المجموع : 88
أيّها الشّيخُ إنّ مَن ثَوَّرَ الصَّي
أيّها الشّيخُ إنّ مَن ثَوَّرَ الصَّي / دَ كمن صاده بحُكمِ العقولِ
هِجتَ مِنِّي على القوافي جَناناً / لم يكن عن بديعها بكليلِ
فطمى بحرُ خاطري فترامى / فيه قولي من غير معنىً مقولِ
ذلك الفضل إذ دللتَ على الفض / لِ ولابدّ في السُّرى من دليلِ
ألا إنّ قلبِيَ من بعدكمْ
ألا إنّ قلبِيَ من بعدكمْ / أفاق وفارقني باطلي
فأصبحتُ خلوَ ضمير الفؤاد / وقد كان في شُغُلٍ شاغلِ
وما لِيَ يا قومُ تعريجةٌ / بذاتِ حُليٍّ ولا عاطِلِ
ولا أنا أطمعُ في جائدٍ / ولا أنا أيْأَسُ من باخلِ
ولا بتّ أشتاق من صبوةٍ / إلى غاربٍ بالنّوى آفلِ
ولا كنتُ أحفل في بلدةٍ / مقيماً بمُستَوْفِزٍ راحلِ
ومن عجبٍ أنّ ذات السّوار / تواصِلُ مَن ليس بالواصلِ
يُصبُّ بها يَمَنِيُّ النِّجار / وتسكن وسْطَ بني وائلِ
وتعتاض من جانبٍ فاهقٍ / من الخِصْبِ بالجانب الماحِلِ
أُعيذك من مُهبِلاتِ الزّمان / حكمن على الرّجل العاقلِ
ومن نفحاتٍ عَدَوْن النَّبيه / وعُجن على منزلِ الخاملِ
ومن آنفٍ أضرعته الخطو / بُ حتّى تعرّض للنّائلِ
ومن كَلِمٍ جَدَّ بالسامعين / وجدّ عن المنطقِ الهازلِ
ومن طمعٍ للفتى خائبٍ / ومن أَمَلٍ في الغنى حائلِ
ومن صَبْوَةٍ نحو مُسْتَقلعِ ال / غُروسِ وشيكِ النّوى زائلِ
ومن خُدَعٍ لبُدور النُّضار / وهبن المذلّةَ للسّائلِ
وقد علم القومُ أنّي شَطَطْتُ / بسَرْحِيَ عن مَسْقَطِ الوابلِ
وأَجْمَمتُه يرتعيه العدوّ / نجاءً عن الخُلُقِ السّافلِ
ولمّا أنفتُ من الأعطياتِ / رميتُ الوفيَّ على الماطلِ
فأصبحتُ عُريانَ من مُنْيَةٍ / تسوق الهوانَ إلى الآملِ
أقول لقومٍ يودّون أنْ / تصوب عليهمْ يدُ الباذلِ
فما شئتَ من مَلْطَمٍ ضارعٍ / وماءِ حياءٍ لهم سائلِ
إذا كان نفعُكمُ آجلاً / فلي دونكمْ راحةُ العاجلِ
لا تقطعنّ رجاءَ العيش بالعِللِ
لا تقطعنّ رجاءَ العيش بالعِللِ / فالعمرُ أقصر أوقاتاً من الشُّغُلِ
وما السّرورُ على خَلْقٍ بمتّئدٍ / وما النّعيم على الدّنيا بمتّصلِ
قضى الزّمانُ بان يبتزّ نِحلَتَه / ما يُبرِم الصّبحُ تُعريه يدُ الطَّفَلِ
أقول إذا لامني في الحبّ جاهله / لو كنتَ لاقيتَ ما ألقاه لم تَقُلِ
خفّضْ عليك فإِنّي غيرُ منعطفٍ / على ملامٍ ولا مُصغٍ إلى عَذَلِ
إذا نزعت هوىً في ثوب غِرّتِه / فإنّ سرَّ الصِّبا في خمرةِ الغَزَلِ
وشافعُ الحبّ لا تنفكّ طاعتُه / أدنى إلى النّفس من همٍّ إِلى جَذَلِ
لا تأنسنّ بلين الصّعبِ في كَلَفٍ / فاللّيثُ يصبو ويعلو منكِبَ البَطَلِ
ولا يغرّنْك حلمٌ في مواطنه / فالدّهر يُغضِي ويقضِي أعضل العُقَلِ
وكيف يُدني منَ التّشمير في حَدَثٍ / مَن داؤه في ظهور الخيلِ والإبلِ
أدنى شعارَيْه درعٌ في تفضّلِه / وكفُّه منبتُ العَسّالةِ الذُّبُلِ
يرضى النِّجادَ بديلاً من تمائمه / وأحمرَ النَّقْعِ من مُحمرّةِ الحُلَلِ
وَلا وسادَ له إلّا جوارحُه / ولا يمُهِّد إلّا جَلْدَةَ السُّبُلِ
ما يَعجِمُ الخطبُ لِي عوداً على خَوَرٍ / ولا يكشّفُ منّي القلبُ عن وَهَلِ
وَلا اِمتطيتُ صنيعاً ذُمَّ راكبه / ولا أدار لساني القولَ في خَطَلِ
هيهاتَ أَرهب مِن هَذا الورى أَحداً / وقد رأيت شمولَ العجز والفَشَلِ
إِنَّ الرّجالَ وإنْ راعتْك كثرتُهمْ / إذا خبرتَهمُ لم تُلفِ من رجلِ
مَن لم تكن غايةَ العلياء بغيتُه / فلن أُلابِسَهُ إلّا على دَخَلِ
للَّه يومٌ أتاني وهو مبتسمٌ / لقيتُ فيه نفوسَ القومِ بالأجلِ
على حصانٍ حصينٌ مَنْ تَجلَّله / كأنّه قَد تعلّى ذروةَ الجبَلِ
رَحْبِ الجبين قصيرِ الظّهر من سَعَةٍ / كأنّ راكبه منه على الكَفَلِ
لمّا طلعتُ بصدق العزمِ مشتملاً / رأى الكماة بوجهي مالئ المُقَلِ
وغُرّةُ الشّمسِ بالقَسْطالِ في كِلَلٍ / وبالبصائر خدُّ الأرضِ في خَجَلِ
قل للنّوائب إمّا كنتَ مخبرَها / بيني وبينك قرعُ البيضِ والأَسَلِ
في فتيةٍ عشقوا الحربَ العَوانَ فما / يزورُ عشقَهمُ شيءٌ سوى المَلَلِ
لا يَرهبونَ المَنايا أنْ تلمّ بهمْ / ولا يخافون يوماً جرعةَ الثُكُلِ
إليكِ عنِّيَ أخلاقَ اللّئامِ فما / يُجيد سمعي إلى نجواكِ من مَيَلِ
مَن شاءَ أَن يتحامَى الهُونُ حوزتَه / يكنْ بوفدِ الأماني غيرَ محتفلِ
لا يقنُصُ الدّهرُ قلبي في حبائله / ولا يَميل اِعتِزامي في صِبا أملِ
لا زلتِ يا أعينَ الحسَّاد مُطرَفةً / دوني ويا قلبَهمْ لا زلتَ في خَزَلِ
من يحسدِ المجدَ غَصّانٌ بحسرتِهِ / وعاشقُ المجد لا يُلفى على مَلَلِ
لا تنظرنّ اِمرءاً من غير حاسده / فليس يُدرك صدقاً ناظرُ الحُوَلِ
متى أنَا ناجٍ من سهام الغوائلِ
متى أنَا ناجٍ من سهام الغوائلِ / يصبن فما يرضين غير المقاتلِ
وحتّى متى تبري النّوائبُ صَعْدَتي / وتقرع بابي طارقاتُ النّوازلِ
أروح وأغدو في إسار غرورها / تخادعني في كلّ يومٍ بباطلِ
إذا لم يُصبني سهمُ عامي تخاطئاً / أصاب كما شاء الرّدى سهمُ قابلِ
رهينُ رزايا ما يُمَلُّ طروقُها / ومُلّ طروقي في مدىً متطاولِ
تُخالسني قومي وغُرَّ أصادقي / وتُعرِي بناني من نفيس عقائلي
فإنْ لم يَرِدْ صبحي عليَّ مع الرّدى / فيا ويلُ أُمّي ويلُها من أصائلي
أصاب الرّدى أبناء لَخْمٍ وحِمْيَرٍ / وساق إلى الأجداثِ شُوسَ القبائلِ
وأفنى نِزاراً واليمانين قبلهمْ / وحطّهمُ من شاهقاتِ المعاقلِ
وزارهمُ صبحاً وكلَّ عشيّةٍ / فلم يسبقوه بالجياد الصّواهلِ
ولم تغنِهمْ بيضٌ رقاقٌ قواطعٌ / ولم تُنجهمْ زُرقٌ لسمر الذّوابلِ
وَما اِنتَصروا من بأسه وهو واحدٌ / بِما اِحتَشدوا أو جمّعوا من قَنابِلِ
ولا مُضمَراتٍ للطّرادِ كأنّها / تجوب الفَلا بعضُ الذّئابِ العواسلِ
يُقَدْن إلى أرضِ العدوّ عوارياً / فتدخل في نسج الثّرى في غلائلِ
عَليهنّ ولّاجون كلَّ عظيمةٍ / ومحتقرون في عُلىً كلَّ هائلِ
إذا ظمئتْ أحشاؤهمْ من حفيظةٍ / فلم تروهمْ غيرُ الدّماءِ السّوائلِ
فكم في الثّرى مَن كان عِبئاً به الثّرى / وكم في التّرابِ من مليكٍ حُلاحِلِ
ومن مغرمٍ بالجود لم يَثنِ عنده / بلا ملئها من رِفْدِه كفّ سائلِ
إذا زاره يوماً فقيرٌ فإنّما / يروح غنيّاً من جيادٍ وجاملِ
أقول لناعي المكرُماتِ وقد ثوى / أبوها بملتفِّ الظّبا في القساطلِ
بَمدرَجةٍ للعاصفات تلاحفتْ / معارفُها مطموسةٌ بالمجاهلِ
ألا قلتَ ما يا ليتَ ما كنتَ قلتَه / فكم ضَرَمٍ في القلب من قول قائلِ
نعيتَ إلى قلبي ولم تدرِ مثلَه / وعرّفتَ ما بيني وبين البلابلِ
وباعدتَ عن عيني قِراها من الكرى / وأغريتَ جَفني بالدّموع الهواطلِ
فتىً كان محجاماً عن العار راكباً / وقِدرُ الوغى تغلي صدورَ العوامِلِ
إذا قال لم يترك مقالاً لقائلٍ / وإن صال لم يترك مصالاً لصائلِ
وَدلَّ على أَحسابهِ بِفعاله / ونمّ عل أعراقه بالشّمائلِ
ولا كانَ إلّا ناجياً من عَضِيهَةٍ / ولا ساعِياً إلّا بطرق الفضائلِ
تَعادل منه الأصلُ والفرعُ واِرتَوتْ / أواخرُه من شبه ماء الأوائلِ
كأنِّيَ لمّا أن شَنَنتُ حديثه / شَننتُ ذكيَّ المسك بين المحافلِ
فإنْ عقمتْ فيه ليالٍ قصيرةٌ / فقد أنجبت فيه بطونُ الحواملِ
وَإِنْ نزل القاع القفار فَكم له / بحبِّ قلوبٍ بيننا من منازلِ
وَإِنّكَ مِن قومٍ كأنّ وجوههمْ / سيوفٌ ولكنْ ما جُلين بصاقلِ
إِذا اِفتَخروا حازوا الفخارَ وطأطأوا / بأيديهمُ طولَ الفتى المتطاولِ
وَلَم تُلفِهمْ إلّا بعيدين بالعلا / وطيب السّجايا من يد المتناولِ
فكم فرجتْ ألفاظُك الغُرُّ ضيّقاً / وما فرجوه بالقنا والمناصلِ
وما زالتِ الآراءُ منك صوائباً / يقطّعن في الأعداء كلَّ الوصائلِ
ولمّا اِستُلبتَ اليومَ وحدَك من يدي / رجعتُ وما لي غيرُ عضّ الأناملِ
فبِنْ غيرَ مذمومٍ فكم بان بيننا / بلومٍ وتعنيفٍ جريحُ المفاصلِ
أقمتَ مقامَ الأمن فينا أو الغنى / وأقلعتَ إِقلاع الغيوث الهواطلِ
وما كنتُ أخشى أنّ أيّامك التي / طردنا بهنّ الهمَّ غيرُ أطاولِ
ولا أنّني أدعوك حزناً ولوعةً / وأنت بشغلٍ عن جوابِيَ شاغلِ
ولو أنّني وفّيتُ رُزْءَك حقَّه / لأصبحتُ أو أمسيتُ رُزؤك قاتلي
كأنِّيَ مرمِيّاً بفقدك كارعاً / كؤوس الشّجايا من رميِّ الشّواكِلِ
وما ضرّ من أدعوه أوفى أصادِقي / إذا لم يكن من معشري وقبائلي
ألا فاِسقنِي من دمع عيني وغنّنِي / بنوح النّساءِ المُعولاتِ الثّواكلِ
وإن كان حزني عندك اليوم مسرفاً / فلا تُدنِ سمعي من مقال العواذلِ
فَقُل للّذي عالاه فوق سريره / يريد به البيداء فوق الكواهلِ
هُبِلتَ أتدري من حملتَ إلى الثّرى / صريعاً وقد واريتَ خلفَ الجنادلِ
وأيُّ لِزازٍ للخصومِ دفنتَهُ / وأَنزلتَه في منزلٍ غير آهلِ
فلا مَطَلتْك الرّاهماتُ برحمةٍ / فما كنت يوماً في ندىً بمماطلِ
ولا زال قبرٌ أنت فيه تجوده / كما شاء أنواء الضّحى والأصائلِ
وإنْ حالتِ الهيئاتُ منك على البِلى / ففضلك ما بين الورى غيرُ حائلِ
وإنْ زال شجوٌ عن قلوبٍ شجيّةٍ / فحزني عليك الدّهرَ ليس بزائلِ
يا صاحبيَّ تنجّزا عِدَةً
يا صاحبيَّ تنجّزا عِدَةً / من صائد الألباب والمُقَلِ
عِدةُ النّوى غيرُ الوفاءِ بها / والقولُ مُطَّرَحٌ بلا عملِ
قولا له والقولُ مطعمةٌ / للعتْب في أسماحِ ذي بُخُلِ
يا فارغاً لا وَجْدَ يَسكنه / حتّى متى أنَا منك في شُغُلِ
يا منْ يَضِنّ بكلّ نافعةٍ / حتّى يَضِنَّ عليَّ بالأملِ
لو شئتَ عدتَ إلى مواصلةٍ / وزيارةٍ حالتْ ولم أحُلِ
لمّا اِعتَنقنا ليلةَ الرّمل
لمّا اِعتَنقنا ليلةَ الرّمل / ومُضاجِعِي ما بيننا نَصْلِي
قالت أما ترضى ضجيعك مِنْ / جسمي الرّطيب ومِعْصَمي الطَّفْلِ
ألّا اِحتَملتَ فراقَ نصلك ذا / في هذهِ الظّلماء مِن أجلي
اِنظرْ إِلى ضيق العناقِ بنا / تنظرْ إلى عقدٍ بلا حَلِّ
لا بيننا يجري العُقارُ ولا / فضلٌ به لمَدبَّةِ النَّمْلِ
فأَجَبتُها إنّي أَخافُ إذا / فطنوا بنا أهلوكِ أوْ أهلي
عدّيهِ مثلَ تميمةٍ نصبتْ / كي لا نُصابَ بأعينٍ نُجْلِ
إنّي أخاف العارَ يلصق بِي / يوماً ولا أَخشى من القتلِ
وقالوا نراها خُطّةً مُدْلَهِمّةً
وقالوا نراها خُطّةً مُدْلَهِمّةً / فَفُتْها وإلّا أنتَ رهنُ حبالها
فقلتُ وهل أخشى ودرعي كفايةٌ / من اللَّه ما ترمي العِدا من نبالها
فكم وَرْطَةٍ ضاقتْ عليّ فلم يزلْ / بِيَ اللَّه حتّى اِنتاشني من خلالها
وكم نكبةٍ طالتْ يداً لتنالني / فباعد ما بيني وبين مَنالها
أرسلها ترعى أَلاءً ونَفَلْ
أرسلها ترعى أَلاءً ونَفَلْ / تامكةً بين الجبالِ كالجبلْ
حنّ لها نبتُ الخُزامى باللّوى / وشبّ حَوْذانُ العميم واِكتَهلْ
مِن يَعْمَلاتٍ ما وردن عن هوىً / ولم تَبِتْ مِن شلّها على وَجَلْ
كرائمٌ يبذلن للضّيف قِرىً / ودونهنّ البيضُ تدمى والأَسَلْ
يوسعْنَنَا الرَّسْلَ مقيمين وإنْ / سرنا فيوسعن الرّسيمَ والرَّمَلْ
كَمَلْن حتّى ما يُعَيَّرْن إذا / جدّ فخارٌ بسوى قربِ الأجلْ
قد قلتُ للسّارين يبغون العُلا / وربّ سارٍ عَمِيَتْ عنه السُّبُلْ
في مَهْمَهٍ مُلتَبسٍ أقطارُه / لو نَسَلَ الذّئب به صبحاً لَضلْ
يسترجف الطِّرْفَ إذا خبّ به / غبَّ السُّرى ريح النّعامى والشَّمَلْ
أمّوا بها مالكَ أملاكِ الورى / عمادَ هذا الدّين سلطانَ الدُّوَلْ
حيث تُرى الهامُ إليه سجّداً / وأرضُه معمورةٌ من القُبَلْ
والسُّؤْدُدُ الرَّغْدُ وأموالُ الغنى / تُهان في عِراصِهِ وتُبتَذَلْ
وَمَنبتُ الجود الّذي نُوّارُه / يُمطَرُ في كلّ صباحٍ ويُطَلْ
الثّابتُ العزمِ إذا طيشٌ هفا / والواجدُ الرّأي إذا الرّأي بَطَلْ
ذو فكرةٍ تُنير كلَّ ظلمةٍ / كأنّها جَذوة نارٍ تشتعلْ
ظَلْتَ بحرّ الحرب في عصابةٍ / يُحرّمون الطّعنَ إلّا في المُقَلْ
من كلّ سيّارٍ إلى الذّكرِ وإنْ / شتّتَ ذاك الذّكرُ شملاً أو قُبَلْ
كأنّه أَقنى على مَرْقَبةً / يُدمِي إذا ضمَّ وإنْ أُدْمِي نَشَلْ
حتّى حميتَ جانبَ الملكِ وقد / خِيف عليه ثَلَلٌ بعد ثَلَلْ
لَولا مداواتُك مِن أمراضهِ / بالضّربِ والطّعنِ جميعاً ما أبَلْ
كم صعبةٍ ركبتها معضلةٍ / تُطعمها الريثَ إذا أكدَى العَجَلْ
وطامحٍ بغير حقٍّ للعُلا / زحزحتَه عن التّراقي فنزَلْ
وجامحٍ إلى الهوى ومائلٍ / عن النُّهى رددتهَ عن المَيَلْ
أيُّ فتىً من قبل أنْ أرشدتَه / قعقع أبوابَ المعالي فدخَلْ
وأيُّ خرقٍ عَبَقَ الجود به / لم يُسألِ المعروفَ يوماً فبذَلْ
وَأَيُّ ماشٍ في مزلّاتِ الرّدى / جاز ولم يُخش عليه مِن زَلَلْ
وأين ما حُمّل ما حُمّلتَه / بين عظيمٍ وجسيمٍ فحملْ
مِن معشرٍ ما خُلقتْ إلّا لهمْ / أَسِرَّةُ الملكِ وتيجانُ الدُّوَلْ
ما وُلدوا إلّا وفي أيديهمُ / أزمّةُ الدَّوْلاتِ مِن عَقْدٍ وَحلْ
في حُلَلِ الملك لهمْ كاسيةً / أجسادَهمْ مَنْدوحةٌ عن الحُلَلْ
قد جاءني ما كنتَ تهديه على / شَحْطِ النّوى طوراً وفي قربِ النَّزَلْ
قولٌ وفعلٌ ألحقاني بالعُلا / والماءُ قَد يلحق غصّاً بالطُّوَلْ
فضّلتني على الورى وكلُّ مَنْ / فضّلته على الورى كلّاً فَضَلْ
وقلتَ ما حَلَّيْتَنِي الدّهَر به / وكم ثويتُ موسعاً من العَطَلْ
كَم لكَ عِندي نِعَمٌ فُتن المُنى / ولم تنهلنّ بُنيّاتُ الأَسَلْ
أرفلُ منهنّ وكم ماشٍ أرى / على الثّرى في مثلهنّ ما رَفَلْ
يا أيّها المالك منّي رِبْقَةً / أعيتْ على الشُّمِّ العرانين الأُوَلْ
كَم رامَ منّي بعضَ ما أجرَرْتُه / مَن مدّ ضَبْعَيه له فما وَصَلْ
أَيقَظتني على القريض بعدما / نكّب غاويه طريقي وعَدَلْ
وقال في مجدك إنْ كنتَ تفي / عقدتَ أنْ لا تقرضَ الشّعرَ فَحَلْ
فخذ كما أثَرْتَها قافيةً / كأنّما شيءٌ سواها لم يُقَلْ
نزّهتُها لمّا أردتُ سَوْقَها / إلى علاك من نسيبٍ وغَزَلْ
كأنّما هشّتْ وقد صِيغتْ بها / حَبُّ القلوب من سرورٍ وجَذَلْ
لا ملّك اللّهُ لنا غيرَكمُ / ولا نأى عزّكُمُ ولا اِنتقلْ
ودارُ ملكٍ أنتَ فيها لم تزلْ / مأهولةً من الوفود والخَوَلْ
ودرّتِ النُّعمى عليكمْ ثَرَّةً / ونلتموها عَلَلاً بعد نَهَلْ