القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 448
إِرفعْ كِتابَكَ يا سُرا
إِرفعْ كِتابَكَ يا سُرا / قَةُ إنّه عَلَمُ النَّجاةِ
هُوَ جُنَّةٌ لك من سُيو / فِ الضّاربينَ طُلَى الكُماةِ
عَهْدُ النَّبيِّ فأيُّ ذخ / ر مثله للحادثاتِ
أسْدَى الجميلَ ومَنَّ يأ / خُذُ نَفْسَهُ بالمكرماتِ
ويُقيمُ أعلامَ الهُدَى / للتابعين مِنَ الهُداةِ
لو شاءَ قتلك يا سُرا / قَةُ لم تذق طَعْمَ الحياةِ
إذ جئتَ تطلبُ قتلَه / وتُطيعُ فيه هوى الغُواةِ
أرأيتَ حِلْمَ مُحمّدٍ / وَعَرفته جَمَّ الأناةِ
أدْرِكْ بدينِ اللهِ نَفْ / سَكَ واستقِمْ قبل الفواتِ
دين المفاخر والمآ / ثرِ والخلالِ الصّالحاتِ
دين الغطارفةِ الأما / جدِ والجهابذَةِ الثِّقاتِ
دين الرشادِ بأسرِهِ / والخيرِ من ماضٍ وآتِ
اللَّهُ ربُّ العالَمِي / نَ فما اتّباعُ التُّرَّهاتِ
إن كنتَ ذا عقلٍ فَحَسْ / بُكَ نظرةٌ في الكائناتِ
تلك المعالِمُ واضحا / تٍ والشواهدُ بَيّنَاتِ
دَعْ ما مَضى لَك يا سُرا / قَةُ من جناياتِ العُصاةِ
أيّامَ تَضربُ في الغَوا / يةِ بالعَشِيِّ وبالغداةِ
أنت أتّقيتَ اللَّهَ ربْ / بَكَ فَاغْتَنِمْ عُقبَى التُّقاةِ
لِمَنْ تَجمعُ الُّرومُ أبطالها
لِمَنْ تَجمعُ الُّرومُ أبطالها / وتحملُ للحربِ أثقالَها
أللجاعِلينَ نُفوسَ العبادِ / وَدائِعَ يَقْضونَ آجالَها
إذا استعجلوها ببيضِ الظُّبَى / فلن يملكَ القومُ إمهالَها
جُنودٌ تُقدِّمُ أرواحَها / وتَبذلُ في اللهِ أموالَها
لئن جاوزَتْ غايةَ العاملين / لقد بَارَكَ اللهُ أعمالها
وَمَنْ مِثلُ عُثمَانَ يَرْعَى النُّفوسَ / إذا آدَها الأمرُ أو عَالَها
كثيرُ النَّوالِ رَحِيبُ المجالِ / إذا رَامَ مَنزلةً نالَها
أبا بكرٍ اخْترتَ أبقى الثراء / وجَنَّبتَ نَفْسَكَ بَلبالَها
تَمنَّيتَها نِعمةً سمحةً / فألبَسَكَ اللَّهُ سِرْبَالَها
وإنّ لِصحبِكَ في الباذلين / مَناقِبَ نُدمِنُ إجلالَهَا
ألحَّ النِّساءُ على حَلْيهِنّ / وأقبلنَ في ضَجّةٍ يا لها
نَبِيَّ الهُدَى أتُلِمُّ الحقوقَ / فنأبَى ونُؤثِرُ إهمالَها
وتذهبُ منّا ذَواتُ الحِجالِ / تُجرجِرُ في الحيِّ أذيالَها
لقد طافَ طائِفُها بالفتاةِ / فأرَّقها ما عَنَا آلها
فما أمسكَ البُخلُ دُمْلُوجَها / ولا مَلَكَ الحِرصُ خلخَالَها
مشَى الجحفلُ الضَّخمُ في جحفلٍ / يُحِب الحُروبَ وأهوالَها
وخافَ من الحرِّ أهلُ النِّفاقِ / فقالوا البيوتَ وأظلالَها
وأهْلَكَهُمْ شَيْخُ أشياخِهم / بِشَنعاءِ يَأثَمُ مَن قَالها
بَني الأصفر استبِقوا للوغى / وخَلُّوا النُّفوسَ وآمالها
وقفتم من الرُّعبِ ما تُقدمون / وما هَاجتِ الحربُ أغوالَها
فكيف بكم بَيْن أنْيَابِها / إذا جَمَع اللَّهُ آكالَها
رأى عُمَرٌ رأيَهُ في الرَّحيلِ / فلا تُكْثِرِ الرُّومُ أوجالَها
لهم دَونَ مَهلكِهمْ مُدّةٌ / مِنَ الدّهرِ يَقضونَ أحوالَها
تَبوكُ اشْهَدِي نَزَواتِ الذّئاب / وحَيِّ الأسودَ وأشبالها
أما يَنبغِي لكِ أن تَعرفِي / شُيوخَ الحُروبِ وأطفالها
هي المِلَّةُ الحقُّ لن تَستكين / ولن يدَعَ السَّيفُ أقتَالَها
رأتْ ملّةَ الكُفرِ تغزو النُّفوس / فجاءَتْ تُمزِّقُ أوصالَها
لها من ذويها حُماةٌ شِداد / يُبيدونَ مَن رامَ إذلالَها
فلن يَعرِفَ النّاسُ أمثالَهم / ولن يَشهد الدّهرُ أمثالَها
ولن تَستبينَ سَبيلُ الهُدَى / إذا اتَّبعَ النَّاسُ ضُلَّالها
فَمَنْ كانَ يُحزِنُه أن تَبِيد / قُوَى الشّركِ فَلْيَبْكِ أطلالَها
لأهلِ المُفَصَّلِ من آيهِ / مَوَارِدُ يُسقَوْنَ سِلْسَالَها
تردُّ القُلوبَ إلى ربِّها / وتَفتحُ للنُّورِ أقفالَها
سِويلمُ ما قَوْلٌ ببيتِكَ يُفْتَرَى
سِويلمُ ما قَوْلٌ ببيتِكَ يُفْتَرَى / بألسنةٍ تبغي الفسادَ فَتكذِبُ
أَلابْنِ أُبيٍّ رَأيهُ ما وَراءَهُ / لِذي نُهْيَةٍ رأيٌ ولا عنه مَذْهَبُ
حَقودٌ رَمَى بالشُّؤْمِ كلَّ مُنافقٍ / فيا لكَ من شَرٍّ على النّاسِ يُجلَبُ
أحَسَّ رَسولُ اللهِ ما كان منهمُ / وَجاءَ بَرِيدُ الله بالحقِّ يدأبُ
فقال لعمَّارٍ أرى القومَ أوقدوا / لأنفُسِهمْ نَاراً بِعَيْني تَلهَّبُ
ألا قُمْ فَأدْرِكْهُم ولمَّا يُصِبْهُمُ / عَذابٌ غَليظٌ ما لهم منه مَهْرَبُ
فلمّا أتاهم أنكروا ثم أقبلوا / بأقوالٍ فُجَّارٍ عن الحقِّ تَرغبُ
فقالَ رسولُ اللهِ بل قُلتمُ الذي / عَلِمتُ وما يخفَى عَليَّ المُغيَّبُ
فقالوا على غَيْظِ النُّفوسِ وَحِقدِها / ألا إنّما كُنَّا نَخوضُ ونَلعبُ
وعادوا خَزَايا نادِمينَ وإنّهم / إلى الشَّرِّ إلا أن يَتوبوا لأَقْرَبُ
خَفِ اللَّهَ يا جَدُّ بن قيسٍ ولا تُطِعْ
خَفِ اللَّهَ يا جَدُّ بن قيسٍ ولا تُطِعْ / هَواكَ وَدَعْها خُطّةً هِيَ ماهِيَهْ
كَذبتَ رسولَ اللهِ تُضمِرُ غيرَ ما / تَقولُ وما تَخْفَى على اللَّهِ خافِيَهْ
تَقولُ لهُ ائْذَنْ لِي ولا تَبْغِ فِتنتي / فَإنِّي امرؤٌ أُعطِي النِّساءَ عِنانِيَهْ
وإنّ نِساءَ الرُّومِ يَغْلِبْنَنِي على / عَفافِي فَدَعْنِي ما لهنّ ومالِيهْ
فأعرضَ عنهُ غيرَ راضٍ وساءَهُ / فُجورُ امرئٍ يُبدي الفُجورَ عَلانِيَهْ
وجاءَ ابنُه يُصليهِ نَارَ مَلامةٍ / فيا لكِ من نارٍ على المرءِ حَامِيَهْ
يقول له بل جئتَها جاهليَّةً / دعتكَ إليها من نفاقك دَاعِيَهْ
لك الويل يا جدُّ بن قيسٍ فإن تَتُبْ / وُقِيتَ وإن تَفْسُقْ فمالكَ وَاقِيَهْ
أَبَوْا أن يقعدوا والجيشُ يُزجَى
أَبَوْا أن يقعدوا والجيشُ يُزجَى / فَيُوشِكُ أن يكونَ له انْطِلاقُ
وليس لهم سِوَى القُرآنِ يُتلَى / فلا خَيْلٌ ولا إبلٌ تُساقُ
فَلاذوا بالنبيِّ وناشدُوه / لِيَحْمِلَهُمْ فَضاقَ بهم وضاقوا
تَوَلَّوْا تَسْتَهِلُّ على لِحاهُمْ / دُموعٌ مِلءَ أعينهِم تُراقُ
أتُعْوِزُهُمْ لَدَى الزَّحفِ المطايا / ويَسْبِقُهم إلى اللهِ الرِّفاقُ
فَرَقَّ لهم من الغازِينَ قَومٌ / رُمُوا مِنهم بخطبٍ لا يُطاقُ
وَجَاءَوا بالرَّواحِلِ فاستراحوا / مِنَ الهمِّ المُبرِّحِ واسْتفاقوا
أمَنْ يَهديهِ إيمانُ وَتَقْوىً / كمن يُردِيه غِشٌّ أو نِفاقُ
لَكَ اللهُ أَقبِلْ أبا خَيْثَمهْ
لَكَ اللهُ أَقبِلْ أبا خَيْثَمهْ / فِللّهِ صُنْعَكَ ما أَكْرَمَهْ
قَعدتَ فلما كَرِهتَ القُعودَ / نَفرت حَثيثاً إلى المَلْحَمَهْ
دَخلتَ العَريشَ على نَعجتيك / فَسُبحانَ ربِّكَ ما أعظَمَهْ
نَعِيمٌ يَروقُ وظِلٌّ يشوقُ / وعَيشٌ يَسرُّكَ أن تَغْنَمَهْ
فذكَّرَكَ اللهُ حَرَّ الجهاد / وألهمَ قلبكَ ما ألْهَمَهْ
فقلتَ أيمضي الرسولُ الكريم / يُكابِدُ في اللَّهِ ما جَشَّمَهْ
وأبقى هُنا في هَوى نَعْجَتيّ / وَحُبِّ العريشِ كذِي الملأمَهْ
وَسِرْتَ فأدركَتَهُ في تبوك / وللجيشِ من حَوْلِهِ هَمْهَمَهْ
يقولون مَن ذا وما خطبهُ / ألا إنّه لأبو خَيْثَمَهْ
ألم يَكُ في المعشرِ القاعدين / فماذا عراهُ وما أَقْدَمَهْ
هُوَ اللَّهُ يَهدِي نُفوسَ الرجال / ويَرزقها البِرَّ والمَرْحَمَهْ
أبا ذرٍّ رَحلتَ على بعيرٍ
أبا ذرٍّ رَحلتَ على بعيرٍ / لو اَنَّ الذَّرَّ يَلْمَسُهُ لَهدَّهْ
بَراهُ السَّيرُ حالاً بعد حالٍ / فأوْهَنَ عَظْمَهُ وأذابَ جِلْدَهْ
عَمدتَ إلى متاعِكَ لم تَدَعْهُ / عليهِ ولم يَدَعْكَ الضّعفُ عِنْدَهْ
شددتَ قُواكَ إذ وَهَنتْ قُواهُ / وَرُضْتَ الأمرَ إذ أبصرتَ جِدَّهْ
وسِرْتَ فكنتَ أصلبَ منه عَزماً / وأصدقَ هِمّةٌ وأشَدَّ نَجْدَهْ
مَشَيْتَ تُريدُ وَجْهَ اللَّهِ حتّى / بلغتَ رَسولَهُ ولَقيتَ جُنْدَهْ
رأوكَ تَؤُمُّهُمْ فرداً فقالوا / أخٌ في اللَّهِ يخشى اللَّهَ جُهْدَهْ
وقال أتى أبو ذَرٍّ فأهلاً / بِصاحبنا الذي ما خان عَهْدَهْ
ألا إنّ الذي يَسْعَى إلينا / ليمشي وَحْدَهُ ويَموتُ وَحْدَهْ
وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ مِن بعدِ هذا / وَسُبحانَ الذي يَختارُ عَبْدَهْ
طَلْحَةَ الخيرِ طَلحَة الجُودِ أبْشِرْ
طَلْحَةَ الخيرِ طَلحَة الجُودِ أبْشِرْ / صِرتَ تُدْعى بِطلحَة الفيّاضِ
نَفحةٌ بعد نفحةٍ وانتهاضٌ / في مجالِ السَّخاءِ بعدَ انْتِهاضِ
في حُنَيْنٍ يَدٌ وفي أُحُدٍ أُخْ / رَى وهذِي تَبوكُ ملأى الوفاضِ
مِن جَزُورٍ نحرتَها تُطعمُ الجي / شَ وتشفيهِ من أذىً وارْتِماضِ
ذاقَ من شِدّةِ الطوَى ما كفاهُ / وهو مُستحصِدُ العزيمةِ رَاضِ
حَزَبَتْهُ الأمورُ في طاعةِ الل / هِ فما هَمَّ مَرّةً باعتراضِ
عَالمٌ أنّ أفَضَلَ المقاديرِ ما شا / ءَ وخيرَ الأمورِ ما هو قاضِ
لَكَ في المسلمينَ يا ابْنَ عُبيدِ ال / لهِ بَرقٌ مُباركُ الإيماضِ
تَستهِلُّ الصنائِعُ الغرُّ إنْ لا / حَ وتَجرِي الصّلاتُ مِلءَ الحياضِ
هكذا المؤمِنُ الموفَّقُ يُغنِي / في مرُوآتِهِ غَناءَ المواضي
يَدفعُ الحادث الجليل ويَقْضِي ال / حقَّ سمحَ اليدينِ قبل التقاضي
يُحَنَّةُ إنْ تُؤمِنْ فَخيرٌ وإن تُرِدْ
يُحَنَّةُ إنْ تُؤمِنْ فَخيرٌ وإن تُرِدْ / سِوَى الحقِّ فَاعْلَمْ أنّ رأيكَ عَازِبُ
أتى بك من أكنافِ أيلةَ ما أتى / وليس لمن يَمَّمتَ في النّاسِ غَالِبُ
دُعِيتَ إلى الإسلامِ فاخترْتَ جِزْيَةً / تَنالُ بها الأمنَ الذي أنتَ طالبُ
ولو كنتَ ممّن يبتغي جانِبَ الهُدَى / هُدِيتَ ولكنَّ المُضلَّلَ خَائِبُ
وما رَغِبَ المأمونُ فيها هَديَّةً / كساكَ بها البُرْدَ الذي أنت سَاحِبُ
أتيتَ بقومٍ لو رأوا مِنكَ ناصحاً / لما عاب منهم خُطّةَ الجدِّ لاعِبُ
أتأبون دِينَ الحقِّ يا آلَ إذرح / وجرباء حتى يجلب الخيل جالبُ
ألا فاشهدوا يا آل مقنا وأيْقِنُوا / بأنْ سوفَ تَنْهى الجاهِلينَ العواقِبُ
خُذوا من عهودِ الذُّلِّ ما اللَّهُ ضَارِبٌ / عليكم وما الدَّاعي إلى اللَّهِ كاتبُ
وأدُّوا إليهِ المالَ لا تَبخلُوا به / ولا تغدروا فالبأسُ يَقظانُ دائبُ
وَسِيروا بأهليكم على الخُطَّةِ التي / رَضِيتُم لهم إنّ الطريقَ لَلاَحِبُ
أخا البغلةِ البيضاءِ لَيْتَكَ كُنْتها / لعلَّكَ تدرِي كيفَ تعلو المراتِبُ
أتُعطَى من العزِّ البهيمةُ رِزقَها / ويُحرَمُ منه المرءُ تِلكَ العجائبُ
يُحَنَّةُ هذا ما قضَى اللَّهُ فاعتبِرْ / وكيف اعتبارُ المرءِ والعقلُ ذاهِبُ
أخالدُ إنّكَ ذو نَجْدَةٍ
أخالدُ إنّكَ ذو نَجْدَةٍ / فَهيَّا إلى دُومَةِ الجندلِ
إلى معشرٍ كفروا بالكتابِ / وحَادوا عن المذهبِ الأمثلِ
دَعاكَ الرسولُ فأنت الرسول / وليس له عنك من مَعدلِ
أمامك حِصنٌ طويلُ الذُّرَى / فَخُذْهُ بِصَمصامِكَ الأطولِ
وَمُرْ بالأكيدرِ يَقذفْ به / إليك على كِبرهِ من عَلِ
قتلتَ أخاهُ وألقى إليك / جَناحَ الذليلِ فلم يُقتلِ
وجِئتَ به سيِّدَ الفاتحين / فأوغَلَ في قلبهِ المقفلِ
هَداه إلى اللَّهِ بعد الضلالِ / وبعد العَمى لم يَكَدْ يَنجَلِي
وأعطاه من عهدهِ موئلاً / يَقيهِ فيا لك من مؤئلِ
فَصبراً أُكيدرُ إنّ الزمان / سيكشفُ عن غَدِكَ المقْبلِ
سَتنقُض عهدكَ دَأْبَ الشقِيِّ / وتجمعُ في غَيِّكَ الأوّلِ
فيرميك ربُّكَ بابنِ الوليدِ / ويشفيكَ من دائِكَ المعضلِ
بصاعقةٍ مَنْ يَذُقْها يَقُلْ / كأنَّ الصّواعقَ لم تُرْسَلِ
أتفعلُ وَيْحَكَ ما لو عقلتَ / لأعرضتَ عنه ولم تفعلِ
أُكيدرُ ليس لنفسٍ وَقاء / إذا ما ابتلى اللَّهُ مَن يبتلي
خَطَب الرسولُ فَكُلُّ سَمْعٍ مُنْصِتٌ
خَطَب الرسولُ فَكُلُّ سَمْعٍ مُنْصِتٌ / في الخَافِقَيْنِ وكلُّ قلبٍ خَاشِعُ
قُلْ يا محمّدُ كُلُّ شيءٍ مُطرقٌ / يَرجو المزيدَ وكلُّ شيءٍ سَامِعُ
قل ما يُعَلِّمكَ الذي هو عَالِمٌ / أنّ النُّفوسَ إلى الفسادِ نَوازِعُ
أدِّبْ بدينِ اللَّهِ قَوْمَكَ إنّه / دِينٌ لأشتاتِ الفضائلِ جامعُ
هذا تراثُ العالمِينَ بأسرهم / يَجرِي عليهم نَفْعُه المتتابعُ
فلكلِّ عصرٍ منه وِردٌ سائغٌ / ولكلِّ جِيلٍ منه كَنْزُ رائعُ
قُل للذي تَرك السّبيلَ ألا اسْتَقِمْ / وعَنِ العَمايةِ فَلْيَزَعْكَ الوازِعُ
فإذا غَوَيْتَ فكلُّ شيءٍ ضائرٌ / وإذا اهتديتَ فكلُّ شيءٍ نافعُ
اللَّهُ أنزلَ في المفصَّلِ حُكمَهُ / والحقُّ يعرفه التَقيُّ الطائعُ
يَقولُ دُعاةُ الشرِّ ليتَ محمداً
يَقولُ دُعاةُ الشرِّ ليتَ محمداً / إذا نَحنْ عُدْنا يسلكُ الجانبَ الوَعْرا
إذن لدفعناهُ إلى الجانبِ الذي / تَنَكَّبَ نُؤذيه ونُرهقُه عُسْرا
ونبَّأهُ مَولاهُ فازدادَ قُوّةً / على قُوّةٍ واختارَ ما يَقمعُ الشَّرّا
فلما دَنا من يَثربٍ قال قائلٌ / أطيعُوا رسولَ اللهِ وامْتثِلُوا الأمْرَا
على السَّهْلِ فامْضُوا واتركوا الحَزْنَ إنّه / سَيَسْلُكُه فَرداً يريدُ بكم يُسْرا
وقال تقدَّمْ ناقتي يا ابْنَ ياسرٍ / وسِرْ خَلفَها يا ابنْ اليمانِ فما أحْرَى
وسَارَ فجاء القوم يعدون خلفه / وقد نشر الإظلام من حولهم سترا
ونكَّر كلٌّ وَجْهَهُ بِلثَامِهِ / وما نَكَّروا إلا الخيانةَ والغَدْرا
رَمَوْا ناقة الهادِي بأشخاصِ جِنَّةٍ / تَخوضُ إليها اللّيلَ فانتفَضْت ذُعرا
وأمسى رَسولُ اللهِ يَهوِي مَتاعُه / على الأرضِ إلا ما تماسكَ فَاسْتَذْرَى
وقال انْطلِقْ يا ابنَ اليَمانِ فَرُدَّهُمْ / ويا صاحبي لا تبتئِسْ وَالْزَمِ الصَّبْرا
فَكَرَّ عليهم كَرَّةَ اللّيثِ ضَارباً / وُجوهَ مَطاياهُم ولمَ يألُهمْ زَأْرا
إليكم إليكم شِيعةَ الكُفرِ إنّكم / لأعداءُ ربِّ النّاسِ أعظِمْ بهِ كُفْرا
تولَّوْا سِراعاً لم يُصِيبُوا شِفاءهُمْ / ولم يُطفِئُوا مِن حِقدهِم ذَلِكَ الجَمْرا
وَجاءَ أُسيدٌ لا يرى غيرَ قَتلِهم / فقالَ رسولُ اللهِ لا تَبْغِها نُكْرا
أأقتلُ قَوماً ظَاهروني وحَارَبُوا / مَعِيَ حَسْبُهم أن يَحمِلوا الإثمَ والوِزْرا
وجَاءُوا على خوفٍ يقولونَ ما بنا / سِوَى الظَّنِّ فاغفرْ إنّها الفِتنةُ الكُبْرى
وضَجُّوا بأيْمانٍ هِيَ النَّارُ أُوقِدَتْ / بألسنةِ ظلّتْ أكاذيبُها تَتْرى
كَفاهُم عِقابُ اللهِ والدَّعوةُ التي / يَظَلُّ لَظاها يَنفذُ الظَّهرَ والصَّدرا
خَفُّوا يُلاقونَ النبيَّ بيثربٍ
خَفُّوا يُلاقونَ النبيَّ بيثربٍ / من بعدِ ما كَرِهوا الخُروجَ فأحْجَموا
فَنَأى وأعرضَ لا يُريدُ لِقاءَهم / وتَكشَّفوا فَمُبَغَّضٌ ومُذَمَّمُ
وَتقطَّعتْ أسبابُهم فكأنّهم / سَرْحٌ يُبدَّدُ أو بِناءٌ يُهدَمُ
سُودُ الوجوهِ تَرى العُيونُ قَتامها / فَتظلُّ تُطْعَنُ باِللِّحاظِ وَتُرْجَمُ
يَتلفَّتونَ إذا مَشَوْا وإخالُهم / لو يَقدِرونَ مِنَ الحياءِ تَلثَّموا
يَتقلَّبُ الآباءُ في حَسَرَاتِهم / وكأنّما الأبناءُ ليسوا مِنْهُمُ
هَجْرٌ وإعراضٌ وَطُولُ قَطيعةٍ / فالعيشُ سُمٌّ نَاقِعٌ أو عَلْقَمُ
هُمْ أجْرَمُوا فَهُوَ الجزاءُ وَهكذا / يُجْفَى ويُجْتَنَبُ المُسِيءُ المجرِمُ
وَيْحَ الثلاثةِ إنّهم مما لَقُوا / لأَشدُّ خَطباً في الرجالِ وأعظمُ
وَدُّوا لَو اَنَّ الأرضَ زالتْ فَانْطَوَتْ / ثُمَّ انْطَوَوْا فكأنّهم لم يأثَموا
ضاقتْ جَوانِبُها فلا مُتأخَّرٌ / فيها لأنفُسِهم ولا مُتقَدَّمُ
كلٌّ له في العالَمين جَزاؤُه / ومِنَ الجماعةِ حَاكِمٌ لا يَظْلِمُ
يَقْضُونَ إنْ عَقَلوا قَضاءً صالحاً / هُوَ للنّفوسِ مُهذِّبٌ ومُقَوِّمُ
فإذا هُمو جَهِلُوا فليس لدائِهم / طِبٌّ وليس لمثلِهم أن يَحْكُموا
سُبحانَ ربِّكَ ذي الجلالةِ إنّه / لم يُوجبِ الشُّورى لِمَنْ لا يَفْهَمُ
الرَّأيُ رأيُ ذَوِي المعارِفِ والنُّهَى / ومِنَ الرجالِ بَهائِمٌ لا تَعْلَمُ
يا بَنِي غُنْمِ بْنِ عَوفٍ ما لكم
يا بَنِي غُنْمِ بْنِ عَوفٍ ما لكم / تَجعلونَ الدِّينَ كَيْداً وضِرارا
أغَضِبْتُم إذ بَنَى إخوتُكم / في قباءٍ مَسجِداً يهدِي الحَيَارى
فاتّخذتُمْ غَيْرَهُ تَبغونه / فِتنةً للنّاسِ جَهْلاً وَاغْتِرارا
وَجَمعتم فيهِ من أشياعِكم / كُلَّ غاوٍ يجعلْ السُّوآى شِعَارَا
مُفْتَرٍ يَهْذِي بقولِ الزُّورِ في / سَيِّدِ الرُّسْلِ ويُؤذيه جِهارا
يا بنِي غُنمِ بنِ عَوْفٍ إنّها / شِيَمُ الحَمْقَى وأخلاقُ السُّكَارى
استفِيقُوا إنّه قد جاءكم / من جُنودِ اللهِ أقوامٌ غَيارى
قال مَولاهم هَلُمُّوا فاهْدِمُوا / مَسجدَ السُّوءِ جِدَاراً فَجِدارا
وَابْعَثُوا النّارَ عليهِ جَهرةً / إنّما المؤمنُ مَنْ يُصْليهِ نارا
صَدَعُوا بالأمرِ وازْدَادَ الأُلَى / طَاوَعُوا الفاسِقَ ذُلّاً وصَغَارا
زَيَّنَ الفاحِشةَ الكُبْرَى لهم / فَأَتَوْها لا يخافونَ البَوَارا
وَفَدَ نَجرانَ إن أردتَ الرَّشادا
وَفَدَ نَجرانَ إن أردتَ الرَّشادا / فَاتَّقِ اللهَ واتَّبِعْ ما أرادا
وتأمّلْ فَتِلكَ حُجَّتُه البي / ضاء لم تُبقِ ظَلمةً أو سوادا
وَضَحَ الحقُّ وَانْجَلَى الشَّكُ فَانْظُرْ / إنّه النُّورُ قد أضاءَ البلادا
إنّهُ الدّينُ قَيِّماً يُصلِحُ الأم / رَ ويَنْفِي الأذى معاً والفَسادا
جِئتَ في زِينَةٍ وبَسْطَةِ حالٍ / تزدهيكَ الجِيادُ إذ تَتهادى
وهداياكَ من مُسُوحٍ وبُسُطٍ / زِيدَ فيها الفنُّ البديعُ وزادا
صَدقتْ صَنعةُ التصاويرِ فيها / وَهْيَ إفكٌ سَبيلهُ أن يُعادَى
ردَّها الصَّادِقُ الأمينُ تُقاةً / وقَضَى الأمرَ حِكمةً وسَدادا
ودعاهم إلى التي هِيَ أهْدَى / فأبَى الظالمونَ إلا عِنَادا
زَعموا أنّهم على الحقِّ ما حا / دوا ولكنَّه عن الحقِّ حادا
أيظنُّ المسيحَ عَبْداً وقد كا / ن إلهاً أتى يدينُ العِبادا
قال لا تكذبوا عليه وتُوبوا / وَاتْبَعوا الحقَّ مِلَّةً وَاعْتِقادا
إنّ عِيسَى صَلَّى الإلهُ عليهِ / كان للحقِّ قُوةً وعَتادا
هُوَ مِن رُوحِ ربِّهِ مُستفادٌ / وسَبيلُ المخلوقِ أن يُستفادا
كان في قومِه رسولاً رَضِيَّاً / يَتَّقِي رَبَّهُ ويَرْجُو المعادا
لا أبٌ كالذي زَعمتُمْ ولا ابنٌ / فدعوا الشِّركَ وَانْبِذوا الإلحادا
وَحِّدُوا اللهَ مالكم منه واقٍ / وَاحْذَرُوا الخيلَ والسُّيوفَ الحِدادا
ضَلَّ من يدَّعِي لِمَنْ هُوَ فَردٌ / في عُلاهُ الأبناءَ والأندادا
فتنتهم أعمالُه وَهْيَ مِنْ قُدرةِ / اللّهِ وشَرُّ الضَّلالِ أن يَتمادى
رُمِيتْ يَثْرِبٌ بوفدٍ جَمادٍ / هل رأى العالمون وَفدا جَمادا
عَدِمَ العقلَ فهو يُمعِنُ في الجه / لِ ويأبَى فما يُريدُ اتّئادا
أنزل اللهُ آيةً لو وعاها / راحَ بعد اللجاجِ يُلقِي القِيادا
لم يَكُنْ دُونَ أن يبيدَ مَحيصٌ / لَيْتَهُ بَاهَلَ النَّبيَّ فَبادا
مَنعتهم آجالهم فَتَفَادَوْا / ما يودُّ الحريصُ أن يَتفادى
وأتوا مُذعِنينَ يبغونَ صُلحاً / يَدفعُ الويلَ والخطوبَ الشِّدادا
سيّدُ الرسلِ أمّلوهُ ففازوا / إنّما أمَّلوا الكريمَ الجَوادا
اشترُوا مِنْهُ أنفُساً نَجِساتٍ / زادها البيعُ والشِّراءُ كَسَادا
حُلَلٌ لا تكونُ إن هِيَ عُدَّتْ / دُونَ ألفٍ ولا تَجِيءُ فُرادا
يَبعثُ القومُ مِثلَها من لُجَيْنٍ / يُعجِبُ النّاظِرينَ والنُّقّادا
سِرْ حَثيثاً أبا عُبيدةَ وَامْلأْ / أرضَ نَجرانَ هِمَّةً وَاجْتِهَادا
أنتَ أنتَ الأمينُ عزَّ بكَ الصُّن / عُ الذي يرفع الرِّجالَ وسادا
خَلُصَتْ للنبيِّ مِنكَ خِلالٌ / أفعمتْ نَفْسَهُ هَوىً وودادا
أخذوا العهدَ رَحْمَةً وسلاماً / بعد أنْ ضلَّ سَعْيُهُم أو كادا
يَبلغُ الحقُّ مُبتغاهُ وتزدا / دُ قُواهُ تَمادِياً واطِّرادا
وأضلُّ الرجالِ من لا يُلبِّي / دَاعِيَ اللهِ طائعاً إذ يُنادَى
أيها المُؤمنُونَ تُوبوا إلى الل / هِ وكونُوا لِدِينِهِ أوْتادا
أَرَغِبْتُمْ إذ أقبلَ الوفد في الدن / يا وكنتم من قبله زُهّادا
إنّ خيراً من ذلكم جَنَّةُ اللَ / هِ فلا تَعْدِلوا بِتَقواهُ زَادا
ما لِنَفْسٍ من غِبْطَةٍ أو سُرورٍ / بمتاعٍ تَخْشَى عليهِ النَّفادا
قُدومٌ من أبي مُوسَى الهُمامِ
قُدومٌ من أبي مُوسَى الهُمامِ / وَوفدِ الأشعريِّينَ الكِرامِ
وَعَوْدٌ من غريبِ الدارِ ناءٍ / رَمى برحالهِ للبَيْنِ رامِ
يَفرُّ بدينِهِ ويُريدُ ربّاً / أقامَ رسولُه دينَ السّلامِ
أبا مُوسَى لَك البُشْرَى وأهلاً / بركبكَ في حِمَى خَيرِ الأنامِ
لَقيتَ مِنَ الأحبَّةِ كلَّ سمحٍ / وفيِّ العهدِ مأمونِ الذّمامِ
وَنِلتَ بدارِهم ما رُمتَ منهم / فهل لك بعد ذلكَ من مرامِ
إذا رقَّتْ قلوبُ القومِ كانت / بعافيةٍ من الدّاءِ العُقامِ
تَجولُ حقائقُ الأشياءِ فيها / فَمنِ غَلَقٍ يُفَضُّ ومن خِتامِ
وتُوقِظُها إذا الأكوانُ نامتْ / فما تلهو بأحلامِ النِّيامِ
إلى الإيمانِ والحِكَمِ الغوالي / سما نَسَبٌ بكم عالي المقامِ
شهادةُ أصدقِ الشُّهداءِ طُرّاً / وأنطقِهم بمأثورِ الكلامِ
أبا موسى نَهضتَ إلى محلٍّ / يَشُقُّ على ذَوِي الهِمَمِ العِظامِ
وَفُزْتَ بها حياةً ما لنفسٍ / تُجانِبُها سِوى الموتِ الزُّؤامِ
نِظامُ الدِّينِ والدنيا جميعاً / وهل شيءٌ يكونُ بلا نِظامِ
أَقْبِلُوا راشِدينَ فالأمرُ جِدُّ
أَقْبِلُوا راشِدينَ فالأمرُ جِدُّ / أيُّ نهجٍ للحقِّ لم يَبْدُ بَعْدُ
أقبلوا راشدين ما لثقيفٍ / وسواها ممّا قَضَى اللَّهُ بُدُّ
يا ابنَ غيلانَ مَرحباً جِئتَ في الرك / بِ وَحَادِي الهُدَى يَسوقُ ويَحْدُو
أين من قومِكَ الأُلى رَكبوا الغي / يَ فلم يَثنِهم عن الإثمِ رُشْدُ
قتلوا عروةَ الشَّهيدَ على أن / آثَرَ اللَّهَ فَهْوَ للشِّركِ ضِدُّ
جَاءَ إثرَ النبيِّ يَشهدُ أنَّ ال / لَهَ حقٌّ عالي الجَلالةِ فَرْدُ
وأتى قَوْمَهُ يظنُّ بهم خي / راً فمالوا عن السّبيلِ وصَدُّوا
هكذا أخبرَ النبيُّ ولكن / ليس للأمرِ حين يُقدَرُ رَدُّ
قال دَعْهم لمالكِ المُلْكِ وَاعْلَمْ / أنّهم قاتِلوكَ فالقومُ لُدُّ
غَرَّهُ رأيهُ فلم يَكُ حُبٌّ / غير حُبِّ الأذى ولم يَكُ وُدُّ
بُورِكَ الوفدُ إذ أتى الكوكبَ الدُّر / رِيِّ في نورِهِ يَروحُ ويغدو
يَتلَّقى السَّنا تَبينُ به السُّبْ / لُ وِضَاءً بعد الخفاءِ وتبدو
وَرد الدِّينَ صافياً ما يُضاهي / هِ لمن يَبْتَغِي السَّلامةَ وِرْدُ
وقَضَى أمرَهُ فَعادَ ومنه / حِيلةٌ أُحكمتْ ورأيٌ أَسدُّ
راح يُخفِي إيمانَهُ ويهدُّ ال / قومَ رُعباً وكلُّ واهٍ يُهدُّ
ليس للشركِ قُوَّةٌ تعصِمُ النف / سَ ولا فيهِ مَنْعَةٌ تُسْتَمَدُّ
قال يا قوم إنّه يتلظَّى / في إباءٍ ما ينقضِي منه وَقْدُ
سامنا خُطّةً تَشُقُّ علينا / وهو عالٍ في قومِهِ مُستَبِدُّ
نهدم اللاتَ صاغرِينَ ونُلغِي / ما درجنا عليهِ فالعيشُ رَغْدُ
هاجهم جَهلُهم فقالوا رُويداً / ما لنا بالذي تقولون عَهْدُ
قيل فالحربُ لا هَوادةَ فيها / فَاجْمَعوا أمرَكم إذن وَاسْتَعِدُّوا
وهفا الذّعرُ بالنفوسِ فلانوا / بعد حينٍ وللجَهالةِ حَدُّ
أقبلوا يرغبون في مِلّةِ الل / هِ فلم يُغنِهم إباءٌ وزُهْدُ
عَجِبُوا للأُلَى رَموهم بمكرٍ / هُوَ أقوى من مكرهم وأشدُّ
سألوهم أن يُسلِموا فأذاعوا / ما أسرُّوا وطاحَ بالهزلِ جِدُّ
رَضِيَ اللّهُ عنهمُ ورعاهم / هم جميعاً لملة الحقِّ جُنْدُ
بَنِي عامرٍ رُدُّوا عَنِ الشرِّ عامرا
بَنِي عامرٍ رُدُّوا عَنِ الشرِّ عامرا / ولن يَجدَ الباغي على البغي ناصرا
أصابَ هوىً من نفسِ أربدَ فابتغَى / من الأمرِ ما يُعيي الكميَّ المُقامرا
وجاء بمكرٍ لا محالة خائبٍ / وأخيبُ أهل السُّوءِ من كان ماكرا
أناشِدُكم هل صاحبَ الوفدُ منهما / بني عامرٍ إلا أثيماً وفاجرا
هما أزمعا أن يأخذا اللّيثَ خادِراً / على غِرَّةٍ والجهلُ يُعمِي البصائرا
دنا الأحمقُ المخبولُ منه وهذه / يَدُ السُّوءِ منه تحملِ السَّيفَ باترا
يشيرُ إليهِ ابنُ الطفيلِ أنِ اقْتَحِمْ / وماذا يَردُّ السيفَ لو كان قادرا
أبَى اللَّهُ إلا أن يُعِزَّ رسولَهُ / ويرجعُ من يبغِي به السُّوءِ صاغرا
أطاعَ هَواهُ جاهلاً وخلا بِهِ / يُخادِعُه كيما يرى الدمَ مائرا
أتسألُه يا ابنَ الطفيلِ خِلافةً / وَتطمعُ أن تُدْعَى الشَّريكَ المُشاطِرا
لكَ الويلُ ما هذا الذي أنتَ قائلٌ / أكنتَ امرءاً من نفسِهِ رَاحَ ساخِرا
جُبارُ اسْتَقِمْ واشهدْ فَربُّكَ واحدٌ / وخُذْ حظّكَ الأوفى من الخيرِ شاكرا
وبَشِّرْ رعاكَ اللَّهُ صحبَكَ أنّهم / أصابوه غُنماً من هُدى اللهِ وافرا
وَدَعْ عامراً يهوِي به الداءُ خاسِئاً / وأربَدَ يَلْقَى الحتفَ خَزيانَ خاسِرا
رماه الذي يرمي القُوى فَيهدُّها / فهدَّ قُواهُ إنّه كان كافرا
بصاعقةٍ ممّا رَمَى اللهُ إذ رمى / ثموداً وعاداً والقرون الغوابرا
رَماهُ بها ناريَّة لو تنزّلتْ / على جبلٍ لانْدَكَّ في الأرضِ غائرا
أبى عامرٌ من شيمةٍ جاهليةٍ / لِقاءَ الرَّدى عند التي جَاءَ زائرا
يقول أطاعوناً وموتاً بمنزلٍ / يَضيقُ بأمثالي إذن لستُ عامرا
جَوادِي جَوادِي ليس لي غيرَ مَتنهِ / أُلاقِي عليهِ عادِيَ الموتِ كابرا
وجاءوا به يُزجيه عزريلُ فاسْتوى / على سرجِهِ وانْسَابَ حرّان ثائرا
يَجولُ عليه يَحملُ الرُّمحَ ما يرى / سوى حتفه المقدور قرناً مغاورا
فما هو إلا أن هوى غير معقب / سِوَى الخزيِ من ذكرٍ لمن كان ذاكرا
مضى الأمرُ لم يَسمعْ عُكاظٌ نِداءَهُ / ولم تشهدِ الأقوامُ تِلكَ المفاخرا
إذا المرءُ لم يُؤمِنْ ولم يَخْشَ ربّهُ / فليس يَرى شيئاً على الدَّهرِ ضائرا
ألحّتْ عليه دعوةٌ من مُحمّدٍ / رَمتهُ بداءٍ يتركُ الطِّبَ حائرا
رسولُ الهُدَى والخيرِ من يَرْعَ حقَّهُ / فليس يَرى شيئاً على الدّهرِ ضائرا
لقد كان فيما قَال أربدُ زاجرٌ / عن الشَّرِّ لو يخشَى امرؤُ السّوءِ زاجرا
رأى آيةً تَغتالُ هِمَّةَ نفسِهِ / وتُذهِلُ منه اللُّبَّ لو كان ناظرا
كِلاءةُ ربٍّ كلُّ أصيدَ غالبٍ / يبيدُ ويبقى غالبَ البأسِ قاهرا
أنِخِ البعيرَ فقد بلغتَ المسجدا
أنِخِ البعيرَ فقد بلغتَ المسجدا / واخشع ضمامُ فأنتَ في حَرَمِ الهُدَى
أضَلْلتَ حين سألت أين مُحمَّدٌ / أفما رأيتَ الكوكبَ المتوَقَّدا
إن كنتَ تعرفُ مطلعَ النُّورِ الذي / صَدَع الظلامَ فقد عَرفتَ محمدا
هو ذاك فاصدعْ يا ضمامُ بنورِهِ / ليلَ العَمى وحَذارِ أن تَتردَّدا
اسْأَلهُ وَاسْمَعْ ما يقولُ ووالهِ / واتبعْ شريعتَهُ إماماً مُرشِدا
اجمعْ قُواكَ فقد بلغتَ المُنتهى / وانقعْ صَداكَ فقد أصبتَ الموردا
قُلْ ما تشاءُ فلن يَضيقَ بسائلٍ / يرجو الصَّوابَ وإن ألحَّ وشَدَّدا
كلُّ الذي قال النبيُّ وقلتَهُ / حقٌّ وحَسْبُكَ مَغنماً أن تشهدا
ولقد سَعِدتَ بها شهادةَ مُؤمنٍ / ما كنتَ لو كبرتْ عليك لتسعدا
حَمِدَ النبيُّ وصحبُه لك شَيمةً / ما كُنتَ تطمعُ قبلها أن تُحمدا
ولربَّما ازْدانَ الفتى بسجيَّةٍ / كانت له شَرَفاً أشمَّ وسُؤْدَدا
رَضِيَ الهُدَى دِيناً وعادَ بنعمةٍ / يدعو إلى اللهِ النُّفوسَ الشُّرَّدا
وضحَ السّبيلُ لقومِهِ فتدفّقوا / زُمراً يريدونَ النَّجاةَ من الرَّدى
خلصوا على يده فيا لكِ من يدٍ / فتحت لدينِ اللهِ باباً مُوصَدا
أبشِرْ ضمامُ فأنتَ جاوزتَ المدى / وبلغتَ في الحُسنَى المكان الأبعدا
مرحباً بالوفدِ وافى من هَجَرْ
مرحباً بالوفدِ وافى من هَجَرْ / يَبتغي الدِّينَ ويأبى من كَفَرْ
لا خَزايا لا نَدامَى إنّهم / زُمْرةٌ ما مِثلُها بين الزُّمَرْ
ظفروا إذ قَبَّلوا خيرَ يَدٍ / وخِيارُ النّاسِ أوْلَى بالظَّفرْ
نَزَل الحقُّ على شاعِرِهم / ساطعَ الحُجّةِ وضَّاحَ الأثَرْ
صَدَق الجارودُ إنّ اللهَ قد / أرسلَ القومَ إلى هادِي البَشَرْ
جاء في إنجيلِ عِيسَى ذِكرُهُ / فأتى ينظرُ مِصداقَ الخَبَرْ
لم يَزَلْ يَسألُهُ حتَّى بَدا / من يقينِ الأمرِ ما كانَ اسْتتَر
زَادَهم من علمِهِ ما زادهم / ولديهِ من مزيدٍ مُدَّخَرْ
كَشَفَ اللهُ له عما انْطَوى / في زوايا الغيبِ عنه فَظَهَرْ
هذه الأرضُ وهذا نخلها / تتراءى فيه أنواعُ الثَّمرْ
آثروا الإسلامَ دِيناً وانْقَضى / ما أضلَّ القومَ من دينٍ نُكُرْ
أُمِروا بالخيرِ طُرّاً مالهم / منهُ بُدٌّ ونُهوا عن كلِّ شرّ
لهجوا بالخمرِ ثُمَّ ازْدَجرُوا / وعنِ الخمرِ غِنىً للمُزدجِرْ
وفْدَ عبدِ القيسِ لا تعدِلْ بكم / ظُلمةُ الرأيِ عن النهْجِ الأغرّ
ليس في الخمرِ شِفاءٌ لامرئٍ / من سقامٍ أو وقاءٌ من ضَرَرْ
احذروها إنَّها المكرُ الذي / مَكَرَ الشيطانُ في ماضِيِ العُصُرْ
هِيَ للأقوامِ شَرٌّ وأذىً / وَهْيَ للبغضاءِ نَارٌ تَستَعِرْ
ليس مَن بَرَّ فأرضَى رَبَّهُ / مِثلَ من أرضَى هَواهُ وفَجَرْ
حَسْبُكم ما كانَ مِنها وكفَى / ما رأيتُمْ أو سَمِعْتُم من عِبَر
في رسولِ اللهِ إذ نَبَّأكم / ببلايا الخمرِ آياتٌ كُبَرْ
انتهُوا عن كلِّ ما عَنْهُ نَهَى / وَافْعَلوا مِن كلِّ أمرٍ ما أمرْ
اسألوا هذا الفتَى عن شيخِكم / واسألوني عن أعاجيبِ القَدَرْ
صُورةٌ زالتْ وأُخرى بَرزتْ / من تصاويرِ المليكِ المقتدِرْ
اسألوا الحاضرَ عمَّنْ غابَ أو / فاسألوا الغائبَ عمن قد حَضَر
ذَهَبَ المجنونُ مهدودَ القُوى / وأتَى العاقلُ مَشدودَ المِرَر
قُدرةُ اللهِ تجلَّتْ في يدٍ / لعظيمِ الجاهِ ميمونِ الأثرْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025