المجموع : 448
بَنِي جُذَيْمَةَ ما في الأمرِ من عَجَبِ
بَنِي جُذَيْمَةَ ما في الأمرِ من عَجَبِ / جَرى القضاءُ على ما كان من سَبِبِ
أظَلَّكُمْ خالدٌ لا شيءَ يَبعثُه / إلا الجهادُ يراه أعظمَ القُرَبِ
لمَّا دعاكم إلى الإسلامِ حينَ دَعا / قُلتم صَبأْنَا فلم يَأثَمْ ولم يَحُبِ
إن كانَ للمرءِ من أعمامِهِ نَسَبٌ / فالدِّينُ عِندَ ذويهِ أقربُ النَّسَبِ
بَنُو سُلَيمٍ وإن خِفْتُم فليس بهم / وبابنِ عوفٍ سِوَى الأوهامِ والرِّيبِ
فيا لها غَمرةً ما اسودَّ جانبُها / حتى تَجلّتْ سِراعاً عن دَمٍ سَرِبِ
سِيءَ النبيُّ بها فالنفسُ آسِفةٌ / والقلبُ ممّا أصابَ القومَ في تَعَبِ
المُسلِمونَ دَمٌ للهِ أو عَصَبٌ / ما مِثلُه من دمٍ جارٍ ولا عَصَبِ
هُمْ في الحوادِثِ إن قَلُّوا وإن كَثروا / بَأسٌ جَميعٌ ورأيٌ غيرُ مُنْشَعِبِ
كلٌّ حرامٌ على كلٍّ فإنْ فِئَةٌ / بَغَتْ على فِئةٍ فاللّهُ في الطَّلَبِ
أَثارها خالِدٌ شَعْواءَ عاصِفَةً / ما كان فيها لدينِ اللَّهِ من أَرَبِ
رَمَى بها وغَواشِي الظنِّ تأخذُه / من كلِّ صَوْبٍ فلم يَرْشُدْ ولم يُصِبِ
إليكَ أبراُ ربِّي من جنايتِهِ / وأنتَ فيما عناني منه أعلمُ بي
قُمْ يا عليُّ فوافِ القومَ مُعتذراً / وَانْشُرْ عليهم جناحَ العاطِفِ الحَدِبِ
وَخُذْ من المالِ ما يَقْضِي الدِّياتِ وما / يُرضِي النُّفوسَ ويشفيها من الغَضَبِ
حَقٌّ علينا دَمُ القتلى ونحن على / عَهْدٍ وثيقٍ وحَبْلٍ غير مُنْقَضِبِ
القومُ أُخوتُنا في اللهِ يَجمعُنا / دِينُ الإخاءِ على الأيامِ والحقَبِ
رَدَّ الإمامُ نُفوسَ القومِ فَائْتَلَفتْ / وَاسْتَحْكَمَ الوُدُّ وَانْحلَّت عُرَى الشَّغَبِ
بالجاهليةِ ممّا هِيضَ جانبُها / ما ليس يَنفذُ من همٍّ ومن وَصَبِ
سَلْها وقد رجعتْ حَسْرَى مُذمَّمةً / هل زادها اللَّهُ إلا سُوءَ مُنْقَلَبِ
مُحمّدُ يا ابنَ مَسلمةٍ سَلامُ
مُحمّدُ يا ابنَ مَسلمةٍ سَلامُ / وَحمْدٌ من شعائرِه الدَّوامُ
إلى القُرَطاءِ لا كانوا رِجالاً / هُمُ البرحاءُ والدَّاءُ العُقَامُ
رِجالُ السُّوءِ لا حَقٌّ يؤدَّى / لخالِقهم ولا دِينٌ يُقامُ
تَنبَّهتِ القواضِبُ والعَوالي / بأيدِي الفاتِحينَ وهُمْ نِيامُ
بَنِي بَكْرٍ ألمّا تُبصِروها / يَشُبُّ ضرامَها البطلُ الهُمامُ
ألا إن السريَّةَ فَاحْذَرُوها / لَيرهَبُ بَأسَها الجيشُ اللُّهامُ
هُمُ الأبطالُ عِدَّتهمُ قليلٌ / ومَشهدُهم كَثيرٌ لا يُرامُ
تقدَّمَ عابِدٌ ومَشى إليهم / عِبادُ اللَّهِ وَاسْتَعَر الصّدامُ
فَتِلكَ جَماجِمُ القَتْلَى وَهذي / فلولُ القومِ ليس لها نِظامُ
وخُلِّيتِ النّساءُ فلا ذِمارٌ / لِبَكْرِيٍّ يُصانُ ولا ذِمامُ
وليسَ لِعرضِ مَغلوبٍ وقاءٌ / ولكنَّ الألى غَلبوا كِرامُ
أعِفَّاءُ النُّفوسِ ذَوِي حِفاظٍ / عليهم كلُّ فاحشةٍ حَرامُ
هُوَ الإسلامُ إحسانٌ وَبِرٌّ / وأخْذٌ بالمُروءةِ وَاعْتِصامُ
تَخَلَّوْا عن حَلائِلهم فَرُدَّت / عليهم تِلكُمُ المِنَنُ الجِسامُ
بَني بكرٍ غَدَا الوادي خَلاءً / فأين الشّاءُ والكُومُ العِظامُ
وأين ثُمامةُ بنُ أثالِ هَلّا / حَمَتْهُ حَنِيفَةٌ ممّا يُسامُ
يُسامُ الهُونَ ما جزِعتْ عليهِ / ولا بَكتِ اليمامةُ إذ يُضامُ
أما بَصُرتْ بسيِّدها ذليلاً / عَبوسَ الوجهِ يَعْلُوه القَتامُ
أصابَ مِنَ الرّسولِ حِمىً مَنيعاً / وكَهْفاً فيه للهِمَمِ ازْدِحامُ
أصابَ قِرىً يُحدِّثُ عن جَوادٍ / يُصيبُ الرِيَّ من يَدِهِ الغَمامُ
أصابَ كرامةً وأفادَ خيراً / فلا مَثْوَىً يُذَمُّ ولا مُقامُ
تَعهَّدَهُ كَرِيمٌ أرْيَحِيٌّ / لهُ في كلِّ آونةٍ لِمامُ
ثُمامةُ كيفَ أنتَ وأيُّ نُعْمَى / ظَفِرْتَ بها فأعْوَزَها التَّمامُ
أما مُكِّنتُ مِنكَ وكنتَ خَصماً / تَفاقَمَ شَرُّه وطَغى العُرامُ
طَحَا بِكَ مِن مُسَيْلَمةٍ خَبالٌ / فلا رَسَنٌ يُرَدُّ ولا زِمامُ
يَقولُ لئن أردت اليومَ قتلي / فلا شكوىَ لديَّ ولا مَلامُ
وإن يكُ مِنكَ مغفرةٌ وعَفْوٌ / شكرتُكَ والقَوِيُّ له احْتِكَامُ
هَداهُ إلى سَبيلِ اللهِ هادٍ / له بِمَخائلِ الخيرِ اتِّسامُ
ثُمامَةُ لا تَخَفْ ما عِشْتَ شَرّاً / تَجلَّى النُّورُ وانْقَشَعَ الظّلامُ
إلى البيتِ العتيقِ فَسِرْ رَشيداً / ولا يَحْزُنْكَ عَتْبٌ أو خِصامُ
تأجّجَ في صُدورِ القومِ غَيظٌ / له في كلّ جانحةٍ ضِرامُ
أتُسلِمُ يا ثمامةُ إنّ هذا / وإنْ كَذَّبْتَنا لَهُوَ الأثامُ
ثُمامةُ خُنْتنا وَصَبأْتَ عنّا / فليس لِصَدْعِ أنفُسِنا الْتِئَامُ
لأنتَ لنا عدوٌّ نتّقيهِ / فلا صُلحٌ يكونُ ولا سَلامُ
ألا فَدَعُوا الجَهالةَ وَاسْتَفِيقُوا / فما يُغْنِي عَنِ الغَيْثِ الجَهامُ
حذار فَما ثُمامةُ غير عَضْبٍ / لكم في حَدِّهِ الموتُ الزُّؤامُ
يَقولُ لكم لئن لم تَتْبَعُوني / لسوفَ يُيبدُكم منِّي انتقامُ
أسُدُّ عليكمُ الأسواقَ حتّى / يَصيحَ جِياعُكم أينَ الطّعامُ
أبَوْا فأذاقَهم منه عَذاباً / غَراماً ما لدائِبهِ انْصِرامُ
أذابَ الجوعُ أنفسَهم فَضَجُّوا / وَضَجَّتْ في جُلودِهمْ العِظامُ
أهابوا بالنبيِّ ألا أغِثْنا / فما يُرضيكَ أن يَشْقَى الأنامُ
أغِثْنا إنّها يا خيرَ مَولىً / عُرَى الأرحامِ ليس لها انْفِصامُ
رُمِينا من ثُمامةَ بالدَّواهِي / وفي يَدِكَ الكِنانةُ والسِّهامُ
نَهاهُ فلا دَمٌ في الحيِّ يُشوَى / ولا شَيْخٌ يَجوعُ ولا غُلامُ
تدارَكَ فَضلُهُ منهم نُفوساً / تَمنَّتْ لو تَدَارَكها الحِمامُ
فأمسى الأمرُ فيهم مُستقيماً / ولو عَرَفوا المحجَّةَ لاسْتَقاموا
وَيْحَ ذِي القَصَّةِ ماذا يَشْهَدُ
وَيْحَ ذِي القَصَّةِ ماذا يَشْهَدُ / وَيْحَهُ من وَقْعَةٍ لا تُحمدُ
يا بني ثَعْلَبَةٍ ما خَطبُكم / أكذا تُقْرَى اللّيوثُ الهُجَّدُ
إنّه الجبنُ وأخلاقُ الأُلى / يَحسبونَ الخَتْلَ حَرباً تُوقَدُ
فقدُوا البأسَ فدبُّوا خِفيةً / وَانْتَضَوها أنفُساً لا تُفْقَدُ
يا جريحَ الحقِّ هل مِتَّ وهَلْ / قُضِيَ الأمرُ وحُمَّ الموعِدُ
فَرِحَ القومُ فقالوا مَغنماً / ساقَهُ الجَدُّ ورأيٌ مُحصَدُ
جَرَّدوا الفارسَ من أثوابه / ليتَ شِعري أيَّ سَيْفٍ جَرَّدوا
عَرفَ السَّيْفَ فتىً من قومِهِ / ضَجَّ يسترجعُ ممّا يَشْهَدُ
أيّها المَيْتُ تَحرَّكْ لا تَخَفْ / حَضر الفادِي وجَاءَ المُنجدُ
بُورِكَ الحاملُ ما أحسنَها / من يدٍ مَعروفُها لا يُجْحَدُ
يا رسولَ اللّهِ بُشْرَى إنّها / نِعمةٌ تُزجَى وخيرٌ يُوفَدُ
وبَريدٌ من بَني ثعلبةٍ / وَعَوالٍ بالغوالي يُبْرَدُ
جَعلوا للسيفِ فيهم حُكمَهُ / فله من هَامِهِم ما يَحْصُدُ
لَيْتَهُمْ كانوا رِجالاً فأبَوْا / إذ دَنا موعدُهم أن يَبْعدوا
ذهب الحشدُ فلم يَنْظُرْ سِوَى / نَعَمٍ تُزجَى وشَاءٍ تُحشَدُ
سَاقَها ما جُعِلَتْ من هَمِّهِ / هَمُّهُ تِلكَ النُّفُوسُ الشُّرَّدُ
اللّواتي تَبعثُ الشرَّ فإن / عَصَفَ الشَرُّ تولَّتْ تركُدُ
بِئسما تُورِدُها أهواؤُها / مِن حياضٍ مُرّةٍ ما تُورَدُ
فِتنةُ الشِّركِ وما من فتنةٍ / مثلُها بين البرايا توجَدُ
ليس غير اللهِ في سُلطانِهِ / من إلهٍ يُتَّقَى أو يُعْبَدُ
مَالِكُ الملكِ تَعالى ما لَهُ / في عُلاهُ مِن شريكٍ يُعْهَدُ
يا ناقضَ العهدِ لا شَكْوَى ولا أَسَفُ
يا ناقضَ العهدِ لا شَكْوَى ولا أَسَفُ / اللَّهُ مُنتقِمٌ والسّيفُ مَنتصِفُ
تهجو النبيَّ وتُغرِي المُشرِكينَ بِهِ / مَهْلاً لكَ الويلُ ماذا أنتَ مُقترِفُ
كم جيفةٍ خرجتْ من فيكَ مُنكَرَةٍ / لمّا تردَّتْ ببدرٍ تِلكمُ الجِيَفُ
إنّ الوليمةَ أخزى اللّهُ صانِعَها / كانت ضِراراً فلا وُدٌّ ولا لَطَفُ
أتحسَبونَ رسولَ اللَّهِ يَجهلُها / مَكيدةً فَضَحَتْ أسرارَها السُّجُفُ
بل أظهرَ اللهُ ما تُخفونَ فانكشفتْ / يا وَيلَكم أيُّ خافٍ ليس يَنكشِفُ
لقد هَممتُمْ بمن لا حَيَّ يَعدِلُه / إن نُوزِعَ المجدُ بين النّاسِ والشَّرفُ
يا ويلَ من ظنَّ أن اللَّهَ يَخذُلُه / وأنّهُ من يمينِ اللهِ يُخْتَطَفُ
يا كعب مالك تؤذيه وتنكره / وما الولوع بقول الزور والشغف
جلعت مالَكَ للأحبارِ مفسدةً / يُمتاحُ فيها الأذى حِيناً ويُغتَرفُ
رَمَوْكَ بالحقِّ لمّا رُحتَ تسألُهم / وأعلنوا من يقينِ الأمرِ ما عَرَفوا
فقلتَ عُودوا فما عندِي لكم صِلَةٌ / جَفَّ المَعِينُ فلا قَصْدٌ ولا سَرَفُ
حَسْبِي الحقوقُ فمالِي لا يجاوزُها / إلى الفُضولِ وما عن ذاكَ مُنصرَفُ
عادوا يقولونَ ما أشقاهُ من رَجُلٍ / لا يرتضِي القولَ إلا حينَ ينحرِفُ
ثم انثَنوْا ينطقونَ الزُّورَ فانقلبوا / بالمالِ يَصدِفُ عنه المعشرُ الأُنُفُ
بِئسَ العطاءُ وبِئسَ القومُ أمرُهُم / وأمرُ سيّدهم في الغَيِّ مُؤتلِفُ
هُمُ اليهودُ لَو اَنَّ المالَ لاح لهم / في عَيْنِ مُوسى كليمِ اللهِ ما صَدَفوا
هبَّ ابنُ مسلمةٍ للحقِّ يَنصرُه / وللرسولِ يُريه كيفَ يَزدهِفُ
فقال دُونكَ سعداً إن هممتَ بها / شَاوِرْهُ فيها فَنِعمَ الحاذقُ الثَّقِفُ
قَضى ثلاثةَ أيامٍ على سَغَبٍ / وللمجرِّبِ ذي التدبيرِ ما يَصِفُ
وجاءَ في صحبِهِ يستأذنونَ على / تَقْوَى من اللهِ ما مالوا ولا جَنَفُوا
قال الرسولُ لكمُ في القومِ مأربُكم / ماذا على الدُّرِّ ممّا يُوهِمُ الصَّدَفُ
هِيَ القلوبُ فإن طابتْ سَرائرُها / فما بأفواهِكم عَيْبٌ ولا نَطَفُ
مَضوْا فقالوا لكعبٍ أنتَ مَوئلُنا / أنت الحِمى المُرتجى في الأزْلِ والكَنَفُ
أما ترانا جِياعاً لا طعامَ لنا / حتّى لقد كادَ يَغْشَى أهلَنا التَّلَفُ
لم يُبقِ صاحِبُنا شيئاً نَعيشُ بهِ / فالزّادُ مُنتهِبٌ والمالُ مُجترفُ
إن أنتَ أسلفتَنا ما نَستعيدُ به / رُوحَ الحياةِ فَغَيْثٌ ودْقُهُ يَكفُ
قال الحلائلُ رَهْنٌ ولا طعامَ لكم / إلا بهنّ فقالوا مَطلبٌ قُذُفُ
تأبَى علينا سَجايانا ويمنعُنا / هذا الجمالُ الذي أُوتيتَ والتَّرَفُ
قال البنونَ فقالوا لا تَكُنْ عَسِراً / البؤسُ أهونُ ممّا رُمْتَ والشَّظَفُ
خُذِ السِّلاحَ وإن كَلَّفْتَنا شَططاً / إنّ الشدائدَ فيها تَسْهُلُ الكُلَفُ
لم يَدْرِ مأْرَبهم إذ يسخرونَ بهِ / وإذ يُريدونَها دَهماءَ تُلتحَفُ
قال ارتضيتُ فقالوا غُمَّةٌ ذَهبت / عنّا غياهِبُها وَانْجابَتْ السُّدُفُ
وأرجأوهُ إلى إبَّانِ مَوْرِدهِ / يَعُبُّ من سُمِّهِ المُردِي ويَرتشِفُ
جاءوه باللّيلِ مَسروراً بغرفته / وليس يُنجِي الفتى من حَتفِهِ الغُرَفُ
وَرَنَّ صَوتُ أخيهِ عندَ مضجعهِ / اُخرُجْ إلينا أما تَنْفَكُّ تَعْتَكِفُ
فَهَبَّ يركضُ وَارْتاعتْ حَلِيلَتُه / مَهْلاً فإنّ فُؤادي خائِفٌ يَجِفُ
أنت امرؤٌ ذُو حروبٍ لا يُلائِمُه / أن يستجيبَ ذَوِي الأضغانِ إن دَلفوا
إنّي لأسمعُ صَوْتاً لستُ آمنُهُ / كأنّه الدمُ يَجرِي أو هُوَ الجَدَفُ
قالَ اسْكُتِي ودَعينِي إنّه لأخي / يَخْشَى عليَّ فَيرعاني وينعطِفُ
وراحَ يلقاهُ والإسلامُ مُبتسِمٌ / والشِّركُ مُتَّسِمٌ بالحزنِ مُرتجِفُ
وافاهُ في صَحْبِهِ يُدنِي الخُطَى عَبِقاً / كأنّه ذاتُ دَلٍّ زَانها هَيَفُ
قالوا أتمشِي إلى شِعبِ العجوزِ ففي / هذا الخلاءِ جَنىً للنفسِ يُخْتَرَفُ
وَانْظُرْ إلى القمرِ الزَّاهِي وبَهجتِهِ / وَاعْجَبْ له بعد هذا كيفَ يَنكسِفُ
ساروا إلى الشِّعبِ والأقدارُ تَتبعُهم / على هُدى اللهِ ما زَاغَتْ ولا اعْتَسَفُوا
حتّى إذا قعدوا ظَلَّتْ بموقفِها / وأقبلَ الموتُ عن أيمانِها يَقِفُ
وتِلكَ كفُّ أخيهِ فَوْقَ مَفْرقِهِ / كأنّها من جَنيِّ الزّهرِ تَقْتَطِفُ
يَشُمُّها ويقولُ القولَ يَخَدَعُه / في الطِّيبِ وَهْوَ له من خلفهِ هَدَفُ
ظَلَّتْ سيوفُ رسولِ اللهِ تأْخذُهُ / تَشُقُّ ما ضربتْ منه وتَنْتَقِفُ
يا حُسْنها صَيحةً من فيهِ يُرسِلُها / كادتْ تَخِرُّ لها من دارِهِ السُّقُفُ
لم تستطع عِرسُهُ صَبْراً فَجاوبَها / صَوْتٌ يُجلجِلُ أودَى السَّيِّدُ اللَّقِفُ
بَني قَريظةَ هُبُّوا من مَضاجِعكم / بني النَّضيرِ انْفرُوا للثأرِ وَازْدَلِفُوا
عَدا الرجالُ على كعبٍ فوالهفا / أين الحماةُ وماذا يَصنعُ اللَّهَفُ
تَبكِي عليه وماذا بعدَ مصرعِهِ / إلا البكاءُ وإلا الأدمعُ الذُرُفُ
إنّ الذي كان يَثْنِي عِطْفَهُ صَلَفاً / أمسى صَريعاً فلا كِبْرٌ ولا صَلَفُ
عادوا بهامتِهِ تُلْقَى مُذمَّمةً / عِندَ الرسولِ ومنه الصَدُّ والنَّكَفُ
طار اليهودُ على آثارهم فأبَتْ / أن يُدرَكوا هِمَمٌ تَرْمِي بهم عُصُفُ
اللَّهُ أكبرُ والحمدُ الجزيلُ له / نَصرٌ جديدٌ وفضلٌ منهُ مؤتَنَفُ
رِيعَتْ يهودُ فجاءَتْ تَبتَغي حِلفاً / عُودِيَ يَهودُ فنعمَ العهدُ والحلفُ
هَيهاتَ مالكِ من عهدٍ ولو حَمَلَتْ / مِلءَ البسيطةِ من أيْمانِكِ الصُّحفُ
عَبّادُ قُلْ إنّ في الأشعارِ تذكرةً / وإنَّ أحسنَها ما أورثَ السَّلَفُ
غَنِّ الرِّفاقَ بِوَحيِ الحقِّ تُنشِدُهُ / مَضَى النعيبُ وأودَى الشاعِرُ الخَرِفُ
يا بني سَعْدِ بنِ بكرٍ مرحبا
يا بني سَعْدِ بنِ بكرٍ مرحبا / بادروا القومَ فُرادَى وثُبَى
غَشِيَتْكُم من يَهودٍ فِتنةٌ / كالحَبِيِّ الجَوْنِ يُرخِي الهيدبا
إنّ في خَيبَر من سُمْرِ القنا / عَدَدَ التمرِ ومن بيضِ الظُّبَى
هِيَ للأبطالِ أزكى مطعماً / يا بني سعدٍ وأشهى مَشربا
هل ترون اليومَ إلا مِقنباً / من حُماةِ الحقِّ يتلو مِقنبا
إنّه يومُ عليٍّ فَاصْبِروا / أو فَحيدوا عنه يوماً أشهبا
يا بني سعدِ بن بكرٍ إنّه / مارِجُ الهيجاءِ يُزجِي اللَّهبا
احذروها وارْحموا أنفسَكم / لا تكونوا في لَظاها حَطَبا
دَلَّهُ منكم عليكم رَجُلٌ / خَشِيَ القتلَ وخافَ العَطَبا
عَينُكم صيَّرها عيناً لكم / فَاعْجَبوا للأمر كيف انْقلبا
زحَفَ الجيشُ فَذُبْتُم فَرَقاً / وَارْتَمَى البأسُ فَطِرْتُم هَرَبا
ليس غير النّهبِ ما يمنعه / منكم اليومَ امرؤٌ أن يُنهبَا
نكبةُ التَّمرِ فلولا شؤمُه / لم يَذُقْ آلامَهَا من نُكِبا
أفما جَرّبتُمُ القومَ الأُلى / خُلِقُوا للشّرِّ فيمن جَرَّبا
هم وباءُ الأرضِ أو طاعونُها / شرعوا السُّحْتَ ودانوا بالربا
غَضِبَ اللّهُ عليهم فَرَضُوْا / رَبِّ زِدْهُم كلَّ يومٍ غَضَبَا
هالكٌ من ظنّ ممّن يَعتدِي / ويُعادِي اللّهَ أن لن يُغلبَا
وأضلُّ النّاسِ في دنياهُ مَنْ / وَضَح الحقُّ فولَّى وأَبَى
إلى طَيِّئٍ يا ابنَ عمِّ النبيِّ
إلى طَيِّئٍ يا ابنَ عمِّ النبيِّ / إلى معشرٍ يعبدون الصَّنَمْ
إلى الفلسِ في جُندِكَ الغالبين / فلن يَلبثَ الشِّركُ أن يُصطلَمْ
أضلّ العُقولَ وأعْمَى القلوب / وأشقى النُّفوسَ وهدَّ الهِمَمْ
أرى طَيِّئاً خَذلتْ ربَّها / فما من مَلاذٍ ولا مُعتصَمْ
فيا لكَ ربّاً يذوقُ الهوان / فَيُغضِي عليه ولا يَنْتَقِمْ
مضى عزُّه وانْطَوى مجدُه / فَزالَ الجَلالُ وبَادَ العِظَمْ
وأصبح تَذْرُوه هُوجُ الرياحِ / فَتلكَ تَفارِيقُه ما تُلَمّ
وهاتيك أسلابُه أُطلِقَتْ / وكانت حبائسَ منذُ القِدَمْ
سُيوفٌ بَقينَ طِوالَ العُصورِ / ودائعَ للوارثينَ الأُمَمْ
مَلَلْنَ لدى الفلسِ عهدَ الظّلامِ / فأصبحن مِيراثَ ماحِي الظُّلَمْ
أضاءَ الرَّسُوبُ به واليماني / وأشرقَ في راحَتَيْهِ الخَذمْ
وما نَظرتْ أعينُ الدَّارعين / كأدراعهِ الغالياتِ القِيَمْ
رَجعْتَ بها يا ابنَ عمِّ النبيِّ / وبالشاءِ مجلوبةً والنَّعَمْ
وبالسَّبْيِ مُغتنَماً ما رأى / حُماةَ المحارمِ إذ يُغْتَنَمْ
ومَرَّ النبيُّ بِسُفَّانَةٍ / فقامَتْ إليه تَبُثُّ الأَلَمْ
وقالت نَشدتك فامْنُنْ عليّ / فما حقُّ مِثليَ أن يُهْتَضَمْ
أنا ابنةُ مَن كانَ في قومِهِ / عَقيدَ السَّخاءِ حَليفَ الكَرَمْ
وما بِكَ في حاتمٍ رِيبةٌ / بلى إنّه للجوادُ العَلَمْ
يَفُكُّ العُناةَ ويُعطِي العُفاةَ / ويكسو العُراةَ ويَحمِي الحُرَمْ
ويُفْشِي السَّلامَ ويرعى الذِّمامَ / ويَقْرِي الضُّيوفَ وَيَشْفِي القَرَمْ
فقال لها صِفةُ المؤمنين / فلو أنّه كان فيهم رُحِمْ
كريم يُحبُّ حِسانَ الخِلال / ويَكرهُ مِن حُبّها أن يُذَمّ
مَننتُ عليك فإن تفرحي / فَغَيرُكَ أولى بِحُزْنٍ وَهَمّ
فقالت شَهِدتُ مع الشّاهدين / فذلِك دينُ الهُدى لا جَرَمْ
رأيتُ السّبيلَ فآثرتُه / وفارقتُ دِينَ العَمَى والصَّمَمْ
كَساها وأركَبها واستهلّ / عليها بغَمرٍ من المالِ جَمّ
فراحت بخيرٍ وراح الثناءُ / يَجوبُ السُّهولَ ويَطوِي الأكم
وجاءت أخاها فقالت عديُّ / أرى الحقَّ أخلقَ أن يُلتزَمْ
وإنّي استقمتُ على واضحٍ / من الأمرِ يا ابنَ أبي فَاسْتَقِمْ
دَعِ الشِّركَ واذهبْ إلى يثربٍ / فثَمَّ هُدَى اللهِ باري النَّسَمْ
هُناك هُناكَ جَلاءُ العَمَى / ورِيُّ الصَّدَى وشِفاءُ السَّقَمْ
هُناكَ النبيُّ العظيمُ الجلال / هناك الرّسولُ الكريمُ الشِّيَمْ
هُناك النجاةُ لِهَلْكَى النُّفوس / فَطُوبى لمن رَامها فَاعْتَزَمْ
بني مِذْحَجٍ ما ثَمَّ من مُتردّدِ
بني مِذْحَجٍ ما ثَمَّ من مُتردّدِ / هُوَ الدِّينُ أو حدُّ الحُسامِ المُهنَّدِ
ألا فانظروا سيفَ الإمامِ وبأسَهُ / تَرَوْا عَجَباً من مشهدٍ ليس بالدَّدِ
بُلِيتُمْ بمعقودِ اللّواءِ على يدٍ / يَشُدُّ عليها مالكُ المُلكِ باليدِ
بني مِذْحَجٍ ما ظنُّكم بِمُدجَّجٍ / تُعِمِّمُهُ للحربِ كفُّ مُحمّدِ
غزاكم بمن لا تَعرِفُ الحربُ غيرَهم / إذا انتسبَ الأبطالُ في كلِّ مَشهدِ
أصابوا من الأسلابِ والسَّبْي ما ابْتَغوا / وأنتم بمنأَىً بين صَرْعَى وهُجَّدِ
فلما لَقُوكم قال صاحبُ أمرِهم / هُوَ الحقُّ مَن يُؤثِرْهُ يَرشَدْ ويهتدِ
فإن تُسْلِمُوا فالله بيني وبينكم / وإن تُعرِضُوا فالسَّيفُ عَضْبُ المجرَّدِ
صددتم صُدودَ الجاهلينَ وَردَّكم / عَنِ الحقِّ رأيٌ طائشٌ لم يُسدَّدِ
جَرى النّبلُ يَهوِي وَاسْتطارتْ حِجارةٌ / تتابعُ شتَّى بين مَثنىً وموْحَدِ
رَمَيْتُم بها جُندَ النبيِّ وإنّما / رميتم بأحلامٍ عَوازِبَ شُرَّدِ
مضى السّيفُ يَجزيكم على الشرِّ مِثلَهُ / فلا دَمُكم بَسْلٌ ولا هُو مُعتَدِ
فَولّيتمُ الأدبارَ وارتدَّ جَمعُكم / شراذمَ شتَّى كالشَّعاعِ المُبدَّدِ
وآمنَ منكم معشرٌ عادَ جَدُّهم / سعيداً ومن يرغبْ إلى اللهِ يَسْعَدِ
وجاءوا فقالوا هذه صدقاتنا / فَخُذْها بإحسانٍ وإن شئتَ فازْدَدِ
نَدِينُ بأنَّ البِرَّ لا شيءَ مثله / ونبذلُ حقَّ اللهِ غيرَ مُنَكَّدِ
وأنَّا لكم عَونٌ على ما وراءنا / نناجِزُ منهم كلَّ غاوٍ ومُفْسِدِ
وندعو إلى الإسلامِ نَنشرُ نُورَهُ / ونُورِدُ منه قومَنا خيرَ مَورِدِ
لك الشكرُ فَارْجِعْ يا عليُّ مظفَّراً / وبَشِّرْ رسولَ اللهِ يَشكُرْ ويَحْمَدِ
يَا ابْنَيْ خُوَيْلِدَ أيَّ شَرٍّ هِجْتُما
يَا ابْنَيْ خُوَيْلِدَ أيَّ شَرٍّ هِجْتُما / إن كانَ مَن يَبغِي المُحالَ فأنتما
أَفَتَدْعُوانِ إلى قتالِ مُحمّدٍ / هَلّا إلى غيرِ القتالِ دَعَوْتُما
ما كان قيسٌ في النصيحةِ جاهلاً / بل كان أعلمَ بالصّوابِ وأَحْزَما
ينهاكما أن تفعلا ويَخافُها / مشبوبةً تَجرِي جَوانِبُها دما
بَعَثَ النبيُّ الجيشَ تَحتَ لوائِهِ / بطلٌ إذا نَكَصَ الفوارسُ أقدما
هو ذاك عبدُ اللهِ في أصحابِهِ / يَمشِي إلى قَطَنٍ قَضاءً مُبْرَمَا
فتأهَّبا يا ابْنَيْ خُويلدَ وَاجْمَعَا / للحربِ جَمْعَكما ولا تَتَندَّما
سر يا دليلَ الجيشِ في بَرَكاتِهِ / وَاسْلُكْ إلى فيْدَ الطريقَ الأقوما
هِيَ مُنتواهُ فليس يَبغِي غيرهَا / لِشَبَا القواضِبِ مُنتوىً ومُيمَّما
يا دائباً يَصِلُ الدياجِرَ بالضُّحَى / سِرْ في سَبيلِكَ إن أردتَ المغنما
إنّ الأُلَى جعلوكَ رائدَهم أَبَوْا / إلا السَّخاءَ فما أبرَّ وأكرما
دَرجوا على دينِ الفِداءِ فما بهم / عِندَ الحفيظةِ ما يُعابُ ويُحْتَمَى
أين الرجال ألا فتى ذو نجدة / يرمي بمهجته العجاج الأقتما
أين الرجالُ أَفَارَقُوا أوطانَهم / أم أصبحوا مِلءَ المضاجِعِ نُوَّما
يا ابْنَيْ خُوَيْلِدَ جَرِّدا سَيْفَيْكُما / حَذَرَ العِدَى وَتَقدَّما لا تُحجِما
يا ابني خُويلدَ أين ما أعددتُما / للحربِ تَسْتَلِبُ الكَمِيَّ المُعلَما
أعددتما الجُبنَ المُذِلَّ لتسلما / فهلكتما وكذاك يَهلَكُ ذو العَمَى
أسلمتما النَّهبَ السليبَ وإنّه / لأجلُّ منزلةً وأعظمُ مِنْكُما
رَجَعَ الغُزَاةُ به كراماً ما لقوا / كَيْداً يُرَدُّ ولا أصابوا مُجرما
اللَّهُ طهَّرهم وصانَ سُيوفَهُم / سُبحانَهُ أَسْدَى الجميلَ وأنعما
هم حِزبُهُ لا حِزْبَ إلا دونهم / وَلَو اَنَّهُ اتَّخَذَ الكواكبَ سُلَّما
سَرِيَّةٌ أنتَ وَحْدَكْ
سَرِيَّةٌ أنتَ وَحْدَكْ / فَاجْعَلْ سَجَاياكَ جُنْدَكْ
لا تَخْشَ يا ابنَ أَنيسٍ / فليس سُفيانُ نِدَّكْ
احْشُدْ قُواكَ وَخُذْهُ / فليس يَسْطِيعُ حَشدَكْ
إن غَرَّهُ حَدُّ عزمٍ / فَسَوفَ يَعرِفُ حَدَّكْ
يَهولُ في الوصفِ جِدّاً / حَتَّى لَيَعْظُمُ عِنْدَكْ
لَكِنَّهُ اللهُ أعلى / عليهِ في البأسِ جَدَّكْ
أَقْبِلْ فتى البأسِ أَقْبِلْ / وَاعْمَلْ لربِّكَ جُهْدَكْ
أَخَذْتَهُ بِخِلابٍ / كَذَبْتَهُ فيه وُدَّكْ
أَوردتَهُ القَولَ حُلواً / ولو دَرَى عَافَ وِرْدَكْ
وَيْلُمِّهِ من غَبيٍّ / لو كان يعرف قصدَكْ
أحْبِبْ بِهِ من رسولٍ / لِقَتْلِهِ قد أعدَّكْ
يَظنُّ أنّك ضِدٌّ / له فَدُونَكَ ضِدَّكْ
بُورِكْتَ يا ابنَ أنيسٍ / من فارسٍ ما أشدَّكْ
ضَرَبتَهُ فَتَرَدَّى / وكان ذلك وَكْدَكْ
وَعُدْتَ لا مَجْدَ إلا / أراهُ يَحْسُدُ مَجْدَكْ
سُفيانُ هل كنتَ طَودَاً / فمن رَماكَ فَهَدَّكْ
أم كَنْتَ للشرِّ ذُخراً / تَخشى الطّواغيتُ فَقْدَكْ
أَوْدَى بِكَ ابنُ أنيسٍ / فَأقفَرَ الحيُّ بَعْدَكْ
وَرَدَّ عِزَّكَ ذلّاً / فما تُصَعِّرُ خَدَّكْ
مَلأتَ صدركَ حِقداً / فهل شَفَى السَّيفُ حِقْدَكْ
وَمِتَّ مِن قَبلُ وَجداً / فهل مَحا الموتُ وَجْدَكْ
أين الجموعُ أتَدرِي / مَن خطَّ في التُّربِ لَحْدَكْ
وأينَ رأسُك هلّا / صَدقْتَ نفسَكَ وَعْدَكْ
أَغواك جَهلُكَ حَتَّى / لَقيتَ في النَّارِ رُشْدَكْ
أنضَجتَ نفسَكَ غَيظاً / فاليومَ تُنضِجُ جِلْدَكْ
يَغيظُكَ الدِّينُ حَقّاً / فأنتَ تَقدحُ زَنْدَكْ
هَيَّجْتَ للشرِّ وَقْداً / فأينَ غادرتَ وَقْدَكْ
يا صاحِبَ الغارِ مَن ذا / بِنَصرِهِ قد أَمَدَّكْ
أليس ربَّكَ فَاجْعَلْ / لهُ على الدّهرِ حَمْدَكْ
رَدّ العِدَى لم يفوزوا / وأنتَ بالفوزِ ردَّكْ
ألْقِ الهديّة وَاسْحَبْ / في ساحَةِ الفَخرِ بُرْدَكْ
دَعَا الرّسولُ وأَثْنى / فَاحْمَدْ لكَ الخيرُ رِفْدَكْ
وقل تباركتَ ربِّي / يَسَّرْتَ للخيرِ عَبْدَكْ
عُكاشَةُ ما في الغَمْرِ من مُتْخلَّفٍ
عُكاشَةُ ما في الغَمْرِ من مُتْخلَّفٍ / خلا الغَمْرُ من عُمَّارِهِ فَهْوَ مُقْفِرُ
تناذرَ أهلُوهُ سُيوفكَ فَانْجَلوا / وغُودِرَ وَحْشاً خالياً ليس يُعمَرُ
خُذِ الشّاءَ والإبلَ السِّمانَ فإنّهم / إلى أجلٍ ما دُونَهُ مُتأخَّرُ
فإمّا حِمَى الإسلامِ أو حدُّ قاضبٍ / على مَتْنِهِ مِنهم دَمٌ يَتَفَجَّرُ
عُكَاشَةُ عُدْ بالجندِ غيرَ مُخيَّبٍ / كفى القومَ خِزْياً أن يَفِرُّوا ويُدبِرُوا
لِكُلِّ امرئٍ من نفسِهِ ما تَودُّهُ / وما يكُ من شيءٍ فربُّكَ أكبَرُ
له الدّينُ والدّنيا وما بعدَ هذِهِ / فلا شَيءَ إلا ما يَشاءُ ويَقْدِرُ
يَا ابنَ عَوْفٍ سِرْ حثيثاً باللِّواءْ
يَا ابنَ عَوْفٍ سِرْ حثيثاً باللِّواءْ / وَاقْدِمِ الجيشَ بعزْمٍ وَمَضاءْ
سِرْ حثيثاً يا ابنَ عوفٍ إنّها / دُومَةُ الجندلِ والقومُ البِطاءْ
سُبقوا للحقِّ ما يأخذُهُم / ذلك النّورُ ولا هذا الرُّواءْ
وَيحَهمُ ماذا عليهم لو رَضُوْا / شِرْعَةَ اللهِ ودينَ الحُنَفَاءْ
اتَّقِ اللّهَ ولا تَبْغِ الأَذَى / وَاتَّبِعْ ما قال خيرُ الرُّحَمَاءْ
إنّ للحربِ لديه أدباً / يَزَعُ السَّيْفَ ويَحمي الضُّعَفَاءْ
مَنْ يَدَعْهُ لا يَنَلْ مَجداً وإن / فَتَحَ الأرضَ وأقطَارَ السَّماءْ
أَعرضَ القومُ وقالوا دِينُنا / يا ابنَ عوفٍ دِينُنا لا ما تَشاءْ
ليس غير السيفِ يقضي بيننا / وَهْوَ أَوْلَى يا ابنَ عوفِ بالقَضَاءْ
وَرَأى سَيّدُهم ما هَالَهُ / من أمورٍ لا يراها الجُهَلاءْ
إنّهُ الأصبغُ لا يَخدعُهُ / باطلُ الوَهْمِ ومكْروهُ الهُراءْ
قَالَ أَسلمتُ فيا قوم اشْهَدُوا / وَاهْتدُوا فاللهُ حَقٌّ لا مَرَاءْ
شَرَعَ الدِّينَ الذي وَصَّى بهِ / عُمدَةَ الرُّسْلِ وشيخَ الأنبياءْ
هُوَ دِينُ اللهِ حَقّاً ما بِهِ / إن رَضِينَا أو أَبَيْنَا من خَفَاءْ
أَسْلَمَتْ من قومِهِ طائفةٌ / وَأَبَتْ طائفةٌ كُلَّ الإباءِ
ما على ذي هِمَّةٍ من حَرَجٍ / إن تَرَاخَى الجِدُّ أو زَاغَ الرّجاءْ
كلُّ أمرٍ فَلَهُ مِيقاتُه / طابتِ الأنفسُ أم طالَ العَناءْ
يا ابنةَ الأصبغِ هذا ما قَضَى / ربُّكِ الأعلى فَفُوزِي بالرَّفَاءْ
مِلَّةٌ فُضْلَى وبَعلٌ صالحٌ / حَبَّذَا القَسمُ وما أسنَى العَطَاءْ
إنّه أمرُ النبيِّ المُجتَبَى / معدنِ التّقوى وَمَوْلَى الأتقياءْ
يا ابنَ عوفٍ لو رأى الغيبَ امرؤٌ / لَرَأتْ عيناكَ ما تَحتَ الغِطَاءْ
لَكَ من زَوْجِكَ كَنزٌ جَلَلٌ / مِن كُنوزِ اللَّهِ أغنى الأغنياءْ
يُستمَدُّ العِلمُ مِنهُ والهُدَى / ويُقامُ الدِّينُ قُدْسِيَّ البِناءْ
نعمةٌ للَّهِ ما أعظَمَها / فله الحمدُ جَميعاً والثَّناءْ
أبَا رافعٍ لا يَرفعُ اللّهُ طاغيا
أبَا رافعٍ لا يَرفعُ اللّهُ طاغيا / ولا يَدَعُ الخَصْمَ المُشاغِبَ نَاجيا
جمعتَ من الأحزابِ ما شِئتَ تَبتغي / لنفسِكَ من تلكَ العقابيلِ شَافيا
وَرُحتَ تَصُبُّ المالَ في غيرِ هِينَةٍ / تُريدُ بدينِ المسلمينِ الدَّواهيا
هو ابنُ عتيكٍ إن جَهِلتَ وصَحبُه / فلستَ بلاقٍ من حِمامِكَ واقيا
يَدُبُّ وقد جُنَّ الظَّلامُ مُقنَّعاً / يُريدُكَ مُغتالاً ويلقاكَ غازيا
كأنّ حِمارَ الحصنِ أُوتِيَ رُشدَهُ / فأجمعَ ألا يصحبَ الدَّهرَ غاويا
أعان عليكَ السَّيفَ يكرهُ أن يرى / دماً فاجراً في مَسْبَحِ الكُفرِ جاريا
يقول له البوّابُ مالك جالِساً / وقد دخل الرّهطُ الذي كُنتَ رائيا
إلى الحصنِ فَادْخُلْ لَسْتُ تاركَ بابِهِ / لأجلِكَ مفتوحاً ودَعْنِي لما بيا
فقامَ ولو يَدرِي خَبِيئةَ نَفسه / أعضَّ وَرِيْدَيْهِ الحُسامَ اليمانيا
ولاحت لِعَيْنَيْهِ الأقاليدُ فَانْتَحى / يَضُمُّ عليها مِخلبَ اللّيثِ ضَاريا
فلمَّا غَفا السُّمارُ أقبلَ صَاعِداً / إلى الأخرقِ المغرورِ يَعلو المراقيا
سَقاهُ بِحَدِّ الهنْدُوَانِيِّ حَتْفَهُ / فَبُورِكَت من سيفٍ وبُورِكَ ساقيا
هَوتْ رِجلُهُ من زَلَّةٍ قَذفتْ بهِ / إلى الأرضِ في ظَلماءَ تُخفي الدرارِيا
فما بَرحتْ حتّى أُصِيبَ صَميمُها / بِصَدْعٍ فأمْسَى وَاهِنَ العَظمِ واهيا
وباتَ يُواري نَفسَهُ في مكانِهِ / ويزورُّ في بُرديه يَخشَى الأعاديا
تَنادَوْا فقالوا فاتكٌ من عَدُوِّنا / رَمى السَّنَدَ الأعلى فلا كان راميا
مَتى جاءَ كيفَ انسلَّ في غَسَقِ الدُّجَى / وماذا جَرى من كان للحصنِ حاميا
مِنَ الجِنِّ هذا أم من الإنس يا لَهُ / مُصاباً يُنَسِّينا الخُطوبَ الخواليا
وراحوا سِراعاً مُهطِعينَ يَهيجُهم / طِلابُ الذي ما زالَ في الحِصْنِ ثاويا
فما تركوا في أرضِ خَيبرَ بقعةً / ولا غادروا ممّا هُنالِكَ واديا
وعادُوا يَعُضُّونَ البَنانَ ولو رَأَوْا / مكانَ الرَّدى المجتاحَ أَلْفَوْهُ جَاثيا
فما زالَ حتّى أذّنَ الدِّيكُ وانْبَرى / مِنَ القومِ داعٍ يَرفعُ الصَّوتَ ناعيا
هُنالِكَ وافى صَحبُه فتحدَّبُوا / عليه وكان الظنُّ أن لا تلاقيا
فَتىً يركبُ الأهوالَ لا يَتَّقِي الرَّدى / ولا يتوقَّى الحتفَ يَلقاهُ عاديا
قُصارَاهُ أن يَرْعَى أمانةَ رَبِّهِ / ويلقى رسولَ اللهِ جَذْلانَ راضيا
شَفَى رِجلَهُ ممّا بها فكأنَّها / بِخَيْبرَ لم تُكْسَرْ ولم يَكُ شاكِيا
أبا رافعٍ ما ذا لَقِيتَ بحُفرةٍ / طَوَتْ منكَ جبّاراً قضَى العُمرَ عاتيا
عَكفتَ على البَغْيِ المُذمَّمِ والأذَى / فَذُبْ أسفاً واعْكُفْ على النَّارِ صَاليا
أأنت يا ابنَ رِزامٍ تَغلِبُ القَدَرا
أأنت يا ابنَ رِزامٍ تَغلِبُ القَدَرا / جَرِّبْ لك الويلُ من غِرٍّ وسوف ترى
جَرِّبْ أُسَيْرُ ولا تَجزعْ إذا عَثرتْ / بك التجاريبُ إنّ الحُرَّ من صبرا
كذبتَ قومك إنّ الحقَّ ليس له / من غالبٍ فَاعْتَبِرْ إن كنتَ مُعتبِرا
هيهاتَ مالكَ إلا الغَيُّ تتبعُهُ / والغيُّ يتبعه في النَّاسِ من فجرا
بِئسَ الأميرُ وبئسَ القومُ إذ جعلوا / لك الإمارَةَ كيما يُداركوا الظَّفرا
الظّافرونَ بنو الإسلامِ لا فَزَعاً / يرى العِدَى في الوغَى منهم ولا خَوَرا
همُ الأُلَى يُلبِسونَ الحربَ زِينتَها / إذا تَعَرَّتْ وَولَّى الذّادةُ الدُّبُرا
ماذا تُحاوِلُ بالأشياعِ تَندبُهم / حاولت يا ابنَ رِزامٍ مطلباً عَسِرا
ظَنَنْتَها غزوةً تَخفَى مكائدها / فما احتيالُكَ في السِرِّ الذي ظَهَرا
لو لم يُوافِ رَسولَ اللّهِ مُخبِرُهُ / وافاهُ مِن ربِّهِ مَن يحمِلُ الخبَرا
كم فَضَّ جِبريلُ مِن صَمَّاءَ مُغْلَقَةٍ / أنْحَىَ على سِرِّها المكنونِ فاشتهرا
على أبي رافعٍ فَلْتَبْكِ مِن أسَفٍ / وَاسْتَبْقِ نفسَكَ إنْ كُنْتَ امرأً حذرا
ذلت يهود فما يرجى لها خطرٌ / على يدي من نهى فيها ومن أمرا
دَعْها أُسيْرُ لكَ الويلاتُ من رجلٍ / ضَلَّ السَّبيلَ فأمسى يَركبُ الغَررَا
ألستَ تُبصِرُ عبدَ اللهِ في نَفَرٍ / أعْظِمْ به وبهمْ من حَولِهِ نَفَرا
جاؤوكَ يا ابنَ رِزامٍ لو تطاوعُهم / لأذهبَ اللَّهُ عنكَ الرِّجسَ والوَضَرا
لكنّك المرءُ لو ترميهِ صاعقةٌ / تَنهاه عن نَزعاتِ الغَيِّ ما ازْدجَرا
رَدُّوا لكَ الخيرَ تُسدِيه إليكَ يدٌ / ما مِثلُها من يدٍ نَفْعاً ولا ضَرَرا
قالوا انْطَلِقْ معنا إن كنتَ مُنطلقاً / فأْتِ الرَّسولَ وَسَلْهُ تبلغِ الوَطَرا
ما شِئتَ مِن سُؤْدُدٍ عالٍ ومن شَرَفٍ / على اليهودِ ويَجزِي اللَّهُ من شكرا
أبَى وراجعَهُ من نفسه أمَلٌ / أغراهُ بالسَّيرْ حتَّى جَدَّ مُبتَدِرا
ثُمَّ انثنَى يَتمادَى في وَساوِسه / يَظنُّ ذلك رأياً منه مُبتَسَرا
واختارَها خُطَّةً شَنعاءَ ماكرةً / فحاقَ بالجاهلِ المأفونِ ما مكرا
أرادَ شرّاً بعبدِ اللَّهِ فَانْبعثتْ / مِنْه صَرِيمةُ عادٍ يَنقُضُ المِرَرا
رَآهُ أَخْوَنَ مِن ذئبٍ فَعاجَلَهُ / بالسَّيفِ يُوردُه مِنه دماً هَدَرا
وَانْقضَّ أصحابُه يَلْقونَ من معهُ / مِن قومِهِ فاستحرَّ القتلُ وَاسْتَعَرا
لم يتركِ السيفُ منهم وَهْوَ يأخذُهم / إلا حُشَاشَة هافٍ يَسبقُ البصرا
مَضَى مع الرِّيحِ لا يأسَى لمهلِكِهِم / ولا يُبالي قضاء اللَّهِ كيفَ جَرَى
كذلك الغدرُ يَلْقَى الويلَ صاحِبُه / وكيف يأمنُ عُقْبَى السُّوءِ من غَدَرا
أبا سُفيانَ أيَّ دَمٍ تُرِيدُ
أبا سُفيانَ أيَّ دَمٍ تُرِيدُ / هِيَ العنقاءُ مَطلبُها بَعِيدُ
بَلِ العنقاءُ أقربُ من مَرَامٍ / هُوَ الأملُ المُخَيَّبُ أو يَزِيدُ
أغرَّكَ خِنْجَرٌ بِيَدَيْ شَقيٍّ / وما يُدرِيكَ أيّكما السّعيدُ
رأى جبلاً ترى الشُّمُّ الرَّواسي / جَلالتَهُ فترجف أو تَمِيدُ
فلم تنفَعْهُ من فَزَعٍ قُواهُ / ولم ينهضْ به البأسُ الشَّديدُ
وشُدَّ خناقهُ بِيَدَيْ أسَيْدٍ / فلولا الرفقُ لانْقَطَعَ الوريدُ
تَلقّاهُ بِمخلبِ مُكْفَهرٍّ / يَثورُ فتقشعرُّ له الجُلودُ
وأظهر َما يُوارِي من سِلاحٍ / يَدُبُّ بمثلِهِ الشَّنِفُ الحَقودُ
وأيقنَ أنّ دِينَ اللَّهِ حَقٌّ / فما يُجدِي الضّلالُ وما يُفيدُ
أصابَ الخيرَ من بَركاتِ رَبٍّ / هَداهُ رسولُه الهادِي الرَّشيدُ
وجاءكَ يا أبا سُفيانَ عمروٌ / فأينَ تَزِيغُ وَيْحَكَ أو تَحِيدُ
هو البطلُ الذي عرفتْ قُريشٌ / فلا نُكْرٌ بذاكَ ولا جُحودُ
يُخادِعهم وما تَخْفَى عليهم / مكيدةُ مَن يُخادِعُ أو يَكِيدُ
بدا لهمُ المغيَّبُ فَاسْتَرابوا / وَلَجَّ الذُّعرُ واضطرمَ الوعيدُ
وأبْصَرهُ مُعاويةٌ فَجَلَّى / سَرِيرَةَ نفسهِ النَّظرُ الحديدُ
وقالوا فاتكٌ يرتاد صيداً / وما كنّا فريسةَ مَن يصيدُ
وشَدُّوا خَلفَهُ فإذا سُلَيْكٌ / أُعِيرَ جناحَهُ البطلُ النَّجيدُ
وغَيَّبهُ ببطنِ الأرضِ غارٌ / فما يَدرونَ أين مَضَى الطَّريدُ
أُعِينَ بصاحبٍ لا عَيْبَ فيهِ / فَنعمَ الصَّاحبُ الثَّبْتُ الجليدُ
وجاءَ لِحَيْنِهِ منهم غَوِيٌّ / له في الشِّعرِ شيطانٌ مَريدُ
يُديرُ الكفرَ في فمهِ نَشيداً / يُردِّدهُ فيعجبُهُ النَّشيدُ
أصاخَ له فأوقدَ منه ناراً / لها من كلِّ جارحةٍ وَقودُ
تلهَّبَ واسْتطارَ فيا لنفسٍ / طَغَتْ حِيناً فأدركها الخمودُ
رَمَاها في لهيبِ البأسِ رَبٌّ / لها في نارِهِ الكُبْرى خُلودُ
كِلا الرَّجُلَيْن يا عَمروٌ عَدُوٌّ / فَدُونَكَ إنّه صَيْدٌ جَديدُ
هُما عَيْنَا الخيانةِ من قُريشٍ / وأنتَ يَدُ النبيِّ بها يَذُودُ
رَمَيْتَ عنِ النبيِّ فمن صريعٍ / أراقَ حياتَهُ السَّهمُ السَّديدُ
ومن فَزِعٍ مَضيتَ به أسيراً / على جَزَعٍ يَذلُّ ويَسْتَقيدُ
جَلبتَ على أبي سُفيانَ شَرّاً / فأصبحَ وَهْوَ محزونٌ كَمِيدُ
تَجرَّعَ ثُكْلَ من فُقِدا زُعافاً / وأهلكه الأسَى فَهوَ الفقيدُ
ستدركُهُ الحياةُ ولا حياةٌ / لغيرِ المُؤمنينَ ولا وُجودُ
رِجالٌ لا تُبِيدُهُم المنايا / وكلٌّ من بني الدُّنيا يَبِيدُ
هُوَ الإيمانُ لا دُنيا حَلوبٌ / يُعاشُ لها ولا مُلكٌ عَتِيدُ
جَرِّدِ السّيفَ أبا بكرٍ فما
جَرِّدِ السّيفَ أبا بكرٍ فما / طُبِعَ السَّيفُ لِيبقَى مُغمدا
تلكَ نجدٌ خَيَّمَ الكُفُر بها / فَاسْتَعِنْ بالله واذْهَبْ مُنجِدَا
جاهِدِ القومَ وزَلزِلْ دِينَهُمْ / أينَ دِينُ الكُفرِ من دينِ الهُدَى
سِرتَ في بأسٍ بعيدِ المُرتمى / ماله في اللَّهِ حدٌّ أو مَدَى
إنها الحربُ فَسِرْ لا تَتَّئِد / وَدَع السَّيفَ وأعناقَ العِدَى
فَارْمِ بِابْنِ الأكوعِ القَوْمَ فما / خُلِقَ المِخلبُ لِلّيثِ سُدَى
هَدَّهم أسْراً وسَبْياً وسَقَى / مَن سقى مِنهُم أفاويقَ الرَّدى
جالَ فيهم جولةً عاصفةً / فَهَوَوْا صَرْعَى وأمْسَوْا هُمَّدا
صَدفوا عن ربِّهم سُبحانَهُ / وأبَوْا أن يُتَّقَى أو يُعبدا
فجزاهم من نَكالٍ ما لَقَوْا / وَيْ كأنَّ الله يَجزِي المُفسِدا
يا أبا بكرٍ وأنتَ المُرتَجى / أعْطِهِ المرأةَ يَشكُرْها يَدا
إن تكن سَيِّدةً في قومِها / فكفاها أن أصابتْ سيِّدا
عاد منصوراً وسارت معه / فَرقداً يَتبعُ منه فَرقدا
نَظَر اللَّهُ إليها فَبَدا / لرسولِ اللَّهِ فيها ما بدا
قال هَبْها لي فلم يَبخلْ بها / ومضى من أمرِها ما سَدَّدا
هَبطتْ مَكَّةَ في حاجتِهِ / فَهْيَ للصّحبِ من الأسرِ فِدَى
سَرَّهُ أن أطلقَ الشركُ بها / من نفوسٍ حُرّةٍ ما قَيَّدا
اذهبي ما أنتِ من شانِ الأُلَى / أوردوا قومَكِ ذَاكَ الموَرِدا
كذبَ الجُهّالُ فيما زَعموا / ما المباتيرُ المواضِي كالمُدَى
اسأَلِي يا نَجدُ أهلَ المَيْفَعهْ
اسأَلِي يا نَجدُ أهلَ المَيْفَعهْ / كيف أمسَوا بعد أمنٍ وَدَعَهْ
وانْظرِي ما صَنَعَ الكُفرُ بهم / من أذىً يُعجبه أن يصنَعَهْ
هو صِنْوُ الشّرِّ أو تَوأمُهُ / ما ثَوى في موطنٍ إلا مَعَهْ
ما الذي يعصمُهم من غَالبٍ / جُذوَةِ الحربِ وليثِ المَعْمَعَهْ
جاءهم يقدمُ من أبطالهِ / كلَّ ماضٍ لا يُبالي مَصْرَعَهْ
يَمنعُ الإسلامَ من أعدائِهِ / بدمٍ يأبَى له أن يَمنعَهْ
لو تمشّى الموتُ في بُرْدَتِهِ / حينَ يمشِي للوغَى ما رَوَّعَهْ
أخذوهم أخْذَةً رابيَةً / صَادفْت منهم نُفوساً فَزِعَهْ
ثم آبوا كالنُّجومِ الزُّهرِ في / نِعمةٍ ممّا أصابوا وَسَعَهْ
يا ابنَ زيدٍ قَدِّم العُذَر وقُلْ / يا رسولَ اللَّهِ هل مِن تَبِعَهْ
رَجلٌ أجْمَعَ أن يخدعني / فجعلتُ السَّيفَ يَعلو أخْدَعَهْ
أعلنَ الإسلامَ يَحْمِي دَمَهُ / وله بالكُفرِ نَفْسٌ مُولَعَهْ
قال هل شَقَّ الفتى عن قلبهِ / فَيرى السِّرَّ ويَدْرِي مَوضِعَهْ
يا ابنَ زيدٍ يا له من خُلُقٍ / لستَ بالمؤمنِ حتَّى تَدَعَهْ
ساءَهُ اللّومُ فقلبٌ آسفٌ / يَتَّقِي اللَّهَ ونفسٌ مُوجَعَهْ
تابَ ممّا سَوَّلَ الظنُّ له / وأباها سُنّةً مُبتَدَعَهْ
ليس للمرءِ من الأمرِ سِوَى / ما رآهُ ظاهراً أو سَمِعَهْ
وخفَايا الغيبِ للهِ الذي / يَعلمُ السّرَّ ويَدرِي مَوقِعَهْ
احترسْ ما الظنُّ إلا شُبهةٌ / تتَّقِيها كلُّ نَفْسٍ وَرِعَهْ
وَاتْبَعِ الحقَّ فهذا حُكمُهُ / جاء في القُرآنِ كيما تَتبَعَهْ
ما سبيلُ المرءِ يَرتادُ الهُدَى / كسبيلِ المرْء يَبْغِي المنفعهْ
ما نَأَى المؤمنُ عن عاداتِهِ / حين ينأى عن هَوانٍ وَضِعَهْ
بَنِي المُلَوَّحِ لا حَامٍ ولا واقِ
بَنِي المُلَوَّحِ لا حَامٍ ولا واقِ / طَافَ الرَّدَى وتَلاقَى الشَّرْبُ والسَّاقِي
أتتكُمُ المرهفاتُ البِيضُ زائرةً / فاستقبلوها بهاماتٍ وأعناقِ
مشى بها غالبٌ في غيرِ ما وَهَنٍ / يَلُفُّ للحربِ آفاقاً بآفاقِ
رَمَتْ به هِمَمُ الإيمانِ مُمعنةً / فالشِّرْكُ يَرجُفُ من خوفٍ وإشفاقِ
ما خطبُ هذا الذي لاقَتْ فوارسُهُ / عِندَ القديدِ أيَمضِي غير مُعتاقِ
كلا فإن يَكُ حقّاً ما يقولُ فما / فيما يُريدُونَ من ظُلمٍ وإرهاقِ
يُقيمُ حتى يَعودوا ثم يَصحبُهُم / إلى الرسولِ على عهدٍ وميثاقِ
وإن يكن كاذباً فالسَّيفُ صاحبُهُ / والسَّيفُ صاحبُ صدقٍ غيرِ مَذَّاقِ
جاءوا الكَدِيدَ فما يَغْفَى رَبِيئَتُهُم / والنّومُ يلهو بأجفانٍ وأحداقِ
ولاح باللّيلِ فوقَ التَّلِّ مَنظرُهُ / لساهرٍ قام من ذُعرٍ على سَاقِ
رَمَى بِسهمَيْنِ لم يُخْطِئ له نَظَرٌ / ولم يُجاوِزْهُ في نَزْعٍ وإغراقِ
انْزَعْهُما ابنَ مكيثٍ لا تَكُنْ جَزِعاً / ولا تُرَعْ لِدَمٍ في اللهِ مُهرَاقِ
ويا سيوفَ رَسولِ اللهِ لا تَدَعِي / للعاكِفينَ على الأصنامِ من بَاقِ
النّازِلينَ وَراءَ الحقِّ منزلةً / ما اختارَها غيرُ فُجّارٍ وَفُسّاقِ
ما يُنكِرُونَ من الدِّينِ الذي كرهوا / هل جاءَ إلا بآدابٍ وأخلاقِ
دِينُ السجايا العُلَى تَمضِي بهم صُعُداً / ما تستطِيعُ مَدَاها هِمَّةُ الرّاقِي
دِينٌ هو الغُلُّ يَنْهَى كلَّ مُبَتدِعٍ / يرمي النُّفُوسَ بأغلالٍ وأطواقِ
لا يَحبسُ النَّفسَ إلا حينَ يُطلقُها / وليس يَظلِم في حَبْسٍ وإطلاقِ
بَنِي الملوَّحِ رُدُّوا مِن غَوايَتِكم / فالحقُّ ذُو وَضَحٍ بادٍ وإشراقِ
هو الشِّفَاءُ لأداوءِ النّفوسِ إذا / حَارَ الطبيبُ وأَمْسَى رَهْنَ إخفاقِ
أتَصْدِفُونَ عَنِ المُثلى وقد هَتَفَتْ / بها الدُّعاةُ فَلَبَّى كلُّ سَبَّاقِ
لولا العَمَى مَا اقْتَدَيْتُمْ في ضَلاَلَتِكُم / بمعشرٍ من قُريشٍ غيرِ حُذّاقِ
والنّاسُ من زُعماءِ السُّوءِ في خَبَلٍ / يُؤذِي الطبيبَ ويُعيي حِكمةَ الرَّاقِي
يا وَيْلَكُم إن رَضِيْتُمْ جَوْفَ مُظلِمَةٍ / مَسْجُورةٍ ذاتِ أطواءٍ وأعماقِ
ماذا صنعتم بخيلِ اللهِ حين دعا / يَسْتَصرِخُ الحيَّ منكم كلُّ نَعَّاقِ
طارت بكم غارةٌ حَرَّى فأطفأها / وَادي قَدِيدٍ بِسَيْلٍ منه دَفَّاقِ
لا تنكروا وقضاءُ اللهِ يُرسِلُهُ / ما كانَ من دَهَشٍ جَمٍّ وإطراقِ
أعظِمْ بها آيةً لولا جَهالَتُكُمْ / كانت لخيرِ البرايا خيرَ مِصدَاقِ
سيقتْ لِنُصْرَتِهِ الأقدارُ تَمنَعُكُم / أن تُدرِكُوا جُنْدَهُ من كلِّ مُنْساقِ
وأنتَ يا أيّها المُزْجي مَطِيَّتهُ / إلى الرسولِ يُوالي سَيْرَ مُشتاقِ
أصبتَ من نِعمةِ الإسلامِ كَنْزَ هُدَىً / أغناكَ ربُّكَ منه بَعْدَ إملاقِ
فَاسْعَدْ برزقِكَ وَاشْكُرْ مَن حَبَاكَ به / سُبحانَهُ مِن عظيمِ الفَضْلِ رزَّاقِ
بَنِي مُرَّةَ اقْضُوا أمركم قبل غَالِبِ
بَنِي مُرَّةَ اقْضُوا أمركم قبل غَالِبِ / وذُوقُوا مَنَايا القوم مِن كُلِّ ذاهبِ
بَشِيرُ بنُ سعدٍ والذين أصابَهم / أذاكم رَمَوْكُمْ بالقُرُومِ المصاعِبِ
جَهِلْتُمْ جزاءَ البَغْيِ والبَغْيُ مَركبٌ / لِذي الجهلِ يُؤذِي شُؤمُهُ كلَّ راكبِ
خُذُوهُ جَزاءً مِن يدِ اللهِ عادلاً / يُدَمِّرُ منكم كلَّ راضٍ وغاضِبِ
بُليتُم بِخَصمٍ لا تَنامُ سيوفُهُ / عن الوَتْرِ إن نامتْ شِفَارُ القواضِبِ
أبيٍّ على الكفّارِ يَسقِيهِمُ الرَّدى / ويأخذُهم بالخسفِ من كلِّ جانِبِ
حَفِيٍّ بدينِ اللهِ يَمنعُ حَوْضَهُ / ويكفِيهِ أضغانَ العَدوِّ المُشَاغِبِ
هُوَ الدّمُ لا يَشْفي من الجهلِ غيرُهُ / إذا لم يُفِدْ فيه ضروبُ التجارِبِ
أجَلْ يا ابنَ عبدِ الله إنّ الوغى لها / رجالٌ يَرَوْنَ الحزمَ ضَربَةَ لازبِ
شَدَدْتَ قُوى الأبطالِ بالموثقِ الذي / عَقَدْتَ على تلك القُوى والجواذِبِ
فَعَهَدٌ على عهدٍ من اللهِ ثابتٍ / وإلفٌ على إلفٍ من الدينِ راتِبِ
أَخٌ لأخٍ جَمِّ الوفاءِ وصاحبٌ / أمينُ الهَوَى يَرْعَى الذِّمامَ لصاحِبِ
ويا لَكَ إذ تُلْقِي بما أنتَ قائلٌ / على الجندِ آدابَ الكميِّ المحاربِ
أخذتَ رُماةَ النَّبْلِ بِالسَّيْفِ ما رَمَى / بغير المنايا عن يَدَيْ كلِّ ضارِبِ
سقاهمْ نقيعَ الحَتْفِ من كل ماجِدٍ / جَرَى الحتفُ صِرْفاً في دمٍ منه ذائبِ
لذي الحِلمِ من حُسْنِ المثوبَةِ ما ابْتَغَى / وللجاهلِ المغرورِ سُوءُ العواقِبِ
دَعَاكَ رسولُ اللهِ أصَدقُ من دَعَا / إلى الحقِّ تَرمِي دُونَهُ غيرَ هائبِ
فكنتَ أمام الجيشِ أكرمَ قادمٍ / وكنتَ وَراءَ النّهبِ أكرمَ آيبِ
مَقَامٌ تمنَّاهُ الزُّبيرُ ومَطلبٌ / يَراه الفَتى المِقدامُ أَسْنَى المطالِبِ
ظَفِرْتَ بِهِ يا توأمَ النَّصْرِ تَوْأمَاً / لما نِلتَ من مجدٍ على الدّهرِ دائبِ
مَضَى لكَ يومٌ في الكديدِ مُشَهَّرٌ / يُحَدِّثُ عن جِدِّ امْرِئٍ غيرِ لاعبِ
فيا حُسْنَها من وَقعةٍ غالبيةٍ / ويا لَكَ من يومٍ جليلِ المناقبِ
عُيَيْنَةُ ماذا أنتَ وَيْحَكَ صَانِعُ
عُيَيْنَةُ ماذا أنتَ وَيْحَكَ صَانِعُ / وما ذلك الجمعُ الذي أنتَ جَامعُ
رُوَيْدَكَ هل يغزو المدينةَ حانِقٌ / ويطمعُ فيها يا عُيينَةُ طامِعُ
هي الصّخرةُ العظمى فلا البأسُ نافعٌ / إذا جِئتَ تَبغيها ولا السّيفُ قاطِعُ
لها من جَلاَلِ اللهِ حِصْنٌ مُمنَّعٌ / يَرُدُّ الأذَى عنها وجَيْشٌ مُدافِعُ
وفيها رسولُ اللهِ والنَّفَرُ الأُلى / يَهُونُ عليهم أن تَهُولَ الوقائِعُ
إذا وَرَدوا الهيجاءَ فالنّقعُ قاتمٌ / وإن صَدَرُوا بالخيلِ فالنّصرُ لامِعُ
بَشيرُ بنُ سعدٍ يا عُيينَةُ قادِمٌ / فهل أنتَ بالجمعِ المضلَّلِ راجِعُ
أتاكم على بُعْدِ المَزَارِ حَديثُهُ / فلا قَلْبَ إلا واجفٌ منه جَازِعُ
فَرَرْتُم تُرِيْدونَ النّجاةَ وقد بَدَا / لكم منه يومٌ هائلُ البأسِ رَائِعُ
وغادرتمُ الأنعامَ تَعْوِي رُعاتها / وتَندبُها آثارُها والمراتِعُ
فيا لكَ من نَهْبٍ تَوَلَّى حُماتُهُ / وأقبلَ يُزجَى سِربُهُ المتتابِعُ
ويا للأسِيرَيْنِ اللذين نَهاهما / عن الشِّرْكِ ناهٍ من هُدَى اللهِ رادعُ
هُما أسلما لما بَدَا الحقُّ واضحاً / وللحقِّ نورٌ للعَمَايَةِ صادعُ
أطاعا رسولَ اللهِ فَاهْتَدَيَا بِهِ / وما يَسْتَوِي في النّاسِ عاصٍ وطائعُ
عُيَيْنَةُ من يَنْزَعْ إلى الرُّشْدِ لا يَزَلْ / على لاحبٍ منه فهل أنت نازِعُ
إلى ذاتِ السَّلاسِلِ مِن بَليِّ
إلى ذاتِ السَّلاسِلِ مِن بَليِّ / وعُذْرَةَ فَامْضِ بُورِكَ مِن مُضِيِّ
تَدَفَّقْ بالأُلى جاشَتْ قُواهُم / إليكَ تَدَفُّقَ السَّيْلِ الأتِيِّ
إلى قومٍ من الأعداءِ تُطوَى / جَوانِحُهُم على الدّاءِ الدَوِيِّ
تَألَّبَ جَمعُهُم من كلِّ أَوْبٍ / يُحاوِلُ بالسّيوفِ حِمَى النَّبيِّ
أهزلٌ من قُضاعةَ أم خيالٌ / غَوِيٌّ جَالَ في جَوٍّ غَوِيِّ
تَوَلَّى الكفرُ أمرَ القومِ فيه / فسوفَ يَرَوْنَ عاقِبَةَ الوَليِّ
جَمعتَ لحربهم يا عمروُ بأساً / يُزلزِلُ كلَّ جَبارٍ عتِيِّ
رأيتَ جُموعَهم شتَّى فهذا / رَسولُكَ جاء بالمَدَدِ القويِّ
عليه أبو عُبَيْدَةَ في سلاحٍ / يَمُجُّ عُصارَةَ الموتِ الوَحِيِّ
نَهاهُ مُحمّدٌ عن كلِّ أمرٍ / تَضِيقُ بهِ وما هو بالعَصِيِّ
يُنازِعُكَ الإمامَةَ ثم يَرْضَى / وتِلكَ سَماحةُ الخُلُقِ الرَّضِيِّ
رَميتَ الكافِرينَ بكل ماضٍ / مِنَ الأبطالِ يَعصِفُ بالرَّمِيِّ
فزالوا عن حظائِرِهِم سِراعاً / ولم تُغْنِ الرِّباقُ عن الشَّوِيِّ
تَوَاصَوْا بالثَّباتِ فَزَلزَلْتُهُم / صَوَاعِقُ ما تَكُفُّ عَنِ الهُوِيِّ
هُوَ البأسُ اسْتَطَارَ فلا ثَباتٌ / لِغيرِ السَّيفِ والبطَلِ الكَمِيِّ
قَضَيْتَ السُّؤْلَ من قَتلٍ وغُنْمٍ / وَنِلْتَ ذُؤابَةَ الشَّرفِ العَلِيِّ
وكنتَ القائدَ الفَطِنَ المُلَقَّى / فُنونَ المكرِ والكَيْدِ الخَفِيِّ
مَنعتَ النّارَ خِيفةَ أن تُعَرَّى / جُنودُكَ شِيمَةَ الحَذِرِ الذّكِيِّ
تُدافِعُ دُونَ عِدَّتِهم عَدُوّاً / تُخادِعُهُ عنِ الأمرِ الجَلِيِّ
ولم تَتْبَعْ قضَاعَةَ إذ تَوَلَّتْ / وإذ ذَهَلَ الصَّفِيُّ عَنِ الصَّفِيِّ
تُقَاتِلُها بسيفٍ من دَهاءٍ / يُمزِّقُها بِحَدٍّ لَوْذَعِيِّ
رَمى الفاروقُ من عَجَبٍ بقولٍ / يُثيرُ حَمِيَّةَ الرَّجُلِ الأبِيِّ
فقال له أبو بكرٍ رُوَيْداً / ولا تَعْدِلْ عَنِ السَّنَنِ السَّوِيِّ
رسولُ اللهِ أكثرُ مِنكَ عِلماً / بِصاحِبِهِ ولستَ لهُ بِسِيِّ
وما للحربِ إلا كلُّ طَبٍّ / يُصرِّفُها برأيٍ عَبْقَرِيِّ
أميرَ الجُندِ يا لكَ من سَرِيٍّ / أصابَ إمارةَ الجُندِ السَّرِيِّ
مَشَى الصِّديقُ والفاروقُ فيه / على أدبٍ من الخُلُقِ السَّنِيِّ
وهل يُقضَى على اسمِ اللهِ أمرٌ / فَيُنكِرُهُ التَّقِيُّ على التَّقِيِّ
إذا استوتِ المراتِبُ وَهْيَ شَتَّى / فما فضلُ اللَّبيبِ على الغَبِيِّ
أجَلْ يا عمروُ ما بِكَ من خَفَاءٍ / إذا فَزَعَ الرجالُ إلى الكَفِيِّ
شَأوتَ السّابِقينَ إلى مَحَلٍّ / يُجاوِزُ غايَةَ الأمَدِ القَصِيِّ
وذلك فضلُ ربِّكَ زِيدَ فيهِ / على يدِهِ لِذِي الجَدِّ الحَظِيِّ