القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن الخَيّاط الكل
المجموع : 152
وافى كَتابُكَ أَسْنى ما يَعُودُ بِهِ
وافى كَتابُكَ أَسْنى ما يَعُودُ بِهِ / وَفْدُ الْمَسَرَّةِ مِنِّي إِذْ يُوافِينِي
فَظَلْتُ أَطْوِيهِ مِنْ شَوْقٍ وَأَنْشُرُهُ / وَالشَّوْقُ يَنْشُرُنِي فِيهِ وَيَطْوِينِي
أَيا بَيْنُ ما سُلِّطْتَ إلاّ عَلَى ظُلْمِي
أَيا بَيْنُ ما سُلِّطْتَ إلاّ عَلَى ظُلْمِي / وَيا حُبُّ ما أَبْقَيْتَ مِنِّي سِوى الْوَهْمِ
فِراقٌ أَتى فِي إثْرِ هَجْرٍ وَما أَذىً / بِأَوْجَعَ مِنْ كَلْمٍ أَصابَ عَلَى كَلْمِ
لَقَدْ كانَ لي فِي الْوَجْدِ ما يُقْنِعُ الضَّنى / وَفِي الْهَجْرِ ما يَغْنِي بِهِ الْبَيْنُ عَنْ غَشْمِي
وَلَكِنَّ دَهْراً أَثَخَنَتْنِي جِراحُهُ / إذا حَزَّ فِي جِلْدِي أَلَحَّ عَلَى عَظْمِي
وَإنْ كُنْتُ مِمَّنْ لا يَذُمُّ سِوى النَّوى / فإِنَّ القِلى وَالصَّدَّ أَجْدَرُ بِالذَّمِّ
وَما مَنْ رَمى مِنْ غَيْرِ عَمْدٍ فَأَقْصَدَتْ / نَوافِذُهُ كَمَنْ تَعَمَّدَ أَنْ يَرْمِي
فَيا قَلْبُ كَمْ تَشْفى بِدانٍ وَنازِحٍ / فَشاكٍ إِلى خَصْمٍ وَباكٍ عَلَى رَسْمِ
وَحَتّامَ أَسْتَشْفِي مِنَ النّاسِ مَنْ بِهِ / سَقامِي وَأسْتَرْوِي مِنَ الدَّمْعِ ما يُظْمِي
غَرِيمِي بِدَيْنِ الْحُبِّ هَلْ أَنْتَ مُقْتضىً / وَهَلْ لِفُؤادٍ أَتْلَفَ الْحُبُّ مِنْ غُرْمِ
أَحِنُّ إلى سُقْمِي لَعَلَّكَ عائِدي / وَمِنْ كَلَفٍ أَنِّي أَحِنُّ إلى السُّقْمِ
وَبِي مِنْكَ ما يُرْدِي الْجَلِيدَ وَإِنَّما / لِحُبِّكَ أَهْوى أَنْ يَزِيدَ وَأَنْ يَنْمِي
وَيا لائمِي أَنْ باتَ يُزْرِي بِيَ الْهَوى / عَلَىَّ سَفاهِي لا عَلَيْكَ وَلِي حِلْمِي
أَقَلْبُكَ أَمْ قَلْبِي يُصَدَّعُ بِالنَّوى / وَجِسْمُكَ يَضْنى بِالْقَطيعَةِ أَمْ جِسْمِي
وَلا غَرْوَ أَنْ أَصْبَحْتَ غُفْلاً مِنَ الْهَوى / فَأَنْكَرْتَ ما بِي لِلصَّبابَةِ مِنْ رَسْمِ
نُدُوبٌ بِخَدِّي لِلدُّمُوعِ كَأَنَّها / فُلُولٌ بِقَلْبِي مِنْ مُقارَعَةِ الْهَمِّ
وَعائِبَتِي أَنَّ الْخُطُوبَ بَرَيْنَنِي / وَرُبَّ نَحِيفِ الْجِسْمِ ذُو سُؤْدَدٍ ضَخْمِ
رَأَتْ أَثَراً لِلنّائِباتِ كَما بَدا / مِنَ الْعَضْبِ ما أَبْقى بِهِ الضَّرْبُ مِنْ ثَلْمِ
فَلا تُنْكِري ما أَحْدَثَ الدَّهْرٌ إِنَّما / نَوائِبُهُ أَقْرانُ كُلِّ فَتىً قَرْمِ
وَلا بُدَّ مِنْ وَصْلٍ تُسَهِّلُ وَعْرَهُ / وَعىً تَنْتَمِي فِيها السُّيُوفُ إلى عَزْمِي
فَرُبَّ مَرامٍ قَدْ تَعاطَيْتُ وِرْدَهُ / فَما ساغَ لِي حَتّى أَمَرَّ لَهُ طَعْمِي
وَخَيْلٍ تَمَطَّتْ بِي وَلَيْلٍ كَأَنَّهُ / تَرادُفُ وَفْدِ الْهَمِّ أَوْ زاخِرُ الْيمِّ
شَقَقْتُ دُجاهُ وَالنُّجُومُ كَأَنَّها / قَلائدُ نَظْمِي أَوْ مساعِي أَبِي النَّجْمِ
إِليْكَ يَمِينَ الْمُلْكِ واصَلْتُ شَدَّها / مُقَلْقَلةَ الأَغْلاقِ جائِلَةَ الْحُزْمِ
غُوارِبُ أَحْياناً طَوالِعُ كُلَّما / هَبَطْنَ فَضا سَهْلٍ عَلَوْنَ مَطا حَزْمِ
تَمِيلُ بِها الآمالُ عَنْ كُلِّ مَطْمَعٍ / دَنِيءٍ وَتَسْمُو لِلطِّلابِ الَّذِي يُسْمِي
تَزُورُ امْرَأً لا يُجْتنَى ثَمَرُ الْغِنى / بِمْثِلِ نَداهُ الْغَمْرِ وَالنَّائِلِ الْجَمِّ
مَتى جِئْتَهُ وَالْمُعْتَفُونَ بِبابِهِ / شَهِدَتْ بِنُعْمى كَفِّهِ مَصْرَعَ الْعُدْمِ
إلى مُسْتَبِدٍّ بِالْفضائِل قاسِمٍ / لِهِمَّتِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْفَرَ الْقِسْمِ
تُعَدُّ عُلاهُ مِنْ مَناقِبِ دَهْرِه / كَعَدِّكَ فَضْلَ اللَّيْلِ بِالقَمَرِ التِّمِّ
وَكَرَّمَهُ عَنْ أَنْ يُسَبَّ بِمِثْلِهِ الزَّ / مانُ كَمالٌ زَيَّنَ الجَدَّ بِالْفَهْمِ
وَجُودٌ عَلَى الْعافِي وَذَبٌّ عَنِ الْعُلى / وَصَدٌّ عَنِ الْواشِي وَصَفْحٌ عَنِ الْجُرْمِ
وَرُتْبَةُ مَنْ لَمْ يجْعَلِ الْحَظَّ وَحْدَهُ / طَرِيقاً إِلى الْعالِي مِنَ الرُّتَبِ الشُّمِّ
تَناوَلَها اسْتِحْقاقُهُ قَبْلَ حَظِّهِ / وَحامى عَلَيْها وَالْمقادِرُ لَمْ تَحْمِ
وَغَيْرُ بَدِيعِ مِنْ بَدِيعِ مُشَيِّدٌ / لِما شادَهُ وَالْفَرْعُ يُنْمى إِلى الجِذْمِ
سَقى اللهُ عَصْراً حافَظَ ابْنَ مُحَمَّدٍ / بِما فِي ثُغُورِ الْغانِياتِ مِنَ الظَّلْمِ
أَغَرُّ إِذا ما الْخَطْبُ أَعْشى ظَلامُهُ / تَبَلَّجَ طَلْقَ الرَّأْي فِي الحادِثِ الْجَهْمِ
تَرِقُّ حَواشِي الدَّهْرِ فِي ظِلِّ مَجْدِهِ / وَتَظْرُفُ مِنْهُ شِيمَةُ الزَّمَن الْفَدْمِ
وَيَكْبُرُ قَدْراً أَنْ يُرى مُتكبرَّاً / وَيَعْظُمُ مَجْداً أَنْ يَتيِهَ مَعَ العُظْمِ
وَيَكْرُمُ عَدْلاً أَنْ يَميلَ بهِ الهَوى / وَبَشْرُفُ نَفْساً أَنْ يَلَذَّ مَعَ الإِثمِ
وَيُورِدُ عَنْ فَضْلٍ وَيُصْدِرُ عَنْ نُهىً / وَيَصْمُتُ عَنْ حِلْمٍ وَيَنْطِقُ عَنْ عِلْمِ
بَدِيهَهُ رَأْيٍ فِي رَوِيَّةِ سُؤْدَدِ / وَإِقْدامُ عَزْمٍ فِي تَأَيُّدِ ذِي حَزْمِ
خَلائِقُ إِنْ تَحْوِ الثَّناءَ بِأَسْرِهِ / فَما الفَخْرُ إِلاَّ نُهْبَةُ الشَّرَفِ الْفَخْم
أَبَرُّ عَلَى الأَقْوامِ مِنْ شَيْبَةِ الْحَيا / وَأَشْهَرُ فِي الأَيّامِ مِنْ شَيْبَةِ الدُّهْمِ
أَضاءَتْ بِكَ الأَوْقاتُ وَالشَّمْسُ لَمْ تُنِرْ / وَرُوِّضَتِ السّاحاتُ وَالْغَيْثُ لَمْ يَهْمِ
وَشُدَّتْ أَواخِي الْمُلْكِ مِنْكَ بِأَوْحَدٍ / بَعِيدِ عُرى الْعَقْدِ الْوَكِيدِ مِنَ الفَصْمِ
فَتىً لا تُصافِي طَرْفَهُ لَذَّةُ الْكَرى / وَلا تَطَّبِي أَجْفانَهُ خُدَعُ الحُلْمِ
يُسَهِّدُهُ تَشْيِيدُهُ الْمَجْدَ وَالْعُلى / وَتَفْرِيجُ غَمّاءِ الْحَوادِثِ وَالْغَمِّ
وَغَيْرُ النُّجُومِ الزُّهْرِ يَأْلَفُها الْكَرى / وَيَعْدَمُها الإِشْراقُ فِي الظُّلَمِ الْعُسّمِ
لقَدْ شَرَّفَ الأَقْلامَ مَسُّ أَنامِلٍ / بِكَفِّكَ لا تَخْلُو مِنَ الْجُودِ وَاللَّثْمِ
فَكُلُّ نُحُولِ فِي الظُّبِى حَسَدٌ لَها / وَكُلُّ ذُبُولٍ غَيْرَهُ بِالْقَنا الصُّمِّ
وَكُنْتَ إِذا طالَبْتَ أَمْراً مُمَنَّعاً / أَفَدْتَ بِها ما يُعْجِزُ الْحَرْبَ فِي السِّلْمِ
كَفَيْتَ الْحُسامَ الْعَضْبَ فَلَّ غِرارِهِ / وَآمَنْتَ صَدْرَ السَّمْهرِيِّ مِنَ الْحَطْمِ
وَجاراكَ مَنْ لا فَضْلَ يُنْجِدُ سَعْيَهُ / وَأَيُّ امْرِيءٍ يَبْغِي النِّضالَ بِلا سَهْمِ
لَكَ الذِّرْوَةُ الْعَلْياءِ مِنْ كُلِّ مَفْخرٍ / سَنِيٍّ وَما لِلْحاسِدِينَ سِوى الرُّغْمِ
وَكَيْفَ يُرَجِّي نَيْلَ مَجْدِكَ طالِبٌ / وَبَيْنَهُما ما بَيْنَ عِرْضِكَ وَالْوَصْمِ
لَئِنْ أَوْحَدَتْنِي النّائِباتُ فَإِنَّنِي / لَمِنْ سَيْبِكَ الْفَيّاضِ فِي عَسْكَرٍ دَهْمِ
وَإِنْ لَمْ أُفِدْ غُنْماً فَقُرْبُكَ كافِلٌ / بِأَضْعِافِهِ حَسْبي لِقاؤُكَ مِنْ غُنْمِ
هَجَرْتُ إِلَيْكَ الْعالَمِينَ مَحَبَّةً / وَمِثْلُكَ مَنْ يُبْتاعُ بِالْعُرْبِ وَالْعُجْمِ
وَما قَلَّ مَنْ تَرْتاحُ مَدْحِي صِفاتُهُ / وَلكِنْ رَأَيْتُ الدُّرَّ أَلْيَقَ بِالنِّظْمِ
أَرى نَيْلَ أَقْوامٍ وَآبي امْتِنانَهُمْ / وَلَيْسَ تَفِي لِي لَذَّةُ الشُّهْدِ بِالسُّمِّ
فَهلْ لَكَ أَنْ تَنْتاشَنِي بِصَنِيعَةٍ / يَلِينُ بِها عُودُ الزَّمانِ عَلَى عُجْمِي
تَحُلُّ مَحَلّ الْماءِ عِنْدِي مِنَ الثَّرى / وَأَشْكُرُها شُكْرَ الرِّياضِ يَدَ الْوسْمِي
أَقَّرَّ ذَوُو الآدابِ طُرّاً لِمَنْطِقِي / وَغَيْرُهُمُ فِيما حَكى كاذِبُ الزَّعْمِ
فَلَسْتُ بِمُحتاج عَلَى ما ادَّعَيْتُهُ / إِلى شاهِدٍ بَعْدَ اعْتِرافٍ مِنَ الْخَصْمِ
تُطِيعُ الْقَوافِي الآبِياتُ قَرائِحي / وَيَنْزِلُ فِيهِنَّ الْكَلامُ عَلَى حُكْمِي
وَسيّارَةِ بِكْرٍ قَصَرْتُ عِنانَها / فَطالَتْ بِهِ والْخَيْلُ تُمْرَحُ فِي اللُّجْمِ
نَمى ذكْرُها قَبْلَ اللِّقاءِ وَإِنَّما / يَسُرُّكَ بَوْحِي بِالْمَحامِدِ لا كَتْمِي
كَمَخْتُومَةِ الدّارِيِّ نَمَّ بِفَضْلهِا / إِلَيْكَ شَذاها قَبْلَ فَضِّكَ لِلْخَتْمِ
حَدِيثَهُ عَصْرٍ كَلَّما امْتَدَّ دَهْرُها / سَما فَخْرُها حَتّى تَطُولَ عَلَى الْقُدْمِ
وَما فَضْلُ بِنْتِ الْكَرْمِ يَوْماً ببَيِّنٍ / إِذا لَمْ يَطُلْ عَهْدُ ابْنَةِ الْكَرْمِ بِالْكَرْمِ
أَتانِيَ أَنَّ الْمَجْدَ عَنِّي سائِلٌ
أَتانِيَ أَنَّ الْمَجْدَ عَنِّي سائِلٌ / وَأَنَّ الْعُلى لَمْ يَعْدُنِي فِيكَ عَتْبُها
فَيَا فَخْرَ شَخْصٍ حَلَّ سِرَّكَ ذِكْرُهُ / وَيا سَعْدَ نَفْسٍ سَرَّ مِثْلَكَ قُرْبُها
وَلا عُذْرَ إلاّ أنَّ لُبّاً شَدَهْنَهُ / نَوائِبُ مَغْفُورٌ بِجُودِكَ ذَنْبُها
وَما كانَ لِي لُوْلاكَ بِالرَّيِّ مَنْزِلٌ / وَإِنْ شَعَفْتْ غَيْرِي وَتَيَّمَ حُبُّها
وَما هِي إِلاّ كَالْبِلادِ وإِنَّما / بِوَطْئِكَ فَلْيَفْخَرَ عَلَى الْمِسْكِ تُرْبُها
لَعَمْرِي لَئِنْ شَرَّفْتَنِي بِصَنِيعَةٍ
لَعَمْرِي لَئِنْ شَرَّفْتَنِي بِصَنِيعَةٍ / وَحَلِّيْتَ مِنِّي بِالنَّدى راحَةً عُطْلاً
فَلَمْ يَأْتِ عِنْدِي غَيْرُ ما أَنْتَ أَهْلُهُ / وَلا عَجَبٌ لِلْغَيْثِ أَنْ رَوَّضَ الْمَحْلا
ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
ألا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً / يُرَوِّحُنِي بِالْغُوطَتَيْنِ نَسِيمُ
وَهَلْ يَجْمَعَنَّ الْكَأْسُ شَمْلِي بِفِتْيَةٍ / عَلَى الْعَيْشِ مِنْهُمُ نَضْرَةٌ وَنَعِيمُ
قولا لِفَخْراوَرَ قَوْلَ امْرِئٍ
قولا لِفَخْراوَرَ قَوْلَ امْرِئٍ / فِي عِرْضِهِ عاثَ وَفِي الرِّيشِ راثْ
يا جَبَلَ الُّلؤْمِ الثَّقِيلِ الَّذِي / لَيْسَ لَهُ فِي الصّالِحاتِ انْبِعاثْ
ما كنْتَ أَهْلاً لِرَجائِي وَلا / مِثْلُكَ فِي الْكُرْبَةِ مَنْ يُسْتَغاثْ
لكَّنِنِي كُنْتُ كَذِي جَوْعَةٍ / حَلَّتْ لَهُ الْمَيْتَةُ بَعْدَ الْثَّلاثْ
تَجافَ عَنِ الْعُفاةِ وَلا تَرُعْهُمْ
تَجافَ عَنِ الْعُفاةِ وَلا تَرُعْهُمْ / فَإِنِّي ناصِحٌ لَكَ يا زَمانُ
أَخافُ نَدى يَمِينِ الْمُلْكِ يَقْضِي / عَلَيْكَ إِذا هَمَتْ تِلْكَ الْبَنانُ
وَقَدْ عايَنْتَ سَطْوَتَها غَداةَ اسْ / تَطَلْتَ وَلَيْسَ كَالْخَبَرِ الْعِيانُ
هِيَ الدِّيارُ فَعُجْ فِي رَسْمِها الْعارِي
هِيَ الدِّيارُ فَعُجْ فِي رَسْمِها الْعارِي / إِنْ كانَ يُغْنِكَ تَعْرِيجٌ عَلَى دارِ
إِنْ يَخْلُ طَرْفُكَ مِنْ سُكَانِها فَبِها / ما يَمْلأُ الْقَلْبَ مِنْ شَوْقٍ وَتَذْكارِ
يا عُمْرُو ما وَقْفَةٌ فِي رَسْمِ مَنْزِلَةٍ / أَثارَ شَوْقَكَ فِيها مَحْوُ آثارِ
أَنْكَرْتَ فِيها الْهَوى ثُمَّ اعْتَرَفْتَ بِهِ / وَما اعْتِرافُكَ إلاّ دَمْعُكَ الْجارِي
تَشْجُو الدِّيارُ وَما يَشْجُو أَخا كَمَدٍ / مِنَ الْهَوى مِثْلُ دارٍ ذاتِ إفْقارِ
يا حَبَّذا مَنْزِلٌ بالسَّفِحِ مِنْ إِضَمٍ / وَدِمْنَةٌ بِلوى خَبْتٍ وَتعِشْارِ
وَحَبَّذا أُصُلٌ يُمْسِي يَجَرُّ بِها / ذَيْلُ النَّسِيمِ عَلَى مَيْثاءِ مَعْطارِ
لُوْ كُنْتُ ناسِيَ عَهْدٍ مِنْ تَقادُمِهِ / نَسِيتُ فِيها لُباناتِي وَأَوْطارِي
أَيّامَ يَفْتِكُ فِيها غَيْرَ مُرْتَقَبٍ / طَبْيُ الْكِناسِ بِلَيْثِ الْغابَةِ الضّارِي
يَصْبُو إِليَّ وَيُصْبِي كُلِّ مُنْفَرِدٍ / بِالدَّلِّ وَالْحُسْنِ مِنْ بادٍ وَمِنْ قارِ
لا أُرْسِلُ اللَّحْظَ إلاّ كانَ مَوْقِعُهُ / عَلَى شُمُوسٍ مُنِيراتٍ وَأَقْمارِ
ما أَطْيَبَ الْعَيْشَ لَوْ أَنِّي وَفَدْتُ بِهِ / عَلَى شَبابٍ وَدَهْرٍ غَيْرِ غَدّارِ
اَلآنَ قَدْ هَجَرَتْ نَفْسِي غَوايَتَها / وَحانَ بَعْدَ حُلُولِ الشِّيْبِ إِقْصارِي
وَالْعَيْشُ ما صَحِبَ الْفِتْيانُ دَهْرَهُمُ / مُقَسَّمُ بَيْنَ إِحْلاءٍ وإِمْرارِ
يا مَنْ بِمُجْتُمُعِ الشَّطَّيْنِ إِنْ عَصَفَتْ / بِكُمْ رِياحِي فَقَدْ قَدَّمْتُ إِعْذارِي
لا تُنْكِرُنَّ رِحِيلِي عَنْ دِيارِكُمُ / لَيْسَ الْكَرِيمُ عَلَى ضَيْمِ بِصَبّارِ
يَأْبى لِيَ الضَّيْمَ فُرْسانُ الْخِلاجِ وَما / حَبَّرْتُ مِنْ غُرَرٍ تُهْدى وَأَشْعارِ
وَقَدْ غَدَوْتُ بِعِزِّ الدِّينِ مُعْتَصِماً / إِنَّ الْكِرامَ عَلَى الأَيّامِ أَنْصارِي
مَلْكٌ إِذا ذُكِرَتْ يُوْماً مَواهِبُهُ / أَثْرى الرَّجاءُ بِها مِنْ بَعْدِ إِقْتارِ
يُعْطِيكَ جُوداً عَلَى الإِقْلال تَحْسَبُهُ / وافاكَ عَنْ نَشَبٍ جَمٍّ وَإِكْثارِ
رَيّانُ مِنْ كَرَمٍ مَلآنُ مِنْ هِمَمٍ / كَأَنَّهُ السَّيْفُ بَيْنَ الْماءِ وَالنّارِ
لَيْسَ الْجَوادُ جُواداً ما جَرى مَثَلٌ / حَتّى يَكُونَ كَحَسّانِ بْنِ مِسْمارِ
الْواهِبُ الْخَيْل إِمّا جِئْتَ زائِرَهُ / أَقَلَّ سَرْجَكَ مِنْها كُلُّ طَيّارِ
اَلطّاعِنُ الطَّعْنَةَ الْفَوْهاءَ جائِشَةً / تَرُدُّ طاعِنَها عَنْها بِتَيارِ
يَكادُ يَنْفُذُ فِيها حِينَ يُنْفِذُها / لُوْلا عُبابُ دَمٍ مِنْ فُوْرِها جارِ
تَلْقى السِّنانَ بِها وَالسَّرْدَ تَحْسَبُهُ / ما ضَلَّ منْ فُتُلٍ فِيها وَمِسْبارِ
فِي كَفِّهِ سَيْفُ مِسْمارَ الَّذِي شَقِيَتْ / هامُ الْمُلُوكِ بِهِ أَيّامَ سِنْجارِ
لاَ يَأْمُلُ الرّزْقَ إلاّ مِنْ مَضارِبِهِ / فَرْسُ الْهُمامِ بِأَنْيابٍ وَأَظْفارِ
نِعْمَ الْمُناخُ لِشُعْثٍ فَوْتِ مَهْلَكَةٍ / أَرْماقِ مَسْغَبَةٍ أنْضاءِ أَسْفارِ
لا يَشْتَكُونَ لَدَيْهِ الْمَحْلَ فِي سَنَةٍ / يَشْكُو بِها السَّغَبَ الْمَقْرِيُّ وَالقَارِي
سَحابُ جُوْدٍ عَلَى الرّاجِينَ مُنْهَمِلٍ / وَبَحْرُ جُودٍ عَلَى الْعافِينَ زَخّارِ
إذا تَرَحَّلَ عَنْ دارٍ أَقامَ لَهُ / مِنَ الصَّنائِعِ فِيها خَيْرُ آثارِ
كَالْغَيْثِ أَقْلَعَ مَحْمُوداً وَخَلَّفَ ما / يُرْضِيكَ مِنْ زَهَرٍ غَضٍّ وَنُوّارِ
تَبْقى الذَّخائِرُ مِنْ فَضْلاتِ نائِلِهِ / كَأَنَّها غُدُرٌ مِنْ بَعْدِ أَمْطارِ
مُظَفَّرُ الْعَزْمِ ما تَأْلُو مُوَفَّقَةً / آراؤُهُ بَيْنَ إِيْرادٍ وَإِصْدارِ
سامٍ إلى الشَّرَفِ الْممْنُوعِ جانِبُهُ / نامٍ إِلى الْحَسَبِ الْعَارِي مِنَ الْعارِ
مُخَوَّلٌ فِي جَنابٍ يَيْتَ مَمْلَكَةٍ / عَزُّوا بِهِ وَأَذَلُّوا كُلَّ جَبّارِ
أَيّامَ كَلْبٌ لَها ما بَيْنَ جُوسِيَةٍ / وَبَيْنَ غَزَّةَ مِنْ رِيفٍ وَأَمْصارِ
يَقُودُها مِنْ سِنانٍ عَزْمُ مُتَّقِدٍ / أَمامَها كَسِنانِ الصَّعْدَةِ الْوارِي
تَرْمِي بأَعُيُنِها فِي كُلِّ داجِيةٍ / مِنْهُ إلى كَوْكَبٍ بِالسَّعْدِ سَيّارِ
يَبِيتُ كلُّ ثَقِيلِ الرُّمْحِ حامِلُه / فِي سَرْجِ كُلِّ خَفِيفِ اللِّبْدِ مِغْوارِ
مُجْدٌ تَأَثَّلَ فِي نَجْدٍ أَوائِلُهُ / وَشِيد بِالشّامِ مِنْهُ الطّارِفُ الطّارِي
يَا بْنَ الْكرِامِ الأُلى ما زالَ مَجْدُهُمُ / مُغْرىً بِقِلَّةِ أشْباهٍ وَأَنْظارِ
اَلْمانِعِينَ غَداةَ الْخَوْفِ جارهُمُ / وَالْحافِظِينَ بِغَيْبٍ حُرْمَةَ الْجَارِ
بِيضُ الْعَوارِفِ أَغْمارٌ إِذا وَهَبُوا / جُوداً وَلَيْسُوا إِذا عُدُّوا بِأَغْمارِ
لا يَصْحَبُ الدَّهْرُ مِنْهُمْ طُولَ ما ذُكِرُوا / إِلاّ الثَّناءُ وَإلاّ طِيبُ أَخْبارِ
إِنَّ الْعَشائِرَ مِنْ أَحْياءِ ذِي يَمَنٍ / لَمّا بَغَوْكَ جَرَوْا فِي غَيْرِ مِضْمارِ
أَصْحَرْتَ إِذْ مَدَّ بِالْمِدّانِ سَيْلُهُمُ / وَاللَّيْثُ لا يُتَّقى مِنْ غَيْرِ إِصْحارِ
سالُوا فَأَغْرَقَهُمْ قطر نضحت به / ما كل سبل على خيل بجرار
مالوا فقوم منهم كل مناظر / طَعْنٌ يُعَدِّلُ مِنْهُمْ كُلَّ جُوّارِ
حَتّى إِذا نَهَتِ الأُولى فَما انْتَفَعُوا / بِالنَّهْي وَالْبَغْيُ فِيهِمْ شَرُّ أَمّارِ
أَبَحْتَها وَحَمَيْتَ الشّامَ معْتقِداً / أَنْ لَيْسَ يَنْفَعُ إِلاّ كُلُّ ضَرّارِ
قَدْ نابَكَ الدَّهْرُ أَزْماناً بِغَيْرِهِمِ / فَظَلَّ يَغْمِزُ عُوداً غَيْرَ خُوّارِ
وَكَمْ أَبَتَّ عَلَى ثَأْرٍ ذَوِي ضَغَنٍ / وَلَمْ تَبِتْ قَطُّ مِنْ قُوْمٍ عَلَى ثارِ
إِنْ زُرْتُ دارَكَ عنْ شَوْقٍ فَمَجْدُكَ بِي / أَوْلى وَما كُلُّ مُشْتاقٍ بِزَوّارِ
لَيْسَ الْمُطِيقُونَ حِجَّ الْبَيْتِ ما تَرَكُوا / فَرِيضَةَ الْحَجِّ عَنْ زُهْدٍ بِأَبْرارِ
وَقَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَعْدِي عَلى زَمَنٍ / لا يَشْرَبُ الْحُرُّ فِيهِ غَيْرَ أَكْدارِ
مُوَكِّلُ الْجُوْرِ بِالأَحْرارِ يَقْصِدُهُمْ / كَأَنَّهُ عِنْدُهُمْ طَلاّبُ أَوْتارِ
وَالْحَمْدُ أَنْفَسُ مَذْخُورٍ تَفَوزُ بِهِ / فَخُذْ بِحظِّكَ مِنْ عُونِي وَأَبْكارِي
مِنَ الْقَوافِي الَّتِي ما زِلْتُ أُودِعُها / عُلالَةَ الرَّكْبِ مِنْ غادٍ وَمِنْ سارِ
إِنَّ السِّماحَةَ َأُولاها وَآخِرَها / فِي كَفِّ كُلِّ يَمانٍ يَا بْنَ مِسْمارِ
لا تَسْقِنِي بسِوى جَدْوى يَدَيْكَ فَما / يُرْوِي مِنَ السُّحْبِ إِلاّ كُلُّ مِدْرارِ
وَلَسْتُ أَوَّلَ راج قادَهُ أَمَلٌ / قَدْ راحَ مِنْكَ عَلَى شَقْراءَ مِحْضارِ
مَتى أَنا طاعِنٌ قَلْبَ الْفِجاجِ
مَتى أَنا طاعِنٌ قَلْبَ الْفِجاجِ / وَرامِي الْخَرْقِ بِالْقُلُصِ النَّواجِي
وَقائِدُ كُلِّ سَلْهَبَةٍ عَبُوسٍ / إِلى يَوْمٍ يَطُولُ بِهِ ابْتِهاجِي
سَيَعْتَمُّ الْهَواجِرَ كُلُّ مُجْرٍ / إِلى أَمَدِي وَيلْتَحِفُ الدَّياجِي
فِراشِي مَتْنُ كُلِّ أَقَبَّ نَهْدٍ / وَثَوْبِي ما يُثِيرُ مِنَ الْعَجاجِ
إِذا الْجَوْزاءُ أَمْسَتْ مِنْ مَرامِي / فَأَيْنَ سُرايَ مِنْها وَادِّلاجِي
سِوى الصَّهْباءِ عاصِفَةٌ بِهَمِّي / وَغَيْرُ الْبِيضِ مِنْ أَرَبِي وَحاجِي
عَزَفْتُ فَما لِسارِي الْبَرْقِ شَيْمِي / وَلا لِلرَّسْمِ قَدْ أَقْوى مَعاجِي
وَما عَنْ سَلْوَةٍ إِغْبابُ دَمْعِي / وَإِقصارُ الْعَواذِلِ عَنْ لَجاجِي
وَلكِنْ جَلَّ عَنْ فَنَدٍ وَلَوْمٍ / غَرامِي بِالْمَحامِدِ وَالْتِهاجِي
حَمانِي الْعَزْمُ حَظِّي مِنْ ذَواتِ الثُّ / غُورِ الْغُرِّ وَالْمُقَلِ السَّواجِي
وَما عِنْدَ الْحِسانِ جَوى مَشُوقٍ / صَدَعْنَ فُؤادَهُ صَدْعَ الْزجاجِ
عَرَضْنَ لَنا فَمِنْ لَحْظٍ مَرِيضٍ / وَمِنْ بَرَدٍ غَرِيضٍ فِي مُجاجِ
وَمِسْنَ فَكَمْ قَضِيبٍ فِي كَثِيبٍ / يَشُوقُكَ بِاهْتِزازٍ فِي ارْتِجاجِ
كَأَنَّ نِعاجَ رَمْلٍ لاحَظَتْنا / وَإِنْ كُرِّمْنَ عَنْ حَمْشِ النِّعاجِ
إِلامَ أَرُوضُ جامِحَةَ الأَمانِي / وَداءُ الدَّهْرِ مَغْلُوبُ الْعِلاجِ
إِذا اْلعَذْبُ النَّمِيرُ حَماهُ ضَيْمٌ / فَجاوِزْهُ إِلى الْمِلْحِ الأُجاجِ
أَحُلُّ بِحَيْثُ لا غَوْثٌ لِعافٍ / وَأَطَّرِحُ الْمَغاوِثَ وَالْمَلاجِي
كَمَن تَرَكَ الأَسِنَّةَ صادِياتٍ / غَداةَ وَغىً وَطاعَنَ بِالزِّجاجِ
أَأَبْغِي فِي ذِئابِ الْقاعِ مَنْعاً / وَأَتْرُكُ جانِبَ الأَسَدِ الْمُهاجِ
فَأُقْسِمُ لا نَقَعْتُ صَدىً بِماءٍ / إِلى غَيْرِ الْكِرامِ بِهِ احْتِياجِي
عَسى الطَّعْنُ الخِلاجُ يَذُبُّ عَنِّي / إِذا جاوَرْتُ فُرسانَ الْخِلاجِ
أُولئِكَ إِنْ دُعُوا لِدَفاعِ خَطْبٍ / أَضاءُوا نَجْدَةً وَالْيَوْمُ داجِ
هُمُ الأمْلاكُ حَلُّوا مِنْ عَدِيٍّ / مَحَلَّ الطَّرْفِ حُصِّنَ بِالْحَجاجِ
بُدُورُ دُجُنَّةٍ وَبُحُورُ سَيْبٍ / وَأُسْدُ كَرِيهَةٍ وَحُصُونُ لاجِي
كِرامٌ وَالظُّبى كَالنّارِ شُبَّتْ / عَشِيَّةَ عاصِفٍ ذاتِ اهْتِياجِ
مَواسِمُهُمْ مَضارِبُ كُلِّ ماضٍ / خَلُوطٍ لِلْجَماجِمِ بِالْجآجِي
إِذا عَمَدُوا لِداءٍ أَنْضَجُوهُ / وَلَيْسَ الْكَيُّ إِلاّ بِالنِّضاجِ
جَحاجِحُ لا يُعابُ مَنِ اسْتَباحَتْ / صُدُورُ رِماحِهِمْ يَوْمَ الْهِياجِ
لَهُمْ خَفْضُ النَّواظِرِ حَيْثُ حَلُّوا / مِنَ الدُّنْيا وَمُنْقَطَعُ الضَّجاجِ
تَرى الْهاماتِ ناكِسَةً لَدَيْهِمْ / كَأَنَّ بهِنَّ مُوضِحَةَ الشِّجاجِ
بِحسّانِ بِنِ مِسْمارٍ أُقِيمَتْ / قَناةُ الدِّينِ مِنْ بَعْدِ اعْوِجاجِ
بِأَرْوَعَ لا يَهابُ هُجُومَ خَطْبٍ / وَلا يَرْتاعُ لِلأْحَدَثِ الْمُفاجِي
نَفُوذٌ حَيْثُ لا تَصِلُ الْعَوالِي / إِلى قَصْدٍ يُجِيزُ وَلا انْعِراجِ
إِذا شَوْكُ الْقَنا اليَزَنِيُّ أَضْحى / أَمامَ الْخَيْلِ مَضْروبَ السِّياجِ
وَما طَرَقَ الرَّجاءَ الْفِكْرُ إِلاّ / وَعِزُّ الدِّينِ غايَةُ كُلِّ راجِ
أَغَرُّ مَتى أَخّذْتَ لَهُ بحَبْلٍ / فَما الْغَمَراتُ إِلاّ لانْفِراجِ
جَمِيلُ مَكارِمِ الأَخْلاقِ يَجْلُو / بِها الشَّحْناءَ مِنْ صَدْرِ الْمُداجِي
عَمَدْتَ الْبَيْتَ مِنْ كَلْبٍ وَطَيٍّ / عَلَى حَسَبِ وَصِهْرٍ ذِي انْتِساجِ
يُناجِي مِنْهُ تحَسّانٌ سِناناً / لَقَدْ كَرُمَ الْمُناجى وَالْمُناجِي
ذُُؤابَةُ كُلِّ مُعْتَمٍّ بِفَخْرٍ / وَنُخْبَةُ كُلِّ مُعْتَصِبٍ بِتاجِ
وَرامَ الْحاسِدُونَ لَدَيْكَ تَبْلاً / وَدُونَ مَرامِهِمْ حَزُّ الْوِداجِ
وإِنَّ طِلابَ مَجْدِكَ وَهْوَ بَسْلٌ / كَخِيسِ اللَّيْثِ مَحْذُورِ الْوِلاجِ
لأَعْجَزُ مِنْ قُصُورِكَ عَنْ سَماحٍ / وَأَعْوَزُ مِنْ عَدُوٍّ مِنْكَ ناجِ
وَما غَرّاءُ سارِيَةٌ هَطُولٌ / تَبَجَّسُ بِانْسِفاحٍ وارْتِجاجِ
كأَنَّ بُرُوقَها بِسَناكَ لاحَتْ / فَهمَّ اللَّيلُ مِنْها بانْبِلاجِ
يَشُوقُكَ ما تُغادِرُ مِنْ غَدِيرٍ / وَرَوْضٍ بِالأناعِمِ وَالنِّباجِ
بِأجْوَدَ مِنْ نَدى كَفَّيْكَ جُوداً / وَلا طامِي الْغَوارِبِ ذُو الثجاجِ
أَبَيْتَ أَبا النَّدى إِلا اخْتِلاطِي / بِنائِلِكَ الْمُؤَمَّلِ وَامْتِزاجِي
وَما الشِّيَمُ الْحِسانُ بِمُسْلِماتٍ / فَتىً مِثْلِي إِلى النُّوَبِ السِّماجِ
مَتى ما أَدَّعِي أَنَّ الْقَوافِي / يَمانِيةُ الْهَوى فَبِكَ احْتِجاجِي
أَلَمْ تَرَها تَزُورُكَ مُحْكَماتٍ / كَرائِمَ مِنْ وُحادٍ أَوْ زُواجِ
يَضِيقُ الأَعْصُرِي بِها ذِراعاً / وَيَعْذُرُ عَجْزَهُ عَنْها الخَفاجِي
كَسَرْدِ التُّبَّعِيِّ ثَنى الْعَوالِي / بِأَمْنَعَ مِنْ مُصَفَّحَةِ الرِّتاجِ
تُكَلِّفُ مَعْشَراً فَتَهِيمُ وَجْداً / بِمَدْحِكَ وَالشَّجى غَيْرُ التَّشاجِي
إِذا ما هَجْمَةٌ وَرَدَتْ لِخِمْسٍ / كَفاها ظِمْئُها زَجَلَ المُجاجي
وَغَيْرُكَ مَنْ يُقَصِّرُ بِي فَيُمْسِي / لِسانِي مادِحاً وَالْقَلْبُ هاجِ
وَظَنِّي فِيكَ لَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ / كَهَمِّي عِنْدَ مَدْحِكَ وَاعْتلاجِي
كَما أَرْسَلْتَ في عِدٍّ جَمُومٍ / مَرِيرَ الْفَتْلِ مَشْدُودَ الْعِناجِ
سَأَشْكُرُ حادِثاً ألْقى زِمامِي / إِلَيْكَ وَرُبَّ أَمْنٍ فِي انْزِعاجِ
وَيَجْزِي حُسْنَ صُنْعِكَ رَبُّ فِكْرٍ / ذَكِيُّ الزَّنْدِ وَهّاجُ السِّراجِ
وَتَعْلَمُ أَنَّ خَيْرَ الْمالِ مالٌ / سَقاكَ الْحَمْدَ مَعْسُولَ الْمِزاجِ
فَإِنَّ لَقائِحَ الْمَعْرُوفِ كانَتْ / لَدى الْكُرَماءِ مُنْجِبَةَ النَّتاجِ
تَغَيَّرْتُمُ عَنْ عَهْدِكُمْ آلَ كامِلٍ
تَغَيَّرْتُمُ عَنْ عَهْدِكُمْ آلَ كامِلٍ / فَلِلْيَوْمِ مِنْكُمْ غَيْرُ ما أَسْلَفَ الأَمْسُ
نَبا السَّيْفُ مِنْكُمْ فِي يَدِي وَهْوَ قاطِعٌ / كَما أَظْلَمَتْ فِي ناظِرِي مِنْكُمُ الشَّمْسُ
وَأَوْحَشْتُمُ مِنِّي مكَانَ اصْطِفائِكُمْ / كَأَنْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْمَوَدَّةُ والأُنْسُ
غَرَسْتُمُ ثَناءً لَمْ تَجُدْهُ سَحابُكُمْ / بِرَيٍّ وَهَلْ يَنْمِي مَعَ الْعَطَشِ الغَرْسُ
مَواعِدُ مرَضى كُلَّما قُلْتُ قَدْ بَرا / لَكُمْ مَوْعِدٌ بِالْبَذْلِ عاوَدَهُ النُّكْسُ
وَإِنِّي لَذُو شُحٍّ بِكُمْ عَنْ تَقَلُّبٍ / إلى خُلُقٍ فِيهِ لأَعْراضِكُمْ وَكْسُ
وَأَنْتُمْ بَنُو الْجُودِ الَّذِي ابْتَسَمَتْ بِهِ / مِنَ الزَّمَنِ الْمُرْبَدِّ أَيّامُهُ الْعُبْسُ
سَماحاً فَإِنْ تَدْعُو كِفاحاً فَأَنْتُمُ الْ / فَوارِسُ لا مِيلٌ هُناكَ وَلا نُكْسُ
فَما بالُ سُوقِي لَيْسَ تَنْفُقُ عِنْدَكُمْ / وَحَظُّ ثَنائِي مِنْكُمُ الثَّمَنُ البَخْسُ
أَيَرْتَجِعُ الْمَعْرُوفَ مَنْ كانَ واهِباً / وَيَسْلُبُ ثَوْبَ الْمَنِّ مَنْ لَمْ يَزَلْ يَكْسُو
أُساهِلُ إِغْضاءً وَفِيكُمْ تَصَعُّبٌ / وَأَرْطَبُ إِجْمالاً وَفِي عُودِكُمْ يُبْسُ
وَلَيْسَ بِعَدْلٍ أَنْ أَلِينَ وَتَخْشُنُوا / وَلَيْسَ بِحَقٍّ أَنْ أَرِقَّ وَأَنْ تَقْسُوا
عَلَيْكُمْ سَلامٌ لَمْ أَقُلْ ما يُرِيبُكُمْ / وَلكِنَّهُ عَتْبٌ تَجِيشُ بِهِ النَّفْسُ
حَبَسْتُ الْقَوافِي قَبْلَ إِغْضابِ رَبِّها / وَما لِلْقَوافِي بَعْدَ إِغْضابِها حَبْسُ
إِذا الْعَرَبُ الْعَرْباءُ لَمْ تَرْعَ ذِمَّةً / فَغَيْرُ مَلُومٍ بَعْدَها الرُّومُ وَالْفُرْسُ
قَدْ تَوالَتْ عَلَيَّ مِنْكَ أَيادِي
قَدْ تَوالَتْ عَلَيَّ مِنْكَ أَيادِي / عائِداتٍ بِالْمَكْرُماتِ بَوادِي
ما أُبالِي إِذا تَعَهَّدْنَ مَغْنا / يَ بِأَنْ لا يَصُوبَ صَوْبُ الْعِهادِ
وَالْجَمِيلُ الْمُعادُ أَحْلى وَإِنْ أَزْ / رَى بِشُكْرِي مِنَ الشَّبابِ الْمُعادِ
ما ثَنائِي وَإِنْ تَطاوَلَ إِلاّ / دُونَ آلائِكَ الْحِسانِ الْمَرادِ
كَيْفَ اَشْكُو حَظَّاً عَلِيلاً وَحالاً / كانَ فِيها نَداكَ مِنْ عُوّادِي
سَوْفَ أُثْنِي عَلَى الجِيادِ فَقَدْ أَهْ / دَتْ إِلَيْنا الْجِيادُ خَيْرَ جَوادِ
حَمَلَتْ صَوْبَ مُزْنَةٍ مِنْ بِلادٍ / مِنْكَ أَحْيَتْ بِهِ رَبِيعَ بِلادِي
كُنْتُ أَرتادُ جُودَ كُلِّ كَرِيمٍ / فَكَفى جُودُ راحَتَيْكَ ارْتِيادِي
زُرْتَنا مُنْعِماً وَما بَرِحَ الزّا / ئِرُ يَرْجُو الإِنْعامَ فِي كُلِّ وادِ
وكَذاكَ الْحَيا يَرُوحُ مِنَ الْغَوْ / رِ وَتَغْدُو لَهُ بِنَجْدٍ غَوادِ
لا أَرى لِي حَقَّاً عَلَيْكَ سِوى بِ / رِّكَ عِنْدِي وَمَنْطِقِي وَوِدادِي
وَإِذا ما الْخُطُوبُ كانَتْ شِداداً / دَفَعَتْنا إِلى الْكِرامِ الشِّدادِ
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ / فَقَدْ كادَ رَيّاها يَطِيرُ بِلُبِّهِ
وَإِيَاكُما ذاكَ النَّسِيمَ فَإِنَّهُ / إِذا هَبَّ كانَ الْوَجْدُ أَيْسَرُ خَطْبِهِ
خَلِيلَيَّ لَوْ أَحْبَبْتُما لَعلِمْتُما / مَحَلَّ الْهَوى مِنْ مُغْرَمِ الْقَلْبِ صَبِّهِ
تَذَكَّرَ وَالذِّكْرى تُشُوقُ وَذُو الْهَوى / يَتُوقُ وَمَنْ يَعْلَقْ بِهِ الْحُبُّ يُصْبِهِ
غَرامٌ عَلَى يَأْسِ الْهَوى وَرَجائِهِ / وَشَوْقٌ عَلى بُعْدِ الْمَزارِ وَقُرْبِهِ
وَفِي الرَّكْبِ مَطْوِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى جَوىً / مَتى يَدْعُهُ داعِي الْغَرامِ يُلَبِّهِ
إِذا خطَرْتَ مِنْ جانِبِ الرَّمْلِ نَفْحَةٌ / تَضَمَّنَ مِنْها داءَهُ دُونَ صَحْبِهِ
وَمُحْتَجِبٍ بَيْنَ الأَسِنَّةِ مُعْرِضٍ / وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِعْراضِهِ مِثْلُ حُجْبِهِ
أَغارُ إِذا آنَسْتُ فِي الْحَيِّ أَنَّةً / حِذاراً وَخَوْفاً أَنْ تَكُونَ لِحُبِّهِ
وَيَوْمَ الرِّضى وَالصَّبُّ يَحْمِلُ سُخْطَهُ / بِقَلْبٍ ضَعِيفٍ عَنْ تَحَمُّلِ عَتْبِهِ
جَلالِيَ بَرّاقَ الثَّنايا شَتِيتَها / وَحلأنِي عَنْ بارِدِ الْوِرْدِ عَذْبِهِ
كَأَنِّيَ لَمْ أَقْصُرْ بِهِ اللَّيْلَ زائِراً / تَحُولُ يَدِي بَيْنَ الْمِهادِ وَجَنْبِهِ
وَلا ذُقْتُ أمْناً مِنْ سَرارِ حُجُولِهِ / وَلا ارْتَعْتُ خَوْفاً مِنْ نَمِيمَةِ حَقْبِهِ
فَيا لَسَقامِي مِنْ هَوى مُتَجَنِّبٍ / بَكى عاذِلاهُ رَحْمَةً لِمُحِبِّهِ
وَمِنْ ساعَةٍ لِلْبَيْنِ غَيْرِ حَمِيدَةٍ / سَمَحْتُ بِطَلِّ الدَّمْعِ فِيها وَسَكْبِهِ
أَلا لَيْتَ أَنِّي لَمْ تَحُلْ بَيْنَ حاجِرٍ / وَبَيْنِي ذُرى أَعْلامِ رَضْوى وَهَضْبِهِ
وَلَيْتَ الرِّياحَ الرّائِحاتِ خَوالِصٌ / إِلَيَّ وَلَوْ لاقَيْنَ قَلْبِي بِكَرْبِهِ
أَهِيمُ إِلى ماءٍ بِبُرْقَةِ عاقِلٍ / ظَمِئْتُ عَلَى طُولِ الْوُرُودِ بِشُرْبِهِ
وَأسْتافُ حُرَّ الرَّمْلِ شَوْقاً إِلى اللِّوى / وَقَدْ أَوْدَعَتْنِي السُّقْمَ قُضْبانُ كثْبِهِ
وَلَسْتُ عَلَى وَجْدِي بِأَوَّلِ عاشِقٍ / أَصابَتْ سِهامُ الْحُبِّ حَبَّةَ قَلْبِهِ
صَبَرْتُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ وَقَدْ أُرى / خَبِيراً بِداءِ الحادِثاتِ وَطِبِّهِ
وَأَعْرَضْتُ عَنْ غُرِّ الْقَوافِي وَمَنْطِقِي / مَلِيءٌ لِمُرْتادِ الْكَلامِ بِخِصْبِهِ
وَما عَزَّ نِي لَوْ شِئْتُ مَلْكٌ مُهَذَبُ / يَرى أَنَّ صَوْنَ الْحَمْدِ عَنْهُ كَسَبِّهِ
لَقَدْ طالَما هَوَّمْتُ فِي سِنَةِ الْكَرى / وَلا بُدَّ لِي مِنْ يَقْظَةِ الْمُتَنَبِّهِ
سأَلْقى بِعَضْبِ الدَّوْلَةِ الدَّهْرَ واثِقاً / بِأَمْضى شَباً مِنْ باتِرِ الْحَدِّ عَضْبِهِ
وَأَسْمُو عَنِ الآمالِ هَمَّاً وَهِمَّةً / سُمُوَّ جَمالِ الْمُلْكِ عَنْ كُلِّ مُشْبِهِ
هُوَ الْملْكُ يَدْعُو الْمُرْمِلِينَ سَماحُهُ / إِلى واسِعٍ باعَ الْمَكارِمِ رَحْبِهِ
يُعَنَّفُ مَنْ لَمْ يَأْتِهِ يَوْمَ جُودِهِ / وَيُعْذَرُ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ يَوْمَ حَرْبِهِ
كَأَنِّي إِذا حَيَّيْتَهُ بِصِفاتِهِ / أَمُتُّ إِلى بَدْرِ السَّماءِ بِشُهْبِهِ
هُوَ السَّيْفُ يُغْشِي ناظِراً عِنْدَ سَلِّهِ / بِهاءً وَيُرْضِي فاتِكاً يَوْمَ ضَرْبِهِ
يَرُوقُ جَمالاً أَوْ يَرُوعُ مَهابَةً / كَصَفْحِ الْحُسامِ الْمَشْرَفِيِّ وَغَرْبِهِ
هُمامٌ إِذا أَجْرى لِغايَةِ سُؤْدُدٍ / أَضَلَّكَ عَنْ شَدِّ الْجَوادِ وَخَبِّهِ
تَخَطّى إِلَيْها وادِعاً وَكَأَنَّهُ / تَمَطّى عَلَى جُرْدِ الرِّهانِ وَقُبِّهِ
وَما أَبَقٌ إِلا حَياً مُتَهَلِّلٌ / إِذا جادَ لَمْ تُقْلِعْ مَواطِرُ سُحْبِهِ
أَغَرُّ غِياثٌ لِلأَنامِ وَعِصْمَةٌ / يُعاشُ بِنُعْماهُ ويُحْمى بِذَبِّهِ
يَقُولُونَ تِرْبٌ لِلْغَمامِ وإِنَّما / رَجاءُ الْغَمامِ أَنْ يُعَدَّ كَتِرْبِهِ
فَتىً لَمْ يَبِتْ وَالْمَجْدُ مِنْ غَيْرِ هَمِّهِ / وَلَمْ يَحْتَرِفْ وَالْحَمْدُ مِنْ غِيْرِ كَسْبِهِ
وَلَمْ يُرَ يَوْماً راجِياً غَيْرَ سَيْفِهِ / وَلَمْ يُرَ يَوْماً خائِفاً غَيْرَ رَبِّهِ
تَنَزَّهَ عَنْ نَيْلِ الْغِنى بِضَراعَةٍ / وَلَيْسَ طَعامُ اللَّيْثِ إِلاّ بِغَصْبِهِ
أَلا رُبَّ باغٍ كانَ حاسِمَ فَقْرِهِ / وَباغٍ عَلَيْهِ كانَ قاصِمَ صُلْبِهِ
وَيَومِ فَخارٍ قَدْ حَوى خَصْلَ مَجْدِهِ / وَأَعْداؤُهُ فِيما ادَّعاهُ كَحِزْبِهِ
هُوَ السَّيْفُ لا تَلْقاهُ إِلاّ مُؤَهَّلاً / لإيجابِ عِزٍّ قاهِرٍ أَوْ لِسَلْبِهِ
مِنَ الْقَوْمِ راضَوا الدَّهْرَ وَالدَّهْرُ جامِحٌ / فَراضُوهُ حَتى سَكَّنُوا حَدَّ شَغْبِهِ
بِحارٌ إِذا أَنْحَتْ لَوازِبُ مَحْلِهِ / جِبالٌ إِذا هَبَّتْ زَعازِعُ نُكْبِهِ
إِذا وَهَبُوا جادَ الْغَمامُ بِصَوْبِهِ / وَإِن غَضِبُوا جاءَ الْعَرِينُ بِغُلْبِهِ
إِذا ما وَرَدْتَ اْعِزَّ يَوْماً بِنَصْرِهِمْ / أَمَلَّكَ مِنْ رَشْفِ النَّمِيرِ وَعَبِّهِ
أَجابَكَ خَطِّيُّ الْوَشِيجِ بِلُدْنِهِ / وَلَبّاكَ هِنْدِيُّ الْحَدِيدِ بِقُضْبِهِ
أُعِيدَ لَهُمْ مَجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَما / مَضى بِقَبِيلِ الْمَجْدِ مِنْهُمْ وَشَعْبِهِ
بِأرْوَعَ لا تَعْيا لَدَيْهِ بِمَطْلَبٍ / سِوى شَكْلِهِ فِي الْعالَمِينَ وَضَرْبِهِ
تُرَوِّضُ قَبْلَ الرَّوْضِ أَخْلاقُهُ الثَّرى / وَتَبْعَثُ قَبْلَ السُّكْرِ سُكْراً لِشَرْبِهِ
وَتَفْخُرُ دارٌ حَلَّها بِمٌقامِهِ / وَتَشْرُفُ أَرْضٌ مَرَّ فِيها بِرَكْبِهِ
وَلَمّا دَعَتْهُ عَنْ دِمَشْقَ عَزِيمَةٌ / أَبى أَنْ يُخِلَّ الْبَدْرُ فِيها بِقُطْبِهِ
تَرَحَّلَ عَنْها فَهْيَ كاسِفَةٌ لَهُ / وَعادَ إِلَيْها فَهْيَ مُشْرِقَةٌ بِهِ
وَإِنَّ مَحَلاً أُوطِئَتْهُ جِيادُهُ / لَحَقَ عَلَى الأَفْواهِ تَقْبِيلُ تُرْبِهِ
رَأَيْتُكَ بَيْنَ الْحَزْمِ وَالْجُودِ قائِماً / مَقامَ فَتى الْمَجْدِ الصَّمِيمِ وَنَدْبِهِ
فَمِنْ غِبِّ رَأْيٍ لا تُساءُ بِوِرْدِهِ / وَمِنْ وِرْدِ جُودٍ لا تُسَرُّ بِغِبِّهِ
وَلَمّا اسْتَطالَ الخَطْبُِ قَصَّرْتَ باعَهُ / فَعادَ وَجِدُّ الدَّهْرِ فِيهِ كَلَعِبِه
وَما كانَ إِلاّ الْعَرَّ دَبَّ دَبِيبُهُ / فَأَمَّنْتَ أَنْ تُعْدى الصِّحاحُ بِجُرْبِهِ
وَصَدْعاً مِنَ الْمُلْكِ اسْتَغاثَ بِكَ الْوَرى / إِلَيْهِ فَما أَرْجَأْتَ فِي لَمِّ شِعْبِهِ
فَغاضَ أَتِيٌّ كُنْتَ خائِضَ غَمْرِهِ / وَأَصْحَبَ خَطْبٌ كُنْتَ رائِضَ صَعْبِهِ
حُبِيتَ حَياءً فِي سَماحٍ كَأَنَّهُ / رَبِيعٌ يَزِينُ النَّوْرُ ناضِرَ عُشْبِهِ
وَأَكْثَرْتَ حُسّادَ الْعُفاةِ بِنائِلٍ / مَتى ما يُغِرْ يَوْماً عَلى الْحَمْدِ يَسْبِهِ
مَناقِبُ يُنْسِيكَ الْقَدِيمَ حَدِيثُها / وَيَخْجَلُ صَدْرُ الدَّهْرِ فِيها بِعُقْبِهِ
لَئِنْ خَصَّ مِنْكَ الْفَخْرُ ساداتِ فُرْسِهِ / لَقَدْ عَمَّ مِنْكَ الْجُودُ سائِرَ عُرْبِهِ
إِذا ما هَزَزْتُ الدَّهْرَ بِاسْمِكَ مادَحاً / تَتَثّنّى تَثَنِّي ناضِرِ الْعُودِ رَطْبِهِ
وَإِنَّ زَماناً أَنْتَ مِنْ حَسَناتِهِ / حَقِيقٌ بِأَنْ يَخْتالَ مِنْ فَرطِ عُجْبِهِ
مَضى زَمَنٌ قَدْ كانَ بالْبٌعْدِ مُذْنِباً / وَحَسْبِي بِهذا الْقُرْبِ عُذْراً لِذَنْبِهِ
وَما كُنْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاّ كَمُصْرِمٍ / تَذَكَّرَ عَهْدَ الرَّوْضِ أَيامَ جَدْبِهِ
وَعِنْدِي عَلَى الْعِلاّتِ دَرُّ قَرائِحٍ / حَوى زُبَدَ الأَشْعارِ ما خِضُ وَطْبِهِ
وَمَيْدانُ فِكْرٍ لا يُحازُ لَهُ مَدىً / وَلا يَبْلُغُ الإِسْهابُ غايَةَ سَهْبِهِ
يُصَرِّفُ فِيهِ الْقَوْلَ فارِسُ مَنْطِقٍ / بَصِيرٌ بِإِرْخاءِ الْعِنانِ وَجَذْبِهِ
وَغَرّاءُ مَيَّزْتُ الطَّوِيلَ بِخَفْضِها / فَطالَ عَلَى رَفْعِ الْكَلامِ وَنَصْبِهِ
مِنَ الزُّهْرِ لا يُلْفَيْنَ إِلاّ كَواكباً / طَوالِعَ فِي شَرْقِ الزَّمانِ وَغَرْبِهِ
حَوالِيَ مِنْ حُرِّ الثَّناءِ وَدُرِّهِ / كَواسِيَ مِنْ وَشْيِ الْقَرِيضِ وَعصْبِهِ
خَطَبْتَ فَلَمْ يَحجُبْكَ عَنْها وَلِيُّها / إِذا رُدَّ عَنْها خاطِبٌ غَيْرَ خِطْبِهِ
ذَخَرْتُ لَكَ الْمَدْحُ الشَّرِيفَ وَإِنَّما / عَلَى قَدْرِ فَضْلِ الزَّنْدِ قِيمَةُ قُلْبِهِ
فَجُدْهُ بِصَوْنٍ عَنْ سِواكَ وَحَسْبُهُ / مِنَ الصَّوْنِ أَنْ تُغْرِي السَّماحَ بِنَهْبِهِ
لَقَدْ أَصْبَحَتْ نُعْماكَ عِنْدِي مُشِيدَةً
لَقَدْ أَصْبَحَتْ نُعْماكَ عِنْدِي مُشِيدَةً / بِذِكْرِكَ في سُوقٍ مِنَ الْحَمْدِ قائِمِ
وَقَدْ يُعْجِبُ الرَّوْضَ الأَنِيقُ وَإِنّما / يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الْحَيا الْمُتَراكِمِ
غَمَرْتَ نَوالاً واصْطِفاءً وَإِنَّما / يُحَلَّى وَيُقْنى كُلَّ أَبْيَضَ صارِمِ
وَلَسْتُ عَلَى عَلْياكَ أَوَّلَ وافِدٍ / ولا أَنا مِنْ جَدْواكَ أَوَّلُ غانِمِ
وَما شِئْتُ إِلاّ أَنْ أُشَرِّفَ مَنْطِقِي / بِمَدْحِكَ أَوْ أَقْضِي ذِمامَ الْمَكارِمِ
مَتى ارْتَجَعْتَ مَواهِبَها الْكِرامُ
مَتى ارْتَجَعْتَ مَواهِبَها الْكِرامُ / وَهَلْ يَسْتَرْجِعُ الْغَيْثَ الْغَمامُ
أَيَصْعَدُ عائِداً فِي السُّحْبِ قَطْرٌ / تَنَزَّلَ فِي الوَهادِ بهِ الرِّهامُ
أَرى الْعَلْياءَ مِنْ تَقْصِيرِ أَمْرِي / بِها خَجَلٌ وَبِالْمَجْدِ احْتِشامُ
جَمالَ الْمُلْكِ غَيْرِي مِنْكَ يُدْهى / وَغَيْرُكَ مَنْ تُغَيِّرُهُ اللِّئامُ
أُعِيذُكَ مِنْ رِضَىً يَتْلُوهُ سُخْطٌ / وَمِنْ نُعْمى يُكَدِّرُها انْتِقامُ
أَيَرْجِعُ جَفْوَةً ذاكَ التَّصافِي / وَيُخْفَرُ ذِمَّةً ذاكَ الذِمامُ
أَتَبْرِينِي يَدٌ راشَتْ جَناحِي / وَيَحْسِمُنِي نَدَىً هُوَ لِي حُسامُ
وَيُغْرِي بِي الْحِمامَ أَخُو سَماحٍ / بِهِ عَنْ مُهْجَتِي دُفِعَ الْحِمامُ
أَعِرْنِي طَرْفَ عَدْلِكَ تَلْقَ عِرْضاً / نَقِيّاً لا يُلِمُّ بِهِ الْمَلامُ
وَحَقِّقْ بِالتَّأَمُّلِ كَشْفَ حالِي / فَغَيْرِي عاشِقٌ وَبِيَ السَّقامُ
إِذا ما افْتَرِّ بَرْقُكَ فِي سَمائِي / تَجَلّى الظُّلْمُ عَنِّي وَالظَّلامُ
أَتُغْرِقُنِي وَلَيْسَ الْماءُ مِنِّي / وَتَحْرُقُنِي وَمِنْ غَيْرِي الضِّرامُ
وَأُوخَذُ فِي حِماكَ بِذَنْبِ غَيْرِي / فَأيْنَ الْعَدْلُ عَنِّي وَالْكِرامُ
وَأَيْنَ خَلائِقٌ سَتَحُولُ عَنْها / إِذا حالَتْ عَنِ السُّكْرِ الْمُدامُ
فَلا تَعْدِلْ إِلى الْواشِينَ سَمْعاً / فَإِنَّ كَلامَ أَكْثَرِهِمْ كِلامُ
وَإِنَّ الْوَدَّ عِنْدَهُمُ نِفاقٌ / إِذا طاوَعْتَهُمْ وَالْحَمْدَ ذامُ
وَللأَقْوالِ إِنْ سُمِعَتْ سِهامٌ / تُقَصِّرُ عَنْ مَواقِعِها السِّهامُ
فَما نُصْحاً لِمَجْدِكَ بَلْ مُراداً / لِما قَدْ ساءَنِي قَعَدُوا وقامُوا
وَلَوْ إِذْ أَقْدَمُوا لاقَوْكَ دُونِي / كَعَهْدِكَ أَحْجَمُوا عَنِّي وَخامَوا
فَلَيْتَكَ تَسْمَعُ الْقَوْلَيْنِ حَتّى / يُبَيِّنَ فِي مَنِ الْحَقُّ الْخِصامُ
أَبَعْدَ تَمَسُّكِي بِنَداكَ دَهْراً / وَحَبْلُ نَداكَ لَيْسَ لَهُ انْصِرامُ
وَكَوْنِي مِنْ دِفاعِكَ فِي حُصُونٍ / مَنِيعاتِ الذَّوائِبِ لا تُرامُ
وَأَخْذِي مِنْكَ ميثاقاً كَرِيماً / وَعَهْداً ما لِعُرْوَتِهِ انْفِصامُ
يَنالُ مُرادَهُ مِنِّي حَسُودٌ / وَيُمْكِنُ عادِياً فِيَّ اهْتِضامُ
أَتَرْضى لِلْمَحامِدِ أَنْ تَراها / بِأَرْضِكَ تُسْتَباحُ وَتُسْتَضامُ
وَتَصْبِرُ عَنْ غَرائِبِها وَصَبْرُ الْ / فَتى فِي دِينِها أَبَداً حَرامُ
وَهَلْ يَسْلُو عَنِ الأَحْبابِ يُوْماً / مُحِبٌّ لَيْسَ يَسْلُوهُ الْغَرامُ
فَلا تَدَعِ الْعِراقَ وَأَرْضَ مَصْرٍ / تَفُوزُ بِها وَيُحْرَمُها الشَّآمُ
فَمِنْ حَقِّ الْقَوافِي مِنْكَ دَفْعٌ / يَجِيشُ بِمِثْلِهِ الْجَيْشُ اللُّهامُ
لَقَدْ مَلَّ الرُّقادُ جُفُونَ عَيْنِي / وَما مَلَّ الدُّمُوعَ لَها انْسِجامُ
فَما يَسْرِي إِلى قَلْبي سُرُورٌ / وَلكِنْ لِلْهُمُومِ بِيَ اهْتمِامُ
سَيَرْضى الْحاسِدُونَ إِذا تَمَطَّتْ / بِيَ الْوَجْناءُ وَاضْطَّرَبَ الزِّمامُ
إِذا جاوَزْتُ غُرَّبَ أَوْ غُراباً / وَحالَ الْقاعُ دُونِي وَالإِكامُ
فَمَنْ يَجْلُو عَلَيْكَ بَناتِ فِكْرِي / وَأَنْتَ بِهِنَّ صَبٌّ مُسْتَهامُ
يُقَيِّدُنِي بِنَجْدِ الشّامِ وَجْدٌ / وَيَدْعُونِي إِلى الْغَوْرِ اعْتِزامُ
فَمَنْ أمْرِ النَّوائِبِ لِي رَحَيلٌ / وَفِي حُكْمِ الصَّبابَةِ لِي مُقامُ
وَمَنْ يَرْضى مِنَ الدُّنْيا بِعَيْش / عَلَيْهِ لجِائِرٍ فِيهِ احْتِكامُ
تَأَمَّلْ ما أَبُثُّ تَجِدُ حَقِيقاً / بشَمْلٍ فِي ذَراكَ لَهُ الْتِئامُ
أَيَعْظُمُ أَنْ تَذُودَ الْخَطْبَ عَنِّي / وَعِنْدَكَ تَصْغُرُ النُّوَبُ الْعِظامُ
إِذا لَمْ أَعْتَصِمْ بِكَ مِنْ عَدُوٍّ / فَهَلْ فِي الْعالَمِينَ لِيَ اعْتِصامُ
لَعَلَّ دُجى الْحَوادِثِ أَنْ تُجَلّى / بِبَدْرٍ لا يُفارِقُهُ التَّمامُ
أَتِيهُ عَلَى الزَّمانِ بِهِ ابْتِهاجاً / وَتَحْسُدُنِي الْكَواكِبُ لا الأَنامُ
وَحَسْبِي اللهُ فِيما أَرْتَجِيه / وَعَضْبُ الدَّوْلَةِ الْمَلِكُ الْهُمامُ
لَقَدْ شَغَلَ الْمَحامِدَ عَنْ سِواهُ / أَغَرُّ بِمَدْحِهِ شَرُفَ الْكَلامُ
جَمَعْتُ صِفاتِهِ جَمْعَ الَّلآلِي / فَلِي مِنْها الْفَرائِدُ وَالتُّؤامُ
تَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الْجُلّى عُلاهُ / وَهَلْ لِلْبَدْرِ فِي الظُّلَمِ اكْتِتامُ
أَنافَ عَلَى الْقِيامِ فَطالَ عَنْهُمْ / كَأَنَّ قُعُودَهُ فِيهِمْ قِيامُ
تَصَوَّبَ جُودُهُ فِي كُلِّ وادٍ / كَما يَتَصَوِّبُ السَّيْلُ الرُّكامُ
دَقِيقُ مَحاسِنِ الأَخْلاقِ يَبْدُو / أَمامَ نَداهُ بِشْرٌ وَابْتِسامُ
وَمُقْتَرِحٌ عَلَيَّ الْحَمْدَ أَرْضى / سَلامَتَهُ اقْتِراحِي وَالسَّلامُ
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ / وَمُلِّيتَ مَأْثُورَ الْعُلى وَالْمآثِرِ
وَأَيَّدَكَ اللهُ الْعِليُّ ثَناؤُهُ / بَعاجِلِ نَصْرٍ خالِدِ الْعِزِّ قاهِرِ
وَلا زِلْتَ وَرّاداً إِلى كُلِّ مَفْخَرٍ / مَوارِدَ مَحْمُودٍ سَعِيدِ الْمَصادِرِ
لَقَدْ دَلَّ تَشْرِيفُ الْخَلِيفَةِ أَنَّهُ / بِخَيْرِ بَنِي أَيّامِهِ خَيْرُ خابِرِ
وَأَنَّ لَهُ فِي حَوْطَةِ الدِّينِ هِمَّةً / بِها يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ مِنْ كُلِّ ناصِرِ
تَسَرْبَلْتَ عَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمُلْكَ فَخْرَهُ / وَما الْفَخْرُ إِلاّ لِلسُّيُوفِ الْبَواتِرِ
وما جَهِلَتْ نُعْماهُ عِنْدَكَ قَدْرَها / وَقَدْ كَشَفَتْ عَمّا طَوى فِي الْضّمائِرِ
وَما نَبَّهَتْ إِلاّ عَلَى ذِي نَباهَةٍ / كَما سُقِي الرَّوْضُ الْخَطِيبُ بِماطِرِ
وَما كانَ إِلاّ الْعَنْبَرَ الْوَرْدَ فِعْلُهُ / أُضِيفَ إِلى نَشْرٍ مِنَ الْمِسْكِ عاطِرِ
وَما شاءَ إلاّ أَنْ تُحَقِّقَ عِنْدَهُ / مَحَلَّكَ مِنْ طاوٍ هَواهُ وَناشِرِ
وَأَنَّكَ مَعْقُودٌ بِأَكْبرِ هِمَّةٍ / وَأَنَّكَ مَعْدُودٌ لَهُ فِي الذَّخائِرِ
وَلَيْسَ يَبِينُ الدَّهْرَ إِخْلاصُ باطِنٍ / إذا أَنْتَ لَمْ تُدْلَلْ عَلَيْهِ بِظاهِرِ
رَآكَ بِعَيْنِ اللُّبِّ أَبْعَدَ فِي الْعُلى / وَأَسْعَدَ مِنْ زُهْرِ النُّجُومِ الْبَواهِرِ
وَأَبْهى مَحَلاً فِي الْقُلُوبِ وَمَوْقِعاً / وَأَشْهى إِلى لَحْظِ الْعُيُونِ النَّواظِرِ
وَأَطْعَمَ فِي الَّلأْواءِ والدَّهْرُ ساغِبٌ / وَأَطْعَنَ فِي صَدْرِ الْكَمِيِّ الْمَغامِرِ
فَناهَزَ فَخْراً باصْطِفائِكَ عاجِلاً / عَلَى كُلِّ باقٍ فِي الزّمانِ وَغابِرِ
وَما ذاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَلِيفَةِ مُنْكَرٌ / وَلا عَجَبٌ فيض البحور الزواخر
وما عد إلا من مناقبه التي / مثلن بِهِ فِي الفِعْلِ طِيبَ الْعَناصِرِ
وَما كانَ تَأْثِيلٌ شَرِيفٌ وَسُؤْدُدٌ / لِيُنْكَرَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى وَالْبَصائِرِ
وأَنْتَ الَّذِي مِنْ بَأْسِهِ فِي جَحافِلٍ / وَمِنْ مَجْدِهِ فِي أُسْرَةٍ وَعَشائِرِ
بِعَزْماتِ مَجْدٍ ثاقِباتٌ هُمُومُها / وَآراءِ مَلْكٍ مُحْصَداتِ الْمَرائِرِ
يَراها ذَوُو الأَضْغانِ بَثَّ حَبائِلٍ / وَما هِيَ إلاّ أَسْهُمٌ فِي الْمَناحِرِ
وَآياتُ مَجْدٍ باهِراتٌ كَأَنَّها / بَدائِعُ تَأْتِي بِالْمَعانِي النَّوادِر
وَأَخْلاقُ مَعْشُوقِ السَّجايا كَأَنَّما / سَقاكَ بِها كَأْسَ النَّدِيمِ الْمُعاقِرِ
يَبيتُ بَعِيداً أَنْ تُوَجَّهَ وَصْمَةٌ / عَلَى عِرْضِهِ والدَّهْرُ باقِي الْمَعايرِ
إِذا دَفَعَ الطُّلابَ إِلْحاحُ لَزْبَةٍ / فأَنْتَ الَّذِي لا يَتَّقِي بِالْمُعاذِرِ
وَما لِلْبُدُورِ أَنْ تَكُفَّ ضِياءَها / وَلا الْبُخْلُ فِي طَبْعِ الْغَمامِ البَواكِرِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَتْعَبْتَ بِالْحَمْدِ مَنْطِقِي / وَأَكْثَرتَ مِنْ شُغْلِ الْقَوافِي السَّوائِرِ
وَما نَوَّهَتْ مِنْكَ الْقَوافِي بِخامِلٍ / وَلكِنْ رَأْيْتُ الشِّعْرَ قَيْدَ الْمَفاخِرِ
إِذا أَنْتَ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْكَ جانِباً / فَمَنْ يَقْتَنِي الْحَمْدَ اقْتِناءَ الْجَواهِرِ
وَما زِلْتَ مَشْغُوفاً لَدَيَّ مُتَيَّماً / بِكُلِّ رَداحٍ مِنْ بَناتِ الْخَواطِرِ
لَهُنَّ إِذا وافَيْنَ مَجْدَكَ قُرْبَةُ الْ / حِسانِ وَدَلُّ الآنِساتِ الْغَرائِرِ
يَرِدْنَ رَبِيعاً مِنْ جَنابِكَ مُمْرِعاً / وَيَرْتَعْنَ فِي إِثْرِ الْغُيُومِ الْمَواطِرِ
وَإِنِّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ قَصِيدَةٍ / إِذا قِيلَ شِعْرٌ أَقْحَمَتْ كُلَّ شاعِرِ
فَمِنْ كَلِمٍ يَكْلُمِنْ أَكْبادَ جُسَّدِي / وَمِنْ فِقَرٍ تَرْمِيهِمْ بِالفَواقِرِ
ألا لَيْتَ شِعَرِي هَلْ أَفُوزُ بِدَوْلَةٍ / تُصَرِّفُ كَفِّي فِي عِنانِ الْمَقادِرِ
وَهَلْ تَنَهْضُ الأَيّامُ بِي فِي مَقاوِمٍ / تَطُولُ بِناهٍ لِلزَّمانِ وَآمِرِ
فإِنَّ مِنَ الْعَجْزِ الْمُبِينِ وَأَنْتَ لي / نُزُولِي عَلَى حُكْمِ اللَّيالِي الْجَوائِرِ
نَشَدْتُكَ لا تُعْدِمِ الرّاحَ راحا
نَشَدْتُكَ لا تُعْدِمِ الرّاحَ راحا / وَلا تَمْنَعَنَّ الصَّبُوحَ الصَّباحا
فَقَدْ أَصْبَحَ الْغَيْثُ يَكْسُو الْجَمالَ / وُجُوهاً مِنَ الأَرْضِ كانَتْ قِباحا
يُعِيدُ إلى الْعُودِ إِيراقَهُ / وَيَهْتَزُّهُ بِالنَّسِيمِ ارْتِياحا
بَكى رَحْمَةً لِجُدُوبِ الْبِلادِ / وَحَنَّ اشْتِياقاً إِلَيْها فَساحا
وَسَحَّ كَما غَلَبَ الْمُسْتَها / مَ وَجْدٌ فَأَجْرى دُمُوعاً وَباحا
كَأَنَّ الْغُيُومُ جُيُوشٌ تَسُومُ / مِنَ الْعَدْلِ فِي كُلِّ أَرْضٍ صَلاحا
إِذا قاتَلَ الْمَحْلَ فِيها الْغَمامُ / بِصَوْبِ الرَّهامِ أَجادَ الْكِفاحا
فَوافاهُ يَحْمِلُ مِنْ طَلِّهِ / وَمِنْ وَبْلِهِ لِلقِّاءِ السِّلاحا
يُقَرْطِسُ بِالطَّلِّ فِيهِ السِّهامَ / وَيُشْرِعُ بِالْوَبْلِ فِيهِ الرِّماحا
وَسلَّ عَلَيْهِ سُيُوفَ البُرُوقِ / فَأَثْخَنَ بِالضَّرْبِ فِيهِ الْجِراحا
تَرى أَلْسُنَ النَّوْرِ تُثْنِي عَلَيْهِ / فَتَعْجَبُ مِنْهُنَّ خُرْساً فِصاحا
كَأَنَّ الرِّياضَ عَذارى جَلَوْنَ / عَلَيْكَ مَلابِسَهُنَّ الْمِلاحا
وَقَدْ غادَرَ الْقَطْرُ مِنْ فَيْضِهِ / غَدِيراً هُوَ السَّيْلُ حَلَّ الْبِطاحا
إِذا صافَحَتْهُ هَوافِي الرِّياحِ / تَمَوَّجَ كَالطِّرْفِ رامَ الْجِماحا
وَدِيكاً تَرى الصُّفْرَ جِسْماً لَهُ / وَمِن فِضَّةٍ رِيشهُ وَالْجَناحا
إِذا الماءُ راسَلَهُ بِالْخَرِي / رِ أَحْسَنَ تَغْرِيدَهُ وَالصِّياحا
لَهُ شِيمَتانِ مِنَ الْمَكْرُماتِ / يُرِيكَ الْوَقارَ بِها وَالْمِراحا
إِذا هَمَ مِنْ طَرَبٍ أَنْ يَطِيرَ / لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْ حَياءٍ بَراحا
إِذا ما تَغَنّى أَغارَ الْحَمامَ / فَرَجَّعَ أَلْحانَهُ ثُمَّ ناحا
غَداةٌ غَدا الْيَوْمُ فِيها صَرِيحاً / وَأَضْحى الْغَمامُ لَدَيْها صُراحا
كَأَنَّ حَياها يُجارِي الأَمِيرَ / لِيُشْبِهَ مَعْرُوفَهُ وَالسَّماحا
وَكَيْفَ يُشاكِلُ مَنْ لا يُغِ / بُّ مَجْداً مَصُوناً وَمالاً مُباحا
أَعّمَّ نَوالاً مِنَ الْبَحْرِ فاضَ / وَأَطْيَبَ نَشراً مِنَ الْمِسْكِ فاحا
فَدُونَكَ فاشْرَبْ كُؤُوساً تُصِيبُ / مِزاجاً لَهُنَّ السُّرُورَ الْقَراحا
إِذا ما جَلَوْنا عُرُوسَ الْمُدامِ / أَجالَ الْحَبابُ عَلَيْها وِشاحا
وَقَدْ فَسَحَ الوَصْلَ لِلْعاشِقينَ / فَصادَفَ مِنْهُمْ صُدُوراً فِساحا
إِذا كَرُمَ الدَّهْرُ فِي عَصْرِنا / فَكَيْفَ نَكُونُ عَلَيْهِ شِحاحا
أَهْدى الأَمِيرُ إِلَيْكَ خَيْرَ تَحيَّةٍ
أَهْدى الأَمِيرُ إِلَيْكَ خَيْرَ تَحيَّةٍ / مِنْ خَيْرِ بَسّامٍ أَغَرَّ بَشُوشِ
عَضْبٌ لأَكْرَمِ دَوْلَةٍ وَبَهاءُ اَش / رَفِ مِلَّةٍ وَزَعِيمُ أَيِّ جُيُوشِ
مِنْ نَرْجِسٍ وَبَنَفْسَجٍ غَضٍّ وَتُفَّ / احٍ كَوَشْيِ الْحُلَّةِ الْمَرْشُوشِ
جُمَلٌ كَما قُضِيَتْ مَواعِدُ عاشِقٍ / مِنْ ناصِحٍ فِي الْحُبِّ غَيْرِ غَشُوشِ
فَكَأَنَّها وَجْهُ الْحَبِيبِ إِذا رَنا / وَبِخَدِّهِ أَثَرٌ مِنَ التَّجْمِيشِ
لَنا مَجْلِسٌ ما فِيهِ لِلْهَمِّ مَدْخَلٌ
لَنا مَجْلِسٌ ما فِيهِ لِلْهَمِّ مَدْخَلٌ / وَلا مِنْهُ يَوْماً لِلْمَسَرَّةِ مَخْرَجُ
تَضَمَّنَ أَصْنافَ المَحاسِنِ كُلَّها / فَلَيْسَ لِباغِي الْعَيْشِ عَنْهُ مُعَرَّجُ
غِناءً إِلى الفِتْيانِ أَشْهى مِنَ الْغِنى / بِهِ الْعَيْشُ يَصْفُو وَالْهُمُومُ تُفَرَّجُ
يَخِفُّ لَهُ حِلْمُ الْحَليمِ صَبابَةً / وَيَصْبُو إِلَيْهِ النّاسِكُ الْمُتَحَرِّجُ
وَرَوْضاً كَأَنَّ الْقَطْرَ غاداهُ فَاغْتدى / يَضُوعُ بِمِسْكِيِّ النَّسيمِ وَيَأْرَجُ
تَرى نُكَتَ الأَزْهارِ فِيه كأَنَّها / كَواكِبُ فِي أُفْقٍ تُنِيرُ وتُسْرَجُ
وَيذْكِرُكمَ الأَحْبابَ فِيهِ بَدائِعٌ / مِنَ النَّوْرِ مِنْها نَرْجِسٌ وَبَنَفْسَجُ
فَهذا كَما يَرْنُو إِلَيْكَ بِطَرْفِهِ / أَغَنُّ غَرِيرٌ فَاتِنُ الطَّرْفِ أَدْعَجُ
وَهذا كَما حَيّا بِخَطِّ عِذارِهِ / مِنَ الهيِفِ مَمْشُوقُ العِذارِ مُعَرَّجُ
غَرِيبُ افْتِتانِ الدَّلِّ فِي الْحُسْنِ لَمْ يَزَلْ / تُعَقْربُ أَصْداغٌ لَهُ وَتُصَوْلَجُ
وَمَعْشُوقُ نارَنْجٍ يُرِيكَ احْمِرارُهُ / خُدُودَ عَذارى بِالْعِتابِ تُضَرَّجُ
وَنارٌ تُضاهِيها الْمُدامُ بِنُورِها / فَتَخْمُدُ لكِنَّ الْمُدامَ تَأَجَّجُ
كُؤوسٌ كَما تَهْوى النُّفُوسُ كَأَنَّها / بِنَيْلِ الأَمانِي وَالْمَآرِبِ تُمْزَجُ
كَأَنَّ الْقَنانِي والصّوانِي لِناظِرٍ / نُجُومُ سَماءٍ سائِراتٌ وَأَبْرُجُ
مَعانٍ كَأَخْلاقِ الأَمِيرِ مَحاسِناً / وَلكِنَّهُ مِنْهُنَّ أَبْهى وَأَبْهَجُ
كَأَنّا جَمِيعاً دُونَهُ وَهْوَ واحِدٌ / بِساحِلِ بَحْرٍ رِيعَ مِنْهُ الْمُلَجِّجُ
أَغَرُّ غَرِيبُ المَكْرُماتِ بِمِثْلِهِ / تَقَرُّ عُيُونُ الْمَكْرُماتِ وَتَثْلَجُ
هُوَ الْبَحْرُ لكِنْ عِنْدَهُ الْبَحْرُ باخِلٌ / هُوَ الْبَدْرُ لكِنْ عِندَهُ الْبَدْرُ يَسْمُجُ
شَرَفاً لِمَجْدِكَ بانِياً وَمُقَوِّضاً
شَرَفاً لِمَجْدِكَ بانِياً وَمُقَوِّضاً / وَلِسعْدِ جَدِّكَ ناهضاً أَوْ مُنْهِضا
إِمّا أَقَمْتَ أَوِ ارْتَحَلْتَ فَلِلْعُلى / وَالسَّيْفُ يُشْرُفُ مُغْمَداً أَوْ مُنْتَضا
لَقَضى لَكَ اللهُ السَّعادَةَ آيِباً / أَوْ غائِباً وَالله أَعْدَلُ مَنْ قَضا
تقِصُ الأَعادي ظاعِناً أَوْ قاطِناً / واللَّيْثُ أَغْلَبُ مُصْحِراً وَمُغَيِّضا
مُسْتَعْلِياً إِنْ جَدَّ سَعْيُكَ أَوْ وَنى / وَمُظَفَّراً إِنْ كَفَّ عَزْمُكَ أَوْ مَضا
حَزْماً وَإِقْداماً وَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ / بَأْسُ الضَّراغِمِ وُثَّباً أَوْ رُبَّضا
وَإِلَيْكَ عَضْبَ الدَّوْلَةِ الْماضِي الشَّبا / أَلْقى مَقالِدَهُ الزَّمانُ وَفَوَّضا
فَإِلى ارْتِياحِكَ يَنْتَمِي صَوْبُ الْحَيا / وَعَلَى اقْتِراحِكَ ينْتَهِي صَرْفُ الْقَضا
يا مَنْ إِذا نَزَعَ الْمُناضِلُ سَهْمَهُ / يَوْماً كَفاهُ مُناضِلاً أن يُنْبِضا
وَإِذا النَّدى عَزَّ الطِّلابَ مُصَرِّحاً / بَلَغَ المُنى راجِي نَداهُ مَعُرِّضا
أَرْعَيْتَ هذا الْمُلْكَ أَشْرَفَ هِمَّةٍ / تَأْبى لِطَرْفِكَ طَرْفَةً أَنْ يُغْمِضا
حصَّنْتَ هَضْبَةَ عِزِّهِ أَنْ تُرْتَقى / وَمَنَعْتَ عالِيَ جَدِّهِ أَنْ يُخْفَضا
وَحَمَيْتَ بِالجُنْدَيْنِ طَوْلِكَ وَالنُّهى / مَبْسُوطَ ظِلِّ الْعَدْلِ مِنْ أَنْ يُقْبَضا
أَشْرَعْتَ حَدَّ صَوارِمٍ لَنْ تختطا / وَشَرَعْتَ دِينَ مَكارمٍ لَنْ يُقْبَضا
ما إِنْ تُؤَيِّدُهُ بِبَأْسٍ يُتَّقى / حَتّى تُشَيِّدَهُ بِسَعْيٍ مُرْتَضا
وَلَقَدْ نَعَشْتَ الدِّينَ أَمْسِ مِنَ الَّتِي / ما كادَ واصِمُ عارِها أَنْ يُرْحَضا
حِينَ اسْتَحالَ بِها الْعُقُوقُ نَدامَةً / وَأَخَلَّ راعِيها الْمُضِلُّ فَأَحْمَضا
وَغَدا الْمَرِيضَ بِها الَّذِي لا يُهْتَدى / لِشِفائِهِ مَنْ كانَ فِيها الْمُمْرِضا
لَمّا دَجا ذاكَ الظَّلامُ فَلَمْ يَكُنْ / مَعَهُ لِيغْنِينا الصَّباحُ وَإِنْ أَضا
إِذْ باطِلُ الأَقْوامِ أَكْثَرُ ناصِراً / وَالْحَقُّ مَدْفُوعُ الدَّلِيلِ لِيَدْحَضا
وَالنُّصْحُ مُطَّرَحٌ مُذالٌ مَحْضُهُ / إِنْ كانَ يُمْكِنُ ناصِحاً أَنْ يَمْحَضا
حَتّى أَقَمْتَ الْحَزْمَ أَبْلَغَ خاطِبٍ / فِيها فَحَثَّ عَلَى الصَّلاحِ وَحَضَّضا
يَثْنِي بِوَجْهِ الرَّأْيِ وَهْوَ كَأَنَّهُ / ماءُ الْغَدِيرِ حَسَرْتَ عَنْهُ الْعَرْمَضا
حَتّى اسْتَضاءَ كَأَنَّما كَشَفَتْ بِهِ / كَفَّاكَ فِي الظَّلْماءِ فَجْراً أَبْيَضا
لَمْ تُبْدِ إِلاّ لَحْظَةً أَوْ لَفْظَةً / حتّى فَضَضْتَ الْجَيْشَ قَدْ مَلأَ الْفَضا
دانَيْتَ بَيْنَ قُلُوبِ قَوْمِكَ بَعْدَما / شَجَتِ الْوَرى مُتَبايِناتٍ رُفَّضا
وَرَفَعَتْ ثَمَّ بِناءَ مَجْدٍ شامِخٍ / لَوْ لَمْ تَشِدْهُ لَكادَ أَنْ يَتَقَوَّضا
مِنْ بَعْدِ ما أَحْصَدْتَ عَقْدَ مَواثِقٍ / يَأْبى كَريمُ مُمَرِّها أَنْ يُنْقَضا
لِلهِ أَيَّةُ نِعْمَةٍ مَحْقُوقَةٍ / بِالشُّكْرِ فِيكَ وَأَيُّ سَعْدٍ قُيِّضا
أَخَذَ الزَّمانُ فَما أَلِمْنا أَخْذَهُ / إِذْ كانَ خَيْراً منْهُ ما قدْ عَوَّضا
وَلَقَدْ نَعَشْتَ الدِّينَ أَمْسِ مِنَ الَّتِي / ما كادَ واصِمُ عارِها أَنْ يُرْحَضا
حِينَ اسْتَحالَ بِها الْعُقُوقُ نَدامَةً / وَأَخَلَّ راعِيها الْمُضِلُّ فَأَحْمَضا
وَغَدا الْمَرِيضَ بِها الَّذِي لا يُهْتَدى / لِشِفائِهِ مَنْ كانَ فِيها الْمُمْرِضا
لَمّا دَجا ذاكَ الظَّلامُ فَلَمْ يَكُنْ / مَعَهُ لِيغْنِينا الصَّباحُ وَإِنْ أَضا
إِذْ باطِلُ الأَقْوامِ أَكْثَرُ ناصِراً / وَالْحَقُّ مَدْفُوعُ الدَّلِيلِ لِيَدْحَضا
وَالنُّصْحُ مُطَّرَحٌ مُذالٌ مَحْضُهُ / إِنْ كانَ يُمْكِنُ ناصِحاً أَنْ يَمْحَضا
حَتّى أَقَمْتَ الْحَزْمَ أَبْلَغَ خاطِبٍ / فِيها فَحَثَّ عَلَى الصَّلاحِ وَحَضَّضا
يَثْنِي بِوَجْهِ الرَّأْيِ وَهْوَ كَأَنَّهُ / ماءُ الْغَدِيرِ حَسَرْتَ عَنْهُ الْعَرْمَضا
حَتّى اسْتَضاءَ كَأَنَّما كَشَفَتْ بِهِ / كَفَّاكَ فِي الظَّلْماءِ فَجْراً أَبْيَضا
لَمْ تُبْدِ إِلاّ لَحْظَةً أَوْ لَفْظَةً / حتّى فَضَضْتَ الْجَيْشَ قَدْ مَلأَ الْفَضا
دانَيْتَ بَيْنَ قُلُوبِ قَوْمِكَ بَعْدَما / شَجَتِ الْوَرى مُتَبايِناتٍ رُفَّضا
وَرَفَعَتْ ثَمَّ بِناءَ مَجْدٍ شامِخٍ / لَوْ لَمْ تَشِدْهُ لَكادَ أَنْ يَتَقَوَّضا
مِنْ بَعْدِ ما أَحْصَدْتَ عَقْدَ مَواثِقٍ / يَأْبى كَريمُ مُمَرِّها أَنْ يُنْقَضا
لِلهِ أَيَّةُ نِعْمَةٍ مَحْقُوقَةٍ / بِالشُّكْرِ فِيكَ وَأَيُّ سَعْدٍ قُيِّضا
أَخَذَ الزَّمانُ فَما أَلِمْنا أَخْذَهُ / إِذْ كانَ خَيْراً منْهُ ما قدْ عَوَّضا
فَإِلَيْكَ مَجْدَ الدِّينِ غُرَّ قَصائِدٍ / أَسْلَفْتَهُنَّ جَمِيلَ صُنْعِكَ مُقْرِضا
وَبَلَوْتَهُنَّ وَإِنَّما يُنْبِيكَ عَنْ / فَضْلِ الْجِيادِ وَسَبْقِها أَنْ تُرْكضا
مَمَا تَنَخَّلَه وَحَصَّلَ ماهِرٌ / فَضَلَ الْبَرِيَّةَ ناثِراً وَمُقَرِّضا
رَقَّتْ كَما رَقَّ النَّسِيمُ بِعَرْفِهِ / مَرِضاً وَلَيْسَ يَصِحُّ حتّى يَمْرَضا
يُخْجِلْنَ ما حاكَ الرَّبِيعُ مُفَوَّفاً / وَيَزْدْنَهُ خَجَلاً إِذا ما رَوَّضا
وَكَأنَّ نُوّارَ الثُّغُورِ مُقَبَّلاً / فِيها وَتُفّاحَ الْخُدُودِ مُعَضَّضَا
تُهْدى إِلى مَلِكٍ نَداُ مَعْقِلٌ / حَرَمٌ إِذا خَطْبٌ أَمَضَّ وَأَرْمَضا
عارِي الشَّمائِلِ مِنْ حَبائِلِ غَدْرَةٍ / يُمْسِي بِها الْعِرْضُ الْمَصُونُ مُعَرَّضا
لا يُمْطِرُ الأَعْداءَ عارِضُ بَأْسِهِ / إِلاّ إِذا بَرْقُ الصَّوارِمِ أَوْمَضا
أَثْرى مِنَ الْحَمْدِ الزَّمانُ بِجُودِهِ / وَلَقَدْ عَهِدْناهُ الْمُقِلَّ الْمُنْفِضا
كُلٌّ عَلى ذَمِّ اللَّيالِي مُقْبِلٌ / ما دامَ عَنْهُ الْحَظُّ فِيها مُعْرِضا
فَلأمْنَحَنَّكَ ذا الثَّناءَ مُحَبَّباً / ما دامَ مَدْحُ الْباخِلِينَ مُبَغَّضا
أُثْنِي عَلَى مَنْ لَمْ أَجِدْ مُتَحَوَّلاً / عَنْهُ وَلا منْ جُودِهِ مُتَعَوّضا
ما سَوَّدَ الدَّهْرُ الْخَؤونُ مَطالِبي / إِلاّ مَحا ذاكَ السَّوادَ وَبَيَّضا
مَنْ لَمْ يَرِدْ جَدْوى أَنامِلِكَ الَّتي / كُرِّمْنَ لَمْ يَرِد الْبُحُورَ الْفُيَّضا
أَلا أَيُّها الْعَضْبُ الَّذِِي لَيْسَ نابِياً
أَلا أَيُّها الْعَضْبُ الَّذِِي لَيْسَ نابِياً / وَلا مُغْمَداً بَلْ مُصْلَتاً فِي الْحَوادِثِ
رَأَيْتُكَ تَدْعُونِي إِلى مَدْحِ مَعْشَرٍ / تَفُوقُهُمُ عِنْدَ الخُطُوبِ الْكَوارِثِ
وَإِنِّي وَمَدْحِيهِمْ وَتَرْكَكَ كَالَّذِي / رَأَى الْجدَّ أَوْلى أَنْ يُناطَ بِعابِثِ
وَكُنْتُ عَلَى عَهْدِ اصْطِناعِكَ ثابِتاً / فَلَسْتُ لَهُ ما عِشْتُ يَوْماً بِناكِثِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025