القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 116
نقدت قريضي ثلة
نقدت قريضي ثلة / لا تعرف الأدب اللبابا
فرفعت مذودتي أذب / ب بها عن الأدب الذبابا
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه / متمسك بالعيش من اذنابه
أيطيب عيش الروح بعد عيائه / ويطيب عيش الجسم بعد خرابه
اهوى الصباح فانني
اهوى الصباح فانني / في ظله انسى اكتئابي
وكأنما هو قطعة / رجعت اليّ من الشباب
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا
ارثى لمرضى ببرح الداء قد برموا / يكابدون حياة كلها تعب
وعندما يئسوا من عود صحتهم / الى منيتهم في جرأة وثبوا
انا لا يسأل عني
انا لا يسأل عني / احد حين اغيب
انا كالرحمة منبو / ذ وكالحق غريب
يا نفس اني قانط
يا نفس اني قانط / وانما انت السبب
سولت لي ان اركب ال / بحر بفلكي فانقلب
أيتها النفس اقترب
أيتها النفس اقترب / فراق أبطال الأدب
الذائدين باليرا / ع عن كرامة العرب
حي الذين شاركو / نافي المصاب والنصب
وفي الرزايا الفادحا / ت الموهنات للركب
الموريات في قلو / بنا اسى فيه لهب
نارا تشب في قلو / ب الناس من غير حطب
الوفد ان الوفد خير من / رثى ومن ندب
حي الخناذيذ الألى / قد رفعوا شأن الادب
حي الألى جاؤا من / الآيات تتلى بالعجب
يا حبذا من قرض القريض / منهم او خطب
وحبذا شعر شدا / بمجد غازي فخلب
وحبذا من قاله / ومن روى ومن كتب
حفوا بغازي مثلما / يحف بالعين الهدب
غازي الذي قد لأم / الصدع وللفتق رأب
غازي الذي قد ورث / العلياء من ام واب
اليوم غازي وحده / في الارض سيد العرب
اما المليك فيصل / فانه نجم غرب
ما اكثر الدمع الذي / له من العين انسكب
الدهر قد اوجعنا / بسيفه لما ضرب
والهب القلب اسى / ثبت يدا ابي لهب
قد غالب الصبى الاسى / في رزئه فما غلب
فيا له من حادث / من وقعه الشرق اضطرب
الشعر ان جاء من الشعور / لا يخشى التبب
كأنه في معمعا / ن الحرب سيف ذو شطب
يسطع كالماس على / عقد ثمين من ذهب
كأنه قلادة / من لؤلؤ على لبب
اعيذه من شر كل / ناقد اذا كذب
وهامة اذا زقت / وغاسق اذا وقب
من لم يجئ بحجة / فلا يفيده الصخب
يا واهب الشعر لنا / لأنت خير من وهب
الدهر قد عاكسنا / وما على الدهر عتب
ما انقلبت حياتنا / لكنما الدهر انقلب
يا شعر انت كل ما / املكه من النشب
وانت يا شعر الى / الوحي تمت بالنسب
وانت عون لي على الدهر / ان الدهر حزب
غرد فلا وردك قد / ذوى ولا الماء نضب
اخواننا في رزئنا / غنوا بوحدة العرب
لا يصل الشعب الى / الغاية الا ان وثب
لا تستقل امة / في الارض من غير تعب
لا بد من وسائل / فكل شيء بسبب
الليل من وجه الصبا / ح بعدما جن هرب
لا يكذب الصبح الذي / اضواؤه ذات صبب
قصيدتي تشيع الوفد / اذا الوفد ذهب
قافية ركبتها / فهي تسير بي الخبب
قد تبع القوم هوى
قد تبع القوم هوى / يفضى الى المعاطب
ما اجهل الانسان في / دنياه بالعواقب
انظر إلى الكواكب
انظر إلى الكواكب / يسبحن في الغياهب
من ذاهب في شوطه / ولاحق بالذاهب
الى الطوالع الوضا / ء الزهر والغوارب
الى الجمال آخذاً / الى الشعاع السائب
والليل ساج قد خلا / من العصوف الصاخب
يعبرن عرض بحره / من جانب لجانب
غرقى الى الجيد الى / الثدي إلى الترائب
ارسلن شعراً من / اشعة على المناكب
وقد حللن ما على / الرؤوس من عصائب
ما ان رأت عين امرئ / ابهى من الكواكب
يلمعن مثل الماس او / كومضة الحباحب
يمشين اسرابا كأترا / ب من الكواعب
يذهبن من مشارق الارض / الى المغارب
والليل ضارب روا / قه على الجوانب
كل الجمال في النجو / م اللمع الثواقب
العاريات للخلا / عات من الجلابب
ما ان لهن غير / نيل الحب من مآرب
يضحكن من شيبي ومن / آمالي الكواذب
اشدو بمالهن من / حسن ومن مناقب
كأنهن الحور يطللن / من المراقب
أمن بنات الليل هن / ام من الربائب
او من طيور الخلد / يرففن على المشارب
عصائب يقعن اسرا / با على عصائب
والماء في المجرة / البيضاء غير ناضب
وربما اختلفن في / الاميال والمذاهب
خاطبتهن لو سمعن / القول من مخاطب
يا لهفتي على ضيا / ع للشهاب الثاقب
قد خر من عين الدجى / ليلا كدمع ساكب
وخيم الليل ونا / م القطب في المضارب
ماذا الذي قد خلف / القطب عن الصواحب
ما اجهل الليل وقد / خيم بالعواقب
فليس يدرى ما يلا / قيه من المصائب
لقد رماه الفجر في / الصدر بسهم صائب
وكان لما ناله / بالسهم غير كاذب
وكثر الليل عنذ / الانياب كالمغاضب
وجرد الصبح عليه / السيف كالمحارب
وظل يفري جلده / فري حنيق غاضب
جر الغرور الليل / مخذولا إلى المعاطب
ملاقياً جزاءه / من ثائر معاقب
والليل لا يقوى على / ردّ الصباح الواثب
يفر كالمغلوب من / وجه القوي الغالب
وهو جريح دمه / يجري على الجوانب
ما انتصر الليل بما / جمع من كتائب
بل انه اختفى عن العين / كملح ذائب
ان عبس الليل فليس / الذنب للكواكب
فهن يبتسمن حتى / للعدو الناصب
هو الذي جنى فكنّ / عرضة النوائب
وظلت الشعرى تنا / جي الصبح كالمعاتب
بين الصباح مسفرا / والليل ذي الغياهب
ثأر سيبقى فتقه / دهراً بغير رائب
غمّ النجوم ما تقا / سيه من المصائب
والصبح لما راعها / ما كان بالمداعب
كأنه باز جرى / يسطو على ارانب
او قسور حمارس / سطا على ثعالب
يريد ان يفترس / الانجم بالمخالب
فغرن جمعاء من الخشية / في المذانب
اني لأقرأ الأسى / في الاوجه الشواحب
اجفلن لا يحملن غير / الخوف في الحقائب
تؤذى العذارى في الحيا / ة قلة التجارب
تاللَه ما هذي الوجو / ه الغر للنوائب
والعندليب هب يشدو / بانتصار الغالب
والديك صاح يعلن / السرور للصواحب
كأنما قد فرحا / بنكبة الكواكب
يا كوكب الصبح لك / الصبح من الاقارب
ما كان ينبغي له / صفعك كالمعاقب
لا تيأسن وانتظر / ليل الغد المقارب
تكن كما قد كنت في / العين من الرغائب
يا ايها الصبح الجميل / يا ملاذ الراعب
لقد قسوت حين اخنيت / على الكواكب
رميت شملهن / بالتشتيت والمصاعب
ما ضر لو حميتهن / مثل ام حادب
كنّ ينبن عنك في الليل / الطويل اللازب
وكن زينة السما / ء في عيون الراقب
ما اجمل الشمس بدت / مرخية الذوائب
قد طلعت في موكب / من افخم المواكب
تنثر من ضيائها / تبراً على الجوانب
على البحار والجبا / ل الشم والسباسب
يا شمس انت للورى / من اكبر المواهب
حبيبة انت الى / الشبان والاشايب
اكبر بما تهدين من / نور ومن كهارب
سلام اذا كان السلام يقرب
سلام اذا كان السلام يقرب / بعيدا تماريه النوى وتعذب
يقول بجنح الليل طيفك ضمني / فاني ليلى نفسها وهو يكذب
يراع صنانيد الكتابة كالعضب
يراع صنانيد الكتابة كالعضب / يدور عليه ما على الارض من حرب
وان لاقلام عن الحق ذادة / لضربا كما للمشرفية من ضرب
ورب بلاد اخر الجهل اهلها / فقاسى بها الاحرار خطبا على خطب
وكم من بريئ مبعد عن دياره / على غير ما جرم وفي غير ما ذنب
ولكن من في صدره قلب يونس / يدافع في اليوم العصبصب عن شعب
اذا انا لم اشهد لقومي تقدما / قضيت من اليأس المبرح بي نحبي
خلقنا عليها امة عربية / نحاول طياً للمسافات بالوثب
نريد من الايام مجدا مؤثلا / ولو كان ذاك المجد في مرتقى الشهب
خذوا المجد اما غيره ان لبسته / فليس سوى رسم بايدي البلى نهب
يرى بعضهم في الكذب منه سياسة / وما كل شعب يطمئن الى الكذب
لقد عاث في الحملان قبلا رعاتها / ويا رب راع كان شراً من الذئب
طويل على الايام عتبى بموطني / ولكنما الايام صم عن العتب
لقد نال من اخوانه الغريونس / حفاء الى ان قال مكتفياً حسبي
اذا كان عن عين المحبه راحلا / فما هو ممن يرحلون عن القلب
رعى الله هذا الحفل بالعين انه / حوى دارة حول الحفي من الصحب
تحف به الاصحاب من كل جانب / كما حفت العين البصيرة بالهدب
عرفت له في الموقف الصعب قدرة / ويعرف قدر المرء في الموقف الصعب
وبين قلوب الناس اما تماثلت / مبادئهم يوما طريق من الحب
له ثروة موفورة من خصاله / وما اكثر الاوراق في الفنن الرطب
هو العضب يحمى حق شعب اضاعه / من الجبن افراد وامضى من العضب
فتى عربي النجر يصبيك خلقه / ومن احسن الاخلاق في المرء ما يصبي
صريح لحزب الله في الارض ينتمي / واكبر بحزب الله في الارض من حزب
سيبقى نهار الناس ابيض مبصرا / وان حال دون الشمس سد من السحب
وللارض ارواح وشمس مضيئةض / فيا شمسها ذرى ويا ريحها هبى
اراد فريق بالعظام تشبها / واين الوطيئ المطمئن من الهضب
عزيز على اهل العراق جميعهم / فراق اخيهم يونس الكاتب الندب
وددت لو اني كنت يوم رحيله / اسير على الضعف الذي بي مع الركب
اذا شئت فابعد عن ذويك او اقترب / فانك موموق على البعد والقرب
ستلقى على كل البقاع حفاوة / وتنزل في كل البلاد على الرحب
واما احتفال الشعب هذا فانه / لعمري احتفال فيك بالنفس للشعب
يريد اناس ان تطأطئ ساكتا / عن الحق حتى يدفن الحق في الترب
وما الحر الا من يقول بجرأةض / ويمشي مع الاحداث جنبا الى جنب
وان الحجا الوقاد في ذي زعامة / سراج يدل التهائهين على الدرب
اذا هددوا بالنفي يونس او نفوا / فلست ترى في وجهه اثر الرعب
فما صد عن نصر الحقيقة يونسا / وعيد ولا نحاه وعد عن الذب
اذا لم يحرر كاتب عن عقيدة / فليس لفتق في السياسة من رأب
اقول لجيران لنا لا تبجحوا / فنحن سواء في المصيبة والكرب
بنو العرب في العصر الاخير لنفسهم / اشد عداء او قلى من بني العرب
واكبر خصم للعروبة ولدها / فيا اسفي في كل يوم على العرب
ولم يتولد بعد في العرب مصلح / ولكنه بين الترائب والصلب
خمسة طاروا من عيون الشباب
خمسة طاروا من عيون الشباب / فوق طيارة كمثل العقاب
اخذت في الجو الرفيع تعالى / ثم خرت من اوجها كالشهاب
ان ذاك الصعود في الجو منهم / كان للمجد والعلا والغلاب
صدمة في هبوطها اهلكتهم / بعد ان حلقت بمجرى السحاب
لا ترى بعدها على الارض منهم / غير اشلاء او دم منساب
انما اوقف المحرك فيها / سبب قاهر من الاسباب
هلكوا في شرخ الشباب فيا / للرزء لما عرا وياللمصاب
فتية طارت تبتغي المجد ذخرا / ولاوطانها تخلد ذكرا
فوق طيارة تطوف بهم في / الجو هدارة فتشبه نسرا
كلما استذكرت الفجيعة احسست / من الحزن في فؤادي جمرا
ليس عندي ما استقى منه شعري / غير عين من الكآبة عبرى
انا في الحزن ارسل الشعر دمعا / ساخنا ثم ارسل الدمع شعرا
حسب من مات عند خدمته اوطانه / انه بها كان برا
عاش من بر بالمواطن محمو / داً فان مات فهو بالحمد احرى
فتية صرعى فارقتها الحياة / فبكتها الآباء والامهات
وبكاها العراق حزنا عليها / وبنوه ودجلة والفرات
اينما التفت اشاهد شحوبا / في وجوه عيونها خضلات
شيعتها الى مقابر شتى / عبرات وراءها عبرات
انما المجد لا يموت وان كا / ن ذووه لحادث قد ماتوا
ايها الشعب لا يثبطك يأس / انما في الموت الملم حياة
ايها النسر ما دهاك وقد كنت / اذا طرت لم يخنك الثبات
هي دنيا كثيرة الامتاع / ودعوها ولات حين وداع
وهو المجد بالمساعي اقتنوعها / حبذا المجد يقتني بالمساعي
قد اضعناهم خمسة ليس فيهم / من به رعدة فيا للضياع
مشهد للحياة والموت يشجى / ما به من تنازع وصراع
لهف نفسي على شباب تردوا / فنعاهم الي في الصبح ناع
شاع ذاك النعي حول الفراتين / فاثقل به على الاسماع
جنحت للغروب شمس نهاري / ثم منها لم يبق غير شعاع
وقف الموت للانام رصيدا / كل يوم يريد منهم شهيدا
شطت الدار بالاحبة عنا / وعسى من ناى بهم ان يعيدا
فتية كادتها صروف الليالي / والليالي من شأنها ان تكيدا
انا لو لا شيخوختي ثم دائي / كل يوم نظمت فيهم قصيدا
حبذا الليل والنهار لو انا / فيهما نستطيع ان لا نبيدا
قد ظننت الذي ثوى يسكن القبر / قريبا مني فكان بعيدا
فات من قد رأى السلام رغيبا / ان يرى في الاخطار موتاً حميدا
حل يودي بخمسة اطهار / قدر نازل من الاقدار
بنسور قد حلقت قبل ان يؤذن / ضوء الصباح بالاسفار
خطر كله الظلام ولاكن / لا تبالي النسور بالاخطار
ركبوها طيارة لم تخنهم / في تمارينهم وفي التكرار
ما دهاها حتى هوت كشهاب / خر من جوه بلا انذار
ثم دارت بهم على نفسها بالرغم / عن كل حيلة الطيار
ثم كان الذي به جرت الاقدار / من سقطة لهم وبوار
كل يوم تعطى الحياة ضحايا / تبتغي ارضاء بها للمنايا
ان هذا الجميل الذي نحن منه / هو من هاتيك الضحايا بقايا
نبتغي تخفيف الرزايا بلهو / نرتضيه فلا تخف الرزايا
لا اظن الحياة تلقى سلاما / من بلايا وراءهن بلايا
ان من اعطانا العقول اذا ما / شاء ان نردى يسترد العطايا
والذي انشأ البرايا من الموت / معيد الى البوار البرايا
كبر شفني فلم يبق عندي / غير قلب يئن تحت الحنايا
أنصتوا أنصتوا فقد طاف بالور
أنصتوا أنصتوا فقد طاف بالور / د صباحاً يغرّد العندليب
واذا العندليب غرد فالاس / ماع تنصاع والنفوس تطيب
انما العندليب والصوت منه / حين يشدوكلاهما لي حبيب
ملك الطير كلها في الاغاني / فله التاجه وحده والقضيب
هو ان صاح فالجوانح تهفو / واذا نادى فالقلوب تجيب
وكأن الاشجار جمع غفير / تسمع العندليب وهو خطيب
وكأن الازهار عند تغنيه / قلوب لها اليه وثوب
شاعر الروض العبقري فما ان / شعره نقليد ولا مكذوب
شدوه يطرب النفوس جميعا / ولكل الاسماع منه نصيب
هو شعر يهز مستمعيه / وهو سحر يحار فيه اللبيب
وهو نار من لوعة القلب يبقى / صاعدا في الفضاء منها اللهيب
وهو للقوم الرافهين هتاف / وهو للناس البائسين نحيب
الم فيه لذة وسرور / فيه حزن بالقلب منه ندوب
استطابته الطير من كل صنف / غير ان الغراب لا يستطيب
وجميل من العنادل شدو / وقبيح من الغراب النعيب
ما انت يا احمد في دولة الادب
ما انت يا احمد في دولة الادب / الا الزعيم والا شاعر العرب
وما تنبأت في دين كما زعموا / بل في الفصاحة سباقا وفي الادب
فكان يوحي اليك الشعر عن شحط / وكان يوحي اليك الشعر عن كثيب
ما كنت للشعر تستوحي قوافيه / حتى تجيئ من الاعجاز بالعجب
وكنت في قادة الآداب اولهم / وكنت اولهم في الجحفل اللجب
وكنت في الشعر مثل الماء منطلقا / وكنت في الحرب مثل النار في الحطب
كم حكمة لك سارت في الورى مثلا / قد قلتها بلسان الشاعر الذرب
كم دولة للقريض الناهض انقلبت / لكن عرشك فيها غير منقلب
وقالة الشعر ان نذكر منازلهم / فانت في الرأس والباقون في الذنب
صاحت بغاث ببازي الشعر تنقده / فلم يبال بها البازي ولم يجب
ان الذي مات عن شعر هدى امماً / لخالد في قلوب الناس والكتب
بالبغي قد قتلوا للشعر منك ابا / فاصبح الشعر من يتم بغير اب
لهفي كثر لو ان اللهف ينفعني / على حياتك اذا فضت الى العطب
هي الرزية لا تنسى فجيعتها / على توال من الاعصار والحقب
بالشعر والادب الايام طيبة / فان خلت منهما الايام لم تطب
الدهر جار على الآداب يزهقها / وما على الدهر إما جار من عتب
القتل رزء وهذا القتل افجعه / كأنما بك من الشر حل وبي
انت القتيل الذي لا قبر يجمعه / من بعدما مزقته اظفر النوب
وربما عرف الاسلاف مصرعه / مما على الارض فيه من دم سرب
القبر قبر فلا يجدى الدفين به / وان بنته اكف القوم من ذهب
مضى يريد حياة كلها دعة / وما درى ان غول الموت في الطلب
ولست اسأل عنه عند غيلته / أكان مضطربا ام غير مضطرب
ما في الرزية للمرزوء منتعش / لا يرقص الطير مذبوحا من الطرب
ليست بدار امان يطمأن لها / دينا مصائبها ينسلن من حدب
قصيدتي هذه ريحانة عبقت / جنيتها من لباناتي ومن اربى
نظمتها من شعور لي لاهديها / الى ابي الطيب النهاض بالادب
وما الذي قد نظمنا القول فيه سوى / صدى الذي قاله في سالف الحقب
أحمد كان مثل بحر رحيب
أحمد كان مثل بحر رحيب / موجه فوق لجه كالكثيب
شغل الناس منذ كان بشعر / قاله معجزا لكل أديب
ان يكن أحمد تنبأ في القو / م فما ان عليه من تثريب
فلقد كان الشعر يوحي اليه / سوراً للاصلاح والتهذيب
انما معجزاته في معانيه / وفي لفظه وفي الاسلوب
كم له من معنى تراه قريبا / وهو في نفس الأمر غير قريب
ومن اللفظ ما يكاد من الرقة / يجري الى صميم القلوب
أحمد كان شاعراً وحكيما / وباسرار النفس كان عليما
أحمد لا يفنى وان كان في قبر / عفته الايام عظماً رميما
أحمد كان في الزعامة للشعر / وفي العلم بالحياة عظيما
قد أراد الحساد للحر هضما / فابى الحر ان يكون هضيما
جعل الشعر كالنهار مضيئا / بعد ان كان الشعر ليلا بهيما
وكأن الديوان في جمعه ما / قاله كان للنجوم سديما
قتلوا الشاعر العظيم اغتيالا / وفشا قتله فكان اليما
ايها الشاعر الحفي القدير / باسمك اليوم يهتف الجمهور
اكبر الفضل ما تقدره الاجيال / من بعد اهله والدهور
انما قد اصاب شاكلة الامة / لما اصابك المقدور
ذم دنيا غرارة ليس تخلو / من رزايا يسوء فيها المصير
افجع الحادثات في الغرب والشر / ق على النابه الاديب تدور
قائل الشعر قد يبور مصابا / بملم وشعره لا يبور
حبذا الشعر آتيا من شعور / انما يلمس الشعور الشعور
يا قتيل الآداب انك باق / وستحيا في انفس العشاق
كل بيت قد قلته فيك أرثي / آهة لي جاءت من الاعماق
حرم القاتلوك امتهم من / كلم ملء الدهر والآفاق
ولقد صارعت الخطوب الى ان / اطفأت منك كوكبا ذا ائتلاق
شاعر العقل شاعر المجد والفخر / الاثيلين شاعر الاخلاق
والذي آمنت ببعثته النا / س على خلفة من الاذواق
جاءت الخيل وهي تنحط اعياء / ء وراء المحجل السباق
انما انت للقريب الجديد / مثلما انت للقديم البعيد
لست ممن يقلون كل قديم / غير اني احب كل جديد
انت في الدولتين كنت رسولا / ذا كتاب تدعو الى التوحيد
ولقد صاغوا الشعر قبلك من لفظ / ووزن وصغته من حديد
واحد أنت من عباقرة ما / توا على الارض غيلة للخلود
انت ممن جنى القريض عليهم / قُتل الشعر كم له من شهيد
كنت حيناً كالليث يزأر للبطش / وحينا كالبلبل الغريد
انت بالشعر اذ هززت الشعوبا / كنت ترضي النهى وترضي القلوبا
حكم الذي اراد صوابا / ونسيب لمن اراد النسيبا
تلك نار اذا خبت فهي تبقي / من جديد للمصطلين لهيبا
يتعب الدهر في التخير حتى / يهب الناس شاعرا او اديبا
قد دعاك العلا فسرت اليه / ودعوت العلا فكان مجيبا
انه وحده الحبيب الذي قد / كنت منه وكان منك قريبا
ولئن كنت للغبي بغيضا / فلقد كنت للذكي حبيبا
انت فرد يا احمدج المتنبي / في قريض نظمته أي وربي
ما دعوت القوافي الغر الا / وهي عند الدعاء جاءت تلبي
كثر الناقدو قريضك بالباطل / سترا لصدقه بالكذب
رب بنت للشعر قد وأدوها / في ربيع الصبا على غير ذنب
غير ان لايام قد ضربتهم / بعد حرب تأججت أي ضرب
شاعر انت للعروبة جمعا / ء برغم الحساد في كل حقب
ولقد قالوا ما لاحمد قبر / كذبوا ان قبر احمد قلبي
لك في الشعر عزة قعساء / عجزت عن بلوغها الشعراء
انهم ضلوا في ظلام الليالي / وهدتك المجرّة البيضاء
انما قالة القريض كثير / وقليل من بينها النبغاء
بين من راضوا الشعر او قرضوه / ليس الا الاسم الزعيم البقاء
القريض الشريف ممن اهانو / ه بما اسندوا اليه براء
ليس من حظ العبقري اذا / برّ‍ز الا العداء والبغضاء
ليس بالشعر ما خلا من شعور / وان احلولى لفظه والبناء
فاق شعر به نطقت مبينا / غرر الاولين والآخرينا
كان يحكي اليراع منك حساما / كلما احتل من يديك اليمينا
كنت تسطو به فيبدي زئيرا / ثم تشكو به فيبدي انينا
ضحكوا غرة فاسبلت دمعا / كنت تبكي به على الضاحكينا
ضم ديوانك الذي هو فردو / س من الشعر البكر حوراً عيهنا
انني كلما له جئت اتلو / اقرأ الحسن والهدى واليقينا
ولقد ابصر الكماة امامي / وارى قسطلا فاغضى العيونا
كان ليل يدجو وكان صباح / تتغذى بضوئه الارواح
انت في بحر كنت تسبح والبا / قون في حوض ماؤه ضحضاح
بك ليل القريض بعد ظلام / لاح للعين صبحه الوضاح
ثم زاد المقصرون صناعا / ت اليها الاديب لا يرتاح
ثم كان الغواة فيه فريقين / لكل عتاده والسلاح
ففريق مقلد لسواه / وفريق اباح ما لا يباح
ثم شبت بين الفريقين حرب / كثرت في الغمار منها الجراح
واحد انت من ملوك المعاني / ما له في سلطانه من ثان
شاعر العقل والعواطف في النفس / وما في قرارها من اماني
لا يدانيك ناقد قد تحدى / انه هادم وانت الباني
ما لهم في البلاغة اليوم ارض / ولك المشرفان والمغربان
انت ما كنت ترسل الشعر الا / بعد نضج في العقل او في الجنان
بعد الف من السنين تقضى / اكبرتك الاقوام في مهرجان
تعترى السامعي قريضك منهم / هزة في الارواح والابدان
انما جاءت الوفود ترامى / لتحييك ركعا وقياما
انهم يكبرون منك زعيما / اقعد الناس شعره واقاما
انهم لبوا دعوة الشعب لما / قدموا افواجا فكانوا كراما
لك يا احمد الامامة في المو / ت كما كنت في الحياة اماما
حبذا ابيات بها كنت تشدو / فجرت امثالا تزين الكلاما
سكت البلبل الذي كان يشدو / كل صبح فيوقظ النواما
محسن للتجديد احمد في البد / ء فمن ذا سيحسن الاتماما
حال بيني وبين شكري التراب
حال بيني وبين شكري التراب / إذ قضى نحبه فجل المصاب
مات شكري فلا تحف بشكري / بعد هذا رفاقه والصحاب
مات شكري فأنت إن تدعه اليوم / لأمر لم يأت منه جواب
مات شكري فما لشكري على الأرض / كما كان جيئته وذهاب
جر شكري من بين أهل وصحب / قدر من داء به غلاب
فاض قبل الوداع أوان نراه / مثلما في النهار يهوى شهاب
قد بكته الأقلام منكسرات / وبكته الأخلاق والآداب
لا أرى في جو الحياة صفاء / أعلى وجهه الجميل ضباب
قد أتاني نعيه باغتا فان / تَفضت في جثماني الأعصاب
فكأني هناك قد صعقني / كهرباء أو مزقتني حراب
اشرب الدمع بعده من لهابي / ثم ما أن يزول عني اللهاب
تتدانى من جو نفسي هموم / عند ذكراه ثم لا تنجاب
لم يكن ما أصوبه بدموع / إنها حزن في عيوني مذاب
أيها الموت قد أسأت ولكن / أيها الموت ما عليك عتاب
رحب القبر في الغداة بشكري / وعسى أن يسره الترحاب
ما انتفاع الأديب في الشرق يحيا / من حياة جميعها أتعاب
حملوه وبعد أن حملوه / دفنوه في حضرة ثم آبوا
أخذوا يحثون التراب عليه / أعلى ذلك الوجه يحثى التراب
لم أعب منه خلة في حياتي / ولقد قل صاحب لا يعاب
ليس ناس في الأرض طابوا فماتوا / مثل ناس في الأرض ماتوا فطابوا
أترى من فات المحاريب سبقا / كبطيء يفوته المحراب
ولقد كان كاتبا عبقريا / وأديبا مصرحا لا يهاب
آخذا في الشعر التجدد دينا / وهو فيما يدين لا يرتاب
كم له في نصر الجديد من / الشعر براهين دونهن الحراب
ضرب الصبح الليل والليل عات / بحسام فانشق منه الأهاب
إن للشعر في العراق لأذنا / با طوالا لو تبتر الأذناب
وإذا الشعر لم يمارسه ناس / نبغوا لا يكون فيه انقلاب
إنما هذه الحياة كنهر / صاخب في طريقه ينساب
فإذا ما البحر خالط يوما / فهو لا سائب ولا صخاب
وكأن الزمان بحر خضم / وكأن الإنسان فيه حباب
وسيبقى سر الزمان خفيا / عن بنيها حق يحاط الحجاب
ولها أسباب تقيها المنايا / فإذا اختلت تقتل الأسباب
إنما هذه الطبيعة سفر / تتهجى عنوانه الألباب
لا تثق بالعباب قد فاض يرغى / فإذا غاض البحر غاض العباب
ليس في العيش ما أسبح بال / حمد له غير أنه خلاب
ليس بعد الحياة إلا بوار / ليس بعد العمران إلا الخراب
ليست الأرض غير مقبرة / للناس منها بدوا وفيها غابوا
تدرك الشيوخ المنايا / مات فيهم فابنوه الشباب
لست أدري إذا قضى الدهر فينا / أثواب فيه الردى أم عتاب
ترى أنها وليدة أجادلنا / مكتوب عليها التباب
أم تراها تطير في الموت عنا / مثل أسراب خلفها أسراب
ولها في انطلاقها طائرات / سبل في هذا الفضاء رحاب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025