القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
ماسَت فأزرت بالغصون الميَّسِ
ماسَت فأزرت بالغصون الميَّسِ / وأَتَتكَ تخطرُ في غلالةِ سُندسِ
وَتبرّجت جُنحَ الظَلام كأَنَّها / شَمسٌ تجلَّت في دياجي الحِندِسِ
تَختال بين لِداتِها فتخالها / بَدراً بدا بين الجواري الكُنَّسِ
أَرِجَت بريّاها الصَبا وتضوَّعت / أَنفاسُها وَالصبحُ لم يَتنفَّسِ
وَوفت بمَوعِدها وَباتَ وشاتُها / للوجد بين عَمٍ وآخر أَخرسِ
وَالبَرقُ يخفقُ قَلبُه من غَيرةٍ / وَالنجمُ يَرمُقُنا بمقلةِ أَشوسِ
يا طيبَ لَيلَتِنا بمُنعَرَج اللِوى / وَمبيتنا فوق الكَثيب الأَوعسِ
إِذ باتَ شَملي في ضَمانِ وِصالها / وَالقربُ يُبدلُ وحشَتي بتأَنُّسِ
وَاللَيلُ يكتمُ سِرَّنا وَنجومُه / تَرنو إِلينا عن لحاظٍ نُعَّسِ
وَسَنى المجرَّة في السَماءِ كأَنَّه / نهرٌ تدفَّق في حديقَةِ نَرجسِ
باتَت تُدير عليَّ من أَلحاظها / كأساً وأخرى من لَماها الألعسِ
حتّى إِذا رقَّ النَسيمُ وأَخفقت / من أفق مجلِسنا نجومُ الأكؤسِ
قالَت وقد واليتُ هَصرَ قوامِها / ضاقَ الخناقُ من العِناق فنفِّسِ
ثمَّ اِنثَنَت حذرَ الفراق مروعةً / في هيئَة المُستَوحِش المستأنسِ
تتَنَفَّسُ الصُعَداء من وَجدٍ وَقَد / غصَّ الظَلامُ بصُبحِه المتنفِّسِ
واِستعجلَت شدَّ النِطاق وودعت / توديعَ مختلسٍ بحَيرةِ مُبلِسِ
لِلَّه غانيةٌ عَنَت لضيائِها / شَمسُ الضحى إِذ أَشرقت في الأطلسِ
سلبت نفوسَ أولي الغَرام صَبابةً / بجمالها الباهي السنيِّ الأَنفسِ
وَسأَلتُها نَفسي فَقالَت حيرةً / لا كانَ من يَنسى الأَحبَّة أَو نسي
لَم أَنسَها فأذكرَ أَنسَها / عَلِقت يَدي منه بودٍّ أَقعَسِ
هَذا الحسينُ بنُ الحسينِ أَخو العُلى / عَلِقت يدي منه بودٍّ أقعسِ
لَم يُنسِهِ بُعدُ الدِيارِ مَودَّتي / يوماً وعهدي عنده لم يبخسِ
وَسِواه يُظهرُ ودَّه بِلسانِه / وَخميرُه كصحيفةِ المتلمِّسِ
هَذا الوفيُّ الهاشميُّ المجتبى / غَوثُ الجَليس له وبدرُ المجلِسِ
طابَت أرومةُ مجده فزكت به / وَالغرسُ يُعربُ عَن زَكاء المغرسِ
إِيهٍ أَخا المَجدِ المؤثَّل وَالعُلى / لِلَّه درُّك من أَديبٍ أَكيسِ
وافت قصيدتُكَ الَّتي فعلت بنا / فعلَ المُدامة بالنُهى والأرؤسِ
أَلبستَها وشيَ الكلام فأَقبلت / مختالةً تَزهو بأَبهى مَلبَسِ
ما ضَرَّ سامعَها وقد جُليَت له / أَن لا يُجيلَ كؤوسَها أَو يَحتَسي
جدَّدتَ لي عَهدَ الصِبا بنسيبها / وربوع عهدي بالصِبا لم تدرسِ
وَإِليكها غَرّاء تَستلبُ الحجا / وَتَروضُ كلَّ جَموح طَبعٍ أَشرَسِ
نضَّدتُ عِقدَ نِظامها وبعثتُها / دُرَراً تَفوقُ على الدّراري الخُنَّسِ
وَكسوتُها من وصف ودِّك حُلَّةً / هَزَّت لها عِطف المحلّى المكتسي
تُجلى عليك وَنجمُ سعدِك مُشرِقٌ / في قِمَّة الفَلَكِ الرَفيع الأطلسِ
طافَ بَدرُ الدُجى بِشَمسِ الكؤوسِ
طافَ بَدرُ الدُجى بِشَمسِ الكؤوسِ / في نُجومٍ من النَدامى جلوسِ
فَكأَنَّ المُدام في الكأس إذ تُج / لى سِراجُ يُضيء في فانوسِ
قَهوةٌ عسجديَّةٌ مِن كُناها / بنت رأسٍ مَقرُّها في الرؤوسِ
هي لَهوٌ لنا إذا حلَّت الكأ / س ولاةٌ في دَنِّها للمجوسِ
لُقِّبت بالعَجوز وهي عَروسٌ / فاِعجب اليوم للعَجوز العَروسِ
قامَ يَسعى بها كميتاً كعينِ الد / ديكِ ساقٍ في حُلَّة الطاووسِ
ذو دَلالٍ يُبدي نفيسَ جَمالٍ / فيُفدّى بغالياتِ النُفوسِ
راضه السُكرُ فاِقتَني الرَشأ الوح / شيّ أنساً من خُلقه المأنوسِ
بَين حورٍ من الحِسانِ بدورٍ / وَحَوالٍ من الغَواني شُموسِ
وَرياضٍ لها الأَقاح ثُغورٌ / يتبسَّمنَ في الزَمانِ العَبوسِ
يا لَيالي الهَنا إِلينا فإنّا / في ضمان المُدام من كُلِّ بوسِ
قد حَسونا من السُلافِ رُضاباً / وَرَشفنا الثغورَ رشفَ الكؤوسِ
وجمَحنا عَن الهُموم شِماساً / مذ غَدونا على الكميتِ الشَموسِ
يا نَدامايَ للمُدامَةِ هُبّوا / قبلَ قرع القِسِّيس للنّاقوسِ
بادِروا الصُّبحَ بالصَّبوح وثو / بُ اللَّيل مُلقىً كالمُنهَجِ المَلبوسِ
وَسماءُ الدُجى تُشيرُ إلينا / بعيونٍ من الكواكِب شوسِ
سَقى صوبُ الغَمام عريشَ كَرمٍ
سَقى صوبُ الغَمام عريشَ كَرمٍ / جَنينا من جَناهُ العذب أنسا
وأَمسى عاصرُ العُنقودِ منه / يُكسِّر أَنجما وَيصوغُ شَمسا
قُم هاتِها في جُنح لَيلٍ دامسِ
قُم هاتِها في جُنح لَيلٍ دامسِ / راحاً حكت في الراح شُعلةَ قابسِ
واِطرُد بها سَرحَ الكَرى عن ناظري / رَشأ يُغازِلُنا بِطَرفٍ ناعسِ
وأَجِل كؤوسَكَ بالمسرَّة واِجلُها / من كفِّ أَغيدَ كالقَضيبِ المائِسِ
عَذراءُ تَضحَكُ في وجوه سُقاتها / وَتَروضُ كلَّ جَموح طَبعٍ شامِسِ
زُفَّت إِلى ماءِ السَماءِ فأَصبحَت / تَهزو بكلِّ مَهاةِ خدرٍ عانسِ
ماذا على من قابَلَته بِبشرِها / أَلّا يقابلها بوجهٍ عابسِ
تَنفي الكروبَ عَن القلوب ولَم تَزَل / تُهدي الرَجاءَ إلى فؤاد اليائسِ
رَقَّت فَلَولا الكأسُ لم تُبصِر لَها / جِسماً ولَم تُلمَس براحة لامِسِ
فَكأَنَّها عِندَ المزاج لطافةً / وَهمٌ يخيِّلُه توهُّمُ هاجسِ
طابَت مغارسُها فَبُوركَ في يَدَي / جانٍ جَنى تلك الكُروم وغارسِ
قِف إِن وَقَفتَ بحانِها حيناً وَدَع / عنك الوقوفَ بكلِّ رَبعٍ دارسِ
قُل لِلمَليحَةِ في القباءِ الأَطلسِ
قُل لِلمَليحَةِ في القباءِ الأَطلسِ / أَفسدتِ عَقلَ أَخي التُقى المتقدِّسِ
أَو ما كَفاكِ لِباسُ حُسنك والبَها / حتّى برزتِ لنا بأَبهى ملبَسِ
أَخجلتِ ولدانَ الجنانِ وحورها / وَخطرتِ من أَثوابها في سُندُسِ
إِن كانَ لا يُرضيكِ إلّا فِتنَتي / فَرِضاكِ فَرضٌ يا حياةَ الأنفسِ
هَذا مُحبُّكِ ناصباً أَحشاءَه / غَرَضاً لأسهم مقلتيكِ فَقَرطسي
لمن سارياتٌ بين وَهنٍ وَتَغليسِ
لمن سارياتٌ بين وَهنٍ وَتَغليسِ / تزفُّ زَفيفَ الطَّير في صُورِ العيسِ
إِذا أَنشقَتها طيب نَجدٍ وَرندِه / صَباً نفَّست من كَربِها بعض تَنفيسِ
وإِن نَفحَتها نَسمةٌ حاجريَّةٌ / أَبَت من غَرام أَن تَميلَ لِتَعريسِ
يُطرِّبُها جرسُ الحُداة فَتَنثَني / تقلِّبُ قَلباً بين وَجدٍ وَتأنيسِ
سرت تَتَهادى بالحدوج كأَنَّها / بُروجُ نجومٍ أَو وكورُ طَواويسِ
عَلى كُلِّ فتلاءِ المَرافق هَودجٌ / تَقيسُ به في حُسنه عرشَ بِلقيسِ
حَوى قَمَراً من دونه لَيلُ عِثيرٍ / وَظبيَ كِناسٍ دونَه لَيثُ عرِّيسِ
إِذا رقَّ لي مِمّا أُقاسي صَبابَةً / تنمَّر لي من قَومه كُلُّ غِطريسِ
وإِن قُلتُ عج بي قالَ عُجبي يَصدُّني / فَيُبدي بديعُ الحسنِ أَحسن تَجنيسِ
وَكَم عاذِلٍ فيه يُنمِّق عذلَه / وَواشٍ يَشي تَنميسَ إِفكٍ بِتَدليسِ
فَلِلَّهِ قَلبٌ لا يَزال معذَّباً / بِتَنميقِ عَذلٍ في الغَرام وَتَنميسِ
وَلَم أَنسَ أَيّاماً نعِمتُ بقُربِه / وَغيسانُ عُمري منه في نعم عيسِ
وَلَيلَة أُنسٍ للوصال كأَنَّما / تزيَّن ثغرُ الدَهرِ منها بتَلعِيسِ
تَجلّى فجلّى للنَدامى ظَلامَها / بِبكرِ مدام لا تُعاب بتَعنيسِ
سُلافٌ كست ضوءَ البُدور كؤوسُها / وَبَزَّت ضياءَ الشَمسِ في حال تَشميسِ
إِذا اِفترَّ للنَدمانِ ثَغرُ حَبابِها / يُقابلُ مِنها البشر كلٌّ بتَعبيسِ
عَمَرنا بِها ربعَ السُرورِ وَلَم نزل / نؤسِّسُ بُنيانَ الهوي أَيَّ تأسيسِ
أَما وَالشِفاه اللُعس والأَعين النُعسِ
أَما وَالشِفاه اللُعس والأَعين النُعسِ / لَقَد جُبِلت طَبعاً على حبِّها نَفسي
يؤنِّبني اللوّامُ فيها سَفاهةً / وَلا وَحشَتي للائمين ولا أنسي
يَقولونَ قد غاليتَ في عِشقك الدُمى / وهل مُشتَرٍ للحسن بالثَمن البَخسِ
وَبي مَن إِذا ما رنَّحت عِطف قدِّها / فَما رنَّحت إِلّا قَضيباً على دِعسِ
وإِن نشرت يَوماً ذوائبَ فرعها / فَما نشرت إلّا ظَلاماً على شَمسِ
تَقولُ إِذا ما جرَّدت سيفَ لحظِها / خُذوا حِذركم يا معشر الجنِّ والإِنسِ
جنيتُ ثِمار الوَصلِ من روض حسنِها / فَفزتُ بحلوِ المُجتَنى طيِّبِ الغَرسِ
وَكَم لَيلةٍ عرَّستُ فيها برَبعِها / فَفاقَت بطيب المُلتَقى ليلة العرسِ
وَنادَمتُها قَبلَ المزاج وبعده / بحمراءَ مثل الوَرد صَفراء كالوَرسِ
وافاكَ نَشوانُ المَعاطفِ ناشي
وافاكَ نَشوانُ المَعاطفِ ناشي / في الحُسنِ مسكيُّ الأَديم نَجاشي
وَسَرى إِليكَ مع الهَوى متأَنِّساً / من غير ما فَرَقٍ ولا اِستيحاشِ
وأَتاكَ في جُنح الظَلام تحرُّجاً / من أَن يسايرَ ظلَّه وَيُماشي
والأفقُ قد نَظَم النجومَ قَلائداً / وَكَسا الدُجى بُرداً رَقيقَ حواشِ
في لَيلَةٍ بسَنى الوصال مُنيرةٌ / حَسدَ الصَباحُ لها الظَلامَ الغاشي
قَصُرت ورقَّ أَديمُها حتّى لَقَد / أَربَت نَواشيها على الأَغباشِ
أَسررتُ زورَتَه وَلَولا نَشره / ما كانَ سرٌّ للنَسائِم فاشِ
حتّى إِذا طابَ اللِقاءُ وَسكَّنت / أَنفاسُهُ نَفسي وَروعةَ جاشي
وَسَّدتُه زَندي وأَفرشَ زندَه / خدّي وَبتنا في أَلذِّ مَعاشِ
لَولا خفوقُ جَوانحي لفرشتُها / لمبيته وطويتَ عنه فِراشي
وَغَدا يُعاتِبُني عِتاباً زانَه / دَلٌّ بلا هَجرٍ ولا إِفحاشِ
وَرشفتُ من فيه البَرود سُلافةً / أَروت بنَشوتها غَليلَ عطاشي
وَبَدا الصَباحُ فقام ينقضُ ذَيلَه / أَسَفاً وَيُجهشُ أَيَّما إِجهاشِ
ودَّعتُه وَالدَمعُ من جَفني وَمِن / جَفنَيه يَمزجُ وابلاً برشاشِ
ما كانَ أَشرقَ ضَوءَها من لَيلةٍ / حضر الحَبيبُ بها وَغابَ الواشي
للريح في وَجَناتِ الوَردِ تَخميشُ
للريح في وَجَناتِ الوَردِ تَخميشُ / وَللصبا بغصون البانِ تَحريشُ
وَالنَهرُ قد نقشَته السحبُ من طربٍ / كأَنَّه مِعصمٌ بالدُرِّ مَنقوشُ
وَالرَوضُ بالزَهر منضودٌ يَروقُ لنا / كأَنَّه مجلسٌ للصَحب مَفروشُ
وَثَغرُ نور الأَقاحي فيه مُبتَسِمٌ / وَطرفُ نَرجسِه للّهو مَدهوشُ
وَطرَّةُ الآسِ ما بين الرياض لها / لَمّا تَلاعبَت الأَغصانُ تَشويشُ
وَالوردُ تَنشرهُ ريحُ الصَبا سَحَراً / كأَنَّه عارضٌ باللَثم مَخدوشُ
وَالطيرُ فَوقَ غُصون البان عاكفةٌ / كأَنَّما خانَها خَوفُ النَوى ريشُ
وَالدهرُ يضحكُ مِن ضحك الكؤوس به / وَلِلمُدام به لعبٌ وَتَجميشُ
وأفقُنا بلألي الغَيثِ متَّشِحٌ / وَقُطرنا بمياهِ القَطر مَرشوشُ
وَنَحنُ في مَجلِسٍ راقَت محاسِنُهُ / فيه الرَقيبُ عَمٍ والواشِ أطروشُ
فَلا تسل عَن لُباناتٍ به قُضيَت / فَلَيسَ يَحسُنُ عنها اليوم تَفتيشُ
أَمّا الصَبوحُ فإِنَّه فَرضُ
أَمّا الصَبوحُ فإِنَّه فَرضُ / فإلامَ يكحلُ جَفنَك الغمضُ
هَذا الصَباحُ بدت بشائِرُهُ / وَلخيله في ليله رَكضُ
وَاللَيلُ قد شابَت ذوائبَهُ / وَعِذارُه بالفجر مُبيَضُّ
فاِنهض إِلى حَمراءَ صافيةٍ / قد كادَ يشربُ بعضَها البَعضُ
يَسقيكَها من كفِّهِ رشأٌ / لَدنُ القَوام مهفهفٌ بضُّ
سيّان خمرتُه وَريقتُه / كلتاهما عنبيَّةٌ مَحضُ
تُدمي اللواحظُ خدَّه نَظَراً / فاللَحظُ وَجناته عضُّ
مَن ضمَّهُ فَتحَ السُرورُ له / باباً وَكانَ لعيشِه الخَفضُ
باهَت وقد أَبدى محاسِنَه / بدرَ السَماءِ بحُسنِه الأَرضُ
يَسعى بها كالشَمسِ مشرقةً / للعين عَن إِشراقِها غضُّ
وَالكأسُ إِذ تَهوي بها يدُهُ / نجمٌ بجُنح اللَيل مُنقَضُّ
باتَ النَدامى لا حراكَ بهم / إِلّا كَما يتحرَّك النبضُ
في رَوضةٍ يُهدي لناشِقها / أَرجَ الحبائِب زَهرُها الغَضُّ
ختم الحَيا أَزهارَها فَغَدا / بيد النَسيم لخَتمها فَضُّ
فاِشرَب على حافاتِها طرباً / واِنهض لها إِن أَمكَن النَهضُ
لا تُنكِرَن لَهوي على كِبَري / فعليَّ من عَصرِ الصِبا قَرضُ
أَغرى العذولُ بلومه شَغفي / فَكأَنَّما إِبرامُهُ نَقضُ
خالفتُه وَالرأَيُ مختلفٌ / شأني الودادُ وَشأنُه البغضُ
مَهلاً فَلَيسَ على الفَتى دَنَسٌ / في الحُبِّ ما لَم يَدنس العِرضُ
سَرَت موهناً وَالنَّجمُ في أذنها قِرطُ
سَرَت موهناً وَالنَّجمُ في أذنها قِرطُ / وَعِقدُ الثُّريّا في مقلَّدِها سِمطُ
هلاليَّةٌ يَعلو الهلالَ جَبينُها / وَعُليا هِلالٍ حين تُعزى لها رهطُ
أَلَمَّت بنا وَاللَيلُ مُرخٍ سدولَهُ / فضاءَ بصبحٍ ميطَ عن نوره المَرطُ
وَأَرَّجَ أَرجاءَ الحِمى نشرُ طيبها / فَلَم يُدرَ مسكٌ ما تضوَّع أَم قسطُ
وَقَد أَقبلت تَرنو بمقلةِ مغزِلٍ / أَضَلَّت بجرعاءِ الحِمى شادناً يَعطو
تَميلُ كَما مالَ النَزيفُ كأَنَّما / يرنِّحها من راحِ صَرخدَ إِسفَنطُ
وَتخطرُ تيهاً حين تَخطو تأَوُّداً / بأَسمرَ مِمّا أَنبتَ اللَهُ لا الخَطُّ
تجلُّ عن التَشبيه في الحُسن غادةٌ / إِذا قيسَ في أَوجٍ بها البَدرُ ينحطُّ
وأَنّى يضاهيها الحسانُ وإنَّما / لَها تسعُ أَقساطِ البَها ولهم قِسطُ
وإِن قيلَ أَنَّ الريمَ يَحكي لحاظَها / فأَين القوام اللدن والشَعر السبطُ
عَلى أَنَّ مَرعاها وَما صوَّحَ الكَلا / حُشاشةُ نَفسٍ لا الأَراكُ ولا الخمطُ
وَتَسطو أُسودُ الغاب بالريم جهرةً / وَهذي بآسادِ الشَرى أَبَداً تَسطو
بِنَفسي فتاةٌ تغبطُ الشَمسُ حسنَها / وَفي مثل هَذا الحسن يُستَحسَنُ الغَبطُ
لَها طرَّةٌ تَضفو عَلى صُبح غرَّة / يُساقِطُ مِسكاً من غدائِرها المشطُ
شَفعتُ بها لَيلاً تقاصرَ وهنهُ / فَطالَ وللآمال في طوله بَسطُ
وَبِتنا على رغم الحسود وبيننا / حَديثُ رضاً بالوصل ما شابه سُخطُ
تعلِّلني من دَلِّها ورُضابها / بخمرين لم أَسكَر بمثلهما قَطُّ
وعاطيتُها صِرفاً حكت دمَ عاشقٍ / مُراقاً عليه من مدامعِه نَقطُ
فَمالَت وَلَم تَسطِع حراكاً كأَنَّما / أتيحَ لَها من عقد أحبولَةٍ نَشطُ
هناكَ جنيتُ الوصلَ من ثمر المُنى / وَبِتُّ ولا عَهدٌ عليَّ وَلا شَرطُ
أُمزِّقُ جلبابَ العَفافِ ولم أَزَل / أَقلِّبها حتّى اِلتقى الحِجلُ والقُرطُ
فَلَم تصحُ إِلّا وَالنجومُ خَوافِقٌ / وَفرع الدُجى جَعدٌ ذوائبه شُمطُ
وَقَد ضاءَ مُسودُّ الظَلام بشمعَةٍ / من الصُبح لم يعوز ذبالَتَها قطُّ
فَقامَت لِتَوديعي بوَجدٍ مَروعةً / وَللوجد في جنبيَّ في لوعةٍ فَرطُ
وأَذرَت دُموعاً من لحاظٍ سقيمةٍ / هي الدرُّ لكن ما لمنثوره لَقطُ
وَسارَت على اسمِ اللَه تنقلُ أَرجلاً / إِذا ما اِستَقَلَّت لا تَكادُ بها تَخطو
وشطَّت بِقَلبي في هَواها وَلَم يَزَل / ببحرِ غَرامٍ لا يُرامُ له شَطُّ
وَقَد قَدحَ التَفريقُ بين جَوانحي / زنادَ همومٍ لا يَبوخ لها سِقطُ
نعم قد حلَت تلك اللَيالي وقد خَلَت / وأَيُّ دنوٍّ لا يقارنُه شَخطُ
لَعمري لَقَد أَلوَت بأَيّام وصلنا / حوادثُ أَيّام أَساودُها رُقطُ
وبُدِّلتُ عَن قُرب الوصال بخطَّةٍ / من البَين لا يُمحى بدَمعي لها خَطُّ
تؤرِّقُني الذِكرى إذا لاحَ بارِقٌ / يَلوحُ بفَود اللَيل من لمعِه وَخطُ
وَتوقظُ منّي الوَجدَ ورقُ حمائِمٍ / إِذا هدأ السُمّارُ بات لها لَغطُ
أَبيتُ على مِثل القَتاد مسهَّداً / ومن دون ما أَرجو القَتادةُ والخَرطُ
لئن جارَ دَهري بالتَنائي ولَم يزل / يَجورُ علينا كلّ آنٍ وَيشتَطُّ
فإِنّي لها باقٍ على العَهد والوَفا / وَلي من هُيامي في الهوى شاهد قسطُ
وأَصبو إِلى دارٍ بها حطَّ أَهلُها / على أَنَّهم من أَجلها في الحَشا حَطّوا
وَلَو لَم يكن سِقطُ العقيق محلَّها / لَما شاقَني وادي العقيقِ ولا السِقطُ
فَيا ليتَ شِعري هَل رُباها مَريعةٌ / كَما هي أَم أَلوى بمخُصِبها قَحطُ
وَهَل سِربُها يَرعى بأَكنافِ حاجِرٍ / مُروجاً عليها من نسيج الحَيا بُسطُ
وَهَل رتعت أَترابُها ولِداتُها / بمرتِعها حيث المسرّةُ والغبطُ
فَعَهدي بهاتيكَ المَعاهدِ لم تزل / شوادِنُها تَعطو وأَغصانُها تَغطو
فلا غَبَّها غادٍ من المزن رائحٌ / له كلَّ آن في أَجارِعها سَقطُ
ظُبىً وَسِهامٌ أَم رَناً وَلحاظُ
ظُبىً وَسِهامٌ أَم رَناً وَلحاظُ / عَلَيها نفوسُ العاشقين تُفاظُ
وَتلك رِماحٌ أَم قدودٌ موائسٌ / وَهَيهات أَعطافُ الرِماح غِلاظُ
وَما عميَت عن لينها عينُ كاشحٍ / ولكن قُلوبُ الكاشحين فِظاظُ
لعمريَ لو لم ترضَ نَفسي بحبِّها / لما كُنتُ أَرضى في الهوى وأغاظُ
وإِنَّ فؤادي وهو شاكٍ من الهَوى / ليثنيه عن نهج السلوِّ حفاظُ
وَما جلهَت نَفسي بأَنَّ شرابَه / سَرابٌ وَبَرد العيش منه شُواظُ
وَهَل عَن مَقامات الهوى متحوَّلٌ / وَفيها شَتا أَهلُ الغَرام وَقاظوا
بِنَفسي من أَطمعتُ نَفسي بنَيلِها / وَما عندها للمستميح لَماظُ
مَعاطفُها نَشوى وَما ذُقن خمرةً / وَأَجفانُها وَسنى وهنَّ يَقاظُ
كأَنَّ عيوناً أغريت بجمالها / لشدَّة ما تَرنو إِليه جحاظُ
برعتُ على أَهل الغَرام بوصفها / كأَنّي قُسٌّ وَالغَرامُ عُكاظُ
سَريرَةُ شَوقٍ في الهَوى من أَذاعَها
سَريرَةُ شَوقٍ في الهَوى من أَذاعَها / وَمهجةُ صبٍّ بالنَّوى من أَضاعَها
أَفي كُلِّ يَومٍ للبعادِ ملمَّةٌ / تُلمُّ بنا لا نَستَطيعُ دفاعَها
فَلِلَّه جمعٌ فرَّق البينُ شملَه / وإِلفةُ صَحبٍ قد أَباد اِجتماعَها
وَساعاتُ أُنسٍ كان لَهواً حديثُها / سَقى اللَه هاتيك اللَيالي وَساعَها
ولا مثلَ لَيلى إِن تبدَّت عشيَّةً / مددتُ لها كفّي أُريدُ وداعَها
وَقَد أَقبلَت تُذري الدموعَ تلهُّفاً / إِذا هتفَ الداعي إِلى البين راعَها
أَشاعَت بنا أَيدي الفراق فأَصبحت / تؤمُّ بنا شُمَّ الذُرى وَتلاعَها
نجوبُ قِفاراً ما وقفنا بقاعِها / وَنقطعُ بيداً ما حلَلنا بقاعها
تَميلُ بنا الأَكوارُ لَيلاً كأَنَّنا / نَشاوى سُلافٍ قد أَدَمنا اِرتضاعَها
إِذا نفحتنا نسمةٌ حاجريَّةٌ / أَجدَّت وَهاجَت للنُفوسِ اِلتياعَها
فَمِن مهجةٍ لا يتسقرُّ قرارُها / ومن كبدٍ نَخشى عليها اِنصداعَها
تجاذبُنا فضلَ الأَزمَّةِ ضُمَّرٌ / أَهاج نزاع البين وجداً نزاعَها
نَقيسُ بها طولَ الفلاة وَعَرضَها / عشيّاً إِذا مدَّت لخَطوٍ ذراعَها
يَقول أصَيحابي وقد جدَّت السُرى / وأوفتهم أَيدي الركائِب صاعَها
أَفيقوا فقد شطَّ المَرامُ ولا نَرى / سوى تَلَعاتٍ قد سَئِمنا اِفتراعَها
فَقُلتُ لهم سيروا سِراعاً وَقلقِلوا / عِرابَ المَطايا واِستحثّوا سِراعَها
لِنَحظى من الدُنيا بأَوفر حظِّها / وَنشهدَ أَوصافاً عَشِقنا اِستماعَها
وَننزلَ عن أَيدي الركاب نُريحها / وَنشكرَ فينا ما بقينا اِصطناعَها
بأَرحب أَرضٍ لا يُسامى عَلاؤُها / وَأَسمى ربوعٍ لا نَملُّ اِرتباعَها
بسوح نِظام الدين واِبن نظامِه / كَريمٌ به مدَّت يَدُ المجد باعَها
همام إِليه الدَهر أَلقى زمامَه / إِذا عُصي الأَقوامُ كان مُطاعَها
أَنارَت شُموسُ المَكرُمات بأفقه / فأَلقَت على كُلِّ الأَنام شُعاعَها
له يدُ فَضلٍ لا تُبارى سَماحةً / إِذا ما نَبا غيثٌ رجون اِندفاعَها
مواهبُ لا تنفكُّ تَحدو مَواهِباً / تَنالُ غمارُ البحر منّا اتِّساعَها
إِذا اِنقطَعت يَوماً شآبيبُ مزنةٍ / فأَيدي نَداه لا تخاف اِنقطاعَها
به أَينعَت روضُ المَكارِم والنَدى / وَشادَت مَباني كلِّ عِزٍّ رباعَها
أَعزّ ذَوي الإِفضال والبأس فضلُه / فقل للّيالي لا تغرَّ رَعاعَها
له أذعَنَت شمسُ العُداة مهابَةً / وَلَم يَخشَ لَو لَم تستذلَّ اِمتناعها
وَذَلَّت له الدُنيا فأَلقَت قيادَها / لطاعَتِهِ حتّى أَمِنّا خِداعَها
تباري النجومَ الزُهرَ زُهرُ نصالِه / إِذا راحَ يَحمي وقعَها وَقِراعَها
وَتهزأ بالخَطّيِّ أَقلامُ خطِّه / إِذا ما حَوَت يُمناه يَوماً يَراعها
أَربَّ النَدى وَالفضل والمجد والحجا / وَناظمَ أَشتاتِ العُلى وَجِماعَها
لأَنتَ الَّذي أَحرزتَ في الخَلق رتبةً / تودُّ الدراري لَو تَنال اِرتفاعَها
إِليك حَثَثنا كلَّ كَوماء بازلٍ / وَجُبنا القفار البيدَ نبسرُ قاعَها
فَلا غرو فالآمالُ أَنت محطُّها / وَنحوَكَ أَزجت عزمَها وزماعَها
وَفيك حكينا الدرَّ نظماً فهاكَها / خَريدةَ فكرٍ قد أَمطتُ قِناعَها
بمدحِك قد نضَّدتُ جوهر عِقدِها / وأَبدعتُ في فنِّ القريض اِبتداعَها
فمن لاِبنِ هاني لو يُهنّى بمثلها / وَهَيهات لَو أَن رامَها ما اِستَطاعَها
إذا ما حَدا الحادي بها قال قائِلٌ / أَلا فاِشكراها نَغمةً وَسَماعَها
سَلامٌ عَلى بَدرٍ له السَعدُ مطلعُ
سَلامٌ عَلى بَدرٍ له السَعدُ مطلعُ / وَشَمسٍ سَناها بالمناقب يَسطعُ
عَلى غرَّة العَليا عَلى هامَة العُلى / على من له المَجدُ المؤثَّل أَجمَعُ
عَلى من حَوى دَرَّ المكارم يافِعاً / عَلى من أَوى حجرَ العُلى وهو يَرضَعُ
سلامَ محبٍّ كلَّما عنَّ ذكرُهُ / تَكادُ حشاه بالأسى تتصدَّعُ
يذكِّره ضوءُ الصَباح جبينه / وَنشرُ الصبا ريّاه إِذ يتضوَّعُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل دَرى مِن وداده / له مهجَتي دونَ الأَحبَّة مربَعُ
بأَنّي عَلى عَهدي له الدَهرَ ثابِتٌ / وإِن راحَ صَبري بعده يتضَعضَعُ
أَمرُّ عَلى رَبع به كانَ نازِلاً / فيخطُر لي ذاكَ الجنابُ الممنَّعُ
إِذا اِكتحلت عيني بآثار رَبعه / تحدَّر منها أَربعونَ وأَربعُ
أَلا أَيُّها الندبُ الهمام السميدعُ ال / أَغرُّ التقيُّ الأَروع المتورِّعُ
لك اللَه إِنّي للأذمَّة حافِظٌ / فَلا ترَ أَنّي غادِرٌ أَو مضيِّعُ
لئن غِبتَ عَن عَيني فشخصُك حاضِرٌ / بِباليَ لم أَبرَح أَراك وأَسمَعُ
وإِن شبَّ في قَلبي الغَضا بعدك الفضا / فَبالمنحنى من أَضلعي لك موضعُ
أَتاني كتابٌ منك يُشرق نورُهُ / كأَنَّ عَلى أَعطافِهِ الشَمسُ تلمعُ
تنوّع من نظمٍ ونثرٍ كأَنَّه / رياضٌ غدت أَزهارُها تتنوَّعُ
فَفي كلِّ سَطرٍ منه وشي منمنمٌ / وفي كلِّ فصل منه عِقدٌ مرصَّعُ
طربت به لفظاً ومعنىً كأَنَّما / أديرَ عليَّ البابليُّ المشَعشَعُ
خَليليَّ هَل عَهدي بمكّةَ راجعُ
خَليليَّ هَل عَهدي بمكّةَ راجعُ / فَقَد قُليَت بالهند منّي المضاجعُ
وَهَل شربةٌ من ماء زَمزمَ تَرتَوي / بها كبِدٌ قد أَظمأتها الوقائعُ
وَهَل عامِرٌ ربعُ الهوى بسويقَةٍ / فَعَهدي بذاكَ الربع للشَمل جامعُ
وَهَل من صفا من سالف العيش بالصَفا / يَعودُ لنا يوماً فَتَصفو المشارِعُ
سَقى اللَه ما بينَ الحجون إِلى الصَفا / مرابعَ فيا للظِباء مراتِعُ
وَجادَ بأَجيادٍ منازل جيرَةٍ / بهنَّ حمامُ الأَبطَحين سواجعُ
وَحيّا الحَيا بالمأزمين معاهِداً / فَما عَهدُها عِندي مَدى الدَهر ضائعُ
مَن لِشَملي لو فاز منكم بجمع
مَن لِشَملي لو فاز منكم بجمع / في لَيالي منىً وأَيّام جمعِ
يا رَعى اللَه عَهدَنا بالمُصلّى / وَسَقى عصرَنا بكثبان سَلعِ
وَلَيالٍ خلت فعوِّضتُ عَنها / بليالٍ تمرُّ من غير نفعِ
يا عُريباً لَولاهم لم يَشقني / ذكرُ دارٍ ولا تذكّر ربعِ
وإِذا ما سمعت عنهم حَديثاً / حسدت مقلتي لذلك سمعي
ليت شِعري هل يسمح الدهر يوماً / بالتَداني وهل يَعود برجعِ
ضقت ذَرعاً بالبعد فيكم وَلَولا / حبُّكم لم يضق من البين ذرعي
أرجف العاذلون أَنّيَ سالٍ / وأَرادوا منكم بذلك قَطعي
كيفَ أَسلو وحبُّكم ليَ طَبعٌ / وسلوّي سجيَّة غير طَبعي
آدَ جهدي هواكمُ ونواكم / حمَّلتني من الجَوى غيرَ وسعي
قرِّبوا لا نأيتُمُ الدارَ منّي / واِسمَحوا بالعَطاءِ من بعد مَنعِ
وَمَتى شئتُمُ الغَضا ففؤادي / أَو أَردتُم سفحَ العَقيق فدمعي
يا دارَ ميَّة باللِّوى فالأجرعِ
يا دارَ ميَّة باللِّوى فالأجرعِ / حَيّاكِ منهلُّ الحَيا من أَدمعي
وَسرى نَسيمُ الرَوض يسحبُ ذيله / بمصيفِ أنسٍ في حماكِ ومَربَعِ
لَو لَم تَبيتي من أَنيسكِ بلقعاً / ما بتُّ أَندبُ كلَّ دارٍ بلقعِ
لَم أَنسَ عهدَك والأَحبَّة جيرةٌ / وَالعَيشُ صفوٌ في ثَراكِ المُمرعِ
أَيّامَ لا أصغي لِلَومة لائمٍ / سَمعاً وإِن ثُغر الصَبابة أَسمعِ
حيث الرُبى تَسري بريّاها الصبا / وَالرَوضُ زاهي النَور عذبُ المَشرعِ
تَحنو عليَّ عواطِفاً أَفنانُه / عندَ المبيت به حنوّ المُرضِعِ
والوُرقُ في عَذبِ الغُصون سواجعٌ / تشدُو بمرأىً من سُعادَ وَمَسمَعِ
كَم بتُّ فيه صَريعَ كأس مُدامةٍ / حِلفَ البَطالة لا أفيقُ ولا أَعي
أَصبو بِقَلبٍ لا يزال مُوَزَّعاً / في الحُبِّ بين معمَّمٍ ومقنَّعِ
مُستَهتِراً طوعَ الصَبابة في هَوى / قمَري جمالٍ مُسفِرٍ ومُبرقَعِ
ما ساءَني أن كنتُ أَوَّل مُغرمٍ / بجمال ربِّ رداً وَربَّة بُرقعِ
يَقتادُني زهوُ الشَباب وعِفَّتي / فيه عَفافَ الناسكِ المتورَّعِ
لِلَّه أَيّامي بمنعَرج اللِوى / حيث الهَوى طَوعي ومن أَهوى مَعي
لَم أَنسَه وَالبينُ ينعِقُ بينَنا / متصاعدَ الزَفرات وهو مُودِّعي
إِن شبَّ في قَلبي الغَضا بفراقِه / فَلَقَد ثَوى بالمُنحَنى من أَضلُعي
أَتجشَّم السُلوان عنه تكلُّفاً / وَالطَبعُ يغلبُ شيمةَ المتطبِّعِ
بِنَفسي من قد حازَ لونَ الدُجى فَرعا
بِنَفسي من قد حازَ لونَ الدُجى فَرعا / وَلَم يَكفِهِ حتّى تقمَّصَه درعا
بدا فكأَنَّ البدرَ في جُنح لَيلةٍ / أَو الشَمسَ وافت في ظَلام الدُجى تَسعى
نَمتهُ لنا عشرُ المحرَّم جهرةً / يطارحُ أَتراباً تكنَّفنهُ سَبعا
تبدّى على رُزء الحُسين مسوَّداً / وَما زالَ يولي في الهَوى كربَ لا منعا
وَقَد سَلَّ من جَفينه عَضباً مهنَّداً / كأَنَّ له في كُلِّ جارحةٍ وقعا
هناك رأَيتُ الموتَ تَندى صفاحُه / وَناعي الأَسى يَنعي وأَهل الهوى صرعا
دَعَت ريحانةُ الأدباءِ لُبّي
دَعَت ريحانةُ الأدباءِ لُبّي / فَلَبّى وهو ممتثلٌ مُطيعُ
وَقالَ وقد أَجاب بغير رَيثٍ / أَمِن ريحانة الداعي السَميعُ
أَشَمسُ سَناها في الدُّجُنَّةِ بازغُ
أَشَمسُ سَناها في الدُّجُنَّةِ بازغُ / عَلَيها برودٌ للجَمال سوابغُ
ممنَّعةٌ أَمّا الرِضا فمحرَّم / لديها وأَمّا السُخطُ منها فسائغُ
تَروغُ إذا رامَ المحبُّ وِصالَها / كَما رامَ من آرام وَجرةَ رائغُ
وَلَم يَثنِها عنّي سلوٌّ وَلا قِلىً / وَلكنَّ شَيطانَ الملامة نازغُ
يَرومُ عَذولي أَن أَرومَ سلوَّها / وَما القَلبُ عَن نهج المحبّين زائغُ
وَلَو كانَ قَلبي فارِغاً لأَطعتهُ / ولكنَّه بالحبِّ ملآن فارغُ
لي اللَهُ من لاحٍ يؤنِّب في الهَوى / يُراوغني في حبِّها وأراوِغُ
وَلَو ذاقَ طعم الحبِّ من لامَ لم يكن / ليمضَغَ أَعراضَ المحبّين ماضِغُ
يَقولون لا تَشغَل فؤادَك بالهَوى / وأَقبحُ شيءٍ عاشقٌ متفارغُ
وَهَيهات لم أوفِ الغَرام حقوقَه / وإِن ظُنَّ أَنّي في الغَرام مُبالِغُ
وَبي طفلةٌ رَيّا المعاطِف حسنُها / لأَقصى نِهايات المحاسن بالغُ
تجلَّت فجلَّت أَن يُقاسَ بضوئِها / بدورُ تَمامٍ أَو شُموسٌ بوازِغُ
كأَنَّ اِحمرارَ الخَدَّ من وَجَناتها / له حسنُها من مهجة الصبِّ صابغُ
كأَنَّ اِسودادَ الخال في صَحن خدِّها / له حبُّها من حبَّة القلب صائغُ
نبغتُ بشعري في محاسن وصفِها / فأذعنَ عَن رغمٍ بِسَبقي النَوابغُ
لعمريَ لَولا دارُها بِتهامةٍ / لَما شاقَني منها خُليصٌ ورابغُ
وَلَو أَسعفَت قَلبي بدِرياقِ ريقها / لما ضَرَّه أَصلٌّ مِن الشعر لاذعُ
لئن غصَّ من عين الرَقيب محبُّها / فمشربُه من مَنهلِ الحبِّ سائغُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025