المجموع : 116
نقدت قريضي ثلة
نقدت قريضي ثلة / لا تعرف الأدب اللبابا
فرفعت مذودتي أذب / ب بها عن الأدب الذبابا
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه / متمسك بالعيش من اذنابه
أيطيب عيش الروح بعد عيائه / ويطيب عيش الجسم بعد خرابه
اهوى الصباح فانني
اهوى الصباح فانني / في ظله انسى اكتئابي
وكأنما هو قطعة / رجعت اليّ من الشباب
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا / يكابدون حياة كلها تعب
وعندما يئسوا من عود صحتهم / الى منيتهم في جرأة وثبوا
انا لا يسأل عني
انا لا يسأل عني / احد حين اغيب
انا كالرحمة منبو / ذ وكالحق غريب
يا نفس اني قانط
يا نفس اني قانط / وانما انت السبب
سولت لي ان اركب ال / بحر بفلكي فانقلب
أيتها النفس اقترب
أيتها النفس اقترب / فراق أبطال الأدب
الذائدين باليرا / ع عن كرامة العرب
حي الذين شاركو / نافي المصاب والنصب
وفي الرزايا الفادحا / ت الموهنات للركب
الموريات في قلو / بنا اسى فيه لهب
نارا تشب في قلو / ب الناس من غير حطب
الوفد ان الوفد خير من / رثى ومن ندب
حي الخناذيذ الألى / قد رفعوا شأن الادب
حي الألى جاؤا من / الآيات تتلى بالعجب
يا حبذا من قرض القريض / منهم او خطب
وحبذا شعر شدا / بمجد غازي فخلب
وحبذا من قاله / ومن روى ومن كتب
حفوا بغازي مثلما / يحف بالعين الهدب
غازي الذي قد لأم / الصدع وللفتق رأب
غازي الذي قد ورث / العلياء من ام واب
اليوم غازي وحده / في الارض سيد العرب
اما المليك فيصل / فانه نجم غرب
ما اكثر الدمع الذي / له من العين انسكب
الدهر قد اوجعنا / بسيفه لما ضرب
والهب القلب اسى / ثبت يدا ابي لهب
قد غالب الصبى الاسى / في رزئه فما غلب
فيا له من حادث / من وقعه الشرق اضطرب
الشعر ان جاء من الشعور / لا يخشى التبب
كأنه في معمعا / ن الحرب سيف ذو شطب
يسطع كالماس على / عقد ثمين من ذهب
كأنه قلادة / من لؤلؤ على لبب
اعيذه من شر كل / ناقد اذا كذب
وهامة اذا زقت / وغاسق اذا وقب
من لم يجئ بحجة / فلا يفيده الصخب
يا واهب الشعر لنا / لأنت خير من وهب
الدهر قد عاكسنا / وما على الدهر عتب
ما انقلبت حياتنا / لكنما الدهر انقلب
يا شعر انت كل ما / املكه من النشب
وانت يا شعر الى / الوحي تمت بالنسب
وانت عون لي على الدهر / ان الدهر حزب
غرد فلا وردك قد / ذوى ولا الماء نضب
اخواننا في رزئنا / غنوا بوحدة العرب
لا يصل الشعب الى / الغاية الا ان وثب
لا تستقل امة / في الارض من غير تعب
لا بد من وسائل / فكل شيء بسبب
الليل من وجه الصبا / ح بعدما جن هرب
لا يكذب الصبح الذي / اضواؤه ذات صبب
قصيدتي تشيع الوفد / اذا الوفد ذهب
قافية ركبتها / فهي تسير بي الخبب
قد تبع القوم هوى
قد تبع القوم هوى / يفضى الى المعاطب
ما اجهل الانسان في / دنياه بالعواقب
انظر إلى الكواكب
انظر إلى الكواكب / يسبحن في الغياهب
من ذاهب في شوطه / ولاحق بالذاهب
الى الطوالع الوضا / ء الزهر والغوارب
الى الجمال آخذاً / الى الشعاع السائب
والليل ساج قد خلا / من العصوف الصاخب
يعبرن عرض بحره / من جانب لجانب
غرقى الى الجيد الى / الثدي إلى الترائب
ارسلن شعراً من / اشعة على المناكب
وقد حللن ما على / الرؤوس من عصائب
ما ان رأت عين امرئ / ابهى من الكواكب
يلمعن مثل الماس او / كومضة الحباحب
يمشين اسرابا كأترا / ب من الكواعب
يذهبن من مشارق الارض / الى المغارب
والليل ضارب روا / قه على الجوانب
كل الجمال في النجو / م اللمع الثواقب
العاريات للخلا / عات من الجلابب
ما ان لهن غير / نيل الحب من مآرب
يضحكن من شيبي ومن / آمالي الكواذب
اشدو بمالهن من / حسن ومن مناقب
كأنهن الحور يطللن / من المراقب
أمن بنات الليل هن / ام من الربائب
او من طيور الخلد / يرففن على المشارب
عصائب يقعن اسرا / با على عصائب
والماء في المجرة / البيضاء غير ناضب
وربما اختلفن في / الاميال والمذاهب
خاطبتهن لو سمعن / القول من مخاطب
يا لهفتي على ضيا / ع للشهاب الثاقب
قد خر من عين الدجى / ليلا كدمع ساكب
وخيم الليل ونا / م القطب في المضارب
ماذا الذي قد خلف / القطب عن الصواحب
ما اجهل الليل وقد / خيم بالعواقب
فليس يدرى ما يلا / قيه من المصائب
لقد رماه الفجر في / الصدر بسهم صائب
وكان لما ناله / بالسهم غير كاذب
وكثر الليل عنذ / الانياب كالمغاضب
وجرد الصبح عليه / السيف كالمحارب
وظل يفري جلده / فري حنيق غاضب
جر الغرور الليل / مخذولا إلى المعاطب
ملاقياً جزاءه / من ثائر معاقب
والليل لا يقوى على / ردّ الصباح الواثب
يفر كالمغلوب من / وجه القوي الغالب
وهو جريح دمه / يجري على الجوانب
ما انتصر الليل بما / جمع من كتائب
بل انه اختفى عن العين / كملح ذائب
ان عبس الليل فليس / الذنب للكواكب
فهن يبتسمن حتى / للعدو الناصب
هو الذي جنى فكنّ / عرضة النوائب
وظلت الشعرى تنا / جي الصبح كالمعاتب
بين الصباح مسفرا / والليل ذي الغياهب
ثأر سيبقى فتقه / دهراً بغير رائب
غمّ النجوم ما تقا / سيه من المصائب
والصبح لما راعها / ما كان بالمداعب
كأنه باز جرى / يسطو على ارانب
او قسور حمارس / سطا على ثعالب
يريد ان يفترس / الانجم بالمخالب
فغرن جمعاء من الخشية / في المذانب
اني لأقرأ الأسى / في الاوجه الشواحب
اجفلن لا يحملن غير / الخوف في الحقائب
تؤذى العذارى في الحيا / ة قلة التجارب
تاللَه ما هذي الوجو / ه الغر للنوائب
والعندليب هب يشدو / بانتصار الغالب
والديك صاح يعلن / السرور للصواحب
كأنما قد فرحا / بنكبة الكواكب
يا كوكب الصبح لك / الصبح من الاقارب
ما كان ينبغي له / صفعك كالمعاقب
لا تيأسن وانتظر / ليل الغد المقارب
تكن كما قد كنت في / العين من الرغائب
يا ايها الصبح الجميل / يا ملاذ الراعب
لقد قسوت حين اخنيت / على الكواكب
رميت شملهن / بالتشتيت والمصاعب
ما ضر لو حميتهن / مثل ام حادب
كنّ ينبن عنك في الليل / الطويل اللازب
وكن زينة السما / ء في عيون الراقب
ما اجمل الشمس بدت / مرخية الذوائب
قد طلعت في موكب / من افخم المواكب
تنثر من ضيائها / تبراً على الجوانب
على البحار والجبا / ل الشم والسباسب
يا شمس انت للورى / من اكبر المواهب
حبيبة انت الى / الشبان والاشايب
اكبر بما تهدين من / نور ومن كهارب
سلام اذا كان السلام يقرب
سلام اذا كان السلام يقرب / بعيدا تماريه النوى وتعذب
يقول بجنح الليل طيفك ضمني / فاني ليلى نفسها وهو يكذب
يراع صنانيد الكتابة كالعضب
يراع صنانيد الكتابة كالعضب / يدور عليه ما على الارض من حرب
وان لاقلام عن الحق ذادة / لضربا كما للمشرفية من ضرب
ورب بلاد اخر الجهل اهلها / فقاسى بها الاحرار خطبا على خطب
وكم من بريئ مبعد عن دياره / على غير ما جرم وفي غير ما ذنب
ولكن من في صدره قلب يونس / يدافع في اليوم العصبصب عن شعب
اذا انا لم اشهد لقومي تقدما / قضيت من اليأس المبرح بي نحبي
خلقنا عليها امة عربية / نحاول طياً للمسافات بالوثب
نريد من الايام مجدا مؤثلا / ولو كان ذاك المجد في مرتقى الشهب
خذوا المجد اما غيره ان لبسته / فليس سوى رسم بايدي البلى نهب
يرى بعضهم في الكذب منه سياسة / وما كل شعب يطمئن الى الكذب
لقد عاث في الحملان قبلا رعاتها / ويا رب راع كان شراً من الذئب
طويل على الايام عتبى بموطني / ولكنما الايام صم عن العتب
لقد نال من اخوانه الغريونس / حفاء الى ان قال مكتفياً حسبي
اذا كان عن عين المحبه راحلا / فما هو ممن يرحلون عن القلب
رعى الله هذا الحفل بالعين انه / حوى دارة حول الحفي من الصحب
تحف به الاصحاب من كل جانب / كما حفت العين البصيرة بالهدب
عرفت له في الموقف الصعب قدرة / ويعرف قدر المرء في الموقف الصعب
وبين قلوب الناس اما تماثلت / مبادئهم يوما طريق من الحب
له ثروة موفورة من خصاله / وما اكثر الاوراق في الفنن الرطب
هو العضب يحمى حق شعب اضاعه / من الجبن افراد وامضى من العضب
فتى عربي النجر يصبيك خلقه / ومن احسن الاخلاق في المرء ما يصبي
صريح لحزب الله في الارض ينتمي / واكبر بحزب الله في الارض من حزب
سيبقى نهار الناس ابيض مبصرا / وان حال دون الشمس سد من السحب
وللارض ارواح وشمس مضيئةض / فيا شمسها ذرى ويا ريحها هبى
اراد فريق بالعظام تشبها / واين الوطيئ المطمئن من الهضب
عزيز على اهل العراق جميعهم / فراق اخيهم يونس الكاتب الندب
وددت لو اني كنت يوم رحيله / اسير على الضعف الذي بي مع الركب
اذا شئت فابعد عن ذويك او اقترب / فانك موموق على البعد والقرب
ستلقى على كل البقاع حفاوة / وتنزل في كل البلاد على الرحب
واما احتفال الشعب هذا فانه / لعمري احتفال فيك بالنفس للشعب
يريد اناس ان تطأطئ ساكتا / عن الحق حتى يدفن الحق في الترب
وما الحر الا من يقول بجرأةض / ويمشي مع الاحداث جنبا الى جنب
وان الحجا الوقاد في ذي زعامة / سراج يدل التهائهين على الدرب
اذا هددوا بالنفي يونس او نفوا / فلست ترى في وجهه اثر الرعب
فما صد عن نصر الحقيقة يونسا / وعيد ولا نحاه وعد عن الذب
اذا لم يحرر كاتب عن عقيدة / فليس لفتق في السياسة من رأب
اقول لجيران لنا لا تبجحوا / فنحن سواء في المصيبة والكرب
بنو العرب في العصر الاخير لنفسهم / اشد عداء او قلى من بني العرب
واكبر خصم للعروبة ولدها / فيا اسفي في كل يوم على العرب
ولم يتولد بعد في العرب مصلح / ولكنه بين الترائب والصلب
خمسة طاروا من عيون الشباب
خمسة طاروا من عيون الشباب / فوق طيارة كمثل العقاب
اخذت في الجو الرفيع تعالى / ثم خرت من اوجها كالشهاب
ان ذاك الصعود في الجو منهم / كان للمجد والعلا والغلاب
صدمة في هبوطها اهلكتهم / بعد ان حلقت بمجرى السحاب
لا ترى بعدها على الارض منهم / غير اشلاء او دم منساب
انما اوقف المحرك فيها / سبب قاهر من الاسباب
هلكوا في شرخ الشباب فيا / للرزء لما عرا وياللمصاب
فتية طارت تبتغي المجد ذخرا / ولاوطانها تخلد ذكرا
فوق طيارة تطوف بهم في / الجو هدارة فتشبه نسرا
كلما استذكرت الفجيعة احسست / من الحزن في فؤادي جمرا
ليس عندي ما استقى منه شعري / غير عين من الكآبة عبرى
انا في الحزن ارسل الشعر دمعا / ساخنا ثم ارسل الدمع شعرا
حسب من مات عند خدمته اوطانه / انه بها كان برا
عاش من بر بالمواطن محمو / داً فان مات فهو بالحمد احرى
فتية صرعى فارقتها الحياة / فبكتها الآباء والامهات
وبكاها العراق حزنا عليها / وبنوه ودجلة والفرات
اينما التفت اشاهد شحوبا / في وجوه عيونها خضلات
شيعتها الى مقابر شتى / عبرات وراءها عبرات
انما المجد لا يموت وان كا / ن ذووه لحادث قد ماتوا
ايها الشعب لا يثبطك يأس / انما في الموت الملم حياة
ايها النسر ما دهاك وقد كنت / اذا طرت لم يخنك الثبات
هي دنيا كثيرة الامتاع / ودعوها ولات حين وداع
وهو المجد بالمساعي اقتنوعها / حبذا المجد يقتني بالمساعي
قد اضعناهم خمسة ليس فيهم / من به رعدة فيا للضياع
مشهد للحياة والموت يشجى / ما به من تنازع وصراع
لهف نفسي على شباب تردوا / فنعاهم الي في الصبح ناع
شاع ذاك النعي حول الفراتين / فاثقل به على الاسماع
جنحت للغروب شمس نهاري / ثم منها لم يبق غير شعاع
وقف الموت للانام رصيدا / كل يوم يريد منهم شهيدا
شطت الدار بالاحبة عنا / وعسى من ناى بهم ان يعيدا
فتية كادتها صروف الليالي / والليالي من شأنها ان تكيدا
انا لو لا شيخوختي ثم دائي / كل يوم نظمت فيهم قصيدا
حبذا الليل والنهار لو انا / فيهما نستطيع ان لا نبيدا
قد ظننت الذي ثوى يسكن القبر / قريبا مني فكان بعيدا
فات من قد رأى السلام رغيبا / ان يرى في الاخطار موتاً حميدا
حل يودي بخمسة اطهار / قدر نازل من الاقدار
بنسور قد حلقت قبل ان يؤذن / ضوء الصباح بالاسفار
خطر كله الظلام ولاكن / لا تبالي النسور بالاخطار
ركبوها طيارة لم تخنهم / في تمارينهم وفي التكرار
ما دهاها حتى هوت كشهاب / خر من جوه بلا انذار
ثم دارت بهم على نفسها بالرغم / عن كل حيلة الطيار
ثم كان الذي به جرت الاقدار / من سقطة لهم وبوار
كل يوم تعطى الحياة ضحايا / تبتغي ارضاء بها للمنايا
ان هذا الجميل الذي نحن منه / هو من هاتيك الضحايا بقايا
نبتغي تخفيف الرزايا بلهو / نرتضيه فلا تخف الرزايا
لا اظن الحياة تلقى سلاما / من بلايا وراءهن بلايا
ان من اعطانا العقول اذا ما / شاء ان نردى يسترد العطايا
والذي انشأ البرايا من الموت / معيد الى البوار البرايا
كبر شفني فلم يبق عندي / غير قلب يئن تحت الحنايا
أنصتوا أنصتوا فقد طاف بالور
أنصتوا أنصتوا فقد طاف بالور / د صباحاً يغرّد العندليب
واذا العندليب غرد فالاس / ماع تنصاع والنفوس تطيب
انما العندليب والصوت منه / حين يشدوكلاهما لي حبيب
ملك الطير كلها في الاغاني / فله التاجه وحده والقضيب
هو ان صاح فالجوانح تهفو / واذا نادى فالقلوب تجيب
وكأن الاشجار جمع غفير / تسمع العندليب وهو خطيب
وكأن الازهار عند تغنيه / قلوب لها اليه وثوب
شاعر الروض العبقري فما ان / شعره نقليد ولا مكذوب
شدوه يطرب النفوس جميعا / ولكل الاسماع منه نصيب
هو شعر يهز مستمعيه / وهو سحر يحار فيه اللبيب
وهو نار من لوعة القلب يبقى / صاعدا في الفضاء منها اللهيب
وهو للقوم الرافهين هتاف / وهو للناس البائسين نحيب
الم فيه لذة وسرور / فيه حزن بالقلب منه ندوب
استطابته الطير من كل صنف / غير ان الغراب لا يستطيب
وجميل من العنادل شدو / وقبيح من الغراب النعيب
ما انت يا احمد في دولة الادب
ما انت يا احمد في دولة الادب / الا الزعيم والا شاعر العرب
وما تنبأت في دين كما زعموا / بل في الفصاحة سباقا وفي الادب
فكان يوحي اليك الشعر عن شحط / وكان يوحي اليك الشعر عن كثيب
ما كنت للشعر تستوحي قوافيه / حتى تجيئ من الاعجاز بالعجب
وكنت في قادة الآداب اولهم / وكنت اولهم في الجحفل اللجب
وكنت في الشعر مثل الماء منطلقا / وكنت في الحرب مثل النار في الحطب
كم حكمة لك سارت في الورى مثلا / قد قلتها بلسان الشاعر الذرب
كم دولة للقريض الناهض انقلبت / لكن عرشك فيها غير منقلب
وقالة الشعر ان نذكر منازلهم / فانت في الرأس والباقون في الذنب
صاحت بغاث ببازي الشعر تنقده / فلم يبال بها البازي ولم يجب
ان الذي مات عن شعر هدى امماً / لخالد في قلوب الناس والكتب
بالبغي قد قتلوا للشعر منك ابا / فاصبح الشعر من يتم بغير اب
لهفي كثر لو ان اللهف ينفعني / على حياتك اذا فضت الى العطب
هي الرزية لا تنسى فجيعتها / على توال من الاعصار والحقب
بالشعر والادب الايام طيبة / فان خلت منهما الايام لم تطب
الدهر جار على الآداب يزهقها / وما على الدهر إما جار من عتب
القتل رزء وهذا القتل افجعه / كأنما بك من الشر حل وبي
انت القتيل الذي لا قبر يجمعه / من بعدما مزقته اظفر النوب
وربما عرف الاسلاف مصرعه / مما على الارض فيه من دم سرب
القبر قبر فلا يجدى الدفين به / وان بنته اكف القوم من ذهب
مضى يريد حياة كلها دعة / وما درى ان غول الموت في الطلب
ولست اسأل عنه عند غيلته / أكان مضطربا ام غير مضطرب
ما في الرزية للمرزوء منتعش / لا يرقص الطير مذبوحا من الطرب
ليست بدار امان يطمأن لها / دينا مصائبها ينسلن من حدب
قصيدتي هذه ريحانة عبقت / جنيتها من لباناتي ومن اربى
نظمتها من شعور لي لاهديها / الى ابي الطيب النهاض بالادب
وما الذي قد نظمنا القول فيه سوى / صدى الذي قاله في سالف الحقب
أحمد كان مثل بحر رحيب
أحمد كان مثل بحر رحيب / موجه فوق لجه كالكثيب
شغل الناس منذ كان بشعر / قاله معجزا لكل أديب
ان يكن أحمد تنبأ في القو / م فما ان عليه من تثريب
فلقد كان الشعر يوحي اليه / سوراً للاصلاح والتهذيب
انما معجزاته في معانيه / وفي لفظه وفي الاسلوب
كم له من معنى تراه قريبا / وهو في نفس الأمر غير قريب
ومن اللفظ ما يكاد من الرقة / يجري الى صميم القلوب
أحمد كان شاعراً وحكيما / وباسرار النفس كان عليما
أحمد لا يفنى وان كان في قبر / عفته الايام عظماً رميما
أحمد كان في الزعامة للشعر / وفي العلم بالحياة عظيما
قد أراد الحساد للحر هضما / فابى الحر ان يكون هضيما
جعل الشعر كالنهار مضيئا / بعد ان كان الشعر ليلا بهيما
وكأن الديوان في جمعه ما / قاله كان للنجوم سديما
قتلوا الشاعر العظيم اغتيالا / وفشا قتله فكان اليما
ايها الشاعر الحفي القدير / باسمك اليوم يهتف الجمهور
اكبر الفضل ما تقدره الاجيال / من بعد اهله والدهور
انما قد اصاب شاكلة الامة / لما اصابك المقدور
ذم دنيا غرارة ليس تخلو / من رزايا يسوء فيها المصير
افجع الحادثات في الغرب والشر / ق على النابه الاديب تدور
قائل الشعر قد يبور مصابا / بملم وشعره لا يبور
حبذا الشعر آتيا من شعور / انما يلمس الشعور الشعور
يا قتيل الآداب انك باق / وستحيا في انفس العشاق
كل بيت قد قلته فيك أرثي / آهة لي جاءت من الاعماق
حرم القاتلوك امتهم من / كلم ملء الدهر والآفاق
ولقد صارعت الخطوب الى ان / اطفأت منك كوكبا ذا ائتلاق
شاعر العقل شاعر المجد والفخر / الاثيلين شاعر الاخلاق
والذي آمنت ببعثته النا / س على خلفة من الاذواق
جاءت الخيل وهي تنحط اعياء / ء وراء المحجل السباق
انما انت للقريب الجديد / مثلما انت للقديم البعيد
لست ممن يقلون كل قديم / غير اني احب كل جديد
انت في الدولتين كنت رسولا / ذا كتاب تدعو الى التوحيد
ولقد صاغوا الشعر قبلك من لفظ / ووزن وصغته من حديد
واحد أنت من عباقرة ما / توا على الارض غيلة للخلود
انت ممن جنى القريض عليهم / قُتل الشعر كم له من شهيد
كنت حيناً كالليث يزأر للبطش / وحينا كالبلبل الغريد
انت بالشعر اذ هززت الشعوبا / كنت ترضي النهى وترضي القلوبا
حكم الذي اراد صوابا / ونسيب لمن اراد النسيبا
تلك نار اذا خبت فهي تبقي / من جديد للمصطلين لهيبا
يتعب الدهر في التخير حتى / يهب الناس شاعرا او اديبا
قد دعاك العلا فسرت اليه / ودعوت العلا فكان مجيبا
انه وحده الحبيب الذي قد / كنت منه وكان منك قريبا
ولئن كنت للغبي بغيضا / فلقد كنت للذكي حبيبا
انت فرد يا احمدج المتنبي / في قريض نظمته أي وربي
ما دعوت القوافي الغر الا / وهي عند الدعاء جاءت تلبي
كثر الناقدو قريضك بالباطل / سترا لصدقه بالكذب
رب بنت للشعر قد وأدوها / في ربيع الصبا على غير ذنب
غير ان لايام قد ضربتهم / بعد حرب تأججت أي ضرب
شاعر انت للعروبة جمعا / ء برغم الحساد في كل حقب
ولقد قالوا ما لاحمد قبر / كذبوا ان قبر احمد قلبي
لك في الشعر عزة قعساء / عجزت عن بلوغها الشعراء
انهم ضلوا في ظلام الليالي / وهدتك المجرّة البيضاء
انما قالة القريض كثير / وقليل من بينها النبغاء
بين من راضوا الشعر او قرضوه / ليس الا الاسم الزعيم البقاء
القريض الشريف ممن اهانو / ه بما اسندوا اليه براء
ليس من حظ العبقري اذا / برّز الا العداء والبغضاء
ليس بالشعر ما خلا من شعور / وان احلولى لفظه والبناء
فاق شعر به نطقت مبينا / غرر الاولين والآخرينا
كان يحكي اليراع منك حساما / كلما احتل من يديك اليمينا
كنت تسطو به فيبدي زئيرا / ثم تشكو به فيبدي انينا
ضحكوا غرة فاسبلت دمعا / كنت تبكي به على الضاحكينا
ضم ديوانك الذي هو فردو / س من الشعر البكر حوراً عيهنا
انني كلما له جئت اتلو / اقرأ الحسن والهدى واليقينا
ولقد ابصر الكماة امامي / وارى قسطلا فاغضى العيونا
كان ليل يدجو وكان صباح / تتغذى بضوئه الارواح
انت في بحر كنت تسبح والبا / قون في حوض ماؤه ضحضاح
بك ليل القريض بعد ظلام / لاح للعين صبحه الوضاح
ثم زاد المقصرون صناعا / ت اليها الاديب لا يرتاح
ثم كان الغواة فيه فريقين / لكل عتاده والسلاح
ففريق مقلد لسواه / وفريق اباح ما لا يباح
ثم شبت بين الفريقين حرب / كثرت في الغمار منها الجراح
واحد انت من ملوك المعاني / ما له في سلطانه من ثان
شاعر العقل والعواطف في النفس / وما في قرارها من اماني
لا يدانيك ناقد قد تحدى / انه هادم وانت الباني
ما لهم في البلاغة اليوم ارض / ولك المشرفان والمغربان
انت ما كنت ترسل الشعر الا / بعد نضج في العقل او في الجنان
بعد الف من السنين تقضى / اكبرتك الاقوام في مهرجان
تعترى السامعي قريضك منهم / هزة في الارواح والابدان
انما جاءت الوفود ترامى / لتحييك ركعا وقياما
انهم يكبرون منك زعيما / اقعد الناس شعره واقاما
انهم لبوا دعوة الشعب لما / قدموا افواجا فكانوا كراما
لك يا احمد الامامة في المو / ت كما كنت في الحياة اماما
حبذا ابيات بها كنت تشدو / فجرت امثالا تزين الكلاما
سكت البلبل الذي كان يشدو / كل صبح فيوقظ النواما
محسن للتجديد احمد في البد / ء فمن ذا سيحسن الاتماما
حال بيني وبين شكري التراب
حال بيني وبين شكري التراب / إذ قضى نحبه فجل المصاب
مات شكري فلا تحف بشكري / بعد هذا رفاقه والصحاب
مات شكري فأنت إن تدعه اليوم / لأمر لم يأت منه جواب
مات شكري فما لشكري على الأرض / كما كان جيئته وذهاب
جر شكري من بين أهل وصحب / قدر من داء به غلاب
فاض قبل الوداع أوان نراه / مثلما في النهار يهوى شهاب
قد بكته الأقلام منكسرات / وبكته الأخلاق والآداب
لا أرى في جو الحياة صفاء / أعلى وجهه الجميل ضباب
قد أتاني نعيه باغتا فان / تَفضت في جثماني الأعصاب
فكأني هناك قد صعقني / كهرباء أو مزقتني حراب
اشرب الدمع بعده من لهابي / ثم ما أن يزول عني اللهاب
تتدانى من جو نفسي هموم / عند ذكراه ثم لا تنجاب
لم يكن ما أصوبه بدموع / إنها حزن في عيوني مذاب
أيها الموت قد أسأت ولكن / أيها الموت ما عليك عتاب
رحب القبر في الغداة بشكري / وعسى أن يسره الترحاب
ما انتفاع الأديب في الشرق يحيا / من حياة جميعها أتعاب
حملوه وبعد أن حملوه / دفنوه في حضرة ثم آبوا
أخذوا يحثون التراب عليه / أعلى ذلك الوجه يحثى التراب
لم أعب منه خلة في حياتي / ولقد قل صاحب لا يعاب
ليس ناس في الأرض طابوا فماتوا / مثل ناس في الأرض ماتوا فطابوا
أترى من فات المحاريب سبقا / كبطيء يفوته المحراب
ولقد كان كاتبا عبقريا / وأديبا مصرحا لا يهاب
آخذا في الشعر التجدد دينا / وهو فيما يدين لا يرتاب
كم له في نصر الجديد من / الشعر براهين دونهن الحراب
ضرب الصبح الليل والليل عات / بحسام فانشق منه الأهاب
إن للشعر في العراق لأذنا / با طوالا لو تبتر الأذناب
وإذا الشعر لم يمارسه ناس / نبغوا لا يكون فيه انقلاب
إنما هذه الحياة كنهر / صاخب في طريقه ينساب
فإذا ما البحر خالط يوما / فهو لا سائب ولا صخاب
وكأن الزمان بحر خضم / وكأن الإنسان فيه حباب
وسيبقى سر الزمان خفيا / عن بنيها حق يحاط الحجاب
ولها أسباب تقيها المنايا / فإذا اختلت تقتل الأسباب
إنما هذه الطبيعة سفر / تتهجى عنوانه الألباب
لا تثق بالعباب قد فاض يرغى / فإذا غاض البحر غاض العباب
ليس في العيش ما أسبح بال / حمد له غير أنه خلاب
ليس بعد الحياة إلا بوار / ليس بعد العمران إلا الخراب
ليست الأرض غير مقبرة / للناس منها بدوا وفيها غابوا
تدرك الشيوخ المنايا / مات فيهم فابنوه الشباب
لست أدري إذا قضى الدهر فينا / أثواب فيه الردى أم عتاب
ترى أنها وليدة أجادلنا / مكتوب عليها التباب
أم تراها تطير في الموت عنا / مثل أسراب خلفها أسراب
ولها في انطلاقها طائرات / سبل في هذا الفضاء رحاب