القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 970
أنا دائما يا نور كل مليحِ
أنا دائما يا نور كل مليحِ / بين الكناية فيك والتصريحِ
أبدي الهوى طوراً وأكتم تارة / ومدامعي تنبيك عن تبريحي
أما الحشاشة في هواك فإنني / أنفقتُها في رغبة الترويح
أنا بين جسم من صدودك ناحل / شغفاً وقلب بالبعاد جريح
وأضالع بالإصطبار شحيحة / وجداً ودمع فيك غير شحيح
وأنا الذي بين الحواسد والعدا / ما بين هجو في الهوى ومديح
مقل تسح ولا تشح فدمعها / مغني اللبيب به عن التوضيح
يا أيها البدر الذي لما بدا / بالحسن أخرس نطق كل فصيح
لك وجنة هي في النواظر جنة / وجهنم في قلب كل طريح
وترى العيون جمال وجهك مقبلاً / فتضج بالتهليل والتسبيح
أحمامة الوادي قفي وترنمي / فعلى غرامك ظاهر ترجيحي
لا الصبر للتضعيف مفتقر ولا / ذا الشوق محتاج إلى التصحيح
لمعت بروق الأبرقين وقد جرت / أمطار جفن بالبكاء قريح
وروى النسيم لنا أحاديث الحمى / عن عرفجٍ عن زرنبٍ عن شيح
حتى أهاج بنا الغرام فيا لَهُ / في الحب من خبرٍ رواه صحيح
بالله بلغ يا نسيم الريح عن / شوقي وبالغ يا نسيم الريح
واسأل بلطف منيتي عني ولا / تأتي بوجه للمليح قبيح
وانعت له وجدي القديم وصف له / شغفي وما ألقى من التبريح
طفح الغرام علي حتى بالهوى / صرحت في حبي لكل صبيح
وكتمته لما بدا لنواظري / نور الخباء وملت للتلميح
وأنا الذي بهوى المليح تعممي / أبداً ومن شوقي له توشيحي
تب منك حين تقول يا فتاحُ
تب منك حين تقول يا فتاحُ / تلق المنى فالتوبة المفتاحُ
وانهض إلى عين الوجوه مجانباً / ذاك النهوض فلاح فيه فلاح
كم مشرق للشمس فيك ومغرب / منه مساءٌ دائماً وصباح
ولربما رمت القبول فلم تجد / فاسمح بنفسك فالسماح رباح
يا نهر طالوت الذي بليت به / أقوامه ما هذه الألواح
قل ليس مني كل من هو شارب / مني فإني فاتنٌ نصّاح
لعبت بك الأهواء في بحر القضا / فارسِ السفينةَ أيها الملاح
واقبل ولا تقبل وقم واقعد وقل / واسكت ففي إنصاتك الإفصاح
وافهم ولا تفهم وتب عن توبة / هذا مقامك ما عليك جناح
هو لا هو التواب بل هو أنت لا / أنت المتاب عليه يا مصباح
ومتى أحبك حين تبت فإنما / محبوبه بك وجهه الوضاح
والكائنات بسر توبتك اهتدت / فهي الجسوم وذاتك الأرواح
فاحذر فمكر الله توبة عبده / إن تبت تب أن لا تتوب تراح
من قام بي قامت به الأشيا ومن / بالنفس قام تقيمه الأشباح
كأس صفت بيد المدير فأسكرت / ألباب أهل الله منه الراح
فتمايلت شم الحبال وعربدت / في النشأتين وطرفها طماح
وذي طلعة عن كل معنى تنزهت
وذي طلعة عن كل معنى تنزهت / لها كل شيء في الوجود يسبِّحُ
وتسبيحها عنه علت حيث أنه / من الخلق حكم ليس للحق يصلح
لها الحسن بل والقبح والكل حكمها / فتعطى لها الإيمان منها وتمنح
يصورها كل امرئ حسب حاله / وكل إناء بالذي فيه ينضح
إشارات الجمال هي الملاحُ
إشارات الجمال هي الملاحُ / فحي على الجمال فلا جناحُ
وجوه كالبدور على قدود / إذا اهتزت فما السمر الرماح
وألحاظ بألفاظ تنادي / دم العشاق في الدينا مباح
ولا يك بالجلود لك افتتان / فما تلك الجلود هي الملاح
ولا يخفى عليها لطيف سر / لأستار القلوب به افتضاح
وما الفاني بمقصود ولكن / وشَى منه على الباقي وشاح
وسل منا العيون تجبك عنه / لعمرك فهي ألسنة فصاح
ولا تسل القلوب فتلك سكرى / لأن جمال وجه الحب راح
صدقتك ما المعاطف مائلات / لها في كل جارحة جراح
يظلُّ بها المهفهف في ازدهاء / على العشاق والخود الرداح
بأبعد من قنا الإخلاص يسطو / بها في حال صاحبه الصلاح
ولا حمر الخدود موردات / بحاجبة إذا لاح الفلاح
وقل للغافلين هنا طريق / إلى المحبوب ليس لكم يباح
عميتم عنه والأقوام فيه / حذار فدونه الأسد الكفاح
ودعهم ينكروه فليس يأتي / بعلم منهم الجهل الصراح
وإن نبحوك كن من أهل بدر / وكيف يضر بالبدر النباح
إليك عن العواذل في التصابي / إذا عصفت إليه بك الرياح
وقد عفت السوى والنفس عفت / هناك مضى الدجا وأتى الصباح
أنا مجنون الملاحِ
أنا مجنون الملاحِ / فاعقلوني يا لواحي
واقرؤا نطقي فإني / مثبت بالحق ماحي
أخذت قلبي عيون / غمزها سكري وراحي
لا عيون من تراب / هي أو ماء قراح
بل عيون ناظرات / لي من كل النواحي
أينما وليت ألقى / وجهها الحق كفاحي
وبها كنت وما كن / ت وسكران وصاحي
كل عين أنا عنها / نظرة بل وحي واحي
وجميعي هو من أج / فانها المرضى الصحاح
أنا إلا النور منها / في مساء وصباح
أنا إلا القول عنها / في غدو ورواح
تتجلى بي عليكم / في قميصي ووشاحي
قد هدت بي وأضلت / بي كثيراً عن فلاح
ولقد أنكرتموها / من شهودي والتماحي
فرمتكم من جحود ال / حق في الكفر الصراح
وغزتكم بسيوفي / وسبتكم برماحي
لو عقلتم لو دريتم / يا ذوي الجهل المتاح
ونفوس في فساد / لا ترى نور الصلاح
فاحذر الليث وحول / عنه يا كلب النباح
ودعوه يا ذوي الأع / ين هاتيك الوقاح
بيت حق واجب حر / مته غير مباح
لا تقل منه سلمنا / ما حسستم بالجراح
ستذوقون غداً إن / برد الجرح سلاحي
وسترديكم سمومي / وستلقيكم رياحي
ويفي بالوعد بالنص / ر إلهي والنجاح
ويريش الله بالإم / داد مقصوص الجناح
هيكلي سام سليم الشبحِ
هيكلي سام سليم الشبحِ / طاهر الذيل نظيف القدحِ
وإنائي بالتجلي طافح / يتكفّى بفنون الملح
ومن المنبع روحي شربت / وبصدر صدرت منشرح
لا درى الغير ولا كان له / لمحة من نور تلك اللمح
أنا في المذكور والجاهل في ال / ذكر والفكر وعقد السبح
هو في بيت هوى منغلق / وأنا في رفرف منفسح
كلنا من نخلة واحدة / لكن العجوة غير البلح
وجهنا الحق غسلنا وسخ ال / غير عنه بمياه الوضح
وتركنا الكل للكل فلا / بالمذمات ولا بالمدح
هي نفس كيفما شئت بدت / لي بشخص بالسوى متشح
وهو أمري نازل مرتفع / بمزامير الورى في مرح
كلهم منك خيالات فدع / عنك يا عبد الغني واسترح
وادخل البيت وبت في دعة / وتعانق معه واصطلح
واترك الكرسي والعرش وما / تحته للغي أو للفلح
واهجر الجنة والنار ولا / تفتتن عن ذاته بالشبح
وتمتع بالرقيقات وفز / بالعطايا وافتخر بالمنح
وانخلع عنك وعربد طرباً / وتهتك في الهوى وافتضح
هذه دولتنا قد حضرت / دولة العز وكنز الفرح
وانفصلنا أبدا من أزل / عين ماء دافق منسفح
روضة زهرتها فائحة / فانتشق نفحتها وانصلح
وتنصت لغنى بلبلها / وعلى المطرب لا تقترح
واحرق الجاهل في قشرته / وهو لا يشعر بالمصطلح
هو ألقى نفسه معتدياً / في المضيقات ولم ينفسح
أنت بالتصديق في الراحة بي / وهو في إنكاره في ترح
يا من بالنور لوح ذاتي ماحي
يا من بالنور لوح ذاتي ماحي / هات ارشفني بكأس روحي راحي
واجعل بالفرق لي وبالجمع يدا / واكشف سر الأجسام للأرواح
أحزاننا بلقائكم أفراحُ
أحزاننا بلقائكم أفراحُ /
وزماننا قدح وأنتم راحُ /
يا سادة من ذكرهم نرتاحُ /
أبداً تحن إليكم الأرواحُ / ووصالكم ريحانها والراحُ
هذا الوجود جميعه إشراقكم /
وجميع من في الكون هم عشاقكم /
ما هكذا يا سادتي أخلاقكم /
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم / وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
من ذا ترى يدري بكم من يعرف /
أنتم حقيقة كل شيء يوصف /
غلب الهوى أين المعين المسعف /
وارحمتا للعاشقين تكلفوا / ستر المحبة والهوى فضاح
قوم صفا عما يغاير ماؤهم /
وإليك من دون السوى إيماؤهم /
كتموك حتى أنكرت أحشاؤهم /
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم / وكذا دماء البائحين تباح
عَرْف الوصال يفوح فينا منهمُ /
وسواهم المستحقرون فمن هم /
قوم لهم حال شريف مبهم /
فإذا همو كتموا تحدث عنهم / عند الوشاة المدمع السفاح
أوصافهم يسمو بها من يفهمُ /
وهم الدواء من الردى والمرهم /
كل المعارف والعلوم لديهم /
وكذا شواهد للسقام عليهم / فيها لمشكل أمرهم إيضاح
يا سادتي مني السلام إليكمُ /
فأنا هو المطروح بين يديكم /
ومن الجميع على البعاد لديكم /
خفض الجناح لكم وليس عليكم / للصب في خفض الجناح جناح
لجمالكم في كل قلب ساحة /
وزهورنا بنسيمكم فواحة /
هل للمتيم من جفاكم راحة /
فإلى لقاكم نفسه مرتاحة / وإلى رضاكم طرفه طماح
كدر الحوادث زال عن عين الصفا /
وبدا جمال أحبتي بعد الخفا /
فبحق ذاك العهد يا أهل الوفا /
عودوا بنور الوصل من غسق الجفا / فالهجر ليل والوصال صباح
قد راق في حان الوفا مشروبهم /
ولهم أباح وصاله محبوبهم /
صوفية تبدي الشهود غيوبهم /
صافاهم فصفوا له فقلوبهم / في نوره المشكاة والمصباح
يا قومنا أنا زائد وجدي بكم /
والصبر مني قد مضى في حبكم /
فاهنوا بما فزتم بهم من شربكم /
وتمتعوا فالوقت طاب بقربكم / راق الشراب وراقت الأقداح
رفعت لقلبي في الغرام ظلامة /
لأمير حسن ما لديه جهالة /
انظر عذولي في الجمال جلالة /
يا صاح ليس على المحب ملامة / إن لاح في أفق الوصال ملاح
رفقا بنا يا أهل ذياك اللوى /
إن المتيم عن هواكم ما لوى /
والله حلفة مغرم يشكو النوى /
لا ذنب للعشاق إن غلب الهوى / كتمانَهم فنما الغرام وباحوا
سلمى التي يا ويح مهجة صبها /
جرحت بمقلتها وأسهم هدبها /
لله در عصابة في حبها /
سمحوا بأنفسهم ما بخلوا بها / لما رأوا أن السماح رباح
شربوا كؤوس هوى الأحبة قهوةً /
ولهم غدت كل المكاره شهوةً /
طلبتهم الذات النزيهة نخوةً /
ودعاهمُ داعي الحقائق دعوةً / فغدوا بها مستأنسين وراحوا
هم سادة منهم بطيب خضوعهمْ /
للحب حيث به تنير ربوعهم /
لما تزايد بالفراق ولوعهم /
ركبوا على سفن الدجا فدموعهم / بحر وشدة خوفهم ملّاح
نزعوا الثياب فعوضوا بثيابه /
وعن الخطا قد ساقهم لصوابه /
وهو المعز لهم برفع حجابه /
والله ما طلبوا الوقوف ببابه / حتى دُعُوا وأتاهم المفتاح
هو إن نأى أو زاد في تقريبهم /
يشكو كما يشكون فرط نحيبهم /
وهم الذين تمتعوا بلبيهم /
لا يطربون لغير ذكر حبيبهم / أبداً فكل زمانهم أفراح
فيهم لقد دارت كؤس سقاتهم /
حتى بها زالت عقول صحاتهم /
وحبيبهم لما بدا بصفاتهم /
حضروا وقد غابت شواهد ذاتهم / فتهتكوا لما رأوه وصاحوا
نور التجلي الحق حيَّر عقلهمْ /
لفروعهم أخفى وأظهر أصلهم /
قوم جميع الفضل منتسب لهم /
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم / إن التشبه بالكرام فلاح
سكرت غصون الروض من نسماتها /
وترنمت أطياره بلغاتها /
والذات تجلى في بديع صفاتها /
قم يا نديم إلى المدام فهاتها / في كأسها قد دارت الأقداح
عرفت أهاليها بحفظ أمانةٍ /
وكمال عرفان ورفع مكانةٍ /
بكر أجل طلاً وخير مدامةٍ /
مِن كَرْمِ إكرامٍ بِدَنِّ ديانةٍ / لا خمرة قد داسها الفلاح
إن قلت يا روحي لسبُّوحي
إن قلت يا روحي لسبُّوحي / يقول لي بل أنت يا روحي
وإن أقل يا روح روحي يقل / ذلك نوري من له أوحي
حتى يكون المحو عن لوحنا / فيظهر المخفى في اللوح
غير الوجود الحق ما ها هنا / فاستغنموا تحقيق ممنوح
أحبني قدماً ومن فرط ما / أحبني صور ملموحي
فصورتي محفوظة عنده / يشهدها مشهد ممدوح
وهكذا كل البريات لو / تدري بحال منه مشروح
يا واحداً في كل شيء ولا / شيء فمن سوحٍ إلى سوح
نحن جميعا لك لا أنه / أنت لنا كالنور من بوح
نحن تصاوير تصورتها / حباً لها بالجسم والروح
فادَّعتِ الحبَّ وكانت به / جارحة في زي مجروح
فديتك يا من قد خفيت فلاحا
فديتك يا من قد خفيت فلاحا / وشوقي إليه لا يزال فلاحا
ولا عجب إن طرت في رؤيتي له / فمن لطفه أني وجدت جناحا
ولما بدا وجهٌ له من ورا الورى / رأيت جميع الكائنات ملاحا
تباركت من سر خفي عن السوى / أباح لنا جهراً لقاه أباحا
يقول لشيء كن وما الشيء غيره / إذا كان لكن قد سترت وباحا
وما صبغة الأشياء إلا شؤونه / بها يتجلّى للأنام كفاحا
تعاليت يا ساقي القلوب شرابه / برؤية وجه منه ساعة لاحا
لئن كانت الأكوان في الناس ظلمة / فإنك عندي قد ظهرت صباحا
وشمس سماء الذات منك لنا بدت / وروض التجلي من صفاتك فاحا
هو الكل إلا أن صولة فعله / حجاب له يسقي البرية راحا
فتسكر أرباب العقول فلا ترى / سوى ما لها منها الخيال أتاحا
وما الحسن إلا وهو للعقل تابع / يرى ما يراه قبضة وسراحا
ألا يا وحيد الذات أنت وجودنا / وما نحن إلا الحكم منك متاحا
خطوط بأقلام العقول تخيُّلاً / عن القلم الأعلى صدرن صحاحا
وما القلم الأعلى سوى عن إرادة / تجل انبعاثا إذ علت ورواحا
إرادة غيب من مقام مقدس / ببيدائه فهم المنزه ساحا
قديمة عهد والجميع حوادث / فليس لنا فيها الكلام مباحا
حملت بنا أمٌّ من الأرواحِ
حملت بنا أمٌّ من الأرواحِ / والوضع كان لهيكل الأشباحِ
قلم بِلَوحٍ إن أردت فقل وإن / قد شئت فالأقلام بالألواح
هي ما ترى لا ما رأيت فإنها / تجلى على الرائين كل صباح
فإذا رأو لا يعرفون لمن رأوا / حتى تقوم لهم عقود نكاح
حاء الحيا والحلم والحفظ احتوت / كل الجمال وسائر الأفراح
ولها من النور الشريف تشعشع / كتشعشع الصهباء في الأقداح
والحال يشهد والشهيد هو الذي / شهد الأمور على أتم صلاح
جميع الورى كل أحوالهم
جميع الورى كل أحوالهم / من الخير جود لهم يمنحُ
وفضل من الله لو أنهم / يكون له عندهم ملمح
لشكرانهم أو لكفرانهم / هو الإمتحان لهم يصلح
فلا يفرحوا بالذي جاءهم / ونالوه منه ولا يمرحوا
وأما بفضل إله الورى / نعم فبذلك فليفرحوا
كتاب الله جامع كل شيء
كتاب الله جامع كل شيء / وسنة أحمد المختار شرحُ
وشرحهما الفتوحات التي من / جناب القدس جاء بهن فتح
لشيخ شيوخنا العربي من قد / أتانا منه فيض هدى ومنح
بمحيى الدين يدعى حيث أحيى / لدين الله ذلك نعم مدح
فتوحات بها العلماء زادت / علوماً نحو غيب الغيب تنحو
بها الحيران للتحقيق يهدي / وسكران الهوى والجهل يصحو
ولكن إن هداه الله حتى / من الإنكار لوح النفس يمحو
ولا تعجب فإن كتاب ربي / به خسرت رجال وهو ربح
وسنة أحمد المختار قوم / بها هم في ظلام وهي صبح
ولولا في أوانيهم ضلال / لما منهم ضلال كان نضح
ووالله العظيم يمين عبد / صدوق ما عليه بذاك جنح
أئمة ديننا ما صنفوا في / شريعتنا كتلك ولا يصح
وكيف وقد حوت لعلوم رسم / وكشف كله للناس نصح
وفي الإسلام ليس لها نظير / فيحوي ما حوت وهو الأصح
إني أنا جسم فنفس فروحْ
إني أنا جسم فنفس فروحْ / ثلاثة فيهن أغدو أروحْ
وهن أصل واحد حادث / يخفى سريعاً وسريعاً يلوحْ
وراءه الأمر الذي يقتضي / حقيقة تجهلها كل روح
تنزهت في غيبها عندنا / فما لها إلا شميم يفوح
كاللمح من أبصارنا أمرها / وهو الذي منه يكون الفتوح
يا واحداً وهو كثير كما / قلنا ولكني به لا أبوح
خوفاً على حرمته عند من / يجهله أو يعتريه جموح
فإن كل الفانيات التي / بها الوجود الحق كان السموح
ما غيرته مذ تجلى بها / وباطل في نور حق يطوح
خذ لي أماناً منك يا سيدي / جوانحي للقرب فيها جنوح
وإنني أرجوك في كل ما / أدعوك من خير وقلبي لحوح
حقيقتي أنت ولكن غداً / من بعد موتي لي بهذا وضوح
يوم اللقا مرجعنا كلنا / إليك يا مرجع أنوار يوح
طوبى لمن يفهم أقوالنا / كفهمنا فهو طروب صدوح
أو يترك الإنكار إن لم يكن / يدري ويصغي لكلام النصوح
فإن حانات دواويننا / خمارها يولي الغبوق الصبوح
ولا ينال الكأس إلا فتى / فيه لأسرار المعاني صلوح
عليه ما نرمز لا يختفي / وعنده من كل لفظ شروح
وسر هذا أنه مؤمن / بالغيب من معنى النظام السنوح
يحفظ من طوفان وسواسه / سفينة كان بها حفظ نوح
لا تقرب المنكر يا مسلماً / فربما تعديك منه القروح
وربما سالت جراحاته / فنجست منك الفؤاد الطموح
كم عصبة من جهلهم حالنا / كادوا علينا يلبسون المسوح
ما آمنوا بالغيب حتى على / قلوبهم فيض التجلي يسوح
بل صوروه في خيالاتهم / وعندهم فيما رأوه رجوح
وهو بعيد غاية البعد عن / أن يشبه الغيب الحقيق النزوح
والله مع هذا عليم بهم / وإنه ذو العفو وهوالصفوح
وجه من أهواه لاحْ
وجه من أهواه لاحْ / فاختفى نور الصباحْ
فاسقني الكأس الطفاح / في غبوق واصطباح
لم تقل أهل السماح / موسم الأفراح راح
هذه دعوى الوجود / تمنع القلب الشهود
فهو في أسر القيود / وجنازير الحدود
ليرى حال الأسود / في ملاقاة الكفاح
للغني عبد فقير / وإلى الله المصير
صل يا ربي القدير / لي على البدر المنير
سيد الرسل البشير / فائق كل الملاح
حق عيني رؤية الوجه المليحْ
حق عيني رؤية الوجه المليحْ / قد أتانا خبر فيه صحيحْ
قول طه إن للعين التي / هي عين لك حقاً قد أتيح
فليؤد كل ذي حق هنا / حقه الوارد في النصح الصريح
فهو معروف لدى عارفنا / خافياً عن كل ذي وجه قبيح
وجه من ينكر دين المصطفى / ويرى ذاك حراماً ما أبيح
إن هذا هو شرعي دائماً / وبه ألقى إلهي في الضريح
فليمت غيظاً ويفنى كمداً / كل من ينكره لا يستريح
أين نبت الورد في الخدين من / كل بدرٍ طالع من نبت شيح
والذي ما عنده فرق يرى / بين وجه الشعر والوجه الصبيح
فهو حيوان ولا عقل له / في هوى الدنيا له قلب قريح
يعشق الملعونة الدنيا التي / هو ملعون بها كلب نبيح
إن يقل عنا عرته صبوة / صبوة الجهل بها المرء جريح
ما صبا قلبي ولكن هام في / مجتلى وجه كريم لا شحيح
فانظروا العاشق منكم كيف في / طمس قلب وعمى عين يسيح
وانظروا العاشق منا كيف في / فيض علم الله والفتح الفسيح
ما لكم من نظر يا هؤلا / غير بهتان وتشنيع فضيح
فاستعدوا لسواد الوجه في / يوم حق صادق الوعد رجيح
واعملوا ما شئتموه ههنا / كل قول هو منكم مثل ريح
نحن قوم لا نبالي بالذي / قيل فينا هو ذم أو مديح
حسبنا الله الذي نعرفه / وبه نهوى تجليه الرجيح
أنكرت أمثالكم قبلي على / مثل طه وعلى عيسى المسيح
وعلى مثل خليل الله من / جاء بالحق وإسحق الذبيح
ثم زالوا ومضوا في غيهم / وعن الباطل ذو الحق أزيح
هكذا الدنيا علينا وعلى / منكرينا ما عليها مستريح
إليك يا غير عني إني أحب المليحْ
إليك يا غير عني إني أحب المليحْ / شوقاً لوجه صبيحْ
جارت علينا الحبائبْ يا هل ترى ما يكون / والجور موت صريحْ
إني أرى اليوم قلبي قد غاب عند الحبيب / خلف الستائر طريح
يا ليتني كنت حاضر بين الحمى والمقام / قلبي هناك الجريح
كم سحت بين البوادي أبغي جمال الوجود / فلم أجد غير ريح
هامت رجال التجلي وجاء طيب الوصال / في عز ملك فسيح
يا جيرة الحي قوموا إلى شهود القديم / فإنه قد أبيح
صلوا على النور طه وسلموا يا رفاقي / عبد الغني كم يصيح
إن هذا الصبا وهذا الصباحا
إن هذا الصبا وهذا الصباحا / كشفا لي تلك الوجوه الصباحا
كل وجه له من الله شكل / أتراءى به الجمال الصراحا
واحد لا سواه لكن عليه / من تقاديره ترى أشباحا
لك تبدو به وما هي شيء / فتراها الأجسام والأرواحا
وهو وهو الله الوجود تعالى / عن شبيه له إذا غبت لاحا
وإذا لحت غاب عنك فحاذر / ه وسلم له وألق السلاحا
أنت باب الوجود في يده إن / شاء فتحاً تكن له المفتاحا
وإذا لم يشأ فلا تعترضه / وتأدب واخفض إليه الجناحا
ركب الحجاز سرى الحادي بهم ودنا
ركب الحجاز سرى الحادي بهم ودنا /
وخلفوني أقاسي الشوق والحزنا /
ومذ رأوني بأرض الشام مرتهنا /
شدوا المطايا وقد نالوا المُنى بِمِنى / وكلهم بأليم الشوق قد باحا
تلك البلاد سرت فينا منائحها /
وقد تباشر غاديها ورائحها /
وحين لذَّ لهم في الأرض سائحها /
سارت ركائبهم تندى روائحها / طيباً بما طاب ذاك الوفد أشباحا
هم الرجال أجل الوافدين همُ /
لنحو أحبابهم قد أسرعت همم /
طابوا بطيبة طيباً وانجلت غمم /
نسيم قرب النبي المصطفى لهم / روح إذا شربوا من ذكره راحا
أواه لم أقض يوم البين من وطر /
والشوق ألقى فؤاد الصب في خطر /
فصحت للبدو لما كنت في حضر /
يا سائرين إلى المختار من مضر / سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحا
كم ذا أسلي فؤادي قصد محضرة /
لهم وروحي عنه غير صابرة /
وكم نقول لهم من غير مقدرة /
إنا أقمنا على عجز ومعذرة / ومن أقام على عجز كمن راحا
فَرَحي يا فَرَحي يا فَرَحي
فَرَحي يا فَرَحي يا فَرَحي / خمرة المحبوب ملء القدحِ
قم بنا نشربها صافية / يا نديمي واغتبق واصطبح
خمرة الذات تجلت وعلت / عن معاني الكون يوم الفرح
لا يراها غيرها من أحد / كل طرف بالسوى منجرح
هذه لا هذه أنت ولا / أنت فاعرف عين هذا الشبح
هو عين الكل لا كل سوى / عينه عين العطا والمنح
بيته الغيب فإن لم تستطع / لا تحل عن بابه المنفتح
ربما يقبلك البواب إن / كنت ذا قلب له منطرح
واحد عدده العقل لنا / بانتظام كعقود السبح
فتحقق وتدقق واعترف / أنك الفرد الذي لم تلمح
وتوحد واترك الكثرة عن / وهمك الحاجب عنه واستح
أنت حق واحد لا غيره / غيره أنت فَطِبْ وانشرح
وادخل الحضرة يا حضرته / وتعانق معه واصطلح
لمتى أنت سواه لمتى / في نزاع أنت مت واسترح
يا وجوداً واحداً ليس له / غير أسماء به لا تنمحي
ظهرت عنه له في صور / فانيات مثل قوس القزح
كن له لا لسواه أبداً / وانغسِلْ عنك به وانمسح
كن جماداً وإذا شئت به / كن نباتاً مثمراً كالبلح
وإذا شئت كنِ الحَيْوان يا / أيها الإنسان وقت المرح
وانجمع إن شئت طوراً وافترق / كيفما كنت ولا تقترح
هذه الأطوار لا تبقى له / هي برق لاح للملتمح
يتجلى هو في الكون بها / لا بها مزدلف في قرح
كم شحيح قام بالنفس فلم / يلقها لما تجلت كم شحي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025