القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 307
سَل عن فؤادِك حين طاشَ بك الهَوى
سَل عن فؤادِك حين طاشَ بك الهَوى / إِن كنتَ تملِكُ في الغَرام فؤادا
هَيهات عَهدي يوم مُنعَرجِ اللِوى / قادَت أَزمَّتَه الهَوى فاِنقادا
شَفى ابنُ أَبي الحديد صدورَ قَومٍ
شَفى ابنُ أَبي الحديد صدورَ قَومٍ / بشَرح كلام ذي المَجدِ المَجيدِ
فَلَم أَرَ شارِحاً للصدرِ نَهجاً / كَشَرحِ النَهج لاِبنِ أَبي الحَديدِ
هُم نَقَضوا عَهدَ الوِدادِ وأَقبَلوا
هُم نَقَضوا عَهدَ الوِدادِ وأَقبَلوا / يَرمونَ من قَلبي البَقاءَ على العَهدِ
يَقولون لو تَصفو صَفَونا وَهيهمُ / وفوا بالَّذي قالوا فَماذا الَّذي يُجدي
أَلَم يَسمَعوا قَولَ الوشاة وَجاهَروا / على غير ذَنبٍ بالقَطيعَةِ والصَدِّ
وَذي هَيفٍ ما زالَ بالرَملِ مولَعاً
وَذي هَيفٍ ما زالَ بالرَملِ مولَعاً / إِذا ما سأَلتُ الوَصلَ منه تَبلَّدا
وَوَشّى نَقيَّ الخَدِّ منه بحمرَةٍ / فَقُلتُ طَريقٌ للوِصال تولَّدا
مِن أَينَ يا ريحَ الصَبا هَذا الشَذا
مِن أَينَ يا ريحَ الصَبا هَذا الشَذا / إِن كانَ من حَيِّ الحَبيبِ فحبَّذا
باللَه هَل يمَّمتَ شَرقيَّ الحِمى / ووردتَ مَنهَلَه المصون عن القَذى
أَم هَل سحبتَ الذَيلَ بين أَراكِهِ / فأَخذتَ من تلك الشَمائِل مأخَذا
أَم هَل حَظيتَ بلثم مَسحب بُردِه / فكسبتَ من أَنفاسِه طيبَ الشَذا
وَبمُهجَتي إِن كانَ يَرضاه فِدىً / رشأ على كُلِّ القُلوب اِستَحوَذا
لَمّا رأَت منه المحيّا عُذَّلي / فدّاه كُلٌّ بالنُفوس وعوَّذا
وَغَدا يَقولُ مكلِّفي بسلوِّه / ما كُنتُ أَحسَبُ من كُلِفتَ به كَذا
لَمّا جلا ياقوتَ صفحةِ خَدِّه / أَبدى لنا من عارضَيه زُمرُّذا
وَرَمى القُلوبَ فكانَ سَهمُ لحاظِهِ / أَمضى من السَهم المُصيب وأَنفَذا
لَيتَ الَّذي أَورى بِقَلبي حُبَّه / أَنجاه من نارِ الصُدود وأَنقَذا
وَعلى جَفاهُ ما أَلَذَّ غَرامَهُ / لَو كُنتُ أَسلمُ في هَواهُ من الأَذى
ظنَّ العذولُ بأن هَداني نصحُه / بعدَ الضَلال وما هدى لكن هَذى
سَفرَت أُميمةُ لَيلةَ النَفرِ
سَفرَت أُميمةُ لَيلةَ النَفرِ / كالبَدرِ أَو أَبهى مِن البَدرِ
نزلت مِنىً تَرمي الجمارَ وقد / رَمتِ القلوبَ هناك بالجَمرِ
وَتنسَّكت تَبغي الثَوابَ وَهَل / في قَتل ضَيفِ اللَه من أَجرِ
إِن حاولت أَجراً فقد كسبَت / بالحَجِّ أَضعافاً من الوِزرِ
نحرَت لواحظُها الحَجيجَ كَما / نحرَ الحَجيجُ بَهيمَةَ النَحرِ
تَرمي وما تَدري بما سَفكت / منها اللَواحِظُ من دَمٍ هَدرِ
اللَه لي من حبِّ غانيَةٍ / تَرمي الحَشا مِن حيث لا تَدري
بَيضاءَ من كَعبٍ وكَم مَنعَت / كَعبٌ لها من كاعِبٍ بِكرِ
زعمَت سُلوّي وهي ساليَةٌ / كلّا وربِّ البَيتِ وَالحِجرِ
ما قَلبُها قَلبي فأَسلوها / يَوماً ولا مِن أَمرِها أَمري
أَبكي وَتَضحَكُ إِن شكوتُ لها / حدَّ الصدود ولوعةَ الهِجرِ
وَعلى وُفورِ ثَرايَ لي وَلَها / ذلُّ الفَقير وعزَّةُ المُثري
لَم يُبقِ منّي حُبُّها جَلَداً / إِلّا الحَنين ولاعجَ الذِكرِ
وَيَزيدُ غَليَ الماءِ ما ذُكرَت / وَالماءُ يُثلجُ غلَّةَ الصَدرِ
قد ضَلَّ طالِبُ غادَةٍ حُميَت / في قومها بالبيض والسُمرِ
وَمؤنّبٍ في حبِّها سَفَهاً / نَهنَهتُهُ عَن منطقِ الهُجرِ
يَزدادُ وَجدي في مَلامَتِهِ / فكأَنَّه بِمَلامِه يُغري
لا يكذبنَّ الحُبُّ أَليقُ بي / وبشيمَتي من سُبَّةٍ الغَدرِ
هَيهاتَ يأبى الغَدرَ لي نَسَبٌ / أُعزى بِهِ لِعليٍّ الطُهرِ
خيرِ الوَرى بعدَ الرَسولِ ومَن / حازَ العُلى بِمَجامِعِ الفَخرِ
صِنو النَبيِّ وَزَوجِ بضعَتِه / وأَمينه في السِرِّ وَالجَهرِ
إِن تُنكر الأَعداءُ رُتبتَه / شَهِدت بها الآياتُ في الذِكرِ
شكرت حُنينُ له مساعيَه / فيها وَفي أُحُدٍ وفي بَدرِ
سَل عنه خَيبرَ يَومَ نازَلَها / تُنبيكَ عن خَبَرٍ وعن خُبرِ
مَن هَدَّ منها بابَها بيَدٍ / وَرَمى بها في مَهمَهٍ قَفرِ
واِسأل براءَةَ حين رتَّلها / من ردَّ حاملَها أَبا بكرِ
وَالطَيرَ إِذ يَدعو النَبيُّ له / من جاءَه يَسعى بلا نُذرِ
وَالشَمسَ إذ أَفلَت لمن رَجَعت / كيما يُقيمَ فريضةَ العَصرِ
وَفراشَ أَحمدَ حين هَمَّ به / جمعُ الطُغاة وعصبةُ الكفرِ
من باتَ فيه يَقيهِ مُحتَسِباً / من غير ما خَوفٍ ولا ذُعرِ
وَالكَعبةَ الغَرّاء حين رَمى / من فوقها الأَصنامَ بالكسرِ
من راحَ يَرفعُه ليَصعَدَها / خَيرُ الوَرى منه على الظَهرِ
وَالقَوم من أَروى غَليلَهُمُ / إذ يَجأرون بمَهمَهٍ قَفرِ
وَالصَخرةَ الصَمّاءَ حوَّلَها / عن نهر ماءٍ تَحتَها يَجري
وَالناكثينَ غداةَ أَمَّهُمُ / من ردَّ أُمَّهُمُ بلا نُكرِ
وَالقاسطينَ وقد أَضَلَّهُمُ / غيُّ اِبنِ هندَ وخِدنِه عَمرِو
مَن فَلَّ جيشَهُمُ على مَضَضٍ / حتّى نَجوا بخدائع المَكرِ
وَالمارقينَ من اِستباحهُمُ / قَتلاً فَلَم يُفلِت سوى عَشرِ
وَغَديرَ خُمٍّ وهو أَعظَمُها / من نالَ فيه ولايةَ الأَمرِ
واِذكر مُباهَلَةَ النَبيِّ به / وَبزوجه واِبنَيه للنَفرِ
واِقرأ وأَنفُسَنا وأَنفُسَكُم / فَكَفى بها فَخراً مَدى الدَهرِ
هَذي المَكارِمُ وَالمفاخرُ لا / قَعبان من لَبنٍ ولا خَمرِ
وَمناقبٍ لَو شئتُ أَحصُرها / لحصِرتُ قبل الهَمِّ بالحَصرِ
وإِلى أَمير المؤمنين سَرَت / تَبغي النَجاحَ نجائبُ الفكرِ
من كُلِّ قافيَةٍ مهذَّبَةٍ / خلَصَت خلوصَ سبيكة التَبرِ
تَرجو بساحتِه لمُرسِلِها / محوَ الذنوب وحطَّة الوِزرِ
وَمطالبٍ شَتّى ستجمعُها / بالنُجح منه عوائدُ البِرِّ
يا خَيرَ من أَمَّ العفاةُ له / في الدَهرِ من بَرٍّ ومن بحرِ
إِنّي قصَدتُك قصدَ ذي أَمَلٍ / يَرجوكَ في عَلَنٍ وفي سِرِّ
لتردَّ عَنّي كُلَّ فادِحَةٍ / وَتفكَّ من قَيدِ الأَسى أَسري
فَلَقَد تَرى ما طالَ بي أَمَداً / من فادح اللأواءِ والعُسرِ
فاِسمح بنُجحِ مآربي عَجِلاً / واِمنُن بِما يَعلو به قَدري
وَسعادةُ الدارين أَنت لَها / فَلَقَد جعلتُك فيهما ذُخري
وإِليكَها غَرّاءَ غانيَةً / رامت بمدحك أَكرمَ المَهرِ
نظمت قَريحتيَ الكلام لها / نظمَ الصَناعِ قَلائدَ الدُرِّ
قد أَعجزَت بِبَديع مِدحَتِها / أَهلَ البَديع وَصاغَةَ الشِعرِ
جلَّت بوَصفِكَ عن مُعارضَةٍ / بالعَصر بل في سالف العَصرِ
لَولا مَديحُكَ صانَها شَرَفاً / عُدَّت لرقَّتها من السِحرِ
ثمّ الصَلاةُ مع السَلام عَلى / خيرِ الهداة وَشافِعِ الحَشرِ
وَعَليكَ يا من حازَ كلَّ عُلاً / وَعلى بنيك الأَنجُم الزُهرِ
ما لاحَ وسطَ أَريكةٍ قَمَرٌ / أَو ناحَ فوقَ أَراكة قُمري
إذا ما اِمتَطَيتُ الفُلكَ مقتحمَ البَحرِ
إذا ما اِمتَطَيتُ الفُلكَ مقتحمَ البَحرِ / وَولَّيتُ ظَهري الهندَ مُنشرح الصَدرِ
فَما لمليكِ الهِند إِن ضاقَ صَدرُهُ / عليَّ يَدٌ تَقضي بنهيٍ ولا أَمرِ
أَلَم يُصغِ للأَعداءِ سَمعاً وقد غدت / عقاربُهم نحوي بكيدِهمُ تَسري
فأوترَ قوسَ الظُلم لي وهو ساخِطٌ / وَسدَّد لي سَهمَ التغطرُسِ والكبرِ
وَسَدَّ عليَّ الطُرقَ من كُلِّ جانِبٍ / وهمَّ بما ضاقَت به ساحة الصَبرِ
إِلى أَن أَرادَ اللَهُ إِنفاذَ أَمرِهِ / على الرَغم منه في مَشيئته أَمري
فَرَدَّ عليه سهمَهُ نحوَ نحرِهِ / وَقلَّد بالنَعماءِ من فضله نَحري
وأَركبني فُلكَ النَجاةِ فأَصبحَت / على ثَبج الدأماءِ سابحةً تَجري
فأَمسَيتُ من تلك المخاوفِ آمناً / وَعادَت أُموري بعد عُسرٍ إِلى يُسرِ
وَكَم كاشِحٍ قد راشَ لي سِهم كَيدِهِ / هناك فأَضحى لا يَريشُ ولا يَبري
وما زالَ صُنعُ اللَه ما زالَ واثِقاً / به عَبدُهُ يُنجيهِ من حَيثُ لا يَدري
كأَنّي بفُلكي حين مَدَّت جَناحَها / وَطارَت مطارَ النسر حَلَّق عن وكرِ
أَسفَّت على المَرسى بشاطئِ جُدَّةٍ / فجدَّدَتِ الأَفراحَ لي طَلعةُ البَرِّ
وَهَبَّ نَسيمُ القُرب من نحو مكَّة / وَلاحَ سَنى البَيتِ المحرَّم والحِجرِ
وَسارَت رِكابي لا تَمَلُّ من السُرى / إِلى مَوطنِ التَقوى وَمُنتجَعِ البِرِّ
إِلى الكَعبَةِ البيتِ الحرام الَّذي عَلا / عَلى كُلِّ عالٍ من بناءٍ ومن قَصرِ
فَطفتُ به سَبعاً وَقبَّلتُ رُكنَه / وأَقبلتُ نحو الحِجر آوي إِلى حِجرِ
وَقَد ساغَ لي من ماءِ زمزمَ شَربةٌ / نقعتُ بها بَعد الصَدى غُلَّة الصَدرِ
هنالك أَلفيتُ المسرَّةَ والهَنا / وَفزتُ بما أَمَّلتُ في سالفِ الدَهرِ
وَقُمتُ بفرض الحَجِّ طوعاً لمن قَضى / على الناس حجَّ البيتِ مُغتَنم الأَجرِ
وَسِرتُ إِلى تلك المشَاعِر راجياً / من اللَه غُفرانَ المآثم والوِزرِ
وَجئتُ مِنىً وَالقَلبُ قد فازَ بالمُنى / وما راعَني بالخَيفِ خَوفٌ من النَفرِ
وَباكرتُ رميي لِلجِمار وإِنَّما / رَميتُ بها قَلب التَباعُدِ بالجَمرِ
أَقمنا ثَلاثاً ليتَها الدَهر كلَّه / إِلى أَن نَفرنا من مِنىً رابعَ العَشرِ
فأبتُ إِلى البَيتِ العَتيق مودِّعاً / له ناوياً عَودي إليه مَدى العُمرِ
ووجَّهتُ وَجهي نحو طَيبةَ قاصِداً / إِلى خير مَقصودٍ من البرِّ والبَحرِ
إِلى السيِّد البَرِّ الَّذي فاض بِرُّهُ / فوافيتُ مِن بحرٍ أَسيرُ إِلى برِّ
إِلى خيرَة اللَه الَّذي شَهِدَ الوَرى / له أَنَّه المُختارُ في عالَمِ الذَرِّ
فقبَّلتُ من مَثواهُ أَعتابَه الَّتي / أَنافَت على هام السِماكَين والنَسرِ
وعفّرتُ وَجهي في ثَراهُ لوجهِهِ / وَطابَ لي التَعفيرُ إِذ جئتُ عن عُفرِ
فَقُلتُ لِقَلبي قد برئتَ من الجوى / وَقُلتُ لِنَفسي قد نجوتِ من العُسرِ
وَقُلتُ لعيني شاهِدي نورَ حضرَةٍ / أَضاءَت به الأَنوارُ في عالَم الأَمرِ
أَتَدرينَ ما هَذا المَقامُ الَّذي سَما / عَلى قِممِ الأَفلاك أَم أَنتِ لم تَدري
مَقامُ النبيِّ المُصطَفى خير من وَفى / محمَّدٍ المحمود في مُنزَلِ الذِكرِ
رَسولِ الهُدى بحرِ النَدى منبعِ الجدا / مبيدِ العِدى مُروي الصَدى كاشِف الضُرِّ
هو المُجتَبى المُختارُ من آلِ هاشِمٍ / فَيا لك من فرع زَكيٍّ ومن نَجرِ
به حازَت العَليا لؤيُّ بن غالبٍ / وَفازَ به سَهما كنانة وَالنَضرِ
قَضى اللَه أَن لا يجمع الفضلَ غيرُهُ / فَكانَ إِليه مُنتهى الفَضلِ وَالفَخرِ
وأَرسلَه الرحمنُ للخلق رحمةً / فأنقذهم بالنور من ظلمةِ الكُفرِ
وأَودَعهُ العَلّامُ أَسرارَ علمهِ / فَكانَ عليها نعمَ مُستودَع السِرِّ
وأَسرى به في لَيلةٍ لسَمائِهِ / فَعادَ وَجَيبُ اللَيل ما شُقَّ عن فَجرِ
وأَوحى إليه الذكرَ بالحَقِّ ناطِقاً / بما قد جَرى في عِلمهِ وبما يَجري
فأَنزلَه في لَيلةِ القَدر جُملَةً / بِعِلمٍ وما أَدراك ما لَيلَةُ القَدرِ
ولقَّنهُ إِيّاهُ بعدُ مُنَجَّماً / نُجوماً تُضيءُ الأفق كالأَنجُم الزُهرِ
مفصَّل آياتٍ حَوَت كلَّ حِكمةٍ / وَمحكم أَحكامٍ تجلُّ عن الحَصرِ
وأَنهضَه بالسَيف للحَيفِ ماحياً / وأَيَّده بالفَتح منه وَبالنَصرِ
فَضاءَت به شَمسُ الهداية واِنجلَت / عَن الدين وَالدُنيا دُجى الغيِّ في بَدرِ
له خُلقٌ لَو لامَسَ الصَخرَ لاِغتدى / أَرَقَّ من الخَنساءِ تَبكي عَلى صَخرِ
وجودٌ لو اِنَّ البَحرَ أُعطي معينَه / جَرى ماؤُهُ عَذباً يمدُّ بِلا جَزرِ
إِذا عبَّس الدَهرُ الضَنينُ لبائِسٍ / تَلقّاه منه بالطَلاقة والبِشرِ
وإِن ضَنَّ بالغيث السحابُ تَهلَّلت / سحائبُ عَشرٌ من أَنامِله العَشرِ
فَفاضَت على العافين كفُّ نَواله / فَكَم كفَّ من عُسرٍ وكم فَكَّ من أَسرِ
وَكَم للنَبيِّ الهاشميِّ عوارِفٌ / يَضيق نطاقُ الحمد عنهنَّ وَالشكرِ
إِليك رَسولَ اللَه أَصبحتُ خائضاً / بحاراً يَغيض الصَبرُ في لُجِّها الغمرِ
على ما براني من ضنىً صحَّ برؤه / وَلَيسَ سوى رُحماك من رائِدٍ يَبري
فأَنعِم سَريعاً بالشِفاءِ لمُسقَمٍ / تقلِّبُه الأَسقامُ بطناً إلى ظَهرِ
وَخذ بنجاتي يا فديتُك عاجِلاً / من الضرِّ والبَلوى ومن خطر البَحرِ
عليك صَلاةُ اللَه ما اِخضرَّت الرُبى / وَماست غصونُ الروض في حللٍ خُضرِ
وآلِك أَربابِ الطَهارة والتُقى / وَصَحبِكَ أَصحابِ النَزاهة والطُهرِ
بالفَتح والنَصر هَذا السَيرُ وَالسفرُ
بالفَتح والنَصر هَذا السَيرُ وَالسفرُ / وَسرتَ يصحبُك الإقبالُ والظَفرُ
فَسِر بيُمنٍ فَعينُ اللّه ناظرَةٌ / إِليك ما اِرتدَّ طرفٌ أَو سما نظرُ
عليك من واقياتِ اللَه سابغةٌ / تقيكَ بأساً فلا خَوفٌ ولا حذرُ
مؤَيَّداً بجنودٍ من ملائكهِ / وحفظهُ لك مِمّا تَتَّقي وَزَرُ
ولا بَرحتَ مدى الأَيّام في شَرَفٍ / مُستَبشِراً بعُلاك الدَهرُ والبشرُ
وحاز ملكُك وجهَ الأَرض أَجمعها / واِستسلَمَت لِظُباكَ البدوُ والحضَرُ
وملَّكتكَ ملوكَ الأَرض قاطبةٌ / أَغاقَها إِن هُمُ غابوا وإن حضروا
ودمتَ ما دامَت الدنيا بمنزلةٍ / لم يرقَها النيّرانُ الشَمسُ والقَمَرُ
يا أَيُّها الملكُ المسعودُ طالعُه / لا زالَ يُسعِدُكَ التَدبيرُ والقَدرُ
أَنتَ الَّذي باِسمه السامي وطلعتِه / نالَ المُنى المدركان السمعُ والبصرُ
ما قيلَ هَذا شَهِنشاهُ الملوك بدا / سميُّ ثالثِ أَهل الذكر إِن ذُكروا
إِن رمت نولاً لمن أَمَّلت زَورتَه / وَهوَ الإمامُ الرِضا والسيِّدُ القمرُ
فقد أَتى مُفصِحاً تاريخُ زَورته / نول الرِضا وهو تاريخ له خطرُ
فصمِّم العَزمَ فيما قد قصدت له / فَما عليك بجاه المُصطَفى خطرُ
أَرَبَّةَ الخِدر ذاتَ الرَيط والخُمُرِ
أَرَبَّةَ الخِدر ذاتَ الرَيط والخُمُرِ / إليكِ عنّي فما التَشبيبُ من وطري
في كُلِّ قامة عَسّالٍ تُأوِّدهُ / كفّايَ لي غنيَةٌ عن قدِّك النَضرِ
طويتُ عن كُلِّ أَمر يُستَلَذُّ به / كشحاً وأَغضيتُ عن وَردٍ وعن صَدَرِ
غَنيتُ بالمجد لا أَبغي سواهُ هوىً / في هزَّة السُمر ما يُغني عن السُمُرِ
وَما أَسِفتُ عَلى عَصرٍ قضيتُ به / عيشَ الشَبيبة في فَسحٍ من العُمُرِ
إِلّا لفرقة إِخوان أَلفتُهُمُ / من كُلِّ أَصيدَ مثل الصارم الذَكَرِ
طُهر المآزِرِ مذ نيطَت تمائمُهم / نالوا من المَجد ما نالوا من الظفرِ
شادوا قِبابَ المَعالي من بيوتهمُ / واِستوطنوا ذِروة العَلياء من مُضرِ
كَم فيهمُ من كَريمٍ زانَه شَمَمُ / تُغنيك غُرَّته عن طَلعةِ القَمرِ
سَقى الحَيا ربعَ أنسٍ ضمَّ شملَهمُ / ولا عدا سوحَهُ مُستعذَب المطرِ
يا للرجال لِصبٍّ بالعُلى قمنٍ / يُمسي وَيُصبحُ من دهر على غَرَرِ
لَو أَنصفتني اللَيالي حزتُ مُطَّلَبي / ولم أَبت حِلفَ وَجدٍ عاقر الوَطرِ
الآن أحرز آمالي وأدرِكُها / بماجِدٍ غير ذي مَنٍّ ولا ضَجرِ
مُسدَّدِ الرأي لم يعبأ بحادثَةٍ / وَلَم تخنه يدُ الأَيّام وَالغيَرِ
بَدرٌ يَلوح بأفق الدَست مُحتَبياً / ليثٌ يَصولُ بباع غير ذي قصَرِ
كَم مهمهٍ جُبتُه بالسيف مشتَمِلاً / والعزم يكحلُ جَفن العين بالسَهرِ
في لَيلة قد أَضَلَّتني غياهبُها / حَتّى اِهتَديتُ إِلى بَيتٍ من الشَعَرِ
بطلعَةٍ كضياءِ الشَمس غُرَّتُها / وَنفحةٍ حملتها نسمةُ السحرِ
فظَلتُ وَاللَيلُ تُغريني كواكبُهُ / أُراقِبُ الصبحَ من خَوفٍ ومن حذَرِ
وَفي الكَنائِس مَن هام الفؤادُ بها / تَرنو إِليَّ بطرفٍ طامحِ النَظرِ
فأَقبلت وتجارَينا معانَقةً / كأَنَّنا قد تَلاقينا على قَدَرِ
حَتّى بدت غرَّةُ الإِصباح واضحَةً / وَطُرَّة اللَيل قد شابَت من الكِبَرِ
ثمّ اِنثَنينا وَلَم يُدنِس مضاجعَنا / إِلّا بَقايا شذاً من ريحها العَطِرِ
فاِستعجلَت تُحكمُ الزُنّارَ عقدَتَه / وَتسحبُ الذيل من خَوفٍ عَلى الأثرِ
واِستقبلت ديرَ رُهبانٍ قد اِعتكَفوا / يُزَمزِمون بأَلحانٍ من الزُبُرِ
يا ابنَ النَبيِّ دُعاءً قد كشفتُ له / عن وجه لا واجِمٍ عيّاً ولا حَصِرِ
إِليكَ لَولاكَ لم أَصعَد نشوز رُبىً / وَلَم أُواصِل سُرى الإِدلاج بالبُكرِ
كَم نعمةٍ لك لا تُحصى مآثرُها / نَفعاً أَنافَت على العَرّاصَة الهُمُرِ
وَكَم ليَ اليوم في جَدواكَ من أَمَلٍ / أَثقَلتُ فيه قَرى المهرِيَّة الصعُرِ
كَم فيك من نِعمٍ تُرجى ومن نِقمٍ / تُخشى الغداةَ ومن نفعٍ ومن ضَرَرِ
أَنتَ الَّذي خُلقت للتاجِ لِمَّتُهُ / وكفُّه لطوال السُمر والبُتُرِ
ووقفَةٍ لك فلَّت كلَّ مُنصِلتٍ / وَالسمرُ ما بين منآدٍ وَمُنكسِرِ
سررتَ كلَّ صديق في مواقفها / ما كادَ يسأل حتّى سُرَّ بالخَبَرِ
وَلَيلَةٍ من عَجاج النَقع حالِكةٍ / جلوتَها منكَ بالأَوضاح والغُدرِ
ما إِن قَدحتَ زناداً يومَ ملحمةٍ / إِلّا وأَتبعتَ فيه القَدح بالشَرَرِ
شهِدتُ فيك سَجايا قد سمِعتُ بها / فَفزتُ منها بملء السَمع والبَصرِ
فاِنعَمَ بعيدِكَ في عزٍّ وفي دَعَةٍ / وَالدَهرُ يفترُّ عن أَيامك الزُهُرِ
وَخذ إليكَ عَروساً طالما حُجِبت / زُفَّت إليكَ وقد صيغت من الدُرَرِ
واِسلَم عَلى رُتب العَلياءِ مُرتَقياً / مُسدَّدَ العَزم في بَدوٍ وفي حضرِ
لمن الكتائبُ في العَجاج الأَكدَرِ
لمن الكتائبُ في العَجاج الأَكدَرِ / يَخطُرنَ في زَردِ الحَديدِ الأَخضرِ
ضَربت عليهنَّ الرِماحُ سُرادِقاً / دُعِمت بساعد كُلِّ شَهمٍ أَصعَرِ
وَالبيضُ تَلمَعُ في القتام كأَنَّها / لَمعُ البوارِقِ في رُكامِ كَنَهوَرِ
وَصَليلُ وَقعِ المرهفاتِ كأَنَّه / رَعدٌ يُجَلجِلُ في أَجشَّ مُزمجِرِ
وَالرايَةُ الحَمراءُ يَخفِقُ ظِلُّها / يَهفو عليها كُلُّ لَيثٍ مُزئِرِ
وَالخَيلُ قد حَملَت على صَهَواتِها / من كُلِّ أَصيَدَ باسلٍ ذي مغفرِ
مُتسربلٍ بالقَلب فوقَ دِلاصِه / متلثِّمٍ بالنَقع لَمّا يُسفِرِ
في مَوقفٍ كسَف الظَهيرَةَ نقعُه / فأَضاءَها بشرُوقِ وَجهٍ مُقمرِ
يَختالُ في حَلَق الدِلاصِ كأَنَّه / يَختالُ منها في مُفَوَّف عَبقري
من فتيةٍ أَلِفوا الأَسنَّة وَالقَنا / فقِبابهم قصبُ الوَشيج الأَسمَرِ
يَقرونَ بيضَهمُ الرِقابَ ويُنهلوا / زُرقَ الأَسنَّة من نَجيعٍ أَحمَرِ
شادوا عمادَهم بكلِّ مثقَّفٍ / لَدنٍ ومجدَهم بكلِّ مُشهِّرِ
حلّوا من العَلياء قمَّة رأسِها / وحووا بسالةَ أَكبرٍ عن أَكبَرِ
مَن مِنهمُ الملكُ المَهيبُ إذا بَدا / خضعَت له ذُلّاً رِقابُ الأَعصرِ
فَخرُ المَفاخِر والمآثِر والجحا / فِل وَالمَحافِل والعُلى والمِنبرِ
القائدُ الجيش العرمرم مُعلَماً / مِن كُلِّ لَيثٍ ذي بَراثِنَ قَسورِ
السائقُ الجُردَ المَذاكى شُزَّباً / تَخطو وَتَخطرُ بالرِماح الخُطَّرِ
الفالقُ الهامات في يوم الوَغى / وَالسمرُ بين مُحطَّمٍ وَمكسَّرِ
الشامخُ النَسبين بين ذَوي العُلى / وَالباذِخُ الحسبين يَومَ المفخرِ
الواهبُ البَدرات يتبعها النَدى / مِن جوده بسحاب تِبرٍ مُمطرِ
يَجلو دُجى الآمال منه بنائِلٍ / متلألئٍ وَبوجه جودٍ مُسفرِ
وَلكم جلا رَهجَ القتامِ بباترٍ / متأَلِّقٍ وَسنانِ أَسمر سَمهَري
ملِكٌ إذا ما جاد يوماً أَو سَطا / فالخلقُ بين مُمَلَّكٍ ومعفَّرِ
من دَوحةِ المَجدِ الرَفيعِ عمادُهُ / وَالفَرعُ يُعرب عَن زكيِّ العُنصرِ
ما يَنقَضي يَوماً شَهيرُ نَوالِه / إِلّا وأَتبعه بآخرَ أَشهرِ
هَذا الَّذي صَدعَ القلوبَ مهابةً / وأَذلَّ كلَّ عملَّسٍ وغَضَنفَرِ
هَذا الَّذي غَمرَ الأَنامَ سَماحةً / من جودِه الطامي الجَليلِ الأَبهَرِ
هَذا الَّذي حازَ المَعالي قُعَّساً / وَسِواه يلطمُ خدَّ حَزنٍ أَقفَرِ
هَذا نظامُ الدين واِبنُ نظامه / نَسَبٌ يؤولُ إِلى النَبيِّ الأَطهَرِ
لمعَت أَسِرَّةُ نوره في وجهه / فاِزورَّ عنها كُلُّ لَحظٍ أَخزَرِ
يَجلو لَنا من حلمه في حَزمِه / أَخلاقَ أَحمدَ في بسالة حيدَرِ
بَينا تَراه مُصَدَّراً في رَسته / ملِكاً تَراهُ فَوقَ صَهوة أَشقَرِ
أَربيبَ حجر المكرُمات ورَبّها / وَرَضيعَ ثدي العارض المُتَعَنجرِ
لِلَّه جدُّكَ أَيُّ مَجدٍ حُزتَه / فَشأوتَ كُلَّ مقدَّم ومؤخَّرِ
أَنتَ الَّذي أَحرَزتَ كلَّ فَضيلَةٍ / وَوردتَ بحرَ الفضل غير مُكدَّرِ
ظَمئت أَمانيُّ الرِجال لَدى العُلى / فوردتَ منهلَها وَلَمّا تَصدُرِ
وَإليكها غَرّاءَ قد أَبرَزتُها / تُجلى بشكرَك في نَديِّ المحضرِ
أَحكَمتُ نظمَ قَريضها فَتَناسقَت / كالعِقد يَزهو في مُقلَّد جُؤذَرِ
يَذكو بمدحك نشرُها فكأَنَّني / أَذكيتُها منه بمِسكٍ أَذفَرٍ
ما ضاعَ نشرُ ثنائِها في مَجلسٍ / إِلّا تفتَّق عن ذَكيِّ العنبَرِ
واِسلم على دَرَج المَعالي راقياً / بأَجلِّ أَخبارٍ وأَصدَقِ مخبَرِ
صَحَّ عَن جوده حَديثُ العَطايا
صَحَّ عَن جوده حَديثُ العَطايا / مُستَفيضاً ما بين بادٍ وقارِ
كَم رجاءٍ فيه رَوى عَن وَفاءٍ / عَن عَطاءٍ عن واصِل عن يَسارِ
لا تَحسبنَّ فرِندَ صارمِه به
لا تَحسبنَّ فرِندَ صارمِه به / وَشياً أَجادَته القُيونُ فأَبهَرا
هَذا نَدى يمناهُ سال بمتنه / فغدا يَلوحُ بصَفحَتيهِ جَوهرا
يا هُماماً له المَعالي قُصورُ
يا هُماماً له المَعالي قُصورُ / لا تَلُمني إِن عنَّ منّي قُصورُ
حكم الدَهرُ كيف شاء بهضمي / وَشَبابي وَالعمرُ غضٌّ نَضيرُ
عُمُري لم يكن يزيدُ على اِثني / نِ وَعشرين وَالشَّبابُ غرورُ
كاثرَتني الخطوبُ والجَدُّ كابٍ / وَقَليلٌ من الخطوب كَثيرُ
حَزَنٌ شامِلٌ وَشَملٌ شَتيتٌ / وَهَوىً نازِحٌ وَقَلبٌ كسيرُ
وَفؤادٌ من المسرَّة قَفرٌ / وَجنانٌ من الأَسى مَعمورُ
كَم إِلى كَم قطيعةٌ وَصدودٌ / أَقُلوبٌ نَحيا بها أَم صخورُ
هَكَذا يَفدَحُ الزَمانُ وَيَلحو / كلَّ عودٍ وهو الممرُّ الجسورُ
أَينَ منّي ذاكَ الصَديقُ المفدّى / وَالحَيا العَذبُ والحُسام الغَريرُ
حيث عودي عَلى الزَمان صَليبٌ / وَبَعيدي دانٍ ووردي نَميرُ
أَيُّها الماجدُ الكَريمُ المُعَلّى / وَالفَتى القَرمُ وَالهمامُ الكَبيرُ
هاكَها نفثةً أَباحتكَ سرّي / نفثهُ السِحر قد وَحاها الضَميرُ
واِبقَ واِسلم على مَمرِّ اللَيالي / ما حَلا مَورِدٌ وَمَرَّت شهورُ
أناسٍ عفيفَ الدين أَم أَنتَ ذاكِرُ
أناسٍ عفيفَ الدين أَم أَنتَ ذاكِرُ / عهوداً سَقتهنَّ العِهادُ البواكِرُ
وَمِثلُك من لم ينسَ عَهداً وإنَّما / هوَ الدَهرُ لا يُلفى على الدَهر ناصرُ
وَما أَنتَ مِمَّن يُبخَسُ الودُّ عندَه / ولكن قضاءٌ أَوجَبَتهُ المقادرُ
أَرومُ لك العذرَ الجَميل مُصحِّحاً / وَفاكَ وقد كادَت تَضيقُ المعاذرُ
أُعيذُك أَن أمسي لودِّك عامِراً / وَيُصبحُ ودّي وهو عندك دائرُ
أَبى لكَ أَصلٌ في المروءَة طاهِرٌ / وَفَرعٌ بأَنواع الفتوَّة ظاهِرُ
وإن تُنسِكَ الأَيامُ عَهدي فإنَّني / وحقِّك للعهد القَديم لذاكرُ
إليكَ أَخا الهَيجاءِ نفثةَ موجَعٍ / رآكَ لها أَهلاً فهل أَنت شاكِرُ
ودُم واِبقَ واِسلم ما تأَلَّق بارقٌ / وَهبَّ نَسيمٌ واِستَهلَّت مواطرُ
وافى خيالك بعد طول نِفارِ
وافى خيالك بعد طول نِفارِ / فجعلتُ موطِئَهُ سَنى الأَبصارِ
أَنّى اِهتَدى منك الخَيالُ لبلدةٍ / أَقصى وأَجهل من بلاد وَبارِ
لا والَّذي جعل المحصَّبَ دارَها / والهندَ من دون الأَحِبَّة داري
لَم يَهدِه إلّا تَصعُّد زَفرَتي / فكأَنَّها نارٌ تُشبُّ لسارِ
حَيّا فأَحيا ذكرَ من لم أَنسَهُ / ما كانَ أَغناهُ عن التذكارِ
آهٍ لأَيّام الحجاز وَساكني / أَرضِ الحِجاز ورَوضهِ المِعطارِ
حيث السَلامةُ مربعي ورُبى الخما / ئِل مرتعي وَحِماهُ دارُ قَراري
كَم فيه من قمر قمِرتُ بحسنه / أَوفى بغرَّته على الأَقمارِ
ما شُكَّ فيه أَنَّه شَمسُ الضحى / لو كانَ مَطلَعُها من الأَزرارِ
فالطَرفُ من إِشراقِه متردِّدٌ / ما بين بدرِ دجىً وَشَمسِ نَهارِ
ولربَّ لَيلٍ بتُّ فيه معَلَّلاً / من ريق مبسمه بكأسِ عُقارِ
أَلهو به واللَهوُ داعيَةُ الصبا / ومن الغَرام تهتُّكي وَوقاري
أَيّامَ لم تلوِ الديون عَلى اللِوى / سُعدى ولا نأت النَوى بنوارِ
يا حَبَّذا زَمنُ الوصال وحبَّذا / عَهدُ الحَبيب ودارُه من داري
زَمَنٌ أَطَعتُ به الصَبابة والصِبا / وَقَضيتُ فيه من الهَوى أَوطاري
أَرضَيتُ أَحبابي وغِظتُ لوائمي / وطرحتُ عُذري واِطَّرحتُ عِذاري
إِذ لا رَبيعُ الوصل فيه محرَّمٌ / كلّا وَلَيسَ خُطى المُنى بقصارِ
لم أوفِه حقّاً أَحال به على / قَلبي الكَئيبِ وَمدمعي المدرارِ
قسماً بمكَّةَ وَالحطيم وَزَمزَمٍ / وَالبيت ذي الأَركانِ والأَستارِ
ما عنَّ لي ذكرُ الحجاز وأَهله / إِلّا عَدِمتُ تجلُّدي وقَراري
سَلامٌ شَهيُّ المجتَنى طَيِّبُ النشرِ
سَلامٌ شَهيُّ المجتَنى طَيِّبُ النشرِ / على تلكمُ الأَخلاقِ والأَوجه الغُرِّ
سَلامُ محبٍّ غادرَتهُ يَدُ النوى / يُقَلِّبُ في أَجمير قَلباً على جَمرِ
إِذا عنَّ ذكراكم له فاض جَفنُه / بأَدمعهِ فيضَ الغَمامةَ بالقَطرِ
وافتكَ وَالزُهر في روض الدُجى زَهَرُ
وافتكَ وَالزُهر في روض الدُجى زَهَرُ / وَالفجر نَهرٌ على الظَلماء منفجرُ
فأَقبلت هي وَالصبحُ المُنيرُ مَعاً / حتّى تحيَّر في ضوأيهما النَظرُ
وأَسفرَت عن سَنى وجه أَبانَ لنا / بدرَ التَمام ولكن ليلُه الشَعَرُ
غَرّاء لَولا اِتضاحُ الفَرق لاحَ لنا / ما شَكَّ ذو بصرٍ في أَنَّها القَمَرُ
إِن تجلُ غرَّتَها فالصبحُ متَّضحٌ / أَو تُرخِ طرَّتها فالليلُ مُعتكِرُ
هنديَّةٌ فعلت منها اللِحاظُ بنا / ما لَيسَ تفعلهُ الهنديَّةُ البُتُرُ
حَوراءُ ما بَرِحت من سحر مُقلتها / تَسبي العقول بطرفٍ زانه حَوَرُ
تُديرُ من ثَغرها راحاً معتَّقةً / كأَنَّما ثغرُها للراح مُعتَصرُ
هَيفاءُ مائسةُ الأَعطافِ ما خطرت / إلّا وَكان لنا من عشقها خَطَرُ
لَم تَخشَ ثأراً بما أَردت لواحظُها / دمُ المحبّين في شَرع الهَوى هَدَرُ
كانَت لَيالي الهوى من مَصلها غُرراً / حَتّى تَناءَت فأَمسى دونها غَرَرُ
يا ربَّةَ الحسنِ مَهلاً قد أَسأت بِنا / ما لي عَلى كُلِّ هَذا البين مُصطَبرُ
أَما لِقُربِك من وَعدٍ أُسرّ به / حتّامَ لا وَطَنٌ يَدنو ولا وَطرُ
نأيت هجراً فَلا وَصلٌ ولا سَبَبٌ / وَبنتِ داراً فَلا عَينٌ ولا أَثَرُ
إن تُعتبي لا تُحيليني عَلى قَدرٍ / ما كُلُّ هَذا الجفا يَجري به القَدَرُ
فاِقضِ الَّذي شئت من صدٍّ ومن بعدٍ / ذَنبُ الحَبيب عَلى الحالينِ مُغتَفَرُ
كَم عاذِلٍ ظَلَّ يَلحوني فَقُلتُ له / حظّي هَواها وَحَظُّ العاذلِ الحجَرُ
فَقال عشقُك هَذا كلُّه عبَثٌ / فَقُلتُ عذلُكَ هَذا كلُّه هَذَرُ
يا لائمي غيرُ سَمعي للمَلامِ فَلي / حبّ تَوازَرَ فيه السَمعُ والبَصَرُ
إِن كانَ لي من هواها لا بليتَ به / وِزرٌ فَلي من عَليٍّ في العُلى وَزَرُ
الماجِدُ النَدسُ السامي برتبته / أَبو الحسين السريُّ الصارم الذكرُ
الموسويُّ الَّذي واست مكارِمُه / عفاته وهمى من كفِّه المطرُ
مهذَّبٌ نالَ من أَسنى العُلى رُتباً / قد رامَها قبله قَومٌ فما قدروا
فضمَّ شملَ المَعالي يافِعاً وحَوى / من المحامد ما لم يَحوِهِ بَشرُ
إِن ساد آباؤُهُ قِدماً فبينهما / فَرقٌ كَما اِفترق الأَشجار وَالثمرُ
يولي الجَزيلَ ولا يَمنُن بكَثرته / وَيوسعُ الضَيفَ إن قَلّوا وإن كثروا
اِسمَع مدائحَهُ واِنظر إِليه تَجِد / وَصفاً تَطابَق فيه الخُبر والخَبرُ
ما رامَ حصرَ مَعاليه أَخو لَسَنٍ / إِلّا اِعتَرى نُطقَه من دونها حَصَرُ
وَما عَسى يبلغُ المُطري مديحَ فَتىً / مطوَّل المدح في عَلياه مختصرُ
ما مُهدياً ليَ نظماً خلتُه دُرَراً / يشنِّفُ السَمعَ لا بل دونها الدُرَرُ
قلَّدتَني مِنَناً لا أَستَطيع لها / شُكراً ولو ساعدتني البَدوُ والحضرُ
فَخُذ إِليك عَروساً بتُّ أَنظمُها / لَيلاً فيحسد لَيلي عندَها السَحرُ
تُثني عليك كَما أثني لشكر يَدٍ / عَلى الحَيا من رياض نشرُها العطرُ
ولا برِحتَ مَدى الأَيّام في دَعةٍ / يمدُّك المُسعِدان السَعدُ والعُمُرُ
أَليَّةً باِنعطافِ القامةِ النَضِرَة
أَليَّةً باِنعطافِ القامةِ النَضِرَة / وَنَظرَةٍ لاِختطاف العَقلِ مُنتظِرَه
وَغرَّةٍ كضياءِ الصُبحِ مشرقةٌ / وَطُرَّةٍ كظَلام اللَيلِ مُعتكرَه
ما مالَ قَلبي المعنّى بعدَ فُرقتها / عنها لمعرفةٍ كلّا ولا نَكِرَه
ظنَّت سلوّي فَراحَت وهي عاتِبَةٌ / وَلَو درَت لأتَتني وهي مُعتذِرَه
إِن تَعتَبن فَلَها العُتبى وإن نقمت / منّي على غير ذَنبٍ فَهي مُقتَدِرَه
أَما وَعَهدِ الهوى ما ساءَها خُلقي / ولا تنمَّرتُ من أَخلاقِها النَمِرَه
لكن كتمتُ عَن الواشينَ بي وَبها / محبَّةً هي في الأَحشاءِ مُستَتِرَه
فأَرجفوا أَنَّني سالٍ وما عَلِموا / بأَنَّ نارَ الهوى في القَلب مُستَعِرَه
هَيهات أَينَ من السُلوان مكتئِبٌ / قد ملَّه لَيلُه من طولِ ما سَهِرَه
أَنفاسُه بزفير الشَوقِ صاعدةٌ / لكنَّ أَدمعَه بالوَجدِ منحَدرَه
آهٍ لأَيّام وصلٍ بالحِمى سَلَفَت / إِذ كنتُ من طيبها في جنّةٍ خَضِرَه
أَيّامَ لا صفو عيشي بالنَوى كَدِرٌ / ولا نجومُ سماءِ الوَصلِ مُنكدِرَه
حيث الصَبابةُ باللَذّات آمرةٌ / وَالنَفسُ طوعاً لما تهواهُ مُؤتمِرَه
ما عَنَّ لي ذكرُها في كُلِّ آونةٍ / إِلّا وَلي كَبِدٌ بالوَجدِ مُنفَطِرَه
ولا تذكَّرتُ ذاكَ الشَمل مُجتَمِعاً / إِلّا اِستَهَلَّت دُموعي وهي مُنتَثِرَه
وما عَلى دون هَذا الخَطب مُصطَبَرٌ / لكنَّ نَفسي عَلى الحالات مُصطَبِرَه
باللَه يا صاحبي قُل للصَبا سَحَراً / إِذا أَتَت وهي من أَنفاسِها عَطِرَه
هَل عَهدُ سُعدى كَما قد كان أَم خَفَرت / عهدَ الأَحِبَّة تلك الغادة الخَفِرَه
وَهَل تراها بطيبِ الوَصل جابرَةً / منّا قُلوباً بطول الهَجرِ مُنكسِرَه
أَما كَفى البين لا دارَت دوائرهُ / نَوى الحُباب وتلك الخطَّة الخطرَه
حَتّى قَضى بنَوى الأَحباب كلِّهم / فَلَم أَزَل بعدهم في عيشةٍ كدِرَه
إِخوانُ صدقٍ كأَنَّ اللَهَ أَطلعَهُم / كَواكِباً في سماءِ المجد مُزدَهِرَه
منهم حسينٌ أَدام اللَهُ بهجَتَه / وَصانَه ربُّه عن كلِّ ما حذِرَه
الهاشميُّ الَّذي جلَّت مكارمُه / عن كلِّ حَصرٍ فراحت غير مُنحصِرَه
وَالحاتميُّ الَّذي أَضحَت عوارفُه / لمُغتَفي نَيله كالسُحبِ منهمِرَه
جنابُهُ كعبةٌ للفَضلِ ما بَرِحت / لها الوفودُ من الآفاقِ مُتعمِرَه
وَكفُّه كم كَفَت باليُسر إِذ وَكَفَت / بمستهلِّ الندى ذا عُسرةٍ عَسِرَه
قَرَّت به أَعينُ الراجينَ حين رأت / من راحَتَيهِ عيونَ الجود مُنفجِرَه
هو الهمامُ الَّذي أَعلَته همَّتهُ / مراتباً لذُرا الأَفلاكِ مُحتَقِرَه
وَهو النَسيبُ الَّذي يَروي مناقبَهُ / عن نِسبة بصَميم المَجدِ مُشتَهِرَه
لَو شاهَدَت فخرَه الزاكي عشيرَته / أَضحَت على جُملة الأَسلافِ مُفتَخِرَه
له خَلائقُ لو مَرَّ النَسيمُ بها / أَغنته عَن نَفَحات الرَوضَةِ النَضِرَه
إِذا تأَمَّلتِ الأَبصارُ رُتبتَه / أَو البصائرُ عادت وهي مُنبهرَه
ما أَطنبت فكرتي في نعت شيمَتِهِ / إِلّا وكانَت عَلى الإِطناب مُختَصِرَه
يا سَيِّداً لم تَزَل طولَ المدى مِقَتي / عليه دونَ جميع الخلقِ مُقتَصِرَه
وافت قصيدتُك الغَرّاءُ حاسرةً / للعتبِ وَجهاً وَبالإحسانِ مُعتَجِرَه
فَقُلتُ أَهلاً بها شُكراً لمُنشِئها / بِكراً أَتَت لجميل العَتبِ مُبتَكِرَه
أَوردتُها حين جاءَت تَشتَكي ظمأ / منّي مَناهلَ ودٍّ عذبة خَصِرَه
فَلَم أَرَ العُذرَ إِلّا الاعتراف بما / عدَّتهُ ذنباً فكن لا زلتَ مُغتفِرَه
أَمّا الوِدادُ فَلا وَاللَه ما برحَت / راياتهُ في صَميم القَلب مُنتشِرَه
حاشا لمثليَ في دَعوى محبَّتِه / أَن يبخسَ الودَّ من يَهواهُ أَو يَتِرَه
فكن عل ثِقَةٍ منّي فلست تَرى / إلّا عهودَ ودادٍ غيرَ مُنَبتِرَه
وَخذ إليكَ عَروساً حَليُها دُرَرٌ / لها نَحورُ الغَواني الغيدِ مُفتقِرَه
مذ اِلتزمتُ بها كسر الرويِّ غدت / بِالانكسارِ على الحسّادِ منتصِرَه
واِسلم ودُم راقياً في عزَّةٍ رُتباً / من دونها أَنفسُ الأَعداءِ مُنقهِرَه
أَدرِ المُدامَةَ بالكَبير
أَدرِ المُدامَةَ بالكَبير / فالوَقتُ ضاقَ عَن الصَغيرِ
واِستَجلها في كأسِها / كالشَمسِ في البَدرِ المُنيرِ
نَزلت من الفَلَك المُدا / رِ تَلوحُ في كفِّ المُديرِ
لَولا شِباكُ حَبابها / كادَت تَطيرُ من السُرورِ
بِكرٌ تتيحُ لك المَسَر / رة في المَساءِ وفي البُكورِ
صدرَت بأنسِ ورودها / خَيلُ الهموم من الصُدورِ
تُعشي العيونَ إذا اِنجَلَت / بالضوءِ من نارٍ وَنورِ
ذَهَبيَّةٌ لهبيَّةٌ / عُصِرت بأَحقابِ العُصورِ
وافَت بسَورَة نشوَةٍ / ذهبت بأَلباب الحضورِ
يَسقيكَها ساقٍ أَغَر / ر يَميسُ كالظَبي الغَريرِ
وَيُريكَ من إِشراقِه / قمراً على غُصنٍ نَضيرِ
يَرتاحُ من مَرَحِ الصِبا / وَيتيهُ من فَرطِ الغُرورِ
نَشوانُ يَمزجُ أنسَه / عند التكَلُّم بالنُفورِ
يَرنو إليكَ بمقلةٍ / وَسنى الجُفون من الفُتورِ
لَو قيلَ من سَلَبَ النُهى / لَم تعدُهُ كفُّ المُشيرِ
في رَوضَةٍ مَطلولَةِ ال / أزهارِ في اليوم المَطيرِ
تَثني الرياحُ غصونَها / ثنيَ المعاطِفِ والخُصورِ
وَالغيثُ يَسكبُ دمعَه / والزَهر مفترُّ الثُغورِ
قد غرَّدت فيها المَثا / نِي قبلَ تَغريد الطّيورِ
ولربَّ لَيلٍ بِتُّهُ / بين النُحور إِلى السُحورِ
من غانياتٍ كالرَّبا / رِب قاصرات الطَرفِ حورِ
طلعَت به كأسُ المُدا / مَةِ مطلعَ الشِّعرى العَبورِ
وَالبَدرُ في كَبِدِ السَّما / ءِ كَسابِحٍ وَسطَ الغَديرِ
وَسَنى المجرَّة في الدُجى / كالنَهر ما بَينَ الزَهورِ
وَاللَيلُ شَمَّرَ للسُرى / وَالصبحُ آذَنَ بالسُفورِ
في فتيةٍ عَقدوا مآ / زرهم على خَيرٍ وَخيرِ
وَتَراضَعوا درَّ المُدا / مِ من المَسَرَّة في حُجورِ
من كُلِّ أَروع ماجِدٍ / عَفِّ الشَبيبَةِ وَالضَميرِ
لم تَرضَ همَّتُهُ الكَبي / رَةُ غَيرَ شِربٍ بالكَبيرِ
فالراحُ في لهَواتِهِ / كالشَمسِ تَغربُ في ثَبيرِ
كانَت لَيالي عَهدِهم / غُررَ اللَيالي والشُهورِ
خِلّانُ صِدقٍ إِن عرا / خَطبٌ بِمَكروهِ الأُمورِ
ذَهَبوا فأخلفَتِ اللَّيا / لِي عَنهم خلّانَ زورِ
لَم يَبقَ لي خِلٌّ يتم / مُ بأنسِ صحبته سُروري
إلّا حسينٌ عَينُ أَع / يان العُلى صَدر الصُدورِ
السَيِّدُ الشَهمُ الهما / مُ الفَردُ مَفقودُ النَظيرِ
فَخرُ المَفاخِرِ وَالمآ / ثِرِ والأَعاصرِ والدُهورِ
نافَت مآثرُه العُلى / شَرَفاً على الفَلَكِ الأَثيري
وَزَها بِهِ دَستُ الوِزا / رَةِ منذ لُقِّبَ بالوَزيرِ
وَعَنا لمفخَرِهِ المؤث / ثَلِ كُلُّ مُختالٍ فَخورِ
لَو جُسِّمَت أَخلاقُه / أَغنتكَ عن نور البُدورِ
في كَفِّه كفُّ العدى / وَبفكِّه فَكُّ الأَسيرِ
كَم صاغ مِن مِننٍ له / أَضحَت قَلائدَ للنُحورِ
وأَبانَ عَن عَزمٍ أَبا / دَ عَزائِم اللَّيث الهَصورِ
أَغناهُ عَن مَدح الوَرى / ما حازَ من مَجدٍ شَهيرِ
طالَت بيوتُ جُدودِه / وَهُمُ ذوو النَسب القَصيرِ
قَومٌ بَنوا شرفَ العُلى / بين الخُورنقِ وَالسَديرِ
وردوا الفراتَ فأَخجَلو / هُ بِبَحرِ جودِهُمُ الغَزيرِ
قُل للمُكاثِر مجدَهم / أَينَ القَليلُ من الكثيرِ
سَلِّم لجيرانِ الوصي / يِ وَسِر سَبيلَ المُستَجيرِ
فَهمُ هُداةُ أولي الضَلا / لِ وَهم ضياءُ المُستَنيرِ
يا سَيِّدا كَلماتُه / شرفُ المَهارقِ والسُطورِ
لِلَّه دَرُّكَ من خَطي / بٍ شاعِرٍ نَدبٍ خَطيرِ
أَهديتَ لي دُرَرَ الكَلا / مِ فخلتُها دُررَ النُحورِ
أَبيات شعرٍ كالقُصو / رِ وَلَيسَ فيها من قُصورِ
ما حازَ رقَّةَ لفظِها / شِعرُ الفَرَزدَقِ أَو جَريرِ
بل لا مَقاماتُ البَدي / عِ وَلا مَقاماتُ الحَريري
وافَت كَما وافى النَّسي / مُ بِطيب أَنفاسِ العَبيرِ
وشفَت فؤاداً لم يَزَلِ / من حَرِّ شَوقِكَ في سَعيرِ
فوردتُ من سَلسالها / أَحلى من العَذبِ النَميرِ
وإِليكَها مَنظومةً / وافتكَ من فِكرٍ حَسيرِ
نظَّمتُها نظمَ العُقو / دِ وَصُغتُها صوغَ الشُّذورِ
تَروي مناقِبَكَ الَّتي / نُشِرَت إِلى يوم النُشورِ
وَاِسلَم ودُم في نِعمَةٍ / غرّاءَ في دارِ السُرورِ
ما لاحَ طَيفٌ في الكَرى / أَو ناحَ طَيرٌ في الوكورِ
شَقَّ الدُجى عن نحره الفَجرُ
شَقَّ الدُجى عن نحره الفَجرُ / وَبَدَت عليه غَلائِلٌ خضرُ
واِفترَّ يبسمُ عن تبلُّجهِ / ضوءُ الصَباح كأَنَّه ثغرُ
وَالشَمسُ قد نهضَت لمشرِقها / فاِنهض بشمسِكَ أَيُّها البَدرُ
واِشفَع بها شمسَ الصباح وإِن / أَضحت وبدءُ شروقها العَصرُ
واِستَضحِكِ الدهرَ العَبوسَ بها / فبمثلها يُستَضحَكُ الدَهرُ
واِستجلِها بِكراً مُعتَّقةً / تَصبو إِليها العاتِقُ البِكرُ
حَمراءُ تَسطعُ في زجاجتِها / فكأَنَّها لو لم تذب جَمرُ
وَكأَنَّما إِبريقُها سَحَراً / إِذ قَهقَهَت لحَمامِه وَكرُ
جُليت على خُطّابِها فحكَت / عَذراءَ ما عَن وَصلِها عُذرُ
يَسعى بها ساقٍ لواحِظُه / سَكرى وَصفو رُضابِه خَمرُ
حلوُ الهَوى عَذبٌ مقبَّلُه / لكن مذاقُ مِطاله مُرُّ
أَو غادَةٌ رؤدٌ غدائِرُها / لَيلٌ وَضوءُ جَبينها فَجرُ
هَيفاءُ لَولا عَقدُ منطقها / لَم يستقلَّ بِرِدفها الخصرُ
خُرعُوبَةٌ جمٌّ محاسِنُها / لكنَّما إِحسانُها نَزرُ
في رَوضَةٍ وَشّى الرَبيعُ لها / حُللاً فطرَّزَ وشيَها القَطرُ
وَالبَرقُ شقَّ بمرجِها طَرَباً / جيبَ الحَيا فتبسَّم الزَهرُ
وَشَدَت بها الوَرقاءُ مَطربةً / فَتَمايسَت أَغصانُها الخُضرُ
واهاً لمجلِسنا وقد جمعَت / فيه المُنى وتهتَّك السِترُ
إِبريقُنا ذَهَبٌ وخمرتُه / ياقوتَةٌ وَحَبابُها دُرُّ
وليومِنا وَسُقاةِ أَكؤسِنا / صُبحٌ أَغَرُّ وأَوجهٌ غُرُّ
دعتِ المُدام إِلى الصَبوح به / من ليسَ يُثقلُ سمعَه وَقرُ
إِن لَم يَطِب سُكرٌ لشارِبها / فَمَتى يَطيبُ لشارِبٍ سُكرُ
فاِشرب ولا تقل الزَمانُ قَضى / أَن لا يَفوزَ بلذَّةٍ حُرُّ
شَملَ الزَمانَ ندى أَبي حسنٍ / فَصَفا وَزالَ بِيُسره العُسرُ
وَسرت تَهلَّلُ من أَنامِلِهِ / لبني الرَجاءِ سحائِبٌ عشرُ
سحبٌ ولكن وَدقُ صَيّبها / تِبرٌ ولَمعُ وَميضِها بِشرُ
فالخَلقُ من يُمنى يَدَيه لهم / يُمنٌ ومن يُسراهُما يُسرُ
وَحَكَت عوارفُه معارفَه / فتدفَّقا فَكِلاهُما بَحرُ
بَحرٌ وَلكن لجُّ نائِله / ما رَدَّ سائِلَ فَيضهِ نَهرُ
برَّت بإخلاصٍ سريرتُه / فهو التَقيُّ المخلصُ البَرُّ
أَسمِع بِهِ واِنظر إِليه تَجِد / خَبَراً يحقِّقُ صدقَهُ الخُبرُ
ذو هِمَّة كادَت لعزمتها / صُمُّ الصُخور يُذيبها الذُعرُ
لَو رامَ يَصطادُ النجومَ بها / لم يأَو وَكرَ سَمائِه النَسرُ
من دَوحة سُقيت أَرومتُها / ماءَ العُلى وَنَما بها الفَخرُ
فتهدَّلت أَغصانُها كرماً / زكت الفروع وأَنجبَ العِترُ
يا أَيُّها البَدءُ الَّذي شكرت / جَدوى يديه البَدوُ وَالحَضرُ
شعري بمدحك لا أَضنُّ به / فَلمثل مدحك يُنظمُ الشِعرُ
وإِليكها عِقداً مفصَّلة / لم يحلُ قطُّ بمثلها نحرُ
وافَت مُهنِّئة بمرتبةٍ / بك قَد سما لمقامها قَدرُ
واِسلم مدى الأَيّام مُرتَقياً / رُتباً يضيق لعدِّها الحصرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025