القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
يا دارَ ميَّة بالجَرعاءِ حيّاك
يا دارَ ميَّة بالجَرعاءِ حيّاك / صَوبُ الحَيا الرائح الغادي وأَحياكِ
ولا أَغَبَّك من دَمعي سواجمُه / إِن كانَ يُرضيكِ ريّا مدمعي الباكي
سَقياً ورَعياً لأَيّام قضيتُ بها / عيشَ الشَبيبة في أَكناف مَرعاكِ
ما هَينَمَت نسماتُ الرَوض خافقةً / إِلّا تنسَّمتُ منها طيبَ ريّاكِ
ولا تَغنّى حمامُ الأَيك في فَنَنٍ / إِلّا تذكّرتُ أَيّامي بمغناكِ
أَصبو إِلى الرَمل من جَرعاء ذي إضمٍ / وَما لِقَلبي وَللجَرعاءِ لَولاكِ
يخونُني جَلَدي ما حنَّ مكتئبٌ / وَينفذُ الصَبرُ مهما عنَّ ذكراكِ
لِلَّه طيبُ لَيالٍ فيكِ مشرقةٍ / مرَّت فَما كانَ أَحلاها وأَحلاكِ
إِذِ النَوى لم ترُع شَملي ولا عرِيَت / من اِصطياد الظِباء الغيد أَشراكي
يا ظبيةً بالكثيب الفرد راتعةً / أَوحشتِ عيني وفي الأَحشاءِ مَثواكِ
رميتِ قَلبي بسهمٍ من رَناكِ وقد / سكنتِ فيه فَما أَبعدتِ مَرماكِ
الغصنُ يُعرب عن عِطفيك مائسُهُ / وَطلعةُ البدر تُنبي عن مُحيّاكِ
وَكادَ يَحكيكِ ضوءُ الصُبح مبتَسِماً / لكن ثَناهُ وَميضٌ من ثَناياكِ
وَقيل شَمسُ الضُحى تَحكيكِ مشرقةً / وما حكتكِ ولكن أوهِمَ الحاكي
من أَودَع الراحَ والأَقاحَ فمَك
من أَودَع الراحَ والأَقاحَ فمَك / ومن أَعار الصَباح مُبتَسمَك
أَصبحَ من قد رآك ملتثماً / يتيه سُكراً فكيف من لَثمَك
لَو أَنصفتك الحسانُ قاطبةً / أَصبحتَ مولىً وأَصبحَت خَدمَك
قالوا حَكى فرقَك الصَباحُ وَلَو / حُكِّمتُ فيهِ أَوطأتُه قَدَمَك
يا مقسِماً أَن يُذيبَني كلَفاً / حسبُك أَبررتَ بالجَفا قَسمَك
وأَنت يا طرفَه السَقيمَ أَما / تكفُّ عن ظُلم غير من ظَلَمَك
سلبتني صَبري الجَميلَ وَما / كفاكَ حتّى كسوتَني سَقَمَك
كَوكبُ الصُبح قد بَدا يَحكيك
كَوكبُ الصُبح قد بَدا يَحكيك / فاِمزج الكاسَ يا رشا من فيك
بادِر الصُبحَ بالصَبوح فقد / فاح ريحُ الصَبا وصاحَ الديك
وأَدِرها عليَّ مُشرقةً / عَن سَنى البدر في الدُجى تُغنيك
واِدعُ في الأنس وَالسرور بها / وَدَعِ الهمَّ شأنُه شانيك
هيَ عينُ الحياة فاِحي بها / روحَ صبٍّ بروحِه يَفديك
إن ضَللتَ السَبيلَ في غَسَق / فبِمِشكاةِ نورها تَهديك
واصِل الراحَ ما حَييتَ ولا / تُصغ سَمعاً لعاذلٍ يُغويك
واِهجر اللائمين إِن غَضِبوا / إِنَّ فيها جميعَ ما يُرضيك
هيَ لا شكَّ آيةٌ ظهرت / فاِنفِ عنها مقالَ ذي التَشكيك
قل لميتِ الغَرام قُم سَحَراً / واِصطحبها فإِنَّها تُحييك
لا تقل إِثمُها يَحلُّ بنا / فهيَ من كُلِّ مأثم تُنجيك
يا عذولي أَسرفتَ في عَذلي / كفَّ عنّي فَما جرى يكفيك
خلِّني وَالمُدام في شُغُلٍ / واِشتغِل أَنتَ بالَّذي يَعنيك
من قاسَ جَدوى يديك يوماً
من قاسَ جَدوى يديك يوماً / بالغيثِ ما برَّ في اِمتداحِك
الغيثُ ينهلُّ وهوَ باكٍ / وأَنتَ تُعطي وأَنتَ ضاحِك
هَذا المصلَّى وذا النخيلُ
هَذا المصلَّى وذا النخيلُ / يا حبَّذا ظلُّه الظَّليلُ
وهذه طَيبةٌ تَراءَت / فَعُج بنا أَيُّها الدَليلُ
أَما تَرى العيسَ من نشاطٍ / تَكاد في سَيرها تَسيلُ
تميدُ من تحتنا اِرتياحاً / وَنحن من فوقها نَميلُ
فاِحبِس ولا تُجهد المَطايا / تمَّ السُرى واِنقَضى الرَحيلُ
واِنزل ولا تخشَ من عناءٍ / فها هنا يُكرَمُ النَزيلُ
وَها هنا تُدركُ الأَماني / وَها هنا يُنقعُ الغَليلُ
فَسَل سَبيلَ الورود فيه / فوِردُه العذبُ سَلسَبيلُ
مَقامُ قُدسٍ إليه يَسمو / من السَماوات جَبرئيلُ
وَقل صَلاةُ الإله تترى / عَليك يا أَيُّها الرَسولُ
يا خيرَ من زُمَّت المَطايا / له ومن شُدَّت الحمولُ
أَنتَ الَّذي جاهُه جَليلٌ / وجودُه وافرٌ جَزيلُ
يَدعوك عبدٌ إليك يُعزى / فهل له إذ دعا قَبولُ
فُؤادُه بالأَسى جَريحٌ / وَجسمُه بالضَنى عَليلُ
قد عاث صَرفُ الزَمان فيه / وَخانَه صبرُه الجَميلُ
أَصبحَ بالهند في اِنفرادٍ / فَلا عشيرٌ ولا قَبيلُ
لَيسَ به في الوَرى حفيُّ / ولا له منهُمُ كَفيلُ
وأَنتَ أَدرى بما يُقاسي / فشرحُ أَحواله طَويلُ
خُذ بيدي يا فدتكَ نَفسي / فَقَد عَفا صَبريَ المُحيلُ
وطالَ بالرغم عنك بُعدي / فَهل إِلى قربكم سَبيلُ
فأدنني منك واِنتقذني / من غُربة عِبؤها ثَقيلُ
فقد تفأّلتُ بالتَداني / والفأل بالخير لا يَفيلُ
متى أَرى يا تُرى ركابي / لها إِلى طيبةٍ ذَميلُ
فيشتَفي قَلبيَ المُعنّى / وَيكتَسي جسميَ النَحيلُ
وَيُصبحُ الشملُ في اِجتماعٍ / والقربُ من بُعدنا بَديلُ
أَرجوك يا أَشرفَ البَرايا / وما الرجا فيكَ مُستَحيلُ
أَن تنجحَ اليومَ كلَّ سؤلي / وإِن أَبى دَهريَ البَخيلُ
صلّى عليكَ الإلهُ يا من / بجوده تَرتَوي المُحولُ
والآلُ وَالصحبُ خيرُ آل / جميلُهم في الورى جَليلُ
ما غنَّت الورقُ في رياضٍ / وأَطربَ السجعُ والهَديلُ
هَذا الحِجازُ وَذاك ضاله
هَذا الحِجازُ وَذاك ضاله / قَد قُلِّصت عنه ظِلالُه
ماذا بكاءُ المستها / م برقمتيه وما سؤاله
إن كانَ أَطمعه الحمى / فاليوم تؤيسُه رمالُه
قَد بانَ عنه جَمالُه / وتحمَّلت منه جِماله
أَينَ المعاهد والعهو / د وأَين من مال اِعتدالُه
لَهفي على الرشأ الَّذي / قد أَفلتت منّي حباله
يَصفو وَيكدر حبُّهُ / فالحبُّ أَكدرُه ملالُه
ما إن حلا لي وعدُه / إلّا ومرَّره مطاله
منع الكرى عَن ناظري / كيلا يُلمَّ بنا خيالُه
لَو أَنَّ ما بي من هوا / هُ بيذبلٍ ذابت قِلالُه
يا ويحَ قَلب قد تفر / رغَ في هواه به اِشتغاله
حمَّلته ما لم يُطق / واليوم قد قلَّ اِحتمالُه
وَلكلِّ خَطبٍ حيلةٌ / والبينُ قل لي ما اِحتيالُه
ماذا عَسى يُجدي مَقا / لي إن شكوت بما أَناله
قد طالَ عَتبي للزَما / نِ فَهَل تَرى خفَّت ثقاله
نعم اِلتجأت بمن أَذل / ل الدهرَ إرهاباً جلالُه
فاليَوم لا أَخشى الزَما / نَ وملجئي يُخشى صِيالُه
مَولىً به نلتُ المنى / وَقَضى لي الآمالَ مالُه
وسِعَ الورى إِفضالُه / فَغَدا يعمُّهمُ نوالُه
إِن رامَ نالَ وإن يقُل / فالقَولُ يتبعُه فِعالُه
ليثٌ بهولُكَ صولُه / غَيثٌ يَروقُ لك اِنهلالُه
طابَت مغارسُهُ وأَو / رق عودُه وزكت خِلالُه
يا أَيُّها المولى الَّذي / قد أَكملَ العَليا كمالُه
وَبه زَها روضُ العُلى / وَالمَجدُ قد صحَّ اِعتلالُه
إِنّي بعفوِكَ واثِقٌ / وَالعَفوُ أَكرمُه مُذالُه
فأَقِل عِثاري إِن عثر / ت ولا تقل ظهرَ اِختلالُه
فلأَنتَ أَكرمُ من رجو / تُ وَخيرُ من كرُمت خِصالُه
كَم نائِلٍ أَوليتَني / هِ وَساغَ لي عَذباً زُلالُه
بوّأتَني المَجدَ المؤَث / ثَل عندَما مُدّت ظِلالُه
حتّى غدوتَ وأَنتَ بَد / رُ سمائه وأَنا هلالُه
فاِسلم ودُم متبوِّئاً / مَجداً سَما عِزّاً منالُه
إِليكَ فَقَلبي لا تقِرُّ بلابلُه
إِليكَ فَقَلبي لا تقِرُّ بلابلُه / إِذا ما شدَت فوقَ الغُصون بلابلُه
تَهيجُ له ذكرى حَبيبٍ مُفارِقٍ / زرودُ وحُزوى وَالعَقيقُ منازلُه
سقاهُنَّ صوبُ الدَمعِ منّي ووبلُه / منازلَ لا صوبُ الغمام ووابلُه
يحلُّ بها من لا أصرِّحُ باِسمِه / غَزالٌ على بُعد المزارِ أُغازِلُه
تقسَّمه رقُّ الجَمال وَجزلُه / فرنَّ وشاحاهُ وصُمَّت خَلاخِلُه
وَما أَنا بالناسي لَياليَ بالحِمى / تقضَّت ووردُ العَيش صفو مناهلُه
لَيالي لا ظبيُ الصَريم مصارمٌ / ولا ضاقَ ذَرعاً بالصُدود مُواصلُه
وَكَم عاذِلٍ قَلبي وقد لجَّ في الهَوى / وما عادِلٌ في شِرعة الحبِّ عاذلُه
يَلومونَ جَهلاً في الغَرام وإنَّما / له وعليه بِرُّه وغوائلُه
فَلِلَّهِ قَلبٌ قد تَمادَى صَبابَةً / عَلى اللَوم لا تنفكُّ تغلي مراجلُه
وَبالحلَّة الفَيحاءِ من أَبرقِ الحِمى / رَداحٌ حماها من قنا الخَطِّ ذابلُه
تَميسُ كما ماسَ الرُدَينيُّ مائداً / وَتهتزُّ عُجباً مثلما اِهتزَّ عاملُه
مهفهفةٌ الكَشحَين طاويةُ الحَشا / فَما مائدُ الغصن الرَطيبِ ومائِلُه
تعلَّقتُها عصرَ الشَبيبة والصِبا / وَما عَلِقَت بي من زَماني حبائلُه
حذرتُ عليها آجلَ البُعد والنَوى / فَعاجَلني من فادح البَين عاجلُه
إِلى اللَهِ يا ظمياءُ نَفساً تَقَطَّعَت / عليكِ غَراماً لا أَزال أُزاولُه
وخطبَ بعادٍ كلَّما قُلتُ هذه / أَواخرهُ كرَّت عليَّ أَوائِلُه
لئن جارَ دَهري بالتفرُّق واِعتَدى / وَغال التَداني من دُهى البين غائلُه
فإنّي لأَرجو نيلَ ما قد أَملتُه / كَما نال مِن يحيى الرَغائبَ آملُه
كَريمٌ وفي إِحسانه ونوالِه / بما ضمِنَت للسائِلين مخائلُه
من النَفر الغرِّ الَّذين بمجدهم / تأَيَّد أَزرُ المجد واِشتدَّ كاهلُه
لَقَد ألبِسَت نَفسُ المَعالي برودَه / وزُرَّت على شَخص الكَمال غلائلُه
جَوادٌ يَرى بذلَ النوال فَريضةً / عليه فما زالَت تعمُّ نوافلُه
له همَّةٌ نافت على الأَوج رفعةً / تقاصرَ عنها حين همَّت تُطاولُه
أَجلُّ همامٍ أَدرك المجدَ همَّةً / وأَكرمُ مولىً جاوز الحدَّ نائلُه
وقد أَيقنت نَفسُ المكارم أَنَّها / لَتَحيا بِيَحيى حين عمَّت فواضلُه
أَخٌ ليَ ما زالَت أَواخي إِخائه / موطَّدةً منه ببرٍّ يواصلُه
ليَهنكَ مجدٌ يا ابنَ أَحمدَ لم تَزَل / فواضلُه مشهورةً وفضائلُه
أَبى اللَهُ إلّا أَن يُنيفَ بكَ العُلى / وَيُعلي بك المجدَ الَّذي أَنتَ كافلُه
وَما زِلتَ تَسعى بالمكارم طالباً / مَقاماً تناهى دونَه من يُحاولُه
فحسبُك قد جُزتَ الأَنامَ برتبةٍ / تُشيرُ لَها مِن كُلِّ كفٍّ أَناملُه
سأَشكُرُ ما أَهدَيتَ لي من أَزاهرٍ / يَجولُ عليها من نَدى الحُسن جائلُه
وأثني على ما صُغتَه من قلائِدٍ / تَحَلّى بها من جيدِ مدحيَ عاطلُه
فدم سالِماً من كُلِّ سوءٍ مهنّأً / بما نلتَه دَهراً وما أَنتَ نائلُه
ودونكها من بَعض شُكري وما عَسى / يَفي بالَّذي أَوليتَ ما أَنا قائلُه
أَبو طالب عمُّ النَبيِّ محمَّدٍ
أَبو طالب عمُّ النَبيِّ محمَّدٍ / به قام أَزرُ الدين واِشتدَّ كاهلُه
وَيَكفيهِ فخراً في المَفاخر أَنَّه / مؤازرُه دونَ الأَنام وكافلُه
لئن جهِلَت قَومٌ عظيمَ مقامِه / فَما ضرَّ ضوءَ الصُبح من هو جاهلُه
وَلَولاه ما قامَت لأَحمدَ دعوةٌ / ولا اِنجابَ لَيلُ الغيِّ واِنزاح باطلُه
أَقرَّ بدين اللَه ستراً لحكمةٍ / فَقال عدوُّ الحقِّ ما هو قائلُه
وَماذا عليه وهو في الدين هضبةٌ / إِذا عصفت من ذي العِناد أَباطلُه
وكيف يحلُّ الذمُّ ساحةَ ماجِدٍ / أَواخره مَحمودةٌ وأَوائلُه
عليه سَلامُ اللَه ما ذرَّ شارقٌ / وَما تُليت أَخبارُه وَفضائِلُه
لا طرقتكَ الخطوبُ والعِلَلُ
لا طرقتكَ الخطوبُ والعِلَلُ / ولا اِعتراكَ الفتورُ والكسلُ
حاشاك من عِلَّةٍ ومن كسلٍ / ما اِعتلَّ إلّا الرَجاءُ والأملُ
يا ماجِداً بالفَخارِ متَّسِماً / دانت له الشامخات والقُلَلُ
وَلاح نجمُ الهُدى بطلعتِه / فاِتَّضحَت من ضيائِه السُبُلُ
أَنتَ الَّذي حزتَ كلَّ مكرمةٍ / بها مدى الدَهر يُضربُ المثلُ
فاِسلم ودُم راقياً ذُرى شَرفٍ / تقصرُ عنها البوازلُ الطُوَلُ
واِبقَ موقّاً من كُلِّ حادثةٍ / وَغصنُك الدهرَ مورقٌ خَضِلُ
وافتك تنهجُ للخطاب سَبيلا
وافتك تنهجُ للخطاب سَبيلا / وَتجرُّ ذَيلاً لِلعِتاب طَويلا
غرّاءُ تهزأ بالنجومِ لوامِعاً / وَالزَهر غضّاً وَالنَسيمِ بَليلا
قد سمتُها التَقبيلَ فيك ولم أَقُل / لَولا المشيب لسمتُها تَقبيلا
حمَّلتُها جُمَلَ العِتاب وإنَّما / فصَّلتُ دُرَّ مَقالها تَفصيلا
ما فاخرَت قَولاً بحسنِ نظامِها / إِلّا وَجاءَت وهي أَحسنُ قيلا
أَجريتُ طِرفَ العتب في مضمارها / فأَتاك يشؤو السابقات ذَميلا
ما لِليالي قد وَقَفنَ مبرِّزاً / وَفللنَ عضباً من وفاكَ صَقيلا
فصرمتَني ونبذتَ حبل مودَّتي / واِعتضتَ عَن ودّي العُداة بَديلا
وصدفتَ عن سُبل الوَفاء مجنِّباً / وَسلكتَ من طُرق الجَفاء سَبيلا
فحملتُ منك على مُزاولة النَوى / عِبئاً عليَّ مَع الزَمان ثَقيلا
مَهلاً فَما أَعرضتَ عنّي واثِقاً / إِلّا بِمن لم يُغنِ عنكَ فَتيلا
فاِنظر لنفسكَ ما أَتيتَ فلَن أَرى / لك لو عَلِمتَ بما أَتيتَ قَبيلا
اللَه في حُرُمات ودٍّ أَصبحت / هَمَلاً وأَصبحَ هديُها تَضليلا
كَم شامتٍ قد كانَ يأمُل أَن يَرى / ربعَ الوداد وقد رآه مَحيلا
فاِرجع بودِّك عَن قَريبٍ طالِباً / عذراً على رغم العدوِّ جَميلا
حتّى أُجادِلَ فيكَ كلَّ مكذّب / وأقيمَ منكَ على الوَفاءِ دَليلا
حاشا لمثلك والمودَّة ذِمَّةٌ / أَمسى بها العَهدُ القَديم كَفيلا
إِنّي أؤمِّل أَن أُزيل بكَ الجَوى / وأبلُّ من حرِّ الفؤادِ غَليلا
وأَعودُ أَنشدُ في هواك ندامة / يا لَيتَني لم أَتَّخذكَ خَليلا
سرَت سَحَراً والنجمُ للغرب مائلُ
سرَت سَحَراً والنجمُ للغرب مائلُ / وَلَونُ الدُجى من رَهبة الصُبح حائلُ
وَقَد همَّتِ الظَلماءُ في الأُفق بالسُرى / كَما همَّ بالسَير الخَليط المزايلُ
كأَنَّ النجومَ الزُهرَ عيسٌ نوافرٌ / كأَنَّ الدجى ركبٌ من الزِنج قافِلُ
كأَنَّ الثريّا إذ تَجَلَّت خواتِمٌ / تحلَّت بها من كفِّ خودٍ أَنامِلُ
كأَنَّ سهيلاً للنُجوم مُراقِبٌ / كأَنَّ السُهى صَبٌّ من العشق ناحلُ
كأَنَّ عَريَّ الأفق بيداءَ سملقٌ / كأَنَّ مَبادي الصُبح فيه مَناهِلُ
فوافَت يباريها الصَباحُ مماثلا / وَهَل يَستَوي مثلين حالٍ وعاطلُ
عجبتُ لمسراها وقد حالَ دونَها / شعوبٌ تَسامى للعُلى وَقبائِلُ
وشيمَت لديها مرهفاتٌ بواترٌ / وهُزَّت عليها مُشرعاتٌ ذَوابلُ
كَسا الجوَّ منها نفحةٌ عنبريَّةٌ / فنمَّت بريّاها الصَبا والشَمائِلُ
مهاةٌ لها في كُلِّ قَلبٍ مراتعٌ / وَبَدر في كُلِّ قَلبٍ منازلُ
تبدَّت فَقُلتُ الصبحُ أَبيضُ ساطعٌ / وَماسَت فَقُلتُ الغصنُ أَخضَرُ مائِلُ
تكنَّفها أَترابُها فكأَنَّما / هيَ البَدرُ بين الأَنجم الزُهر ماثلُ
عليهنّ من ضوءِ الصَباح براقعٌ / وَمن غَسق اللَيل البَهيم غَلائِلُ
فَما راعَني إِلّا سَلامُ وداعِها / وأَدمعُها في وجنتيها هواملُ
وَقامَت لضمّي والحليُّ مُرِنَّةٌ / وقد صُمَّ منها قُلبُها والخَلاخلُ
هناك اِلتَوَينا للعناق كما اِلتَوى / قضيبانِ في رَوضٍ وريق وذابلُ
وَراحَت تَهادى في خُطاها تأَوُّداً / كَما يَتَهادى الشاربُ المُتَمايلُ
فَلِلَّهِ وَصلٌ ما أَقلَّ زمانَه / كذلك أَزمانُ الوصال قَلائِلُ
سَقى تِلكَ الأَباطح والرِمالا
سَقى تِلكَ الأَباطح والرِمالا / عِهادُ الغيثِ ينهملُ اِنهمالا
وَحَيّا اللَهُ بالجَرعاء حيّاً / رعَيتُ به الغَزالةَ والغَزالا
دياراً كُنتُ آمنُها نزولاً / ولا أَخشى لدائرةٍ نِزالا
إِذا هَزَّت غَوانيها قُدوداً / تهزُّ رجالُها أَسَلاً طِوالا
لَعمرُكَ ما رُماة بَني أَبيها / بأَصمى من لواحظها نِبالا
وَبي منهنَّ واضحةُ المحيّا / هضيمَ الكشح جاهرةً دَلالا
تُعير الظَبيَ مُلتَفَتاً وَجيداً / وَتَكسو الغصنَ ليناً واِعتِدالا
تُميط لثامَها عَن بدرِ تَمٍّ / تجلّى فوق غرَّتها هِلالا
أَغارُ من الرياح إذا أَمالَت / مهفهفَ قدِّها يوماً فَمالا
تقابلُها إذا هبَّت قَبولا / وتشمَلُها إذا نَسَمت شَمالا
وَما أَغرى الفؤادَ بحبِّ خودٍ / مَنوعٍ لن تُنيل ولن تُنالا
سَبت جَفنيَّ نومَهما لكيلا / أواصلُ في المَنام لها خَيالا
وَلَستُ إذا طلبتُ الوصلَ منها / بأَوَّلِ عاشقٍ طلبَ المُحالا
غَبطتُ الركبَ حين بها اِستقلّوا / فَكَم حملت جِمالُهم جمالا
أَقولُ لصاحبي لمّا تجلَّت / وَجَلَّت أَن أُصيبَ لها مِثالا
أَبدرُ الأفق لاحَ فقال كلّا / مَتى كانَت منازلُهُ الحِجالا
وربَّ لوائمٍ أَوقرنَ سَمعي / مَلاماً ظلَّ يوقرُني مَلالا
هجرنَ بذمّهنَّ الهجرَ مِنها / ولا هجراً عرفنَ ولا وِصالا
وَلَو أَنّي أكافيهنَّ يوماً / جَعلتُ خدودَهنَّ لها نِعالا
وَكَم حاولتُ صَبري في هَواها / فَقال إليكَ عنّي واِستَقالا
يا غَزالاً يُخفي سناه الغَزالَه
يا غَزالاً يُخفي سناه الغَزالَه / فَتَنتني لحاظُك الغَزّالَه
مرَّ دَهرٌ وَالعَيشُ صفوٌ إِلى أَن / ذاقَ قَلبي طَعمَ الهوى فَحَلا لَه
ما لِقَلبي والحبِّ لَو لَم تُمِله / للتَصابي أَعطافُك الميّاله
زادَني لحظُك السَقيم اِعتلالاً / لا شَفى اللَهُ سقمَه واِعتلالَه
كُنتُ غِرّاً بالحبِّ حتّى دَهَتني / بِرَناها لحاظُكَ المُغتالَه
كَيفَ أَرجو الوَفا وأَنتَ على العَه / دِ بطيءُ الرِضا سَريعُ المَلالَه
قُلتُ لمّا أَطال فيكَ عَذولي / أَنا راضٍ به عَلى كُلِّ حاله
يا نَسيماً سَرى من الغَور وَهناً / ساحباً في رُبى الحِمى أَذيالَه
طابَ نشراً بطيب من سكن الجِز / عَ وَوافى يجرُّ بُردَ الجَلاله
فَروى أَحسنَ الحَديث صَحيحاً / مُسنداً عنهُمُ وأَدّى الرِسالَه
هاتِ كرِّر ذاكَ الحَديث لسَمعي / وَلك الطَولُ إِن رأَيتَ الإِطالَه
قد نكأتَ الغداة في القَلب جُرحاً / كُنتُ أَرجو بعد البِعاد اِندِمالَه
يا لك الخير إِن أَتَيتَ رُبى سَل / عٍ وَشارَفت كثبَه وَرمالَه
قِف بأَعلامِه وَسل عن فؤادٍ / خَتَلَته ظباؤُهُ المُختالَه
وَتلطَّف واِشرَح لهم حالَ صبٍّ / غَيَّرَ السقمُ حاله فأَحالَه
ما سرى بارقٌ برامةَ إلّا / واِستَهَلَّت دموعيَ الهَطّالَه
وَتذكَّرتُ مربع الأنس واللَّه / وِ وَعصرَ الصِّبا وَعَهدَ البِطالَه
حيثُ ظلّي من الشَباب ظَليلٌ / وَالهَوى مُسبِغٌ عليَّ ظِلاله
سَقى اللَّهُ أَيّامَنا بالحِجاز
سَقى اللَّهُ أَيّامَنا بالحِجاز / ولا جازَها الغيدقُ الهاطلُ
فَما كانَ أَرغدَ عيشي بها / إِذ المنزلُ القفرُ بي آهلُ
لَقَد طالَ وَجدي وَذِكري لَها / وَلَيسَ لما قد مَضى طائِلُ
فَيا لهفَ نَفسي له ماضياً / ترحَّل وَالوَجدُ بي نازلُ
تَرى من غَرامي به دائِمٌ / وَحاليَ مِن فقده حائِلُ
درى أَنَّ وَجدي به لا يَزول / وَصَبريَ من بعده زائِلُ
يَقولون لي إِنَّه خاذِلٌ / وَخَيرُ الظِبا الشادِنُ الخاذِلُ
أَتعذلُني جاهِلاً حالَه / لك الوَيلُ يا أَيُّها العاذلُ
تجيبُ الصَفاةُ وَلَيسَ يُجيب / وَدَمعي على وَجنَتي سائِلُ
إِلى اللَه مِمّا يُلاقي المحبّ
إِلى اللَه مِمّا يُلاقي المحبّ / بِلَيلى وما نالَ في الحُبِّ نَيلا
قَضى العمرَ بين بُكاً واِشتياقٍ / فَيَبكي نَهاراً وَيَشتاقُ لَيلا
يا عاذلي في الأَماني
يا عاذلي في الأَماني / أَكثرتَ في العَذلِ قَولا
دَعني أُعَلِّلُ نَفسي / ما أَضيقَ العَيش لَولا
وَمزرٍ بضوءِ الشَمس لم تَرَ وَجهَهُ
وَمزرٍ بضوءِ الشَمس لم تَرَ وَجهَهُ / ولا ماثَلتهُ في علوٍّ ولا نُبلِ
بلينا جَوىً إِن رامَ منّا تدلُّلاً / على الحُبِّ إِبلاءَ النُفوس ولا نُبلي
وأَهيفَ قد قدَّ القُلوبَ بقدِّه
وأَهيفَ قد قدَّ القُلوبَ بقدِّه / وَما هو حَدَّي سِنانٍ ولا نَصلِ
صلَتنا لَظى الهَيجاءِ إِن سامَنا هَوىً / على حُبِّه صَليَ النفوسِ ولا نصلي
رَوى لنا المشطُ حَديثاً عجباً
رَوى لنا المشطُ حَديثاً عجباً / من فرعها الداجي كلَيلٍ أَليلِ
إِذ أَرسلَته وارِداً مسلسَلاً / فاِعجب له من مُرسَلٍ مُسلسَلِ
تجنَّ واِعتب تجد منّي بِذاكَ رضاً
تجنَّ واِعتب تجد منّي بِذاكَ رضاً / وَالعذرُ إِن شئتَ مسموعٌ وَمَقبولُ
ولم أؤاخذكَ في ذَنبٍ ولا عتبٍ / فالذَنبُ والعتبُ موضوعٌ وَمَحمولُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025