المجموع : 129
إن الفناء طهارة الإنسانِ
إن الفناء طهارة الإنسانِ / لصلاة معرفة البعيد الداني
فصلاةُ معرفةِ الإله بغير ما / طهرِ الفناءِ عديمةُ الأركان
والكفر فيها ظاهر بكلامه / وبفعله وإزالة الإيمان
إن الفناء طهارة مفروضة / لصلاةِ معرفةٍ على الإنسان
وهي الفناء المحض بالتطهير عن / خبث الجسوم كثائف الحيوان
وعن النفوس لطائف الكون التي / حدثت فقل حدث من الحدثان
وطهارة الأخباث والأحداث لا / تجزي بغير الماء ذي السيلان
والماء ماء الغيب ينزل من سما / غيب الإله على فؤاد عاني
لا بد ذاك يكون ماءً مطلقاً / عما يخالطه من الأكوان
حتى به حدث يزول وإن يكن / ماء تراه مقيداً بمعاني
فهو المقيد وهو ليس برافع / حدثاً كما قالته أهل الشان
لكنهم في رفعه خبثاً لهم / قولان والرفع اقتضاءُ بيان
والماء ذاك المطلق الصرف الذي / هو بالوجود يراد في القرآن
تحقيق كل حقيقة بالحق إذ / هو لا سواه وكل شيء فاني
إياك تشهد غيره ودع العَنا
إياك تشهد غيره ودع العَنا / لا أنت في هذا الوجود ولا أنا
هذا الوجود هو الحقيقيُّ الذي / نبدو به وبه نعود إلى الفنا
وإذا به عدنا نعود كلم نكن / وإذا بدونا فهو باد دوننا
والباطل الشان الذي هو باطل / والحق حق إن تباعد أو دنا
إن الذي هو عالم بك جاهل / يا من تحجب بالسوى وتبينا
لونان كالحرباء لون خلائق / ظهرت ولون حقائق هن المنى
يا ابن الحوادث لا تظن فلا تكن / أنت القديم وإن بدا بك واعتنى
هو عنك ممتاز هنا بوجوده / وبك امتياز عنه في عدم هنا
هيهات هيهات الوجود يكون لل / عدم المقدر أو بعكس كالأنا
إن الحلول من الجهول توهُّمٌ / في قول أهل الله يجعل ديدنا
ما إن سمعت ولست أسمع عاقلاً / أبداً يظن الحق يسكن ممكنا
وإنِ النصوص أتت به فلأنها / جاءت على عقد النبي تيقُّنا
إن الوجود على الحقيقة واحد / في كل شيء قد بدا وتعينا
والشيء تقدير له فانٍ كما / قد جاء فاكشف عنه إن تك مؤمنا
والحق قيوم لمن هو باطل / وهو السوى بالوهم قام فأفتنا
ومن شدة القرب مني
ومن شدة القرب مني / شهدت أنك أني
فقلت ما قلت جهلاً / وذاك من سوء ظني
وحين حققت أمري / والوهم قد زال عني
تركت هذا وهذا / ثم الفنا صار فني
وصرت عن عيب غيب / بما أقول أكنِّي
وزال عني ترجّي / علمي به والتمني
والعلم كالجهل عندي / فيه وزال التعني
إذ كل ذلك خلقٌ / والخلق ما عنه يغني
وليس يشبه ربي / شيء فكن في التهني
أنا الموحِّدُ ذوقاً / فخلِّني يا مثنِّي
إنما الإيمان نورٌ
إنما الإيمان نورٌ / في قلوب المؤمنينْ
وهو تصديق وإذعا / ن وتسليم متين
لكتاب الله والسن / نة عن طه الأمين
غير محتاج لعقل / أو لفهم مستبين
أو دليل أو لشيء / خارج عنه معين
هو نور هو نور / يتلالا في الكمين
وهو سر الله فينا / وطريق الصالحين
هو نور وكذاك ال / شيء بالنور يبين
وبه لا بسواه / كان سير المتقين
عرفوا الله وذاقوا / وصفه في كل حين
كشفوا عن كل شيء / كان في دنيا ودين
لبس الإيمان منهم / ذلك الحصن الحصين
كل الكلامْ كلامكْ يا عظيم الشانْ
كل الكلامْ كلامكْ يا عظيم الشانْ / أَمّا بوحيٍ هو الإلهامْ للإنسانْ
أو مِن وراء حجابٍ صورة الأكوانْ / أو ترسل الرسل بالتبليغ والتبيانْ
انظر لموسى نبي الله يا مفتونْ
انظر لموسى نبي الله يا مفتونْ / لما تجلَّى له في شجرة الزيتونْ
وانظر لإبليس قبلُهْ ذلك الملعونْ / لما احتجب عنه في آدم وما هو دونْ
آدم نبي واحتجب فيه عن الشيطانْ
آدم نبي واحتجب فيه عن الشيطانْ / حتى كفرْ والتبسْ أمرُهْ له ما بانْ
وكان مجلاه في زيتونة البستانْ / تبارك الله إن السر في السكانْ
لنور عينِ الوجودِ أعيانُ
لنور عينِ الوجودِ أعيانُ / وفوق إنسان تلك إنسانُ
فإنها رتبةٌ مقيدةٌ / إطلاقها في القلوب إحسانُ
يقول من يشهد الرجال بها / تبارك الله فهو رحمان
وها هنا لا هناك منزلة / ينزلها في الرسول قرآن
بدا بدا كلما أقول بدا / بدا بدا فهو فهو إيمان
محا وقد أثبت اللطائف في / عوارف الأمر إذ هو الشان
وعندنا نحن فهي نافدة / وعندَهُ غيرُ نافدٍ آنُ
والآن في الآن واحد فإذا / ثنَّى تثنَّى وأشرق الحان
وإنها في العيون زخرفة / وإنها في الصماخ ألحان
به به عين ذاك ذاك له / وصوت طير الغناء عيدان
خزانة الحرف فتحها شرف / والقفل ربحٌ لها وخسران
إن في قرع المثاني
إن في قرع المثاني / بهجةَ السبع المثاني
وجفون العين فيها / حفظ أسرار العيان
جل نور قد تجلَّى / في تناويع البيان
واحدٌ وهو كثير / وجميع الكون فاني
ذاته الذات تسامت / في لباس الحدثان
وصفات الكل لاحت / بتصاريف المباني
هو بل لا هو عندي / هو في ناء وداني
نزهوا أو شبهوا لا / تعرفوا غير المعاني
والملا وهم عظيم / والخلا محض افتتان
إنما الماء على ما / هو في كسر الأواني
يا من به تتكوَّن الأكوانُ
يا من به تتكوَّن الأكوانُ / وبأمره تتلون الألوانُ
هي هذه هي هذه هي هذه / كل العوالم تلك والإنسان
هي كعبة الغيب المقدس طائف / أبداً بها ما يظهر الحدثان
ويمينها الحجرُ السعيد لبيعة / قد مدَّ حيثُ شهودها الإيمان
والروح طائفة وجسمي طائف / هذا لهذا في الوجود قران
حتى إذا كشف القناع وأشرقت / تلك الحقيقة والعيان عيان
وهناك يبرا القلب من داء الجفا / وبوصلنا يتبدل الهجران
لي وجود بمن يقول أنا
لي وجود بمن يقول أنا / حاش لله أن أكون أنا
وأنا الحي والسميع به / حاش لله أن أكون أنا
وأنا العالم البصير به / حاش لله أن أكون أنا
وأنا القادر المريد به / حاش لله أن أكون أنا
صار عقلي به يصرفه / حاش لله أن أكون أنا
أعقل الشيء منكرا فهما / حاش لله أن أكون أنا
ثم عقلي فوق العقول به / حاش لله أن أكون أنا
شاكرا نعمة الشكور به / حاش لله أن أكون أنا
صابرا باسمه الصبور هنا / حاش لله أن أكون أنا
إن علمي عن العقول علا / حاش لله أن أكون أنا
أفعل الفعل ثم أترُكُهُ / حاش لله أن أكون أنا
جامعاً فارقاً بقدرته / حاش لله أن أكون أنا
حيث لي طاعة ومعصية / حاش لله أن أكون أنا
وأنا نيتي به وله / حاش لله أن أكون أنا
ولمن شئته أكلمه / حاش لله أن أكون أنا
كل مالي من الصفاء به / حاش لله أن أكون أنا
كل شيء أراه قال كذا / حاش لله أن أكون أنا
إنما ذاك واحد أحد / حاش لله أن أكون أنا
ظاهر بالذي يريد له / حاش لله أن أكون أنا
فاسمعوا القول يا خليقته / حاش لله أن أكون أنا
واسمي العبد للغني به / حاش لله أن أكون أنا
كنت لا شيء ثم صرت كذا / حاش لله أن أكون أنا
حاصل الأمر لا أنا أبداً / حاش لله أن أكون أنا
قل لقوم غصبوا أنفسهم
قل لقوم غصبوا أنفسهم / في يد الله وهم لا يعلمون
وادعوها ملكهم من جهلهم / مستقلين بها كن فيكون
قوله الحق له ما في السم / وات والأرض جميعاً تقرأون
وله قل كل شيء هالك / قال أيضاً وإليه ترجعون
يا طلعة الحب لاقَيْتُو ولاقاني
يا طلعة الحب لاقَيْتُو ولاقاني / ووجهه النور لا أصفر ولا قاني
كم فيه من أشعريْ حائرْ ولاقاني / مشتت الفكر لا حائزْ ولا قاني
الله أكبر من للعبد يرحمُهُ
الله أكبر من للعبد يرحمُهُ /
من كل أمرٍ إلهُ الخلق يعلمُهُ /
كم قلت مما أقاسيه وأكتمُهُ /
لا أشتكي زمني هذا فأظلمهُ / وإنما أشتكي من أهل ذا الزمن
فُجورُهم يضرب الرائي به المثلا /
وقربهم يورث الأسقام والعللا /
لو قيل ليسوا بناس هم لقلتُ بلى /
هم الذئاب التي تحت الثياب فلا / تكن إلى أحد منهم بمؤتمن
أرجو من الله أني أبلغ الأجلا /
منهم سليماً ومن شرٍّ لهم حصلا /
جل الذي هو حسبي وحده وعلا /
قد كان لي كنز صبر فافتقرتُ إلى / إنفاقه في مداراتي لهم ففني
إني أنا وبينما
إني أنا وبينما / قلت لكم أني أنا
كنت أنا ألف أنا / مكرَّراً مكوَّنا
بسرعة من خالقي / غيب الغيوب ذي السنا
برقٌ أضا وبطنا / ثم أضا وبطنا
لأنني عن أمره / كن فيكون باعتنا
وأمره واحدة / طبق الذي قال لنا
وهكذا الكون جمي / عاً كل وقتٍ مثلنا
لأنه خلقٌ وخل / قُ الله بالأمر دنا
فإن من آياته / خلقاً بأمرٍ كُوِّنا
ألا له الخلقُ كما / قد قال والأمرُ هنا
فصدقوه واتركوا / ما للعقول ديدنا
فالعقل ربط كله / للمدركات هاهنا
وربنا أصدق من / عقل الفتى تيقُّنا
ومع كتاب الله لا / يليق غيره بنا
وإن قومي قد بنوا / عليه أقوَمَ البِنا
وما رضوا عقولهم / تكون فيهم آمَنا
على عقائدٍ لهم / لأنها خلق الدُّنا
والقوم لما كوشفوا / بأمره وهو المنى
رأوا به قيامهم / وكل شيء علنا
عن أمره كالبرق أو / مثل أنابيب القنا
من أجل ذا يقول من / قد قال خالقي أنا
وقول هذا خطأ / أوجبه ذوق الفنا
لنفسه وغيره / بلا ثبوبت زمنا
فلو صحا من سكره / رأى الإله غيرنا
لأننا خلق له / بأمره كوَّننا
وأمره كاللمح قل / من بصرٍ إذا رنا
والخلق هكذا بلا / تردُّدٍ ولا عنا
كما أتى ربِّيَ قل / يقذفُ بالحق بنا
نظير ما قالوه في ال / أعراضِ قولاً متقنا
لو أنصفوا فالكل أع / راضٌ وهذا عندنا
لكنهم قد غرَّهم / عقل لهم تفننا
في كل شيء فاقتدوا / به وأُنْسُوا ربَّنا
فما اقتدوا بقوله / ولا رأوه حسنا
وأنكروا على الذي / بقوله الحق اغتنى
ولم يتابعهم على / عقولهم ولا اعتنى
بهم وربي حاكم / غدا بحق بيننا
حاولتُ في المرآة أنظرُ مَن أنا
حاولتُ في المرآة أنظرُ مَن أنا / فرأيتُ شخصاً أنكرتْهُ عيوني
مستبشعَ الشدقينِ مندلقَ اللحَى / غلب البياضُ على السواد الجون
يعلو القذى أجفانَه ولعابَه / مع ماء منخره وماء جفون
لا ثغر في فمه وعن أسنانه / متعوِّضٌ بالدردر المسنون
عيناه غائرتان في أصداغه / وجبينه في صفرة وكمون
فسألته من أنت قال أنا الذي / هو أنت بُدِّلَ عقله بجنون
ذهبت شبيبته ورونق وجهه / والضعف لازمه وفرط الهون
عبد ولكن ربُّهُ بَرٌّ به / وعطاؤه كحياً عليه هتون
ما إن له عمل سوى توحيده / وسوى الرجاء لكافه والنون
يمشي ويعثر في معالم ذنبه / مشيَ المكبلِ في قيود ديون
ألف التجلي من صفات إلهه / وظهوره يرمي به لبطون
نودي عليه ولات حينَ البيعِ مَنْ / يَشري له عبداً بدون الدون
فتضاحكت منه الرجال وأعرضوا / عنه وقالوا العبد عبد مجون
جم العيوب وما له غير الفنا / ستراً يلوذ بسره المكنون
فأجبته قف وانتظر فلربما / جبر المسعِّرُ صفقةَ المغبون
على المحبة من أهواه ألفاني
على المحبة من أهواه ألفاني / وما طردْني وللأعتاب ألفاني
يا قلب لا ألف بل أن كان ألفانِ / فاقنع بباقي ولا تنظر إلى الفاني
إن مولانا كريم
إن مولانا كريم / يعتني بالمتقينا
وله سر مقيم / في قلوب العارفينا
أسعد البكري سليمٌ / صدره زاد يقينا
قال والقول نظيمٌ / عندما صار أمينا
ولنا سر عظيم / عند رب العالمينا
نسل صديق النبي / وابن خير الخلق طه
فاز بالقدر العلي / وحوى عزاً وجاها
قال قولاً بالتهيي / للمقامات انتباها
حيث وافاه نسيمٌ / من جناب الأولينا
ولنا سر عظيمٌ / عند رب العالمينا
إن لله عطايا / لا بسعي واكتساب
تمنح العبد مزايا / ليس تحصى بحساب
باهرات للبرايا / فاتحات خير باب
وصراط مستقيمٌ / قول بكريٍّ أعينا
ولنا سرٌّ عظيمٌ / عند رب العالمينا
رجع الفرع الشريف / لأصول ثابتاتِ
وبدا القدرُ المنيف / في رفيع الدرجاتِ
وتلا فاه اللطيف / فهو للفيض مواتي
وهو للحق نديمٌ / حصَّل الفتحَ المبينا
ولنا سر عظيمٌ / عند رب العالمينا
ومن الله صلاتي / وسلامي كل ساعَهْ
لنبي المكرماتِ / فاق فضلاً وبراعَهْ
ما تهنّى بالهباتِ / من نحا نحو الجماعَهْ
قال والقول عميمٌ / مذ رقى شرعاً ودينا
ولنا سر عظيمٌ / عند رب العالمينا
هُوَ ما هُوْ وأنا ما هُوْ أنا
هُوَ ما هُوْ وأنا ما هُوْ أنا / واحدٌ هذا تبدَّى علنا
فاعجبوا من واحد واثنين ما / هوَ إلا واحد وهْوَ أنا
ظاهر بي باطن عنيَ بي / لظهوري وبطوني بدنا
نفخ الروح به عن أمره / وهي لولا أمره كانت فنا
جل ربُّ الخلق لا يعرفه / غيره والخلق في بحر العنا
نحن لا نحن وبالفقر إلى / يدِ من نعرفُ مُدَّت بالغنى
إن نَقُلْ قلنا وما قلنا وقد / قال إذ قال وما قال كنى
وكما الكل همُ الكل كذا / ما همُ الكل فكن مستيقنا
هذه حالة أهل الله لا / أهل غير الله صارت ديدنا
ذوقهم يكشف عنها وبها / من علوم الله قد نالوا المنى
إنما وحدة الوجود فنونُ
إنما وحدة الوجود فنونُ / وهو قول الإله كن فيكونُ
ليس للكون غيرها من وجود / كل وقت له بها تكوين
وهي أمر الإله بالخلق يبدو / مثل ما قاله الكتاب المصون
إنما أمرنا لشيء إذا ما / قد أردناه فالمقول شئون
تختفي تارة وتظهر طوراً / لمحَ طرفٍ ولمعَ برقٍ يبين
فتراه العقول تحسب جهلاً / إن هذا تحرُّكٌ وسكون
وهي تجديد كل شيء سريعاً / وبه كل عاقل مجنون
إنما العقل ربط شيءٍ بشيءٍ / ذاك معناه فاسمعوا يا عيون
يا عيون القلوب حسِّي بهذا / قبلَ ما تنطوي عليكِ الجفون
شهد الله أن ما قلتُ حقٌّ / والنبيون والكتاب المبين
هو هذا نعم وما هو هذا / والتجلي له به تلوين
لا تقل لا إني نصحتك فاسمع / وبغيري فإنك المفتون
حالة مثل ما الجميع عليها / لكن الفهم معرض مغبون
وجميع الذي تقول وقلنا / هو قول الناس الذي يستبين
نحن ذقناه باليقين وأما / غيرنا فهو عندَهم مظنون
غير أن الوجود لله لا لل / خلق والخلق بالوجود يكون
وسوانا يقول ذاك وجود / غير هذا فيفتري ويخون
جعلوه جنساً وقد نوعوه / كل نوع وإن هذا جنون
ليس ينعدُّ حادثٌ مع قديمٍ / باطلٌ معْ حقٍ وعالٍ ودونُ
إنما الحادث الثبوت له في / نفسه لا الوجود يا مسكين
والوجود الحق القديم وجود / هو حق مقرَّرٌ لا يهون
متجلٍّ على الدوام بما في / علمه من ثوابتٍ فتبين
علمه فيه ثابت كل شيء / يتجلَّى به فتبدو الفنون