القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
يا ملكاً عمَّ نَداه الوَرى
يا ملكاً عمَّ نَداه الوَرى / وأَلحق الباديَ بالعاكفِ
لمّا حللتَ الطائفَ المُشتَهى / وَصرتَ فيه مأمنَ الخائفِ
طافَ بكَ الخَلقُ جَميعاً فَها / بيتُك أَضحى كعبةَ الطائفِ
لِلَّه دَرُّ معاشرٍ آلفتُهم
لِلَّه دَرُّ معاشرٍ آلفتُهم / فحويتُ خَصلَ المجد في إِيلافهم
ذَهَبوا فأَخلَفَت اللَيالي عنهم / قَوماً يَرَون الجودَ في إِخلافِهم
عش عائلاً فالدهر أَنشد قائلاً / ذَهبَ الَّذينَ يُعاشُ في أَكنافِهِم
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف
جَلا الكؤوسَ فجلّى ظلمةَ السَدف / بدرٌ كلِفتُ به حاشاه من كَلَفِ
سمت وقد أَشرَقت راح براحتهِ / كأَنَّها الشَمسُ حلَّت منزلَ الشَرَفِ
وَضاعَ نشرُ شذاها وهيَ في يده / كأَنَّها وردةٌ في كفِّ مُقتَطفِ
بكرٌ تحلَّت بدُرٍّ من فواقعها / وأَقبلت وهيَ في وشح وفي شَنَفِ
يا سحبَ نيسان روّي الكرم من كرم / فَفي الحَباب غنىً عَن لؤلؤ الصَدفِ
شتّانَ ما بين دُرٍّ راح مُرتَشَفاً / رشفَ الثغور ودرٍّ غير مُرتَشفِ
لَم أَنسَ ليلة أُنسٍ بتُّ معتنقاً / فيها الحَبيبَ اِعتناق اللام للألفِ
أَمنتُ من رَيب دَهري في خفارته / وَمن يَبت في ضَمان الحبِّ لم يَخفِ
وَرحتُ فيها من الهجران مُنتصِفاً / من بعد ما كُنتُ منه غير مُنتصفِ
أَسطو عليهِ برمحٍ من مَعاطِفِهِ / وَصارمٍ من ظُبى أَجفانِه الوُطُفِ
لِلَّه طيب وصالٍ نلتُ من رشأ / بالحسن متَّسمٍ بالطيب متَّصفِ
إِذا ضَممت إلى صَدري ترائبَه / كادَت تَذوبُ تَراقيهِ من التَرفِ
يا محسنَ الوصف إِن رمت النسيبَ فصِف / لنا محاسنَ هَذا الشادن الصَلِفِ
أَو رمتَ تنسبُ يوماً سيِّداً لعُلاً / فاِنسب إِلى مُنتَهاها سادَة النَجفِ
واِخصُص بني شرفِ الدين الألى شرفت / بهم بيوتُ العُلى وَالمَجدِ وَالشَرَفِ
قوم يحلُّونَ دون الناسِ قاطبةً / بحبوحةَ المجد والباقون في طَرفِ
القائلونَ لدى المعروف لا سرفٌ / في الخير يَوماً كما لا خيرَ في السرفِ
رَووا حديثَ المَعالي عن أَبٍ فأَبٍ / وَساقَه خلفٌ يرويه عن سلفِ
هُمُ نجومُ الهدى لَيلاً لمدَّلجٍ / وهم بحارُ الندى نَيلاً لمغترفِ
منهم حسينٌ أَدام اللَهُ بهجتَه / وأَيُّ وصفٍ بإحسان الحسين يَفي
هو الشَريفُ الَّذي فاق الورى شرفاً / سل عن مفاخره من شئت يعترفِ
كَم من جَميلٍ له في الخلق مُجملُه / يَلوح كالكَوكب الدرّيّ في السدفِ
فالخَلقُ من خلقه في نزهةٍ عجبٍ / ومن خلائقه في روضةٍ أُنفِ
أَمسى النَدى وَالهُدى وَالمجد مكتنفاً / به وأَصبح منه الدين في كنفِ
سَعى إلى الغاية القُصوى الَّتي وقفت / عنها الورى فتعدّاها ولم يَقِفِ
فَحازَ ما حازه أَقرانُه وَحَوى / ما شذَّ عن سَلفٍ منهم وعَن خلفِ
أَفي كلِّ ربع للمطيّ بنا وَقفُ
أَفي كلِّ ربع للمطيّ بنا وَقفُ / وفي كلِّ دارٍ من مدامِعنا وكفُ
نسائِلُ عَن أَحبابنا كلَّ دارسٍ / وَنقفو من الآثار بالبيد ما نَقفو
أَخلّايَ إِن تعفُ الديارُ فَفي الحشا / رَسيسُ جَوىً لَم يعفُ يوماً ولا يعفو
حنيني إلى دارٍ قضيتُ بها الصِبا / وما عاقَني للدَهر منعٌ ولا صَرفُ
وَعَهدي بهاتيك المعاهِد وَالرُبى / أَواهلُ لا ينفكُّ يَعطو بها خِشفُ
تُطالعنا أَقمارُ تمٍّ بأفقِها / وَيَهفو علينا من شذا نشرِها عَرفُ
وربَّ صَموت القُلبِ خمصانة الحشا / لهَوتُ بها والنجمُ من أُذنها شَنفُ
لعوبٌ إِذا عاطتكَ لهوَ حديثها / ثملتَ وما دارَت معتَّقةٌ صِرفُ
يؤوِّدُها مرُّ النَسيم فتنثني / تثنّي غصنِ البان ما شانَه قَصفُ
سل الظبية الغنّاءَ إِذ قيلَ مثلها / أُساعفها الكشحُ المهفهفُ والردفُ
ثَقيلةُ غضِّ الطَرفِ وَسنى كأَنَّما / سَبَت سِنةَ العشّاق أَجفانُها الوُطفُ
قضيتُ بها عُمرَ الشَبيبة لاهياً / وَلَم ينتبه للبَين في شملنا طَرفُ
لياليَ لا يَصفو ورودي لمنهلٍ / وَلي مِن حُميّاها ومن ثَغرِها رشفُ
وَكَم لَيلةٍ رامَ الصَباحُ نزالها / أَمدَّ الدُجى من فرعها الشعر الوَحفُ
لكِ اللَه هَل بعد التَباعد عطفةٌ / وهل لغصونٍ قد عَبَست بعدنا عطفُ
أَجدَّ النوى ما زلتُ أَكدح دائباً / أَمام الرَجا خَلفٌ وصدق المنى خُلفُ
لعمريَ ما الآمالُ من شيم الفَتى / إِذا لم تصدِّقه الظنونُ أَو الكشفُ
وَما كُلُّ مرجوٍّ يُنالُ وإنَّما / على المَرء أَن لا يستذلَّ ولا يَهفو
هُدىً للأَماني قد تبلَّج نجحُها / بجود نظام الدين واِنبلجَ العرفُ
كَريمٌ إِذا ما اِنهلَّ وابلُ كفِّه / وصوبُ الحَيا لم تدر أَيُّهما الكفُّ
حليفُ نَدىً لم تأوِ مالاً بنانُه / لوفرٍ ولم يألف براحته ألفُ
لَه خُلقٌ كالرَوض غبَّ بها النَدى / وكفُّ سماحٍ لا يُشام لها كفُّ
فَتى المجد وثّابٌ إِلى رُتب العُلى / وما عاقَه عنها خُمولٌ ولا ضعفُ
رقى مرتقىً لَولا تأَخُّرُ عصرِه / لجاءَت به الآياتُ والرسل والصُحفُ
يروقُكَ مقداماً إذ الصيد أَحجمت / بحيث القَنا الخطّار من فوقه سقفُ
وَيَسمو الحسامُ المشرفيّ بكفِّه / إِذا ما اِلتقى الجمعان واِقترب الزحفُ
أَليفُ العُلى لم يصبُ إِلّا إِلى العُلى / إِذا ما صَبا يوماً إِلى إلفه إِلفُ
تَقَصَّت عِداهُ من مدى البين غايةً / فَلا دَنَت القُصوى ولا بَعُد الحَتفُ
رويداً فإن دانت رجالٌ بسلمها / وإِلّا فَهَذي البيضُ واليلبُ الزَغفُ
كأَنَّ المذاكي المُقرَبات يَقودُها / عرائسُ تُجلى إِذ يُرادُ لها زَفُّ
وقد أُسدِلت من ثائر النَقع دونها / سُتورٌ وَلَم يُرفع لمسدلها سَجفُ
وما أَينعت يوماً رؤوسُ عداتِهِ / بروض الوَغى إِلّا وحانَ لها قَطفُ
أَربَّ العُلى وَالمجدِ والبأس والندى / إِليكَ فَلَولا أَنتَ ما اِستغرق الوصفُ
شهدتُ لأنت الواحد الفرد في العُلى / وقد أُنكر الإنكارُ أَو عُرِفَ العُرفُ
إِليكَ الهُدى أَلقى مقاليدَ أَمره / فأَيقظتَه من بعد ما كادَ أَن يَغفو
فأَنتَ لِهَذا الخلق إِن دان مؤئلٌ / وَللدين والدُنيا إِذا نُكبا كَهفُ
رقيتَ من العلياء أَرفعَ رتبةٍ / ففقتَ الوَرى قِدماً وكلُّهم خَلفُ
فَلا برحت علياؤُك الدهرَ عضَّةً / غلائلُها تَضفو ومشربُها يَصفو
وأمَّكَ عيدُ النحر بالسعد مُقبلاً / وأَمَّ عِداك النَحرُ والذُلُّ والخَسفُ
ودونكها عذراء بكراً زففتُها / إِليكَ وداداً حَليُها النظمُ والرَصفُ
ودم وابقَ واسلم آمر الدهر ناهياً / مَدى الدَهر إجلالاً عليك العُلى وقفُ
أَترَكتَني دِنفاً ورحتَ مُعافى
أَترَكتَني دِنفاً ورحتَ مُعافى / مَهلاً فَدَيتُك ما كَذا مَن صافى
هَلّا ذكرتَ لَيالياً بتنا بها / نَرعى النُجومَ ونذكر الأُلافا
كيفَ اِنفرادُك بعد أَن كنّا معاً / حاشا لمثلكَ ينقضُ الأَحلافا
أَنسيتَ لا أَنسيتَ فضلَ صبابةٍ / كنّا بِها نَستَسعفُ اِستِسعافا
فاليوم رحتُ وقد قَويتَ على الهَوى / وجوانحي أَمست عليه ضِعافا
وأَلِفتَ آنسَ مضجعٍ متبوّأ / وَمضاجعي لا تعرفُ الإِيلافا
لَو كنتَ تحفظُ في الهَوى أَنصفتني / أَو كنتَ تعرفُ في الهَوى إِنصافا
أَتظلُّ تُسقى في الغَرام سُلافة / وأَظلُّ أسقى في الغَرام ذُعافا
وأَبيتُ في حرِّ الغَرام مُقاطِعاً / وَتَبيتُ في بَرد الوصال مُوافى
ما جارَ من منع الحَبيبَ وإنَّما / جارَ الَّذي أَخذَ الحَبيبَ وحافا
ناصَفتَني حملَ الهَوى وتركتني / حتّى حملتُ من الهوى أَضعافا
فليهنكَ اليومَ الوصالُ فإنَّني / باقٍ وإِن أَخلفتني إِخلافا
بَكيتُ أَسىً لو ردَّ عنكِ البُكا حَتفا
بَكيتُ أَسىً لو ردَّ عنكِ البُكا حَتفا / وأعولتُ وجداً لو شَفت عَولةٌ لَهفا
أُغالبُ فيكَ الوجدَ والوجدُ غالبٌ / وَأيد اِصطِباري لم يزَل واهياً ضَعفا
وَهَل لامرئٍ أَودى الرَدى بجنَانِه / عزاءٌ وكفُّ الدَهر جذَّت له كفّا
لكِ اللَهُ من يُمنى طوتها يَدُ البلى / وَعينٍ رَمت عينُ الرَدى نحوها طَرفا
وَدَوحةِ مَجدٍ بالمَعالي وَريقةٍ / أَلَمَّت بها الأَقدارُ حتّى ذَوت عَصفا
وَشَمسِ عُلاً بالمكرُمات منيرةً / أَتاحَت لها الأَيّامُ من خطبها كَسفا
وَذاتِ حجابٍ بالعَوالي منيعةٍ / يَمدُّ عليها المَجدُ من صَونها سَقفا
نُعاني لها الناعونَ حُزناً وإنَّما / سَقاني بها الناعونَ كأسَ الأَسى صِرفا
أَأُختيَ إِن أَمسيتِ رهنَ مقابرٍ / فَقَلبيَ قد أَمسى على حُزنه وَقفا
تكاثرني الأَشجانُ فيكِ وإنَّما / تكاثرُ مضنىً شفّ بالوَجدِ أَو أَشفى
لئن كانَ أَخفى القَلبُ يوماً تجمُّلاً / جَواهُ فقد أَبدى لرزئِكِ ما أَخفى
وَلي كربةٌ قد باينَ الصبرُ لهفَها / فَها أَنا أَنزو في حبائلها رَجفا
أَبيتُ بهاجا في المبيتِ وقد وَرَت / بجَنبيَّ نارٌ من جَنانيَ لا تَطفا
أَراوحُ ما بين اليدين على الحَشا / وأُسبلُ من جَفني لها مَدمعاً وَكفا
وَلَو وعيَت أَذناك كثرَ تأوُّهي / عَلمت إِخائي ما أَبرَّ وَما أَصفى
وَكَم عبرةٍ لا تملكُ العَينُ ردَّها / وَجأتُ بها مَقروحَ جَفنيَ إِذ أَغفى
وَزفرةِ وجدٍ رمت بالصَبر كظمَها / فَما كدتُ حتّى أَعقَبتني الأَسى ضِعفا
فَلِلَّهِ دَهرٌ لا تَزال صروفُه / إِذا ما اِنقضى صَرفٌ أَتاحَت لنا صَرفا
عليَّ لأَصنافِ الرَزايا تناوبٌ / أُساور منها كلَّ آونةٍ صِنفا
أَفي كلِّ عامٍ لي قَريبٌ يَروعُني / برُزءٍ وَإِلفٌ يخلفُ الحزنَ لي أَلفا
إِلى اللَه أَشكوها نوائبَ جمّةً / وَصَرفَ زَمانٍ لا أُطيق له صَرفا
كَذاكَ خطوبُ الدهر تعدو على الوَرى / فَكَم أَسبَلَت طَرفاً وَكَم سَلَبَت طِرفا
وَكَم أَنزلَت من شامخ المَجدِ ماجِداً / تشيد له العَلياءُ من عزِّهِ كَهفا
إِذا رامَ أَمراً هزَّ أَسمرَ عاسِلاً / وإِن سُئِل المَعروفَ هزَّ له عِطفا
أَناخَت عليه لم تراقب له عُلاً / فألوَت به خَسفاً وأَزرت به عَسفا
وَلَم تَرع إِذ أَمّته جرداءَ سابحاً / وأَجردَ يَحموماً وَناجيةً حَرفا
وَكَم قد سَبت من مَعقِل العزِّ حُرَّةً / تَوَدُّ الثريّا أَن تَكونَ لها شَنفا
تخطَّت إِليها مُرهفات بواتراً / وَخَطّيَّةً سمراً وماذيَّة زغفا
فأَخنَت عليها لا تهاب جموعَها / وَلَم تخشَ سِتراً قد أُذيلَ ولا سجفا
وَها أَنا قد حاوَلتُ صَبري تأَسّياً / وَكيف التأَسّي والأَسى لم يزل حِلفا
أَبى الوَجدُ إِلّا أَن أريقَ مدامعاً / تبادرُني لا أَستَطيعُ لَها كفّا
فَيا قَبرَها لا زلتَ أَشرفَ حُفرةٍ / تشبَّثُ أَذيالُ النَسيم بها عَرفا
يؤمُّكَ رضوانٌ من اللَه واسعٌ / يقرِّب من ضُمِّنتَ من رَبِّها زُلفا
وَلَستُ بمُستَسقٍ لكَ المزن ما همى / لجفنيَ دَمعٌ لا أُبالي له نَزفا
لؤمتُ إِذا لَم أسقكَ الدمعَ هاطِلاً / وأَصبحت أَستَسقي لك الديمَ الوطفا
لَيسَ اِحمرارُ لحاظه عن علَّةٍ
لَيسَ اِحمرارُ لحاظه عن علَّةٍ / لكن دمُ القَتلى على الأَسيافِ
قالوا تشابَه طرفُه وَبنانُه / وَمن البَديع تشابُه الأَطرافِ
هدَّ الحِمام لآل عبدِ مَناف
هدَّ الحِمام لآل عبدِ مَناف / جبلاً أَنافَ عُلاه أَيَّ مَنافِ
أَودى بأَبلج من ذؤابةِ هاشمٍ / يَجلو بغرَّته دُجى الأَسدافِ
بالضَيغم الفتَّاك بَل بالصارم ال / بَتّاك بل بالجوهر الشفّافِ
من لَم يَزَل من بأسِه وَنوالِه / مُردي العداة وموردَ الأَضيافِ
من لَم يزل للواردين حياضَه / ذا ماء يُرويهم بعذبٍ صافِ
من لم يزل للقاصدين جنابه / رحبَ الفِناء موطّأَ الأَكنافِ
مَن لَم يَزَل للطالبينَ علومَه / بالكشف يُغنيهم عن الكشّافِ
من لم يزل يُملي جَليلُ جَميله / أَوصافَه العُليا على الوصّافِ
من كانَ يطربُ من سؤال عُفاتِه / طربَ النَّشاوى من كؤوسِ سُلافِ
لِلَّه أَيَّ رزيَّةٍ رُزِئت به / لا يُستقال تلافُها بتلافِ
رغمت أنوفُ السَمهريَّةِ والظُبى / لمّا أصِبنَ بمُرغمِ الآنافِ
بالموردِ السُمر العِطاش من الكُلى / يومَ النِزال ومُطعم الأَسيافِ
وَتقوَّضت عَمدُ المواهب وَالنَدى / لما رُزئن بواهبِ الآلافِ
ومطوِّقِ الأَعناق من أَفضاله / بثقالِ أَطواقٍ عليه خِفافِ
أَقُريشُ قد ذهبَ الإِلافُ فمن لكم / من بعد أَحمدَ في الورى بإلافِ
أَبني الهواشم إِنَّ طودكم هوى / وأَرى النفوسَ على هَواهُ هَوافي
ذهب الَّذي أَحيا وجدَّدَ فضلُه / لبني النبيّ مآثرَ الأَسلافِ
وَطَوى الرَدى من كان ينشرُ في الوغى / حُللَ الرَدى قسراً على الأَعطافِ
إِنّي لأُقسمُ عن يَمينٍ بَرَّةٍ / قسمَ المحقِّ وَلَستُ بالحلّافِ
ما خصَّ رزؤك يا اِبن فاطم عصبةً / لكنَّه عمَّ الوَرى بتلافِ
هذي جموعُ المكرمات بأَسرِها / فصم المنونُ وِفاقَها بِخلافِ
عادت بحارُ المجد بعدَك والعُلى / يَبَساً وآذنَ ماؤُها بجَفافِ
وَغدت نفوسُ أولي العُلى معتلَّةً / لما ذهبتَ ولم تجد من شافِ
وَبَنو الرجاء تبدَّلت أَنوارُها / بغياهِبٍ وشِهادُها بذُعافِ
وَتَضَعضَعت أَركانُ كلِّ قبيلةٍ / وتشبَّه الأَذنابُ بالأَعرافِ
والأسدُ قد فقدت لأجلك بأسَها / فغدت براثنُهنَّ كالأَظلافِ
من يُرتَجى للجودِ بعدَك والنَدى / والفضلِ والإِسعاد والإِسعافِ
هَيهات إِنَّ المكرُماتِ جميعَها / طارَت بهنَّ قوادمٌ وخَوافِ
يا دُرَّةً سمح الزَمانُ لنا بها / حيناً وأَرجعها إلى الأَصدافِ
لا كانَ رزؤك في الرَزايا إِنَّه / شَرَقُ الكرام وغصَّةُ الأَشرافِ
عَجَباً لوجهك كيف إِذ غَشَّوه لَم / يغشَ العيونَ بنوره الخَطّافِ
عجباً لنعشِك كيف لم يُوهِ الطُلى / لما غَدا يَعلو عَلى الأكتافِ
عَجَباً لمودعِك المقابرَ كيفَ لم / يودِعكَ بين جوانحٍ وَشِغافِ
عجباً لقبركَ كيف لا يَعلو على ال / قَمَرين في الإِشراق والإِشرافِ
فُجئَ الأَنامُ عِشاً بِنعشك سائِراً / فتبادَروا أَركانَه بطوافِ
وَفَروا جيوبَهمُ عليك وَبادَروا / من حسرةٍ عَضّاً على الأَطرافِ
وَمَروا من الأَجفانِ سحبَ مدامعٍ / تَبكي عليكَ بهاطلٍ وكّافِ
لا غروَ إِذ كانوا بسوحكَ في غنىً / عَن مربعٍ نَضِرٍ وعن مُصطافِ
إِن كفَّنوكَ فإِنَّ جسمَك لَم يَزل / يَختالُ في بُردي تُقىً وعَفافِ
أَو غسَّلوكَ فَلَن تَزال مُطَهّر ال / أَقوال والأَفعال والأَوصافِ
أَو حنَّطوكَ فَلا تَزال مطيَّباً / طيباً تضوعُ به قُرىً وَفَيافي
صلّى عليك اللَهُ قبل صَلاتِهم / وَحباكَ بالرِضوان والأَلطافِ
يا سيِّدَ الآباءِ سَمعاً لاِبنك ال / مُضنى فقد أَضناه طولُ تجافِ
قد كنتَ بي برّا وكنتَ مواصلاً / وَجَميلُ بِرِّك كافلٌ لي كافِ
فاليومَ ما لكَ قد أَطلتَ تجنُّبي / وَهجرتَني هجرَ الحَبيبِ الجافي
أَجَفاً وما عوَّدتني منك الجَفا / وَعَظيمُ حزني ليس عنك بخافِ
لا بل طوتكَ يَدُ البِلى ومُنِعت عن / ردِّ الجوابِ لسائلٍ ولعافِ
وَلَو اِستَطعتُ لكَ الفِداء لكُنتهُ / وَوقيتُ جسمك من ثَرى الأَجدافِ
لكنَّني باقٍ على حُسن الوَفا / حتّى أَراك به على الأَعرافِ
لا زال يُتحفُكَ الإلهُ برحمةٍ / من فضله بلطائف الإتحافِ
وَعليكَ منّي ما حَييتُ تحيَّة / تغشى ضَريحَك دائماً وتوافي
قُم هاتِها وحسامُ الفَجرُ مُنذلقُ
قُم هاتِها وحسامُ الفَجرُ مُنذلقُ / صَهباءَ منها ضياءُ الصُبح ينفلقُ
لم تَدرِ حين توافيها أَصبغتها / تَلوحُ أَم وجنةُ الساقي أَم الشَفقُ
كأَنَّها في الدُجى شَمسٌ تُضيء لنا / فَينجَلي عن سَنى أَنوارها الغَسقُ
أَلقَت على الصُبح نوراً من أَشعَّتِها / فاِحمرَّ من خجلٍ من نورها الأُفُقُ
عذراءُ تُغضي حَياءً من مُلامِسها / فَيَستَحيلُ حَباباً فوقها العَرقُ
إِذا تجلّى لنا من أفقِها قدحٌ / دارَت نِطاقاً على حافاتِه الحدقُ
وإِن جَلاها بلا مزجٍ مُشَعشعُها / يَكادُ من لهبِ اللألاءِ يَحتَرِقُ
تخالُها شفقاً حتّى إِذا لَمعَت / حسبتَها البرقَ في الظَلماءِ يأتلقُ
من كفِّ أَغيدَ في خلخاله حَرَجٌ / إِذا تَثَنّى وفي أَجراسِهِ قَلقُ
يُديرُها وهو مهتزٌّ لها طَرباً / كأَنَّما هزَّهُ من رَوعةٍ فَرَقُ
في خَدِّه وَمحيّاه ومبسَمهِ / نارٌ ونورٌ ونورٌ نشرُهُ عَبِقُ
يَجلو دُجى فَرعه لألاءُ غُرَّته / كأَنَّما اِنشقَّ عن أَزاراه الفَلقُ
تَرى النَدامى سُكارى حين تلحظُه / كأَنَّهم من حُميّا لحظه اِغتَبقوا
يُغضي بذي كَحَل بالسِحرِ مُكتحلٍ / وَسنانَ ما راعه سُهدٌ ولا أَرقُ
ظَبيٌ ولكنَّه بالدُرِّ متَّشحٌ / بدرٌ ولكنَّه بالتِبر مُنتطِقُ
تَطيب ريّا شذاهُ كلَّما نسمَت / كالمِسكِ يَزدادُ طيباً حين يُنتَشَقُ
كَم من أَحاديثَ أَبداها تعتّبُه / كأَنَّها دُرَرٌ قد ضمَّها نَسَقُ
فودَّ كاشحُنا لو ناله صمَمٌ / إِذ باتَ من كثبٍ للسَمع يَستَرِقُ
مزجت كأسَها بخمرٍ وريق
مزجت كأسَها بخمرٍ وريق / وَتَثنَّت كغصن بانٍ وَريقِ
وأَماطَت لثامَها عَن مُحيّاً / لَو تَجلّى للبدر قال شَقيقي
وأَدارَت على النَدامى مُداماً / أَذكَرتنا لَياليَ التَشريقِ
وَجلَت إِذ تبسَّمت مِن لَماها / خمرَ ريق في أَكؤسٍ من شَقيقِ
كَم رَشيقٍ بأَسهم اللَحظ منها / وَطعينٍ برمح قدٍّ رَشيقِ
غادَةٌ كلَّما نظرتُ إِليها / بسمت لي عَن لؤلؤٍ في عَقيقِ
وَمهاةٌ أَسكنتُها من ضلوعي / وَدُموعي بالمُنحنى وَالعقيقِ
رقَّ شعري لخصرِها الرَقِّ فاِعجب / لِلآلٍ بِيعت بسوقِ الرَقيقِ
كَم غَدونا نجرُّ ذيلَ التَصابي / بِصَبوحٍ من كأسِها وَغَبوقِ
وَاللَيالي ولا أَذمُّ اللَيالي / جَمعت بين شائقٍ ومَشوقِ
مَع خَلٍّ من الملام خليٍّ / وَرَفيقٍ مهذَّبٍ بي رَفيقِ
وَلَمّا اِلتَقينا بالغوير عشيَّةً
وَلَمّا اِلتَقينا بالغوير عشيَّةً / وَفازَ بما يَرجو مشوقٌ وَشائقُ
تبسَّم من أَهوى فَقُلتُ لصاحبي / بلغتُ المنى هَذا العذيبُ وَبارقُ
وَلاح فقال الصبحُ هَذا تبلُّجي / أَيكذبُ هَذا الصُبح والصبحُ صادقُ
وَفاحَ فقال الروضُ نافحُ عبقتي / وَهَل نفحت بالمسك قطُّ حَدائقُ
وَماسَ فقال الرمحُ تلك مَعاطِفي / مَتى أَزهرت فوقَ الرِماح الشَقائقُ
وَفاهَ بِنُطقٍ خالَه الدرُّ نظمَه / وَهَل لَفَظَ الدرَّ المنظَّم ناطِقُ
وأَرخى أَثيثاً أَوهمَ الليلَ لونُه / ومن أَينَ للَّون البَهيم مَفارِقُ
وَأَبدى لحاظاً أَقسمَ الريمُ أَنَّها / لواحظُه لَولا السِهامُ الرَواشقُ
وَكلُّهم قد كادَ يَحكيه مُشبِهاً / ولكنَّ من أَهوى على الكلِّ فائقُ
لا تَقل البَدرُ لاحَ في الغَسَقِ
لا تَقل البَدرُ لاحَ في الغَسَقِ / هَذا سوادُ القُلوب والحَدقِ
إِنسانُ عَيني بدا بأَسودِها / فَعادَ لي إِذ رمقتُه رَمَقي
يا لابِساً للسَواد طبتَ شَذاً / ما المسكُ إلّا من نشرِك العَبِقِ
لبستَ لونَ الدُجى فسُرَّ وقد / أَغرتَ ضوءَ الصَباحِ في الأُفقِ
حتّى بَدا فيه وهو مُنفَلقٌ / يشقُّ ثَوبَ الظَلام من حَنَقِ
وربَّ ساقٍ قلبُه قَلبه
وربَّ ساقٍ قلبُه قَلبه / أَفديه من قاسٍ ومن ساقِ
تحاربَ العشّاق في حُسنه / وَقامَت الحَربُ على ساقِ
ذكرتُكم والدُجى شالَت نَعامتُه
ذكرتُكم والدُجى شالَت نَعامتُه / والأُفقُ يستنُّ فيه ساطعُ الفَلقِ
وَلِلصَباح نَسيمٌ قد تأَرَّج من / رَيحانةِ الفجر أَو من وردَة الشَفَقِ
قُلتُ له وَالدَمعُ في وَجنتي
قُلتُ له وَالدَمعُ في وَجنتي / مِن لَوعةِ الأَشجانِ مَدفوقُ
لَيسَ كمثلي في الوَرى عاشقٌ / قالَ ولا مثليَ مَعشوقُ
عَسى ما عَسى من عودِ شمليَ يكتَسي
عَسى ما عَسى من عودِ شمليَ يكتَسي / بعَودِهم بعد التسلُّب أَوراقا
فَلَم يصفُ لي من بَعدهم قطُّ مورِدٌ / ولا لذَّ لي عَيشٌ وإِن طابَ أَو راقا
يا كَوكَباً لَم تحوِهِ الأَفلاكُ
يا كَوكَباً لَم تحوِهِ الأَفلاكُ / وَبعارِضيه مِرزَمٌ وَسِماكُ
يُحيي بطلعَتِهِ النفوسَ ولحظُه / لدماءِ أَربابِ الهوى سَفّاكُ
اِغمد شَباكَ عن القلوب وصِد بأه / دابِ الجُفون فإِنَّهنَّ شِباكُ
أَسرَ الغَرامُ لكَ النفوسَ بأَسرِها / قَسراً فما يُرجى لَهُنَّ فكاكُ
أَنّى يُرجّى مِن هواك فكاكُها / من بعد ما عَلِقَت بها الأَشراكُ
خفَقت عليكَ قُلوبُ أَربابِ الهوى / حتّى غَدَونَ وما بهنَّ حراكُ
لكَ في القَبائلِ نسبةٌ بجمالها / تَسمو الحُبوشُ وَتفخر الأَتراكُ
ما كُنتُ أَحسب للدُموع بَوارِقاً / حتّى تلألأَ ثغرك الضَحّاكُ
بشفاته ماءُ الحياة لأَنفُس / أَودى بهنَّ من الصُدود هلاكُ
ما ذقتُ موردَها ولكن هَكَذا / نقلَ الأَراكُ وحدَّث المِسواكُ
قل للأَراك أَراك تلثم مَبسِماً / ما راحَ لاثمُه سِواكَ سِواكُ
لَو أَبصر النُسّاكُ بارقَ ثغره / ضَلَّت سَبيلَ رشادِها النُسّاكُ
سيّان في نَهب النُفوس وَسفكها / حَدُّ الحسام وطرفُه البتّاكُ
ظبيُ الصَريم إِذا تلفَّت أَو رنا / وإِذا سطا فالضَيغَمُ الفتّاكُ
وأَنا الَّذي في الحُبِّ مُذ وحَّدتُه / ما شانَ توحيدي له إِشراكُ
وَعَلى التَفنُّن في محاسن وصفِهِ / ما حامَ حَولَ أَقلِّها الإِدراكُ
لَولا أَبي وأَبي الرَضيُّ المُرتَضى / لَم يثنِني عَن وصفِه اِستِدراكُ
السيِّدُ الندبُ الهمامُ أَخو العُلى / من أَذعنَت لجلاله الأملاكُ
هو شَمسُ مجدٍ أَشرقت بضيائها / ظُلَمُ الدُجى وأَنارت الأَحلاكُ
طافَت بكعبة جوده يَومَ النَدى / عُصَبُ الوفود ولاذت الهُلّاكُ
الأَلمعيُّ إِذا اِدلهمَّت طَخيَةٌ / عمياءُ فهو لِسترها هتّاكُ
وَاللوذعيُّ إذا تَسامَت رُتبةٌ / قَعساءُ فهو لنيلها دَرّاكُ
وَالهِبرزيُّ إذا تغالَت خَصلَةٌ / علياءُ فهو لرقِّها ملّاكُ
فلجيدِه دُرَرُ المدائح تُنتَقى / وَلجوده بُردُ الثَناءِ يُحاكُ
سَمعاً أَخا العَلياء مدحةَ ناظم / نَثرَت لآلئِها له الأَسلاكُ
يَدعوكَ بعدَ أَبيه في الدُنيا أَباً / فَكِلاكما للمكرُماتِ ملاكُ
يا لَيتَ شِعري كيف رأَيُك بعدَما / حال الزَمانُ ودارَت الأَفلاكُ
هَل قائِمٌ عُذري لديكَ بما مَضى / منّي وَقَلبي بالخطوب يُشاكُ
أَم آخِذٌ في العتب أَنتَ وتاركي / حَرضاً وأَنتَ الآخذُ التَرّاكُ
ما كانَ إِهمالي الجوابَ لجفوَةٍ / لا والَّذي دانَت له الأَملاكُ
لكن مخافةَ أَن يَقولَ وَيَفتري / عنّي المحالَ الكاذِبُ الأفّاكُ
وإِليكَها منّي عَروساً لم يكن / لِسوى ودادِك عندها إِملاكُ
لا زلتَ مقصودَ الجَناب مُمَجَّداً / ما لاحَ بَرقٌ واِستهلَّ سِماكُ
آهِ يا حبلَ النَّوى ما أَطولَك
آهِ يا حبلَ النَّوى ما أَطولَك / قطع اللَّهُ زَماناً وصلَك
حكم الدَهرُ بأَسبابِ النَوى / وَقَضى فينا بما شاءَ الفَلك
ذُبتُ وَاللَهِ غَراماً وأَسىً / من فراق لاكَ قَلبي وَعَلَك
عجَّل الدَهرُ وَلَم يرفُق بنا / آه يا دهرَ النوى ما أَعجلَك
ذبتَ يا قَلبُ غَليلاً بعدهم / وَبهم ما كانَ أَروى غَلَلَك
كَم وَكَم أَملٍ نلتَ بهم / حيث لَم تَقضِ اللَيالي أَملَك
ليتَ دهراً كانَ أَغراكَ هوىً / بهمُ قد كانَ يوماً عذلَك
هَل تَرى بعد التَنائي لهمُ / رجعةً يَحيا بها من قد هَلَك
أَيُّها النائي على وَجدٍ بنا / بعدما جازَ فؤادي وَمَلَك
إِن تَعد يَوماً على رَغم النَوى / تجد القَلبَ كما قد كانَ لَك
بين العُذيب وبين بُرقةِ ضاحكِ
بين العُذيب وبين بُرقةِ ضاحكِ / غَرّاءُ تبسمُ عن شتيتٍ ضاحكِ
في حيِّها للعاشقينَ مصارِعٌ / من هالكٍ فيها ومن مُتَهالِكِ
تَسطو مَعاطِفُها وَسودُ لحاظِها / بمثقَّفٍ لَدنٍ وأَبيضَ باتِكِ
لا تَستَطِب يَوماً مواردَ حُبِّها / ما هنَّ للعشّاق غير مهالِكِ
فتكت بأَلباب الرجال ولم تَصُل / بسوى فواتن للقلوب فواتِكِ
يُرديكَ ناظرُها وَيُغضي فاِعجبَن / من فاسقٍ يَحكي تعفُّفَ ناسِكِ
هجرت وما اِتَّسعت مسالكُ هجرها / إِلّا وَضاقَت في الغَرام مَسالكي
وَلَقَد أَبيتُ على القَتاد مسهَّداً / وَتَبيتُ وَسنى في مِهادِ أَرائِكِ
لا تَستَعِر جلداً على هجرانِها / إِن كنتَ في دَعوى الغَرام مُشاركي
واِترك حديث المُعرضين عن الهَوى / يا صاحبي إِن كنت لستَ بتاركي
وإِذا دَعاكَ لبيع نفسِكَ سائِمٌ / في حبِّها يَوماً فبِعه وَبارِكِ
إِنَّ الَّتي فتنتكَ لَيلةَ أَشرقت / إِشراق شَمسٍ في دُجنَّة حالِكِ
لا تَصطَفي خِلّا سوى كلِّ امرئٍ / صبٍّ لأَستار التنسُّك هاتكِ
فاِخلع ثيابَ النُسك فيها واِسترح / مِن إِفكِ لاح في الصَبابة آفِكِ
أَو لا فَدَع دَعوى المحبَّة واِجتَنِب / نَهجَ الغَرام فَلَستَ فيه بِسالِكِ
وإِذا بَدا منها المحيّا فاِستعذ / من سافر لدم الأَحبَّة سافِكِ
كَم مِن مُحبٍّ قَد قَضى في حبِّها / وَجداً عليه فَكان أَهونَ هالِكِ
ملكت نفوسَ أُولي الغَرام بأَسرها / هلّا اِتَّقيتِ اللَه يا اِبنةَ مالِكِ
حسبي وُلوعاً في هَواكِ ولوعةً / إِن تَطلبي قَتلي ظِفرتِ بذلكِ
أَلا هَل درت من أَقصَدَت أَسهمُ الهُلكِ
أَلا هَل درت من أَقصَدَت أَسهمُ الهُلكِ / فأَصبح عقدُ المَجد منفصمَ السِّلكِ
وَهَل عَلِمت ماذا جنته يَدُ الرَدى / لَقَد فتكت ويلُ اِمِّها أَيَّما فتكِ
أَباحَت حِمىً ما راعه قطُّ حادِثٌ / وأَردت فتىً للأَخذ يُدعى وَللتَركِ
أَصمَّت برُزءٍ عمَّ فادحُه الوَرى / وَخُصَّ به بيتُ النبوَّة والمُلكِ
فأَيُّ فؤادٍ لا يَذوبُ من الأَسى / وأَيَّةُ عين لا تَفيض ولا تَبكي
أَصمَّت بزين العابدين نُعاته / فَكَم ثَمَّ من سمع بمعناه مستكِّ
سَرى نعيُه قبل اليَقين ولَم أَكن / لأَحسبُه إِلّا مَقالاً من الإِفكِ
عَلى أَنَّه أَقذى العيونَ وأَوشكت / صدورُ العُلى وَالمجد ترفضُّ من ضَنكِ
فَلَمّا تجلّى للقلوب يَقينُه / وَدُكَّت له شمُّ الذُرى أَيَّما دَكِّ
بَكى حَزَناً من كان لا يعرفُ البُكا / وأَنشد كلٌّ مقلتيه قِفا نبكِ
وأَمسَت بِقاعُ الفضل عاطلة السُرى / وأَضحت بحارُ المجد راكدةَ الفُلكِ
لَقَد كانَ شكّي فيه أَبردَ للحَشا / فَيا لَيتَني ما زلتُ منه عَلى شَكِّ
كَذا جِدُّ أَحداثِ اللَيالي وَصَرفِها / فَأَيُّ اِمرئٍ مدَّت إليهِ يَدَ الهلكِ
برغم العَوالي السمهريَّة والظُبى / أصيبَ ولم تطعن عليه ولَم تَنكِ
أَبا هاشِمٍ أَشرقتَ كوكب سُحرَةٍ / فَلا عَجَبٌ إِن غبتَ عنّا على وَشكِ
فقدتُك فقدَ الرَوض زَهرَ كمامه / وَرحتُ من الأَشجان أَبكي وأَستَبكي
لئن ظَلَّ صَبري عنك مُنفَصم العُرى / فَقَلبي من الأَحزان ليس بمُنفَكِّ
وإِن لَم أَكن أَبصرتُ شخصَك في الوَرى / فَما غابَ عنّي شَخصُ إِحسانك المَحكي
أعزّي أَباكَ البرَّ عنك وإِنَّني / وإِيّاه من وَجدٍ سهيمان في شِركِ
أَتَكتَحل الأَجفانُ بعدَك بالكرى / سلوّاً وتفترُّ الثغورُ من الضِحكِ
وَهَيهات ما في الأنس بعدك مطمَعٌ / وَلا لأسارى حزنِ يومكَ من فَكِّ
أَلوذُ بستر الصَبر عنك تجلُّداً / فَيأبى له عظمُ المصاب سِوى الهَتكِ
وإِن رُمتُ إِطفاءً لنار تلهُّفي / عليكَ غَدا حُزني لها أَبَداً يُذكي
ولَو رُدَّ عنك الحتفُ بالبأس لم يَقف / سِنانيَ عَن طعنٍ وَسيفيَ عَن بَتكِ
إِذاً خاضَ لُجَّ الموت دونكَ فتيةٌ / عَلى ضُمَّرٍ تَهوى الشَكائم بالعَلكِ
ولكن قضاءُ اللَه غَيرُ مُدافَعٍ / وأَحكامُه تَجري وَلَم تَخشَ من دَركِ
وَلِلَّه قَبرٌ ضمَّ جسمَك فاِنبرى / بطيب شذا ريّاكَ يهزأ بالمسكِ
فَكَم ضَمَّ من مَجدٍ وكم حازَ من عُلاً / وَكَم حاز من رُشدٍ وكم نال من نُسكِ
يعزُّ على أَرض الغريِّ وكربلا / وَطيبةَ ذات الطيب والحرم المكّي
بأَنَّك في أَرض سِواهنَّ مُلحَدٌ / وَلَو أَنَّه تَعلو السِماكين في السمكِ
فَلا برحت تَسقي ثراكَ مدامعٌ / تزيد على عِزِّ السَحائب في السَفكِ
أَبا ناصِرٍ لا يستفزنَّكَ الأَسى / عَلى حادِثٍ يُشكى إليه فَلا يُشكي
فإِنَّك طودٌ لا تَذلُّ لفادحٍ / وَهيهات طودُ المجد ليس بمنُدَكِّ
تأَسَّ بخير الخَلق آبائك الألى / بكت لرَزاياهم أَولو الدين والشِركِ
عَلى أنَّها لَم يُبقِ قبلك صَرفُها / عَلى سوقةٍ في العالمين ولا مَلْكِ
ولا تُبدِ للبأساءِ إِلّا تكرُّماً / وإِن بالغت في النَهر يَوماً وفي النَهكِ
وَكُن في صُروف الدَهر كالذهب الَّذي / يَزيدُ عياراً كلَّما زيد في السَبكِ
وَكَيفَ وأَنتَ النَدبُ لَو أَنَّ حاكياً / حكى عنك غير الصَبر كذَّبتُ ما يَحكي
أَفاضَ عليك اللَهُ درع وِقايةٍ / تقيكَ من الأَسواء موضونة الحَبكِ
ودم لا نأت للعزِّ عنك مآرِبٌ / ولا خرجت غرُّ العُلى لك عن مُلكِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025