المجموع : 114
أَلاَ يا حَماماتِ اللِّوَى عُدنَ عَودَةً
أَلاَ يا حَماماتِ اللِّوَى عُدنَ عَودَةً / فإِنّى إِلَى أَصوَاتِكُنَّ حَزينُ
فَعُدنَ فَلمّا عُدنَ كِدنَ يُمِتنَني / وَكِدتُ بأَسرارِى لَهُنَّ أُبينُ
وعُدنَ بِقَرقَارِ الهَديرِ كأَنَّمَا / شَرِبنَ حُمَيّا أو بِهِنَّ جُنونُ
وَلَم تَرَ عَينى قَبلَهُنَّ حَمائماً / بَكَينَ وَلَم تَدمَع لَهُنَّ عُيونُ
فَكُنَّ حَمامَاتٍ جَميعاً بِنِعمةٍ / فَأَصبَحنَ شَتى ما لَهُنَّ قَرِينُ
فَأَصبَحنَ قَد فُرِّقنَ غَيرَ حَمامةٍ / لَها عِندَ عَهدٍ بالحمامِ رَنينُ
إِذا ما سُهَيلٌ أَبرَزتهُ غَمَامَةٌ
إِذا ما سُهَيلٌ أَبرَزتهُ غَمَامَةٌ / عَلَى مَنكِبٍ مِن جانِبِ الطُّورِ يَلمَحُ
دَعا بَعضُنا بَعضاً فَبِتنا كأَنَّنا / رَأَينا حَبِيباً كانَ يَنأَى وَينزَحُ
وَذلكَ أَنّا واثِقُونَ بِقُربِكُم / وأَنَّ النَّوَى عَمّا قَليلٍ تَزَحزَحُ
أَلاَ طَرَقَت أُمَيمَةُ بَعد هَدْءٍ
أَلاَ طَرَقَت أُمَيمَةُ بَعد هَدْءٍ / أخا سَفرٍ شَباريقَ القَميصِ
ومِن أَنَّى اهتَدَيتِ إِلى طَريدٍ / وَأرضُ الأُسدِ دونَكِ واللُّصُوصِ
تَوَسَّدَ فى اليَمِينِ زِمَامَ حَرفٍ / كَنازِ اللَّحمش اَيِّدَةِ الفُصُوصِ
قَلِيلُ البَزِّ إِلاّ رَيطَتَيهِ / وصافٍ حَدُّهُ باقى الخُلوصِ
وَأخلاَقَ الشَّليلِ وَجِلبَ رَحلٍ / وَحَطَّ المَيسِ مِن نِسع بَرِيصِ
وما كانت بِمِدلاجِ خَروج / وَلاَ عَجلى بمَنطِقها هَبوصِ
وما كانت بجَافِيَةِ السَّجايا / وَلاَ صِفرِ الثِّيَابِ وَلا نَحُوصِ
ولكن غَيرُ جَافيةٍ فَتُقلى / ثقالُ المَشىِ ذَاتُ حَشاً خَميصِ
مُبَتَّلَةٌ مُنَعّمَةٌ ثَقالٌ / تَبَسَّمُ عَن أَشانِبَ غَيرِ قِيصِ
لَها جِيدُ الغَزالِ وَمُقلتاهُ / وعالِى النَّبتِ مَيّالُ العُقُوصِ
كأنَّ رُضابَها عَسَلٌ مُصَفًّى / بماءِ نَقًا بساريَةٍ عَرُوصِ
سَلِى عَنّى إِذَا هَابَ المُرَجَّى / وأُوزِغَتِ الخَصَائلُ بالفَرِيصِ
وَتَمشِى حينَ تَأتِى جارتَيها / تَأَوَّدُ مِشيَةَ الوَحِلِ الوَهِيصِ
وَلاَحٍ فى أُمَيمَةَ لَم أُطِعهُ / بِها أو سائلٍ عَنها مُلِيصِ
إذا ما قُلتُ أَسلُو عَن هَواها / تَدَاوىَ مُبتغِى طِبٍّ حَرِيصِ
أَبَت إِلا تَعُودُكَ مِن هَواها / دَوَاعِ يَستَقيمُ لها عَويِصى
أَلَم تَساَل عَنَ أصحابى الذى هُم / لَدى خَفضِ المَعِيشَةِ والشُّخُوصِ
وحينَ أُصاحبُ الفِتيانَ صَبراً / عَلَى مَطوِيّةِ الأَقرَابِ خُوصِ
ولَم أَبخَل عَلَى ضَيفى وجارى / بِغالِى ما أُفيدُ ولا الرَّخِيصِ
بذلك كانَ أَوصانى جُدُودِى / فأَرعَى عَهدَهُم والجَدُّ مُوصِى
وَقَومٍ قَد حَمَلناهُم أُعَادٍ / عَلَى حُدبٍ شَناشِنُهَا قَمُوصِ
بِعاديةٍ كأَنَّ البِيضَ فيها / تَلهَّبُ أَو سَنا بَرقٍ عَروصِ
أَلاَ حَيِّيا الأطلالَ بالجَرعِ العُفرِ
أَلاَ حَيِّيا الأطلالَ بالجَرعِ العُفرِ / سَقاهُنَّ رِيّاً صَوبُ ذِى نَضَدٍ غَمرِ
مُسيلُ الرُّيا واهِى الكُلَى سَبِطُ الذُّرا / أَهلّةُ نَضّاخِ النّدَى سابِغ القَطرِ
وَإِن كُنَّ قد هَيَّجنَ شوقَي بَعدَمَا / تَدَاوَيتُ مِن حُبّى أُمَيمَةَ بالهَجرِ
اُمَيمُ لَقَد طالَ التَّنائِى وَإِنّما / أُدَارِى النَّوَى عن نَقضِ مِرّاتشها الشَّزرِ
ألاَ يا خَليلىَّ اتبعانى لِتُؤجَرا / ولَن تَكسِبا خَيراً مِنَ الحَمدِ والأجرِ
فقالا اتَّقِ اللهَ العَلِىَّ فإِنَّما / تُصَلّيكَ أَسبَابُ الهَوى وَهَجَ الجَمرِ
فقلتُ أطيعانى فليسَ عليكما / حِسابى إِذا لاَقَيتُ ربّى ولاوِزرِى
عَلىَّ الَّذِى أَجنى وليسَ عليكما / وربّىَ أَولى بالتَّجَاوُزِ وَالغَفرِ
أَتُحرِقُنى يا رَبَّ إِن عُجتُ عَوجَةً / عَلَى رَخصَةِ الأطرافِ طَيِّبةِ النَّشرِ
ضِناكِ مَلاثِ المِرطِ مَمكورةِ الحَشا / بَعِيدَةِ مَهوَى القُرطِ مَهضومَةِ الخَصر
وَأنذُرُ للرَّحمنِ مَا دُمتِ أَيِّماً / وَهَل أنتَ يا رَبَّ العُلاَ مُوجِبٌ نَذرِى
صِياماً وَحَجّاً ثُمَّ بُدناً أقودُها / أُوَافي بها يومَ الذَّبائحِ والنَّحرِ
لاحَت لنا وَهناً يُرفِّعُ ضَوءها
لاحَت لنا وَهناً يُرفِّعُ ضَوءها / ريحٌ ينفح طلة وقطارُ
سَقياً لِمَوقِدِها المَليحِ لَو أنَّهُ / يَوماً عَلَى شَحطِ الدِّيارِ يُزَارُ
حَلَفَت أُمَيمَةُ أَنَّ وُدِّى حَجّت لَهُ / شُعثَ الرُّؤوسِ بِمكَّةَ الأَبرَار
كذَبَت أُمَيمَةُ وَالّذى حَجّت لَهُ / مَذِقٌ وَأَنّى خَائنٌ غَدّارُ
لو تَعلَمِينَ وَقَلَّمَا جَرَّبتِنى / وَالعِلمُ يَنفَعُ وَالعَمَى ضَرَّارُ
لَعَلِمتِ اَنّى بالمَغِيبةِ حَافِظٌ / للسِّرِّ مِنكِ وَأنّنى نَصّارُ
فإِنّى لَفى شَكٍّ وَمَامِن عَمايَةٍ
فإِنّى لَفى شَكٍّ وَمَامِن عَمايَةٍ / مِنَ الشَّكِّ إِلاّ سَوفَ يُجلى صَريمُها
يَهيجُ عليَّ الشَّوقَ صَوتُ حمامَةٍ / مُطَوَّقةٍ يُردي المُحِبَّ نَئيُمها
وَلَو لَم تَهِجهُ هَيَّجَتهُ مُخيلةٌ / يَرَاهَا ببَقعَاءِ الفَلاَ مَن يَشِيمها
مَضًت غَربةٌ قَد شَطَّتِ الدّارُ غَربةً / بتَيماءَ تَبدو بالنَّهَارِ نُجومُها
فَوَاللهِ ما أَدرِى إِذَا ما حَمِدتُهَا / علاَمَ وَلاَ فِى أَىِّ ذَنبٍ أَلُومُها
نَأت وَنأَينا ثُمَّ لَم نَدرِ مُذ نأَت / أَتَقطَعُ أَسبابَ الهوَى أَم تُدِيمها
هَل تَذكُرِينَ إِذِ الرِّكابُ مُناخَةٌ
هَل تَذكُرِينَ إِذِ الرِّكابُ مُناخَةٌ / بِرِحالِها لِرَواحِ اَهلِ المَوسِمِ
إِذ نَحنُ نَستَرِقُ الحَدِيثَ وَفَوقَنا / مِثلُ الظَّلامِ مِنَ الغُبارِ الأَقتَمِ
وَنَظلُّ نُظهِرُ بالحَوَاجِبِ بَينَنا / مافِى النُّفُوسِ وَنَحنُ لا نَتَكَلَّمُ
إِنّى لَبَاكٍ وَما عذرِى إِذا هَمَلَت
إِنّى لَبَاكٍ وَما عذرِى إِذا هَمَلَت / عَينى عَلَى الإِلفِ قَد جَرَّبتُهُ خانَا
وما بُكاىَ عَلَى ضِنٍّ بِوَصلِكُمُ / وَلا اتّباعُكُمُ بَعدَ الَّذِى كانَا
إِلاّ مَخَافَة أَعدَاءٍ اُحاذِرُهُم / لَمّا رَأَيتُ جَدِيدَ الصُّرمِ قَد حانَا
يا سَلمَ باعَدَ ربُّ النَّاسِ مُصبَحَكُم / مِنَّا وَباعَدَ مِن مُمسَاكِ مُمسَانَا
وَلاَ رأيتُكُمُ فِى أَمنِ غَافيةٍ / حُلماً وَلاَ غَفلةِ الواشينَ يَقظانَا
وَلاَ شَرِبتُ بماءٍ تَشربينَ بِهِ / وَلاَ تجاورَ فِى الأمواتِ قَبرَانَا
أَلاَ يا سَلمَ عُوجِى تُخبِرِينَا
أَلاَ يا سَلمَ عُوجِى تُخبِرِينَا / مَتَى تُمضِينَ وَعدَكِ وَاصدُقِينَا
وَإِن صَرَّمتِنِى فَلِمثلِ وَصلِى / إِذا رَجَّمتُ بِالغَيبِ الظُّنونَا
أَمِيناً عِندَ سِرِّكِ أَن يُعَانَى / بِما استَودَعتِنى حَصِراً ضَنِينَا
فَلا مِثلِى يُعَلَّلُ بِالأَمانِى / وَلا يُسقَى بِكأسِ المُترَفِينَا
وَلاَ مِثلِى يُوَافِقُهُ خَلِيلٌ / إذا كانَت مَوَدَّتُهُ فُنُونَا
فَسَلمَى مِثلُ شاء الرّملِ إِلاّ / ذَوَائِبَها وما حُلِىَ البُرِينَا
وَدِعصاً رابِياً فِى المِرطِ مِنها / وحُسنَ الدَّلِّ وَالكَعبَ الدَّفِينَا
حَصَانُ الجَنبِ لَم تُرضِع صَبِيَّا / بِثَديَيهَا وَلَم تَحمِل جَنِينَا
وَمَا عَسَلٌ مُصَفّىً فِى زُجَاجٍ / بِرَاحٍ لَذَّةٍ لِلشَّاربِينَا
بِاَطيَبَ مَوهِناً مِن رِيقِ سَلمَى / إِذا عَصَبَ الكَرَى بِالسَّامِرينَأ
بِلا عِلمٍ بِهِ إِلاّ افتِياقا / خَلاءً مَنظَرَ المُتَأَمِّلِينَا
أَلاَ يا أَيُّها المُعتَدُّ فَخراً / هَلُمَّ أَلاَ أُخَبِّرُكَ اليَقينَا
فَإِنَّكَ إِن فَخَرتَ وَلَم تُصَدِّق / حَدِيثَكَ آيةً لِلسَّائِلِينَا
وِإنَّكَ إِن فَخَرتَ بِغَيرِ شَيءٍ / تَرُدُّ بِهِ حَديثَ المُبطِلِينَا
فَإِنَّ لِخَثعَمٍ آياتِ نُعمَى / أَماراتِ الهُدَى نوراً مُبينَا
وَمِن آياتِ رَبِّك أَن تَرَانَأ / بِمَسكَنَةِ القَبائِلِ مارَضِينَأ
وَإِنَّكَ إِن تَرَى منّا فَقيراً / يُضيفُ غِنىَّ قَومٍ آخَرِينا
وَإِنَّ الجَارَ يَنبُتُ فى ثَرَانَا / ونُعجِلُ بالقِرَى لِلنَّازِلِينا
وِإنّا لَن نُصاحِبَ رَكبَ قَومٍ / وَلاَ أَصحابَ سِجنٍ ما حَيِينَأ
فَيَختلِطُوا بِنا إِلاّ افتَرَقنَا / عَلَيهِم بِالسَّماحَةِ مُفضِلينَا
وَمِن آياتِ رَبِّكَ مُحكَماتٍ / مَواثِلَ مَادَرَسنَ وَما نَسِينَا
مَغَاوِرُ مِن فَوارِسَ مِن كِلابٍ / وَعَمرٍو يَعتَرِفنَ وَيَشتَكِينَا
بِأَنَّ الحَىَّ خَثعَمَ غادَرَتهُم / كَلِيلاً حَدُّهُم مُتَضَعضِعِينا
لَيالِيَ عامرٌ تَلحَى كِلاباً / عَلَى جَهدٍ وَلَيسُوا مُؤتَلِينَا
وكانَ مُلاعِباً حَتَّى التقَينَا / فَجَدَّ بِهِ وَكُنَّا اللاّعِبِينَا
وَغادرَنا فَوارِسَهُ وَرِعلاً / بِفَيفِ الرِّيحِ غَيرَ مُوَسَّدِينَا
وَنَحنُ التّارِكُونَ عَلَى سَلِيلٍ / مَعَ الطَّيرِ الخَوامِعَ يَعتَرِينَا
كأَنَّ بِخَدِّهِ وَالجِيدِ مَنهُ / مِن الجِريالِ مَحلُوباً رَقِينَا
كأنَّ الطَّيرَ عاكِفَةً عَلَيهِم / جُنُودٌ مِن سَوادِ الأَعجَمِينَا
وَنَحنُ الوازِعُونَ الخَيلَ تَردَى / بِفِتيانِ الصَّباحِ المُعلِمِينَا
مِنَ السَّندِ المُقَابِلِ ذَا مُرَيخٍ / إِلَى السّاقَينِ ساقَى ذِى قِضِينَا
فَأَدرَكنَا الضِّبابَ وَقَد تَمَنَّوا / لِقاءَ الجَمعِ مِنّا مُشتَهِينَا
يَسُوقُونَ النِّهابَ فَغَادَرَتهُم / فَوَارِسُنا كَشَختِ العَاضِدِينَا
فَقُدنا الخَيلَ تَعثُرُ فى قَناها / عَوَابِسَ كَالسَّعالِى قَد وجِينَا
تَخَطَّى عامراً حَتَّى أَصَبنَا / بِهِ أَهلَ السّديفِ مُبصَبِّحِينَا
بِطاحِنةٍ كأَنَّ البِيضَ فيها / نُجُومُ اللَّيلِ أَو نقب البِلينَا
بِبُرقَةِ جامرٍ ضَرباً وطَعناً / نَوَافِذَ مِن حُصُونِ الدَّارِعِينَا
فَعَسكَرنا بِهِم حَتَّى قَطَعنا / عَدامِلَ قَد وَرَدناها مَعينَا
ثَلاثَةَ أَشهُرٍ حَتّى استَجَبنا / شُعُوباً مِن هَوازِنَ أَجمَعِينَا
بِسُرَّةِ دَارِهِم ضَرباً وَنَهباً / جَوَانِحَ ما ثَأرنَ وَلا ثُنِينَا
تَرَكنا عامِراً وابنَى شُتَيرٍ / وَشَغلَى بِالسُّيُوفِ مُرَعبَلِينا
وَهَزّانَ المقامر قَد قَتلَنا / وَغادَرنا ابنَ هُوذَةَ مُستَكِينَا
وعبّاساً أخا رعلٍ قَطَعنا / بِأَبيَضَ لَهذَمٍ مِنهُ الوَتِينَا
وَفِى أَنَسٍ معانِدَةٌ وَأُخرَى / فَرَت عَن أُمَّ هامَتِهِ الشُّؤُونَا
وَقَد صَبَرُوا القَنا والخَيلَ حَتَّى / عَلَوناها كِرَاماً مُعذِرِينَا
وَنَحنُ الضَّارِبُونَ بِكُلِّ عَضبٍ / يَقُدُّ الَبيضَ وَالحَلَقَ الحَصِينَا
بِشَطَّى أَخرُبٍ ضَرباً تَرَكنا / شَنُوءَةَ بَعدَهُ مُتَخَشِّعِينَا
وَأَقبَلَتِ الفَوَارِسُ مِن ثَقِيفٍ / لِنَصرٍ عِندَ ذَلِكَ مُجلِبِينَا
فَلمَّا واجَهُونا أَسلَمُوهُم / وَهَابُوا جانِباً مِنها زَبُونَا
وأَيتَمنَا رَبِيعَةَ مِن أَبيهِ / وَبِالشَّدّاخِ بَكَينَا العُيُونَا
وَقَتَّلنَا سَرَاةَ بَنِى جِحَاشِ / وَأَثكَلنَا نِسَاءَهُمُ البَنِينَا
وَهَامَ الأَخنَسَينِ مَعاً ضَرَبنَا / بِبِيضِ كُلِّ عَظمٍ يَختَلِينَا
فَغَادَرناهُمُ لَحماً عَلَيهِ / عَوَائِدُ يَختَلِفنَ ويَلتَقِينَا
وَأَتبَعنَا القَنَا فِى ابنَى دُخَانٍ / وقَد عَرَضُوا لَنَا مُستَلئِمِينَا
وَفِى أَشيَاعِهِم حَتَّى انثَنَينَا / بِعَالِيهِنَّ مَخضُوباً دَهِينَا
فَيَومَ القَرنِ نَصَّت أَلفَ قَيسٍ / ثَلاثُونَا فأَجلَوا نَادِمِيناَ
وَعَدَّ النَّاسُ قَتلاَهُم وَكانُوا / عَلَى مَا عُدَّ مِنَّا مُضعِفِينَا
وَمِنهُم خَالِدٌ طاحَت يَدَاهُ / وَهَامَةُ جَابِرٍ لَمّا انتُضِينَا
وَأَبرَهَةُ بنُ صَبّاحٍ فَجَعنَا / بِهِ أَصحَابَهُ المُتَجَبِّرِينَا
وَمِن قَتَلاهُمُ قَطَنٌ وَمِنهُم / غَنِىٌّ فِى كُماةٍ مُقعَصِينَا
وأَنقَذنا قَبائلَ كان يجَبِى / يُحابِرُ مِنهُمُ حُمراً وَجُونَا
وَأَسرَعنا لَعَمرِو بَنِى زُبَيدٍ / فأَحرَزَهُ نَجاءُ الهارِبِينا
وَقُدنا أُمَّهُ حَتَّى قَرَنّا / بِها صَفَّينِ مِن حِزَقٍ حَوِينَا
إِلَى الأَعناقِ ثُمَّ تَنازَعاهَا / بِرجلَيها يَجُرَّانِ الجَنِينَا
وَيَومَ القاعِ مِن سَفّانَ جاءَت / بَكِيلُ وحاشِدٌ مُتَأَلِّبِينَا
وَجِئنا فِى مُقَدَّمَةٍ طَحُونٍ / لها زَجَلٌ يُصِمُّ السّامِعِينَأ
كأَنَّ هَرِيرَ حَملَتِنا عَلَيهِم / هَرِيرُ النّارِ أَشعَلَت العَرِينَا
تَطَايَحُ هامُهُم بالبِيضِ شَتَّى / وُنتبِعُهُنَّ حَتَّى يَنثَنِينَا
بِأَسيافٍ سَقَتهَا الجِنُّ مَلساً / بأَيدِيها وَأَخلَصَتِ المُتُونَا
وَعَن ذِى مهدَمِ لَمَّا تَعَدَّى / مَزَقنا تاجَ مُلكِ المُعتَدِينا
فأَشعَرنا حَشاهُ زَعبِيّاً / مِنَ الهِندىِّ مَطرُوراً سَننِينَا
وَقَد علِمَ القَبائِلُ مِن مَعَدٍّ / وَذِى يَمَنٍ شِفاءِ الجائِرِينَا
بِأَنّا المُعتَدُونَ إِذا غَضِبنا / وأنّا المُفضِلُونَ إِذا رَضِينَا
وأَنّا لا نَمُوتُ وَلَوغُشِينَا / عَلَى العِلاّتِ إِلاّ مُقبِلِينَا
وَأَنَّا صادِقُونَ إِذا فَخَرنَا / بَذَخنا فَوقَ بَذخِ البَاذِخِينا
بِمَأَثَرَةٍ يُبِينَ الصِّدقُ عَنها / وَيُبطِلُ بِدعَةَ المُتَأَشِّبِينَا
حَمَت ما بَينَ حَرَّةِ فَرعِ قَيسٍ / إِلَى الأًفراطِ إِلاّ الصّائِفِينَا
لَها مِنها كَتائِبُ لَو رَمَينَا / بِطَمحَتِها جُمُوعَ العَالَمِينا
معاً وَالجِنَّ طَوعاً غادَرَتهُم / لأَوَّلِ وَقعَةٍ مِنهُم طَحِينَا
زَمانَ الشِّركِ حَتَّى قامَ فِينَا / رَسُولُ اللهِ مَرضِيّا أَمِينَا
فَلمّا عَزَّ دِينُ الحَقِّ فِينَا / صَرَفنا حَدَّها لِلكافِرينَا
وَقَتَّلنا مُلُوكَ الرُّومِ حَتَّى / سَكَنّا حَيثُ كانُوا يَسكُنُونَا
وَقَدَّمنا كَتائِبَها فَجَاسَت / مَواخِيرَ الفُجُورِ المُشركينَا
أَلاَ يا لَقَومٍ لِلأَسَى وَالتَّذكُّرِ
أَلاَ يا لَقَومٍ لِلأَسَى وَالتَّذكُّرِ / وَعَينٍ قَذَى إِنسانِها أُمُّ جَعفَرِ
فَلَم تَر عَينِي مِثلَ قَلبِىَ لَم يَطِر / وَلا كَضُلوعٍ تَحتَهُ لَم تَكَسَّر
أَلاَ أَيُّها الرَّكبُ الذِينَ دَلِيلُهُم
أَلاَ أَيُّها الرَّكبُ الذِينَ دَلِيلُهُم / سُهَيلٌ أَمَا مِنكُم عَلَىَّ دَلِيلُ
أَلِمُّوا بِأَهلِ الأَبرَقَينِ فَسَلِّمُوا / وَذاكَ لأَهلِ الأَبرَقينِ قَليلُ
مَلِلتُ بِصَنعاءَ الأحاديثَ وَالمُنَى
مَلِلتُ بِصَنعاءَ الأحاديثَ وَالمُنَى / وَأَبغَضتُ قَصراً فَوقَ قصرٍ مُشَيَّدَا
وَأبغضتُ أَصوَاتاُ بها أَعجَمِيَّةً / وَزُرقاً لراياتِ الإِمارةِ ذُوَّدَا
وَذاكَ الَّذِى يَدعُو بلَيلٍ صَباحَهُ / كَفَى بالهُمُومِ الطّارقاتِ مُسَهّدَا
فيارَبَّ أَدعوكَ العَشِيَّةَ مُخلِصاً / إِلَيكَ مُنيباً تَائِباً مُتَعَبِّدَا
لتَغفِرَ لي إن كُنتُ أَسرَفتُ أَو رَمَى / بيَ الجَهلُ مَرمىً غَيرُهُ كانَ أَرشَدَا
وَمَا عَودٌ تضَّمنَ بَطنُ عِرضٍ
وَمَا عَودٌ تضَّمنَ بَطنُ عِرضٍ / يَمانِى الشَّوقِ مُضطمِرٌ غَلِيلا
يَحِنُّ إِذَا الرَّكائِبُ باكرتهُ / ضُحَيًّا أَو هَبَبنَ لهُ أَصِيلا
بِوادٍ لاَ يُفارقُ عُدوَتَيهِ / أَسنَّ بهِ وكانَ بهِ فَصِيلا
فَبُدِّلَ مَشرَباً مِن ذَاكَ مِلحاً / وَظِمأً بَعدَ قصرَتِهِ طويلا
وَبُدِّلَ حَرَّةً وَجَمَادض أَرضٍ / يُمارِسُ في حَرَارَتِهَا الكُبولا
بِأَنكرَ لَوعَةً مِنّى وَوَجداً / عَلَى إِضمارِىَ الهَجرَ الطَّوِيلا
أَما وَالَّذِى حَجَّت لَهُ العِيسُ وَارتَمى
أَما وَالَّذِى حَجَّت لَهُ العِيسُ وَارتَمى / لِرِضوانِهِ شَعثٌ طَوِيلٌ ذَمِيلُهَا
لَئِن دائراتُ الدَّهرِ يَوماً أَدَرنَ لِى / عَلَى أُمِّ عَمرٍو نَوبةً لا أُقِيلُهَا
وَلَمّا أَبَى إِلاّ جِماحاً فُؤَادُهُ
وَلَمّا أَبَى إِلاّ جِماحاً فُؤَادُهُ / وَلَم يَسلُ عَن لَيلَى بِمَالٍ وَلاَ أهلِ
تَسَلَّى بِأُخرَى غَيرِهَا فإِذَا الّتى / تَسَلَّى بِهَا تَغرِى بِلَيلَى وَلاَ تُسلِى
شَفى النَّفسَ أَسيَافٌ بأيمانِ فِتيَةٍ
شَفى النَّفسَ أَسيَافٌ بأيمانِ فِتيَةٍ / منَ الفِزرِ جَالَت فِى عُقَيلٍ ذُكُورُها
مُجَرَّبةُ الأَيَّامِ قد أكثَرُوا بها / قِراعَ الأَعَادِى فَهيَ ثُلمٌ صُدُورُها
كأنَّ مَدَبَّ النَّملِ فوقَ مُتونِها / إذا لم تُصَبَّغ من دماءٍ نُميرُها
يَرِدنَهُمُ بيضاً ويَصدُرنَ منهمُ / كامطاءِ نخلٍ تمَّمتها شُهورُها
بأيدى بنى عمّى كأنَّ وجُوهَهُم / مَصَابِيحُ شُبَّت لِلبَريَّةِ نُورُها
دَعَا حَازِماً حُبُّ الشِّوَاءِ فَساقَهُ / لِمَأثُورَةٍ عُلَّت بسُمّ غُرُورُها
تَلاَفى بِغَوثِ اللهِ ثُمَّ بأُمِّهِ / حُشَاشَةَ نَفسٍ غَابَ عَنهَا نَصِيرُها
أعَينَىَّ ما لِى لاَ أَبِيتُ ببَلدَةٍ
أعَينَىَّ ما لِى لاَ أَبِيتُ ببَلدَةٍ / مِنَ الأَرضِ إِلاَّ كانَ دَمعِى قِرَاكما
أعَينَىَّ أَغنَى أُمَّ ذِى الوَدعِ عنكما / بَنُونَ وَمَالٌ فانظُرا مَا غِناكما
أَلاَ قَد أَرَى وَاللهِ اَن قَد قَذِيتُما / بِمَن لاَ يُبالِى أَن يَطُولَ قَذَاكما
أَعَينَىَّ مَهلاً أَجمِلا الصَّبرَ تَحظَيا / فَقَد خِفتُ مِن طُولِ البُكاءِ عَماكما
أَشاقَتكَ الهَوادِجُ والخُدُورُ
أَشاقَتكَ الهَوادِجُ والخُدُورُ / وَبَينُ الحَىِّ والظُّعُنُ البُكُورُ
وَبِيضٌ يَرتَمِينَ إِذا التَقَينا / قُلُوبَ القَومِ أَعيُنُهُنَّ حُورُ
هِجانُ اللَّونِ أَبكارٌ وَعُونٌ / عَلَيهِنَّ المَجاسِدُ وَالحَرِيرُ
إِذا طَرَدَت فُنُونُ الرِّيحِ فِيهِ / تَوَشَّى المِسكُ يأرَجُ وَالعَبِيرُ
بَدَونَ كأَنَّهُنَّ غَمامُ صَيفٍ / تَهَلَّلَ وَاكفَهَرَّ لَهُ صَبِيرُ
فَلَمّا أن رَكِبنَ تَنَكَّبَتنَا / جَوافلُ مِن ذَوِى الحاجاتِ زُورُ
نَعَم فَبَدا المُجَمجَمُ مِن فُؤَادِى / وَكادَ القَلبُ مِن وَجدٍ يَطِيرُ
يُكَلِّفُنِى عَلَى الحَدَثانِ قَلبِى / نَوًى لِلحَىِّ مَطلَبُهَا عَسِيرُ
عَلَى حِينَ اندَمَلَتُ وَثابَ حِلمِى / وَلاحَ عَلَى مَفارِقِىَ القَتِيرُ
كأَنَّ القَلبَ عِندَ دِيارِ سَلمَى / سَلِيمٌ أو رَهِينُ دَمٍ أسِيرُ
كذَلكَ مِن أُمامةَ قَبلَ هذا / لَيالَى أَنتَ مُقتَبَلٌ غَرِيرُ
إِذِ المُتَهانِفُ الغُرنُوقُ يَهوى / زِيارَتنا وَيَكرَهُنا الغَيورُ
وَعِندَ الغانِياتِ لَنا دُيونٌ / وَفِى مَأوَى القُلُوبِ هَوىً ضَمِيرُ
تُرِيكَ مُفَلَّجاً عَذبَ الثَّنايا / كَلَونِ الأُقحُوَانِ لَهُ أُشُورُ
وَعَينَى ظَبيَةٍ بِجِواءِ رَملٍ / يَصُوعُ فُؤَادَها رَشَأٌ صَغِيرُ
فَلَو تُولِينَنِى لَعَلِمتِ أَبِّى / بِمَعرُوفٍ لِفاعِلِهِ شَكُورُ
أُدِيمُ لَكِ المَوَدَّةَ إِنَّ وَصلِى / بِأَحسَنِ ما ظَنَنتِ بِهِ جَدِيرُ
وَأَمنَحُكِ التِى لا عارَ فِيها / كَأَنَّ نَسِيبَها بُردٌ حَبِيرُ
أتانا بِالمَلاَ كَلِمٌ حَدَاهُ / حِجازِىٌّ بِطِينَتِهِ فَخُورُ
عَدُوٌّ لا يَنامُ ولا تَرَاهُ / وَلَو أَبدَى عَدَاوَتَهُ بَصيرُ
وَلَو جاوَبتَنِى لَقَصَرتَ عَنِّى / وَأَنتَ عَنِ المَدَى نَاءٍ حَسِيرُ
وَلَو عاوَدتَنِى لَرَأَيتَ قَومِى / هُمُ الأَشرافُ وَالعَدَدُ الكَثِيرُ
إِذا الجَوزاءُ أَردَفَتِ الثُّرَيا / وَعَزَّ القَطرُ وافتُقِدَ الصَّبِيرُ
وَبَاتَت فِى مكامِنِهَا الأَفاعِى / وَلَم يَتَكَلَّمِ الكَلبُ العَقُورُ
وَجَدتَ بَقِيَّةَ المَعرُوفِ فِينَا / مُقِيماً ما ثَوَى بِمِنىً ثَبِيرُ
لَكَ الخَيرُ إن واعَدتَ حَمَّاءَ فَالقَها
لَكَ الخَيرُ إن واعَدتَ حَمَّاءَ فَالقَها / نَهاراً ولا تُدلِج إِذا اللَّيلُ أَظلَما
فَإنَّكَ لا تَدرِى أَبيضاءَ طَفلَةً / تُعانِقُ أَم لَيثاً مِنَ القَومِ قَشعَما
فَلَمّا سَرَى عَن ساعِدَى وَلِحيَتِى / وَأَيقَنَ أَنِّى لَستُ حمّاءَ جَمجَمَا
قَد كُنتُ أَحسَبُنى بالبَينِ مُضطَلعاً
قَد كُنتُ أَحسَبُنى بالبَينِ مُضطَلعاً / مابى سَفاهٌ وَلاَ مِن ذَاَكَ تَغميرُ
حتّى استهامَ فُؤَادِى بَعدَ ماطَلَعَت / نَجداً مُوَلِّيةً تُحدَى بها العِيرُ
يا لَيتَنى قَبلَ ذَاكَ البَينٍ أَدركنى / حَتفُ الحِمامِ وقادتنى المقادِيرُ
يومَ انصَرَفتُ كأنّى مُسلَمٌ بِدَمٍ / وَمُغرَقٌ فى مُجاجِ الدَّنِّ مَخمورُ
سَاهِى الفوادِ تَمَشَّت فى مَفاصِلِهِ / صَهباءُ أَخلصَها الحانوتُ والقِيرُ