حصرٍ بأَجمعِها / وَملحق الجزءِ بالكلّي في العِظمِ
تَهذيبُ فطرته أَغناهُ عَن أَدَبٍ / في القول والفعل والأخلاق والشيَمِ
ما زالَ آباؤُهُ بالحمد مذ عُرفوا / فَكانَ أَحمدهم وفق اِتِّفاقِهمِ
ضياؤُهُ الشَمسُ في تَفريق جمع دُجىً / وقدره الشَمسُ لم تُدرك ولم تُرمِ
وَكَم غزا لِلعِدى جَمعاً فقسَّمه / فالزَوجُ للأيمِ والمَولودُ لليُتمِ
فمن يماثلُه أَو من يجانسُه / أَو من يقاربُه في العِلم والعَلمِ
لَقَد تقمَّص بُرداً وشَّعته له / فخراً يدُ الأَعظَمين البأسِ والكَرَمِ
تَكميلُ قدرته بالحلم متَّصفٌ / مَع المهابة في بشر وفي أَضمِ
شَيئان شِبههما شيئان منه لنا / نداهُ في المحل مثلُ البُرء في السَقمِ
سامي الكِناية مهزولُ الفصيل إذا / ما جاءَه الضَيف أَبدى بِشر مُبتسمِ
لا يسلبُ القِرنَ إِيجاباً لرِفعته / وَيسلبُ النقصَ من إِفضاله العممِ
يَجزي العداةَ بعدوانٍ مشاكلةً / وَالفَضلُ بالفضل ضعفاً في جزائهمِ
ساوت شجاعتُه فيهم فصاحته / فردَّهم معجزاً بالكَلم والكَلِمِ
ماضيه كالبرق والتَشبيه متَّضحٌ / ينهلُّ في إِثره ما لاح صوبُ دمِ
إِذا فرائدُ جيشٍ عنده اِتَّسقت / مَشى العُرَضنة والشعواءُ في ضَرمِ
كَفاهُ نصراً على تَصريع جيشهم / رُعبٌ تُراعُ له الآساد في الأُجُمِ
لم تبقِ بدرٌ لهم بدراً وفي أُحُدٍ / لَم يَبقَ من أَحَدٍ عند اِشتقاقهمِ
أَلَم يفد أَجرُ برٍّ جاد في ملأ / لم يستحل باِنعكاسٍ عن عطائهمِ
إِن مدَّ كفّاً لتقسيم النَوال فهم / ما بين مُعطىً وَمُستجدٍ ومُستَلمِ
درى إِشارة من وافاه مُجتدياً / فجادَ ما جادَ مرتاحاً بلا سأمِ
شَمسٌ وبدرٌ ونجم يُستضاء به / ترتيبُه اِزدانَ من فرعٍ إلى قدمِ
جلَّت معاليه قَدراً عن مُشاركةٍ / وهو الزَعيم زَعيمُ القادة البُهمِ
للواصفين عُلاه كلَّ آونةٍ / تَوليدُ معنىً به الأَلفاظُ لم تَقُمِ
إِبداع مدحي لمن لم يُبقِ من بِدعٍ / أَفاد رِبحي فإن أَطنبتُ لم أُلَمِ
ما أَوغلَ الفكرُ في قَولٍ لمدحته / إِلّا وَجاء بعِقدٍ غير مُنفصمِ
فَهَل نوادرُ قَولي إِذ أَتت علمت / بأنَّها مَدحُ خير العُرب والعَجمِ
تطريز مدحيَ في عَلياهُ مُنتظمٌ / في خير منتظم في خير منتظمِ
تكرار قَولي حَلا في الباذخ العَلم / اِبن الباذخ العَلم ابن الباذِخ العَلمِ
وآله الطاهِرون المُجتَبون أَتى / في هل أَتى ظاهِراً تنكيتُ فضلهمِ
هم عصمةٌ للوَرى تُرجى النجاةُ بهم / يا فوز من زانَه حسنُ اِتِّباعهمِ
أَطعهمُ واِحذَر العِصيان تنجُ إِذا / بيضُ الوجوه غدت في النار كالفَحمِ
بُسطُ الأَكفِّ يَرون الجودَ مغنمةً / لا يعرفون لهم لفظاً سوى نَعمِ
ما الروضُ غِبَّ النَدى فاحَت روائحُه / يَوماً بأَضوَع من تَفريغ نعتِهمِ
بيضُ المَكارِم سودُ النقع حمرُ ظبىً / خضرُ الديار فدبِّج وصفَ حالهمِ
تَفسيرُهم وَمَزاياهم وَفخرُهمُ / بعِلمهم وَمَعاليهم وجودِهمِ
لا يَستَطيع الورى تعديدَ فضلهم / في العلم والحلم والأَفضال والكَرَمِ
الحسنُ ناسقَ والإحسانُ وافقَ وال / إِفضال طابقَ ما بين اِنتظامهمِ
ما طابَ تَعليلُ نشرِ الريح إذ نسمت / إلّا لإلمامها يوماً بأَرضِهمِ
من التعطُّف ما زالوا على خُلقٍ / إِنَّ التعطّفَ معروفٌ لخلقهمِ
يعفونَ عَن كُلِّ ذنبٍ إذا قدروا / مُستتبعين نداهم عند عَفوِهمِ
تمكينُ عَدلٍ لهم أَرسَوا قواعدَه / يَرعى به الذئبُ في المَرعى مع الغنمِ
وظنُّهم زادَ إيضاحاً وَبخلُهُم / بعرضِهم وَنَداهم فاض كالديمِ
ان شئتَ في معرِض الذمِّ المديح فقل / لا عَيبَ فيهم سوى إِكثارِ نيلهمِ
محقِّقون لتوهيم العِدى أَبَداً / كأَنَّهم يعشقون البيض في القِمَمِ
من كُلِّ كاسرِ جَفنٍ لا هدوَّ له / من الغِرار فخذ أَلغاز وصفهمِ
هم أَردَفوا عَذَب الخَطّي جائلةً / حيث الوشاحُ بضرب الصَارم الخذمِ
قُل في عليٍّ أَمير النَحل غُرَّتهم / ما شئتَ وفق اِتِّساعِ المدح واِحتكمِ
لا تعرضنَّ لتعريضي بمدحتِه / فإِنّني في وِلادي غيرُ متَّهمِ
همُ همُ اِئتلفوا جمعاً وما اِختلفوا / لَولا الأبوَّة قلنا باِستوائهمِ
إِيداع قَلبي هواهم شاد لي بهم / من العناية رُكناً غير منهدِمِ
الحَمدُ لِلَّه حَمداً دائماً أَبَداً / على مواردَتي قَومي بحبِّهمِ
إِنَّ اِلتزاميَ في ديني بجدِّهم / ما زالَ يفعم قَلبي صدقُ ودِّهمِ
إِذا تزواج إِثمي فاِقتضى نقمي / حقّقتُ فيهم رَجائي فاِقتَضى نعمي
هم المجاز إِلى باب الجنان غداً / فَلَستُ أَخشى وهم لي زلَّةَ القَدمِ
جرَّدتُ منهم لأعناق العدى قُضباً / تبري الرقابَ بحدٍّ غير منثَلمِ
حقَّقتُ إِيهام توكيدي لحبِّهم / ولم أَزَل مغرياً وجدي بهم بهمِ
بهم ترصَّع نظمي واِنجلى أَلَمي / وكم توسَّع علمي واِعتلى عَلَمي
طَويتُ عَن كُلِّ أَمر يُستَلذُّ به / كشحاً وقد لذَّ لي تفصيل مدحهمِ
إِذا أَتَيتُ بِتَرشيحٍ لمدحتهم / حلّى لِساني وجيدي فضلُ ذكرهمِ
حذفتُ ودَّ سِوى آل الرَسول ولم / أَمدح سِواهم ولم أَحمَد ولَم أَرُمِ
تَقييدُ قَلبي بمدحي فيهم شَرفي / في النشأتين ففخري في مديحهمِ
سمَّطتُ من فَرحي في وصفهم مِدَحي / ولَم أَنَل منحي إلّا بجاهِهِمِ
جزّيتُ في كلمي أَغليتُ في حكمي / أَبديتُ من هممي أَرويتُ كلَّ ظمي
نلتُ السَلامةَ من بحر القريض وقد / سلكتُه لاِختراعي درَّ وصفهمِ
وَصحبُه الأوفياءُ الأَصفياء أَتى / تضمينُ مزدوجٍ مدحي لجمعهمِ
لَفظي وَمَعنايَ قد صحَّ اِئتلافُهما / بمدح أَروعَ ماضي السَيف والقَلَمِ
موازنٍ مازنٍ مستحسنٍ حَسَنٍ / معاونٍ صائنٍ مستمكنٍ شهمِ
تأَلَّف اللفظُ والوَزنُ البسيط له / فاِطرَب له من بديع النظم منسجمِ
وأَلَّف الوَزنُ والمعنى له لسني / بِمقوَلٍ غير ذي عيٍّ ولا وجمِ
وَجاء باللَفظ فيه وهو مؤتلفٌ / باللَفظ يحدو به الحادون بالنَغمِ
لا ترض إِيجازَ مدحي فيه واِصغ إلى / مَدحي الَّذي شاعَ بين الحلِّ والحرمِ
تسجيع منتظمي والغرُّ من حكمي / ألفاظها بِفَمي دُرٌّ من الحكمِ
وأَنتَ يا سيِّدَ الكَونين معتَمدي / في أَن تُسهِّل ما أَرجو ومعتَصمي
أَدمجتُ مدحك والأيّام عابسةٌ / وأَنتَ أَكرمُ من يُرجى لدى الأزمِ
وَكَم مننتَ بلا منٍّ على وَجلٍ / من اِحتراس حلول الخطبِ لم يَنَمِ
حسنُ البيان أَرانا منك معجزةً / أَضحت تقرُّ لديها الفصحُ بالبكمِ
نُصِرتَ بالرُعب والأَقدارُ كافيةٌ / وَعَقد نصركَ لم يحلُله ذو أَضمِ
كَم ماردٍ حردٍ شَطرته بيدٍ / تَشطيرَ منتقمٍ باللَه مُلتَزمِ
فمن يُساويكَ في فضلٍ ومكرمةٍ / وأَنتَ أَفضَلُ خلق اللَه كلِّهمِ
براعتي أَبت التَصريح في طلبي / لما رأَت من غوادي جودِك السَجمِ
أَلحِق بحسن اِبتدائي ما أَنالُ به / حسنَ التخلُّص يَتلو حُسنَ مُختَتَمِ
سَلِ البانَ عنهم أَينَ بانوا ويمَّموا
سَلِ البانَ عنهم أَينَ بانوا ويمَّموا / أَلِلجزعِ ساروا أَم برامَةَ خيّموا
وَهَل شُرعَت تلك القِبابُ بسَفحها / وأَمسى بها حاديهُم يترنَّمُ
وَهَل رنَّحت فيها الغَواني قدودها / وأَغصانُها من غيرَةٍ تتبرَّمُ
وَهَل هيمنَت ريحُ الصبا بشِعابها / سُحَيراً وَراحَت بالشَذا تَتَنسَّمُ
وَهَل وردت ماءَ العُذيب أَوانِسٌ / فإنّي أَرى أَرجاءَه تَتَبَسَّمُ
وَبي غادَةٌ منهنَّ ما أَسفرت ضحىً / لشمس الضُحى إلّا غدت تتلثَّمُ
تُغير سَنى الأَقمار غُرَّة وجهها / وَيحسدُ عِطفيها الوشيجُ المقوَّمُ
تقسَّمَ فيها الحسنُ لمّا تفردَّت / فكُلُّ فؤادٍ في هَواها مقسَّمُ
وَلَم أَنسَها وَالبينُ ينعقُ بيننا / وَنارُ الجوى بين الجوانح تُضرَمُ
وقد نثرت دُرَّ الدُموع بخدِّها / وفي جيدها دُرُّ العقود المنظَّمُ
أُسائلُها يوم التفرُّق عَن دَمي / فتومي بكفٍّ عِندَ مَن وهي عَندمُ
وَسارَت فَسالَت أَدمعٌ من محاجر / فَما أبعدَت إلّا وأَكثرُها دَمُ
وَراحَت حُداةُ العيس تشدو بذكرها / وَظَلَّت مَطاياها تَغورُ وتُتهمُ
وما كلَّمتني حين زُمَّت رحالُها / وَلَكِنَّ قَلبي راح وهو مُكلَّمُ
وَكَم من خليٍّ ثَمَّ لم يدرِ ما الهَوى / غدا وهو مُغرىً بالصَبابة مُغرَمُ
أَغارت عليه بالفتور لحاظُها / وأَقصَدَه منها نِبالٌ وأَسهمُ
تصرَّم صفو العيش بعد فِراقها / فَلَم يبق إلّا حسرةٌ وتندُّمُ
يَقولون سَل عنها الدِيارَ بذي الغضا / وَهَل ذو الغضا إِلّا فؤادي المتَيَّمُ
وَما خيّمت بالمُنحنى من مُحجّرٍ / وَلكن ضُلوعي المنحنى والمخيَّمُ
وإِن يمَّمت سَفحَ العَقيق بمقلتي / فَيا حبَّذا سفحُ العَقيق الميمّمُ
وَنفحةِ طيبٍ من لطائم نشرِها / تحمَّلها عنها النَسيمُ المهَينِمُ
فَجاءَ يجرُّ الذَيلَ من مَرَحٍ بها / وَوافى بها وَالرَكبُ يَقظى ونُوَّمُ
فَلَم يَدرِ ما أَهدَتهُ لي غير مهجَتي / ولا اِرتاح إِلّا قَلبي المتأَلِّمُ
لئن ضاعَ عهدي عندها بعد بُعدِها / فَما ضاعَ عِندي عهدُها المتقدِّمُ
وَلَم تَثنني عَنها مقالةُ لائِمٍ / وإِن أَكثرت فيها وشاةٌ وَلوَّمُ
وأَكتمُ وَجدي في هَواها تجلُّداً / وَلكنَّ دَمعي بالغَرام يُترجمُ
توهَّم سلواني العذولُ جهالةً / بما جنَّ قَلبي ساءَ ما يتوهَّمُ
فَيا جيرةً كانوا وكنّا بقربهم / نُذِلُّ تَصاريفَ الزَمان ونُرغمُ
تحلّى بهم عيشي لَيالي وصالِهم / فمرَّت فأَضحى وهو صابٌ وعَلقمُ
نشدتكُمُ هَل عهدُنا بطوَيلع / على العَهد مأهولٌ كما كنت أَعلمُ
وَهَل دارُنا بالشِعب جامعةٌ لنا / وَهَل عائدٌ بالوَصل عيدٌ وموسمُ
نأَيتم فأذوى ناضرَ العَيش نأيُكم / وَعادَ رَبيعُ الوصل وهو محرَّمُ
وَلَو شئتُمُ ما فرَّق البينُ بيننا / ولا عنَّ طَيرٌ للتفرُّقِ أَشأمُ
وَلكنّكم أَبعدتُمُ شُقَّة النَوى / فأَصبحتُ من جور النَوى أَتظلَّمُ
صِلوا أَو فصدّوا كيف شئتم فأَنتم / أَحبِّةُ قَلبي جرتم أَم عدَلتمُ
وإِن جلَّ خَطبي في هواكم فمخلصي / إِذا عَظُم الخطبُ الجنابُ المعظَّمُ
محمَّد المبعوث من آل هاشمٍ / وَخاتم رُسل اللَه وهو المقدَّمُ
نبيُّ الهدى بحرُ النَدى أَشرفُ الورى / وأَكرمُ خلق اللَه جاهاً وأَعظمُ
بمبعثه إِنجيلُ عيسى مبشِّرٌ / وَتَوراةُ موسى والزبورُ مُترجمُ
به أَشرقت شَمسُ الهِداية بعدما / أَضَلَّ الورى لَيلٌ من الغيِّ مُظلمُ
له معجزاتٌ لا يُوارى ضياؤُها / وَكَيفَ يوارى الصبحُ أَم كيفَ يُكتَمُ
بمَولده غارَت بحيرةُ ساوةٍ / وإيوانُ كسرى راح وهو مهدَّمُ
وأَخمدَ نيرانَ المجوس قدومُه / وَكانَت على عُبّادِها تتضرَّمُ
وأَمسَت نجومُ الأفق تَدنو وشهبُها / رجومٌ لسُرّاق الشياطين تَرجمُ
درَّت على ظِئريه من بركاته / بمقدمِه أَنواعُ بِرٍّ وأَنعُمُ
ورُدَّت عليه الشَمسُ بعد غروبها / وَشُقَّ له بَدرُ السَماء المتمَّمُ
وَفاضَت مياهٌ من أَنامِل كفِّه / فَأَروَت بها علاً ظِماءٌ وَحوَّمُ
وَمن شاطئ الوادي أَجابتهُ دوحةٌ / وَجاءَت إليه من قَريبٍ تُسلِّمُ
وحنَّ إليه الجذعُ بعد فِراقه / فَراح لما قد نالَه يتحطَّمُ
وفي كفِّه من خشيةٍ سبَّح الحصى / ومن جودها أَثرى فَقيرٌ ومُعدِمُ
ترقّى إلى السَبع السَماوات صاعِداً / وَبارئه يُدنيهِ برّاً ويُكرمُ
فأَمَّ جميعَ الأَنبياءِ مقدَّماً / وَحُقَّ له حَقّاً هناك التَقَدُّمُ
وَصَلّى عليه اللَه في ملكوته / وَقالَ لنا صَلّوا عليه وَسَلِّموا
نبيٌّ هو النورُ المضيءُ لناظر / وَلَم أَرَ نوراً قبله يتجسَّمُ
نَبيٌّ أَبانَ الدينَ بعدَ خفائِه / وأَوضحَ منه ما يحلُّ وَيحرُمُ
وَجلّى ظَلامَ الشِركِ منه بغرَّةٍ / هي الصبحُ لكن أفقُها ليس يظلِمُ
هُوَ البَحرُ والبَرُّ الرؤوفُ وإِنَّه / أَبرُّ بنا من كُلِّ بَرٍّ وأَرحَمُ
يَجودُ وقد لاحَت تباشيرُ بِشرِه / وَيبذلُ وهو الضاحكُ المتبسِّمُ
مكارمُه أَربَت على الحصرِ كَثرةً / وكُلُّ بَليغٍ عَن مَعاليه مُفخَمُ
وَماذا يَقولُ المادحونَ وقد أَتى / بِمدحتِه نصٌّ من الذِكر مُحكَمُ
إذا ما بدا في آله الغُرِّ خلتَه / هُنالكَ بدرَ التمِّ حفَّته أَنجُمُ
عليٌّ أَميرُ المؤمنين وصيُّه / إليه اِنتَهى كُلُّ النُهى والتكرُّمُ
به ضاءَ نورُ الحقِّ واتَّضحَت لنا / مَعالِمُ دين اللَه والأَمرُ مُبهَمُ
وَما أَنكرت أَعداؤُه عَن جهالة / مناقبَه العُظمى ولكنَّهم عَموا
هُوَ البطلُ الشهمُ الأَغرُّ السُمَيدع ال / همامُ السريُّ الأَكرَمُ المتكرِّمُ
يفلُّ شَبا الأَعداءِ وهو مُذرَّبٌ / وَيَثني عنانَ الجيش وهو عَرَمرَمُ
لئن جَحدت قَومٌ عظيمَ مقامِه / وَقالوا بِما قالوا ضَلالاً وأَبهموا
فقد شهدَ الذكرُ المبينُ بفضله / وَطيبةُ وَالبيتُ العَتيقُ وَزَمزَمُ
وأَبناؤُهُ من بعده أَنجم الهُدى / هم العروةُ الوثقى الَّتي لَيسَ تُفصَمُ
مودَّتُهم أَجرُ النبوَّة في الورى / وَحبُّهم فرضٌ علينا محتَّمُ
هم القَومُ كُلُّ القومِ في الفضل والنَدى / وَما منهم إلّا مُنيلٌ ومُنعِمُ
ولا عيبَ فيهم غَير أَنَّ نزيلَهم / يُخيَّرُ فيما عندَهم وَيُحكَّمُ
عليهم صَلاةُ اللَه ما هبَّت الصَبا / وَنشرُهم من طيِّها يتنسَّمُ
فَيا خَيرَ خَلقِ اللَه جئتُك قاصِداً / وَقصدُك في الدارين مَغنىً ومغنَمُ
فكن لي شَفيعاً من ذنوبيَ في غَدٍ / إذا أَحرزت أَهلَ الذُنوب جهنَّمُ
وأَنعِم فدتكَ النَفسُ لي بزيارةٍ / فأَنتَ الَّذي يولي الجزيلَ وَيُنعِمُ
فَقَد طالَ بُعدي عن جَنابك سيِّدي / وَقَلبيَ بالأَشواق نحوكَ مُفعَمُ
وَفي النَفس آمالٌ أريد نجاحَها / وأَنتَ بما في النَفس أَدرى وأَعلَمُ
عليكَ صَلاةُ الله ثمَّ سَلامُه / مَدى الدَهر لا يَفنى ولا يتصَرَّمُ
وآلِكَ وَالصحب الكرام أولي النُهى / بهم يُبدأ الذكرُ الجَميل وَيُختَمُ
مثالُ نعلِ رَسول اللَه ذي الكرمِ
مثالُ نعلِ رَسول اللَه ذي الكرمِ / شفاءُ كلِّ عَليلٍ من ضَنى السَقمِ
أَكرم به من مِثالٍ زانه شَرَفٌ / من أَشرَف الرُسلِ خير الخَلق كلِّهمِ
محمّدٍ أَحمد المحمود مَن شَرُفت / بوطئ نعليه أَرضُ القُدس والحرَمِ
فاِلثمهُ لثم محبٍّ لم يفُز بِلقا / حَبيبه فرأى الآثارَ للقدَمِ
وعفِّر الخدَّ فيه واِكتحل نظراً / به فرؤيتُه تَشفي من الأَلَمِ
واِحملهُ تظفَر بما تَرجوه من أَمَلٍ / واِحفظه تُحفظ من الأَسواء واللَممِ
وَكَم نَجا حاملوهُ الحافظونَ له / من سوءِ خَطب ملمٍّ فادحٍ عَممِ
وَراجعِ النَفحات العنبريَّة في / وَصفِ النِعال الَّتي فاقَت على القِمَمِ
تَظفَر بِما يُبرئ الأَبصارَ من رَمَدٍ / وَالقلبَ من كمد والسَمعَ من صَمَمِ
لِلَّه دَرُّ إِمامٍ حبَّرت يَدُه / تلك الدراري الَّتي صيغت من الكَلمِ
وَكَم فَتىً فاتَه لثمُ النِعال غدا / يَرجو وَيأملُ أَن يَلقاه من أمَمِ
وَراحَ ينشدُ والأشواق تزعجُه / مثالَ نعليه هلّا قُبلةً بِفَمِ
أَشذا نعمان أَهدتُه النُعامى
أَشذا نعمان أَهدتُه النُعامى / أَم سرَت تحملُ عن نُعمٍ سَلاما
كلَّما أَهدت إلينا نفحةً / خلتُها فضَّت عن المسكِ ختاما
أَرِجَ الرَوضُ بريّا طيبها / وروى عن طيبها نشرُ الخُزامى
وَسرت بالهِند منها نسمةٌ / فشممنا شيحَ نجدٍ والبَشاما
يا رَعى اللَه ربوعاً بالحِمى / وَسَقاها صوبَ دَمعي فالغماما
وَكَسا أَعطافَ هاتيك الرُبى / حُللاً طرَّزَها الغيثُ اِنسجاما
كَم بها من غادَةٍ إِن أَسفَرَت / في الدُجى أَوفت على البدر تَماما
وإذا ما أَشرَقَت رأدَ الضُحى / سَفَرت عن طلعة الشَمسِ لِثاما
هزَّت السمرَ عليها غيرةً / غلمةُ الحيِّ إذا هزَّت قَواما
واِنتضَت دونَ حِماها قُضُباً / مُرهَفاتٍ ترشحُ الموتَ الزؤاما
ما نُبالي لو أَمِنّا طرفَها / أَسناناً أَقبَلونا أَم حُساما
وَعَذولٍ رامَ نُصحي في الهَوى / كلَّما خاطَبَني قُلتُ سَلاما
أَتُراه لا رأى ذاك البها / كانَ أَعمى أَم تراهُ يَتَعامى
يا نزولَ المُنحنى من أَضلُعي / وَحُلولاً من غَضا قَلب مَقاما
إِن أَكن شِبتُ غَراماً بعدَكم / فالهَوى العُذريُّ ما زالَ غُلاما
بنتُمُ عن ظِلِّ باناتِ اللِوى / وَشرَعتم برُبى نجدٍ خياما
كلَّ يوم نيَّةٌ تنأى بكم / وَهواكم حيثما حلَّ أَقاما
كَم إِلى كَم أَتَقاضى وصلَكم / وإلامَ الهَجرُ لا كان إلى ما
أَفَحَقّاً لا تَمَلّون الجَفا / وَعذولي فيكم ملَّ المَلاما
وَجَميع الدَهر صدٌّ وَقلىً / يَنقضي الدَهرُ ولم أَقضِ مَراما
ما مَرامي بغرامي بكم / وَعَذابي في الهَوى كانَ غَراما
يا ندامايَ وأَسرارُ الهوى / لَم يُطق كتمانَها إلّا النَدامى
أَعلمتُم أَنَّ جيرانَ اللِوى / خفروا العَهدَ ولَم يَرعَوا ذِماما
سَفَكوا بالخَيف عن عمد دمي / واِستحلّوا بمنىً منّي حَراما
زعموا أَيّامَ جمعٍ جمعت / بهمُ شَملي وِلاءً ولِماما
لا وَمَن سارت إليه ذُلُلاً / في بُراهُنَّ يُبارين النَعاما
لَم تكن إلّا ثَلاثاً واِنبرَت / بهمُ بُدنُ المَطايا تَتَرامى
وأَحالوني عَلى آثارِهم / ما شَفوا داءً ولا بَلّوا أواما
يا حُداة الظعنِ هل من وقفةٍ / برُبى طيبةَ تَشفي المُستَهاما
وَقفَةٌ لا أَشتَكي من بعدِها / لوعةَ البَين ولا أَشكو الهُياما
هي أَقصى أَملي لا رامةٌ / وَمُنى قَلبيَ لا دارُ أماما
أنخ العيسَ بها واِقرأ على / من به طابَت صَلاةً وَسَلاما
واِلثِم الأَرضَ لديه خاضِعاً / واِستلم أَعتابَه العُليا اِستِلاما
إنَّها حضرةُ قدسٍ لم تزل / حولَها الأملاكُ أَفواجاً قياما
واِدعُ إِن ناجيتَه مبتهلاً / واِخفضِ الصوتَ خشوعاً واِحتراما
واِعتصِم منه بحبلٍ إِنَّه ال / عُروةُ الوُثقى لمن رامَ اِعتصاما
خيرةُ اللَه الَّذي أَرسلَه / بالهُدى للدين والدنيا قِواما
ملأ العالمَ نوراً وَسَناً / وَجَلا عن غُرَّة الحقِّ ظلاما
وَرقى هامَ المَعالي صاعداً / واِمتَطى من كاهِل المجد سَناما
خصَّه اللَهُ بأسمى رُتبةٍ / جلَّ أَدنى قَدرِها عن أَن يُسامى
وَلَقَد أَسرى به في لَيلةٍ / كان فيها للنبيّين إِماما
لَيلَةٌ ودَّ سَنى الصبحُ لها / أَنَّه في فمها كان اِبتساما
فاقَت الأَفلاكَ فخراً عندما / وطِئت أَقدامُهُ منهنَّ هاما
أَحرزَ السهمَ المُعَلّى إِذ دَنا / قابَ قَوسين ولم يُقرع سِهاما
بدأ اللَه به الخلقَ كَما / ختم اللَهُ به الرُسلَ الكراما
حاز أَصنافَ المَعالي قدرُه / وحَوى الآخرَ منها والقُدامى
وأَتانا بكلامٍ معجِزٍ / أَفحمَ المنطيقَ إِن رام كلاما
فُضِّلت آياتُه إِذ نُسِّقَت / نَسَقاً يهزأ بالدُرِّ نِظاما
وَسمت حجَّتُه إِذ وَسَمت / كلَّ خَصمٍ رامَ للحقِّ خِصاما
فاِنثَنى عنها مقرّاً أَنَّ في / أَنفهِ الرغمَ وفي فيه الرغاما
يا لَها أَحكامَ حقٍّ أحكمت / لا يرى عِقدُ لآليها اِنفصاما
وَلَكم من مُعجزٍ أَظهرَه / لَم يَدَع للحقِّ في الخلق اِكتتاما
يا رَسولَ اللَه يا أَكرمَ مَن / أَغدقت سحبُ أَياديه الأناما
يا منيلَ المُرتجي مِن جوده / نِعماً غُرّاً وآمالاً وِساما
جُد لراجيكَ بما أَمَّله / وأَنِلهُ ما لَه أَمَّ وَراما
واِنتقِذني من يد البَين الَّذي / شفَّ جِسمي وَبَرى منّي العِظاما
وَبأَرضِ الهند طالَت غيبتي / إنَّها ساءَت مقرّاً وَمُقاما
فَمَتى أَرحَلُ عنها قاصداً / رَبعكَ المأنوسَ والبيتَ الحَراما
أَولني يا خيرَ من أَولى يَداً / منك قُرباً يُبرئ الداء العَقاما
وأَقِلني عَثَراتٍ لم أَزَل / ساعياً في كسبِها خَمسينَ عاما
ثمّ كُن لي من ذُنوبي شافعاً / يوم يَقضي اللَه عفواً واِنتقاما
وَصَلاةُ اللَه تترى دائماً / وتَغَشّاك مدى الدَهرِ دَواما
وتعمُّ الآلَ والصَحبَ الألى / بِعُلاهم نهضَ الحقُّ وقاما
لَقَد آن أَن تثني أَبيَّ زمامها
لَقَد آن أَن تثني أَبيَّ زمامها / وَتُسعفَ مشتاقاً بردِّ سلامِها
سَلامٌ عليها كيف شَطَّت ركابُها / وأَنّى دَنت في سَيرها وَمقامها
حملتُ تَمادي صدِّها حين كان لي / قوى جلَدٍ لم أَخش بثَّ اِلتئامِها
وَكُنتُ أَرى أَنَّ الصُدودَ مودَّةٌ / ستُدلي بقُربى الودِّ بعد اِنصرامها
فأَمّا وقد أَورى الهوى بجوانحي / جَوى غُلَّةٍ لم يأن بلُّ أوامِها
فَلَستُ لَعمري بالجَليد على النَوى / وهَل بعدَها للنفسِ غيرُ حِمامها
إِذا قُلتُ هَذا آنُ تنعمُ بالرِضا / يَقول العِدى هَذا أَوانُ اِنتقامِها
أطارحَها الواشونَ أَنّي سلوتُها / وها أَنا قد حكَّمتُها في اِحتكامِها
أَبى القَلبُ إِلّا أَوبةً لعهودِها / وَحفظاً لها في أَلِّها وذِمامِها
يُسفِّهني فيها وشاةٌ ولوَّمٌ / ومن سَفهٍ إِفراطها في ملامِها
وَهَل طائِلٌ في أَن يَلوم على الهَوى / طَليقٌ وقَلبي مُوثقٌ بغرامِها
وَأَتعبُ من رام العذولُ سلوَّه / محبٌّ يَرى نيلَ المنى في اِلتِزامِها
وأَنّي بعد الوصل أَرجو لقاءَها / لِماماً ولكن كَيفَ لي بلمامِها
أُحِبُّ لريّا نَشرها كلَّ نفحةٍ / تَمرُّ بنَجدٍ أَو خُزامى خزامِها
سَقى أَرضَ نَجدٍ كُلُّ وطفاءَ ديمةٍ / وَما أَرضُها لَولا محطُّ خيامِها
أَجل وَسَقى تلكَ الربوع لأَجلها / وأَغدقَ مرعى رَندِها وَبَشامها
هوىً أَنشأتهُ المالكيَّةُ لَم يزل / وَثيقاً على حلِّ العُرى واِنفصامها
فهَل علمت أَنَّ الهوى ذلك الهَوى / وأَنَّ فؤادي فيه طوع زمامِها
وَلَم يُبقِ منّي الوَجدُ غيرَ حُشاشةٍ / تراد على توزيعها واِقتسامها
كَفاكِ فَحَسبي من زَماني خطوبُه / فإِنَّ فؤادي عُرضةٌ لسهامها
أُساورُ منها كلَّ يوم وليلة / صروفاً قعودُ الجدِّ دون قيامها
إِلى اللَه أَشكوها حوادثَ لم تزل / تروِّعُ حتّى مقلتي في منامها
وَلَولا رَجائي في أَجلِّ مؤمَّل / رجوتُ لِنَفسي منه بُرءَ سقامها
إِذاً لَقَضى خَطبُ الزَمان وصرفُه / عليها وأَمست في إِسارِ لِزامِها
هو الأَبلجُ الوضّاحُ أَشرقَ نورُه / فجلّى عن الدنيا قتامَ ظلامِها
أَجلُّ ذوي العَليا وواحدُ فخرها / وأَكرمُ أَهليها ومولى كرامِها
حَمى حوزةَ المجد المؤثَّل والعُلى / فأَصبحَ من عليائها في سَنامِها
وَقام بأَعباءِ الشريعة ناهضاً / فأَيَّدها في حلِّها وَحَرامِها
به أَينعت روضُ النَدى وتهدَّلت / فروعُ العُلى واِنهلَّ صوبُ غمامها
فَتىً لا يَرى الأَموالَ إلّا لبذلها / إِذا ما رآها غيرُه لاِغتنامِها
له منَنٌ يَربو على الحصر عدُّها / غدا كُلُّ راج سارحاً في سَوامها
نمتهُ سَراةٌ من ذؤابة هاشمٍ / رقت شامخاتِ المجد قبل فِطامِها
وَلاحَت نجوماً في سماءِ فخارِها / فأَشرقَ فيها وهو بدرُ تمامها
أَمولى المَوالي شيخِها وغلامِها / وَربّ المَعالي فذِّها وتؤامِها
رقيت من العَلياءِ أَرفعَ ذروةٍ / مقامَ ذُكاء والبَدرُ دون مقامها
فأَصبح لا يَرجو لحاقك لاحقٌ / بعلياك إلّا شانَها باِهتضامِها
فدتكَ أناسٌ أَنتَ أَوَّلُ عزِّها / ودولةُ قومٍ كنت بَدءَ قوامِها
يُناويكَ فيها جاهِلٌ كُلُّ همِّه / دِراككَ في سُبل العُلى واِقتحامها
وَهَيهات كم جاراكَ جَهلاً عصابةٌ / فخلَّفتَها آنافها في رغامها
وَكَم غابِطٍ نُعماك لجَّ بجهله / ضلالاً وقد أَوردته من جِمامها
فأَغضيتَ عنه صافحاً متفضِّلاً / وَعادَت عليه هاطلاتُ اِنسجامِها
وإنّي على ما قد جنيتُ لواثقٌ / بِسَهل السَجايا منك لا بعُرامها
فَهَل تُسعفني من رضاكَ بنظرةٍ / تَنال بها الآمالُ أَقصى مرامِها
يَكاد يحلُّ اليأسُ نَفسي لما بها / إذا نظرت فيما جنَت باجترامِها
وَتطمعُني أَخلاقُك الغرُّ أَنَّها / رياضٌ زهت أَنوارُها في كِمامِها
فَكَيفَ وقد منَّيتَني منك مُنيةً / بوعد أَرى كلَّ المنى في اِستلامِها
وإنَّك مِمَّن يَسبقُ القَولَ فعلُه / وكم من رجال فعلُها في كَلامِها
وَقُربي إليك الدهرَ أَقصى مطالبي / وَإِن كثرت من روقها ووسامِها
فَخذها نظامَ الدين وابنَ نِظامه / محبَّرةً تزهو بحسن نِظامِها
ضننتُ بها عن كُلِّ سمعٍ وإنَّما / مديحُك كانَ اليومَ فضُّ خِتامها
صحَّت لصحَّتكِ العلياءُ والكرمُ
صحَّت لصحَّتكِ العلياءُ والكرمُ / وأَصبح المجدُ بعد الروع يبتسمُ
وأَسفرت أَوجُهُ الآمال ضاحكةً / واِستبشرت بشفا عليائِك الأُممُ
وأَصبح الدستُ مملوءاً سَنى قمر / تُجلى بطلعته الأَحلاكُ والظُلَمُ
يَفديك كُلُّ مفدّىً في عشيرته / وَيُمرضُ الضرُّ من يَشناك والسَقُمُ
لا جاوزت سوحَك العلياءُ قطُّ ولا / عدت نواحيكَ الأَفراحُ والنِعمُ
ولا برحتَ مدى الأَيّام في نِعمٍ / مؤمَّلاً يُمترى من كفِّك الكرمُ
مَهلاً سقتكَ الغوادي هاطلَ الديم
مَهلاً سقتكَ الغوادي هاطلَ الديم / من ذا يباريك في قَولٍ وفي حكمِ
نطمتَ قسراً نجومَ الأفق في نسَقٍ / ورمتَ نظمي وأَين الأفقُ من كَلِمي
ما الدرُّ في نَسقٍ والبدرُ في أفقٍ / والليثُ في نقمٍ والغَيثُ في كرمِ
أَبهى نظاماً وأَسنى منك مطَّلعا / أَدهى اِنتقاماً وأَجدى منك في نعمِ
فَهل لمن رامَ أَن يَحكي عُلاك عُلاً / في مثل هذي المساعي الغرِّ من قدمِ
إِن رمت فخراً فَقُل ما شئتَ من هِمَمٍ / أَو رمتَ مشياً فطأ ما شئت من قمَمِ
ما نفثهُ السِحر إلّا شعرك السامي
ما نفثهُ السِحر إلّا شعرك السامي / يا من عَلا كلَّ نثّارٍ ونَظّامِ
لأَنتَ أَفصحُ من لاقيتُ من يمنٍ / ومن شآمٍ على الإطلاق يا شامي
دَع النَّدامةَ لا يذهب بك النَّدَمُ
دَع النَّدامةَ لا يذهب بك النَّدَمُ / فَلستَ أَوَّلَ من زَلَّت به قَدمُ
هيَ المَقاديرُ والأَحكامُ جاريةٌ / وَللمهيمن في أَحكامه حِكمُ
خفِّض عليك فما حالٌ بباقيةٍ / هَيهات لا نعمٌ تَبقى ولا نِقمُ
قد كنتَ بالأمس في عزٍّ وفي دعةٍ / حيث السرورُ وصفو العيش والنِعمُ
وَاليوم أَنتَ بدار الذلِّ مُمتهنٌ / صفرُ اليدين فلا بأسٌ ولا كَرَمُ
كأَنَّ سَيفكَ لم تلمع بوارقُه / وَغيث سَيبك لم تهمَع له ديمُ
ما كانَ أَغناكَ عن حِلٍّ ومرتحلٍ / لَولا القَضاءُ وما قد خطَّه القَلَمُ
يا سفرةً أَسفرت عن كُلِّ بائقةٍ / لا أَنتجت بعدكَ المهريَّةُ الرُسُمُ
حللتُ في سوح قومٍ لا خلاقَ لهم / سيان عندهم الأَنوارُ والظُلَمُ
تَسطو بأسدِ الشَرى فيها ثعالبُها / وَالصقرُ تصطادُه الغربانُ والرخَمُ
وَيفضل الغمدُ يوَ الفخر صارمه / وَتَستَطيلُ على ساداتها الخدمُ
إِن لَم يبن لهم فضلي فلا عَجبٌ / فَلَيسَ يُطربُ شادٍ من به صمَمُ
أَو أَنكروا في العُلى قدري فقد شهدت / حتماً بما أَنكَروه العُربُ والعجمُ
ما شانَ شأني مقامي بين أَظهرهم / فالتبرُ في التُرب لم تنقص له قيمُ
لا تعجبوا لهمومي إِن برت جسدي / وأَصبحت نارُها في القلب تَضطَرِمُ
فهمُّ كلِّ امرئٍ مقدار همَّته / وَلَيسَ يفترقان الهَمُّ والهِمَمُ
لا كانَ لي في رقاب المعتفين يدٌ / ولا سعت بي إلى نحو العُلى قَدمُ
إِن لم أَشقَّ عُباب البحر ممتطياً / هوجاءَ لَيسَ لها عقلٌ ولا خطمُ
أَمّا الركابُ فقد أَوليتُهنَّ قِلىً / وَالخَيلُ لا قرعت أَشداقَها اللُجمُ
ما زِلتُ أَطوي عليها كلَّ مقفرة / يهماء لا نُصُبٌ فيها ولا عَلَمُ
فَلَم أَنَل عندها مِمّا أُؤمِّلُه / إِلّا أَمانيَّ نفس كلُّها حُلمُ
يا للرِجال لخطب جلَّ فادحُه / حتّى المعارفُ ضاعَت عندها الذممُ
ما إِن وثقت بخلّ أَو أَخي ثقةٍ / إِلّا دَهاني بخطب شرُّه عَممُ
وكُلُّ ذي رَحمٍ أَوليتُه صلةً / شكت إِلى رَبِّها من قطعِه الرَحِمُ
هَذا اِبنُ أُمّي الَّذي راعيت قربتَه / ما كانَ عِندي بسوء الظنِّ يُتَّهمُ
أَدنيتُه نظراً مني لحرمته / وَذو الديانة للأَرحام يحترمُ
أَضحى لِعرضي مَع الأَعداءِ منتهكاً / وَراحَ للمال قبلَ الناسِ يلتهمُ
ما صانَ لي نسباً يوماً ولا نشباً / ولا رَعى لي عهوداً نقضُها يَصِمُ
قَد كنتُ أَحسبه بالغيب يحفظني / وَلَو زوانيَ عنه المَوتُ والعدمُ
حتّى إِذا غبتُ عنه قامَ منتهباً / داري وراح لما خلَّفتُ يغتنمُ
تاللَه ما فعلَ الأَعداءُ فعلتَه / كلّا ولا اِهتَضَموا ما ظلَّ يهتضمُ
هلّا نَهاهُ نُهاه أَو حفيظتُه / عن سلب ما حُلّي النسوانُ والحُرَمُ
وافى بهنَّ وما أَوفى بذمَّته / سُلباً عواطلَ لا سورٌ ولا خَدمُ
أَين الفتوةُ إِن لم يَنهَهُ ورَعٌ / وَلَم يَخَف غبَّ ما قد راح يجترمُ
هبه أَضاعَ إِخائي غير محتشمٍ / أَلَيسَ عن دون هَذا المَرءُ يحتَشِمُ
كأَنَّه كان مطويّاً على إِحنٍ / فَعِندما غبتُ عنه راح ينتقمُ
ما كانَ هَذا جَزائي إذ رَعيتُ له / حقَّ الإخاءِ ولكن للورَى شيمُ
فَقُل سَلامٌ على الأَرحام ضائعةً / فَقَد لعمري أَضاعَت حقَّها الأُمَمُ
يا قائِلاً إِنَّ قشرَ البُنِّ قد حَرُما
يا قائِلاً إِنَّ قشرَ البُنِّ قد حَرُما / لكونه مُفسداً عقلَ الَّذي طَعِما
إِفسادُه العقلَ مَمنوعٌ كما شَهِدَت / به التَجاربُ فاِسأل من به عَلما
وإِن بتحريمِهِ أَفتى مكابرةً / أَبو كثيرٍ فدَعهُ والَّذي زَعَما
فَلَيسَ تحريمُه يوماً بضائِرنا / إِذ كانَ إفسادُه للعقل قد عُدِما
وَما يحلِّلُ شَيئاً أَو يحرِّمُه / إلّا الَّذي خلقَ الأَشياءَ لا العُلَما
ليقعد الدَّهرُ بي ما شاءَ وليَقُم
ليقعد الدَّهرُ بي ما شاءَ وليَقُم / لَيسَ التَضاؤل للأَهوال من شيمي
ما جرَّدَ الدَهرُ عضباً من فوادحه / إلّا وجرَّدتُ عضباً من شبا هِممي
كَم عاذِرٍ عاذلٍ في الدهر قُلتُ له / أَقصر فَلَيتكَ لم تعذُر ولم تلمِ
غيري لتَهدي اللَيالي ولتضلّ به / فَلَستُ منها على حال بمتَّهمِ
أَنضو اللَيالي وتَنضوني منادمةً / وما قرعتُ بها سنّاً من النَدمِ
فَقُل لِمَن سامني صبراً على مضضٍ / من القطيعة عمداً غير محتشِمِ
لا تحسَبنّي وإِن أَلفَيتَني سَلَماً / يَوماً بمستسلم للحادث العممِ
لئن صدعتَ صَفاةَ الشمل مجتهداً / فَما عطفتَ على قُربى ولا رحِمِ
ماذا عَلى الفَرع خانته الأصولُ إذا / تأَصَّل الفَرعُ بين المَجدِ والكَرَمِ
عارضُه السندسِيُّ من رقمه
عارضُه السندسِيُّ من رقمه / وَثغرُه اللؤلؤيُّ من نظمَه
ومن كَسا الأُرجوانَ وجنتَه / وأَكسبَ الأقحوانَ مبتَسمَه
ومن أَعار الصباحَ طلعَتَه / فَلاحَ يَجلو عَن أفقه ظُلمَه
وأَرقَم الصدغَ والعذارَ على / صفحةِ خدّيه من بَرى قلمَه
محجَّب إِن بَدَت محاسنُه / هفَت عليه القُلوبُ مُزدحمَه
لَو لَم يكن في صِفاته علماً / ما نشر الحسنُ فوقَه عَلمَه
لَم أَنسَ إِذ زارَني بلا عِدَةٍ / في لَيلةٍ بالسعود مبتسِمَه
فبتُّ فيها بالوصل مُبتَهِجاً / وأَنفُسُ الكاشحين مضطرمَه
وَلَم يزل والمُدامُ يَعطفُهُ / عليَّ عطفاً حتّى لثمتُ فمَه
فَذقتُ ماءَ الحياة من بَرَدٍ / لم يَخشَ فقدَ الحياة من لثمَه
وَبات والسكرُ قد أَطاف به / يُظهر لي من هَواه ما كتمَه
حتّى بَدا الصبحُ فاِنثَنى عجلاً / لَم يشِ واشٍ به ولا اِتَّهمَه
أَقسمُ باللَيلِ من ذوائِبه / والصبحِ من فرقه إذا قَسمَه
ما طابَ بعد اِستماع منطقِه / لِمَسمَعي من مُحاوِرٍ كَلِمَه
سوى كَلامٍ لسيِّدٍ سندٍ / حازَ العُلى والفخارَ والعظمَه
لا سيَّما شِعرهُ الَّذي اِطَّردَت / أَبياتُه بالبيان منسجمَه
كأَنَّه الدرُّ ضمَّه نسَقٌ / أَو الدراري في الأُفق مُنتظمَه
إِن يُصغ يوماً إليه ذو صَمَمٍ / أَزالَ عنه بلطفه صَمَمه
يا سيِّداً جلَّ قدرُه فسمت / صفاتُه بالكَلام متَّسِمَه
وَيا شَريفاً حلَّت شهامتُه / بكلِّ مجد ومفخرٍ شيمَه
شنَّفتَ سَمعي بنظم قافيةٍ / لَو باهَت الدرَّ أَرخَصت قيمَه
فَلا عَدمنا بلاغة نسقَت / منه المَعاني وأَبدعت حِكمَه
لا زلتَ في عزَّة وفي دعةٍ / وصولةٍ من عِداك مُنتقمَه
ما أَودَع السحر في بلاغته / وضمَّن الدرّ شاعِرٌ كلِمَه
سَرت نفحةٌ من حيِّهم بسلام
سَرت نفحةٌ من حيِّهم بسلام / فأَحيَت بما حيَّت صَريعَ غَرامِ
لئن نَقعَت من لاعج الوجد غُلَّةً / فمن بعد ما أَورَت لهيبَ أوامِ
أَحيَّت براحٍ أَم بريّا تحيَّةً / سكرتُ بها سُكري بكاس مُدامِ
سرت قبل مَسراها الصبا بشميمها / فأَزرت بعَرفي عَبهرٍ وَخُزامِ
ووافى شَذاها بالشِفاءِ لمدنفٍ / من الشوق مَغلولِ الجَوانح ظامي
وَلَمّا دَنت منّي حللتُ لها الحُبى / وَبادرتُ إِعظاماً لها بقيامِ
وَمطَّت قناعَ الطِرس عَن ضوء حسنها / فنارَ بها رَبعي وضاءَ مقامي
فشنَّفتُ سَمعي من فَرائد لفظها / بجوهر أَسلاكٍ ودُرِّ نظامِ
وَقلَّدتُ جيدي من تقاصير نظمها / عقودَ لآل فذَّةٍ وتؤامِ
وَلَم أَدرِ ما أَهداه لي حسنُ سجعها / أَرنَّةَ شادٍ أَم هديلَ حَمامِ
كأَنَّ معانيها بحالِكِ نِقسها / بدورُ تَمام في بهيم ظَلامِ
كأَنَّ مبانيها مباسمُ غادةٍ / نضَت عن لآليها فضولَ لثامِ
كأَنَّ قوافيها أَزاهرُ رَوضةٍ / تبسَّمن صُبحاً عَن ثغورِ كِمامِ
وَما بالُها لا تجمع الحسنَ كلَّه / وقد بلغت في الحُسن كلَّ مَرامِ
ولا غروَ أَن أَربت على القول أَنَّها / كَلامُ ملوكٍ أَو مُلوكُ كلامِ
فَيا سيِّداً مذ غالني الدَهرُ قربَه / وَقفتُ عليه لوعتي وهُيامي
تحدَّر دَمعي مذ تذكَّر عهدَه / تحدُّر قَطرٍ من مُتونِ غَمامِ
وأَصبحتِ الأَحشاءُ من فرط شَوقه / تشبُّ لظى نيرانها بضِرامِ
بعثتَ بأَبيات من الشعر أَصبحَت / تَمائم جيدي بل شفاءَ سقامي
أَبَنتَ بها عن لهجةٍ هامشيَّةٍ / ملكتَ بها للقولِ كلَّ زِمامِ
توارثتها عن عصبة مضريَّةٍ / مدارهَ فصحٍ منجبين كرامِ
وضمَّنتها من خالص الودِّ نفثةً / شحذتَ بها عضبي ورِشت سِهامي
وإِن كُنتُ أَضمرت السكوتَ تحيَّة / فحسبي سكوتٌ ناطقٌ بذمامي
فَلا برحت تغشاكَ منّي رسائلٌ / بنشر ثناءٍ أَو بطيب سَلامِ
أحيّي به ذاك المُحيّا وإِنَّما / أحيّي به وَاللَه بدرَ تَمامِ
بَكيتُ لبرقٍ لاحَ بالثغر باسمُه
بَكيتُ لبرقٍ لاحَ بالثغر باسمُه / فَكانَت جفوني لا السحاب غمائمُه
أَما وَالهَوى لَولا تَساجُمُ عبرتي / لَما لامَ قَلبي في الصَبابة لائمُه
كتمتُ خَفايا الحبِّ بين جوانحي / فنمَّت دموعي بالَّذي أَنا كاتِمُه
وَمن يُمسك الأجفانَ وهي سحائبٌ / إذا لمعت لمعَ البروق مباسمُه
خَليليَّ قد أَبرمتماني مَلامةً / وأَلَّمتما قَلبي بما لا يلائمُه
كأَنّي بدعٌ في مُلابَسة الهَوى / وَلَم يَكُ قَبلي مغرمُ القلب هائمُه
تَرومانِ مِن قَلبي السلوَّ جهالةً / بما أَنا من سرِّ المحبَّة عالمُه
وَكَيفَ سلوّي مَن أَلِفتُ وإنَّنا / لإِلفان مُذ نيطَت بكلٍّ تمائمُه
سَقى اللَهُ أَيّامي بمكَّة والصِبا / تفتَّحُ عن نورِ الشباب كمائمُه
وَحَيّا الحَيا ربعَ الهوى بسوَيقة / وجاد بأَجيادٍ من الدَمع ساجمُه
لَياليَ أَغفو في ظِلال بَشاشةٍ / ولم ينتبه من حادثِ الدَهر نائمُه
هنالكَ لا ظبيُ الصَريم مصارمٌ / ولا جَذَّ حبلَ الوصل من هو صارمُه
أَجرُّ ذيولي في بُلَهنية الصِبا / وَرَوضُ شبابي ناضر الغُصنِ ناعمُه
يواصلُني بدرٌ إذا تمَّ ضوؤه / يواريه من ليل الذَوائب فاحمُه
وَكَم لَيلَةٍ وافى على حينِ غفلةٍ / فبتُّ بها حتّى الصَباحِ أنادمُه
وأَفرشتُه منّي الترائبَ والحشا / وَباتَ وسادي زندُه ومعاصمُه
وَنحّى لِلَثمي عَن لَماه لثامَه / وَلَم أَدرِ غيري بات وَالبَدرُ لاثمُه
فَبِتنا كَما شاءَ الغرامُ يلفُّنا / هوىً وتقىً لا تُستحلُّ محارمُه
إِلى حين هبَّت نسمةُ الفجر واِنبرَت / تجرُّ ذيولاً في الرياض نسائمُه
وَسلَّ على اللَيل الصباحُ حسامَه / فَقامَت حَماماتُ الغُصون تخاصمُه
فَقمنا ولَم يعلَق بنا ظنُّ كاشحٍ / ولا نطقَت عنّا لواشٍ نمائمُه
نعم قد صَفا ذاكَ الوِصالُ وقد عَفا / وَلَم تعفُ آثارُ الهوى وَمعالمُه
إليكَ نصيرَ الدين بُحتُ بلوعةٍ / براني بها بَرد الهَوى وَسَمائمُه
وَلَولا اِعتقادي صدقَ ودِّك لم أبح / بما لستُ أَرضى أَنَّ غيرَك واهمُه
لعمري لأَنتَ الصادقُ الودِّ وَالَّذي / تصدِّقني فيما اِدَّعَيتُ مكارمُه
وأَنَّك فردٌ في زَمانٍ غدت به / عن الخير عُجماً عربُه وأَعاجِمُه
إِلى اللَه أَشكو منهُمُ عهدَ معشر / تَحايدُ عن حِفظ الذِمام ذمائمُه
إِذا سَرَّ منهم ظاهرٌ ساءَ باطنٌ / تدبُّ إلى نهشِ الصَديق أراقمُه
عجمتُهمُ عجَمَ المثقّف عودَه / فَما ظَفِرت كفّي بصلبٍ معاجمُه
فأَعرضتُ عنهم طاوياً كشحَ غائرٍ / على الودِّ منّي أَن تَذلَّ كرائمُه
فَحَسبي نَصيرُ الدين في الدَهر ناصراً / على الدَهر إِن أَنحَت عليَّ مظالمُه
لَقَد ظفِرَت كفّايَ منه بماجدٍ / فواتحه محمودة وخواتمُه
فَتىً ثاقبُ الآراء طلّاعُ أَنجُدٍ / حميدُ المساعي مبرماتٌ عزائمُه
له خُلقٌ كالرَوضِ يعبقُ نشرُه / وَتفترُّ عن غرِّ السَجايا بواسِمُه
هُوَ الخضِرُ الأَكنافِ والخِضرم الَّذي / يَرى وَشَلاً كلَّ الخضارِم عائمُه
وَزيرٌ له دَست الوزارة قائمٌ / وَعرشُ المَعالي أَيِّداتٌ قوائمُه
إذا صاوَلَ الأَبطالَ شاهدتَ صائِلاً / تَزيدُ عَلى المرّيخ سطواً صوارمُه
وإِن نافَثَ الكتّاب أَلفَيتَ كاتِباً / عُطاردُ في فنِّ الكتابة خادِمُه
إذا ما اِمتطَت متنَ اليَراع بنانُه / حوى قصباتِ السَبق ما هو راقمُه
فَيهزأُ بالمنثور ما هو ناثرٌ / وَيُزري بنظم الدُرِّ ما هو ناظِمُه
به أَنجبَت أَبناءُ فارسَ فارساً / تقدَّت به خَيلُ العُلى ورواسمُه
أَقرَّ له بالسَبق سُبّاقُ غايةٍ / وأَعظَمه من كُلِّ حيٍّ أعاظِمُه
بَنى لَهُمُ بَيتاً من المجد باذخاً / له شَرَفٌ باقٍ رَفيعٌ دعائمُه
إلى مكرماتٍ كالشموسِ منيرةٍ / تَجَلّى بها من كُلِّ لَيلٍ أداهمُه
فَلِلَّه هاتيكَ المكارم إِنَّها / علائمُ مكنون العُلى وعيالمُه
وَلِلَّه هاتيك الشمائِل إِنَّها / نوافجُ طيبٍ نشَّرتها لطائمُه
أَتَتني نَصيرَ الدين منكَ قصيدةٌ / تباري فُرادى الدَهر منها توائمُه
تأَرَّج رَبعي من ذكا طيبِ نَشرِها / وَفاحَت علينا من شذاها نواسمُه
كأَنَّ سحيقَ المِسكِ كانَ مدادَها / ومن عَذَب الريحان كانَت مراقمُه
نشرتَ بها بُرد الشباب على اِمرئٍ / وحقِّك لا تثنيه عنك لوائمُه
يُصافيكَ ودّاً لو مزجتَ بعذبه / أجاجاً حَلَت للشاربين علاقمُه
وَيوليكَ عَهداً لا اِنفصامَ لعَقدهِ / وَلَو بلغ المجهودَ في السَعي فاصمُه
فكن واثقاً منّي بأَوثق ذمَّةٍ / يلازمُني فيها الوفا وأُلازمُه
فَلَستُ كمن يَحلو لدى الودِّ قولُه / وَتُشجى بمرِّ الفعل منّي حلاقمُه
فإن شئتَ فاِخبُرني على كُلِّ حالة / تجد سيفَ صدقٍ لا يخونُك قائمُه
أَبى أَن يُلمَّ الغَدرُ منّي بساحةٍ / عَلى نسبٍ طالَت فروعاً جَراثمُه
عزاه إلى العَليا لؤيُّ بن غالبٍ / وَعَبدُ مَناف ذو العَلاء وهاشِمُه
وَشيبةُ ذو الحمد الَّذي وطئت به / عشائرُهُ فوق السُها وأقاومُه
وَذو المجد عبدُ اللَه أَكرمُ والدٍ / لأكرم مَولودٍ نمته أَكارِمُه
وَأَحمَدُ خَيرُ المرسَلين وصِنوهُ / عَليٌّ أَبو ريحانَتيه وَفاطِمُه
وأَبناؤُه الغرُّ الجحاجحةُ الألى / بهم أَكملَ الدينَ الإلهيَّ خاتمُه
هم سادةُ الدُنيا وَساسةُ أَهلها / فمن ذا يناوي فخرهم وَيُقاومُه
عليهم سَلامُ اللَه ما هلَّ عارضٌ / وَما شامَ برقٌ بالأُبيرق شائمُه
يا أَيُّها المولى الَّذي
يا أَيُّها المولى الَّذي / هُوَ في معارِفه علَم
لِلَّه تحفتُك الَّتي / من لَيسَ يقبلُها ظَلم
فكأَنَّها في فضلها / نارٌ تَلوحُ على عَلم
أَبياتُها بمدادِها / تَحكي الكواكبَ في الظُلَم
لَم يحوِ طِرسٌ مثلَها / كلّا ولا رَقمَ القَلم
منّي السَلامُ عليكَ ما / غنّى الحمامُ بذي سَلَم
وَعَلى سَلبها الوقارَ فَكَم أه
وَعَلى سَلبها الوقارَ فَكَم أه / دَت ثباتاً إلى وقارِ الحليمِ
وأَذمَّت كرامَ قَومٍ فذُمَّت / وَذمامُ الكرام غيرُ ذميمِ
هاتا أَعيدا لي حديثي القَديم
هاتا أَعيدا لي حديثي القَديم / أَيّامَ وَسمي بالتَّصابي وسيم
وعلِّلاني بنسيم الصبا / إِن كانَ يستشفي عليلاً سَقيم
لِلَّه أَيّامي بسفح اللِوى / إِذ كنتُ الهوى في ظِلال النَعيم
بانَت فَبانَ الصَبرُ من بعدها / فمدمعي غادٍ وحزني مُقيم
وَشادن غِرٍّ بأَمر الهوى / قَريب عَهدٍ جيدُه بالتَميم
يَرتع لهواً في نَعيم الصِبا / وَعاشقوه في العذاب الأَليم
العَينُ تَرعى منه في جنَّةٍ / وَالقَلبُ من إِعراضه في جَحيم
إذا بَدا في شعره خلتَه / شَمسَ الضُحى في جُنح ليل بَهيم
أَرعى له العهدَ وكم لَيلةٍ / حلَّيتُ من ذكراه كأسَ النَديم
فَلَيتَني إذ لَم يزُرني سوى / خَياله من بعضِ أَهل الرَقيم
وَلائمٍ لامَ على حبِّه / جهلاً بأَهل الحُبِّ وهو المُليم
يَرومُ منّي الغدرَ فيه وَما / ذمامُ عَهدي في الهوى بالذَميم
صُمَّ صَدى العاذِلِ في حُبِّ من / أَسكنتهُ من مُهجَتي في الصَميم
فَلَيتَ شعري هَل دَرى من به / قَد هامَ واِستَسلَم قَلبي السَليم
أَنّيَ أَصبَحتُ به شاعِراً / أَنظم فيه كلَّ عِقدٍ نَظيم
لكنِّني لَستُ وإن ظُنَّ بي / بِشاعِرٍ في كُلِّ وادٍ أَهيم
وَنَفحَةٍ هَبَّت لنا موهِناً / يا حبَّذا نفحة ذاك النَسيم
مرَّت بأَكنافِ رُبى حاجِرٍ / فأَرَّجت أرجاءَها بالشَميم
تَروي حديثَ الحُبِّ لي مُسنداً / عَن رامَةٍ عَن ريم ذاك الصَريم
باللّه خبّر يا نَسيمَ الصَبا / كَيفَ اللِوى بعدي وكيف الغَميم
هَل خفرَ العَهدَ أُهيلُ الحِمى / بعديَ أَم يَرعون عَهدي القَديم
وَلَيلَةٍ عانقتُ في جُنحها
وَلَيلَةٍ عانقتُ في جُنحها / ثالثةَ الشَمس وَبدرَ التَمام
فَلَم يَطِب لي ضمُّها ساعَةً / حتّى ضممتُ السَيفَ عند المنام
فاِستنكرت ضمّي له بيننا / وَقَد صَفا الوَصلُ وطاب اللِزام
قالَت فَدتكَ النَفسُ من حازِمٍ / ما تصنعُ الآن بِهَذا الحُسام
يُغنيكَ عنه لا خشيتَ العدى / مهنَّدُ اللَحظ ورمحُ القوام
وأَبرَزتها بطحاءَ مكَّة بعدما
وأَبرَزتها بطحاءَ مكَّة بعدما / أَصات المنادي بالصَّلاةِ فأعتما
فضوَّأ أَكنافَ الحَجون ضياؤُها / وأَشرقَ بين المأزمين وزَمزما
وَلَمّا سرت للركب نفحةُ طيبها / تغنّى لها حاديهُمُ وترنَّما
وشام محيّاها الحَجيجُ على السُرى / فيمَّم مغناها ولبّى وأَحرما
فَتاةٌ هي الشَمسُ المنيرةُ في الضحى / وَلكنَّها تَبدو إذا اللَيلُ أَظلما
تعلَّم منها الغصنُ عَطفة قدِّها / وَما كانَ أَحرى الغصنَ أَن يتعلَّما
وأَسفرَ عنها الصبحُ لمّا تلثَّمت / وَلَو أَسفرت للصُبح يَوماً تلثَّما
إِذا ما رَنَت لحظاً وَماسَت تأوُّداً / فَما ظبيةُ الجَرعا وما بانةُ الحِمى
تَراءَت على بُعدٍ فكبَّر ذو التُقى / ولاحَت عَلى قُربٍ فصلّى وسلَّما
وَكَم حلَّلت بالصدِّ قتلَ أَخي الهوى / وَكان يَرى قتل الصُدود محرَّما
وَظنَّت فؤادي خالياً فرمت به / هوىً عادَ دائي منه أَدهى وأَعظما
وَلَو أَنَّها أَبقت عليَّ أَطقتُه / ولكنَّها لم تُبقِ لَحماً ولا دَما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025