القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
أَلَيلَةُ الحَشرِ لا بَل يَومُ عاشور
أَلَيلَةُ الحَشرِ لا بَل يَومُ عاشور / وَنَفخَةُ الصُّورِ لا بل نفثُ مصدورِ
يَومٌ بِه اِهتَزَّ عَرشُ اللَه من حَزَنٍ / على دَمٍ لرَسول اللَه مَهدورِ
يَومٌ بِهِ كُسفت شَمسُ العُلى أَسَفاً / وأَصبح الدين فيه كاسِفَ النورِ
يَومٌ به ذهبت أَبناءُ فاطِمَةٍ / للبَين ما بين مَقتولٍ ومأسورِ
فأَيُّ دَمعٍ عليه غيرُ مُنهمِلٍ / وأَيُّ قَلبٍ عليه غَيرُ مَفطورِ
وَلَوعَةٍ لا تَزال الدَهرَ مُسعرَةً / بين الجوانح ناراً ذات تَسعيرِ
لرزءِ أَبلجَ في صَمّاء ساحته / من نبعة المجد والغرِّ المَشاهيرِ
مَولىً قَضَى اللَه تنويهاً بإمرته / فَراحَ يَقضي عليه كُلُّ مأمورِ
لِلَّه مُلقىً عَلى البَوغاء مُطَّرحاً / كاسٍ من الحَمد عارٍ غيرُ مَستورِ
قَضى على ظَمأ ما بلَّ غلَّتَه / إلّا بكلِّ أَبَلِّ الحَدِّ مأثورِ
يا وَقعَةَ الطَفِّ خلَّدتِ القلوب أَسىً / كأَنَّما كُلّ يَومٍ يوم عاشورِ
يا وَقعةَ الطفِّ أَبكيتِ الجفونَ دماً / ورُعتِ كلَّ فؤادٍ غيرِ مذعورِ
يا وقعةَ الطفِّ كَم أَضرَمتِ نارَ جوىً / في كُلِّ قَلبٍ من الأَحزان مَسجورِ
يا وَقعةَ الطفِّ كَم أَخفَيتِ من قَمرٍ / وكم غمرتِ أَبيّاً غيرَ مَغمورِ
يا وَقعةَ الطفِّ هَل تَدرين أَيُّ فَتىً / أَوقعتِه رهنَ تَعقيرٍ وَتَعفيرِ
يا وَقعةَ الطفِّ هَل تَدرين أَيّ دمٍ / أَرقته بين خُلف القَوم والزورِ
لا كانَ يومكِ في الأَيام إِنَّ له / في كُلِّ قلب لجرحاً غير مَسبورِ
كَم مِن فَتىً فيك صبحُ المجد غرَّتهُ / أَضحى يُحكمُ فيه كُلُّ مَغرورِ
وَكَم رؤوسٍ وأَجسامٍ هنالِك قَد / أَصبَحنَ ما بين مَرفوعٍ وَمَجرورِ
لَهفي عليهم وقد شالَت نعامتُهم / وأَوطنوا ربعَ قَفرٍ غير مَعمورِ
فقل لمن رامَ صَبراً عن رزيَّتهم / إِليكِ عنّي فَما صَبري بمَقدورِ
أَيذخُر الحزنُ عن أَبناءِ فاطمةٍ / يَوماً وَهَل مِنهُم أولى بمَذخورِ
مَهما نسيتُ فَلا أَنسى الحسينَ لَقىً / تَحنو عليه رُبى الآكام والقورِ
معفَّراً في مَوامي البيدِ مُنجدِلاً / يَزورُه الوَحشُ من سيدٍ وَيَعفورِ
تَبكي عليه السَماواتُ العُلى حَزَناً / وَالأَرضُ تكسوهُ ثوباً غيرَ مَزرورِ
يا حسرةً لِغَريب الدارِ مُضطَهدٍ / يَلقى العِدى بعَديد منه مَكثورِ
يَحمي الوَطيسَ مَتى وافاه مُنتَصِراً / عليهم بخَميسٍ غيرِ مَنصورِ
حتىّ إِذا لم يكن من دونِه وَزَرٌ / شَفى الضغائنَ منه كُلُّ مَوزورِ
فأَين عينُ رَسولِ اللَه ترمقُه / لقىً على جانبٍ للبين مَهجورِ
وأَين عَينُ عليٍّ منه تَلحَظُه / مَقهور كلِّ شقيِّ الجدِّ مَقهورِ
وأَين فاطمةُ الزَهراء تنظرُهُ / وأَهلهُ بين مَذبوحٍ وَمَنحورِ
يا غَيرَةَ اللَه والأَملاكِ قاطبةً / لفادحٍ من خُطوب الدَهر مَنكورِ
تُسبى بَناتُ رَسولِ اللَه حاسِرةً / كأَنَّهُنَّ سبايا قوم سابورِ
من كُلِّ طاهرة الأَذيال ظاهرةٍ / تَرمي العِدى بعيونٍ نَحوها صورِ
من الفواطم في الأَغلال خاشعةً / يُحدى بهنَّ على الأَقتاب والكورِ
يَنعَينَ يا جدُّ نال القَوم وِترَهُم / منّا وأوقع فينا كُلُّ محذورِ
يا جدُّ صال الأَعادي في بنيك وقد / ثَوى الحسينُ ثَلاثاً غير مقبورِ
وأودع الرأسُ منه رأَسَ عالية / وأوطئ الجسم منه كلَّ مِحضيرِ
هَذا الحسين قتيلاً رهنَ مصرعه / يَبكي له كُلُّ تَهليل وَتَكبيرِ
هَذا الحسينُ ثَوى بالطفِّ منفرداً / تَسفي عليه سَوافي التُرب والمورِ
هذي بناتُكَ للأَشهاد بارِزَة / يُشهرنَ بين الأَعادي أَيَّ تَشهيرِ
آهٍ لرزئكُمُ في الدَهرِ من خَبَرٍ / باقٍ على صَفحات الدهر مَسطورِ
تَبَّت يَدُ ابنِ زيادٍ من غويِّ هوىً / وَمارقٍ في غِمار الكُفرِ مَغمورِ
أَرضى يَزيدَ بسُخط اللّه مجتَرئاً / وبرَّ منه زنيماً غير مَبرورِ
فَهَل تَرى حيم أَمَّ الغيَّ كان رأى / دمَ الحسين عليه غَيرَ مَحظورِ
أَتيتَ يا ابن زيادٍ كلَّ فادحةٍ / بُوِّئتَ منها بسعيٍ غيرِ مَشكورِ
بَني أُميّةَ هبُّوا لا أبا لكمُ / فَطالبُ الوتر منكم غيرُ موتورِ
نسيتُمُ أَم تَناسيتم جنايتَكم / فَتلك واللَه ذَنبٌ غيرُ مَغفورِ
خاصمتمُ اللَه في أَبناءِ خيرِته / هَل يخصمُ اللَه إلّا كُلُّ مَدحورِ
وَرُعتمُ بالرَدى قَلبَ ابنِ فاطمة / وَما رَعيتم ذِماماً جدَّ مَخفورِ
أَبكَيتم جَفنَ خير المُرسَلينَ دماً / وَرحتم بين مَغبوطٍ وَمَسرورِ
إليكمُ يا بَني الزَهراءِ مرثيةً / أَصاخَ سَمعاً إليها كُلُّ مَوقورِ
تجدَّد الحزنُ بالبيت العَتيق بكم / وَيحطمُ الوَجدُ منها جانبَ الطورِ
عليكمُ صلواتُ اللَه ما هطلَت / سحبٌ وشقَّ وميضٌ قَلبَ دَيجورِ
زُهرُ الدراري أَم نظامُ الجوهر
زُهرُ الدراري أَم نظامُ الجوهر / وَشَذا السُلافَة أَم شَميمُ العَبهرِ
أَم زَهر روضٍ قد تبسَّم ضاحِكاً / إِذ جادَه صوبُ الغمام المُمطرِ
وَشُذورُ تبرٍ أَم جمانُ قَلائِدٍ / تَزهو وَتزهرُ في مقلَّد جؤذرِ
أَم هذه أَلفاظُ مولىً ماجِدٍ / وَرِث البلاغةَ أَكبراً عن أَكبرِ
يُزري بنظَمِ الدُرِّ باهرُ نظمه / وَيَفوقُ مسكره مُذابَ السُكَّرِ
فلِشعرِه الشِعري العَبورُ تَضاءَلت / كَرهاً وودَّت أَنَّه لم يشعُرِ
وَالنَثرةُ العَليا هوت من نَثره / خَجَلاً وَقالَت ليتَه لم ينثرُ
قد أَعجز البلغاءَ مُعجزُ أَحمَدٍ / فأقرَّ كلُّهمُ بعجزِ مُقصِّرِ
يا مُهدياً لي من سَنيِّ نظامِه / وَنثارِه دُرّاً بهيَّ المَنظَرِ
شُكراً لفضلكَ شكر مَمنونٍ فقد / حَلَّيت جيدي من عقودِ الجَوهرِ
أَمّا واِبتسام الرَوضِ عن شَنَبِ الزَهرِ
أَمّا واِبتسام الرَوضِ عن شَنَبِ الزَهرِ / وَإِسفارِ وجه الأُفق عن غُرَّةِ الفَجرِ
وَنَشرِ الخُزامى فاحَ في طَيِّ نَسمةٍ / سرت من رُبى سَلعٍ وطيبةَ والحِجرِ
وَبرقٍ سَرى لَيلاً بأكناف حاجرٍ / فجدَّد لي شَوقاً إِلى بارقِ الثَغرِ
وَسجعِ حمامِ الأيك في عَذَباتِها / تميسُ بها الأَغصانُ في حُلَلٍ خُضرِ
لَقَد هاجَ وَجدي ذكرُ آرام رامةٍ / وأورى بِقَلبي ناره لاعجُ الذِكرِ
فَبتُّ بِقَلبٍ كلَّما ناحَ طائِرٌ / تطايرَ من أَنفاسهِ شررُ الجمرِ
وَعبرة عَينٍ لا تجفُّ جفونُها / إِذا هتفت أَيكيَّةٌ أَقبلت تَجري
أراعي دُجىً لا يَستَحيلُ ظَلامُها / وأَنجمَ لَيلٍ لا تَسيرُ ولا تَسري
وأَصبو إِلى عَصرٍ تقضّى بحاجرٍ / فَيا حاجِراً سَقياً لعَصركَ من عَصرِ
إِذِ العيشُ غَضٌّ وَالشَبيبةُ نضرَةٌ / أَميسُ بها كالغُصنِ في الورَق النَضرِ
لَياليَ لا أَرضى من الوصل بالمُنى / ولا أَتَحسّى أكؤسَ الهمِّ بالصَبرِ
أَشارَت مَن لها في الحُسن شارَه
أَشارَت مَن لها في الحُسن شارَه / فأَفهمتِ الضَّميرَ من الإِشارَه
وَبشَّر طيفُها بالوَصل لَيلاً / ووافاني يَقول لكَ البِشارَه
مُهفهفةُ القَوام إذا تَثَنَّت / ثنت قَدّاً تفرَّدَ بالنَضارَه
لها خَدٌّ تَسعَّرَ جلُّ ناري / به لَمّا أَراني جُلَّنارَه
توقَّ أَخا الغرام رُضابَ فيها / فَكَم شقَّت حلاوتُها مَرارَه
وَكم غرَّت بماضي مُقلتَيها / مُعَنّىً حكَّمت فيه غِرارَه
وشبّهت الحُسامَ به مَضاءً / فَغار فَشَنَّ في العُشّاق غارَه
جَرى ماءُ النَعيم بوَجنتيها / فَزاحمه الجَحيمُ فشبَّ نارَه
تُريكَ إذا بدت وَهناً محيّاً / يُحاكي ليلُه ضوءاً نَهارَه
وَلَولا أَنَّه قَمَرٌ تَجَلّى / لَما دار الخِمارُ عليه دارَه
وَتُبدي حالَتي وصلٍ وصدٍّ / فُتحيي تارَةً وَتُميتُ تارَه
سَكِرتُ بحبِّها من قبل سُكري / وما عاقرتُ من دَنٍّ عُقارَه
وَقالوا حبُّها نارٌ تَلظّى / لَقَد قاسوا وما قاسوا أوارَه
فأَينَ النارُ منه وَمِن لَظاهُ / وَلَيسَ النارُ منه سِوى شَرارَه
وَكَم عاصيتُ فيها من نَصوحٍ / أَقالَ اللَه من نُصحي عِثارَه
رأَى هَجري وَلَم يَعلم لجهلٍ / بأَنَّ الهَجرَ عُقباهُ الزِيارَه
وَقاسَمتُ العَذولَ عَلى هَواها / فَكانَ الرِّبحُ لي وَلَه الخَسارَه
اِسقِياني على اِقتراحِ العَذارى
اِسقِياني على اِقتراحِ العَذارى / وَاِعذراني فَقَد خَلعتُ العِذارا
شمسَ راحٍ من كَفِّ خودٍ رَداحٍ / شَخصَت فيهما العُيونُ حَيارى
أَشرقَت في الكؤوس ناراً وَقِدماً / عبَدَتها المجوسُ في الدَنِّ نارا
واِجلواها وَالدَهرُ طلقُ المحيّا / وَالقَماري تنادمُ الأَقمارا
في عَذارى كأَنَّهُنَّ رياضٌ / وَرياضٍ كأَنَّهُنَّ عَذارى
لا تَلوما فَما التَصابي بعارٍ / قبل يَسترجع الصِبا ما أَعارا
وَدَعاني مُجاهِداً في غَرامي / إِنَّ داعي الهَوى دَعاني جِهارا
أَمعيرَ الظُبى شباً وَغِرارا / لحظُهُ والظِبا رَناً واِحوِرارا
ما لِقَلبي يَزيدُ فيك غَراماً / كلَّما زِدتَ عن هواه نِفارا
أَيُّ قَلبٍ ما هامَ فيك ولكن / زادَ قَلبي بحبِّك اِستِهتارا
خاطرَت في هَواكَ مهجةُ صَبٍّ / هَويَت منك ذابِلاً خَطّارا
من يُباريكَ يا مُنى النَفس حُسناً / لا وَعينيكَ لست مِمَّن يُبارى
ربَّ لَيلٍ قصَّرتُهُ بلقاهُ / وَليالي الهَنا تَكونُ قصارا
رُضتُه بالمُدام حتّى إِذا ما / تركتهُ لا يَستبِدُّ اِختيارا
نِلتُ ما شئتُ من هواه وَلَولا / عفَّة الحبِّ لاِرتكبت العارا
يا خَليلي عُج بالنَقا لنُقضّي / للهوى في ربوعِه أَوطارا
إِنَّ بَينَ النَقا وَبَينَ المصلّى / ظبياتٍ لها الأسودُ غيارى
نَتَمارى إِن لُحنَ هَل هُنَّ غيدٌ / أَم ظِباءٌ في حُسنها لا يُمارى
هيَ لَو لَم تَكُن ظِباً وَبُدوراً / ما صدَعنَ الدُجى وَجُبنَ القِفارا
لُحنَ للرَكبِ وَالعقولُ حَيارى / فاِختطفنَ العقولَ والأَبصارا
وأَرقنَ الدماءَ طَعناً وَقَتلاً / وَأَمِنَّ الجزا قِصاصاً وَثارا
يا لقَومي أَيذهبُ في الحُب / بِ دَمي باطِلاً وَجرحي جُبارا
تَجَلّي صَباحاً وَميطي الخِمارا
تَجَلّي صَباحاً وَميطي الخِمارا / فما تطلعُ الشَمسُ إلّا نَهارا
وَحاشا مُحيّاكِ أَنّي أَقيسُ / به البدرَ وَالبَدرُ يَخفى سرارا
مَرَيتِ الجفونَ وَهجتِ الشجون / فَحَسبُكِ أَلَّفتِ ماءً وَنارا
أَفي الحقِّ أصفيكِ محض الوداد / وأَنتِ تَصُدِّين عَنّي اِزوِرارا
تَبيتينَ وَسنى وَجَفني القَري / حُ لا يَطعمُ النَومَ إلّا غِرارا
أما والمُحلِّينَ والمحرمينَ / ومن طافَ بالبيت سَبعاً وزارا
لأَنتِ الَّتي باتَ قَلبي لها / مَشوقاً وَعَقلي بها مُستَطارا
وَلَو أَنَّ ما بي بيذبلَ ذاب / وَبالبَدرِ غابَ وَبالبَحرِ غارا
وَلَولاكِ ما همتُ وجداً وَلا / خلعت لحبِّ العَذارى العِذارا
وَلَم أَنسَ أَيّامنا في مِنىً / وَموقفَنا حَيثُ نَرمي الجِمارا
عشيَّةَ قالَت لأَترابها / أَهَذا الَّذي جُنَّ فينا وَحارا
نعم أَنا ذاك فما تأمرين / أَقَتلاً يُراحُ بِهِ أَم إِسارا
أَحبّايَ لي في كُلِّ يوم وَلَيلَةٍ
أَحبّايَ لي في كُلِّ يوم وَلَيلَةٍ / بذكراكم نارٌ من الشوق تَسعرُ
إذا ما رأَيتُ الصُبحَ وَالبَدرُ طالِعٌ / ذكرتكمُ والشيءُ بالشيءِ يُذكرُ
فَيا حَسرَتا كَم لي عَلى البُعد والنوى / حنينٌ وَوَجدٌ دائمٌ وتحسُّرُ
يلومونَني أَن همتُ وَجداً بحبِّكم / كأَنَّ هُيامي في المَحبَّة مُنكرُ
وَلَو كابَدوا وجدَ الصَبابَة أَيقَنوا / بأَنّي على فرط الكآبة أعذرُ
أُلامُ عَلى ما لا أُطيقُ وإنَّما / يُلامُ الفَتى فيما يُطيق وَيَقدِرُ
إِذا قُلتُ للقَلب اِصطَبِر لِفراقِهم / فإنَّ جَميلَ الصَبر بالحُرِّ أَجدَرُ
يَقول اِستعِر قَلباً سوايَ وقل له / ليصبِر فإنّي عنهم لَستُ أَصبرُ
بَدا وَاللَيلُ معتكرُ
بَدا وَاللَيلُ معتكرُ / كأَنَّ نجومَه دُرَرُ
رشاً رقَّت محاسنُه / فَكادَ يُذيبُه النَظَرُ
كئيبٌ فوقه غُصُنٌ / وَغُصنٌ فوقه قَمَرُ
سَمَرتُ به إِلى سَحرٍ / وَلَيلى كلُّه سَحَرُ
إذا ما ماسَ يخطُر في / حُلاه فعشقُه خَطَرُ
لَيالي وصلِه غُرَرٌ / وَلكن دونَها غَرَرُ
ختمتُ بحبِّهِ وَطَري / فَما لي غيرُه وَطَرُ
سَلا دارَها أن أَنبأ الطَلَلُ القفرُ
سَلا دارَها أن أَنبأ الطَلَلُ القفرُ / أَجادَ فروّاها سِوى أَدمعي قطرُ
وَهَل أَوقدَ السارون ناراً بأرضها / فَكانَ لَها إلّا لظى كَبِدي جَمرُ
وَما شَغَفي بالدار أَبكي رسُومَها / وأَندبُها لَولا الصَبابةُ وَالذِكرُ
ذكرتُ بها أَيّامَ جُملٍ وعهدُها / جَميلٌ وَفينانُ الصِبا مونقٌ نَضرُ
إِذِ العيشُ صَفوٌ والحَبائِبُ جيرةٌ / وَروضُ الهَوى غضٌّ حدائقه خُضرُ
أَميسُ اِرتياحاً في بُلهنية الصِبا / تعانقني شَمسٌ وَيلثمني بَدرُ
وَغَيداء من عُليا لؤيِّ بن غالبٍ / حَمتها المواضي والمثقَّفةُ السُمرُ
وأقسمُ لو لَم تحمِها البيضُ والقَنا / لأغنى غناها الخُنزوانةُ والكبرُ
هيَ الظبيةُ الأدماءُ لَولا قوامُها / وَشَمسُ الضُحى لَولا المباسمُ وَالثغرُ
تُطاولُ زُهرَ الأفق أَزهارُ نَعتها / وَيستنزلُ الشِعرى لأَوصافها الشِعرُ
أَطعتُ هَواها ما اِستَطَعتُ ولم يكن / لغير الهَوى نهيٌ عليَّ ولا أَمرُ
لَقَد ضَلَّ مشغوفُ الفؤاد بغادَةٍ / معدُّ بن عَدنانٍ بن أدٍّ لها نَجرُ
إِذا نُثِرَت يَوماً كِنانةُ ناظرٍ / لعاشِقها ثارَت كِنانةُ وَالنضرُ
يَغارون أَن يَهوى فَتاهم فتاتَهم / وَهَل في هوى خلٍّ لخلَّته نُكرُ
وَما ضَرَّهم لو لُفَّ شَملي بشَملها / وَقَد لَفَّت الأَعراقَ ما بيننا فِهرُ
إِلى اللَه من حُبّي فَتاةً مَنيعةً / وَفائي لها ما بين أَقوامها غدرُ
تُطِلُّ دماء العاشقين لعلمها / بأَنَّ دماءَ العاشقين لها هَدرُ
كأَنَّ لها وتراً على كُلِّ عاشقٍ / وَقَد أَقسمت أَن لا ينامَ لها وترُ
أعاذلُ مَهلاً غيرُ سَمعي للائمٍ / فَقَد ظهر المكنونُ واِتَّضح العُذرُ
لعمري لَقَد حاولتَ نُصحي وإنَّما / بِسَمعيَ عمّا أَنتَ مُسمعُهُ وقرُ
وَقبلَك لامَ اللائمون فَلَم يَكن / لهم عند أَهل العشق حمدٌ ولا أَجرُ
وَمِن قَبلُ ما لَجَّ المحبُّون في الهَوى / وَما جَهِلوا أَنَّ الهوى مركبٌ وَعرُ
وَأَمسوا يَرومون الوصال فأَصبحوا / وأَيديهمُ مِمّا يَرومونَه صِفرُ
وَما نَكِرَ العشّاق هَجراً ولا قِلىً / فَما طابَ وصلٌ قطُّ لَو لَم يكن هَجرُ
وإِنّي على ما بي من الوَجدِ والأَسى / لذو مِرَّة لا يستفزُّنيَ الدَهرُ
أَرى الصَبرَ مِثلَ الشهد طعماً إذا عرت / مُلمَّاتهُ وَالصَبرُ مثلُ اسمِه صَبرُ
وإنّي من القَوم الألى شيَّدوا العُلى / إِذا نقموا ضرّوا وإِن نعموا بَرّوا
وإِن وَعَدوا أَوفوا وإِن أَوعَدوا عَفوا / وإِن غَضِبوا ساؤوا وإِن حلموا سَرّوا
هُمُ سادةُ الدنيا وَساسَةُ أَهلها / وهم غررُ العَليا وأَنجمُها الزُهرُ
بَنو هاشمٍ رهطُ النَبيِّ محمَّدٍ / به لهم دون الوَرى وَجَبَ الفَخرُ
هُمُ أَصلُه الزاكي ومحتِدُه الَّذي / زَكا فَزَكا فَرعٌ له وَذكا نشرُ
وَهَل يُنبِتُ الخَطّيَّ إِلّا وَشيجُهُ / وَيطلع إلّا في حدائقه الزَهرُ
أَلا أَيُّها الساعي ليُدرِكَ شأوَهم / رويدَك لا تجهَد فَقَد قُضيَ الأَمرُ
وَإِن كنتَ في شَكٍّ مُريبٍ فَسَل بهم / خَبيراً فعنهم صدَّق الخَبَر الخُبرُ
وَقَد ينكرُ الصبحَ المنير أَخو عمىً / وإِلّا فما بالصُبح عن ناظِرٍ سَترُ
إِذا عُدَّ منهم أَحمدٌ واِبنُ عمِّه / وَعَمّاهُ واِبناهُ وبضعَتُهُ الطُهرُ
وعترتُه الغرُّ الهداةُ ومن لهم / مَناقبُ لا تَفنى وإِن فَنيَ الدهرُ
فَقَد أَحرَزوا دونَ الأنام مفاخراً / تَضيق لأدناها البَسيطةُ والبَحرُ
أولئك آبائي فجئني بمثلهم / إِذا جمع الأَقيالَ أَنديةٌ زُهرُ
عليهم صَلاةُ اللَه ما ذرَّ شارِقٌ / وَما لاحَ في الآفاق من نورهم فجرُ
أَما تَرى الصُبحَ قد لاحَت بشائرُهُ
أَما تَرى الصُبحَ قد لاحَت بشائرُهُ / وَصبَّحتكَ من الساقي أَشائرُهُ
وَاللَيلُ قد جنحت لِلغَربِ أَنجمُهُ / كَما تَساقطَ من رَوضٍ أَزاهِرُهُ
وَالطيرُ قام خَطيباً في حدائِقه / فَهَزَّ عِطفيه واِهتزَّت منابرُهُ
وَالوردُ عطَّر أَذيالَ الصبا سَحَراً / لَمّا تأَرَّج في الأَكمام عاطِرهُ
فاِنهَض إلى شَمسِ راحٍ من يَدي قَمرٍ / يُديرها وَهو ساجي الطَرف ساحرهُ
تُغنيك عن فَلَقِ الإِصباح غُرَّتُه / وَعن دُجى اللَيلة الليلا غدائِرُهُ
كأَنَّه حين يَثني غصنَ قامَتِه / شُدَّت على نَقوى رَملٍ مآزِرُهُ
لَو باهَت الشَمسُ منه الوَجهَ لاِنبهرَت / مِن نوره وهو باهي الحُسنِ باهرُهُ
يَجلو الكؤوسَ فَلا يُدرى أَخمرتُهُ / تَسبي عقولَ النَدامى أَم محاجرهُ
من كأسِه وَثَناياه لنا حَبَبٌ / تَطفو على رائقي خمرٍ جواهرُهُ
لا تنظرَن لجنونِ العاشقينَ به / واِنظر لما قد جَنت فيهم نواظرهُ
ما هَمَّ عاشِقَه عذرٌ وَلا عَذَلٌ / سيّان عاذلهُ فيه وَعاذرُهُ
ما سحرُ هاروت إلّا فِعلُ ناظره / وَلا سيوفُ الرَدى إلّا بواتِرُهُ
كَم شَنَّ مِن فتنٍ للصبِّ فاتنةٍ / وَشبَّ حرَّ جوىً في القلب فاترهُ
وَكَم حلا مَورِدٌ منه لعاشقِه / لكنَّه ربَّما سُقَّت مَرائرُهُ
سَل مُقلَتي إِن تَسل عن ليل طُرَّته / فَلَيسَ يجهلُ طيبَ اللَيل سامرُهُ
مهفهفٌ ما ثَنى عِطفاً على كَفَلٍ / إِلّا ثَنى السوءَ عَن عِطفيه ناظرُهُ
من زارَه في ظلام اللَيلِ مُستَتِراً / ما شَكَّ في أَنَّ بدرَ التمِّ زائرُهُ
لا تأمننَّ اِنكساراً من لَواحظِه / فَكَم قَتيلٍ لها ما ثارَ ثائرُهُ
وإِن أَراكَ اِعتدالاً رمحُ قامتِه / فَطالَما جار في العُشّاق جائرهُ
كَم مُغرمٍ منه قد أَضحى على خطرٍ / لَمّا ترنَّح يَحكي الغصنَ خاطرُهُ
لَم أَنسَ لَيلةَ أنسٍ بتُّ مغتبقاً / من ثغره صِرفَ راحٍ جلَّ عاصرُهُ
وَرحتُ مُصطَبحاً أخرى مشَعشَعةً / لو ذاقها الدهرُ ما دارَت دوائرُهُ
يُديرها ببنانٍ كادَ مِعصمُها / يَسيلُ من تَرفٍ لَولا أساورُهُ
باكرتُها لهنيِّ العيش مُبتَكِراً / وَفقاً لما قيل أَهنى العيش باكرُهُ
وَحياتكم يا ساكني أُمِّ القُرى
وَحياتكم يا ساكني أُمِّ القُرى / ما كانَ حبُّكمُ حَديثاً يُفترى
أَهوى ديارَكمُ الَّتي من حلَّها / حلَّ الجنانَ بها وعلَّ الكوثرا
واهاً لهنَّ منازِلاً ومراتعاً / تَرعى الظِباءَ بهنَّ آسادُ الشَرى
إِن هزَّت الآرامُ سُمرَ قدودِها / هزَّت ضراغمُها الوَشيجَ الأَسمرا
اِنظر بعينك هَل ترى فيها سوى / رشأً يَصيدُ بمقلَتيهِ قَسورا
أو ليثِ عاديةٍ تنمَّر غائراً / يَحمي بأَنياب الأَسِنَّة جؤذَرا
اللَه أَكبرُ كم يَرُعنَ ومن رأى / تلك الجآذرَ وَالقساورَ كبَّرا
وَبمهجتي رشأٌ أَغنُّ إذا جفا / جفت العيونُ لصدِّه طيبَ الكرى
يوفي على الشمس المنيرة في الضحى / حُسناً إِذا حَسرَ اللثامَ وأَسفرا
لَم يسلُ قَلبي عشقَ أَحمَرِ خدِّه / حَتّى أسال لي العذارَ الأَخضرا
قال العَذولُ وقد أَطالَ مَلامَتي / فيه ألا تُصغي فَقُلتُ أَلا تَرى
هَذا الَّذي جعلَ القُلوبَ لحسنه / رِقّاً وما اِبتاعَ القُلوبَ ولا اِشتَرى
لا وَالَّذي فتنَ العقولَ بحُسنِه / ما اِرتابَ قَلبي في هواهُ ولا اِمترى
فارقتُه كَرهاً وواصلتُ النَوى / قَسراً وأَضحى الصَبرُ مُنفصمَ العُرى
لَم أَدرِ أَيُّ الغُصَّتين أسيغُها / إن عنَّ لي ذكرُ الفراق أَو اِعتَرى
أَفراقَ إِلفي أم فراقَ مَواطني / وَكلاهما لهبٌ بِقَلبيَ قد وَرى
لِلَّه أَيّامي بمكّةَ والصبا / تهدي إلى فَوديَّ مِسكاً أَذفَرا
أَشري بكلِّ الدَهر منها ساعةً / لَو أَنَّها مِمّا تُباع وَتُشتَرى
ما طابَ لَيلُ الوصل إلّا واِنبرى
ما طابَ لَيلُ الوصل إلّا واِنبرى / يُهدي لنا مِسكاً وَيوقِدُ عَنبرا
وَكَسا معاطِفَنا بجُنح ظَلامه / مسكيَّ بُردٍ بالنُجوم مُدنَّرا
وَجلا لَنا لَمّا تجلَّت زُهرهُ / زَهراً تَفتَّق في السَماء ونوَّرا
أَخفى عَن الواشين موقعَنا فَلَم / يَدرِ الرَقيبُ بنا هنالكَ لا دَرى
أثني عليه شاكِراً منه يَداً / لا بل أَياديَ حقُّها أَن تُشكرا
فَلكم سَريتُ بجُنحه مستخفياً / أَخفى من الطيف الملمِّ إذا سَرى
حتّى قضيتُ به لُباناتِ الهَوى / وَحمدتُ عند الصُبح عاقبةَ السُرى
واهاً لها من لَيلةٍ قد أَخجلت / بِظَلامها الداجي الصَباحَ المُسفِرا
كَيفَ السَبيلُ إلى لِقاه وقد غدت / داري برار ودارُه أمَّ القرى
مَن قاسَ جَدوى راحتَيك إذا هَمَت
مَن قاسَ جَدوى راحتَيك إذا هَمَت / بالغَيث أَخطأ في القياس وما دَرى
إذ أَنتَ تُعطي ضاحِكاً مُستَبشِراً / وَالغَيثُ يُعطي باكياً مُستَعبِرا
من مستَهلِّ دموعي يومَ فرقته
من مستَهلِّ دموعي يومَ فرقته / أَمطَرتُ سُحباً غِزاراً فهي تنهمرُ
ومن لهيبِ ضُلوعي في محبَّته / أَوقدتُ في الحَيِّ ناراً فهي تَستعرُ
وَكَم كَتَمتُ وُلوعي خوف شُهرته / فَزادَ فيه اِشتهارا وَالهوى عبَرُ
لاموا عَلى كُثر البُكا ناظري
لاموا عَلى كُثر البُكا ناظري / وَلَم يَروا منظرَه الناضِرا
وَلَو رآه عاذلي لا رأى / أَصبحَ لا أَصبحَ لي عاذِرا
وَغادَةٍ من بَناتِ الهند قد برزَت
وَغادَةٍ من بَناتِ الهند قد برزَت / في زيِّها بين أَسجافٍ وأَستارِ
فَقُلتُ لَمّا سرت في اللاذِ مائِسةً / يا حبّذا السير بل يا حبَّذا الساري
نَزلنا من بَرار بكلِّ وادٍ
نَزلنا من بَرار بكلِّ وادٍ / وَلَيسَ لنا بأرض مِن قَرارِ
وَقَد كانَت منازلُنا قصوراً / وَنحن اليوم ننزل في براري
سَقى صَوبُ الحَيا أَرضَ الحِجاز
سَقى صَوبُ الحَيا أَرضَ الحِجاز / وَجادَ مراتعَ الغيد الجَوازي
وَحيّا بالمقامِ مقامَ حيٍّ / كِرامٍ في عَشيرتهم عِزازِ
هُمُ حامو الحَقيقَةِ يومَ يَدعو / حماةُ الحيِّ حيَّ على البِرازِ
حَموا بالسُمر بيضَهم وَشاموا / عليها كلَّ ذي شُطَبٍ جُرازِ
فَخافوا الخزيَ من عارٍ وَحاشا / حماهم أَن تُلِمَّ به المَخازي
وَغاروا أَن يُلمَّ بهنَّ صبٌّ / فَعاقوا الجائزين عن الجَوازي
وَلَو وَكَلوا الحِفاظَ إلى الغَواني / لأغنينَ الغيورَ عن اِحتِرازِ
فَكَم فيهنَّ من بَيضاءَ رؤدٍ / ضياءُ جَبينها بالصُبح هازي
غَزَت كلَّ القُلوب هوىً وأَردَت / بسيفِ اللَحظ منها كلَّ غازِ
لَها خَفَرٌ حَماها قبل تُسمى / وَيَعزوها إِلى الآباء عازِ
تُجازي في الهَوى بالودِّ صدّاً / وَحسبُ أَخي الهَوى أَن لا تجازي
سمت بدرَ الدُجُنَّة في انِبلاجٍ / وأُملود الحَديقةِ في اِهتزازِ
فَيا لِلَّهِ عصرُ هوىً تقضّى / بأَفنانِ الحقيقة وَالمجازِ
لياليَ مَشربي في الحُبِّ صَفوٌ / وَثَوبُ اللَهو مَنقوشُ الطِرازِ
أهمُّ فَلا يَفوتُ الأُنس همّي / وَلا يَخلو من الفُرصِ اِنتِهازي
وأَهوي في الظَلام على الغواني / كَما يَهوي على الكُدريِّ بازِ
أَقول لصاحبي وَالرَكبُ سارٍ / وَقَد غَنّى الحداةُ عَلى النشازِ
وَلاحَ من الحِجاز لنا بَريقٌ / تلألأ يَستطيرُ على حَرازِ
سَقى اللَه الحجازَ وَساكنيه / وَحَيّا معهدَ الخود الكِنازِ
إِلى أَهلِ الحِجازِ يحنُّ قَلبي / فوا شَوقي إلى أَهلِ الحجازِ
يا صاحِ هَذا المَشهدُ الأَقدسُ
يا صاحِ هَذا المَشهدُ الأَقدسُ / قَرَّت به الأَعينُ والأنفُسُ
وَالنّجفُ الأَشرفُ بانَت لَنا / أَعلامُهُ وَالمَعهَدُ الأَنفَسُ
والقبَّةُ البَيضاءُ قد أَشرقَت / يَنجابُ عن لألائِها الحِندِسُ
حضرةُ قُدسٍ لم يَنَل فضلَها / لا المَسجد الأَقصى ولا المقدِسُ
جلَّت بِمَن حلَّ بها رتبةً / يقصرُ عنها الفَلَكُ الأَطلسُ
تودُّ لو كانَت حَصى أَرضِها / شهبُ الدُجى والكُنَّسُ الخُنَّسُ
وَتحسدُ الأقدامَ منّا عَلَى الس / سَعي إلى أَعتابِها الأرؤسُ
فقف بها واِلثم ثرى تُربها / فَهي المقامُ الأَطهَرُ الأَقدَسُ
وَقل صَلاةٌ وَسَلامٌ عَلى / من طابَ منه الأَصلُ والمَغرِسُ
خَليفةُ اللَهِ العَظيم الَّذي / من ضوئِه نورُ الهدى يُقبَسُ
نَفسُ النَبيِّ المُصطَفى أَحمَدٍ / وَصنوه وَالسيِّدُ الأرأَسُ
العلمُ العَيلمُ بحرُ النَدى / وَبرُّهُ وَالعالِمُ النِقرِسُ
فَليلُنا من نورِه مُقمِرٌ / وَيَومُنا من ضَوئه مُشمِسُ
أَقسِمُ باللَه وآياتِهِ / أَليَّةً تنجي ولا تُغمِسُ
أَنَّ عليَّ بن أَبي طالبٍ / منارُ دينِ الحقِّ لا يُطمَسُ
ومن حباهُ اللَه أَنباءَ ما / في كُتبه فهو لها فِهرِسُ
أَحاطَ بالعِلم الَّذي لم يُحِط / بمثله بليا ولا هرمسُ
هَذا أَميرُ المؤمنين الَّذي / شَرائعُ اللَه به تُحرَسُ
وحجَّةُ اللَه الَّتي نورُها / كالصُبح لا يَخفى ولا يبلسُ
تاللَه لا يَجحَدها جاحِدٌ / إلّا اِمرؤٌ في غيِّه مُركَسُ
المعلِنُ الحقَّ بلا خَشيَةٍ / حَيثُ خَطيبُ القوم لا يَنبِسُ
وَالمقحمُ الخَيلَ وَطيسَ الوغى / إِذا اِتَّقاها البطلُ الأحوسُ
جلبابُه يومَ الفَخارَ التُقى / لا الطيلسانُ الخزُّ والبُرنُسُ
يرفلُ من تَقواه في حُلَّةٍ / يحسدُها الدِيباجُ والسُندسُ
يا خيرة اللَه الَّذي خَيرُه / يشكرُه الناطِق والأخرسُ
عبدُك قد أَمَّك مُستَوحِشاً / مِن ذَنبِه للعفو يَستأنِسُ
يَطوي إليكَ البحرَ والبرَّ لا / يُوحشُه شيءٌ ولا يؤنِسُ
طوراً على فُلكٍ به سابحٍ / وَتارة تَسري به عِرمسُ
في كُلِّ هَيماءَ يَرى شَوكُها / كأَنَّه الريحانُ والنرجسُ
حتّى أَتى بابَك مُستَبشِراً / ومن أَتى بابَك لا يَيأسُ
أَدعوكَ يا مَولى الورى موقناً / أَنَّ دعائي عنك لا يُحبَسُ
فنجِّني من خطب دَهرٍ غدا / لِلجسم منّي أَبَداً يَنهَسُ
هَذا وَلَولا أَمَلي فيكَ لَم / يقرَّ بي مثوىً ولا مجلِسُ
صَلّى عليك اللَه من سَيِّدٍ / مَولاهُ في الدارين لا يُوكَسُ
ما غرَّدت وَرقاءُ في رَوضَةٍ / وَما زهت أَغصانُها الميَّسُ
يا طودَ مَجدٍ في المَكارِم راسِ
يا طودَ مَجدٍ في المَكارِم راسِ / سامي العماد موطَّد الآساسِ
لا غرو إِن سقط الجوادُ لعثرةٍ / عثرت لَها قدمُ النَدى والباسِ
فَلَقَد حملتَ عليه أَثقالَ العُلى / فَغَدا ذَلولاً بعد طولِ شِماسِ
حتّى إِذا أَلقيتَ فضلَ عِنانِه / سَبقاً إِلى الغايات قَبلَ الناسِ
لَم يَستَطِع حَملاً لما أَوقَرتَه / فَهوى كَما يَهوي العَظيمُ الراسي
هَيهات أَن يَسطيعَ يحملُ راكِضاً / جبلَ العُلى فرسٌ من الأَفراسِ
فَليذهَب النَغلُ الحَسودُ لما به / وَليحظَ مِمّا رامَه بالياسِ
واِسلم على مرِّ اللَيالي راتعاً / في طيبِ عيشٍ طيِّب الأَنفاسِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025