المجموع : 152
سِوى باكِيكَ مَنْ ينْهى الْعَذُولُ
سِوى باكِيكَ مَنْ ينْهى الْعَذُولُ / وَغَيْرُ نَواكَ يَحْمِلُها الْحَمُولُ
أَيُنْكَرُ يا مُحَمَّدُ لِي نَحِيبُ / وَقَدْ غالَتْكَ لِلأَيَّامِ غُولُ
أذا الوَجْهِ الْجَمِيلِ وَقَدْ تَوَلَّى / قَبِيحٌ بَعْدَكَ الصَّبْرُ الْجَمِيلُ
رَحَلْتَ مُفارِقاً فَمَتى التَّلاقِي / وَبِنْتَ مُوَدِّعاً فَمَتى الْقُفُولُ
وَكنْتَ يَقِينَ مَنْ يَرْجُوكَ يَوْماً / فَأَنْتَ الْيَوْمَ ظَنٌّ مُسْتَحِيلُ
نَضَتْ بِكَ ثَوْبَ بَهْجَتِها اللَّيالِي / وَغالَ بَهاءَهُ الدَّهْرُ الْجَهُولُ
وَلَوْ تَدْرِي الْحَوادِثُ ما جَنَتْهُ / بَكَتْكَ غَداةُ دَهْرِكَ والأَصِيلُ
أَيا قَمَرَ الْعُلى بِمَنِ التَّسَلِّي / إِذا لَمْ تَسْتَنِرْ وَمَنِ الْبَدِيلُ
مَتى حالَتْ مَحاسِنَكَ اللَّواتِي / لَها في القَلْبِ عَهْدٌ لا يَحُولُ
مَتى صالَ الْحِمامُ عَلى ابْنِ بَأْسٍ / بِهِ فِي كُلِّ مَلْحَمَةٍ يَصُولُ
مَتى وَصَلَ الزَّمانُ إِلى مَحَلٍّ / إِلى دَفْعِ الزَّمانِ بِهِ الْوُصُولُ
سَأُعْوِلُ بِالْبُكاءِ وَأَيُّ خَطْبٍ / يَقُومُ بِهِ بُكاءٌ أَوْ عَوِيلُ
فإِمّا خانَنِي جَلَدٌ عَزيزٌ / فَعِنْدِي لِلأَسى دَمْعٌ ذَلِيلُ
وَما أُنْصِفْتَ إِنْ وَجِلَتْ قُلُوبٌ / مِنَ الإِشْفاقِ أَوْ ذَهِلَتْ عُقُولُ
وَهَلْ قَدْرُ الرَّزِيَّةِ فَرْطُ حُزْنٍ / فَيُرْضِيَ فِيكَ دَمْعٌ أَوْ غَلِيلُ
لَقَدْ أَخَذَ الأَسى مِنْ كلِّ قَلْبٍ / كَما أَخَذَتْ مِنَ السَّيْفِ الفُلُولُ
وَما كَبِدٌ تَذُوبُ عَلَيْكَ وَجْداً / بِشافِيَةٍ ولا نَفْسٌ تسِيلُ
فَيا قَبْراً حَوى الشَّرَفَ الْمُعَلَّى / وَضُمِّنَ لَحْدَهُ الْمَجْدُ الأَثِيلُ
أُحِلَّ ثَراكَ مِنْ كَرَمٍ غَمامٌ / وأُودِعَ فِيكَ مِنْ بَأْسٍ قَبِيلُ
حُسامٌ أَغْمَدَتْهُ بِكَ اللَّيالِي / سَيَنْحَلُّ فِيكَ مَضْرَبُهُ النَّحِيلُ
وَكانَ السَّيْفُ يُخْلِقُ كُلَّ جَفْنٍ / فَأَخْلَقَ عِنْدَكَ السَّيْفُ الصَّقِيلُ
تَخَرّمَهُ الحِمامُ وَكُلُّ حَيٍّ / عَلَى حُكْمِ الْحِمامِ لَهُ نُزُولُ
فَيا لِله أَيُّ جَلِيلِ خَطبٍ / دَقِيقٌ عِنْدَهُ الْخَطْبُ الْجَلِيلُ
أَما هَوْلٌ بِأَنْ يُحْثى وَيُلْقى / عَلَى ذاكَ الْجَمالِ ثَرىً مَهِيلُ
أَما انْدَقَّتْ رِماحُ الْخَطِّ حُزْناً / عَلَيْكَ أَما تَقَطَّعَتِ النُّصُولُ
أَما وَسَمَ الْجِيادَ أَسىً فَتُحْمى / بِهِ غُرَرُ السَّوابِقِ وَالْحُجُولُ
أَما ساءَ الْبُدُورَ وَأَنْتَ مِنها / طُلُوعٌ مِنْكَ أَعْقَبَهُ الأُفُولُ
أَما أَبْكى الْغُصُونَ الْخُضْرَ غُصْنٌ / نَضِيرُ الْعُودِ عاجَلُه الذُّبُولُ
أما رَقَّ الزَّمانُ عَلى عَلِيلٍ / يَصِحُّ بِبُرْئِهِ الأَمَلُ الْعَلِيلُ
تَقَطَّعَ بَيْنَ حَبْلِكَ وَاللَّيالِي / كَذاكَ الدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ خَلِيلُ
وَأَسْرَعْتَ التَّرَحُّلَ عَنْ دِيارٍ / سَواءٌ هُنَّ بَعْدَكَ وَالطُّلُولُ
وَمِثْلُكَ لا تَجُودُ بِهِ اللَّيالِي / وَلكِنْ رُبَّما سَمَحَ الْبَخِيلُ
أَنِفْتَ مِنَ الْمُقامِ بِشَرِّ دارٍ / تَرى أَنَّ الْمُقامَ بِها رَحِيلُ
وما خَيْرُ السَّلامَةِ فِي حَياةٍ / إِذا كانَتْ إِلى عَطَبٍ تَؤُولُ
هِيَ الأَيّامُ مُعْطِيها أَخُوذٌ / لِما يُعْطِي وَمُطْعِمُها أَكُولُ
تَمُرُّ بِنا وَقائِعُ كُلِّ يَوْمٍ / يُسَمّى مَيِّتاً فِيها الْقَتِيلُ
سَقاكَ وَمَنْ سَقى قَبْلِي سَحاباً / تُرَوَّضُ قَبْلَ مَوْقِعِهِ الْمَحُولُ
غَمامٌ يُلْبِسُ الأهْضامَ وَشْياً / تَتِيهُ بِهِ الْحُزُونَةُ وَالسُّهولُ
كَأَنَّ نَسِيمَ عَرْفِكَ فِيهِ يُهْدى / إِذا خَطَرَتْ بِهِ الرِّيحُ الْقَبُولُ
كَجُودِكَ أو كَجُودِ أَبِيكَ هامٍ / عَميمُ الْوَدْقِ مُنْبَجِسٌ هَطُولُ
وَلَوْلا سُنَّةٌ لِلْبِرِّ عِنْدِي / لَقُلْتُ سَقَتْكَ صافِيَةٌ شَمُولُ
أَعَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمَأْمُولَ صَبْراً / وَكَيْفَ وَهَلْ إِلى صَبْرٍ سَبيلُ
وَما فارَقْتَ مَنْ يُسْلى وَلكِنْ / سِوى الآسادِ تُحْزِنُها الشُّبُولُ
وَما فَقْدُ الْفُرُوعِ كَبيرُ رُزْءٍ / إِذا سَلِمَتْ عَلى الدَّهْرِ الأُصُولُ
وَما عَزَّاكَ مِثْلُكَ عَنْ مُصابٍ / إِذا ما راضَكَ اللُّبُّ الأَصِيلُ
سَدادُكَ مُقْنِعٌ وَحِجاكَ مُغْنٍ / وَدُونَكَ ما أَقُولُ فَما أَقُولُ
فَلا قَصُرَتْ عَوالِيكَ الأَعالِي / وَلا زالَ الزَّمانُ بها يَطُولُ
وَيَوْمٍ أَخَذْنا بِهِ فُرْصَةً
وَيَوْمٍ أَخَذْنا بِهِ فُرْصَةً / مِنَ الْعَيْشِ وَالْعَيْشُ مُسْتَفْرَصُ
رَكَضْنا مَعَ اللَّهْوِ فِيْهِ الصِّبى / وَأَفْراسُهُ مَرَحاً تَقْمِصُ
إِلى جَنَّةٍ لا مَدى عَرْضِها / يَضِيقُ وَلا ظِلُّها يَقْلِصُ
أَعَزُّ الْمَآرِبِ فِيها يَهُونُ / وَأَغْلى السُّرُورِ بِها يَرْخُصُ
وَشَرْبٍ تَعاطُوا كُؤُوسَ الْحَياةِ / فَما كَدَّرُوها وَلا نَغَّضُوا
سَدَدْنا بِها طُرُقاتِ الْهُمُومِ / فَعادَتْ عَلى عَقْبِها تَنْكُصُ
فَلَوْ هَمَّ هَمٌّ بِنا لَمْ يَجْدْ / طَرِيقاً إِلَيْنا بِها يَخْلُصُ
ظَلِلْنا كَجَيْشَيْ كِفاحٍ تَكُرُّ / عَلى الْعُرْبِ أَتْراكُهُ الْخُلَّصُ
لَدى بِرْكَةٍ حُرِّكَتْ راؤُها / فَلَيْسَتْ تَقِلُّ وَلا تَنْقُصُ
تَغَنى لَنا طَرَباً ماؤُها / وَقامَتْ أَنابِيبُها تَرْقُصُ
يُرِيكَ الْجَواهِرَ تَقْبِيبُها / وَهُنَّ طَوافٍ بِها غُوَّصُ
وَمُسْتَضْحِكٍ ذَهَبِيِّ الشِّفاهِ / بِما جَزَّعُوا مِنْهُ أَوْ فَصَّصُوا
مُنِيفٍ يَخِرُّ بِذَوْبِ اللُّجِيْنِ / عَلى ذَهَبٍ سَبْكُهُ الْمُخْلَصُ
تَرى الطَّيْرَ وَالْوَحْشَ مِنْ جانِبَي / هِ يَشْكُو الْبَطِينَ بِها الأَخْمَصُ
دَوانٍ رَوانٍ فَلا هذِهِ / تُراعُ وَلا هذِهِ تُقْنَصُ
تَرى آمِناً فِيهِ سِرْبَ الظِّبا / ءِ وَالذِئْبُ ما بَيْنَها يَرْعَصُ
وَفوَّارَةٍ ما بَغى وَصْفَها / جَرِيرٌ وَلا رامَهُ الأَحْوَصُ
كَأَنَّ لَها مَطْلَباً فِي السَّما / ءِ فَهْيَ عَلى نَيْلِهِ تَحْرِصُ
إِذا ما وَفى قَدُّها بِالسُّمُوِّ / أَخْلَفَها عُنُقٌ يَوْقَصُ
وَتَوَّجَها الشَّرْبُ نارَنْجَةً / فَخِلْتُ الْمِذَبَّةَ تَسْتَخْوِصُ
مُشَجَّرَةَ الْماءِ نَخْلِيَّةٍ / كَجُمَّةِ شَمْطاءَ لا تُعْقَصُ
وَدَوْحٍ أَغانِيُّ قُرِيِّهِ / يَهُزُّ اللَّبِيبَ وَيَسْتَرْقِصُ
يَشُوقُ وَبَيِّنُهُ مُشْكِلٌ / وَيَشْجُو وَمُسْهِلُهُ أَعْوَصُ
وَرَوْضٍ جَلا النَّوْرَ خَشْخاشُهُ / تَحارُ لَهُ الْعَيْنُ أَوْ تَشْخَصُ
كَأَنَّ بِهِ مَعْشَراً وُقَّفاً / بِزِينَةِ عِيدٍ لَهُ أَخْلَصُوا
تَخالَفُ فِي الشّكْلِ تِيجانُهُمْ / وَتَحْكِي غَلائِلَها الأَقْمُصُ
فَمِنْ أَبْيَضٍ يَقَقٍ لَوْنُهُ / يَرُوقُكَ كافورُهُ الأَخْلَصُ
وَمِنْ أَحْمَرٍ شابَهُ زُرْقَةٌ / حَكى الْوَجَناتِ إِذا تُقْرَصُ
وَحِلْفَيْنِ مِثْلُهُما يُصْطَفى / لِيَوْمِ الْمُدامِ وَيُسْتَخْلَصُ
رَسِيلَيْنِ مَعْناهُما في الْغِناءِ / أَدَقُّ وَلَفْظُهُما أَلْخَصُ
يَظلُّ الْحَلِيمُ إِذا غَنَّيا / كَأَنَّ فَرائِصَهُ تُفْرصُ
وَبَيْنَ السُّقاةِ مَرِيضُ الْجُفُونِ / يَسُومُ الْقُلُوبَ فَيَسْتَرْخِصُ
غَنِيٌّ بِأَلْحاظِهِ لَوْ يَشاءُ / عَنِ الكَأْسِ لكِنَّهُ أَحْرَصُ
فَدُونَكُمُ فَاسْأَلُوا طَرْفَهُ / وَعَنْ خَبَرِي فِيهِ لا تَفْحَصُوا
إِذا ما غَدَوْنا عَلَى لَذَةٍ / فَحَظُّ مُفارِقَنا الأَنْقَصُ
مَحاسِنُ فِي حَسَناتِ الأَمِي / رِ تَصْغُرُ قَدْراً وَتُسْتَنْقَصُ
سَقى اللهُ مَنْ لَمْ يَزَلْ جُودُه / يَعُمُّ إِذا مَعْشَرٌ خَصَّصُوا
فَكائِنْ مَحا بِنَداهُ الْعُفاةُ / ذُنُوبَ الزَّمانِ وَكَمْ مَحَّصُوا
وَكُنْتُ إِذا عَنَّ بَحْرُ الْقَرِيضِ / فَإِنِّي عَلى دُرّهِ أَغْوَصُ
لَنا أَسَدٌ وَرْدٌ سَبانا بِهِ الْهَوى / وَما كانَ يُهْوى قَبْلَهُ الأَسَدُ الوَرْدُ
يُحَبَّبُ لِي مِنْ أَجْلِهِ كُلُّ ضَيْغَمٍ / هَصُورٍ وَتُصْبينِي إِلى قُرْبِها الأُسْدُ
لَهُ وَرْدَةٌ حَمْراءُ فِي فِيهِ غَضَّةٌ / يُرى عادِياً مِنْها وَإِنْ كانَ لا يَعْدُوا
كَلَيْثٍ قَرِيبٍ بِالْفَرِيسَةِ عَهْدُهُ / فَباقِي دَمِ الْمَفْرُوسِ فِي فَمِهِ يَبْدُو
لِلهِ نَيْلُ مَسَرَّةٍ ضَمِنَ الْهَوى / فَوَفى عَلى رَغْمِ النَّوى بِضَمانِهِ
سَمَحَ الزَّمانُ بِصَفْوِهِ وَجَرى بِنا / فِيهِ السُّرُورُ يَمُدُّ فِي مَيْدانِهِ
بِمُقَرْطَقٍ يَمْحُو إِساءَةَ صَدِّهِ / فَالْحِبُّ إِنَّ الْحُسْنَ مِنْ إِحْسانِهِ
الْوَرْدُ فِي وَجَناتِهِ وَالْخِمْرُ فِي / رَشَفاتِهِ وَالسِّحْرُ فِي أَجْفانِهِ
فَكَأَنَّما الرَّوْضُ اسْتَعارَ مَحاسِناً / مِنْ حُسْنِ صَنْعَتِهِ وَمَفْخَرِ شَانِهِ
فَلِثَغْرِهِ الْمَرْشُوفِ رِقَّةُ نَوْرِهِ / وَلِقَدِّهِ الْمَهْزُوزِ نَشْوَةُ بانِهِ
تَأَمَّلْ بَدائِعَ ما يَصْطَفِيكَ / بِهِ الرَّوْضُ مِنْ كُلِّ فَنٍّ عَجِيبِ
فَفِي نَظْمِ مَنْثُورِهِ قُرَّةُ ال / عُيُونِ وَفِيهِ حَياةُ الْقُلُوبِ
تَبِدَّتْ غَرائِبُ أَنْوارِهِ / تُلاقِي بِها كُلَّ حُسْنٍ وطِيبِ
فَمِنْ أَحْمَرٍ ضَمَّهُ أَصْفَرٌ / كَلَوْنِ الْمُحِبِّ وَلَوْنِ الْحَبِيبِ
تُلاصَقَ خَدَّاهُما لِلْعِناقِ / وَقَدْ وَجَدا غَفْلَةً مِنْ رَقِيبِ
لَيْسَ الْبُكاءُ وَإِنْ أطِيلَ بِمُقْنِعِي / الْخَطْبُ أَعْظَمُ قِيمَةً مِنْ أَدْمُعِي
أَوَكلَّما أَوْدى الزَّمانُ بِمُنْفِسٍ / مِنِّي جَعَلْتُ إِلى الْمَدامِعِ مَفْزَعي
هَلاّ شَجانِي أَنَّ نَفْسِيَ لَمْ تَفِظْ / أَسَفاً وَأَنَّ حَشايَ لَمْ تَتَقطَّعِ
ما كان هذا الْقَلْبُ أَوَّلَ صَخْرَةٍ / مَلْمُومَةٍ قُرِعَتْ فَلَمْ تَتَصَدَّعِ
أَلْقى السِّلامَ عَلَى أَبَرَّ مُؤَمَّلٍ / وَحَثا التُّرابَ عَلَى أَغَرَّ سَمَيْدَعِ
يا لَلرِّجالِ لِنازِلٍ لَمْ يُحْتَسَبْ / وَلِحادِثٍ ما كانَ بِالْمُتَوَقَّعِ
ما خِلْتُنِي أَلْجا إِلى صَبْرٍ عَلَى / زَمَنٍ بِتَفْريقِ الأَحِبَّةِ مُولَعِ
تاللهِ ما جارَ الزَّمانُ وَلا اعْتَدى / بِأَشَدَّ مِنْ هذا الْمُصابِ وَأَوجَعِ
خَطْبٌ يُبَرِّحُ بِالْخُطُوبِ وَفادِحٌ / مَنْ لَمْ يَمُتْ جَزَعاً لَهُ لَمْ يَجْزَعِ
لا أَسْمَعَ النّاعِي فَأَيْسَرُ ما جَنى / صَدْعُ الْفُؤادِ بِهِ وَوَقْرُ الْمَسْمَعِ
يا قُولُ قَوْلَةَ مُكْمَدٍ مُسْتَنْزِرٍ / ماءَ الشُّؤُونِ لَهُ وَنارَ الأَضْلُعِ
شاكِي النَّهارِ إِذا تَأوَّبَ لَيْلُهُ / هَجَعَ السَّلِيمُ وَطَرْفُهُ لَمْ يَهْجَعِ
مَلآنَ مِنْ حُزْنٍ فَلَيْسَ لِتَرْحَةٍ / أَوْ فَرْحَةٍ بِفُؤادِهِ مِنْ مَوَِضعِ
يَبْكِي لَهُ مَنْ لَيسَ يَبْكِي مِنْ أَسىً / وَجْداً وَيُصْدَعُ قَلْبُ مَنْ لَمْ يُصْدَعِ
أَشْكُو إِلى الأَيّامِ فِيكَ رَزِيَّتِي / لَوْ تَسْمَعُ الأَيّامُ شَكْوى مُوجَعِ
وَأَبِيتُ مَمْنُوعَ الْقَرارِ كَأَنَّنِي / ما راعَنِي الْحَدَثانُ قَطُّ بأَرْوَعِ
وَرَنِينِ مَفْجُوعٍ لَدَيْكَ وَصَلْتُهُ / بَحَنِينِ باكِيَةٍ عَلَيكَ مُرَجَّعِ
غَلَبَ الأَسى فِيكَ الأُساةَ فَلا أَرى / مَنْ لا يُكاثِرُ عَبْرَتِي وَتَفَجُّعِي
فَإِذا صَبَرْتُ فقَدْتُ مِثْلِيَ صابِراً / وإِذا بَكَيْتُ وَجَدْتُ مَنْ يَبْكي مَعي
قَدْ غَضَّ يَوْمُكَ ناظِرِي بَلْ فَضَّ فَقْ / دُكَ أَضْلُعِي وَأَقَضَّ بُعْدُكَ مَضْجَعِي
أَخْضَعْتَنِي لِلنَّائِباتِ وَمَنْ يُصَبْ / يَوْماً بِمِثْلِكَ يَسْتَذِلَّ وَيَخْضَعِ
وَأهانَ خَطْبُكَ ما بِقَلْبِ مِنْ جَوىً / كَالسَّيْلِ طَمَّ عَلَى الغَدِيرِ الْمُتْرَعِ
يا قُولُ ما خانَ الْبَقاءُ وَإِنَّما / صُرِعَ الزَّمانُ غَداةَ ذاكَ المَصْرَعِ
ما كنْتُ خائِفَها عَلَيْكَ جِنايَةً / لَوْ كانَ هذا الدَّهْرُ يَعْقِلُ أَوْ يَعي
صُلْ بَعْدَها يا دَهْرُ أَوْ فَاكْفُفْ وَخُذْ / مَنْ شِئْتَ يا صَرْفَ المَنِيَّةِ أَوْدَعِ
قَدْ بانَ بِالْمَعْرُوفِ أَشْجى بائِنٍ / وَنَعى إِلَيْنا الجُودُ أَعْلى مَنْ نُعي
غاضَ الْحِمامُ بِزاخِرٍ مُتَدَفِّقٍ / وَهَوى الْحُسامُ بِباذِخٍ مُتَمَنِّعِ
منْ دَوْحَةِ الْحَسَبِ الْعَلِيِّ الْمُنْتَمى / وَسُلالَةِ الْكَرَمِ الْغَزِيرِ الْمَنْبَعِ
إِنْ أَظْلَمَتْ تِلْكَ السَّماءُ فَقَدْ خَلا / مِنْ بَدْرِها الأَبْهى مكانُ الْمَطْلَعِ
أَوْ أَجْدَبَتْ تِلْكَ الرِّباعُ فَبَعْدَما / وَدَّعْتَ تَوْدِيعَ الْغَمامِ الْمُقْلِعِ
أَعْزِزْ عَلَيَّ بِمِثْلِ فَقْدِكَ هالِكاً / خَلَعَ الشَّبابَ وَبُرْدَهُ لَمْ يَخْلَعِ
لَوْ أُمْهِلَتْ تِلْكَ الشَّمائِلُ لَمْ تَفَزْ / يَوْماً بِأَغْرَبَ مِنْ عُلاكَ وَأَبْدَعِ
قُلْ لِي لأَي فَضِيلَةٍ لَمْ تُبْكِنِي / إِنْ كانَ قَلْبِي ما بَكاكَ وَمَدْمَعِي
لِجَمالِكَ الْمَشْهُورِ أَمْ لِكَمالِكَ الْ / مَذْكورِ أَمْ لِنَوالِكَ الْمُتَبَرِّعِ
ما خالَفَ الإِجْماعَ فِيكَ مَقالَتِي / فَأُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى ما أَدَّعِي
أَيُضَيِّعُ الْفِتْيانُ عَهْدَكَ إِنَّهُ / ما كنَ عِنْدَكَ عَهْدُهُمْ بِمُضَيَّعِ
قَدْ كُنْتَ أَمْرَعَهمْ لِمُرْتادِ النَّدى / كَفاً وَأَسْرَعَهُمْ إِلى الْمُسْتَفْزِعِ
حَلِيَتْ مَجالِسُهُمْ بِذِكْرِكَ وَحْدَهُ / وَعَطَلْنَ مِنْ ذاكَ الأَبِيِّ الأَرْوَعِ
وَالدَّهْرُ يَقْطَعُ بَعْدَ طُولِ تَواصُلٍ / وَيُشِتُّ بَعْدَ تَلاؤُمٍ وَتَجَمُّعِ
قُبْحاً لِعادِيَةٍ رَمَتْكَ فَإِنَّها / عَدَتِ الذَلِيلَ إِلى الأَعَزِّ الأَمْنَعِ
ما كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ ضَيْماً واصِلٌ / بِيَدِ الدَّنِيَّ إِلى الشَّرِيفِ الأَرْفَعِ
قَدَرٌ تَرَفَّعَ يَوْمَ رُزْثِكَ هَمُّهُ / فَرَمى إِلى الْغَرَضِ الْبَعِيدِ الْمَنْزَعِ
كَيْفَ الْغِلابُ وَكَيْفَ بَطْشُكَ واحِداً / فَرْداً وَأَنْتَ مِنَ الْعِدى فِي مَجْمَعِ
عَزَّ الدِّفاعُ وَما عَدِمْتَ مُدافِعاً / لَوْلا مَقادِرُ ما لَها مِنْ مَدْفَعِ
وَلَقَدْ لَقِيتَ الْمَوْتَ يَوْمَ لَقِيتَهُ / كَرَماً بِأَنْجَدَ مِنْهُ ثَمَّ وَأَشْجَعِ
عِفْتَ الدَّنِيَّةَ وَالْمَنِيَّةُ دُونَها / فَشَرعْتَ فِي حَدِّ الرِّماحِ الشُّرَّعِ
وَلَو أنَّكَ اخْتَرتَ الأَمانَ وَجَدْتَهُ / أَنى وَخَدُّ اللَّيْثِ لَيْسَ بِأَضْرَعِ
مَنْ كانَ مِثْلَكَ لَمْ يَمُتْ إِلاّ لقىً / بَيْنَ الصَّوارِمِ وَالْقَنا الْمُتَقَطِّعِ
جادَتْكَ وَاكِفَةُ الدُّمُوعِ وَلَمْ تَكُنْ / لَولاكَ مُخْجِلَةَ الْغُيُومِ الْهُمَّعِ
وَبَكاكَ مَنْهَلُّ الْغَمامِ فَإِنَّهُ / ما كانَ مِنْكَ إِلى السَّماحِ بِأَسْرَعِ
وتَعَهَّدَتْ مَغْناكَ سارِيَةٌ مَتى / تَذْهَبْ تَعُدْ وَمَتى تُفارِقْ تَرْجِعِ
تَغْشاكَ تائِقَةً تَزُورُ وَتَنْثَنِي / بِمُسَلِّمٍ مِنْ مُزْنِها وَمُوَدِّعِ
تَحْبُوكَ مَوْشِيَّ الرِّياضِ وَإِنَّما / تهْدِي الرَّبيعَ إِلى الرّبِيعِ الْمُمْرِعِ
لا يُطمِعِ الأَعداءَ يَوْمٌ سَرَّهُمْ / إِنَّ الرَّدى فِي طَيِّ ذاكَ الْمَطْمَعِ
الثَّأْرُ مَضْمُونٌ وَفِي أَيْمانِنا / بِيضٌ كخاطِفَةِ الْبُرُوقِ اللُّمَّعِ
وَذَوابِلٌ تَهْوِي إِلى ثُغَرِ الْعِدى / تَوْقَ الْعِطاشِ إِلى صَفاءِ الْمَشْرَعِ
قَدْ آنَ لِلدَّهْرِ الْمُضِلِّ سَبيلَهُ / أَنْ يَسْتَقِيمَ عَلى الطَّرِيقِ الْمَهْيَعِ
مُسْتَدْرِكاً غَلَطَ اللَّيالِي فِيكُمُ / مُتَنَصِّلاً مِنْ جُرْمِها الْمُسْتَفْظَعِ
أَفَغَرَّكُمْ أَنَّ الزَّمانَ أَجَرَّكُمْ / طِوَلاً بِغَيِّكُمُ الْوَخِيمِ الْمَرْتَعِ
هَلاّ وَمَجْدُ الدِّينِ قَدْ عَصَفَتْ بِكُمْ / عَزَماتُهُ بِالْغَوْرِ عَصْفَ الزَّعْزَعِ
وَغَداةَ عَلْعالَ الَّتِي رَوّتْكُمُ / بِالْبِيضِ مِنْ سَمِّ الضِّرابِ الْمُنْقَعِ
لا تَأْمَنُنَّ صَرِيمَةً عَضْبِيَّةً / مِنْ أَنْ تُقِيمَ الْحَقَّ عِنْدَ الْمَقْطَعِ
بِقَناً لِغَيْرِ رِداكُمُ لَمْ تُعْتَقَلْ / وَظُبىً لِغَيْرِ بَوارِكُمْ لَمْ تُطْبَعِ
يا خَيْرَ مَنْ سُمِّي وَأَكْرَمَ مَنْ رُجِي / وَأَبَرَّ مَنْ نُودِي وَأَشْرَفَ مَنْ دُعِي
إِنّا وَإِنْ عَظُمَ الْمُصابُ فَلا الأَسى / فِيهِ الْعَصِيُّ ولا السَّلُّوُ بِطَيِّعِ
لَنَرى بَقاءَكَ نِعْمَةً مَحْقُوقَةً / بِالشُّكْرِ ما سُقِيَ الأَنامُ وما رُعِي
ولَقَدْ عَلِمْتَ وَلَمْ تَكُنْ بِمُعَلَّمٍ / أَنَّ الأَسى وَالْوَجْدَ لَيْسَ بِمُنْجِعِ
هَيْهاتَ غَيْرُكَ مَنْ يَضِيقُ بِحادِثٍ / وَسِواكَ مَنْ يَعْيى بِحَمْلِ الْمُضْلِعِ
دانتْ لَكَ الدُّنْيا كَأَحْسَنِ رَوْضَةٍ / شُعِفَ النَّسِيمُ بِنَشْرِها الْمُتَضَوِّعِ
لا زالَ رَبْعُ عُلاكَ غَيْرَ مُعَطَّلٍ / أَبَداً وَسِرْبُ حِماكَ غَيْرَ مُرَوَّعِ
ما تاقَ ذُو شَجَنٍ إِلى سَكَنٍ وَما / وَجَدَ الْمُقِيمُ عَلاقَةً بِالْمُزْمِعِ
سَقانِي بِعَيْنَيْهِ شِبْهَ الَّتي
سَقانِي بِعَيْنَيْهِ شِبْهَ الَّتي / بِكَفَّيْهِ هذا الأَغَنُّْ الرَّشِيقُ
فَلمْ أَدْرِ أَيُّهُما الْمُسْكِرِي / وَأَيُّ الشَّرابَيْنِ مِنْهُ الرَّحِيقُ
بَدا فِي قَباءٍ لَهُ أَخْضَرٍ / كَما ضَمِنَ النَّوْرَ رَوْضٌ أَنِيقُ
وَقَدْ أَسِيَ الدُّرُّ مِنْ ثَغْرِهِ / وَأُخْجِلَ مِنْ وَجْنَتَيْهِ الشّقيقُ
فَما كِدْتُ مِنْ سَكْرَتِي أَنْ أُفِيقَ / وَكَيْفَ يُفِيقُ الْمُحِبُّ المَشُوقُ
عَلَى كَبِدِي مِنْهُ بَرْدُ الرِّضى / وَإِنْ كانَ فِي الْقَلْبِ مِنْهُ الْحَرِيقُ
وَلَسْتُ بِأَوَّلِ ذِي صَبْوَةٍ / تَحَمَّلَ فِي الْحُبِّ ما لا يُطِيقُ
سَلُوا سَيْفَ أَلْحاظِهِ الْمُمْتَشَقْ
سَلُوا سَيْفَ أَلْحاظِهِ الْمُمْتَشَقْ / أَعِنْدَ الْقُلُوبِ دَمٌ لِلْحَدَقْ
أَما مِنْ مُعِينْ وَلا عاذِرٍ / إِذا عَنُفَ الشَّوْقُ يَوْماً رَفَقْ
تَجَلى لَنا صارِمُ الْمُقْلَتَيْ / نِ ماضِي الْمُوَشَّحِ وَالمُنْتَطَقْ
مِنَ التُّرْكِ ما سَهْمُهُ لَوْ رَمى / بِأَقْتَلَ مِنْ لَحْظِهِ إِذْ رَمَقْ
تَعَلَّقْتُهُ وَكَأَنَّ الْجَمالَ / يُضاهِي غَرامِي بِهِ وَالْعَلَقْ
وَلَيْلَةَ راقَبْتُهُ زائراً / سَمِيرَ السُّهادِ ضَجِيعَ الْقَلَقْ
كَأَنِّي لِرِقْبَتِهِ حابِلٌ / دَنَتْ أُمُّ خَشْفٍ لَهُ مِنْ وَهَقْ
دَعَتْنِي الْمَخافَةُ مِنْ فَتْكِهِ / إِلَيْهِ وَكَمْ مُقْدِمٍ مِنْ فَرَقْ
وَقَدْ راضَتِ الكَأْسُ أخْلاقَهُ / وَوُقِّرَ بِالسُّكْرِ مِنْهُ النَّزَقْ
وَحُقَّ الْعِناقُ فَقَبَّلْتُهُ / شَهِيَّ الْمُقَبَّلِ وَالْمُعْتَنَقْ
وَباتَتْ ثَناياهُ عانِيّةَ ال / مُرَشَّفِ دارِيَّةَ الْمُنْتَشَقْ
وَبِتُّ أُخالِجُ شَكِّي بِهِ / أَزَوْرٌ طَرا أَمْ خَيالٌ طَرَقْ
أُفَكِّرُ فِي الْهَجْرِ كَيْفَ انْقَضى / وأَعْجَبُ لِلْوَصْلِ كَيْفَ اتَّفَقْ
فَللْحُبِّ ما عَزَّ مِنِّي وَهانَ / وَلِلْحُسْنِ ما جَلَّ مِنْهُ وَدَقّْ
لَقَدْ أَبِقَ الْعُدْمُ مِنْ راحَتَيَّ / لَمّا أَحَسَّ بِنُعْمى أَبَقْ
تَطاوَحَ يَهْرُبُ مِنْ جُودِهِ / وَمَنْ أَمَّه السَّيْلُ خافَ الْغَرَقْ
لَقَدْ غالَ نَبْلُكَ يا نابِلُ
لَقَدْ غالَ نَبْلُكَ يا نابِلُ / وَقَصَّرَ عَنْ فِعْلِكَ الْقائِلُ
أَسَهْمُكَ حِينَ يُصِيبُ الْقَضا / ءُ أَمْ يَدُكَ الْقَدَرُ النّازِلُ
يَدٌ لِلنَّدى وَالرَّدى صَوْبُها / فَعَزْمُكَ مُحْيٍ بِها قاتِلُ
فَلَيْسَ يَطِيشُ لَها مُْسَلٌ / كَما لا يَخِيبُ لَها آمِلُ
أَبَعْدَكَ أَتَّقِي نُوَبَ الزَّمانِ
أَبَعْدَكَ أَتَّقِي نُوَبَ الزَّمانِ / أَبَعْدَكَ أَرْتَجِي دَرَكَ الأَمانِي
أَيَجْمُلُ بِيَ الْعَزاءُ وَأَنْتَ ثاوٍ / أَيَحْسُنُ بِي الْبَقاءُ وَأَنْتَ فانِ
لِكُلِّ رَزِيَّةٍ أَلَمٌ وَمَسٌّ / وَلا كَرَزِيَّةِ الْمَلِكَ الهِجانِ
وما أَنا بِالرَّبِيطِ الْجَأْشِ فِها / فَأَسْلُوَهُ وَلا الثَّبْتِ الْجَنانِ
أُلامُ عَلَى امْتِناعِ الشِّعْرِ مِنِّي / وَما عِنْدَ اللَّوائِمِ ما دَهانِي
أَلِي قَلْبٌ أَلِي لُبٌّ فَأَمْضِي / مَضاءَ السَّيْفِ فِهِ وَالسِّنانِ
كَفى بِدَلِيلِ حُزْنِي أَنَّ دَمْعِي / أَطاعَ وَأَنَّ فِكْرِيَ قَدْ عَصانِي
إِذا خَطَرَتْ لِمَجْدِ الدِّينِ ذِكرى / وَجَدْتُ الشِّعْرَ حَيْثُ الشِّعْرَيانِ
وَما إِنْ ذاكَ تَقْصِيرٌ بِحَقٍّ / وَلكِنَّ الأَسى قَيْدُ اللِّسانِ
وَمَنْ كَمُصِيبَتِي وَعَظِيمِ رُزْئِي / أُصِيبَ وَمَنْ عَراهُ كَما عَرانِي
أَعَضْبَ الدَّوْلَةِ اخْتَرَمَتْكَ مِنّا / يَدٌ ما لِلأَنامِ بِها يَدانِ
وكُنْتَ السَّيْفَ تُشْحَذُ شَفْرَتاهُ / لِفَلِّ كَتِيبَةٍ وَلِفكِّ عانِ
فَقُطِّعَ بِالنَّوائِبِ صَفْحَتاهُ / وَفُلِّلَ بِالْخُطُوبِ الْمَضْرِبانِ
سَحابٌ لِلأَباعِدِ مُسْتَهِلُّ / وَبَحْرٌ مُسْتَفِيضٌ لِلأَدانِي
وَبَدْرٌ لَوْ أَضاءَ لَما أَسِينا / عَلى أَنْ لا يُضِيءَ النَّيِّرانِ
سَأُنْفِقُ ما بَقِيتُ عَلَيْكَ عُمْرِي / بُكاءً شَأْنُهُ أَبَداً وَشانِي
وَلَو أَنِّي قَتَلْتُ عَلَيْكَ نفْسِي / مُكافاةً لِحقِّكَ ما كَفانِي
هُوَ الرَّسْمُ لَوْ أَغْنى الْوُقُوفُ عَلَى الرَّسْمِ
هُوَ الرَّسْمُ لَوْ أَغْنى الْوُقُوفُ عَلَى الرَّسْمِ / هُوَ الْحَزْمُ لَوْلا بُعْدُ عَهْدِكَ بِالْحَزْمِ
تَجاهَلْتُ عِرْفانِي بِهِ غَيْرَ جاهِلٍ / وَلِلشَّوْقِ آياتٌ تَدُلُّ عَلى عِلْمِي
وَوَاللهِ ما أَدْرِي أَبَوْحِيَ نافِعِي / عَشِيَّةَ هاجَتْنِي الْمَنازِلُ أَمْ كَتْمِي
عَشِيَّةَ جُنَّ الْقَلْبُ فِيها جُنُونُهُ / وَنازَعَنِي شَوْقِي مُنازَعَةَ الْخَصْمِ
وَقَفْتُ أُدارِي الْوَجْدَ خَوْفَ مَدامِعٍ / تُبِيحُ مِنَ السِّرِّ الْمُمَنَّعِ ما أَحْمِي
أُغالِبُ بِالشَّكِّ الْيَقِينَ صَبابَةً / وَأَدْفَعُ فِي صَدْرِ الْحَقِيقَةِ بِالْوَهْمِ
فَلَمّا أَبى إِلاّ البُكاءَ لِيَ الأَسى / بَكَيْتُ فَما أَبْقَيْتُ لِلرَّسْمِ مِنْ رَسْمِ
وَما مُسْتَفِيضٌ مِنْ غُرُوبٍ تَنازَعَتْ / عُراها السَّوانِي فَهْيَ سُجْمٌ عَلَى سُجْمِ
بِأَغْزَرَ مِنْ عَيْنَيَّ يَوْمَ تَمَثّلَتْ / عَلَى الظَّنِّ أَعْلامَ الْحِمى وَعَلى الرَّجْمِ
كَأَنِّي بِأَجْزاعِ النَّقِيبَةِ مُسْلَمٌ / إِلى ثائِرٍ لا يَعْرِفُ الصَّفْحَ عَنْ جُرْمي
لَقَدْ وَجَدَتْ وَجْدِي الدِّيارُ بِأَهْلِها / وَلَو لَمْ تَجِدْ وَجْدِي لَما سَقِمتْ سُقْمِي
عَلَيْهِنَّ وَسْمٌ لِلْفِراقِ وَإِنَّما / عَلَيَّ لَهُ ما لَيْسَ لِلنّارِ مِنْ وَسْمِ
وَكَمْ قَسَمَ الْبَنِيْنُ الضَّنى بَيْنَ مَنْزِلٍ / وَجِسْمٍ وَلكِنَّ الْهَوى جائِرُ الْقَسْمِ
مَنازِلُ أَدْراسٌ شَجانِي نُحُولُها / فَهَلاّ شَجاها ناحِلُ الْقَلْبِ وَالْجِسْمِ
سَقاها الْحَيا قَبْلِي فَلَمّا سَقَيْتُها / بِدَمْعِي رَأَتْ فَضْلَ الْوَلِيِّ عَلَى الْوَسْمِي
وَلَوْ أَنَّنِي أَنْصَفْتُها ما عَدَلْتُها / عَنِ الكَرَمِ الْفَيَّاضِ والنّائِلِ الْجَمِّ
إِذا ما نَدى تاجِ الْمُلُوكِ انْبَرى لَها / فَما عارِضٌ يَنْهَلُّ أَوْ دِيمَةٌ تَهْمِي
هُوَ الْمَلْكُ أَمّا حاتِمُ الْجُودِ عِنْدَهُ / فَيُلْغى وَيُنْسى عِنْدَهُ أَحْنَفُ الْحِلْمِ
يَجِلُّ عَنِ التَّمْثِيلِ بِالْماطِرِ الرِّوى / وَيَعْلُو عَنِ التَّشْبِيهِ بِالْقَمَرِ النِّمِّ
ويكرم أن نرجوه للأمر هيناً / ويشرف أن ندعوه بالماجد القرم
إِذا نَحْنُ قُلْنا الْبَدْرُ وَالْبَحْرُ وَالْحَيا / فَقَدْ ظُلِمَتْ أَوْصافُهُ غايَةَ الظُّلْمِ
وَأَيْسَرُ حَقٍّ لِلْمكارِمِ عِنْدَهُ / إِذا هُوَ عَدَّ الْغُرْمَ فِيها مِنَ الْغُنْمِ
يَرُوحُ سَلُوباً لِلنُّفُوسِ مَعَ الْوَغى / وَيَغْدُو سَلِيباً لِلثَّناءِ مَعَ السِّلْمِ
وَلا يَعْرِفُ الإِحْجامَ إِلا عَنِ الْخَنا / وَلا يُنْكِرُ الإِقْدامَ إِلاّ عَلَى الذَّمَّ
خَفِيفٌ إِلى الْعَلْياءِ وَالْحَمْدِ وَالنَّدى / ثَقِيلٌ عَنِ الْفَحْشاءِ وَالبَغْيِ وَالإثْمِ
سَرِيعٌ إِلى الدّاعِي بَطِيءٌ عَنِ الأَذى / قَرِيبٌ مِنَ الْعافِي بَعِيدٌ مِنَ الوَصْمِ
هُمامٌ إِذا ما ضافَهُ الْهَمُّ لَمْ يَجِدْ / سِوى الْمَجْدَ شَيْئاً باتَ مِنْهُ عَلَى هَمِّ
إِذا ذُكِرَ الأَحْبابُ كانَ ادِّكارُهُ / شِفارَ الْمَواضِي أَوْ صُدُورَ الْقَنا الصُّمِّ
يَرى الْمالَ بَسلاماً ما عَداها وَلَمْ يَكُنْ / لِيَطْعَمَ لَيْثٌ دُونَ فَرْسٍ وَلا ضَغْمِ
وَكَمْ فِي ظُباها مِنْ ظِباءٍ غَرِيرَةٍ / وَفِي قَصَبِ الْمُرّانِ مِنْ قَصَبٍ فَعْمِ
إِذا قارَعَ الأَعْداءَ وَالْخَصْمَ لَمْ يَقِفْ / عَلَى غايَةٍ بَيْنَ الشَّجاعَةِ وَالْحَزْمِ
يُعَوِّلُ مِنْهُ الْعَسْكَرُ الدَّهْمُ فِي الْوَغى / عَلَى واحِدٍ كَمْ فيهِ مِنْ عَسْكَرٍ دَهْمِ
إِذا حَلَّ فَالأَمْوالُ لِلْبَذْلِ وَالنَّدى / وَإِنْ سارَ فَالأَعْداءُ لِلذُّلِّ وَالْوَقَمِ
حُسامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ابْنُ سَيْفِهِ / فَيا لَكَ مِنْ فَرْعٍ وَيا لَكَ مِنْ جِذْمِ
مُكابِدُ أَيّامِ الْجِهادِ وَمَوْئِلُ الْ / عِبادِ وَحامِيهِمْ وَقْدْ قَلَّ مَنْ يَحْمِي
وَمُقْتَحِمُ الأَجْبالِ يَوْمَ تَمَنَّعَتْ / ذِئابُ الأَعادِي فِي ذَوائِبِها الشُّمِّ
غَداةَ يَغُورُ السَّهْمُ فِي السُّهْمِ وَالقَنا / بِحَيْثُ الْقَنا وَالْكَلْمُ فِي مَوْضِعِ الْكَلْمِ
وَلا فَرْقَ فِيها بَيْنَ عَزْمٍ وَصارِمٍ / كَأَنَّ الظُّبى فِيها طُبِعْنَ مِنَ الْعَزْمِ
وَما يَوْمُهُ فِي الْمُشْرِكِينَ بِواحِدٍ / فَنَجْهَلَهُ وَالْعالَمُونَ ذَوُو عِلْمِ
وَقَدْ عَجَمَ الأَعْداءُ مِنْ قَبْلُ عُودَهُ / فَأَدْرَدْهُم وَالنَّبْعُ مُمْتَنِعُ الْعَجْمِ
سَمَوْتُ إِلى الْفَخْرِ الشَّرِيفِ مَقامُهُ / وَمِثْلِيَ مَنْ يَسْمُو إِلَيْهِ وَمَنْ يُسْمِي
وَكُنْتُ عَلَى حُكْمِ النَّوائِبِ نازِلاً / فَأَنْزَلَها تاجُ الْمُلُوك عَلَى حُكْمِي
وَما الْعُذْرُ عِنْدِي بَعْدَ أَخْذِي بِحَبْلِهِ / إِذا قَدَمي لَمْ أُوْطِها هامَةَ النَّجْمِ
إِذا ما نَظَمْتُ الْحَمْدَ عِقْداً لِمَجْدِهِ / تَمَنَّتْ نُجُومُ اللَّيْلِ لَوْ كُنَّ مِنْ نَظْمِي
وَكَمْ لِلْمَعالِي مِنْ مَعالٍ بِمَدْحِهِ / وَلِلشَّرَفِ الْمَذْكُورِ مِنْ شَرَفٍ فَخْمِ
أَلا لَيْتَ لِي ما حاكَهُ كُلُّ قائِلٍ / وَما سارَ فِي عُرْبٍ مِنَ الْمَدْحِ أَوْ عُجْمِ
فَأُثْنِي عَلى الْعِيسِ الْعِتاقِ لِقَصْدِهِ / بِما جَلَّ مِنْ فِكْرِي وَما دَقَّ مِنْ فَهْمِي
فَلَمْ أَقْضِ إِبْلاً أَوْصَلَتْنِيهِ حَقَّها / وَلوْ عُفِّيَتْ مِنْها الْمَناسِمُ بِاللَّثْمِ
إِلَيْكَ ابْنَ النّاسِ ظَلَّتْ رِكابُنا / كَأَنَّ عَلَيْها السَّيْرَ حَتْمٌ مِنَ الْحَتْمِ
إِلى مَلِكٍ ما حَلَّ مِثْلُ وَقارِهِ / عَلَى مَلِكٍ صَتْمٍ وَلا سَيِّدٍ ضَخْمِ
جَوادٌ وَما جادَتْ سَماءٌ بِقَطْرِها / كَرِيمٌ وَما دارَتْ عَلَيْهِ ابْنَةَ الْكَرْمِ
تَخَوَّنَتِ الأَيّامُ حالِي وَأَقْسَمَتْ / عَلَيَّ اللَّيالِي أَنْ أَعِيشَ بِلا قِسْمِ
وَلَمْ يُبْقِ مِنِّي الدَّهْرُ إِلاّ حُشاشَةً / وَإِلاّ كَما أَبْقى نَداكَ مِنَ الْعُدْمِ
رَمى غَرَضَ الدُّنْيا هَوايَ فَلَمْ يُصِبْ / وَكَمْ غَرَضْ مِنْها أُصِيبَ وَلَمْ أَرْمِ
وَما بَعْدَ إِفْضائِي إِلَيْكَ وَمَوْقِفِي / بِرَبْعِك مِنْ شَكْوىً لِدَهْرٍ وَلا ذَمِّ
وَها أَنا ذا قَدْ قُدْتُ وُدِّي وَمُهْجَتِي / إِلى ذا النَّدى قَوْدَ الذَلُول بِلا خَزْمِ
لِتَبْسُطَ بالْمَعْرُوفِ ما كَفَّ مِنْ يَدِي / وَتَجْبُرَ بِالإِحْسانِ ما هاضَ مِنْ عَظْمِي
أَمّا الْعُفاةُ فَأَنْتَ خَيْرُ رَجائِها / وَالْمَكْرُماتُ فَأَنْتَ بَدْرُ سَمائِها
ما أَحْسَنَتْ بِكَ ظَنَّها فِي رَغْبَةٍ / أَوْ رَهْبَةٍ فَعَداكَ حُسْنُ ثَنائِها
لَوْلاكَ يا تاجَ الْمُلُوكِ لَعَزَّها / مَلِكٌ يُجِيبُ نَداهُ قَبْلَ نِدائِها
أَحْيَيْتَها قَبْلَ السُّؤالِ بِأَنْعُمٍ / رَدَّتْ وُجُهَ السّائِلِينَ بِمائِها
حَمْداً لأَيامٍ سَما بِكَ فَخْرُها / أَنى تُذَمُّ وَأَنْتَ مِنْ أَبْنائِها
مَنْ ذا يقُومُ بِشُكْرِها وَعُلاكَ مِنْ / حَسَناتِها وَنَداكَ مِنْ آلائِها
مَعَ أَنَّنِي أَبْغي دُيُوناً عِنْدَها / مَمْطُولَةً هذا أَوانُ قَضائِها
وَكَفى بِزَفِّي كُلَّ بِكرٍ حُرَّةٍ / لَوْلاكمَ ما زُفَّتْ إِلى أَكْفائِها
سَعِدَتْ بِكَ الأَقْمارُ جاراً فَلْتَفُزْ
سَعِدَتْ بِكَ الأَقْمارُ جاراً فَلْتَفُزْ / بِمُجاوِرِ الأَقْمارِ فِي عَلْيائِها
أَشْبَهْتَها فِي سَعْدِها وَعُلُوِّها / وَبَهائِها فَبَقِيتَ مِثْلَ بِقائِها
نَبِي الْعُلى وَالنَّدى ما لِي صَفَتْ وَضَفَتْ
نَبِي الْعُلى وَالنَّدى ما لِي صَفَتْ وَضَفَتْ / عِنْدِي لَكُمْ طُرَفُ الأَشْعارِ وَالمُلَحُ
إِنِّي لَرَبُّ الْقَوافِي فِي زَمانِكُمُ / وَقَدْ سَأَلْتُ اقْتِراحَ الْقَوْمِ فاقْتَرِحُوا
مَعْنىً بَلِيغاً وَاَلْفاظاً يَرُقْنَ وَأَغْ / راضاً يَفُقْنَ وَبَحْراً لَيْسَ يُنْتَزَحُ
وَما يَكادُ يُدِيرُ الْفِكْرُ أَكْؤُسَهُ / إِلاّ بِحَيْثُ يَدُورُ اللُّهْوُ وَالْقَدَحُ
أَلا تَرَونَ وُجُوهَ الْعَيْشِ مُقْبِلَةً / تُزْهى وَصَدْرَ الأَمانِي وَهْوَ مُنْشَرِحُ
وَالْيَوْمَ يَوْمٌ يُرِينا الشَّمْسَ ضاحِكَةً / طَوْراً وَدَمْعَ الْغَوادِي وَهْوَ مُنْسَفِحُ
وَالنّايُ كَالنَّأْيِ في قَلْبِ المُحِبِّ وَلِلْ / أَوْتارِ فِي كُلِّ سَمْعٍ أَلْسُنٌ فُصُحُ
وَمُسْمِعِينَ إِذا مَرَّتْ لَهُمْ نَغَمٌ / كادَتْ لَهُنَّ قُلُوبُ القَوْمِ تَنْجَرِحُ
لا تَعْذِرَنَّ بَنِي اللَّذّاتِ إِنْ نَزَعُوا / عَنْهَا فَأَفْسَدُ ما كانُوا إِذا صَلُحُوا
وَفِي ذُرى الْمَجْدِ مِنْ تاجِ الْمُلُوكِ فَتىً / بِالْعِزِّ مُغْتَبِقٌ بِالسَّعْدِ مُصْطَبِحُ
الْيَوْمَ حَصَّنَ مَدْحِي بَعْدَ بِذْلَتِهِ / مَلْكٌ بِهِ تَفْخَرُ الأَيّامُ وَالْمِدَحُ
مَلْكٌ إِذا انْهَلَّ فِي بَأْسٍ وَفَيْضِ نَدىً / فَاللَّيْثُ مُهْتَصِرٌ والْغَيْثُ مُفْتَضِحُ
بَدْرٌ لَوَانَّ لِبَدْرِ الأُفْقِ بَهْجَتَهُ / أَضْحى بِهِ اللَّيْلُ مِثْلَ الصُّبْحِ يَتَّضِحُ
حارَ الثُّناءُ فَما يَدْرِي أَغايَتُهُ / أَعْراقُهُ الْبِيضُ أَمْ أَخْلاقُهُ السُّجُح
لَوْ لَمْ تَكُنْ أَوْحَدَ الأَقْوامِ كُلِّهِمِ / لَقُلْتُ إِنَّ الْمَعالِي وَالنَّدى مِنَحُ
أَمّا الزَّمانُ فَقَدْ أَضْحى بِدَوْلَتِهِ / نَضْراً حَكى الرَّوْضَ وَالطُّلابُ قَدْ نَجَحُوا
وَالْعَيْشُ مُتَّسِعٌ وَالأَمْنُ مُقْتَبَلٌ / وَاللَّهْوُ مُسْتَخْلَصٌ والْهَمُّ مُطَّرَحُ
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا / وَيَحْوِ جَميلَ الذِّكْرِ مَنْ طَلَبَ الذِّكْرا
لَقَدْ كَرَّمَ اللهُ ابْنَ دَهْرٍ تَسُودُهُ / وَشَرَّفَ يا تاجَ الْمُلُوكِ بِكَ الدَّهْرا
وَمَنَّ عَلَى هذا الزَّمانِ وَأَهْلِهِ / بِأَرْوَعَ لا يَعْصِي الزَّمانُ لَهُ أَمْرا
حُسامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ تَكنْ / حُساماً لَهُ فَلْيَقْتُلِ الْخَوْفَ وَالْفَقْرا
هَزَزْناكَ لَدْناً وانْتَضَيْناكَ صارِماً / فَطُلْتَ الْقَنا صُمَّاً وَغُلْتَ الظُّبى بُتْرا
حُساماً نَرى ِي صَفْحِهِ الصَّفْحَ وَالنَّدى / وَفِي حَدِّهِ الْجَدَّ الْمُظَفَّرَ والنَّصْرا
وَفِي قُرْبِهِ الزُّلْفى وَفِي نَيْلِهِ الْعُلى / وَفِي حُكْمِهِ الْبُقْيا وَفِي ظِلِّهِ الْيُسْرا
فَتىً لا يَرى إِلاّ الْمَحامِدَ مَغْنَماً / وَلا يَقْتَنِي إِلاّ الثَّناءَ لَهُ ذُخْرا
وَمُقْرَبَةً جُرْداً وَزُغْفاً سَوابِغاً / وَهِنْدِيَّةً بِيضاً وَخَطِّيَّةً سُمْرا
إِذا صالَ بَأْساً قَطَّعَ الْبِيضَ وَالْقَنا / وَإِنْ فاضَ جُوداً بخَّلَ الدَّيَمَ الْغُزْرا
لَعَمْرِ لَئِنْ أَعْدَتْ أَنامِلُكَ الْحَيا / سَماحاً لَقَدْ أَعْدَتْ شَمائِلُكَ الْخَمْرا
وَكائِنْ مَنَحْتَ الرّاحَ مِنْ خُلْقِكَ الصَّفا / وَأَكْسَبْتَها مِنْ نَشْرِكَ الطَّيِّبِ النَّشْرا
وَأَوْدَعْتَها مِنْ حَدِّ بَأْسِكَ سَورَةً / وَعَلَّمْتَها مِنْ أَرْيَحِيَّتِكَ السُّكْرا
كَأَنَّ الثُّرَيّا تَلْثِمُ الْبَدْرَ كُلَّما / تَمَطَّقْتَها فِي الْكَأْسِ عانِسَةً بِكْرا
أَبا الأَْنجُمِ الزُّهْر الأُولى لَوْ تَحَلَّتِ السَّ / ماءُ بِهِمْ لَمْ تَحْفِلِ الأَنْجُمَ الزُّهْرا
إِذا واحدٌ مِنْهُمْ جَلَتْهُ مَخِيلَةٌ / تَبَيَّنْتَ فِي أَعْطافِهِ الْعَسْكَرَ الْمَجْرا
وَكَمْ لَيْثِ غابٍ كانَ شِبلاً مُرَيَّناً / وَعادِيِّ نَبْعِ قَدْ غَدا غُصُناً نَضْرا
رَجَوْتُكَ بَحْراً يُخْجِلُ الْبَحْرَ نائِلاً / وَزُرْتُكَ بَدْراً جَلَّ أَنْ يُشْبِهَ الْبَدْرا
وَقَدْ خَطَبَ الأَمْلاكُ مَدْحِي فَصُنْتُهُ / لأكْرَمِهِمْ نَجْراً وَأَشْرَفهِمْ قَدْرا
وَما كانَ لِي أَنْ لا أَزُفَّ عَرائِسِي / إِلَيْكَ وَقَدْ أَغْلَيْتَها دُونَهُمْ مَهْرا
جَعَلْتُ لَها مِنْ مَدْحِكَ الْفاخِرِ الْحُلى / وَمِنْ جُودِكَ النُّعْمى وَمِنْ ظِلِّكَ الْخِدْرا
وَإِنْ طالَ عُمْرٌ لَمْ تُقَصِّرْ غَرائِبٌ / يَعُزُّ اللَّيالِي أَنْ تُطاوِلَها عُمْرا
بَدائِعُ إِنْ بَغْدادُ هامَتْ بِحُبِّها / فَفَدْ تَيَّمَتْ مِنْ قَبْلِها وَشَجَتْ مِصْرا
وَوَاللهِ لا أَغْبَبْتُ شُكْراً وَسَمْتُهُ / بِمَدْحِكَ ذا ما اسْتَوجَبَ الْمُحْسِنُ الشُّكْرا
لِيَلْبَسَ جِيدُ الْمَجْدَ مِنْ حَلْيِ مَنْطِقِي / قَلائِدَ دُرٍّ تَزْدَرِي عِنْدَهُ الدُّرّا
إِذا قُلْتُ فِي تاجِ الْمُلُكِ قَصِيدَةً / مِنَ الشِّعْرِ قالُوا قَدْ مَدَحْتَ بِهِ الشِّعْرا
أَلَمْ تَكُ لِلْمُلُوكِ الْغُرِّ تاجا
أَلَمْ تَكُ لِلْمُلُوكِ الْغُرِّ تاجا / وَلِلدُّنْيا وَعالَمِها سِراجا
أَلَمْ تَحْلُلْ ذُرى الْمَجْدِ الْتِهاماً / بِغاياتِ الْمَكارِمِ وَالْتِهاجا
لَقَدْ شَرُفَ الزَّمانُ بِكَ افْتِخاراً / كَما سَعِدَ الأَنامُ بِكَ ابْتِهاجاً
رَأَوْا مَلِكاً أَنامِلُهُ بِحارٌ / مَنَ الْمَعْروفِ تَلْتَجُّ الْتِجاجا
حَقِيقاً أَنْ يُجابَ عَلَى اللَّيالِي / بِهِ ثَوْبُ الثُّناءِ وَأَنْ يُساجا
يَكادُ الْغَيْثُ يُشْبِهُهُ سَماحاً / إِذا انْهَلَّ انْسِفاحاً وَانْثِجاجا
أَغَرُّ يهِيجُ طِيبُ الذِّكْرِ مِنْهُ / هَوىً بِرَجائِهِ ما كانَ هاجا
تَبِيتُ رِكابُنا ما يَمَّمَتْهُ / تُخالِجُنا أَزِمَّتَها خِلاجا
كأَنَّ الْعِيسَ خابِرَةٌ إِلى مَنْ / بِنا تَطْوِي الْمَخارِمَ وَالْفِجاجا
كَأَنَّ الْفَوْزَ بِالآمالِ تُمْسِي / إِلَيْهِ النَّاجِياتُ بِهِ تُناجا
مَلِيٌّ حِينَ يُنْذَرُ بِالأَعادِي / وَأَمضى الْعالَمِينَ إِذا يفاجا
يَرُوحُ وَخَيْلُهُ تَخْتالُ تِيهاً / بِأَشْجَعِ مَنْ بِها شَهِدَ الْهِياجا
وَما الْمِسْكُ السَّحِيقُ إِذا امْتَطاها / بِأَهْلٍ أَنْ يَكُونَ لهَا عَجاجا
يَطُولُ بِها الثَّرى إِنْ صافَحَتْهُ / وَإِنْ سَلَكَتْ بِهِ سُبُلاً فِجاجا
كَأَنَّ بِسَهْلِهِ وَالْحَزْنِ مِنْها / عِضاضاً لِلسَّنابِكِ أَوْ شِجاجا
مَدَدْتَ إِلى اقْتِناءِ الْحَمْدِ كَفَّاً / طِمى بَحْرُ السَّماحِ بِها وَماجا
وَغادَرْتَ الْعَوالِيَ بِالْمَعالِي / كَخِيسِ اللَّيْثِ عَزَّ بِهِ وِلاجا
وَأَنْتَ جَعَلْتَ بَيْنَهُما انْتِساباً / بِما آلى إِباؤُكَ وَانْتِساجا
ضَرَبْتَ مِنَ الظُّبى سُوراً عَلَيْها / وَمِنْ شَوْكِ الرِّماحِ لَها سِياجا
وَلَمْ تَقْنُ الْقَنا يَوْماً لِتَقْضِي / بَغِيْرِ صُدُورِها لِلْمَجْدِ حاجا
وَلَوْلا الطَّعْنُ فِي الْهَيْجاءِ شَزْراً / لَما فَضَلَتْ أَسِنَّتُها الزِّجاجا
إِذا داءٌ مِنَ الأَيّامِ أَعْيا / عَلَى الأَيّامِ طِبَّاً أَوْ عِلاجا
أَعَدْتَ لَهُ بِبِيضِ الهِنْدِ كَيَّاً / وَأَشْفى الْكَيَّ أَبْلَغُهُ نِضاجا
وَكَمْ سَيْلٍ ثَنَيْتَ بِها وَمَيْلٍ / أَقَمْتَ فَلَمْ تَدَعْ فِيهِ اعْوِجاجا
وَقِيلٍ قَدْ دَلَفْتَ لَهُ بِخَيْلٍ / كَشُهْبِ الْقَذْفِ تَرْتَهِجُ ارْتِهاجا
كَأَنَّ دَبىً وَرِجْلاً مِنْ جَرادٍ / بِها وَالْغابَ يُرْقِلُ وَالْحِراجا
عَصَفْنَ بِعِزِّهِ وَضَرَبْنَ منْهُ / مَعَ الهامِ الْمَعاقِدَ وَالْوِداجا
وَكُنْتَ إِذا عَلَوْتَ مَطا جَوادٍ / مَلأْتَ الأَرْضَ أَمْناً وانْزِعاجا
وَكَمْ أَحْصَدْتَ مِنْ عَقْدٍ لِجارٍ / وَلا كَرَباً شَدَدْتَ وَلا عِناجا
إِذا باتَتْ لأبناءٍ عِظامٍ / بَناتُ الصَّدْرِ تَعْتَلِجُ اعْتِلاجا
جَزاكَ اللهُ نَصْراً عَنْ مَساعٍ / حَمَيْنَ الدِّينَ عِزّاً أَنْ يُهاجا
فَلَمْ تَكُ إِذْ تَمُورُ الأَرْضُ مَوْراً / وَتَرْتَجُّ الْجِبالُ بِها ارْتِجاجا
لِثَغْرِ مَخُوفَةٍ إِلاّ سِداداً / وَبابِ مُلِمَّةٍ إِلاّ رِتاجا
وَلَمْ تَضِقِ الْخُطُوبُ السُّودُ إِلا / جَعَلْنا مِنْ نَداكَ لَها انْفِراجا
كَفى ظُلَمَ النَّوائِبِ واللَّيالِي / بِبَهْجَتِكَ انْحِساراً وَانْبِلاجا
وَحَسْبُ الْعِيدِ عِيدٌ مِنْكَ يَحْظى / بِهِ ما عادَ مُرْتَقِباً وَعاجا
فَدُمْتَ لَهُ وَلِلنِّعَمِ اللَّواتِي / غدَوْتَ بِها لِرَبِّ التَّاجِ تاجا
تَجِلُّ حِلىً إِذا ما الْقَطْرُ حَلى / بِرَيِّقِهِ الأَناعِمَ وَالنَّباجا
إِذا ما كُنْتَ تاجَ عُلىً فَمَنْ ذا / يَكُونُ لَكَ الْجَبِينَ أَوِ الْحَجاجا
إِلَيْكَ زَفَفْتُ أَبْكارَ الْقَوافِي / وُحاداً كَالْفَرائِدِ أَوْ زَواجا
سَوامِي الْهَمِّ لا تَعْدُوكَ مَدْحاً / إِذا اخْتَلَجَ الضَّمِيرُ بها اخْتِلاجا
تَزُورُ عُلاكَ مَرَّاً وانْثِناءً / وَقَصْداً بِالْمَحامِدِ وانْعِراجا
فَكَمْ شادٍ لَها طَرِبٍ وَحادٍ / بها غَرِدٍ بُكُوراً وادِّلاجا
وَكَمْ راوٍ كَأَنَّ بِفِيهِ مِنْها / مُجاجَ النَّحْلِ حُبَّ بِهِ مُجاجا
يَزِيدُ بِها الشَّجِيُّ شَجىً وَبَثّاً / وَيَهْتاجُ الْخَلِيُّ بِها اهْتِياجا
أَقُولُ بِحَقِّ ما تُسْدِي وَتُولِي / وَلَيْسَ بِحَقّ مَنْ حابى وَداجا
وَأَنْتَ أَعَدْتَ لِي بِيضاً حِساناً / لَيالِيَ دَهْرِيَ السُّودَ السِّماجا
أَتَيْتُكَ لَمْ أَدَعْ لِلْحَظِّ عُذْراً / إِلَيَّ وَلا عَلَيَّ لَهُ احْتِجاجا
وَلَمْ أَجْعَلْكَ دُونَ الْخَلْقِ قَصْدِي / لِتَجْعَلَ لِي إِلى الْخَلْقِ احتِياجا
أُقِيمُ عَلَى الصَّدى ما لَمْ يُهَبْ بِي / إِلى الْوِرْدِ الْكَرِيمِ وَلَمْ يُجاجا
فَكَمْ جاوَزْتُ مِنْ عَذْبٍ زُلالٍ / إِلَيْكَ أَعُدُّهُ ملْحاً أُجاجا
إِلى مَلِكٍ سَقى الإِحْسانَ صِرْفاً / فَلَمْ يَذَرِ الْمِطالَ لَهُ مِزاجا
سَنِيِّ الْبَذْلِ ما حَمَلَتْ تَماماً / مَواعِدُهُ وَلا وَضَعَتْ خِداجا
وَخَيْرُ لَقائِحِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ النَّ / دى ما كانَ أَسْرَعها نَتاجا
إِذا ما عاتَبَ الأَيّامَ حُرٌّ / بِغَيْرِكَ لَمْ تَزِدْ إِلاّ لَجاجا
أفَيْضُ دُمُوعٍ أَمْ سُيُولٌ تَمَوَّجُ
أفَيْضُ دُمُوعٍ أَمْ سُيُولٌ تَمَوَّجُ / وَحَرُّ ضُلُوعٍ أَمْ لَظىً تَتَأَجَّجُ
كَفى مِنْ شَجايَ عَبْرَةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ / وَلُبٌّ مُطارٌ أَمْ سَقامٌ مُهَيَّجُ
شَرِبْتُ مِنَ الأَيّامِ كَأْساً رَوِيَّةً / وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الصَّقْوَ بِالرَّنْقِ يُمْزَجُ
وَلَمْ يُبْكِنِ رَسْمٌ بِنَعْمانَ دارِسٌ / وَلا شَفَّنِي ظَبْيٌ بِرامَةَ أَدْعَجُ
وَلكِنْ جُنُونٌ مِنْ زَمانٍ مُسَفَّهٍ / وَدَهْرٌ جَهُولٌ أَوْلَقُ الرَّأْيِ أَهْوَجُ
سَلَوْتُ وَما كادَ السُّلُوُّ يُطِيعُنِي / لَوَانَّ زَماناً جائِراً يَتَحَرَّجُ
إِذا دَخَلَ الْهَمَّ الْغَرِيبُ عَلَى فَتىً / رَأَيْتَ الْهَوى مِنْ قَلْبِهِ كَيْفَ يَخْرُجُ
تَعَفَّتْ رُسُومُ الْمَكْرُماتِ كَما عَفا / عَلَى الدَّهْرِ مَلْحُوبٌ وَأَفْقَرَ مَنْعِجُ
فَلَوْلا بَنُو الصُّوفِيِّ أَعْوَزَ مُفْضِلٌ / إِلى بابِهِ لِلْوَفْدِ مَسْرىً وَمَدْلَجُ
وَلِلسَّيِّدِ الْمَأْمُولِ فِيهِمْ مَكارِمٌ / تُساحُ بِأرْزاقِ الْعُفاةِ وَتُمْزَجُ
لَعَمْرِي لَقَدْ سادَ الْكِرامَ وَبَذَّهُمْ / أَغَرُّ صَقِيلُ الْعِرْضِ أَزْهَرُ أَبْلَجُ
حَطَطْنا رِحالَ الْعِيسِ فِي ظِلِّ جُودِهِ / إِلى خَيْرِ مَنْ تُحْدى إِلَيْهِ وَتُحْدَجُ
خَصيبُ مَرادِ الْخَيْرِ وَالْخَيْرُ مُجْدِبٌ / جَدِيدُ رِداءِ الفَضْلِ وَالْفَضْلُ مُنْهَجُ
أَبَرُّ وَأَنْدَى مِنْ نَدى الْمُزْنِ راحَةً / وَأَبْهى مِنَ الْبَدْرِ الْمُنِيرِ وَأَبْهَجُ
قَضى حاجَتِي بِالْجُودِ حَتّى كَأَنَّهُ / إِلى بَذْلِ ما يُسْدِي مِنَ الْجُودِ أَحْوَجُ
وَكُنّا إِذا ما رابَنا الدَّهْرُ مَرَّةً / وَلِلدَّهْرِ أَحْوالٌ تَسُوءُ وَتُبْهِجُ
دَعَوْنا لَهُ جُودَ الْوَجِيهِ وَإِنَّما / دَعَونا حَياً أَوْ وابِلاً يَتَثَجَّجُ
وَكَمْ قَطَعَتْ فِينا اللَّيالِي وَغالَنا / لَها مُقْلِقٌ مِنْ فادِحِ الْخَطْبِ مُزْعِجُ
فَذادَ أَبُو الذَوّادِ عَنّا صُرُوفَها / وَفَرَّجَ غَمّاءَ الْخُطُوبِ الْمُفَرِّجُ
فَتىً يَسَعُ الآمالَ أَدْنى ارْتِياحِهِ / وَيَغْرَقُ فِي نُعْماهُ مَنْ لا يُلَجِّجُ
فَتىً لَمْ يَزَلْ لِلْمَجْدِ تاجاً وَمَفْخَراً / إِذا ماجِدٌ بِالْفَخْرِ أَمْسى يُتَوَّجُ
كَفانِي نَدى كَفَّيْهِ خُلْفَ مَواعِدٍ / بِها يَسْتَقِيمُ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ أَعْوَجُ
وَأَغْنى عَنِ الْبُخّالِ راجَعْتُ جُودَهُمْ / فَلَمْ أَرَ جُلْمُوداً عَلَى الطَّبْخِ يَنْضَجُ
حَلَفْتُ لَقَدْ أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ نِعْمَةً / بِها الشُّكْرُ يُغْرى وَالْمَحامِدُ تَلْهَجُ
وَأَحْسَنَ بِي مِنْ قَبْلِكَ الْحَسَنُ الَّذِي / تَوَلى وَما لِلْمَجْدِ عَنْهُ مُعَرَّجُ
أَبُوكَ الَّذِي ما زالَ يَرْحَبُ هِمَّةً / يَضِيقُ بِها صَدْرُ الزَّمانِ وَيَحْرَجُ
بَنى لَكُمُ بَيْتاً رَفِيعاً عِمادُهُ / تَرَقَّى إِلَيْهِ النَّيِّراتُ وَتَعْرُجُ
فَلا ظِلُّهُ عَنْ مُسْتَظِلٍّ بِقاصِرٍ / وَلا بابُهُ عَنْ مُرْتجِي الْخَيْرِ مُرْتَجُ
بِرُغْمِ الْعِدى أَنْ بِتَّ وارِثَ مَجْدِهِ / وَذلِكَ حَقٌّ لَمْ تَكُنْ عَنْهُ تُفْرجُ
وَما هِيَ إِلاّ صَعْبَةٌ عَزَّ ظَهْرُها / وَأَنْتَ عَلَى أَمْثالِها تَتَفَحَّجُ
وَما زِلْتَ تَعْلُو مَنْكِبَ الْعَزْمِ ظافِراً / وَتُلْجِمُ بِالْحَزْمِ الْحَمِيدِ وَتُسْرِجُ
تَزِيدُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ نَباهَةً / كَأَنَّكَ صُبْحٌ فِي دُجىً يَتَبَلَّجُ
تُشَرَّفُ وَالأَيّامُ فِيها دَناءَةٌ / وَتَخْلَصُ وَالأَقْوامُ زَيْفٌ وَبَهْرَجُ
عَزائِمُ مَحْسُودِ الْمَعالِي كَأَنَّها / سَوابِقُ تَرْدِي بِالْكُماةِ وَتَمْعَجُ
خَلائِقُ تَجْتاحُ الْخَطُوبَ كَأَنَّها / ظُبىً بِدَمِ الْفَقْرِ الْمُضِرِّ تُضَرَّجُ
أَتَتْكَ بِمِسْكِيِّ الثَّناءِ كَأَنَّما / أَطابَ شَذاها عِرْضُكَ الْمُتَأَرِّجُ
لَها مِنْ نِظامِ الدُّرِّ ما جَلَّ قَدْرُهُ / وَقِيمَتُهُ لا ما يُحاكُ وَيُنْسَجُ
مُحَجَّبَةٌ لَوْلاكَ لَمْ يَحْوِ ناظِرٌ / بِها الْفَوْزَ وَالْحَسْناءُ لا تَتَبَرَّجُ
وَكُلُّ ثَناءٍ دُونَ قَدْرِكَ قَدْرُهُ / وَإِنْ زانَ قَوْماً وَشْيُهُ والْمُدَبَّجُ
أَرى فِيكَ لِلآمالِ وَعْدَ مَخِيلَةٍ / وَما هِيَ إِلاّ مُقْبِبٌ سَوْفَ تُنْتَجُ
سَقى اللهُ حُسْنَ الظَّنِّ فِيكَ فَإِنَّهُ / طَرِيقٌ إِلى الْغُنْمِ الْكَرِيمِ وَمَنْهَجُ
فَأَسْمَحُ خَلْقٍ عِنْدَ جُودِكَ باخِلٌ / وَأَحْسَنُ فِعْلٍ عِنْدَ فِعْلِكَ يَسْمُجُ
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً
أَظُنُّ الدَّهْرَ جاءَكَ مُستَثِيراً / فَقَدْ أَحْقَدْتَهُ كَرَماً وَخِيرا
تَبِيتُ عَلى نَوائِبه مُعِيناً / وَتُضْحِي مِنْ حَوادِثِهِ مُجِيرا
وَتَصْرِفُ صَرْفَهُ عَنْ كُلِّ حُرٍّ / وَتَمْنَعُ خَطْبَهُ مِنْ أَنْ يَجُورا
فَكَمْ أَنْقَذْتَ مِنْ تَلَفٍ أَخِيذاً / وَكَمْ أَطْلَقْتَ مِنْ عُدْمٍ أَسِيرا
فَلا عَجَبٌ وَإِنْ وافى بِأَوفى الْ / فَوادِحِ أَنْ يَسُوءَ وَأَنْ يَسُورا
وَهَلْ قَصَدَ الزَّمانُ سِوى كَرِيمٍ / حَماهُ أَنْ يَضِيمَ وَأَنْ يَضِيرا
وَما زالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ تَحْدُو / إِلى الأَخْيارِ شَراً مُسْتَطِيرا
تُسِيءُ إِلى ذَوِي الْحُسْنى وَتَحْبُو / مُقَيِلَ عِثارِها الْجَدَّ الْعَثُورا
وَلَوْ راعى ذَوِي الأَخْطارِ دَهْرٌ / رَعى ذا الْمَجْدَ وَالشَّرَفَ الْخَطِيرا
وَلَو دُفِعَ الْحِمامُ بِعِزِّ قَوْمٍ / لَكُنْتَ أَعَزَّ ذِي عِنٍّ نَصِيراً
هُوَ الْقَدَرُ الَّذِي لَمْ تَلْقَ خَلْقاً / عَلَى دَفْعٍ لَهُ أَبَداً قَدِيرا
سَواءٌ مَنْ يَقُودُ إِلَيْهِ جَيْشاً / وَمَنْ يَحْدُو مِنَ الأَقْوامِ عِيرا
وَما ينَفْكُّ هذا الدَّهْرُ حَتّى / يَصِيرَ إِلى الْفَناءِ بِنا الْمَصِيرا
فيا لِيَ مِنْهُ صَوّالاً فَتُوكاً / وَيا لِيَ مِنْهُ خَلاّباً سَحُورا
كَذلِكَ شِيمَةُ الأَيّامِ فِينا / تَسُوءُ حَقِيقَةً وَتَسُرُّ زُورا
وَكَمْ سُكّانِ دُنْياً لَوْ أَفاقُوا / لَما سَكَنَتْ قُلُوبُهُمُ الصُّدُورا
أَهَبَّ عَلَيْهِمُ الْحَدَثانُ رِيحاً / بِكُلِّ عَجاجَةٍ تُغْري مُثِيرا
تَحَدّاهُمْ كَأَنًَّ عَلَيْهِ فِيهِمْ / يَمِيناً أَوْ قَضى بِهمُ النُّذُورا
فَيا عَيْشا مُنِحْناهُ خِداعاً / وَيا دُنْيا صَحِبْناها غُرُورا
وَيا دَهْراً أَهابَ بِنا رَداهُ / لِيُتْبِعَ أَوَّلاً مِنّا أَخِيرا
أَما تَنْصَدُّ وَيْحَكَ عَنْ فَعالٍ / ذَمِيمٍ لا تَرى فِيهِ عَذِيرا
سَمَوتَ إلى سَماءِ الْفَخْرِ حَتّى / تَناوَلْتَ الْهِلالَ الْمُسْتَنِيرا
وَطُفْتَ بِدَوْحَةِ الْعَلْياءِ حَتّى / خَلَسْتَ بِكَيْدِكَ الْغُصْنَ النَّضِيرا
كأَنَّ أَبا الْغَنائِمِ كانَ مِمَّنْ / تَعُدُّ وَفاتَهُ غُنْماً كَبِيرا
كَأَنَّكَ كُنْتَ تَطْلُبُهُ بِثَأْرٍ / غَشُومٍ لا تَرى عَنْهُ قُصُورا
خَطَوْتَ الْعالَمِينَ إِلَيْهِ قَصْداً / كَأَنَّكَ قَدْ سَأَلْتَ بِهِ خَبِيرا
إِلى أَنْ أَغْمَدَتْ كَفّاكَ مِنْهُ / حُساماً زانَ حامِلَهُ شَهِيرا
مُصابٌ لَوْ تَحَمَّلَهُ ثَبِيرٌ / دَعا وَيْلاً وَأَتْبَعَها ثُبُورا
يُذَكِّرُنِي سَدِيدَ الْمُلْكِ وَجْداً / وَكُنْتُ لِمِثْلِهِ أَبَداً ذَكُورا
فَما أَطْفَأْتَ مِنْ نارٍ لَهِيباً / إِلى أَنْ عُدْتَ تُذْكِيها سَعِيرا
وَما طالَ الْمَدى فَيَسُوعَ عُذْرٌ / بِأَنْ يَكْبُوا الْجَوادُ وَاَنْ يَخُورا
قَصَرْتَ مَداهُ حَتّى كادَ يَوْماً / بِهِ أَنْ يَسْبِقُ النّاعِي الْبَشِيرا
وَلَمْ يَكْسُ الْفَتى كَمَداً طَوِيلاً / كَمَفْقُودٍ نَضى عُمْراً قَصِيرا
وَلَمْ أَجِدِ الْكَبِيرَ الرُّزْءِ إِلاّ / سَلِيلَ عُلاً فُجِعْتَ بِهِ صَغِيراً
عَلَى أَنَّ الْكِرامَ تَعُدُّ لَيْثاً / هَصُوراً مِنْهُمُ الرَّشَأَ الْغَرِيرا
تَرى أَيّامَهُمْ أَعْوامَ قَوْمٍ / وَساعاتِ الْفَتى مِنْهُمْ شُهُورا
فَلا يَبْعُدْ حِبِيبٌ بانَ عَنّا / وَإِنْ كانَ الْبعادُ بِهِ جَدِيرا
وَكَيْفَ دُنُوُّ مَنْ طَوَتِ اللَّيالِي / كَما تَطْوِي عَلَى الظَّنِّ الضَّمِيرا
فَيا رامِيهِ عَنْ قَوْسِ الْمَنايا / أَصَبْتَ بِواحِدٍ عَدَداً كَثِيرا
ويا راجيه يجعله ظهيراً / نبا لك حادث قطع الظهورا
ويا حاثِي التُّرابِ عَلَيْهِ مَهْلاً / كَسَفْتَ بَهاءَهُ ذاكَ الْبَهِيرا
فَلَو أَنِّي اسْتَطَعْتُ حَمَلْتُ عَنْهُ / ثَقِيلَ التُّرْبِ وَالْخَطْبَ الْكَبِيرا
أَصُونُ جَمالَهُ وَأُجِلُّ مِنْهُ / جَبِينَ الْبَدْرِ أَنْ يُمْسِي عَفِيرا
بِنَفْسِي نازِحٌ بِالغَيْبِ دانٍ / يُجاوِرُ مَعْشَراً غَيَباً حُضُورا
أَقامَ بِحَيْثُ لا يَهْوى مُقاماً / وَلا يَبْغِي إِلى جِهَةٍ مَسِيرا
وَلا هَجْراً يَوَدُّ وَلا وِصالاً / وَلا بَرْداً يُحِسُّ وَلا هَجِيرا
أَقُولُ سَقى مَحَلَّتَهُ غَمامٌ / يَمُرُّ بِها مِراراً لا مُرُوراً
وَرَوَّضَ ساحَتَيْهِ كَأَنَّ وَشْياً / يَحُلُّ بِها وَدِيباجاً نَشِيرا
إِذا خَطَرَ النَّسِيمُ عَلَيْهِ أَهْدى / إِلى زُوّارِهِ أَرَجاً عَطِيرا
وَما أَرَبِي لَهُ فِي ماءِ مُزْنٍ / وَقَدْ وَدَّعْتُ مِنْهُ حَياً مَطِيرا
وَلَوْلا عادَةُ السُّقْيا بِغَيْثٍ / إِذاً لَسَقَيْتُهُ الدُّرَّ النَّثِيرا
وَقَلَّ لِقَدْرِهِ مِنِّي وَقَلَّتْ / لَهُ زُهْرُ الْكَواكِبِ أَنْ تَغُورا
أَحِنُّ إِلى الصَّعِيدِ كَأَنَّ فِيهِ / شِفايَ إِذا مَرَرْتُ بِهِ حَسِيرا
وَاسْتافُ الثُّرى مَذْ حَلَّ فِيهِ / وَأَلْصِقُهُ التَّرائِبَ وَالنُّحُورا
وَلَوْلا قَبْرُهُ ما كُنْتُ يَوْماً / لأَلْثِمَهُ وَأَعْتَنِقَ الْقُبُورا
عَلَيْكَ بِأَدْمُعٍ آلَيْنَ أَلاّ / يَغِضْنَ وَلَوْ أَفَضْنَ دَماً غَزِيرا
يَزُرْنَكَ مُسْعِداتٍ مُنْجِداتٍ / رَواحاً بِالتَّفَجُّعِ أَوْ بُكورا
فَأَوْلى مَنْ يُقاسِمُكَ الأَسى فِي / خُطُوبِكَ مَنْ تُقاسِمُهُ السُّرُورا
وَلا تَعْلَقُ بِصَبْرٍ بَعْدَ بَدْرٍ / ذَمَمْنا الصَّبْرَ عَنْهُ والصَّبُورا
وَإِنْ قالُوا اسْتَرَدَّ الدَّهْرُ مِنْهُ / مُعاراً كَيْفَ تَمْنَعُهُ اْلمُعِيرا
فَلِمْ أَعطاكَهُ نَجْماً خَفِياً / وَعادَ لأَخْذِهِ قَمَراً مُنِيرا
أَبا الذَوّادِ ما كَبِدٌ أُذِيبَتْ / بِشافِيَةٍ وَلا قَلْبٌ أطِيرا
فَهلَْ لَكَ أَنْ تُراقِبَ فِيهِ يَوْماً / يُوَفّى الصَابِرونَ بِهِ الأُجُورا
وَلَوْلا أَنْ أَخافَ اللهَ مِنْ أَنْ / يَرانِي بَعْدَ إيمانٍ كَفُورا
لَما عَزَّيْتُ قَلْبَكَ عَنْ حَبِيبٍ / وَكُنْتُ بِأَنْ أُحَرِّقَهُ بَصِيرا
وَلَمْ نَعْهَدْكَ فِي سَرّاءِ حالٍ / وَلا ضَرّائِها إِلاّ شَكُورا
فَصَبْراً لِلْمُلِمِّ وإِنْ أَصَبْنا / جَناحَ الصَّبْرِ مُنْهاضاً كَسِيرا
أَلَمْ تَعْلَمْ وَكانَ أَبُوكَ مِمَّنْ / إِذا خَطَبَ الْعُلى أَغْلى الْمُهُورا
بِأَنَّكُمُ أَطَبُّ بِكُلِّ أَمْرٍ / إِذا ما ضَيَّعَ النّاسُ الأُمُورا
وَأَيُّ الْخَطْبِ يَنْقُصُ مِنْ عُلاكُمْ / وَأَيُّ النَّزْفِ يَنْتَزِحُ الْبُحُورا
وَأَيُّ عَواصِفِ الأَرْواحِ يَوْماً / تَهُبُّ فَتُقْلِقُ الطُّوْدَ الْوَقُورا
وَإِنَّكَ شائِدٌ وَأَخُوكَ مَجْداً / سَيَخْلُدُ ذِكْرُهُ حَسَناً أَثِيرا
إِذا وُقِّيتُما مِنْ كُلِّ خَطْبٍ / فَما نَبْغِي عَلَى زَمَنٍ ظَهِيرا
وَما الْقَمَرانِ إِذْ سَعِدا وَتَمّا / بِأَبْهَرَ مِنْكُما فِي الْفَضْلِ نُورا
أُرانِي لا أَسُومُ الصَّبْرَ قَلْبِي / فَأُدْرِكُهُ يَسِيرا أَوْ عَسِيرا
كَأَنِّي مُبْتَغٍ لَكُما شَبِيهاً / بِهِ أَوْ مُدَّعِ لَكُما نَظِيرا
فَلا أَخْلى الزَّمانُ لَكُمْ مَحَلاّ / وَ لاعَدِمَتْ سَماؤُكُمُ الْبُدُورا
مَهْلاً بَنِي الصّوفِيِّ إِنَّكُمُ
مَهْلاً بَنِي الصّوفِيِّ إِنَّكُمُ / لَيُعَدُّ دُونَ حصاتِكُمْ جَبَلِي
لَوْ تُنْصِفُونَ صَفاءَ نِعْمَتِكُمْ / ما احْتاجَ بَحْرُكُمْ إِلى وَشَلِي
لا يَشْهَرَنَّ عَلَيَّ سَيْفُكُمُ / سَيْفاً بِهِ فِي الْحَقِّ لَمْ يَصُلِ
إِنَّ الْكَرِيمَ الْمَحْضَ سُؤْدَدُهُ / مَنْ لَمْ تَضِقْ بِوَفائِهِ حِيَلِي
وَالْماجِدَ الْمَرْجُوَّ نائِلُهُ / مَنْ لَمْ يَخِبْ فِي وُدِّهِ أَمَلِي
بِئْسَ الْجَزاءُ جَزَيْتُمُ رَجُلاً / لَمْ يَخْفَ مَوْضِعُهُ عَلَى رَجُلِ
دَبَّتْ عَقارِبُكُمْ إِلَيَّ وَقَدْ / تَهْوِي إِلى أَقْدامِكُمْ قُبَلِي
كَمْ سَما لِي بِحُسْنِ رَأْيِكَ جَدُّ
كَمْ سَما لِي بِحُسْنِ رَأْيِكَ جَدُّ / وَصَاف لِي بِفَيْضِ كَفِّكَ وِرْدُ
وَتَوالَتْ عَلَيَّ مِنْكَ أَيادٍ / كَتَوالِي الْحَيا يَرُوحُ وَيَغْدُو
فَاجِئاتٌ فَلَيْسَ يُعْدَمُ بَذْلٌ / مِنْ نَداها وَلَيْسَ يُوجَدُ وَعْدُ
ثِقَةَ الْمُلْكِ لَيْسَ فِي الْحُكْمِ جُوْرٌ / مِنْكَ يَوْماً وَلَيْسَ فِي الْجُودِ قَصْدُ
رُبَّ بِرٍّ فِي إِثْرِهِ مِنْكَ بِرٌّ / بَعْدَ رِفْدٍ فِي طَيِّهِ مِنْكَ رِفْدُ
كُلَّ يَوْمٍ جُودٌ أَتِيٌّ وَمَعْرُو / فٌ فَتِيٌّ وَنائِلٌ مُسْتَجِدُّ
كُلُّ أَيّامِ حُبِّكَ الْجُودَ وَصْلٌ / مُسْتَمِرٌّ وَالْحُبُّ وَصْلٌ وَصَدُّ
كَرَمٌ لا أَبِيتُ إِلاّ وَلِي مِنْ / هُ عَلَى ما اقْتَرَحْتُ زادٌ مُعَدُّ
أَعْجَزَ الْحَمْدَ وَالثَّناءَ فَلَمْ يَنْ / هَضْ ثَناءٌ بِهِ وَلا قامَ حَمْدُ
وَمِنْ الْعَجْزِ أَنَّ شُكْرِي نَسِيءٌ / كُلَّ وَقْتٍ وَأَنَّ بِرَّكَ نَقْدُ
أَيْنَ عُذْرِي إَذا اسْتَزَدْتُكَ جُوداً / لَمْ يَدَعْ خَلَّةً لَدَيَّ تُسَدُّ
غَيْرَ أَنِّي أَدْعُو نَداكَ إِلى يَوْ / مٍ بِهِ زادَ فِي عَبِيدِكَ عَبْدُ
وَلَعَمْرِي ما كانَ يَخْرُجُ نَجْلٌ / عَنْ قَبِيلٍ أَبُوهُ فِيهِمْ يُعَدُّ
وَلأَنْتَ الأَوْلى بِعَبْدِكَ مِنِّي / كُلُّ مَوْلىً بِعَبْدِهِ مُسْتَبِدُّ
لَو كُنْتَ شاهِدَ عَبْرَتِي يَوْمَ النَّقا
لَو كُنْتَ شاهِدَ عَبْرَتِي يَوْمَ النَّقا / لَمَنَعْتَ قَلْبَكَ بَعْدَها أَنْ يَعْشَقا
وَلَكُنْتَ أَوَّلَ نازِعٍ مِنْ خُطَّتِي / يَدَهُ وَلَوْ كُنْتَ الْمُحِبَّ الْمُشْفِقا
وَعَذَرْتَ فِي أَنْ لا أُطِيقَ تَجَلُّداً / وَعَجِبْتَ مِنْ أَنْ لا أَذُوبَ تَحَرُّقا
ناشَدْتُ حادِيَ نُوقِهِمْ ِفي مُدْنَفٍ / أَبْكى الْحُداةَ بُكاؤُهُ والأَيْنُقا
وَمَنحْتُهُمْ جَفْناً إِذا نَهْنَهْتُهُ / رَقَأَتْ جُفُونُ الثّاكِلاتِ وَما رَقا
يا عَمْرُو أَيُّ عَظِيمِ خَطْبٍ لَمْ يَكُنْ / خَطْبُ الْفِراقِ أَشَدَّ مِنْهُ وَأَوْبَقا
كِلْنِي إِلى عُنْفِ الصُّدُودِ فَرُبَّما / كانَ الصُّدُودُ مِنَ النَّوى بِي أَرْفَقا
قَدْ سالَ حَتى قَدْ أَسالَ سَوادَهُ / طَرْفِي فَخالَطَ دَمْعَهُ الْمُتَرَقْرِقا
وَاسْتَبْقِ لِلأطْلالِ فَضْلَةَ أَدْمُعٍ / أَفْنَيْتَهُنَّ قَطِيعَةً وَتَفَرُّقا
أَوْ فَاسْتَمِحْ لِي مِنْ خَلِيٍّ سَلْوَةً / إِنْ كانَ ذُو الإِثْراءِ يُسْعِفُ مُمْلِقا
إِنَّ الظِّباءَ غَداةَ رامَةَ لَمْ تَدَعْ / إِلاّ حَشىً قَلِقاً وَقَلْباً شَيِّقا
سَنَحَتْ فما مَنَحَت وَكَمْ مِنْ عارِضٍ / قَدْ مَرَّ مُجْتازاً عَلَيْكَ وَما سَقا
غِيدٌ نَصَبْتُ لِصَيْدِهِنَّ حَبائِلاً / يَعْلَقْنَهُنَّ فَكُنْتُ فِيها أَعْلَقا
وَلَكَمْ نَهَيْتُ اللَّيْثَ أَغْلَبَ باسِلاً / عَنْ أَنْ يَرُودَ الظَّبْيَ أَتْلَعَ أَرْشَقا
فَإِذا الْقَضاءُ عَلَى الْمَضاءِ مُرَكَّبٌ / وَإذا الشَّقاءُ موَكَّلٌ بِأَخِي الشَّقا
وَلَقَدْ سَرَيْتُ إِذا السَّماءُ تَخالُها / بُرْداً بِراكِدَةِ النُّجُومِ مُشَبْرَقا
وَاللَّيْلُ مِثْلُ السَّيْلِ لَوْلا لُجَّةٌ / تَغْشى الرُّبى بِأَعَمّ مِنْهُ وَأَعْمَقا
وَمُشَمِّرينَ تَدَرَّعُوا ثَوْبَ الدُّجى / فَأَجَدَّ لُبْسَهُمُ الزَّماعُ وَأَخْلَقا
عاطَيْتُهُمْ كَأْسَ السُّرى فِي لَيْلَةٍ / أَمِنَ الظَّلامُ بِفَجْرِها أَنْ يُشْرِقا
حَتَّى إِذا حَسَرَ الصّبَاحُ كَأَنَّهُ / وَجْهُ الْوَجِيهِ تَبَلُّجَاً وَتَأَلُّقا
حَطُّوا رِحالَ الْعِيسِ مِنْهُ بِخَيْرِ مَنْ / هَزُّوا إِلَيْهِ رِقابَها وَالأَسْؤُقا
بِأَغَرَّ يَجْلُوا لِلْوُفُودِ جَبِينُهُ / شَمْساً تَكُونُ لَها الْمَعالِي مَشْرِقا
نَزَلُوا فَما وَصَلُوهُ مَهْجُوراً وَلا / فَتَحُوا إِلى نُعْماهُ باباً مُغْلقَا
إِنْ زُرْتَهُ فَتَوَقَّ فَيْضَ بَنانِهِ / إِنَّ الْبِحارَ مَلِيَّةٌ أَنْ تُغْرِقا
وَإِذا أَبُو الذَّوّادِ حاطَكَ ذائِداً / فَلَقَدْ أَخَذْتَ مِنَ اللَّيالِي مَوْثِقا
يَشْتَدُّ مُمْنُوعاً وَيُكْرِمُ قادِراً / وَيَطُولُ مَحْقُوقاً وَيَصْفَحُ مُحْنَقا
لَوْ أَنَّ مَنْ يَرْوِي حَدِيثَ سَماحِهِ / يَرْوِيهِ عَنْ صَوْبِ الْحَيا ما صُدِّقا
صَحِبَ الزَّمانَ وَكانَ يَبْساً ذاوِياً / فَسَقاهُ بِالْمَعْرُوفِ حَتّى أَوْرَقا
لا تَذْكُرَنَّ لَهُ الْمَكارِمَ وَالعُلى / فَتَهِيجَ صَبّاً أَوْ تَشُوقَ مُشَوَّقا
عَشِقَ الْمَحامِدَ وَهْيَ عاشِقَةٌ لَهُ / وَكَذاكَ ما بَرِحَ الْجَمالُ مُعَشَّقا
يَجْرِي عَلَى سَنَنِ الْمَكارِمِ فِعْلُهُ / خُلُقاً إِذا كانَ الْفَعالُ تَخَلّقا
لا يَمْنَحُ الإِحْسانَ إِلاّ شامِلاً / خَيْرُ الْحَيا ما عَمَّ مِنْهُ وَطَبَّقا
كَتَمَ الصَّنائِعَ فَاسْتَشاعَ ثَناؤُها / مَنْ ذا يَصُدُّ الصُّبْحَ عَنْ أَنْ يُشْرِقا
قَدْ حالَفَ الْعَزْمَ الْحَمِيدَ فَلَمْ يَخَفْ / خَطْباً يُحاوِلُ فَتْقَهُ أَنْ يَرْتُقا
وَرَمى إِلى الْغَرَضِ الْبَعِيدِ فَلَمْ يَبِتْ / أَبَداً بِغَيْرِ الْمَكْرُماتِ مُؤَرَّقا
سامِي الْمَرامِ شَرِيفُهُ إِنْ تَدْعُهُ / لا تَدْعُهُ لِلْخَطْبِ إِلاّ مُقْلِقا
إِنْ جادَ فِي بِشْرٍ تُوُهِّمَ عارِضاً / أَوْ حَلَّ فِي نَفَرٍ تَراءَوا فَيْلَقا
تَلْقاهُ فِي هَيْجاءٍ كُلِّ مُلِمَّةٍ / بَطَلاً إِذا شَهِدَ الْكَرِيهَةَ حَقَّقا
كَالْمَشْرَفِيِّ الْعَضْبِ إِلاّ أَنَّهُ / أَمْضى شَباً مِنُْ وَأَبْهرُ رَوْنَقا
جارى عِنانَ الْفَضْلِ فِي أَمَدِ الْعُلى / أَدْنى وَأَقْرَبُ شَأْوِهِ أَنْ يَسْبُقا
لا يُدْرِكُ الْجارُونَ غايَةَ مَجْدِهِ / مَنْ يَسْتَطِيعُ إِلى السَّماءِ تَسَلُّقا
هَيْهاتَ يَمْنَعُ ذاكَ حَقٌّ أَخْلَقٌ / لا يُحْسِنُ الْعَيُّوقُ فِيهِ تَحَلُّقا
وَمِنَ التَّأَخُّرِ أَنْ يُقَدِّمَ واطِئٌ / قَدَماً عَلَى دَحْضٍ أَزَلَّ وَأَزْلَقا
ما كُلُّ مَنْقَبَةٍ يُحاوَلُ نَيْلُها / تُحْوى ولا كُلُّ الْمَنازِلِ تُرْتَقا
يا سَيِّدَ الرُّؤَساءِ أَيُّ مُطاوِلٍ / أَنْ يَسْتطِيعَ بِكَ اللَّحاقَ فَيَلْحَقا
ماذا يُحاوِلُهُ الْمُغامِرُ بَعْدَما / وَجَدَ الْمَجالَ إِلى قِراعِكَ ضيِّقا
إِنَّ الرِّياسَةَ لا تَلِيقُ بِغَيْرِ مَنْ / مُذ كانَ كانَ بِثَدْيِها مُتَمَطِّقا
بِغَنائِها مُتَكَفِّلاً وَبِفَضْلِها / مُتَوَحِّداً وَبِمُلْكِها مُتَحَقِّقا
كمْ فِيكَ مُجْتَمِعاً مِنَ الْحَسَناتِ ما / يُعْيِي وَيُعْجِزُ فِي الْوَرى مُتَفَرِّقاً
وَلَبَيْتِكَ الْفَخْرُ الَّذِي لَوْ أَنَّهُ / سامى السِّماكَ لَكانَ مِنْهُ أَسْمَقا
مَنْ كانَ يَفْخَرُ أَنَّهُ مِنْ أُسْرَةٍ / كَرُمَتْ وَيَضْرِبُ فِي الْكِرامِ مُعْرِقا
فَلْيَأْتِنا بِأَبٍ كَمِثْلِ أَبِيكَ فِي الْ / عَلْياءِ أَو جَدٍّ كَجَدِّكَ فِي التُّقا
أَمّا دِمَشْقُ فَقَدْ حَوَتْ بِكَ عِزَّةً / كَرُمَتْ بِها عَنْ أَنْ تَكُونَ الأَبْلَقا
حَصَّنْتَها بِسَدادِ رَأْيِكَ ضارِباً / سُوراً عَلَيْها مِنْ عُلاكَ وَخَنْدَقا
وَحَميْتَ حَوْزَتَها بِهِمَّةِ أَوْحَدٍ / ما زالَ مَيْمُونَ الْفَعالِ مُوَفَّقا
أَمْطَرْتَها مِنْ فَيْضِ عَدْلِكَ أَنْعُماً / لا تُعْدِمُ الرُّوّادَ رَوْضاً مُونِقا
إِنْ أَظْلَمَتْ كُنْتَ الضَّحاءَ الْمُجْتَلى / أَوْ أَجْدَبَتْ كُنْتَ الرَّبِيعَ الْمُغْدِقا
وَأَنا الَّذِي أَضْحى أَسِيرَ عَوارِفٍ / لَكَ لا يَوَدُّ أَسِيرُها أَنْ يُطْلَقا
أَوْفى وَأَشْرَفُ ما يُؤَمِّلُ آمِلٌ / أَنْ لا يُرى مِنْ رِقِّ جُودِكَ مُعْتَقا
أَجْمَمْتُ جُودَكَ فَاسْتَفاضَ سَماحَةً / وَإِذا حَبَسْتَ السَّيْلَ زادَ تَدَفُّقا
وَحَمَيْتُ آمالِي سِواكَ وَعاطِلٌ / مَنْ كانَ مِنْ مَنِّ اللِّئامِ مُطَوَّقا
لَمْ يُبْقِ سَيْبُ نَداكَ مَوْضِعَ نائِلٍ / فَهَقَ الْغَدِيرُ وَحَقُّهُ أَنْ يَفْهَقا
وَلَئِنْ مَنَنْتَ فَواجِبٌ لَكَ فِي النَّدى / إِمّا نَزَعْتَ بِسَهْمِهِ أَنْ يُغْرِقا
أُثْنِي عَلَيْكَ بِحَقِّ حَمْدِكَ صادِقاً / حَسْبُ الْمَعالِي أَنْ تَقُولَ فَتَصْدُقا
وَلَكَمْ يَدٍ لَكَ لا يُؤَدّى حَقُّها / ما خَبَّ رَكْبٌ بِالْفِجاجِ وَأَعْنَقا
أَعْيَتْ ثَنايَ وَأَوْجَبَتْ شُكْرِي لِسا / لِفِها فَأَحْمَنِي نَداكَ وَأَنْطَقا
خُذْها كَما حَيّاكَ نَوْرُ خَمِيلَةٍ / خَطَرَ النَّسِيمُ بِهِ ضُحىً فَتَفَتَّقا
تَأْبى عَلَى الكِتْمانِ غَيْرَ تَضَوُّعٍ / مَنْ ذا يَصدُّ الْمِسْكَ عَنْ أَنْ يَعْبَقا
عَذْراءُ لا تَجْلُو الثَّناءَ عَلَيْكَ إِطْ / راءً وَلا تَصِفُ الْوَلاءَ تَمَلُّقا
تُحْيِي حَبِيباً وَالْوَلِيدَ وَتَجْتَبِي / لِخُلُودِ فَخْرِكِ أَخْطَلاً وَفَرَزْدَقا
وَكَأَنَّ تَغْرِيدَ الْغَرِيضِ مُرجَّعاً / فِيها وَعانِيَّ الرَّحِيقِ مُعَتَّقا
وَكَأَنَّ أَيّامَ الصَّبابَةِ رِقَّةً / فِيها وَمُفْتَرَق الْنَّوى وَالْمُلْتَقا
وَقَدْ اسْتَشادَ لَكَ الثَّناءَ فَما تَرى / إِلاّ بَلِيغاً بِامْتِداحِكَ مُفْلِقا
فَمَتى تَغَنَّى الرَّكْبُ يَوْماً أَوْ حَدا / لَمْ يَعْدُ مَدْحَكَ مُشْئِماً أَوْ مُعْرِقا
وَالدُّرُّ يَشْرُفُ قِيمَةً وَيَزِيدُهُ / شَرَفاً إِذا ما كانَ دُرّاً مُنْتَقا
مَنْ باتَ يَسْأَلُ رَبَّهُ أُمْنِيَّةً / فَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُطِيلَ لَكَ الْبَقا
أَطاعَكَ فِيما تَرُومُ الْقَدَرْ
أَطاعَكَ فِيما تَرُومُ الْقَدَرْ / وَأَسْفَرَ عَمّا تُحِبُّ السَّفَرْ
وَأَسْعَدَكَ اللهَ بِالْوِرْدِ مِنْهُ / وأَحْمَدَ بِالْيُمْنِ مِنْكَ الصَّدَرْ
يَزِيدُ مَسِيرُكَ ذا عِزَّةٍ / كَما ازْداد بِالسَّيْرِ نُورُ القَمَرْ
دَعاكَ الْهُمامُ لِنَيْلِ الْمَرامِ / فَكُنْتَ الْحُسامَ الْحَمِيدَ الأَثَرْ
رَأَى ثِقَةُ الْمُلْكِ عَوْناً لَهُ / فَباتَ عَلَى ثِقَةٍ بِالظَّفَرْ
وَلَمْ يَدْعُ ذُو خَطَرٍ لِلْمُلِمِّ / مِنَ الأَمْرِ إِلاّ الْعَظِيمَ الْخَطَرْ
بَقاؤُكَ أَشْرَفُ ما يُرْتَجى / وَأَوْبُكَ أَبْهَجُ ما يُنْتَظَرْ
بَقاؤُكَ أَوْفى اقْتِراحِ الأَمانِي
بَقاؤُكَ أَوْفى اقْتِراحِ الأَمانِي / وَعِزُّكَ أَشْرَفُ حَظِّ التُّهانِي
وَحَمْدُكَ أَفْضَلُ نُطْقِ اللَّبِيبِ / وَمَدْحُكَ أَصْدَقُ سِحْرِ الْبَيانِ
وَما الشَّهْرُ وَالدَّهْرُ إِلاّ بِأَنْ / تَفُوزَ بِسَعْدِهِما يَسْعَدانِ
بِمَجْدِكَ يا ثالِثَ النَّيِّرَيْنِ / وَثانِي الْحَيا يَفْخَرُ النَّيِّرانِ
فَلا تَجْهَلَنَّكَ زُهْرُ النُّجُومِ / فَإِنَّكَ مِنْها عَلى الْبُعْدِ دانِ
فَيا سَيِّدَ الرُّؤَساءِ الَّذِي / نَ سادُوا وَسَيِّدَ أَهْلِ الزَّمانِ
وَيا خَيْرَ مَنْ وَلَدَ الْمُنْجِبُونَ / وَأَكْرَمَهُمْ شائِداً بَعْدَ بانِ
دَعانِي نَداكَ فَكَمْ نِعْمَةٍ / تَقَلَّبْتُ فِي ظِلِّها مُذْ دَعانِي
إِذا ما سَأَلْتُ أَفادَ الْغِنى / وَإِنْ لَمْ أَسلْ جادَنِي وَابْتَدانِي
وَإِنْ أَنا أَغْبَبْتُهُ زائِراً / تَعَهَّدَنِي تائِقاً واقْتَضانِي
مَواهِبُ تُنْتَجُ قَبْلَ المخا / ضِ جُوداً وَتُثْمِرُ قَبْلَ الأَوانِ
فَمالِي تُطاوِلُنِي حاجَةٌ / عَنانِيَ مِنْ شأْنِها ما عَنانِي
وَكَيْفَ يُحَلِّئُنِي مَنْ شَفَى / أُوامِي وَيُهْمِلُنِي مَنْ رَعانِي
وَكَمْ باتَ يَخْذُلُنِي مَنْ أَعا / نَ فَضْلِي وَيُسْلِمُنِي مَنْ حَمانِي
وَما كُنْتُ آمُلُ أَنِّي لَدَي / كَ أَلْجا إِلى غَفْلَةٍ أَوْ تَوانِ
وَلَوْ شِئْتُ إِذ رابَنِي ما يَرِيبُ / هَزَزْتُكَ هزَّ الْحُسامِ الْيَمانِي
أُدِلُّ عَلَيْكَ وَأَشْكُو إِلَيْ / كَ نَبْوَةَ حَظٍّ شَدِيدِ الْحرانِ
وَيُطْمِعُنِي فِيكَ أَنَّ الثنا / ءَ ما زالَ مِنْكَ مَكِينَ الْمَكانِ
بَقِيتَ لإحْسانِكَ الْمُرْتَجى / بَقاءَ الْمَدائِحِ فِيكَ الْحِسانِ
وَعِشْتَ لِراجِيكَ فِي النّائِبا / تِ فَلاًّ لِعادٍ وَفكَّاً لِعانِ
فَكَمْ لَكَ مِنْ نِعْمَةٍ ضَخْمَةٍ / لَدَيَّ وَمَنٍّ بِغَيْرِ امْتِنانِ
أَراكَ أَماناً مِنَ الْحادِثاتِ / فَلا زِلْتَ مِنْ صَرْفها فِي أَمانِ
وَشَدَّ لَكَ الأزْرَ رَبٌّ حَباكَ / بِنَجْلَيْنِ نَسْلِ الأَغَرِّ الْهِجانِ
إِلى أَنْ تُرى قَمَراً طالِعاً / عَلَى الْخَلْقِ يَحْجُبُه الْفَرْقَدانِ
أَلَمْ أَكُ لِلْقَوافِي الْغُرِّ خدْناً
أَلَمْ أَكُ لِلْقَوافِي الْغُرِّ خدْناً / وَقِرْناً لَنْ يُرامَ وَلَنْ يُرازا
أَبِيتُ أَرُوضُها طَوْراً وَطَوْراً / أُذَلِّلُها صِعاباً أَوْ عِزازا
تَكادُ تَئِنُّ مِنْ أَلَمٍ إِذا ما / ثِقافُ الْفِكْرِ عاصَرَها لِزازا
أَلَسْتُ إِلى النَّدى أُنْمى اعْتِزاءً / أَلَمْ أَكُ بِالنَّدى أُحْمى اعْتِزازا
أَلَمْ تُثْمِرْ يَدُ الْمَعْرُوفِ عِنْدِي / وَقَدْ طابَتْ غِراساً أَوْ غِرازا
فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ أَعْدُو صَنِيعاً / عَدا حَدَّ السَّماحِ بِهِت وَجازا
وَكَمْ مِنْ جاهِدٍ قَدْ رامَ عَفْوِي / فَما بَلَغَتْ حَقِيقَتُهُ الْمَجازا
يَرُومُ بِعَجْزِهِ الإِعْجازَ جَهْلاً / وَكَيْفَ يَصِيدُ بِالْكَرَوانِ بازا
سأَبْسُطُ فِي الثَّناءِ لِسانَ صِدْقٍ / يَطُولُ بِهِ ارْتِجالاً وارْتِجازا
يَعُبُّ عُبابُهُ بَحْراً خِضَمَّاً / وَيَبِتُكُ حَدُّهُ عَضْباً جُرازا
لَعَلِّي أَنْ يَفُوزَ بِسَعْدِ مَدْحِي / فَتىً سَعِدَ الزَّمان بِهِ وَفازا
فَأَجْزِيَ سَيِّدَ الرُّؤَساءِ نُعْمى / لَهُ عِنْدِي وَجَلَّتْ أَنْ تُجازا
وَمَنْ لِي أَنْ أَقُومَ لَها بِشُكْرٍ / وَأَنْ أُغْرِي بِما أَعِدُ النّجازا
عَنَتْنِي لا الثَّناءَ لَها مُطِيقاً / وَلا كُفْرانُها لِي مُسْتَجازا
رَأَى بَيْنِي وَبَيْنَ الدَّهْرِ حَرْباً / أُكابِدُها نِزالاً أَوْ بِرازا
تَتُوقُ إِلى الْغُمُودِ الْبِيضُ فِيها / وَتَشْتاقُ الرِّماحُ بِها الرِّكازا
فَأَصْلَتَ مِنْ مَكارِمِهِ حُساماً / يَجُبُّ غَوارِبَ النُّوَبِ احْتِزازا
حَمى وَهَمى فَعُذْتُ وَلُذْتُ مِنْهُ / بِأَكْرَمِ مَنْ أَجارَ وَمَنْ أَجازا
وَإِنِّي مُذْ تَحَدَّتْنِي اللَّيالِي / لَمُنْحازٌ إِلى الْكَرَمِ انْحِيازا
إِلى مُتَوَحِّدٍ بِالْحَمْدِ فاتَ الْ / كِرامَ بِهِ اخْتِصاصاً وامْتِيازا
أَعَمُّهُمُ إِذا كَرُمُوا سماحاً / وَأَثْقَلُهُمْ إِذا حَلُمُوا مَرازا
عَلِيٌّ أَنْ يُطاوَلَ أَوْ يُساما / أَبِيٌ أَنْ يُماثَلَ أَوْ يُوازا
أَقَلُّ النّاسِ بِالْمالِ احْتِفالاً / وَأَكْثَرُهُمْ عَلى الْمَجْدِ احْتِرازا
تَهُونُ طَرِيقُ سائِلِه إِلَيْهِ / وَإِنْ عَزَّ احْتِجاباً وَاحْتِجازا
فَتىً لَمْ يَسْتَكِنْ لِلدَّهْرِ يَوْماً / وَلَمْ تَضِقِ الْخُطُوبُ بِهِ الْتزازا
وَلَمْ يَكُ جُودُهُ فَلَتاتِ غِرٍّ / أُبادِرُ فُرْصَةً مِنْها انْتِهازا
صَلِيبٌ حِينَ تَعْجُمُهُ اللَّيالِي / وَغَيْرُ النَّبْعِ يَنْغَمِزُ انْغِمازا
يُغالِبُها اقْتِداراً واقْتِساراً / وَيَسْلُبُها ابْتِذالاً وابْتِزازا
عُلىً تُقْذِي الْعُيُونَ مِنَ الأَعادِي / وَتُنْبِتُ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَزازا
أَبا الذَّوادِ كَمْ لِي مِنْ مَقامٍ / لدَيْكَ وَكَمْ أَفادَ وكَمْ أَفازا
أُغِيرُ عَلَى نَداكَ وَكانَ حَقَّاً / لِجُودِكَ أَنْ يُغاوَرَ أَوْ يُغازا
وَما لِسَوامِ وَفْرِكَ مِنْكَ حامٍ / فَيَأْمَنَ سَرْحُهُ مِنِّي اخْتِزازا
عَمَمْتَ الشّامَ صَوْبَ حَياً فَلمّا / تَرَوّى الشّامُ ناهَضْتَ الْحِجازا
أُتِيحَ لَهُ وَقُيِّضَ مِنْكَ غَيْثٌ / حَوى خِصْبَ الزَّمانِ بِهِ وَحازا
فَأَمْطَرَهُ النَّدى لا ماءَ مُزْنٍ / وَأَنْبَتَهُ الْغِنى لا الْخازَبازا
سَقى بَطْحاءَ مَكَّةَ فَالْمُصَلّى / وَرَوَّضَ سَهْلَ طَيْبَةَ وَالْعَزازا
وَكُنْتَ إِذا وَطِئْتَ تُرابَ أَرْضٍ / رَبا بِنَداكَ واهْتَزَّ اهْتِزازا
إِذا لَمْ تَرْوِها الأَنْواءُ قَصْداً / كَفاها أَنْ تَمُرَّ بِها اجْتِيازا
رَأَى الْحُجّاجُ يَوْمَ حَجَجْت بَدْراً / وَبَحْراً لَنْ يغامَ وَلَنْ يُجازا
سُقُوا وَرُعُوا بِجُودِكَ لا اسْتِقاءً / أَيا جَمَّ السَّماحِ وَلا احْتِيازا
أَجَزْتَهُمُ الْمَخافَةَ لَمْ يُرابُوا / بِها رَيْباً وَمِثْلُكَ مَنْ أَجازا
وَأَرْهَبُ ما يَكُونُ السَّيْفُ حَدَّاً / إِذا ما فارَقَ السَّيْفُ الجَهازا
وَكَمْ لَكَ حِجَّةً لَمْ تَدْعُ فِيها / إِلى الْوَخْدِ الْمُضَبَّرَةَ الْكِنازا
صَنائِعُ كَمْ رَفَعَتَ بِها مَناراً / لِفَخْرٍ واتَّخَذْتَ بِها مَفازا
وَما جاراكَ فِي فَضْلٍ فَخارٌ / فَلَمْ تَجْتَزْ مَدى الْفَضْلِ اجْتِيازا
وَلا ساماكَ فِي عَلْياءَ إِلاّ / وَفُزْتَ بِها انْفِراداً وَانْفِرازا
لَبِسْتَ مِنَ الْفَضائِلِ ثَوْبَ فَخْرٍ / وَلكِنْ كُنْتَ أَنْتَ لَهُ الطِّرازا
أَنْتَ لِلْمُسْلِمِينَ حِصْنٌ وَحِرزُ
أَنْتَ لِلْمُسْلِمِينَ حِصْنٌ وَحِرزُ / وَلِراجِي نَداكَ ذُخْرٌ وَكَنْزُ
أَبَداً ما تَزالُ عَطْفاً عَلَيْهِمْ / وَدِفاعاً عَنْهُمْ تَحُجُّ وَتَغْزُو
أَصْبَحَتْ هذِهِ الرَّعِيَّةُ مِنْ عَدْ / لِكَ فِي ظِلّ نِعْمَةٍ لا تُبَزُّ
سَكَنَتْ مَعْقِلاً مِنَ الأَمْنِ لا تُزْ / عَجُ يَوْماً بِهِ وَلا تُسْتَفَزُّ
ما لَها مِنْ مُزِيلِ خَطْبٍ وَلا كا / شِفِ كَرْبٍ سِواكَ حِينَ تُلَزُّ
فَهْيَ مِنْ بعْدِ حَمْدِها الله لا يُسْ / مَعُ مِنْها بِغَيْرِ حَمْدِكَ رِزُّ
لا تَرى إِنْ دَعَتْ إِلى اللهِ أَوْلى / مَنْ دُعاءٍ تَبْقى بِهِ وَتَعِزُّ
وَمَعَ الرَّأْفَةِ الَّتِي أَلِفَتْ مِنْ / كَ فَفِي اللين شدة ومهز
رضتها لم تجر مقيماً لميل / ربما صَدَّعَ الْمُثَقَّفَ غَمْزُ
كَيْفَ يُبْطِي عَنْكَ الثَّناءُ وَقَدْ أَسْ / رَعَ جُودٌ يَحْدُوهُ حَثٌّ وَحَفْزُ
غَرَّقَ السَّائِلِينَ وَالنّجْدَ غَوْرٌ / وَحَمى العائِذِينَ وَالْوَهْدَ نَشْزُ
لا كَجُودٍ يُعْيِي وَيُعْنِفُ إِدْلا / ءٌ إِلى جَفْرِهِ الْعَمِيقِ وَنَهْزُ
ما رَأَيْْناكَ نابِياً عَنْ مَرامٍ / مُذْ هَزَزْناكَ وَالْحُسامُ يُهَزُّ
لا وَلا غَيَّرَتْكَ عَنْ طِيبِ أَعْرا / قِكَ هذِي الْخُطُوبُ وَالْبَزُّ بَزُّ
فَمَنِ الْمُرْتَجى لِلَهْفَةِ حُرٍّ / باتَ فِي صَدْرِهِ مِنَ الْهَمِّ وَخْزُ
يَتَحامى الشَّكْوى إِذا أَعْلَنَ النَّجْ / وى وَحَسْبُ الْكَرِيمِ لَمْحٌ وَلَمْزُ
قَدْ نَحَتْ عَظْمِيَ الْخُطُوبُ فَفِيهِ / بَيْنَ جِلْدِي وَالنَّحْضِ حَزٌّ وَجَزُّ
كَيْفَ يُغْضِي عَلَى النَّوائِبِ مُغْضٍ / وَلأَنْيابِهِنَّ نَهْشٌ وَنَكْزُ
فِي زَمانٍ بِهِ الرَّئِيسُ وَجِيهُ ال / دَّوْلَةِ الأَوْحَدُ الأَجَلُّ الأَعَزُّ
الّذِي بَيْنَنا وَبَيْنَ اللَّيالِي / أَبَداً مِنْ نَداهُ حَسْمٌ وَحَجْزُ
يا هُماماً ما شانَهُ قَطُّ لُؤْمٌ / يا غَماماً ما شابَهُ قَطَّ رِجْزُ
أَنْتَ أَحْمَيْتَ مَشْرَبِي وَهْوَ مَطْرُو / قٌ وَأَغْزَرْتَ مَطْلَبِي وَهْوَ نَزُّ
أَنْتَ أَهْضْتَنِي وَقَدْ خَرِقَ الْخَطْ / بُ فَلَمْ يُغْنِ فِيهِ رَكْلٌ وَهَمْزُ
أَنْتَ أَلْبَسْتَنِي مَلابِسَ نُعْمى / خَشِنٌ عِنْدَهُنَّ خَزُّ وَقَزُّ
قَدْ هَجَرْتُ الْوَرى إِلَيْكَ وَلمْ أَظ / لِمْ وَمَدْحِي سِواكَ لِلْمَدْحِ وَهْزُ
لا تُقِلُّ الرِّكابُ رَحْلِي وَلا يَحْ / مِلُ رِجْلِي إِلاّ لِقَصْدِكَ غَرْزُ
مَشْيُها الْقَهْقَرى إِلَيْهِمْ وَإِنْ أَمَّ / تْكَ يَوْماً فَالمَشْيُ وَثْبٌ وَجَمْزُ
وَإِذا الْبَحْرُ عَنَّ لِي وَهْوَ طامٍ / فَقُعُودِي مَعَ الصَّدى عَنْهُ عَجْزُ
لَيْسَ أَيّامُكَ الْمُنِيرَةُ لِلأَيّ / امِ إِلاّ حُلىً تَزِينُ وَطَرْزُ
أَنْتَ أَعْلى مِنْ كُلِّ ما ينْسِبُ النّا / سِبُ مِنْ سُؤْدُدٍ وَيَعْزُو