المجموع : 152
أَمِنَ الْمُلْكِ حَسْبُكَ مِنْ أَمِينِ
أَمِنَ الْمُلْكِ حَسْبُكَ مِنْ أَمِينِ / وُقِيتَ نَوائِبَ الزَّمَنِ الْخَؤُونِ
لِيَهْنِ الْمُلْكَ أَنَّكَ بِتَّ مِنُْ / بِمَنْزِلَةِ الْخَدِينِ مِنَ الْخَدِينِ
وَلَوْ تُحْبا بِقَدْرِكَ كُنْتَ مِنْهُ / مَكانَ التّاجِ مِنْ أَعْلى الْجَبِينِ
سَمَوْتَ بِهِمَّتَيْ عَزْمٍ وَحَزْمٍ / وَطُلْتَ بِشِيمَتَيْ كَرَمٍ وَدِينِ
فَما تَنْفَكُّ مِنْ فَضْلٍ عَمِيمٍ / عَلَى الْعافِي وَمِنْ فَضْلٍ مُبِينِ
كَأَنَّكَ مُطْلَقُ الْحَدَّيْنِ ماضٍ / أَفاضَتْ ماءهُ أَيْدِي الْقُيُونِ
صَفاءُ خلائِقٍ وَبَهاءُ خَلْقٍ / فَسَعْداً لِلْقُلُوبِ وَلِلْعُيُونِ
كَأَيّامِ الصِّبا حَسُنَتْ وَرَقَّتْ / وَأَيّامِ الصَّبابَةِ وَالشُّجُونِ
ظَنَنْتُ بِكَ الْجَمِيلَ فَكُنْتَ أَهْلاً / لِتَصْدِيقِي وَتَصْدِيقِ الظُّنُونِ
وَما شيِمَتْ سَحابُ نَداكَ إِلاّ / سَحَبْتُ ذَلاذِلَ الْحَمْدِ الْمَصُونِ
فَما بالِي جُفِيتُ وَكُنْتُ مِمَّنْ / إِلَيْهِ الشَّوْقُ مَجْلُوبُ الْحَنِينِ
أَبَعْدَ تَعَلُّقِي بِكَ مُسْتَعيذاً / وَأَخْذِي مِنْكَ بِالْحَبْلِ الْمَتِينِ
يُرَشَّحُ لِلْعُلى مَنْ لَيْسَ مِثْلِي / وَيُدْعى لِلغِنى مَنْ كانَ دُونِي
أَرى عِيدانَ قَوْمٍ غَيْرَ عُودِي / مِنَ الأَثْمارِ مُثْقَلَةَ الْغُصُونِ
وَمالِي لا أَذُمُّ إِلَيْكَ دَهْرِي / إِذا الْمُتَأَخِّرُونَ تَقَدَّمُونِي
وَما إِنْ قُلْتُ ذا حَسَداً لِحُرٍّ / أَفاقَ الدَّهْرُ فِيهِ مِنَ الْجُنُونِ
وَلكِنَّ الْعُمُومَ مِنَ الْغَوادِي / أَحَقُّ بِشِيمَةِ الْغَيْثِ الْهَتُونِ
لَقَدْ قَبَضَ الزَّمانُ يَدِي وَأَعْيَتْ / عَلَيَّ رِياضَهُ الْحَظِّ الْحَرُونِ
وَما اسْتَصْرَخْتُ فَيْضَ نَداكَ حَتّى / عَنانِي مِنْهُ بِالْحَرْبِ الزَّبُونِ
بَقِيتَ لِرَوْحِ مَكْرُوبٍ لَهِيفٍ / دعاكَ وَفَكِّ مأْسُورٍ رَهِينِ
وَعِشْتَ مُحَسَّدَ الأَيّامِ تَسْمُو / إِلى الْعَلْياءِ مُنْقَطِعَ القَرِينِ
أَسْعَدَ اللهُ بِالْمَسِيرِ وَأَعْطى
أَسْعَدَ اللهُ بِالْمَسِيرِ وَأَعْطى / فِيهِ عَزْمَ الْوَزِيرِ نَجْحاً وَنَصْرا
وَحَباهُ الْمُرادَ فِيهِ وَأَسْنى / مِنْهُ ذِكراً يَبْقى وَأَعْلاهُ قَدْرا
غَيْرُ نُكرٍ أَنْ تُدْرِكَ الْحَظَّ فِيهِ / كَمْ هِلالٍ قَدْ عادَ بِالسَّيْرِ بَدْرا
أَما وَعِتاقِ الْعِيسِ لَوْ وَجَدَتْ وَجْدِي
أَما وَعِتاقِ الْعِيسِ لَوْ وَجَدَتْ وَجْدِي / لَقَيَّدَ أَيْدِي الْواخِداتِ عَنِ الْوَخْدِ
إِذاً عَلِمَتْ أَنَّ الْوَجى لَيْسَ كَالْجَوى / وَحَبَّبَ ما يُنْضِي إِلَيْها الَّذِي يُرْدِي
دَعاها نَسِيمُ الْبانِ وَالرَّنْدِ بِالْحِمى / وَهَيْهاتَ مِنْها مَنْبِتُ الْبانِ وَالرَّنْدِ
يَطِيرُ بِها لُبّاً عَلَى الْقُرْبِ وَالنَّوى / وَيَحْمِلُها شَوْقاً عَلَى الْجَوْرِ وَالْقَصْدِ
وَلَوْلا الْهَوى لَمْ تَرْضَ بِالْجِزْعِ حاجِراً / وَلَمْ تَهْجُرِ الْغَمْرَ النَّمِيرَ إِلى الثَّمْدِ
أَجِدَّكَ ما تَنْفَكُّ بِالْغَوْرِ ناشِداً / فُؤادَاً بِنَجْدٍ يا لِقَلْبِكَ مِنْ نَجْدِ
وَإِنِّي لَتُصْمِينِي سِهامُ ادِّكارِكُمْ / وَإِنْ كانَ رامِي الشَّوْقِ مِنِّي عَلَى بُعْدِ
تَمادِي غَرامٍ لَيْسَ يَجْرِي إِلى مَدىً / وَفَرْطُ سَقامٍ لا يُقِيمُ عَلَى حَدِّ
وَما أَنْسَ لا أَنْسَ الْحِمى وَأَهِلَّةً / تُضِلُّ وَمِنْ حَقِّ الأَهِلَّةِ أَنْ تَهْدِي
زَمانٌ إِخالُ الْجَهْلَ فِيهِ مِنَ النُّهى / وَحَبٌّ أَعُدُّ الْغَيَّ فِيهِ مِنَ الرُّشْدِ
غَنِينَ وَما نَوَّلْنَ نَيْلاً سِوى الْجَوَى / وَبِنَّ وَما زَوَّدْنَ زاداً سِوى الْوَجْدِ
عَواطِفُي يُعْيِي عَطْفُها كُلَّ رائِضٍ / ضَعائِفُ يُوهِي ضَعْفُها قُوَّةَ الْجَلْدِ
إِذا نَظَرَتْ بَزَّتْ قُلُوباً أَعِزَّةً / وَإِنْ خَطَرَتْ هَزَّتْ قُدُودَ قَناً مُلْدِ
غَوالِبُ فَتْكٍ لَمْ يَصُلْنَ بِقُوَّةٍ / طَوالِبُ ثَأْرٍ لَمْ يَبِتْنَ عَلَى حِقْدِ
مِنَ الْمُصِبِياتِ الْمُحْيِياتِ بِدَلِّها / عَلَى خَطَإٍ وَالْقاتِلاتِ عَلَى عَمْدِ
فَوَدَّعْنَّ بَلْ أَوْدَعْنَ قَلْبِي حَزازَةً / وَخَلَّفْنَ فَرْدَ الشَّوْقِ بِالْعَلَمِ الْفَرْدِ
خَلِيلَيَّ ما أَحْلى الْحَياةَ لَوَانَّها / لِطاعِمِها لَمْ تَخْلِطِ الصّابِ بِالشُّهْدِ
لَقَدْ حالَتِ الأَيّامُ عَنْ حالِ عَهْدِها / وَمَنْ لِي بأَيامٍ تَدُومُ عَلَى الْعَهْدِ
سَلَبْنَ جَمالِي مِنْ شَبابٍ وَثَرْوَةٍ / وَوَفَّرْنَ حَظِّي مِنْ فِراقٍ وَمِنْ صَدِّ
وَأَنْحَيْنَ حَتّى ما تَرَكْنَ بَوارِياً / عَلَى الْعَظْمِ منْ نَحْضٍ لِبارٍ وَلا جلْدِ
وَما شاقَنِي أَنْ لَسْتُ مُسْتَعْدِياً عَلَى / نَوائِبِها إِلاّ لِقِلَّةِ مَنْ يُعْدِي
وَلا بُدَّ أَنْ أَدْعُو لِدَفْعِ خُطُوبِها / كَرِيماً فَإِنْ كانَ ابْنَ سَعْدٍ فَيا سَعْدِي
فَما عَنْ كَمالِ الدِّينِ فِي الأَرْضِ مَذْهَبٌ / لِحُرٍّ أَحاجَتْهُ الْخُطُوبُ وَلا عَبْدِ
وَإِنَّ اعْتِصامِي بِالْوَزِيرِ وَظِلِّهِ / يَدٌ لِلنَّدى ما مِثْلُها مِنْ يَدٍ عِنْدِي
وَأَيُّ مَرامٍ أَبْتَغِي بَعْدَ جُودِهِ / كَفى الْغَيْثُ مَنْ يُجْدى عَلَيْهِ وَمَنْ يُجْدِي
وَها أَنا قَدْ أَلْقَيْتُ رَحْلِي بِرَبْعِهِ / إِلى السُّؤدُدُِ الْعادِيِّ والكَرَمِ الْعِدِّ
إِلى هَضْبَةٍ شَمّاءَ عَزَّتْ عَلَى الذُّرى / وَفِي جُنَّةٍ حَصْداءَ جَلَّتْ عَنِ السَّرْدِ
إِلى أَوْحَدٍ أُهْدِي لَهُ الْحَمْدَ وَحْدَهُ / بَحَقٍّ وَ لا يُهْدِي إِلَيَّ الْغِنى وَحْدِي
أَقَلُّ عَطاياهُ التَّوَقُّلُ فِي الْعُلى / وَأَدْنى سَجاياهُ التَّفَرُّدُ بِالْمَجْدِ
مُبِيدُ الْعِدى قَهْراً وَلَيْسَ بِمُعْتَدٍ / وَمُحْيِي الْوَرى بَذْلاً وَلَيْسَ بِمُعْتَدِّ
أَغَزُّ حِمىً مَنْ فازَ مِنْهُ بِذِمَّةٍ / وَأوْفَى غِنىً مَنْ باتَ مِنْهُ عَلَى وَعْدِ
فَتىً هَمُّهُ ما كانَ لِلْبِرِّ وَالتُّقى / وَمَغْنَمُهُ ما كانَ لِلأجْرِ وَالْحَمْدِ
مِنَ النّاقِدِينَ الْعاقِدِينَ عَنِ الْخَنا / مَآزِرَهُمْ وَالسّالِمِينَ عَلَى النَّقْدِ
مُجاوِرُهُمْ فِي الْخَوْفِ لِلْجارِ مَعْقِلٌ / وَوَفْدُهُمُ تفِي الْمَحْلِ مُنْتَجَعُ الْوَفْدِ
إِذا الْغَيثُ أَكْدى أَنْشَأَتْ مَكْرُماتُهُمْ / مَواطِرَ غَيْثٍ لا يُغِبُّ وَلا يُكْدِي
وإِنْ زَمَنُ الْوَرْدِ انْقَضى كانَ عِنْدَهُمْ / مَواهِبُ يُلْغى عِنْدَها زَمَنُ الْوَرْدِ
لَهُمْ مِنْ ذَوِي التِّيجانِ كُلُّ مُخَلَّدٍ / عَلَى فَقْدِهِ إِنَّ الثَّناءَ مِنَ الْخُلْدِ
وَمَجْدٌ حَماهُمْ طاهِرٌ أَنْ يُقَصِّرُوا / بِهِ عَنْ أَبٍ حازَ الْمَكارِمَ أَوْ جَدِّ
أَغَرُّ إِذا أَعْطى أَفادَ وَإِنْ سَطا / أَبادَ وَإِنْ أَبْدى أَعادَ الَّذِي يُبْدِي
مُنِيفٌ عَلَى هامِ الْمُسامِي كَأَنَّما / أطَلَّ مِنَ النَّشْزِ الْعَلِيِّ عَلَى وَهْدِ
يُرِيكَ اهْتِزازاً فِي الأَسِرَّةِ فَخْرُها / بِهِ واخْتِيالاً فِي الْمُطَهَّمَةِ الْجُرْدِ
وَتُعْزى إِلَيْهِ الْمَكْرُماتُ وَلَيْسَ لِلْ / كَواكِبِ أَنْ تُنْفى عَنِ الْقَمَرِ السَّعْدِ
جَدِيرٌ بِأَنْ يُبْدِي لَهُ عَفْوُ رَأْيِهِ / خَفِيَّةَ ما يُعْيِي الرِّجالَ مَعَ الْجَهْدِ
وَأَنْ يَسَعَ الأَمْرَ الَّذِي حَرِجَتْ بِهِ / مَذاهِبُ خَطِيِّ الْقَنا وَظُبى الْهِنْدِ
جَلَوْتَ الْقَذى عَنْ ناظِرِ الدِّينِ بَعْدَ ما / أَتاكَ بِعَيْنِ الشَّمْسِ في الأَعْيُنِ الرُّمْدِ
وَكُنْتَ ثِقافاً لِلْزَّمانِ فَلَمْ تَزَلْ / تُقَوِّمُ مِنْهُ كُلَّ أَعْوَجَ مُنْأَدِّ
فَلَمْ تُخْلِ سَرْحاً ذَلَّ راعِيهِ مِنْ حِمىً / وَلَمْ تُخْلِ ثَغْراً قَلَّ حامِيهِ مِنْ سَدِّ
أَخائِذُ دَيْنٍ باتَ يُمْنُكَ كافِلاً / لَهُ يَوْمَ أَمْضِيْتَ اعْتزامَكَ بالرَّدِّ
وَلَيْسَ بِبِدْعٍ مِنْكَ حَدُّ صَرِيمَةٍ / ثَنَتْ نُوَبَ الأَيّامِ مَفْلُولَةَ الْحَدِّ
وَفِي أَيِّ خَطْبٍ لَمْ تَكُنْ قاضِبَ الشَّبا / وَفِي أَيِّ فَضْلٍ لَمْ تَكُنْ ثاقِبَ الزَّنْدِ
كَأَنَّكَ مَجْبُورٌ عَلَى الْفَضْلِ وَحْدَهُ / فَمالَكَ مِنْ أَنْ تُدْرِكَ الْفَضْلَ مِنْ بُدِّ
إِلَيْكَ زَفَفْنا كُلَّ حَسْناءَ لَوْ عَدَتْ / عُلاكَ لَعادَتْ غَيْرَ مَلْثُومَةِ الْخَدِّ
مِنَ الْحالِياتِ الْعالِياتِ مَناصِباً / تُماثِلُ مِنْ قَبْلِي وَتَفْضُلُ مَنْ بَعْدِي
تُظَنُّ مُقِيماتٍ وَهُنَّ سَوائِرٌ / مُخَيِّمَةً تَسْرِي مُعَقَّلَةً تَخْدِي
رِواءٌ وَسَجدْفُ الْغَيْمِ لَيْسَ بِمُسْبَلٍ / ضَواحٍ وَجَيْبُ اللَّيْلِ لَيْسَ بمُنْقَدِّ
تَمُتُّ بِآمالٍ إِلَيْكَ كَأَنَّها / رِقابُ صَوادٍ يَعْتَرِكْنَ عَلَى وِرْدِ
وَما زِلْتَ لَبّاساً مِنَ الْحَمْدِ فَخْرَهُ / وَلكِنَّ غَيْرَ السَّيْفِ يَفْخَرُ بِالغِمْدِ
إِذا زَيَّنَ الْحَسْناءَ عِقْدٌ بِجِيدِها / فَأَحْسَنُ مِنُْ زِينَةً موْضِعُ الْعِقْدِ
أَتَيْتُكَ لِلْعَلْيا فَإِنْ كُنْتَ مُنْعِماً / فَبِالْعِزَّةِ الْقَعْساءِ لا الْعِيشَةِ الرَّغْدِ
إِذا نائِلٌ لَمْ يَحْبُنِي الْفَخْرَ نَيْلُهُ / فَإِنَّ انْقِطاعَ الرَّفْدِ فِيهِ مِنَ الرِّفْدِ
أَتَطْمَعُ فِي الْوُدِّ مِنْ زاهِدِ
أَتَطْمَعُ فِي الْوُدِّ مِنْ زاهِدِ / وَأَيْنَ الْخَلِيُّ مِنَ الْواجِدِ
وَكَمْ قَلَقْ لَكَ مِنْ ساكِنٍ / عَلَى سَهَرٍ لَكَ مِنْ راقِدِ
عَنانِي الْغَرامُ بِحُبِّ السَّقا / مِ شَوْقاً إِلى ذلِكَ الْعائِدِ
وَقَدْ كُنْتُ جَلْداً أَبِيَّ الْقِيا / دِ لَوْ أَنَّ غَيْرَ الْهَوى قائِدِي
وَمالِيَ فِي الدَّهْرِ مِنْ حامِدٍ / إِذا لَمْ أَعُذْ بِعُلى حامِدِ
هُوَ الْبَدْرُ يُشْرِقُ لِلْمُسْتَنِيرِ / هُوَ الْبَحْرُ يَزْخَرُ لِلوارِدِ
تَجَمَّعَ فِيهِ خِلالُ الْكِرامِ / وَقَد يُجْمَعُ الْفَضْلُ فِي واحِدِ
فَتىً يحْجُبُ الْفَضْلَ عَنْ طالِبِيهِ / وَلا يَحْجُبُ الرِّفْدَ عَنْ قاصَدِ
يَدُلُّ عَلَى جُودِهِ بِشْرُهُ / وَقَدْ يُعْرَفُ الرَّوْضُ بِالرّائِدِ
وَيَنْطِقُ عَنْ بَأْسِهِ سَيْفُهُ / بِشَيْطانِ فَتْكٍ لَهُ مارِدِ
وَمَنْ يَكُ مَوْلاهُ هذا الْمَجِيدُ / يَكُنْ فَوْقَ كُلِّ فَتىً ماجِدِ
يا أَيُّها النَّجْمُ ما وَفَّيْتُهُ لَقَباً
يا أَيُّها النَّجْمُ ما وَفَّيْتُهُ لَقَباً / وَأَنْتَ بَدْرٌ وَمِنْكَ الْبَدْرُ يَعْتَذِرُ
أَخُوكَ شَمْسٌ عَلَى الأَيّامِ طالِعَةٌ / فَكَيْفَ يُنْكِرُ خَلْقٌ أَنَّكَ الْقَمَرُ
لِلهِ يَوْمٌ سَقانا اللَّهْوُ وَالْمَطَرُ
لِلهِ يَوْمٌ سَقانا اللَّهْوُ وَالْمَطَرُ / بِهِ وَأُحْمِدَ مِنّا الْوِرْدُ وَالصَّدَرُ
يَوْمٌ كَفانا مِنَ اللَّذّاتِ أَنَّ بِهِ / لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ حَتّى زارَنا الْقَمَرُ
فِي قامَةِ الْغُصْنِ إِلاّ اَنَّهُ رَشَأٌ / فِي طَلْعَةِ الْبَدْرِ إِلاّ أَنَّهُ بَشَرُ
زِيارَةٌ لَيْتَ يَوْمِي لا يَكُونُ لَهُ / فِيها عِشاءٌ وَلَيْلِي ما لَهُ سَحَرُ
بِنَفْسِي مَنْ تُضِيءُ بِهِ الدَّياجِي
بِنَفْسِي مَنْ تُضِيءُ بِهِ الدَّياجِي / وَيُظْلِمُ حِينَ يَبْتَسِمُ النَّهارُ
وَمَنْ أَمَلِي لِزَوْرَتِهِ غُرُورٌ / وَمَنْ نَوْمِي لِفُرْقَتِهِ غِرارُ
يُكَدَّرُ وَصْلُهُ وَالْوُدُّ صافٍ / وَيَبْعُدُ كُلَّما قَرُبَ الْمَزارُ
وَأَحْلى ما ظَفِرْتَ بهِ وِصالٌ / إِذا هُوَ لَمْ يَشِنْهُ الانْتِظارُ
لاحَ الْهِلالُ كَما تَعَوَّجَ مُرْهَفا
لاحَ الْهِلالُ كَما تَعَوَّجَ مُرْهَفا / وَالْكَوْكَبانِ فَأَعْجَبا بَلْ أَطْرَفا
مُتَتابِعَيْنِ تَتابُعَ الْكَعْبَيْنِ فِي / رُمْحٍ أُقِيمَ الصَّدْرُ مِنْهُ وَثُقِّفا
فَكَأَنَّهُ وَقَدِ اسْتَقاما فَوْقَهُ / كَفٌّ تُخالِفُ أُكرَتَيْنِ تَلَقُّفا
لاحَ الْهِلالُ فَما يَكادُ يُرى
لاحَ الْهِلالُ فَما يَكادُ يُرى / سُقْماً كَصَبٍّ شَفهُ الْخَبْلُ
كَالْفِتْرِ أَوْ كَالْحَجْلِ قَدْ فَتَحَتْ / مِنْهُ الْكَعابُ لِتَدْخُلَ الرِّجْلُ
وَالزُّهْرَةُ الزَّهْراءُ تَقْدُمُهُ / فِي الْجَوِّ وَهْوَ وَراءَها يَتْلُو
كَالْقَوْسِ فُوِّقَ سَهْمُها فَبَدا / مُتَأَلِّقاً فِي رَأْسِهِ النَّصْلُ
دارٌ يَدُورُ بِها السُّرُورُ
دارٌ يَدُورُ بِها السُّرُورُ / أَبَداً وَيَسْكُنُها الْحُبُورُ
ما إِنْ تُخِلُّ بِمَجْلِسٍ / فِيهِ الْبُدُورُ أَوِ الْبُحُورُ
تَحْدُو الْكُؤُوسَ سُقاتُها / وَكَأَنَّها فَلَكٌ يَدُورُ
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى / وَأَجْرَيْتُ دَمْعاً شاقَهُ الْمَنْزِلُ الْقَفْرُ
فَلَوْ كُنْتَ يَوْمَ الْبَيْنِ شاهِدَ عَبْرَتِي / وَعَبْرَتِهِ لَمْ تَدْرِ أَيُّهُما النَّهْرُ
فَيا نَهْرَ ثَوْرا قَدْ أَثَرْتَ مِنَ الْهَوى / دَفِيناً أَجَنَّتْهُ الْجَوانِحُ وَالصَّدْرُ
فَلَو كانَ لِي صَبْرٌ كَفَفْتُ مَدامِعِي / وَلكِنَّ مَنْ يَشْتاقُ لَيْسَ لَهُ صَبْرُ
ثَمَرٌ كَأَنَّ بِهِ الَّذِي
ثَمَرٌ كَأَنَّ بِهِ الَّذِي / بِي مِنْ جَوىً فِيه اصْفِرارُ
أَبْقى الْهَوى أَثَراً بِهِ / وَالسُّكْرُ يَتْبَعُهُ الْخُمارُ
خِيارٌ حِينَ تَنْسُبُهُ خِيارُ
خِيارٌ حِينَ تَنْسُبُهُ خِيارُ / لرَيْحانِ السُّرُورِ بِهِ اخْضِرارُ
كَأَنَّ نَسِيمَهُ أَنْفاسُ حِبٍّ / فَلَيْسَ لِمُغْرَمٍ عَنْهُ اصْطِبارُ
أَقُولُ وَالْيَوْمُ بَهِيمٌ خَطْبُهُ
أَقُولُ وَالْيَوْمُ بَهِيمٌ خَطْبُهُ / مُسْوَدُّ أَوْضاحِ الضُّحى دَغُوشُها
يُظْلِمُ فِي عَيْنَيَّ لا مِنْ ظُلْمَةٍ / بَلْ مِنْ هُمُومٍ جَمَّةٍ غُطُوشُها
وَالنَّرْدُ كالنّلوَرْدِ فِي مَجالِها / أَوْ كَالْمَجُوسِ ضمَّها ما شُوشُها
كأَنَّها دَساكِرٌ لِلشُّرْبِ أَوْ / عَساكِرٌ جائِشَةٌ جُيُوشُها
وَلِلْفُصُوصِ جَوْلَةٌ وَصَوْلَةٌ / تُحَيِّرُ الأَلْبابَ أَوْ تُطِيشُها
قاتَلَها اللهُ فَلا بُنُوجُها / تَرْفَعُ بِي رَأْساً وَلا شُشُوشها
أُرْسِلُها بِيضاً إِذا أرْسَلْتها / كَأَنَّها قَدْ مُحِيَتْ نُقُوشُها
كَأَنَّنِي أَقْرَأُ مِنْها أَسْطُراً / مِنَ الزَّبُور دَرَسَتْ رُقُوشُها
كَأنَّ نُكْراً أَنْ أَبِيتَ لَيْلَةً / مَقْمُورُها غَيْرِيَ أَوْ مَقمُوشُها
تُطِيعُ تقَوْماغً عَمَّهُمْ نَصُوحُها / وَخَصَّنِي مِنْ بَيْنِهِمْ غَشُوشُها
يُجِيبُهُمْ مَتى دَعَوْ أَخْرَسُها / وَإِنْ يَقُولُوا يَسْتَمِعْ أُطْرُوشُها
مُذَبْذَبِين دَأْبُهُمْ غَيْظِي فَما / تَسْلَمُ مِنْهُمْ عِيشَةٌ أَعِيشُها
كَأَنَّ رُوحِي بَينَهُم أَيْكِيَّةٌ / راحَتْ وَكَفُّ أَجْدَلٍ تَنُوشُها
يَبْتِكُ مِنْها لَحْمَها وَتارَةً / تَكادُ تَنْجُو فَيُطارُ رِيشُها
إِذا احْتَبى أَبُو الْمُرَجّا فِيهِمُ / فَهامُنا مائِلَةٌ عُرُوشُها
كأَنَّما شَنَّتْ قُشَيْرٌ غارَةً / عَجْلانُها الْخُرّابُ أَوْ حَرِيشُها
كَأَنَّ تِلْكَ الْخَمْسَ مِنْهُ قُطِعَتْ / خَمْسُ أَفاعٍ مُرْعِبٌ كَشِيشُها
أَظْفارُها أَنْيابُها فَطالَما / نَيَّبَ قَلْبي وَيَدِي نَهُوشُها
لا يَأْتَلِي مِنْ ذَهَبٍ يَلُفُّهُ / مِنِّي وَمِنْ دراهِمٍ يَحُوشُها
وَمِنْ خِرافٍ لَهُمُ مِنْها الَّذِي / طابَ وَلِيَ ما ضُمِّنَتْ كُرُوشُها
وَمِنْ دَجاجاتٍ إِذا ما كرْدِنَتْ / كَأَنَّما شَكَّ فُؤادِي شِيشُها
أُرانِيَ مِنْ رَوْعاتِ بَيْنِكَ نازِلاً
أُرانِيَ مِنْ رَوْعاتِ بَيْنِكَ نازِلاً / عَلَى حَرَكاتٍ ما لَهُنَّ سُكُونُ
وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الأَسى غَيْرُ قاتِلِي / عَلَيْكَ وَأَنَّ الصَّبْرَ عَنْكَ يَهُونُ
لَمْ يَبْقَ عِنْدِي ما يُباعُ بِحَبَّةٍ
لَمْ يَبْقَ عِنْدِي ما يُباعُ بِحَبَّةٍ / وَكَفاكَ مِنِّي مَنْظَرٌ عَنْ مَخْبَرِ
إِلا بَقِيَّةُ ماءِ وَجْهٍ صُنْتُها / عَنْ أَنْ تبُاعَ وَأَينَ أَيْنَ الْمُشْتَرِي
ما عَلَى العُذّالِ مِنْ سَقَمِي
ما عَلَى العُذّالِ مِنْ سَقَمِي / أَبِجِسْمِي ذاكَ أَمْ بهِمِ
لائِمِي فِي الْحُبِّ وَيْحَكَ لَوْ / ذُقْتَ طَعْمَ الْحُبِّ لَمْ تَلُمِ
هَلْ تُرِيحُ الْجَفْنَ مِنْ سَهَرٍ / أَمْ تُداوِي الْقَلْبَ مِنْ أَلَمِ
يا دَهْرُ قَدْ عَدَّيْتُ عَنْكَ طِلابِي
يا دَهْرُ قَدْ عَدَّيْتُ عَنْكَ طِلابِي / وَمَلَلْتُ مِنْ أَرْيٍ لَدَيْكَ وَصاب
وَرَأَيْتُ صَرْفَكَ بِالْكِرامِ مُوَكَّلاً / فَعَرَفْتُ وَجْهَ غَرامِهِ بِعِقابِي
ما فَوْقَ جَوْرِكَ مِنْ مَزِيدٍ بَعْدَما / عِنْدِي فَذَرْنِي يا زَمانُ لِما بِي
أَتَظُنُّ أَنَّكَ ضائِرِي بِأَشَدَّ مِنْ / عُدْمِ الشَّبابِ وَفُرْقَةِ الأَحْبابِ
لا وَالَّذِي جَعَلَ الْغِنى بِأَبِي الْمُنى / سَهْلاً مَطالِبُهُ عَلَى الطُّلابِ
بِإَغَرَّ تُسْكِرُ صَحْبَهُ أَخْلاقُهُ / وَالْخَمْرُ جائِرَةٌ عَلَى الأَلْبابِ
خَضِلٍ أَنامِلُهُ مَتى أَسْتَسْقِهِ / فَالْغَيْثُ غَيْثِي وَالسَّحابُ سَحابِي
أَنا أَوْحَدُ الشُّعَراءِ فاحْبُ قَرائِحِي / بِكَ رُتْبَةً يا أَوْحَدَ الْكُتّابِ
إِنِّ خَلَعْتُ عَلَيْك بُرْدَ مَدائِحي / وَلَوِ اسْتَطَعْتُ خَلَعْتُ بُرْدَ شَبابِي
أَصُونُ لِسانِي وَالْجَنانُ يُذالُ
أَصُونُ لِسانِي وَالْجَنانُ يُذالُ / وَأَقْصِرُ بَثِّي وَالشُّجُونُ طِوالُ
وَأَحْبِسُ عَنْ قَوْمٍ عِنانَ قَصائِدِي / وَقَدْ أَمْكَنَ الطَّرْفَ الْجَوادَ مَجالُ
تُذَمُّ اللَّيالِي إِنْ تَعَذَرَ مَطْلَبٌ / وَأَوْلى لَعَمْرِي أَنْ تُذَمَّ رِجالُ
وَما أُلْزِمُ الأَيّامَ ذَنْبَ مَعاشِرٍ / لِدَرِّهِمُ قَبْلَ الرَّضاعِ فِصالُ
وَآلِ غِنىً جَمٍّ هُمُ الْبَحْرُ ثَرْوَةً / وَلكِنَّهُمْ عِنْدَ النَّوائِبِ آلُ
لَوَ أنَّ بِلالاً جاءهُمْ بِمُحَمَّدٍ / لَعادَ وَما فِي فِيهِ مِنْهُ بِلالُ
خَلِيلَيَّ ما كُلُّ الْعَسِيرِ بِمُعْجِزٍ / مَرامِي وَلا كُلُّ الْيَسِيرِ يُنالُ
وَلَيْسَ أَخُو الْحاجاتِ مَنْ باتَ راضِياً / بِعَجْزٍ عَلَى الأَقْدارِ فِيهِ يُحالُ
تَقَلَّبْتُ فِي ثَوْبِي رَخاءٍ وَشِدَّةٍ / كَذلِكَ أَحْوالُ الزَّمانِ سِجالُ
وَقَدْ وَسَمَتْنِي الأَرْبَعُونَ بِمَرِّها / وَحالَتْ بِشَيْبِي لِلْشَّبِيبَةِ حالُ
فَلَيْتَ الَّذِي أَرْجُو مِنَ الْعُمْرِ بَعْدَها / يَطِيبُ بِهِ عَيْشٌ وَيَنْعَمُ بالُ
يَقُولُ أناسٌ كَيْفَ يُعْجزُكَ الْغِنى / وَمِثْلُكَ يَكْفِيهِ الْفِعالَ مَقالُ
وَما عِنْدَهُمْ أَنَّ السُّؤالَ مَذَلَّةٌ / وَنَقْصٌ وَما قَدْرُ الْحَياةِ سُؤالُ
تَرَفَّعَتُ إِلاّ عَنْ نَدى ابْنِ مُحَسِّنٍ / وَخَيْرُ النَّدى ما كانَ فِيهِ جَمالُ
وَعِنْدَ وَجِيهِ الدَّوْلَةِ ابْنِ رَشِيدِها / سَماحٌ وَبَذْلٌ غامِرٌ وَنَوالُ
وَأَخْلاقُ غَيْثٍ كُلما جِئْتُ صادِياً / وَرَدْتُ بِهِنَّ الْعَيْشَ وَهْوَ زُلالُ
وَبِشْرٌ إِلى الزُّوّارِ فِي كُلِّ لَزْبَةٍ / بِهِ تُلْقَحُ الآمالُ وَهْيَ حِيالُ
تَدانَتْ بِهِ الْغاياتُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ / وَخَفَّتْ بِهِ الْحاجاتُ وَهْيَ ثِقالُ
وما البِشْرُ إِلاّ رائِدٌ بَعْدَهُ الْحَيا / أَلا إِنَّما وَعْدُ السَّحابَةِ خالُ
مَتى أَرجُ إِسمعيلَ لِلْعِزِّ وَالْغِنى / فَما هُوَ إِلاّ عِصْمَةٌ وَثِمالُ
فَتىً ظافَرَتْ هِمّاتُهُ عَزَماتِهِ / كَما ظافَرَتْ سُمْرَ الصِّعادِ نِصالُ
هُوَ الْبَدْرُ إِلا أَنَّهُ لا يُغِبُّهُ / عَلَى طُولِ أَوْقاتِ الزَّمانِ كَمالُ
مِنَ الْقَوْمِ ذادَ النّاسَ عَنْ نَيْلِ مَجْدِهِمْ / قِراعٌ لَهُمْ دُونَ الْعُلى وَنِضالُ
نِبالُ الْمَساعِي ما تَزالُ ثَوابِتاً / لَهُمْ فِي قُلُوبِ الحاسِدِينَ نِبالُ
إِذا قاوَلُوا بِالأَحْوَذِيَّةِ أَفْحَمُوا / وَإِنْ طاوَلُوا بِالْمَشْرَفِيَّةِ طالُوا
أُولئِكَ أَنْصارُ النَّبِيِّ وَرَهْطُهُ / إِذا عُدَّ فَخْرٌ باهِرٌ وَجَلالُ
أَأَزْعُمُ أَنْ لا مالَ لِي بَعْدَ هذِهِ / وَجُودُكَ ذُخْرٌ لِلْمُقِلّ وَمالُ
وَمَنْ سارَ يَسْتَقْرِي نَداكَ إِلى الْغِنى / فَلَيْسَ بِمَخْشِيٍّ عَلَيْهِ ضَلالُ
وَما جَوْهَرُ الأَشْياءِ وَالْخَلْقِ خافِياً / إِذا ما طِباعٌ مُيِّزَتْ وَخِلالُ
لَفَضَّلَ ما بَيْنَ السُّيُوفِ مَضاؤُها / وَفَضَّلَ ما بَيْنَ الرِّجالِ فِعالُ
تَأَخَّرَ عَنْكَ الْمَدْحُ لا عَنْ تَجَنُّبٍ / وَلكِنَّهُ الْمَعْشُوقُ فِيهِ دَلالُ
وَعِنْدِي ثَناءٌ لا يُمَلُّ كَما انْثَنى / إِلى عاشِقٍ بَعْدَ الصُّدُودِ وِصالُ
يُزانُ بِهِ عِرْضُ الْفَتى وَهْوَ ماجِدٌ / كَما زانَ مَتْنَ الْمَشْرَفِيِّ صِقالُ
وَلا بُدَّ لِي مِنْ دَوْلَةٍ بِكَ فَخْمَةٍ / بِها مِنْ صُرُوفِ النّائِباتِ أُدالُ
وَمِنْ نِعْمَةٍ خَضْراءَ عِنْدَكَ غَضَّةٍ / يُمَدُّ عَلَيْها لِلنَّعيمِ ظِلالُ
فَلا يَسْتَرِثْ مِيعادَ مَجْدِكَ جاهِلٌ / فَما عِنْدَ مَجْدِ الأَسْعَدينَ مِطالُ
فَإِنَّ نُجُومَ اللَّيْلِ فِي حِنْدِسِ الدُّجى / يُرَيْنَ بَطِيئاتٍ وَهُنَّ عِجالُ
وَهَلْ لِلْوَرى إِلاّ عَلَيْكَ مُعَوَّلٌ / وَهَلْ لِلعُلى إِلاّ إِلَيْكَ مَآلُ
فَما الْمَجْدُ إِلاّ لِلْكِرامِ مَمالِكٌ / وَلا النّاسُ إِلاّ لِلْكُفاةِ عِيالُ
إِذا ما الْقَوافِي بَشَّرَتْكَ بِمَطْلَبٍ / وَفى لَكَ مِنْها بِالْحقائِقِ فالُ
أَدْنى اشْتِياقِي أَنْ أَبِيتَ عَلِيلاً
أَدْنى اشْتِياقِي أَنْ أَبِيتَ عَلِيلاً / وَأَقَلُّ وَجْدِي أَنْ أَذُوبَ نُحُولا
كَمْ أَكْتُمُ الشُّوْقَ الْمُبَرِّحَ وَالْهَوى / وَكَفى بِدَمْعِي وَالسَّقامِ دَلِيلا
فَالْيَوْمَ قَدْ أَمْضى الصُّدُودُ تَلَدُّدِي / وَأَعادَ حَدَّ تَجَلُّدِي مَفْلُولا
أَشْكُو فَيَنْصَدِعُ الصَّفا لِيَ رِقَّةً / لَوْ كانَ يَرْحَمُ قاتِلٌ مَقْتُولا
وَأَذِلُّ مِنْ كَمَدٍ وَفَرْطِ صَبابَةٍ / وَالْحُبُّ ما تَرَكَ الْعَزِيزَ ذَلِيلا
يا لَيْتَنِي إِذْ خانَ مَنْ أَحْبَبْتُهُ / يَوْماً وَجَدْتُ إِلى السُّلُوِّ سَبِيلا
ما لِي شُغِلْتُ بِحُبِّ مَنْ لا يَنْثَنِي / كَلِفاً بِغَيْرِ مُحِبَّهِ مَشْغُولا
ما لِي أَرى بَرْدَ الشَّرابِ مُعَرَّضاً / فأُذادُ عَنْهُ وَما شَفَيْتُ غَلِيلا
مَنْ مُسْعِدِي مَنْ عاذِرِي مَنْ راحِمِي / مَنْ ذا يُعِينُ مُتَيَّماً مَخْبُولا
يا عاذِلِي أَرَأَيْتَ مَغْلُوبَ الْحَشا / يَعْصِي الصَّبابَةَ أَوْ يُطِيعُ عَذُولا
لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ ما لَقِيتُ مِنَ الْهَوى / لَوَجَدْتَنِي لِلنّائِباتِ حَمُولا
ما لِي عَلَى صَرفِ الْحَوادِثِ مُسْعِدٌ / إِلاّ رَجاءُ سَماحِ إِسْماعِيلا
الْماجِدُ الْغَمْرُ الأَبِيُّ الأَوْحَدَ الْ / بَرُّ الْوَفِيُّ الْباذِلُ الْمَأْمُولا
مَنْ لا يَرى أَنَّ الْجَوادَ بِمالِهِ / مَنْ لا يَكُونُ عَلَى الْعَلاءِ بَخِيلا
الْجاعِلُ الْفِعْلَ الْجَمِيلَ ذَرِيعَةً / إِبَداً إِلى حَمْدِ الْوَرى وَوَسِيلا
مَنْ لا يَعُدُّ الْبَحْرَ نَهْلَةَ شابِبٍ / يَوْماً وَلا الْخَطْبَ الْجَلِيلَ جَلِيلا
قَدْ نالَ مِنْ شَرَفِ الْفِعالِ ذَخِيرَةً / تَبْقى إِذا كادَ الزَّمانُ يَزُولا
وَاسْتَخْلَصَ الْحَمْدَ الْجَزِيلَ لِنَفْسِهِ / فَحَواهُ وَاتَّخَذَ السَّماحَ خَلِيلا
ما إِنْ تَراهُ الدَّهْرَ إِلا قائِلاً / لِلْمَكْرُماتِ الْباهِراتِ فَعُولا
إِنْ سِيلَ عِنْدَ الْجُودِ كانَ غَمامَةً / أَوْ عُدَّ يَوْمَ الْبَأْسِ كانَ قَبِيلا
هِمَماً تَطُولُ بِحَزْمِهِ وَعَزائِما / بُتْكاً كَما اخْتَرَطَ الْكُماةُ نُصُولا
وَمَناقِباً لا يَأْتَلِينَ طَوالِعاً / أَبَداً إِذا هَوَتِ النّجُومُ أُفُولا
وَإِلى وَجِيهِ الدَّوْلَةِ ابْنِ رَشِيدِها / حَمْداً كَنائِلِهِ الْجَزِيلِ جَزِيلا
مِنْ مَعْشَرٍ كانُوا لأُماتِ الْعُلى / أَبَداً فُحُولاً أَنْجَبَتْ وَبُعُولا
الْباهِرِينَ فَضائِلاً وَالْغامِرِي / نَ نَوافِلاً وَالطَّيِّبِينَ أُصُولا
يَابْنَ الْمُحَسِّنِ طالَ ما أَحْسَنْتِ بِي / كَرَماً يَبِيتُ مِنَ الزَّمانِ مُدِيلا
إِنْ كانَ يَقْصُرُ عَنْكَ ثَوْبُ مَدائِحِي / فَلَقَدْ يَكُنُ عَلَى سِواكَ طَوِيلا
مَنْ ذا يَقُومُ بِشُكْرِ ما أَوْلَيْتَهُ / حَمَّلْتَنِي مَنّاً عَلَيَّ ثَقِيلا
فَلأَشْكُرَنَّكَ ما تَغَنّى تائِقٌ / طَرِبٌ وَما دَعَتِ الْحَمامُ هَدِيلا
ولأَمْنَحَنَّكَ مِنْ ثَنائِي مِقْوَلاً / ما كانَ قَبْلَكَ فِي الزَّمانِ مَقُولا
لا تَسْقِنِي إِلاّ بِكَفِّكَ إِنَّما / خَيْرُ السَّحائِبِ ما يَبِيتُ هَمُولا
قَدْ آمَنَتْكَ الْمَكْرُماتُ الْغُرُّ أَنْ / أُمْسِي لِغَيْرِكَ عافِياً وَنَزِيلا
حاشا لِنائِلِكَ الَّذِي عَوَّدْتَنِي / مِنْ أَنْ أَرى لَكَ مُشْبِهاً وَمَثِيلا
هَبْ لِي نَصِيباً مِنْ شَمائِلِكَ الَّتِي / لَوْ كُنَّ مَشْرُوباً لَكُنَّ شَمُولا
وَاسْلَمْ عَلَى الأَيّامِ تَكبِتُ حاسِداً / وَتُذِلُّ أَعْداءً وَتَبْلُغُ سُولا