المجموع : 66
أظنّ البدرَ نازعك الكمالا
أظنّ البدرَ نازعك الكمالا / فباتَ يُريهِ إخمصَك الهِلالا
وقد تركتْ ذوابلَك الليالي / تدورُ على أسنّتها ذُبالا
وليس الغيثُ إلا ما أراهُ / بكفّكَ سحّ وَبْلاً أو وَبالا
لك الحسنُ البليغُ لسانَ فعلٍ / إذا طلبَ المقالَ به استقالا
وأين السيفُ من فتكاتِ عزْمٍ / نَهوضٍ لا كُلولَ ولا كَلالا
بأبيضَ خاطبٍ نثر الأعادي / وأرؤسَهُم يَميناً أو شِمالا
الى سُمْرٍ أشاعِرُهُ أُديرَتْ / فنظمت الرجالَ لكَ ارتجالا
ومثلُكَ في انفرادِك بالمَعالي / تعالى أن نُصيبَ له مِثالا
غمامٌ أطلعَ الآراءَ شمساً / وشمسٌ مدّتِ الأيدي ظلالا
ومثلُك ملء عينِ الدهرِ حُسْناً / وملء قلوبِ أهليهِ جَلالا
له عزْمٌ كنائلِه شباباً / الى حِلْمٍ كحِنْكَتِهِ اكْتِهالا
تقلدتِ الخلافةُ منه عَضْباً / كَفاها في الجلادِ به الجِدالا
تُجرِّدُه فيكْسوها جَميلاً / وتُغمِدُه فيكسوها جَمالا
إذا ما همّ يعرفْ نُكولاً / ولمْ يُنكِرْ أعاديه نَكالا
بخيلٍ كلّما اندفعَتْ قِسيّاً / تفوّقَ من فوارسِها نِبالا
تَرى البيضَ القصارَ مطابقاتٍ / على أرجائها السمرُ الطوالا
وكفُّ النصرِ قد كتبتْ سجِلاً / بأنّ الحربَ ما خُلقَتْ سِجالا
ومعذورٌ قريعُك إذ تولّى / بجيشٍ من قِراعِك قد تَوالى
بعثتَ به إليه مسوَّماتٍ / خفاقاً تحمِلُ النُوَبَ الثِقالا
نفَوْتَ العاصفات لها بِطاءً / إذا ما العاصفاتُ جرَتْ عِجالا
ولم يترُكْ أبو الفتحِ المُعلّى / لبابٍ يتقيه به انقِفالا
وظنّ النيلُ وهو أخوكَ نيلاً / عليهِ مَعقِلاً فغَدا عِقالا
ولما قرّ لم يعهَدْ نُزولاً / ولما فرّ لم يحْمِدْ نِزالا
ولم يكُ يا شُجاعُ فتًى جباناً / ولكنّ القتالَ كفى القِتالا
فإنْ تَنب الجيادُ الجردُ عنهُ / فإنّ الليثَ يحتقِرُ النِمالا
وإن طلت لقومك مُسرعات / فذاك لأنهم ركِبوا الضَلالا
رعيتَ رعيّةَ ظنو احتماءً / غداةَ رأوا من الحِلْمِ احتِمالا
ومثلُك مَنْ رأى لهمُ اعتداءً / فقابلَهُ برحمَتِه اعتِدالا
ولولا رأفةٌ لا نلكَ فيهمْ / أعادَ صخورَ ثغرِهم رِمالا
ولم تعدِلْ قبائلُه على ما / تبيّن من شجاعتِهم قِتالا
وسوف يكون شعرُ العبدِ نصراً / لنصرٍ عاجلٍ يأتيك فَالا
فداكَ معاشرٌ سمِعوا سُؤالاً / لقاصِدِهمْ فما عرَفوا سوى لا
صرفتُ إليكَ آمالي اعتزاءً / كما صرّفْتَهم عني اعتِزالا
وقلت لمن توثقها عُراةُ / وقد خانوا انفِصاماً وانفِصالا
وقفتَ مسائلاً طَلَلاً مَحيلاً / ورحتَ مطالباً أملاً مُحالا
ليَهْنكَ بل ليَهْنِ الناسَ عيدٌ / رأوا فيه جبينَك والهِلالا
رأوْا فيه جبينَك والهِلالا / فحازَ النقصَ إذ حُزْتَ الكَمالا
وربّ مشبّهِ بكَ بدرَ تَمٍّ / تلألأ إذ سفرت لهُ تلالا
رأى منكَ الخليفةُ ما رآه / فأبْشِرْ إذ أنالَكَ ما أنالا
ورحتَ موشّحاً حُلَلاً فقُلْنا / حلالاً قد خُصِصْتَ به حَلالا
وأمرُ المُلْكِ آلَ إليك طوعاً / أقسمَ لا يفارقُه وآلى
فدُمْ كالسُحْبِ إن بعُدَتْ مَنالاً / فقد قرُبَتْ لمُسْتَسْقٍ نَوالا
يا حسنَ وجه البحر حين بدا
يا حسنَ وجه البحر حين بدا / والسحبُ تهطِلُ فوقه هَطْلا
فكأنه درعٌ وقد ملأت / أيدي الرماةِ عيونَهُ نَبْلا
أصبحتُ أعذرُ عاشقاً في حبّه
أصبحتُ أعذرُ عاشقاً في حبّه / ولكم عشِقْتُ فما عدِمْتُ عَذولا
لقّبتُ تنزيلاً غرامي في الهوى / أرأيت حبّاً قبلَه تنزيلا
لو لم أكن فيما فعلتُ محمّداً / ما كان من أحببتُه جبريلا
رشأ لو أن الليث حاولَ صيده / لرأيتَه في راحتَيْه قتيلا
وأنا الذي ترك الفؤاد وراءهُ / بالصالحيّة إذ أراد رَحيلا
إن جوًى لو يُذهبُ الأوجالا
إن جوًى لو يُذهبُ الأوجالا / يُخْفي الهوى ودمعَهُ هطّالا
أرقَه الحبّ وأضنى جسدَهْ / وأشمَت الوجدَ به من حسَدِهْ
فباتَ بين السّقم والسهادِ / يبكي بدمعٍ رائحٍ وغادِ
ما ضرّ مَنْ حمّله ثقلَ الكُلَفْ / لو منّ بالوصلِ عليه وعطفْ
وا رحمتا للدنِفِ الكئيبِ / من قمرٍ أوفى على قضيبِ
لمّا انتشى من خمرِ الدّلالِ / عرْبدَ بالصّدودِ والمَلالِ
طلبتُ منه مُسعِداً نوالا / قال ألَمْ أبعثْ لكَ الخَيالا
هبِ الخَيال زارني اكتتاما / من أين للمقلةِ أن تَناما
أمّا وخمرِ ريقِه المَصونِ / وعقدِ درّ ثغرِه المكنونِ
وردفِه الأثقلِ من صُدودِهِ / وطرفِه الأسقمِ من عُهودِه
لو زارني الخيالُ في المنامِ / لم يرَني من شدّةِ السَّقامِ
مَنْ مُنصفي من مُقلَتَيْ غزالِ / حيّ الصّدودِ ميّتِ الوصالِ
قلبي منه بين همّ وكمَدْ / ومقلتاي بين دمعٍ وسهَدْ
يا ليت شعْري والهوى فُنونُ / أمثلَ هذا لقيَ المجنونُ
لو أنّه أباحَ لي رشْفَ اللّمى / ما بتّ أشكو في هواهُ ألَما
لا واحمرار خدّه الأسيلِ / وسيفِ لحظ طرفِه الكحيلِ
يا عاذلي شأنُك غير شاني / قد لمتَني في الحبّ ما كَفاني
لو ذقتَ ما قد ذقتُه ما لُمْتنا / ولو بُليتَ بالهوى عذَرَنا
ولو رأيتَ من هَويْتُ قربَهُ / رأيتَ فرْضاً في العباد حبَّهُ
ما شئت من محاسنٍ فيه تجدْ / ليلٍ وصبحٍ وقضيب وعقدْ
كم باتَ يجلو قهوةً صهباءَ / تكسو المديرَ حُلّةً حَمْراءَ
شمسٌ لها من الدِّنان مشرِقْ / كالنّارِ إلا أنها لا تُحرِقْ
كأنّنا من ضوءِ تلك النارِ / نشربُ في بيتٍ من النُضارِ
ومُقعدٍ لا يملكُ القِياما / ولا يُطيقُ دهرَهُ الكلاما
يحيل ما يودعه من السُّبجْ / من غير ما حيفٍ عليه وحرَجْ
أنفاسُه بحرِّها عقيقا / أحسِنْ بذاك منظراً أنيقا
أقول إذ يلوحُ للعيونِ / يا حبّذا الكانونُ في كانونِ
نودعُهُ قلائداً من الفحَمْ / سُوداً سوادَ الليل حين يدلَهِمْ
كأنّها والنارُ فيها تلهَبُ / لناظريها آبنوسٌ مُذهّبُ
ما أنا للعاذلِ بالمطيعِ / وقد تبدّى زمنُ الرّبيعِ
أما تَرى الأطيارَ في ترنّمِ / تهيجُ شوقَ المستهامِ المُغْرمِ
والجوّ ما أحسنَه وأجملَهْ / لما بَدا في حُلَلٍ مُصنْدَلَهْ
والأرضُ إذ تفترّ عن أزهارِها / تستوقفُ الطّرفَ على أنوارِها
من نرجِسٍ أكرمْ به من نرجسِ / كأنّهُ العيونُ ما لم تنعَسِ
أو فأكفٌّ صُوِّرَت من بَرَدِ / قد حُمِّلتْ مَداهِناً من عسجَدِ
كأنّما الطّلّ على الوردِ النّدي / دمعٌ جَرى على خُدودِ الخُرّدِ
أخجَلَهُ النّرجسُ لمّا أن نظَرْ / فاحمرّ من فرطِ الحياءِ والخفَرْ
وانظُرْ الى الأقاحِ وابيضاضِه / يتيهُ إدلالاً على رِياضِهِ
أما رأيتَ روضةَ البنفسجِ / كأنّها معادنُ الفيروزَجِ
كأنّما فرائدُ البَهارِ / مداهنٌ تروقُ من نُضارِ
وانظرْ الى النارنجِ في أغصانِه / يا حُسنَه إذ لاح في زَمانِه
كالذهبِ الأحمرِ قد صيغَ أُكَرْ / من صنعةِ الخالقِ لا صنع البشرْ
فاشربْ ولا تخشَ من الإملاقِ / رزقُك يأتيكَ من الرزّاقِ
والعيشُ كلُّ العيشِ في عصرِ الصِبا / للهِ ما أحسنَهُ وأعْذَبا
سُقيتِ يا معاهدَ الأحباب / بعارضٍ منهمِلِ الرّبابِ
مثلُ ندى الحافظِ دينَ أحمدِ / ذي المنزلِ الرحْب وذي الوجهِ النّدي
أصدقُ من حدّثَنا وأسنَدا / أكرمُ من تحمِلُه الأرضُ يَدا
في وجهه ولفظه للواعي / مستمتع الأبصار والأسماع
إن قلت كالبحر ندى لم تُصب / فالبحرُ ملحٌ وهو عذبُ المَشْربِ
يُشرقُ للقاصدِ نورُ بِشْرِه / والبرقُ في الغيمِ دليلُ قَطْرِهِ
ماذا على الواصفِ أن يقولا / ووصفُه قد أعجزَ العُقولا
يمَمْهُ تُلفِ خيلاً من تؤمِّلُ / للجدبِ والخطبِ حياً ومُنصلُ
تجلو دَياجي المشكلاتِ فطنتُهْ / تَهدي الى سُبْلِ النجاحِ غُرّتُهْ
كالليثِ قد عزّ به العرينُ / كالدهرِ فيه شدةٌ ولينُ
لو صوّروا جسماً جميعَ الناسِ / لكانَ هذا لهمُ كالرّاسِ
جَلا عويصَ المُبْهَماتِ عقلُه / حبّبَهُ الى الأنامِ فِعْلُه
يقولُ مَنْ أبصرَهُ فنظَرَهْ / سبحانَ من صوّرَهُ فقدرَهْ
لِما بَراهُ من محاسنِ الصُوَرِ / قال الورى تاللهِ ما هذا بشَرْ
فاخرَتِ الأرضُ به السّماءَ / فعقدَ السّبْقُ لها اللّواءَ
أين بهاءُ البدرِ من جَبينِه / وأين صوب المُزنِ من يَمينه
أخلاقُه دلّتْ على النِّجارِ / والفجرُ عُنوانٌ على الأسفارِ
إن قلتُ ما أحسنَهُ شَمائلا / فقلْ وما أجملَهُ فعائلا
أو قلتُ ما أفصحَهُ لسانا / فقلْ وما أسمَحَهُ بَنانا
يا موضِحاً سبيلَ علمٍ أنهجا / بصبح فكرٌ منه قد تبلّجا
ومن تحلّى كلّ خطبٍ داجي / فينا بنورِ عزمِه الوهّاجِ
اهنأ فدَتْكَ النفسُ بالمحرَّمِ / وابقَ سعيدَ الجدِّ فرداً أو دُمِ
ما غردتْ قُمْريّةٌ في فنَنِ / وهزّتِ الريحُ قُدودَ الغُصُنِ
يقولُ خدّي روضةٌ
يقولُ خدّي روضةٌ / ترتعُ فيها المُقَلُ
فقلتُ ما أقبحَ ما / جئتَ به يا رجلُ
لو كان ورداً لم يكُنْ / يسكنُ فيه جُعَلُ
هم يعذلوا من يسمع
هم يعذلوا من يسمع / من كلام من عدّاله
أنا شيطانُ عِشقي / في المحبةِ مارِدْ
وعَذولي يضربُ / في حديدٍ بارِدْ
وليس يَردي زاهِدْ / وليس يُرْدي عائدْ
خلقَ اللهُ الإنسانْ / وخلقَ أعمالَهْ
من عذولٍ ليس يسمعْ / من عذولٍ ليس يعقِلْ
وعَذولي المسكينْ / في المحبّةِ جاهِلْ
نام في بالِه / أني بكلامِه أعمَلْ
وإني ليسَ أعمَلْ / بما يقومُ في بالِه
إني لأعْشَقُ أن من / لا يَهوى ويَعشَقْ
الجملُ حُسينٌ يَسكُتْ / والحِمارُ حُسَيْنٌ ينطِقْ
واللهِ إني صادقٌ / ولقد قلتُ الحَقْ
وكثيراً من قَبلي / مثلُ قوْلي قالوا