المجموع : 110
أبا قاسم ما للحِجى عند معدِلُ
أبا قاسم ما للحِجى عند معدِلُ / ولا للعُلى إلا عليك مُعَوَّلُ
عَهِدتُك لا يَثنى اعتزامك حادثٌ / مُلمٌّ ولا يحتاجُ صبرَك مُعضِلُ
تأمَّل تصاريفَ الزمانِ فإنَّما / يُكشِّفُ أسرارَ الأمورِ التأمُّلُ
أتبصرُ مَغبوطاً بحالٍ تَسُرُّهُ / إذا كَمُلَت لم تَبتَد تَتَحوَّلُ
نعيشُ كما تَهوى الخطوبُ تقودُنا / مذاهبُ آمالٍ تجورُ وتَعدِلُ
إذا ما تأمَّلنا الخُطوبَ وَكرّها / علينا عَلِمنا أنَّنا نَتَعَلَّلُ
وقَصرُ الَجزوعِ الصَّبرُ لكنَّ كُلمَّا / تقدَّمَ من صَبرِ الفتى فهو أجملُ
فَتَى كَيفما مِلنَا رأينا له يداً
فَتَى كَيفما مِلنَا رأينا له يداً / بعيدةَ مَرمَى الشكر مَطلبُها سَهلُ
خفيفُ على الأعناق مَحمَلُ مَنِّهَا / ولكن على الإنكار من عَدِّها ثقلُ
وواله ما أَفضَى من المال ما نَشَا / إلى كَفِّه إلا العِنانُ أو النَّصلُ
تَفَرَّقَ طُلابُ المساعي فَكُلُّهم / إذا اجتمعوا بعضٌ وأنت له كلُّ
وما فرَّعَ الأقوامُ في المجدِ / فباهوا به إلا وأنتَ له أصلُ
لا وَجُفون يَغضُّها العذَلُ
لا وَجُفون يَغضُّها العذَلُ / عن وَجناتٍ تُذيبُهَا القُبَلُ
ومُهجة للهوى مُعَرَّضة / تعيثُ فيها القُدُودُ والُمقَلُ
ما عاش من غاب عن ذَرَاك وإن / أخَّرَ ميقاتَ يوِمهِ الأَجَلُ
أنا الوليّ الذي إذا كُشِفَت
أنا الوليّ الذي إذا كُشِفَت / أسرارُهُ قيلَ أخلصَ الرَّجُلُ
مودَّةٌ لا يشينُها ملقٌ / ونيَّةٌ لا يشوبُها دَخَلُ
إذا دَنَا فالولاءُ مُشتهرٌ / وإن نأى فالثَّناءَ مُتَّصلُ
ليَهنَ ويسعد من به سعدَ الفضلُ
ليَهنَ ويسعد من به سعدَ الفضلُ / بدارٍ هي الدنيا وسائرهُا فضلُ
بها خيَّم الإقدامُ والحزمُ والنُّهى / وفيها استقر العلمُ والحلمُ والبذلُ
تولَّى له تقديرها رحبُ صدره / على قدرِه والشَّكلُ يُعجبه الشَّكلُ
فجاءت على وفقِ الضَّمير كأنما / تصورتِ الآمال فهي لها مثلُ
بَنِيَّةُ مجدٍ تشهدُ الأرضُ أنها / ستُطوى وما حاذي السماءَ لها مثلُ
تُكلِّف أحداقَ العيونِ تخاوُصاً / إليها كأنَّ الناسَ كلَّهمُ قُبلث
منارٌ لأبصارِ السراة وربُّها / منالٌ لآمال العُفَاةِ إذا ضلُّوا
سحابٌ علا فَوقَ السَّحَاب مصاعدا / وأحرِ بأن يَعلوَ وأنت له وبلُ
وقد اسبلَ الخيريُّ كمَّي مفاخر / بصحن به للملك يجتمعُ الشَّملُ
كما طلع النَّسرُ المنيرُ مُصفِّقاً / جَنَاحيه لولا أن مطلَعه غُفل
بَنيتَ على هامِ العداةِ بَنيَّةً / تمكنَ منها في قلوبهمُ الغلُّ
ولو كنت ترضى هامهم شرفاً لها / أتوك بها جُهدَ المقلِّ ولم يألُوا
ولكن أراها لو هَمَمتَ برفعها / أبى الله أن تَعلَوَ عليك فلم تعل
تحُجُّ لها الآمالُ من كُلَّ وجهةٍ / وينحَرُ في حافاتها البخلُ والمحلُ
وما ضرَّها ألا تُقَابلُ دجلة / وفي حافتيها يلتقي الفيضُ والهطلُ
تَجَلَّى لأطراف العراقِ سُعودُها / فَعَادَ إليها الملكُ والأمنُ والعدلُ
كذا السَّعدُ قد القى عليها شعاعَه / فليس لنَحسٍ في مطارِفها فِعلُ
وقالوا تَعدَّى خلقَه في بنائها / وكان وما غيرُ النوال به شُغلُ
فقلتُ إذا لم يُلهه ذاك عن نَدىً / فماذا على العَليَاءِ إن كَانَ لا يخلو
إذا النَّصلُ لم يُذمَم نجاراً وشيمةً / تأنَّقَ في غِمدٍ يُصانُ به النَّصلُ
تملَّ على رغم الحواسد والعدا / عُلاك وعش للجود ما قَبُحَ البُخلُ
ليَهنِ الصاحبَ المسعودَ عيدٌ
ليَهنِ الصاحبَ المسعودَ عيدٌ / تولَّته السعادُة والقبولُ
لهُ من مجدِهِ غُررٌ توالى / عليه ومن مدائِحهِ حُجُولُ
فلا زالت له الأعيادَ تَترى / تتابعُ بينها العمرُ الطويلُ
ولا بَرحَت به الأفلاكُ تجري / على شمسينِ ما لهُما أفُولُ
معاليه المنيرةُ في ذُرَاهَا / وفي الأقطار نائِلُهُ الجزيل
وكنتُ متى أَشحذ بِلفظكَ خاطِرِي
وكنتُ متى أَشحذ بِلفظكَ خاطِرِي / يَقُم لي على ما في النُّفوسِ دَليلُ
وأحسن ما قال امرؤ فيك دعوة / تلاقَت عليها نيةٌ وقَبُولُ
وشكر كأن الشَّمس تُعني بِنشرِهِ / ففي كلِّ أرضٍ مُخبِرٌ ورسولُ
يبثَّانِ عَرفَ العُرفِ حتى كأنما / تروقُ في يوم الشَّمال شمول
وكم لك نُعمى لو تصدَّى لشُكرِها / لسانٌ مُعدٌّ لاعتراهُ نُكُول
أكلَّفُ نفسي أن أقابلَ عَفوَها / بجهديِ وَهَل يُجزيِ الكثيرَ قلِيلُ
فإن أنا لم اصدع بِشُكرِك إنَّنِي / وحَاشاي من خُلقِ البخيلِ بخيلُ
التَّصابي بلا شبَابٍ مُحال
التَّصابي بلا شبَابٍ مُحال /
هذا أبو مُضر كفتنا كَفُّه
هذا أبو مُضر كفتنا كَفُّه / شكوى اللئضامِ فما نَذُمُّ لئيما
هذا الجسيمُ مَوَاهباً هذا الشري / ف مَنَاصِباً هذا المهذَّب خِيما
سمكَت كهمّتهِ السماءُ ومُثِّلت / فيها خلائقُه الشراف نُجُوما
نشوان قد جعل المحامدَ والعُلا / دون الُمدَامة ساقياً ونَديما
أعدَى الأنامَ طباعُهُ فتكَرَّمُوا / لو جاز أن يُدعَى سواه كريما
لو لم أُشرِّف بامتداحك مَنطقي / ما انقاد نحوك خاطِري مزموما
لكن رأى شَرفَ المصاهر فاغتَدى / يُهدي إليك لُبَابه المكتوما
فحباك من نَسجِ العقول بغَادَةٍ / قَطَعَت إليك مقاصداً وعُزُوماً
لما تَبَيَّنَتِ الكفاءَةَ أقسَمَت / ألا تغرب بَعدَها وتقيما
لا تبغها مَهراً فقد أمهَرتَها / نُعمَاك عندي حادثاً وقديما
ألزمتُ شكرك منطقي وأناملي / وأقمتُ فكري بالوفاءِ زَعِيما
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما
يقولون لي فيك انقباضٌ وإنما / رأَوْا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أحجما
أرى الناسَ من داناهُمُ هان عندهم / ومن أكرَمته عزةُ النفسِ أكرِما
ولم أقضِ حَقَّ العلمِ إن كان كُلَّمَا / بدا طَمَعٌ صَيَّرتُه لي سُلَّما
وما زلتُ مُنحازاً بعِرْضيَ جانباً / من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنما
إذا قيلَ هذا مَنهلٌ قلتُ قد أرى / ولكنَّ نفسَ الحرِّ تَحتَملَ الظَّمَا
أُنزِّهها عن بَعضِ ما لا يشينُها / مخافةَ أقوال العدا فيم أو لما
فأصبحُ عن عيبِ اللئيمِ مسلَّما / وقد رحتُ في نفسِ الكريمِ مُعَظَّما
وإني إذا ما فاتني الأمرُ لم أبت / أقلِّبُ فكري إثره مُتَنَدِّما
ولكنه إن جاء عَفواً قبلتُه / وإن مَالَ لم أُتبعهُ هَلاِّ وليتَما
وأقبضُ خَطوي عن حُظوظٍ كثيرةٍ / إذا لم أَنلها وافرض العرضِ مُكرما
وأكرمُ نفسي أن أُضاحكَ عابساً / وأن أَتلقَّى بالمديح مُذمَّما
وكم طالبٍ رقي بنعماه لم يَصِل / إليه وإن كَانَ الرَّئيسَ الُمعظَّما
وكم نعمة كانت على الُحرِّ نقمَةً / وكم مغنمٍ يَعتَده الحرُّ مَغرَما
ولم أبتذل في خدمة العلمِ مُهجَتي / لأَخدمَ من لاقيتُ لكن لأُخدما
أأشقى به غَرساً وأجنيه ذِلةً / إذن فاتباعُ الجهلِ قد كان أَحزَما
ولو أن أهل العلمِ صانوه صانَهُم / ولو عَظَّمُوه في النفوسِ لَعُظِّما
ولكن أهانوه فهانو ودَنَّسُوا / مُحَيَّاه بالأطماعِ حتى تَجهَّما
فإن قُلتَ جَدُّ العلم كابٍ فإنما / كبا حين لم يُحرسْ حماه وأُسلما
وما كلُّ برقٍ لاحَ لي يستفزُّني / ولا كلُّ من في الأرضِ أرضاه مُنَعَّما
ولكن إذا ما اضطرني الضُّرُّ لم أَبتِ / أُقلبُ فكري مُنجداً ثم مُتهما
إلى أن أرى ما لا أغَصُّ بذِكره / إذا قلتُ قد أسدى إليَّ وأنعما
إذا زادت الأيامُ فينا تَحامُلاً
إذا زادت الأيامُ فينا تَحامُلاً / وحيفاً على الأحرار زاد تكَرُّما
فاسلم لأفراد المعاني إنها
فاسلم لأفراد المعاني إنها / تَبقَى وتَسلَمُ ما عَمَرتَ سليماً
وإذا ما عددتُ أيام عمري
وإذا ما عددتُ أيام عمري / قلتُ للشَّيب مرحباً بالظَّلوم
قَومٌ إذا خرأُوا خَلَّوهُ وانصرَفُوا
قَومٌ إذا خرأُوا خَلَّوهُ وانصرَفُوا / أليسَ ذا كَرمَاً ناهيكَ عن كَرمِ
سأَبعدُ عنكمُ وأَروضُ نفسي
سأَبعدُ عنكمُ وأَروضُ نفسي / وأنظر كيف صَبري واعتزامي
فإمَّا أن يُفارقني هواكم / وإما أن يُواصلَني حِمامي
ولي إلفانِ من شَوقٍ ودَمعِ / يُعينان السَّهَادَ على مَنامِي
أقولُ إذا الجنوبُ جَرَت بليلٍ / على حيِّ وساكنها سلامي
وقد كان الخيالُ يُعين عيناً / مؤرَّقة على دَمعٍ سِجَامِ
ولو عادَ المنامُ أعاد وَصلي / ولكن لا سبيلَ إلى المنَام
قرابك في فؤاد مستَهامٌ / وأجفانٍ مُضرَّجة دَوامي
ومشتاق إليك يَرَى التَّسَليَّ / وحُسنَ الصَّبرِ عنك من الآثام
أبي فضلهٌ أن أغتدي غيرَ شاكرٍ
أبي فضلهٌ أن أغتدي غيرَ شاكرٍ / لأنعُمهِ أو يغتدي غيرَ مُنعِمِ
وما استبعدَ الحرَّ الكريَم كنعمةٍ / يَنَالُ بها عَفواً ولم يتكَلَّمِ
سأثني وإن لم يبلغ القولُ مبلغاً / فإنَّ لسانَ الحالِ ليسَ بأعجمِ
ولو أن شكراً مدَّ من صوت شاكر / لأسمعت من بين الحطيم وزَمزمِ
إذا قيل هذا مَغنَمٌ لك مُعرِضاً / أبيتُ وقلتُ العزُّ أعظمُ مَغنَمِ
وأرى المديحَ إذا عداك نقيصةً
وأرى المديحَ إذا عداك نقيصةً / فأعافُهُ ولو أنه في حَاتمِ
فإذا امتَدحتُ سواكَ قال الشِّعر لي / لم تَرعَ حقّي إذ أَبَحتَ مَحَارمي
يهدي إلى العلماء من أَنفاسهِ
يهدي إلى العلماء من أَنفاسهِ / ما شئتَ من علمٍ وليسَ بعالم
ويشيعُ أسرار القلوب إذا جَرَي / يَنثو السرائرَ عن لسانِ كاتم
من عاذري من زمنٍ ظالم
من عاذري من زمنٍ ظالم / ليس بمستحي ولا راحم
تفعلُ بالأحرار أحداثُه / فِعلَ الهوى الدَّنفِ الهائمِ
كأنما أصبحَ يرميهمُ / عن جَفنِ مولاي أبي القاسم
يا نسيم الجنوب بالله بلغ
يا نسيم الجنوب بالله بلغ / ما يَقُولُ المتَيَّمُ المستَهامُ
قل لأحبابه فداكُم فُؤادٌ / ليس يَسلُو ومُقلةٌ لا تنامُ
بِنتُم فالسَّهادُ عندي مُقيمٌ / مذ نأيتُم والعَيشُ عِندي حِمَامُ
فعلى الكَرخِ فالقطيعةِ فالش / شَط فَبابِ الشَّعيرِ منِّي السَّلامُ
يا ديارَ السُّرورِ لا زالَ يبكي / بِكِ في مضحكِ الرِّياض غَمَامُ
رُبَّ عَيشٍ صَحبتُه فيك غَضٌّ / وجُفونُ الخُطوبِ عَنِّي نِيامُ
في ليالٍ كأنهنَّ أمانٌ / من زمانٍ كأنَّه أحلامُ
وكأن الأوقاتَ فيها كُؤُوسٌ / دائراتٌ وأنسُهنَّ مُدَامٌ
زَمَنٌ مسُعدٌ وإلفٌ وَصُولٌ / ومُنىً تستلذُّها الأوهامُ
كُلُّ أُنسٍ ولَذَّةٍ وسُرورٍ / بَعد ما بِنتُم عليَّ حرام
وَكَأَيِّن من مَعشَرٍ في أُنا / سٍ أخوهم فوقهمُ وهم كِرامُ