القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 246
متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً
متى نرجو لغُمتّنا انكسَافاً / وقد أمسى الشقاق لنا مَطافا
ملأنا الجوّ بالجدل اصطخاباً / وكنّا قبلُ نملؤه هُتافاً
وما زلنا نَهيم بكلّ وادٍ / من الأقوال نُرسلها جُزافا
ونُرجف في البلاد بكل رُعبٍ / يهُزّ فرائص الأمن ارتجافا
ونتّهم الحكومة باعتسافٍ / ونحن أشدّ ظلماً واعتسافا
وكم من ناعب في القوم يدعو / بوَشك البين تحسبه الغدافا
تباكينا على الوطن اختداعاً / فأنبتنا بأدمعنا الخلافا
أجاعتنا المطامع فاختلفنا / لنملأ في موائدنا الصِحافا
ولكنّا من الوطن المُفدى / نَخيط على مطامعنا غلافا
أرى أنف الحوادث مشمخرّاً / غداً يتشمّم الحدث الجُرافا
ويُوشِك أن يُمزّق منخرَيه / عطاس يملأ الدنيا رُعافا
فهل لوزارة الغازي اقتدار / تردّ به الهزاهز والنِقافا
أقول ولو يَسوء القومَ قولي / بياناً للحقيقة واعترافا
قد اختلف البريّة واختلفنا / فكنّا نحن أسوأها اختلافا
فلا تغُررك أحزاب شداد / بأنّ لهم أقاويلاً لِطافا
فإن بواطن القوم احتراص / وإن أبدت ظواهرهم عَفافا
وما اختلفوا لمصلحة ولكن / ليأكل أقوياؤهم الضعافا
هو الدينار مُنية كل راج / وبغية كل من دَأب احترافا
نحِجّ لأجله بيت المخازي / ونكثر حول كعبته الطوافا
ترى كل الأنام به سُكارى / وغيرَ هواه ما ارتشفوا سلافا
فحبّ سواه في الأفواه جارٍ / ولكن حبّه بلغ الشغافا
هو الحرب التي زحفت إليها / كتائب كل من طلب الزحافا
وكم قد رَنّ في أمل مُخاف / فأمن صوته الأمل المُخافا
إذا خطب الوضيعُ به المعالي / أقام له بنو الشرف الزِفافا
أرى الأحزاب من طمع وحِرص / قد اخترقوا إلى الفتن السجافا
يُجانف بعضهم في الرأي بعضاً / وبئس الرأي ما التزم الجنافا
لئن خطَأت من راموا اتحاداً / فما صَوّبت من راموا ائتلافا
فإن مشارب العُدوان منها / كلا الحزبين يرتشف ارتشافا
وهم كأُولي الديانة كل حزب / يراه أحقّ بالحق اتصافا
وماذا نفع أقوال سِمان / إذا أفعالهم كانت عِجافا
وأنّى يُصلح الأوطان قوم / بها أشتى تدابُرهم وصافا
فكُن منهم على طرف بعيداً / وحاذر أن تكون لهم مُضافا
فهم كالبحر يهلك راكبوه / ويسلم منه من لزم الضفافا
أرى الأتراك في دار الخلافه
أرى الأتراك في دار الخلافه / تمادَوا في الخصومة والسخافه
غَدْوا يتطاعنون بكل هُجر / من القول المخالف الصحافه
فما عمِلت رماح الخَط فيهم / كما عملته أقلام الصحافه
ترى كلاً تهيّأ للترامي / وشمّر عن سواعده لحِافه
وأترع كفّه حَمَأ نَتيناً / ليلطخ وجه من يُبدي خلافه
تراهم مُزبدين لهم شُدوق / كشِدقّيْ حالبٍ النُشافه
لهم صخب كعربدة السكارى / وقد شِربوا المطامع كالسُلافه
على حين العدوّ بهم محيط / يُذيقهم المَذَلّة والمَخافه
سفينة ملكهم فيها خُروق / وهم لا يُحسِنون لها القِلافه
وقد وقفت بُدر دُورٍ شديد / ولم تأمن من الموج انقذافه
وليس لها هنالك من عريف / يُقَوّمها بسُكّان العَرافه
عجبت لهم إذِ اختلفوا بمُلك / يكون الاختلاف عليه آفه
كأنّي إِذ أراهم في احتراب / بمُلك يطلب الغرب انتسافه
أرى كَبشَين ينتطحان جهلاً / لدى الجزار في دار الضيافه
خصام يضحك السُفهاءُ منه / ويبكي منه أرباب الحَصافه
وإن تدابُر الأقوام شيءٌ / يؤول إلى الندامة والأسافه
أرى الحق لم يَغش البلاد وإنما
أرى الحق لم يَغش البلاد وإنما / مشى ضارباً في الأرض تلِفظه الطرق
فيُصبح في أرض ويُمسي بغيرها / وحيداً فما يؤويه غرب ولا شرق
توطّن قَفر الأرض مُبتعداً بها / إلى حيث لا أنس ولا طائر يَزقو
وقد يهبِط الأمصار وهو مُحجَب / ويظهر أحياناً كما أومض البرق
ومن عجب أن الورى يدعونه / وهم من قديم الدهر أعداؤه الزرق
أعدوا له في البرّ والبحر قوةً / إذا ظهرت ينسدّ من دونها الأفق
وطاروا بطياراتهم يُمطرونه / قذائف من نار كما أمطر الوَدق
يقولون إن الحقّ في الخلق قوة / تذِل لها أعناق قهراً وتندق
فما باله يُمسي ويُصبح شاكياً / ولا يتحاشى عن ظُلامته الخلق
إلى الله نشكو الأمر من مدنيّة / تعارض في أوصافها الكذب والصدق
وكم قد سمعنا ساسة الغرب تدّعي / بأشياء من بُطلانها ضحك الحق
فهم منعوا رِقّ الأسير وإنما / أجازوا لهم أن يشمَل الأمم الرق
ألم ترَ في القطر العراقي أمةً / من الأسر مشدوداً بأعناقها رِبق
قد اختطّ فيه السيف للقوم خطّة / من العُنف لم يُمرر بساحتها رِفق
واوْجرهم سّماً من الذلّ ناقعاً / بكأس من العُدوان ليس لها مَذق
فدجلة من وقع الشوائب أصبحت / تُعاف لأن الماء في حوضها رَنق
وإن الفرات الغَمر أمسى وماؤه / من الضَيم غَور ما لأوشاله عُمق
رعى الله بين الوادَيين مَواطناً / إذا ذُكرت يهتزّ بي نحوها عِشق
قضيت بها عصر الشباب فلي بها / خواطر لم يسمح بإفشائها النطق
فلا تعجبُوا من أنني عند ذكرها / أنوح عليها مثلما ناحت الوُرق
وإني إذا أبصرتها مستضامةً / يكاد لها قلبي من الحزن يَنشقّ
ألم ترها قد أصبحت من إسارها / تُليح بطرف في لواحظه العِتق
تجرّ قيود الذل راسفةً إلى / تكاليف حكم في سياسته المحَق
ويحلب شطرَيها العدوّ ضرائباً / ويمخضها درّاً كما يُمحض الزِق
سلام على وادي السلام الذي به / تفاقم هول الخطب واتسع الخَرق
سَنفديه حتى لا حياة عزيزة / ونبذل حتى لا نفيسٌ ولا عِلق
ونُدرك فيه ثأرنا بكتائب / لها نَسَب من صلب يعرب مشتق
وإن الليالي بالخطوب حوامل / ولا بدّ يوماً أن سيأخذها الطلق
فتُنتج حرباً ما يَبوح سعيرها / وتَستَنّ في ميدانها الدُهم والبُلق
بكلّ أخي عزم كأنّ مَضاءه / مشطّبةٌ بيض ومَسنونة زُرق
تلقّف رايات العلا سواعد / لهنَّ بتصريف القنا في الوغى حِذق
فإما المنايا نستطب بطبّها / وإما مُنىً فيها يتِمّ لنا السَبق
إذا نحن لم نملك على الدهر أمره / فلا دام فينا نابضاً للعلا عِرق
قال قولاً به استحقّ احتراماً
قال قولاً به استحقّ احتراماً / وتهدّاه فاستحق ملاما
رجل قد تنكّب الحق قوساً / ومن البُطل ظلّ يرمي سِهاما
كان منه المقال نوراً فلما / حان الفَعال كان ظلاما
خاض حرب العِدى بمِقول حرّ / فاق فيها المهنّد الصمصاما
وبذا عرّف الورى أنّ قول ال / مرء في الحرب قد يَفوق الحُساما
إذ غدا ناطقاً بمرقد واشن / طون نطقاً شفى به الأسقاما
معرباً عن مباديء محكمات / ساميات تُحرّر الأقواما
قال حرية الأنام هي الغا / ية لي في الوغى فغَرَّ الأناما
فاشرَأبَ الورى إليه وظنَوا / أنهم سوف يَبلغون المراما
واطمأنّت له القلوب بفَوْز / يغتدي في فم الزمان ابتساما
شام منه الورى بوارقِ غَيم / من وراء البحر المحيط تَرامى
فتصدّى لغَيثه كل قوم / قد شكَوْا غُلّةً بهم وأُواما
ثم خابت ظنونهم فيه لَما / مرّ في الجوّ خُلَّباً وجَهاما
مَدَّ ولسون في السياسة حَبلاً / جمع النقض فيه والأبراما
فلبعض الأنام كان عِصاماً / ولبعض الأنام كان خِصاما
ملأ الدهر في فيومة فخراً / وبازمير أخجل الأيّاما
إن إزمير صيّرت ما لولسو / ن من الخر في فيومة ذاما
فهل الحق عنده في سوى الغَر / ب حقير أقلّ من أن يُحامى
أو هل الشرق وحده في الأقالي / م مباح أن يُستبى ويضاما
أو هل القوم عاهدوا الله في أن / لا يراعوا للمسلمين ذِماما
مالهم أرهقوا بني الشرق ظلماً / وعلى الترك أْشَلُوا الأرواما
فاستباحوا حريم إزمير مهباً / واستحلُّوا من الدماء حراما
حيث جاسوا خلالها بجنودٍ / ركِبت في عُتُوّها الآثاما
أيها المجلس الرباعيّ مهلاً / فلقد جُرت في الأمور احتكاما
أنت سكران خمرةِ النصر فاحذَر / حين تصحو ندامة ولِواما
لك عين ترى السها في الدياجي / وعن الشمس في الضحا تتعامى
أوَ لم تَدرِ أن للدهر عيناً / إن تَنَمْ عين أهله لن تناما
لا تكن تابعاً هوى النفس فيما / أنت فيه تقرّر الأحكاما
فهوى النفس قد يُضِلّ ذويه / فيَطيشون في الورى أحلاما
ويرون الجُسام أمراً صغيراً / ويرون الصغير أمراً جساما
لا يغُرَّنّك الزمان إذا ما / لك أبدى بشاشة وابتساما
كم أشال الزمان أعلام قوم / في الذُرا ثم نكّس الأعلاما
مثلما دار للفرنج على الجَرْ / مَن حرباً فأدركُوا الإنتقاما
أيها المسلمون لستم من الغَر / ب بحال تستَوْجِبون احترما
إنما أنتم لدى الغرب قومٌ / خُلِقُوا عن سوى الشرور نياما
فإذا ما وسِعتم الناس حلماً / عدّه الغرب شِرّةً وعُراما
وإذا ما ملأتم الأرض عَدلاً / عُدّ جَوراً أو مفخراً عدّ ذاما
وإذا ما فعلتم الخير يوماً / حسبوه جناية وإثاما
وإذا زَلَّةً لكم دَفَن الده / رُ أملّوا بنَبْشِها الأقلاما
وإذا ما افترى عليكم عدوّ / أيدوه وصدّقوا الأوهاما
وإذا ما جنى عليكم إناس / سكتوا عنهم ومرّوا كراما
كم بأرض البلقان منكم قتيِل / وأيامي مضاعة ويتامى
نثر الظالمون في الأرض منهم / جُثَثاً تملأ الفضاء وهاما
لو أتَينا تلك البلاد رأينا ال / يوم منهم جَماجماً وعظاما
ما نضا في الدفاع عنهم بنو الغر / بِ حساماً ولا أحاروا كلاما
إن تكن هذه السياسة عدلاً / فإلى الظلم نشتكي الآلاما
رحم الله أمةً أصبح الغر / بُ يرى كل ذنبها الإسلاما
تبلَج أفق الشرق من بعدما اغبرّا
تبلَج أفق الشرق من بعدما اغبرّا / وكشّر عن صبح الأمانيَ مفتّرا
ولو كان صبحاً ناصع اللون سرّني / وبرّد حرّاً كان في كبِدي الحرّى
ولكنه صبح يلوح لناظري / بحاشية الزرقاء كالدم محمرّا
أراه كوجه الغادة الخَود راقني / بحسن ولكن قد تجهّم وازورّا
لمحت تباشير المنى من خلاله / ضئالاً كمهوك غدا يشتكي الضُرّا
ولم أدرِ لما استبهمت اخرياته / أ أطمع أم أستشعر اليأس مضطرّاً
ولو كنت أدري ما وراء احمراره / لسَرّى عن النفس الكئيبة ما سرّى
ولكنّه ورّى عواقب أمره / فزادت شكوك النفس من أجل ما ورى
يُهامسني بالوعد قولاً مجمجماً / كأن هو يخشى أن أذيع له سرّا
وإني لأخشى أن أكون بوعده / وإن أسفرت أوصاحه الغُرّ مغترّا
وما كل صبح يرتجي الناس خيره / ولا كل ليل مظلم يُضمر الشرّا
فإن كنت يا صبح الأمانيِّ صادقاً / بوعد فحيّا الله طلعتك الغرّا
خليلي هل من عاذرٍ في قصيدة / أقول بها حقاً وإن قلته مُرّا
أرى هَبوة سوداء في الجوّ أسبلت / حجاباً بآفاق العراقَيْن مُمترّا
وأرخت بأرض الشام منها على الرُبا / سدولاً بها جوّ السماء قد اغبرّا
ومدّت على بيروت منها غَيابةً / بها عاد وجه الأفق أسفع مُكدرّا
وما هي إلاّ عارض من تناكر / به مربَع الآمال أقفر واقَورّا
ترى القوم فيه نَوؤهم متخاذل / وآمالهم أمست كتيبتها فُرى
عجبت لقوم أصبحوا يُنكروننا / وقد عرَفونا في الزمان الذي مَرا
همو أسمعونا نعرة عربية / فدوّى صداها في المسامع مُصطرّا
فكم من خطيب قام فيها مثرثراً / فطرّى لنا من يابس القول ما طرّى
وكم شاعر قد أرخص الشعر دونها / وكم قلم فوق الطروس بها صرّا
وكنا أجبناهم إليها إجابةً / بها قد تركنا جانب الدين مزورّا
رجاء اتحاد في طريق سياسة / تعُمّ مراميها بني يعرب طُرّا
فمذ حان أن يخضلّ غصن اعتزازنا / ويرتع بعد اليبس رطباً ويخضرا
نصبنا خياشيم الرجاء لريحهم / فهّبت لنا نكباء عاتية صرّا
لعمري لقد ساء الكرام ابن غانم / بباريس إذ قد قال ما يُخجل الحرا
نفى عن مناميه العروبة وادّعى / جُزافاً وخلّى منهج القوم وابترّا
وهل حسِبوا أن العروبة في الورى / من العَرّ حتى أنكروا ذلك العرّا
كأن لم يقم من بينهم ناعرٌ بها / ولم يك ضرّانا بها أمسَ من ضرّى
فما أحد منهم وفى بعهوده / ولا أحد منهم بما قال قد برّا
وكان غروراً كل ما حالفوا به / وشرّ الحليفَين الذي خان أو غرّا
وعاد الذي كنا نؤمَل مُنهم / إلى غير ما كنّا نؤمل منجرّا
وقد صوَّحت تلك الأمانيّ كلها / فحاكت نبات الأرض إذ هاج مصفرّا
وأصبح فينا شامتاً كل من غدا / لأبناء قنطوراء يغضب ممقرّا
رويدك غورو أيّهذا الجنيرال
رويدك غورو أيّهذا الجنيرال / فقد آلمتنا من خطابك أقوال
أتيت بلاد الشرق من بعد هدنة / قد اضطربت في المسلمين بها الحال
فجاء إليك ابن الدَنا وهو مسلم / يكيل لك الوُدّ الصميم ويكتال
وقام خطيباً معرباً عن عواطف / لقومك تكريمٌ بهنّ وإجلال
فقمتَ له في محِفل القوم خاطباً / تَجُرّ ذيول الفخر عُجباً وتختال
فذكّرته أهل الصليب وحربهم / إذا نبعث منهم إلى الشرق أبطال
وقلت عن الإفرنج قومِك إنهم / لأبطال هاتيك المعارك أنسال
فحركت حزناً كان في الشرق ساكناً / وجدّدت عهداً منه في الشرق أو جال
أسأت إلينا بالذي قد ذكرته / من الأمر فاستاءت عصور وأجيال
ذكرت لنا الحرب الصليبية التي / بها اليوم قد تّمت لقومك آمال
وتلك لعمري قرحة قد نكأتها / بما قلته فاهتاج بالشرق بلبال
فيا عجباً من أمة قدتَ جيشها / تشابه كردينالها والجنيرال
ولو أننا قلنا كما أنت قائل / لأنحى علينا بالتعصُّب عُذّال
وقالوا لنا أنتم أولو جاهلية / وإن خالفوا وجه الصواب بما قالوا
فلا تصمن الحرب بعد انقضائها / بما هو للدنيا وللدين اخجال
ولا تنس فضل الشرق إذ كان ناصراً / لقومك فيما أحرزوه وما نالوا
فقد قادت الأعراب نحو عدوّكم / خُيولاً لها في حَومة الحرب تجوال
وقامت لكم منهم بمكة راية / لكم فُتحت فيها من القدس أقفال
لقد أغضبوا البيت الحرام وربّه / وهم بمقام البيت لا شك جُهّال
ولو أن عهد المسلمين كعهدهم / قديماً لحالت دون ذا النصر أهوال
ولكنهم باعوا الديانة بالدُنى / فحالت لعمري منهم اليوم أحوال
لذلك قام ابن الدّنا عن دناءة / يُحابيك فيما فيه للقوم إذلال
ولا تحسَبنه مخلصاً في مقاله / ولكنه في مكسب المال محتال
فكان قتيلاً بالمطامع عزُّه / فذّل وإن الحرص للعزّ قتّال
خليليّ قوما بي نطأطيء رءوسنا / لدى جَدَث تعنو لمن ضم أجيال
لدي الجدث الفرد الذي فيه قد ثوى / من الملك الفرد ابن أيوب رئبال
فنبكي على الأوطان حول رِجامه / كما قد بكت من فقدها الأَّم أطفال
ونستنزف الدمع الغزير لتُربه / كما ستنزفت دمع المحبّين أطلال
حنانيك يا قبر ابن أيوب فانصدع / لِينهض ثاوٍ في مطاويك مِفضال
إليك صلاح الدين نشكو مصيبةً / أصيب بها قلب العلا فهو مُغتال
ودارت رءوس القوم فيها توجُّعاً / وحزناً كما دارت بسكران جِريال
وقطبت الأيام حتى تشابهت / بها غُدُواتٌ كالحاتٌ وآصال
وأمسى حمى الإسلام تنتاب روضه / فترعاه من سَرح المُعادين آبال
قد صَحّ عزمك والزمان مريض
قد صَحّ عزمك والزمان مريض / حتّام تذهب في المُنى وتَئيض
ما بال همّك في الفؤاد كأنه / عظم يُقَلْقَل في حشاك مَهيض
كم بِتَّ معتلج الهموم بليلة / ما للظلام بفجرها تقويض
طنّت بمسمعك الهواجس في الدجى / فنفت كراك كما يطِنّ بعوض
تنبو جُنوبك عن فراش ناعم / فكأن مَضجعك الدَميث قضيض
وكأن جنبك بالجوى متقرّح / وكأن قلبك بالهموم رضيض
كُبرت لنفسك في الحياة لُبانة / ضاقت سموات بها وأروض
ما زلت تقتحم المهالك دونها / فالهولَ تركب والصِعابَ تروض
لله أنت فأيَّ هول تمتطي / أم أيَّ معتَرَك الخطوب تخوض
ولربّ قافية كمُئتِلق السنى / يجلو الشكوك يقينها الممحوض
صَرحت في إنشادها بحقيقة / فات الأنام بمثلها التعريض
ولقد أجَرَّني القريضُ عِنانَه / ونَحا بيَ المضمار وهو مروَض
وأتى المدى يوم السباق مُجَلِّياً / يَجري سَبوح خلفه ورَكُوض
قد كنت أنبِط للقريض قريحةً / بمفاخر العرب الكرام تَفيض
ولكَم وقفت من السياسة موقفاً / مَحيايَ فيه على التَوىَ معروض
مستنهضاً بالشعر قومي للعلا / إذ كان يهم فترةٌ ورُبوض
أيام لم يَنطق بذلك شاعر / قبلي ولم يُنشَد هناك قريض
حتى إذا دار الزمان مداره / خاب القريض وعاد وهو جَريض
وغدا يُنازعني الحَرُورة شاعر / ما كان حرّاً شعره المقروض
ويَبُزّ في ثوب الأمانة خائن / كأبي براقش طبعه المرفوض
كم مُدِّعٍ دعواي في وطنيّةٍ / أنا كنت أبنيها وكان يَقُوض
من كل عبد في السياسة باعه / وشراه هذا الدرهم المقبوض
تعس المخاصم إن لي لقصائداً / طرف المعاند دونهنّ غضيض
فإذا ادّعَيت فهنّ في دعواي لي / حُجج دوامغ ما لهنّ دحوض
وسل اليراع يُجِبْك عني ناطقاً / بمقال صدق ليس فيه غموض
لما تكرّهتي الأراذل سرّني / أني إليهم يا أُميم بغيض
ولقد بَرِئت إلى الوفاء من اميءٍ / عهد الصداقة عنده منقوض
وحزَيت كل صنيعة بمثالها / إن الصنائع في الرجال قُروض
لا تَطلُبنّ من الزمان حقيقةً / ما للحقيقة في الزمان وميض
وإذا مخضتَ من الليالي صَرفها / أبدى العجائب صرفها الممخوض
وحوادث الأيام مثل نسائها / في الحكم تَطُهر تارةً وتَحيض
ولربّما أنتَجْن كل كريهة / سوداء تَقنأ في وغاها البيض
قد ساء مُنقلَب البلاد بأهلها / فانحطّ أوْج واشمخر حضيض
ذهب الحياء فكم رأينا صاغراً / قد جاء وهو لمِذْرَوَيه نَفُوض
وَقِح تعامى عن مدانس عِرضه / فزهاه عُجباً ثوبه المَرْحوض
غَلَب الشقاء على الأنام فخيرهم / دَثٌّ وقَطر شرورهم اغريض
كيف السعادة في الحياة وللورى / في قوس كل ضغينة تنبيض
أم كيف تَبتدع المعالي أمةٌ / في العلم قلّ نصيبها المفروض
لن تَعدَم الدنيا الشقاءَ بأهلها / ما دام مُلك في البلاد عَضوض
ويح الذكاء فقد تأخرّ أهله / حتى تقدّم مَن قفاه عريض
أخزى البلاد مفاسداً بلد به / مُقت الأديب وأكرم العِرِيض
وإذا الفتى قعدت به أفعاله / أعياه بالنسب الرفيع نُهوض
والمرء إن عَدمِت سجّيته العلا / لم يَبتعثه إلى العلا تحريض
خطاب يهودا قد دعانا إلى الفكر
خطاب يهودا قد دعانا إلى الفكر / وذكَّرنَا ما نحن منه على ذُكر
ومجَّد ما للعُرب في الغرب من يدٍ / وما لبني العباس في الشرق من فخر
لدى محفِل في القدس بالقوم حافلٍ / تبَّوأه هرير صموئيل في الصدر
دعاهم رئيس القدس ذو الفضل راغب / إليه فلَبَّوْا دعوة من فتىً حرّ
فأمسَوْا وفي ليل المحاق اجتماعهم / يحفّون من هرير صموئيل بالبدر
فياليلة كادت وقد جَلَّ قدرها / تكون على علاّتها ليلة القدر
ولما تناهى من يهودا خطابه / وقد سرّنا من حيث ندري ولا ندري
تصّدى له هرير صموئيل ناطقاً / بسحر مقال جلّ عن وصمة السحر
فصدّق ما للعرب من تالد العلا / وما لهم في العلم من خالد الذكر
وزاد بأن أوما إلى ما لصنعهم / على صخرة البيت المقدس من أثر
وقال وقد أصغى له القوم إننا / سنَرْأب ما أثأتْه منكم يد الدهر
ونُنْهضكم في منهج العلم نهضةً / مقَوّمةً مَا اعْوَجّ فيكم من الأمر
فكانت لهذا القول في القوم هِزّةٌ / سروريّة من دونها هزّة السكر
حنانَيْك يا هربر صموئيل كم لنا / على الدهر من حق مضاع ومن وِتْر
لنا قلَب الخَؤون مِجَنّه / وكرّ علينا لابساً جلدة النمر
وأغرى بنا الأحداث مُبْتكِراً لها / فلم يأتنا إلا بحادثة بِكر
وقد أفنَت الأيام كل عَتادنا / سوى ما ورثنا من إباءٍ ومن صبر
فلسنا وإن عضّت بنا اليوم نابُها / نقرّ على ذلّ وننقاد عن ذُعر
فَمن سامَنا قسراً على الضيم يلقَنا / مصاعيب لا تُعطي المقادة بالقسر
لنا أنفس تحيا بثروة عزّها / وإن نشأت بين الخَصاصة والفقر
إذا نحن عاهدنا وفَيْنا ولم نكن / إذا ما ائتُمنّا جانحين إلى الخَتْر
فإن شئت يا هربر صموئيل فاختبر / خلائق منا لا تميل إلى الغَدْر
وعَدَت فأمسى القوم بين مشّكِك / ومنتظر الإنجاز منشرح الصدر
فكذّب وأنت الحرّ مَن ساء ظنّه / فقد قيل إن الوعد دّين على الحرّ
ولسنا كما قال الألى يُتهِموننا / نُعادي بني اسرال في السرّ والجهر
وكيف وهم أعمامنا وإليهم / يمت بإسماعيل قِدماً بنو فهر
وإني أرى العُربيَّ للعرب ينتمي / قريباً من العِبريّ يُنمى إلى العِبر
هما من ذوي القُربى وفي لغتَيْهما / دليل على صدق القرابة في النَجْر
ولكننا نخشى الجلاء ونتّقي / سياسة حُكم يأخذ القوم بالقهر
وهل تثبت الأيام أركان دولة / إذا لم تكن بالعدل مشدودة الأزر
وها أنا قبل القوم جئتك معلناً / لك الشكر حتى أملأ الأرض بالشكر
دار ذا الدهرُ مداره
دار ذا الدهرُ مداره / فرأى الناس ازوِراره
كل فعل الدهر فعل / فيه للحرّ إِساره
أهل بغداد أفيقوا / من كَرى هذي الغرارة
إن ديك الدهر قد با / ض ببغداد وزاره
شأنها شأن عجيب / قصرت عنه العباره
هي للجاهل عزّ / ولذي العلم حقاره
ملّك البدو بها الأم / رَ على أهل الحضارة
كم لها من هفَوات / تسلُب الطَود وقاره
حَّببت للوطنيّ الحرّ / أن يهجُر داره
بِيع للأطماع فيها / حقكم بيع الخَساره
فكأنّ الحكم والعَد / لَ بها قِطّ وفاره
كم وزير هو كالوِزْ / رِ على ظهر الوزاره
مقحَمٌ لو كان لفظاً / شخصه كان استعاره
ووزيرٍ ملحق كالذَي / لِ في عجز الحماره
ذَنَب أصبح للحك / م به أقبح شاره
ذنب يستوجب الإخ / لاص والصدق انبتاره
قل لأرباب الوزاره / عَذَلاً أضرمت ناره
أنتم الأصنام لولا / نزَقات مُستطاره
أحُلوم كفرَاش / وقلوب كحجاره
أم جُيوب زَرّها الده / ر على كل دَعاره
أم وجوه لو بدت للشم / س لم تنشُر حراره
أمع الذِلّة كِبر / أم مع الجبن جساره
كيف لا تخشَوْن للأح / رار في البطش مهاره
يا بني الأوطان هُبُّوا / وانفضُوا هذي الغراره
إن وجه الحق بادٍ / كسراج في مناره
إدرِكُوا الحق فقد شُنّ / تْ على الحق الإغاره
لا تسل عنه وزير ال / قَوم واسأل مستشاره
فوزير القوم لا يعْ / مل من غير اشاره
وهو لا يملك أمراً / غير كرسيّ الوزاره
يأخذ الراتب إمّاً / بلغ الشهر سراره
ثم لا يعرف من بَعْ / دُ خراب أم عماره
حَدِّثِ الناس حديث ال / لُؤم عن هذي الخشارة
فلعلَّ الدهر منهم / بدم يغسل عاره
أيها القوم مالكم في جمود
أيها القوم مالكم في جمود / أو ما يَستفِزّكم تَفنيدي
كلما قد هززتكم لنُهوض / عدت منكم بقَسوة الجُلمود
طال عَتبي على الحوادث فيكم / مثلما طال مطلها بالوُعود
فمتى سعيُكم وماذا التَواني / وإلى كم أُحثّكم بالنشيد
أنا غِرِّشد شاردات القوافي / أفَلم يُشجكم بها تغريدي
كنت قبلاً أُثني عليكم لأني / أبتغي الحَثَّ بالثناء الحميد
فاتّقوا اليوم صَولةً من يراع / واقفٍ في مواقف التنديد
أيها القوم نحن في عصر علم / جعل الحرب في طراز جديد
جعل الحرب تُدرس اليوم فَنّاً / مُغنياً عن شجاعة الصِنديد
إن للعم في حروب بني العص / ر لَيأساً يفوق بأس الحديد
إذ بدا بأسه الأشدّ فأنسى / كل بأس من الحديد شديد
أيها القوم فادخلوا المعهد الحر / بيّ طوعاً وانضوا ثياب الجمود
واستِدّوا لردِّ كل عدوّ / أنكر الحق ناقضاً للعهود
وأعِزّوا المُلك الذي نبتغيه / بجنود مبثوثة في الحدود
قد دعتكم أوطانكم فأجيبوا / دعوة الآمرين بالتجنيد
نحن لا نقصد الحروب ولكن / نبتغي الذَود عن تُراث الجدود
أرأيتم مُلكاً بغير جنود / إنما الملك قائم بالجنود
فاجمعوا الجيش في العراق ليرعى / ما به من طَريفكم والتَليد
ويردَّ العدوّ عنكم ويحمي / عيشكم من شوائب التنكيد
لا تقرّوا على الهوان وأنتم / عرب من بني الأُباة الصِيد
يكرهون الحياة إلاّ حياةً / ذات عزّ ببأسهم صَيهود
أشرف الموت عندهم هو موت / في صُها الخيل تحت خفق البُنود
وأعزّ الأعمار عمر قصير / تحت ظلّ من السيوف مديد
وأذلّ الحياة عندي حياةٌ / قد أهينت حقوقها بجُحود
يا قوم لا تتكّلموا
يا قوم لا تتكّلموا / إن الكلام محرَّم
ناموا ولا تستيقظوا / ما فاز إلاّ النُوَّم
وتأخّروا عن كل ما / يَقضي بأن تتقدّموا
ودَعُوا التفهُّم جانباً / فالخير أن لا تَفهموا
وتَثّبتُّوا في جهلكم / فالشرّ أن تتعلَموا
أما السياسة فاتركوا / أبداً وإلاّ تنموا
إن السياسة سرّها / لو تعلمون مُطلسَم
وإذا أفَضْتم في المباح من الحديث فجَمجموا /
والعَدلَ لا تتوسَّموا / والظلمَ لا تتجَّهموا
من شاء منكم أن يعيش اليوم وهو مُكرَّم /
فَليُمسِ لا سمعٌ ولا / بصر لديه ولا فم
لا يستحق كرامة / إلاّ الأصمّ الأبكم
ودَعُوا السعادة إنما / هي في الحياة توّهُم
فالعيش وهو منّعم / كالعيش وهو مذمَّم
فارضَوْا بحكم الدهر مهما كان فيه تحكُّم /
وإذا ظُلِمتم فاضحكوا / طرباً ولا تتظلّموا
وإذا أُهِنتم فاشكروا / وإذا لُطِمتم فابسِموا
إن قيل هذا شهدكم / مُرّ فقولوا علقم
أو قيل إن نهاركم / ليل فقولوا مُظلم
أو قيل إن ثِمادكم / سَيل فقولوا مُفعَم
أو قيل إن بلادكم / يا قوم سوف تُقسَّم
فتحمدوا وتشكّروا / وترنّحوا وترنّموا
إن العراق بعَرضِه وبطوله
إن العراق بعَرضِه وبطوله / وبرافديه وباسقات نخليه
يهتزّ مبتهجاً بمَقدم ضَيفه / ويبشّ مبتسماً بوجه نزيله
ومرحباً والشكر في ترحيبه / ومؤهلاً والحمد في تأهليه
بربيب لبنان بريحانِّيه / بكبير معشره بفخر قبيله
بالعبقري بفيلسوف زمانه / بأديب أمته بداهي جِيله
بأصح أحرار الأنام تحرُّراً / في فكره وبفعله وبقيله
إنا نُبجِّل خير مبجَّل / تبجيلُ كل الفضل في تبجيله
أ أمين جئت إلى العراق لكي ترى / ما فيه من غُرَر العلا وحُجوله
عفواً فذاك النجم أصبح آفلاً / والقوم محتربون بعد أفوله
أوَ ما ترى قطر العراق بحسنه / قد فاق مُقِفره على مَأهوله
أما الحَيا فيه فذيّاك الحيا / لكن مسيل الماء غير مسيله
وربيعه ذاك الربيع وإن شكا / من جهل ساكنه اشتداد مُحوله
فأقم به ولك الغنى بفراته / عن قطر مصر وعن موارده نيله
وانزل على وادي السلام مُمَتَّعاً / برغيد عيش تحت ظلّ نخيله
والثِم به ثغر الطبيعة باسماً / يَشفي من المشتاق حَرَ غليله
وترقَبن اسحاره حتى إذا / هبّ النسيم فجسّ نبض عليله
وانظر محاسن أرضه وسمائه / وانشَق أريج شَماله وقَبوله
فالجوّ فيه منيرة أوضاحه / والحسن فيه دقيقه كجليله
والليل فيه مكلَّل بمرصَّع / وكواكب الأكليل من أكليله
وترى النهار به كذهنك واقداً / بالشمس تُشرق في وجوه سهوله
وترى ضياء الشمس فيه مغلفاً / بنظيره ومسلسلاً بمثيبه
وإذا وقفت بدارس من مجده / فكوقفة الباكين بين طلوله
وانحَبْ كما نحب الحزين مكفكفاً / غَرب الدموع بجانبَيْ مِنديله
فلقد عفا المجد القديم بأرضه / وعليه جرّ الدهر ذيل خُمُوله
وإذا نظرت إلى قلوب رجاله / فانظر حديد الطرف غير كليله
نجد الرجال قلوبها شتى الهوى / مدّ الشِقاق بها حِبالة غُوله
متناكرين لدى الخطوب تناكراً / يعيا لسان الشعر عن تمثيله
فالجار ليس بآمن من جاره / والخِلّ ليس بواثق بخليله
والدين فيه يقول ذو قرءانه / قولاً يحاذر منه ذو إنجيله
وإذا تأوّل قولَهم متأوِّل / صرفوه بالتفكير عن تأويله
وإذا تكلّم عالم في أمرهم / خَفروا ذِمام العلم في تجهيله
حال لو افتكر الحكيم بكُنهه / طول الزمان لعَيّ عن تعليله
من ذا يبدّله فإن قَوارعي / يئست لعمر الله من تبديله
والجهل لا يُبقي على أربابه / كالسيف ليس براحم لقتيله
أ أمين لا تغضب عليّ فإنني / لا أدّعي شيئاً بغير دليله
من أين يُرجى للعراق تقدّم / وسبيل مُمتلِكيه غيرُ سبيله
لا خير في وطن يكون السيف عن / د جبانه والمال عند بخيله
والرأي عند طريده والعلم عن / د غريبه والحكم عند دخيله
وقد استبدّ قليله بكثيره / ظلماً وذَلّ كثيره لقليله
إني إذا جَد المقال بموقف / فضّلت مُجمَله على تفصيله
وإذا المخاطب كان مثلك واعياً / أغنَى اختصار القول عن تطويله
يا مَن يكتّم فضله متواضعاً / والناس مجمِعة على تفضيله
شكواي بُحت بها إليك وليس في / شكوى الزميل غَضاضةٌ لزميله
إن المريض ليستريح إذا اشتكى / ما به لطبيبه وخليله
وكذا الحزين إذا تهيّج حزنه / يبكي فيسكن حزنه بعويله
إني لآنَف أن أبوح بمُضمَري / إلاّ لمقتدر على تحصيله
ولديّ إن وصل الحبيب تمسّك / بالعزّ يمنع فايَ من تقبيله
سَميّ المصطفى لا زلت تعلو
سَميّ المصطفى لا زلت تعلو / إلى أوْج يطاول كل أوج
فدُر كالشمس في فلك المعالي / وحُلّ من الكمال بكل برج
نُصرت على بني يونان نصراً / أقام الغرب في هَرْج ومَرْج
وأطلع في سماء الشرق شمساً / تُفيض عليه أنوار الترجّي
فسَرّ المخلصين كل حر / وساء الخائنين وكل سمج
وما اليونان كفؤك في نزال / وإن ملؤوا السهول وكل فَجّ
ولكن قد غلبت جيوش قوم / أذلّوُا بالبوارج كلّ لج
تركت جيوشهم من فَرط رُعب / تُعاهد للهزيمة كل نهج
إذا ذكروا سُماك ولو مَناماً / تحامَوْا ذكره بسوى التهجّي
لئلا يسمعوه فيعتريهم / ضَنى داءَين من شَلَل وفَلج
هم اليونان أْلأم كل قوم / وأخْوَف في الوغى من فرخ قَبج
أرَقَ سجية منهم وأرقى / حمير الوحش سارحةً بمَرج
فلا تَغرُرك أوجههم بياضاً / فإن طباعهم كطباع زنج
وجوه قد حكَيْن الثلج لوناً / ولكن فاتهنّ نَقاء ثلج
فيا أمضى الورى رأياً وسيفاً / وأعرَفَهم بمَصعَد كل أوج
لقد أنقذت من إزمير خَوْداً / تسام الخسف في يد كل عِلج
وقمت على البلاد مقام عيسى / على مَرضاه من عُميٍ وعُرج
فعالجت الفُتوق بحسن رَتق / ولازمت الخروق بحسن نسج
ورُحت إلى التجدُّد في المعالي / تقود الناهضين بها وتُزجي
وتخطب في الجموع بيوم حَفل / كما خطب النبيّ بيوم حَج
وتأتيك الوُفود من الأقاصي / لتسمع قول مِدْرَهِها المِثَجّ
فَقْودك للعقول بيوم سلم / كقودك للجيوش بيوم هَيج
لقد جدّدت للأوطان عهداً / تُجاري فيه أوطان الفرنج
لتبتدر الشعوب إلى المعالي / وتبلغ ما تريد وما تُرجي
وتَنهج منهج العُمران فيما / بها للناس من دَخْل وخَرج
وأنت اليوم حارسها المفدَّى / تَحُوط أُمورها من كل هَرْج
وتَبتدِر المُلِمَ إذا عراها / فتَعْرَوْري الجواد بغير سرج
إذا ذُكر الهُبوط فأنت مُعلٍ / وإن خِيف الحُبوط فأنت منج
وتشرب أنت كأس المجد صِرفاً / ويشربها سواؤك ذات مَزج
هي المواطن أدنيها وتُقصيني
هي المواطن أدنيها وتُقصيني / مثل الحوادث أبلوها وتُبليني
قد طال شكواي من دهر أكابده / أما أصادف حرّاً فيه يُشكيني
كأنني في بلادي إذ نزلت بها / نزلت منها ببيت غيرِ مسكون
حتى متى أنا في البلدان مغترب / نوائب الدهر بالأنياب تُدميني
فتارةً في المَوامي فوق مُوَقرةٍ / وتارةً في الطوَامي فوق مشحون
كم أغرقتني الليالي في مصائبها / فعُمت فيهنّ من صبري بدُلفين
أنا ابن دجلة معروفاً بها أدبي / وإن يك الماء منها ليس يُرويني
قد كنت بلبلها الغِرّيد أنشدها / أشجى الأناشيد في أشجى التلاحين
حيث الغُصون أقَلّتني مكلَّلَةً / بالورد ما بين أزهار البساتين
فبينما كنت فيها صادحاً طرباً / أستنشق الطيب من نفح الرياحين
إذ حلّ فيها غراب كان يُوحِشُني / وكان تَنعا به بالبين يؤذيني
حتى غدَوْت طريداً للغراب بها / وما غدوت طريداً للشواهين
فطِرت غير مُبالٍ عند ذاك بما / تركت من نرجس فيها ونسرين
ويل لبغداد مما سوف تذكره / عنّي وعنها الليالي في الدواوين
لقد سَقيت بفيض الدمع أربُعها / على جوانب وادٍ ليس يَسقيني
ما كنت أحسب أني مذ بكَيت بها / قومي بكيت على من سوف يُبكيني
أفي المروءة أن يَعتزّ جاهلها / وإن أكون بها في قبضة الهُون
وأن يعيش بها الطُرطُور ذا شَمَم / وأن أسام بعيشي جدع عِرنيني
تالله ما كان هذا قطّ من شِيمي / ولا الحياة على النكراء من ديني
ولست أبذُل عرضي كي أعيش به / ولو تأدّمت زَقّوماً بغسلين
أغنت خشونة عيشي في ذُرا شرفي / عما أرى بخسيس العيش من لين
عاهدت نفسيَ والأيام شاهدة / أن لا أقِرَّ على جَوْر السلاطين
ولا أصادق كذاباً ولو مَلِكاً / ولا أخالطَ أخوان الشياطين
أما الحياة فشيء لا قرار له / يحيا بها المرء مَوْقوتاً إلى حين
سِيَانِ عندي أجاء الموت مُخْتَرِماً / من قبل عشرين أم من بعد تسعين
ما بالسنين يقاس العمر عندي بل / بما له في المعالي من تحاسين
لو عشت ستين عاماً لاستعضت بها / ستين مكْرُمةً بل دون ستين
فإنما أطول الأعمار أجمعها / للمَكْرُمات من الأبكار والعُون
إن اللئيم دفين قبل ميتتِهِ / وما الكريم وإن أودى بمدفون
وليس مَن عاش في ذُلٍّ بمغتَبَط / ولا الذي مات في عزّ بمغبون
ما كنت أحسَب بغداداً تُحَلّئني / عن ماء دجلتها يوماً وتُظميني
حتى تقلد فيها الأمر زعنفةٌ / من الأُناس بأخلاق السراحين
ما ضرّني غير أني اليوم مِن عرب / لا يغضبون لأمرٍ ليس يُرضيني
تالله ما ضاع حقّي هكذا أبداً / لو كنت من عجم صُهْب العَثانين
علام أمكُث في بغداد مصطبراً / على الضراعة في بُحبوحة الهُون
لأجعلنّ إلى بيروت هُنتَسَبي / لعلّ بيروت بعد اليوم تُؤويني
خابت ببغداد آمال أؤمّلها / فهل تخيب إذا استذرت بصِنّين
فليت سورّية الوَطفاء مُزنتها / عن العراق وعن واديه تُغنيني
قد كان في الشام للأيام مذ زمن / ذنب محَته الليالي في فلسطين
إذ كان فيها النشاشيبي يسعفني / وكنت فيها خليلاً للسكاكيني
وكان فيها ابن جبر لا يُقصر في / جبر انكسار غريب الدار محزون
إن كان في القدس لي صحب غطارفة / فكم ببيروت من غُرٍّ ميامين
هي النفس أغشى في رضاها المعاطبا
هي النفس أغشى في رضاها المعاطبا / وأحمل منها بين جنبَيّ قاضِبا
تكلّفني أن أخبط الليل بالسُرى / وأن أمتطي فيه من الهَول غاربا
وتُنهضني للمجد بالعزم ماضياً / وبالهمّ مقلاقاً وبالرأي صائبا
ولم ترضَ إلاّ كالجبال مَعزّةً / ولم تهوَ إلاّ كالشموس مناقباً
إذا أنا أنزلت النجوم لأرضها / أبَتهنّ إلاّ أن يكنّ ثواقبا
وترفُض مني كل عيش منعَّم / إذا ازوَرّ ذاك العيش بالذلّ جانبا
ولم تَبغ لي إلاّ الحقيقة بُغيةً / ولم ترض لي إلاّ الكريم مصاحبا
تقول إذا أوردتها ماء مِذنَب / رد البحر بي غَمراً وخلّ المذانبا
وإني لأشكوها إليها تظلُّماً / فأرجع عنها بعد شكواي خائباً
على أن لي منها حصاةً رَزينة / قتلت بها كل الأمور تجاربا
لقد تِعبَت فيما تروم من العلا / كذلك نفس الحرّ تلقى المتاعبا
ألم تر ما لاقى ابن لبنان في العلا / من الأْين لما ساح في الأرض ضاربا
تيمَّم من بعد الحجاز تهامة / وراح إلى صنعاء يُزجي الركائبا
وجاء إلى أرض العراقين مُبحراً / وكرّ إلى مجد يجوب السَباسبا
ليجمع من أبناء يعرب شملهم / ويَقضي حقاً للمَواطن واجبا
أخو هِمّة لو مدّ باعاً إلى العُلا / لأوشك منها أن ينال الكواكبا
له قلم عزّ القرائح شاعراً / كما ابتزّ فُرسان البلاغة كاتبا
لقد زُرت نجداً يا أمين فقل لنا / أتذكر من أخبار نجد جوائبا
فما حالة الإخوان فيها فإننا / نرى الناس عنهم يذكرون الغرائبا
فهل كفَّروا من ليس يُرسل لحية / وهل فَسّقوا من ليس يحفي الشواربا
وما أنا من قوم يدينون باللحى / ولم يقبلوا إلاّ من الحَلْق تائبا
ودع عنك أخبار العراق فإنني / لأعلم منها ما يَفُوق العجائبا
فويحاً لأهل الرافدين إذ انطووا / على اليأس من نور يشُق الغياهبا
لهم ملك تأبى عِصابة رأسه / لها غير سيف التيمسيين عاصبا
لقد عاش في عزّ بحيث أذلّهم / وقد ساءهم من حيث سرّ الأجانبا
وليس له من أمرهم غير أنه / يُعَدّد أياماً ويأخذُ راتبا
تبوَّأ عرش الملك لا بحُسامه / ولا كان في يوم له الشعب ناخبا
ولكن بطيّارات قوم تطايرت / فكانت من شُواظٍ سحائبا
ألا عَدّ عمّا في العراق فإنني / أراه بأخلاق الزمان مَعايبا
معايب لو أني هتكت ستارها / لأرسلت منها للمُعاند حاصبا
فلا تحسبنْه أنه ذو حكومة / ولو ضرّبوا ظلماً عليه الضرائبا
لئن ألَّفُوا بالكذب فيه وِزارة / فإنّ بها للكاذبين مآربا
وإنيّ لأهوى الفجر إن كان صادقاً / وتُنكر عيني الفجر إن كان ماذبا
تبسّم لبنان بعَوْد أمينه / وأضحى لأذيال المسرَّة ساحبا
أخا الفضل قد آنَست لبنان حاضراً / كما كنت قد أوحشت لبنان غائبا
وما أنت إلاّ يُبهج طالعاً / ويُحزن آفاق المواطن غاربا
محّييك في بغداد إذ جئت قادماً / يحييك في بيروت إذ جئت آيبا
سر في حياتك سير نابه
سر في حياتك سير نابه / ولُم الزمان ولا تُحابه
وإذا حللتَ بموطنٍ / فاجعل محلّك في هضابه
واختر لنفسك منزلاً / تهفو النجوم على قِبابه
ورُم العَلاء مخاطراً / فيما تحاول من لُبابه
فالمجد ليس يناله / إلا المخاطر في طِلابه
وإذا يخاطبك اللئي / مُ فصُمَّ سمعك عن خطابه
وإذا انبرى لك شاتماً / فاربأ بنفسك عن جوابه
فالروض ليس يَضيره / ما قد يطنطن من ذبابه
ولَرُبّ ذئب قد أتا / ك من ابن آدم في اهابه
ما امتاز قطّ عن ابن آ / وى شخصه بسوى ثيابه
وإذا ظفرت بذى الوفا / ء فحُطّ رحلك في رحابه
فأخوك مَن إن غاب عَنْ / ك رعى وِدادك في غيابه
وإذا أصابك ما يَسُو / ءُ مُصابك من مصابه
وتراه يَيْجَح إن شكو / ت كأنّ ما بك بعض مابه
يا قوم هَرِم الزما / ن من التمادي في انقلابه
فلذاك عند الهاجرا / ت يَسيل شيء من لعابه
ما زال من خَرَف به / للناس يهذر في كذابه
يأتي بكل عجيبة / تدعو اللبيب إلى ارتيابه
والناس في عطش تسي / رُ إلى ارتواء من سرابه
فمتى يجود لنا الزما / ن ولو بَمْذقٍ من وطابه
وإلى متى هو ساتر / وجه الحقيقة في ضَبابه
يتلو بصَرف الحادثا / ت لنا فصولاً من كتابه
كم يدّعي وطنيةً / من لم تكن مرّت ببابه
فتراه يَنفَح لاغياً / فيها وينفُخ في جِرابه
ليكون مكتسباً بها / مالاً تهالك في اكتسابه
فكأنما هو صائد / وكأنما هي من كلابه
وتراه يرمي المخلصي / ن بكل سهم من جِعابه
ويَعيب قوماً بالخيا / نة والخيانة بعض عابه
لا بدّ للوطن العزي / ز من المستكّن لاضطرابه
من مجلس للشعب ين / ظر بالتأمّل في مآبه
وينوب عن أبناّئه / إن صادقوه على منابه
حتّى ترى أمر البلا / د به يعود إلى نصابه
أبهت حكومتنا لهِ / والشعب ليس له بآبه
أترى الحكومة تبتغي / ه ونحن نعرض عن طلابه
هذا لعمر أبيك ما / يدعو الحليم إلى انتحابه
هلا يقول القاعدو / ن مسارعين إلى انتخابه
كي ينقذ الوطن الذي / صرف الومان له بنابه
وغدا يهدد بالبوا / ر بنيه بورٌ في ترابه
إن لم يكن تكونوا مدركي / ه فلا محالة من خرابه
آب المسافرُ للديا / ر على اضطرار في إيابه
لو كان يَجْمح للإيا / ب لما تعجّل في ذهابه
قد كان يمرح في التغرُّ / ب بالحفاوة من صِحابه
لا تَعَجبنّ لخامل / لبِس النباهة في اغترابه
فالسيف أحسن ما يكو / ن إذا تجرّد من قِرابه
أما العراق فإن لي / كل الرجاء بأُسد غابه
ينجاب يأسي بالرجا / ء إذا نظرتُ إلى شبابه
من كل من هو في ظلام الل / يل أضوأ من شهابه
لمع الذكاء بوجهه / كالبرق يلمع في سحابه
يا من زكت أحسابهم / فأتوا بأخلاق نوابه
ووجوههم بالنَيِّرا / ت من النجوم لها مَشابه
إني لأشكر فضلكم / شكر المُثاب على ثوابه
كالروض يشكر وابلاً / حيّا الأزاهر بانسكابه
لواعج الهمّ في جنبيّ تضطرم
لواعج الهمّ في جنبيّ تضطرم / والهم مِقداره من أهله الهمم
كم قد أذاقتني الأيام من حُرَق / من فوقها أسف من تحتها ألم
أكلما قلت شعراً قال سامعه / نارٌ تَفوه بها للناس أم كَلِم
ما بال شعرك مثلَ النار ملتهباً / يذكو على أنه كالماء منسجم
إنا لنعجب من شعر تؤجّجه / ناراً ولم يحترق في كفّك القلم
لا تعجبوا فالأسى في النفس ملتهب / والعزم مُتقِد والهم محتدم
استبرد النار من حَرّت عزائمه / واستصغر الخَطب من في نفسه عظم
وكيف يُصبح من دنياه في دَعة
وكيف يُصبح من دنياه في دَعة / من بات
أما المعُزّان في دنيا فإنهما / هما على
كلاهما ضامن للناس حُرمتهم / هذا له ال
مَن لم يك العَلم الخفاق شارتهم / فليس يُج
وليس ينفع قوماً لا علوم لهم / أن يُنشر
فالعِلم في أمة ليس بحاكمةٍ / كالسيف
والعِلم أوهن من ان يُستظَلَّ به / إن لم تقم
ما أحسن العَلم الخفاق منتصباً / به تُشير
قد علمتني الليالي في تقلُّبها / أن الموفق
وأن أصدق برق أنت شائمه
وأن أصدق برق أنت شائمه / برق تنسَّم عنه الصارم الخَذِم
واخصب الأرض أرض لا تَسحّ بها / إلا من النَقع في يوم الوغى دِيم
من كان يُكذبني أن الحياة مُنىً / فليس يكذبني إن الحياة دم
وإنه في كلا حالَيُه منبعها / يدور في الجسم أو في الأرض ينسجم
وإنه وهو فوق الأرض منتثِر / كمثله وهو تحت الجوف منتظم
إني أرى المجد في الأيام قاطبة / إلى عبيط دم المحَيا به قَرَم
فالمجد يَنبُت حيث العلم منتشِر / من حيث تعترك الأبطال والبُهم
والمجد أعطى الضُبى ميثاق معترف / أن ليس يضحك إلا حين تبتسم
فَلْيذهب اليأس عنّي خاسئاً أبداً / إني بحبل رجائي اليوم معتصم
وَلست ممَن إذا يسعى لحادثة / يسعى وأرجله بالخوف تصطدم
لا تسأمَنّ إذا حاولت منزلةً / فيها يرِفّ عليك المجد والكرم
فالعيش تستبشع الأذواق مطعمه / إذا تسرّب في أثنائه السأم
وكن صَليباً إذا عضتك حادثةٌ / تَعَضّ منك بعُود ليس ينعجم
إن الحِصال التي تسمو الحياة بها / عزم وحزم وإقدام ومقتحم
لا يكسب النفس ما ترجوه من شرف / إلا الإباء وإلا العز والشمم
لا يُؤسنَّك إن الحرّ محتقَر / عند اللئام وإن الوَغد محتَرَم
فالعقل يتهم الدهر المسيء بذا / وما يعيبك أن الدهر متهم
هذي ملامتكم يا قوم فاستمعوا / منها إلى كَلِم في طيها حِكَم
قد أنشد الشعر تعريضاً بسامعه / فهل وعى ما أردت السامع الفَهِم
يا محب الشرق أهلاً
يا محب الشرق أهلاً / بك يا مستر كراين
مرحباً بالزائر المشهو / ر في كل المداين
مرحباً بالقادم المشكو / ر في هذي المَواطن
فضلكم بادٍ على الشر / ق وشكر الشرق عالن
كم لكم من وَقَفات / دونه ضد المُشاحن
جئت يا مستر كراين / فانظر الشرق وعاين
فهو للغرب أسير / أسر مديون لدائن
إن هذا الشرق والغر / ب لمغبون وغابن
فترى الشرق تجاه الغرب يسعى سعي ماهن /
وترى الغرب عليه / واقفاً موقف خائن
مُنكِراً منه المزايا / مُوجداً فيه المطاعن
غاصباً منه المواني / شاحناً فيه السفائن
حافراً فيه المعادن / نابشاً فيه الدفائن
فهو يمتص دماء الشرق من كل الأماكن /
باذراً من كيده في / أهله بذر الضغائن
حاكماً فيه على أهليه / حكم المتهاون
جاعلاً في رجله قَيْ / دَ الونى والقيد شائن
فترى الشرق لهذا / ماشياً مِشية واهن
أفهذي يا محب الشرق أفعال المهادن /
أين ما قد قاله ولسن يا مستر كراين /
لم يكَن ولسن فرداً / إن في الغرب ولاسن
فعَلام الغرب لا ين / فك للشرق مُضاغن
كم يَسوم الغرب أهل الشرق خسفاً ويُخاشن /
وإلى كم ساسة الغر / ب تُداجي وتداهن
كم وكم نسمع منهم / قَول خّداع ومائن
إن في الشرق تجاه ال / غرب نيراناً كوامن
سوفَ ينشق حجاب الدهر عنها بالدواخن /
وإذا قامت حروب / من بني الشرق طواحن
فمَن المسؤول عن ذلك يا مستر كراين /
وإذا تسأل عَما / هو في بغداد كائن
فهو حكم مشرقيّ الضَرع غربي الملابن /
وطنيّ الاسم لكن / إنكلَليزي الشناشن
عربيّ أعجميّ / مُعرب اللهجة راطن
فيه للإيعاز من / لندن بالأمر مكامن
هو ذو وجهين وجه / ظاهر يتبع باطن
قد ملكنا كل شيء / نحن في الظاهر لكن
نحن في الباطن لا نملك تحريكاً لساكن /
أفهذا جائز في ال / غرب يا مستر كراين

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025