المجموع : 88
دعْ رجالاً ينازعون على الما
دعْ رجالاً ينازعون على الما / ل ولا تحفِلَنْ بجمع المالِ
خيرُ مالَيْكَ ما سددتَ به الحا / جةَ أو ما بذلتَه لنَوالِ
والغنيُّ الّذي له المِنَنُ الغر / رُ جُثوماً على رقابِ الرّجالِ
واللّيالي يعلمن أنّي فيهن / نَ كصبحٍ محا سوادَ اللّيالي
ألا ما لقلبٍ بأيدي الغُواةِ
ألا ما لقلبٍ بأيدي الغُواةِ / يُعلَّل في الحبّ بالباطلِ
يرنّ اِشتكاءً إلى نازلٍ / وإمّا اِشتياقاً إلى راحلِ
ويُضحِي قتيلَ بدور الخدو / رِ وَجْداً وما من دمٍ سائلِ
وَكيفَ اِنتفاعي بأنّي كتمت / بنطق الغرامِ عن العاذلِ
ولي ألسُنٌ شاهداتٌ به / من الدّمع والجسدِ النّاحِلِ
ولولا الهوى قاهرٌ للرّجا / لِ ما لِيم في النّاسِ من عاقلِ
وزَوْرٍ أتاني وكلُّ العيون / من النّومِ في شُغُلٍ شاغِلِ
وكم بيننا حائلٌ هائلٌ / وأوْهَمَ أنْ ليس من جائلِ
ولولا لذاذةُ ذاك الغُرو / رِ ما كان في الطّيف من طائلِ
وما ضرّ أنْ فاتني آجلاً / وقد مسّني النّفعُ في العاجلِ
ولا نُكْرَ في الحقّ إنْ لم أنله / إذا جاء نفعِيَ من باطِلِ
أقول لركبٍ على أينُقٍ / سِراعٍ كذئبِ الغضا العاسلِ
وقد أكل السّيرُ أوصالَها / وأيْنُ السُّرى خير ما آكلِ
فما شئتَ من تامكٍ ناحلٍ / وما شئتَ من ضيّقٍ حائلِ
أَلا فاِعدِلوا بي بتلك المنى / إلى عَقْوَةِ الأوحدِ العادلِ
دعوا قائلاً غيرَ ما فاعلٍ / وعوجوا على القائل الفاعلِ
إلى صائلٍ لم تَطُفْ مرّةً / عليه صِقالاً يدا صاقِلِ
فتىً يُعمِلُ السّيفَ يوم الهياج / ويَتَّركُ الجُبنَ للنّابلِ
وما كان يوماً وقد مسّه الل / لغوبُ من الجِدِّ بالهازِلِ
فللّه دَرُّكَ من زائدٍ / عطاءً على أملِ الآملِ
ومن مُلحِقٍ بالجبان الشّجا / ع فضلاً وذا الجود بالباخلِ
ويوم يُسقّي الرّدى حاضريه / بلا وارشٍ وبلا واغلِ
شهدتَ فكنتَ مكانَ العَفار / وللرّمح في موضعِ العاملِ
وإنّي لأعشق منك الكمال / فلم أر قبلك من كاملِ
وآسى على زمنٍ مرّ بِي / وما لِيَ مثلك من كافلِ
لدى معشرٍ أَنَا ما بينهمْ / بلا منزلٍ منهمُ آهلِ
فدُرُّ قريضي بلا ناظمٍ / وغرُّ مقالي بلا قائلِ
وحَليُ كلامي وما اِستَأصلوه / مَدَى الدّهر منهم على عاطلِ
ولولا مكانك كان الملوك / بلا عضدٍ وبلا كاهلِ
ولا دافعٍ شرَّ ما حاذروه / ولا ناهضٍ لهم حاملِ
وكم ذا أعدتَ لهمْ مُلكَهمْ / وقد صار في كُفّةِ الحابلِ
فأضحى على ثابتٍ راسخٍ / وقد كان في هائرٍ مائلِ
وقد جرّبوا منك ما جرّبوه / غَداةَ المنى في يد الباسلِ
وخالوك جهلاً كمن يعهدون / وَكَم غُرّ ذو الحزمِ بالجاهلِ
ولمّا طلعتَ ولم يشعروا / فأيقَظَهمْ من كرى الغافلِ
أطاعَ لك الصّعبُ بعد الجِماح / وبان لنا الحقّ من باطلِ
وإنّ خُراسانَ زَلْزَلتَها / وما لَكَ من رُكُنٍ زائلِ
وساروا إليك كأُسْدِ الصَّريم / فطاروا مع النَّعَمِ الجافلِ
وأضحى كثيرهُمُ كالقليل / وناصرهْم منك كالخاذلِ
وأسمَعتَنا أنّةَ المُعْوِلات / على القوم أو رنّةَ الثّاكلِ
وأشبعتَ منهمْ سِغابَ السُّيوف / وروّيتَ منهمْ صَدَى الذّابلِ
ولمّا رأوا صَهَوات الجياد / عَليهنّ كلُّ فتىً باسلِ
رمتْ كلَّ سيفٍ ورمحٍ بها / على الرّغمِ منها يدُ الحامِلِ
فلم تَرَ غيرَ قتيلٍ هوى / تَدَوَّسُهُ الخيلُ أو قاتلِ
وولَّوا وفارسهمْ في الممات / بحدِّ سيوفك كالرّاجلِ
وظنّوا نكولَك لمّا دعوك / وحاشاك من خُلُقِ النّاكلِ
وليس الشّجاعةُ هتكَ الوري / د طعناً ولا ضربةَ القابلِ
ولكنَّها باِمتِطاء الصّوا / ب والحزم في الموقفِ الهائلِ
فلا تَلُمِ النَّاسَ في شوقهمْ / إِلى غيثك المسبِلِ الهاطلِ
ولِمْ لا يَحِنّ إلى المخصبا / ت مَن كان في البلد الماحِلِ
فإن كنتَ قد غبتَ عن بابلٍ / فذكرُك ما غاب عن بابِلِ
ومثلُ مثولك بين الرّجال / ثناؤك في المجلس الحافلِ
وما زلتَ تمطلنا باللّقا / ءِ للحزم عاماً إلى قابلِ
ومَن كان إرجاؤه باللّقا / ءِ مصلحةً ليس بالماطلِ
فقولِي لقومِيَ إنّي اِعتصمت / بعرِّيسَةِ الأسدِ الصّائلِ
فلا مُفزِعٌ أبداً مُفزِعي / ولا هائلٌ أبداً هائلي
ولا مثل عزّي به لاِمرئٍ / ولا لِكُلَيْبِ بني وائلِ
وكيف أخاف وأنتَ الخَفير / لداري ورحلِيَ من غائِلِ
أَلا فاِحبُنِي بدوام الصّفاء / فحسبِيَ ذلك من نائلِ
وَقَد حُزتَ منّي جميع القبول / وأرجوك أنّك لي قابلي
وإنّي لأرضى بأنْ كنتَ بِي / عليماً وكلُّ الورى جاهلي
وَما أنْ أُبالي جفاءً لهمْ / إذا كنت وحدَك لي واصلي
ولمّا جلعتك لِي مَوْئِلاً / دعاني الورى خيرَ ما وائلِ
فأسندتُ ظهري إلى يَذْبُلٍ / وألقيتُ ثِقْلي على بازِلِ
وإنّي مقيمٌ وإن أجدبتْ / بلادي عَلى الرّجل الفاضلِ
ولستُ بغير الطّوالِ الخُطا / إلى الفخر في النّاس بالحافلِ
ولا مِن حياض الأذى والصَّدى / يُزعزعني قطُّ بالنّاهلِ
وَليسَ الفتى للّذي سار عن / ه من دَنَسِ العِرْضِ بالغاسلِ
فخذها ومِن بعدها مثلَها / فكمْ ذا تُنبّه من غافلِ
مقالاً يبرّح بالقائلين / وقد جاء عفواً من القائلِ
ولَم أكُ قبل اِمتداحي علا / ك إلّا كبُرْدٍ بلا رافلِ
فهبْ لِيَ ما فات من زلّةٍ / فما زلتَ تصفح عن واهلِ
وفي الشّعر إمّا خمولُ النّبيه / وإمّا التَّنابُلُ للخاملِ
وما كلُّ مَن قرعتْ كفُّهُ / لأبوابه فيه بالدّاخلِ
فلا زال نجمُك نجمُ السّعو / دِ غيرَ الخفيِّ ولا الآفلِ
وبُقّيتَ مشتملاً بالثَّواء / بغير رحيلٍ مع الرّاحلِ
مَن شاء ان يعذُلني في الهوى
مَن شاء ان يعذُلني في الهوى / فلستُ بالمصغي إلى عذلِهِ
يعذلني في ذا الهوى فارغٌ / وطافحٌ قلبِيَ من شُغلهِ
قد لامَنِي في عِشْقِ مَن حُبُّهُ / أبلى فؤادِي وهو لم يُبْلِهِ
وقاتلي سحرٌ بأجفانِه / وليس لي طَرفٌ إلى قتلهِ
صاد قلبي عشيّةَ النّفْرِ ظبْيٌ
صاد قلبي عشيّةَ النّفْرِ ظبْيٌ / وظِباءُ الفلاة صيدُ الرّجالِ
ذو دلالٍ وإنّما يسكن القل / بَ كَما شاء واِشتهى ذو دَلالِ
بتُّ أشكو إلى وَلوعٍ بهجري / نافرٍ عن زيارتي ووصالي
راجياً وعدَه وإنْ أخلف الوع / دَ وأنساك طِيبَه بالمطالِ
كم للنّواظر من دمٍ مطلولِ
كم للنّواظر من دمٍ مطلولِ / ومُدَفّعٍ عن وَجْدِه ممطولِ
ولقد حملتُ غداة زُمّتْ للنّوى / أُدْمُ الرّكائبِ فيه كلَّ ثقيلِ
وقنعتُ منهمْ بالقليل ولم أكنْ / أرضى قُبَيلَ فراقهمْ بقليلِ
لولا دموعي يوم قامتْ ودّعتْ / ما كان روضُ الحَزْنِ بالمطلولِ
وأَرَتْك وجهاً لم تُنِرْ شمسُ الضّحى / إلاّ به ما كان بالمملولِ
وتقلّدَتْ بأساودٍ من فرعها / وتبسّمتْ عن أشْنَبٍ معسولِ
وَرَنتْ إليك بطرف جَوْذَرِ رملةٍ / وخطتْ بحِقْفٍ في الإزار مَهيلِ
إنْ كنتَ تُنكر ما جَنَتْه يدُ النّوى / فالشّاهدان صبابتي ونحولِي
ما ضرّ من ضنّتْ يداه بمُنْيَتِي / أَن لا يَضِنّ عليَّ بالتّعليلِ
فإلى متى أشكو إلى ذي قسوةٍ / وإلى متى أرجو نوالَ بخيلِ
قل للحُداةِ خلال عيسٍ ضُمَّرٍ / بطُلىً إلى حادي الرّكائبِ مِيلِ
حُطّوا إلى ملكِ الملوكِ رحالَكْم / فَفِناؤه للرّكبِ خيرُ مَقيلِ
حيث الثّرى لاقى الجباه وأرضُه / للقومِ موسَعَةٌ من التّقبيلِ
وكأنّما قمرُ الدّياجي وجهُه / ورُواء لونِ الصّارمِ المصقولِ
للَّهِ دَرُّك في مقامٍ لم تزلْ / عَجِلاً تلفّ رعيلَه برعيلِ
والخيلُ جائلةٌ على قِممٍ هَوَتْ / ومناكبٍ فارقن كلّ قليلِ
وكأنّهنّ يخُضن ماءَ ترائبٍ / لمجدّلين يخُضن ماءَ وُحولِ
قد جرّبوك غداةَ جنّتْ فتنةٌ / رَمَتِ العقول من الورى بخبولِ
فكأنّ مُضرمَها مضرّمُ عَرْفَجٍ / في الدَّوِّ حان حصادُه بقبيلِ
وكأنّها عشواءُ في غبشِ الدّجى / تطوي الفَلا خَبْطاً بغير دليلِ
فعدلتها بالرّأي حتّى نكّبَتْ / عنّا بغير قنىً وغيرِ نُصولِ
وَركبتَ منها وهي شامسةُ القَرا / عمّا قليلٍ ظهرَ أيِّ ذَلولِ
ولو اِنّها عاصَتْك حكّمتَ القَنا / فيها وحدَّ الباترِ المسلولِ
وملأتَ قطرَ الأرضِ وهي عريضةٌ / بصوارمٍ وذوابلٍ وخيولِ
وبكلّ مُستَلَبِ المَلامِ كأنّما / شهد الكتيبة طالباً بذُحولِ
عُريانَ إِلّا من لباسِ بسالةٍ / ظمآنَ إلّا من دمٍ لقتيلِ
وَأَنا الّذي أهوى هواك وأبتغي / أبداً رضاك وإنّه مأمولي
ومتى تبدّل جانباً عن جانبٍ / قومٌ فإنّك آمنٌ تبديلي
وإذا صححتَ فإنّ قلبي مُقسِمٌ / أنْ لا يبالي في الورى بعليلِ
وذرِ اِنتقادي بالشُّناةِ فلم تُنِرْ / شمسُ الظّهيرة للعيون الحُولِ
وليسلني عَن فوت ما نال الورى / إنْ لم أقمْ فيه مقامَ ذليلِ
خدُّها كما اِبتسم النّهار لمُدجنٍ / أعيا عليه قصدُ كلّ سبيلِ
وكأنّها للمبصريها جَذوَةٌ / ولناشقيها فَغْمةٌ لشَمولِ
وكأنّما هي عزّةً لا تُبْتَغى / عرِّيسةٌ للأُسْدِ ذاتُ شبولٍ
وكأنّها روضُ الفلا عبثتْ به / أيدي شمالٍ سُحْرةً وقَبولِ
صِينتْ عن المعنى المعاد وقولُها / ما كان في زمنٍ مضى بمقولِ
وإذا النّضارةُ في الغصون تغيّرتْ / كانت نضارتُها بغير ذبولِ
فاِسعَدْ بهذا العيد واِبقَ لمثله / في منزلٍ من نعمةٍ مأهولِ
ولقد نَضَوْتَ الصّومَ عنك ولم تَعُجْ / فيه بجانبِ هفوةٍ وزليلِ
وكففتَ عن كلّ الحرامِ وإنّما / صاموا عن المشروب والمأكولِ
وإذا بقيتَ فما نبالِي مِن جرتْ / منّا عليه ردىً دموعُ ثَكولِ
اِسعَد سَعِدتَ بساعة التّحويلِ
اِسعَد سَعِدتَ بساعة التّحويلِ / وبقاءِ ملكٍ في الأنامِ طويلِ
وإذا قدمتَ على المسرّةِ فليكنْ / ذاك القدوم لنا بغير رحيلِ
وإذا دخلتَ إلى رباعك كان ذي / ياك الدّخولُ لديك خيرَ دخولِ
قد آن أن تحظى الأسرّةُ منك بالس / سكنى كما حَظِيَتْ ظهورُ خيولِ
دعْ منزلاً لا أهلَ فيه ولا به / وأقمْ لنا بالمنزل المأهولِ
لو تستطيع منازلٌ فارقتها / وحللتَ فيها اليومَ أيَّ حلولِ
لَسَعتْ إليك تشوّقاً ولأوْسَعَت / يُمناك من ضمٍّ ومن تقبيلِ
ولقد رأيتُ بخاطري وبناظري / في غابك المرهوب خيرَ شبولِ
الشمسُ أنتَ وهمْ نجومٌ حولَها / أقسمن أن لا رُعْننا بأُفولِ
لولا شهادتُهمْ عليك لكنتَ في / ما بيننا حقّاً بغير دليلِ
إنْ ينحفوا لصباً فقد جثموا عُلىً / ولهمْ بفضل الأصل كلُّ عَبولِ
أيُّ البدور وقد تبدّى طالعاً / من قبلِ تَمٍّ ليس بالمهزولِ
زِينَتْ علاك بنور أوْجههمْ كما / زين الجواد بغُرّةٍ وحُجولِ
لهمُ القبول من المحاسن كلِّها / والحسنُ مطرُوحٌ بغير قبولِ
ما فيهمُ إلّا الّذي هو صارمٌ / ماضي الشَّبا ذو رَوْنَقٍ مصقولِ
إنْ كان أُغْمِدَ برهةً فَلِسَلِّهِ / والمغمدُ المرجوّ كالمسلولِ
عبقوا بِنَشر الملك وسط مهودهمْ / وبغايةِ التّعظيم والتّبجيلِ
فهمُ غصونٌ لا ذَوَيْن على مدَى / مرّ الزّمان ولا دنتْ لذبولِ
لا تختشِ ما عشتَ بادرةَ العِدى / فكثيرهمْ من مكرهمْ كقليلِ
وَاِبعثْ إلى معطيك كلَّ إدراةٍ / من دعوةٍ مسموعةٍ برسولِ
إنّ الّذي أعطى المُنى فيما مَضى / يُعطيك في آتيك فوقَ السُّولِ
لك من مَعوناتِ الإلهِ ونصرهِ / في الرَّوعِ أيُّ أسِنَّةٍ ونصولِ
ولقد أقول لمن أراه يخيفني / ويسدّ عن طرقِ الرّجاء سبيلي
دعني وعاداتِ الإله فإنّني / لا أترك المعلومَ للمجهولِ
أوَ ما رأيتَ اللّهَ لما ضاقتِ ال / أرجاءُ كيف أتى بكلّ جميلِ
وأنَا الّذي أهوى هواك ولا أُرى / إلّا بحيثُ تقيل فيه مَقيلي
وأنا الجوادُ فإنْ سئلتُ تحوّلاً / عن دار ودّك كنتُ جِدَّ بخيلِ
حوشيتَ أن يُعنى سواك بخاطري / أو أنْ أجرّر في ذراه ذيولي
وإذا بقيتَ مملَّكاً ومسلَّماً / فقد اِرتقيتَ إلى ذُرا مأمولي
خذها على عجلٍ فإنْ قصّرتُها / فبقدرِ ما أسلفتَ من تطويلي
لي في الثّناءِ على علاك قصائدٌ / كالشّمس تدخل دارَ كلّ قبيلِ
طبّقن شرقاً في البلاد ومغرباً / ولهنّ في القِيعان كلُّ ذميلِ
وسكنّ ألْبابَ الرّجال وحيثما / كان القريض إليه غيرَ وَصولِ
نادمتُ طيفَكِ ليلةَ الرّملِ
نادمتُ طيفَكِ ليلةَ الرّملِ / والرّكبُ من وَسَنٍ على شُغلِ
فطنوا لهجركِ إذْ بخلتِ ضحىً / وعموا كرىً عن ساعة البذلِ
بتنا نُجِدّ وكيف جدّ فتىً / مسترهنٌ في قبضةِ الهزلِ
أهدي الّتي خلقتْ كما اِقترحتْ / حسناً وما اِسترضته من دَلِّ
كم قد أساءتْ وهي عامدةٌ / فجعلتها للحبِّ في حِلِّ
وَلَقَد درى من لا يُخادعني / أنّي صريعُ الأعينِ النُّجْلِ
إنّ الّذين ترحّلوا سَحَراً / قتلوا بذاك وما نَوَوْا قتلي
لم يحملوا يومَ الرّحيل سوى / قلبي العميد بهمْ على البُزلِ
وإذا رأيت جمالَ غانيةٍ / فهو الّذي سَرَقَتْه من جُمَلِ
بيضاء تفضح بالضّياء ضحىً / ودُجىً بفاحمِ شعرها الجَثلِ
وتنكّرتْ لمّا رأتْ وَضَحاً / متلهّباً في مَفرَقِي يغلي
ولينني زمناً بهنّ فمذْ / شاب العِذارُ كتَبْنَ بالعَزْلِ
فكمِ اِرتديتُ وذا الشّبابُ معي / بغديرةٍ وبمعصمٍ طَفْلِ
فالآن ما يمشي لغانيةٍ / خَطْوي ولا تقتادها رُسْلي
قُيّدتُ عنها بالمشيب كما / عَقِلَ الشَّرودُ الصَّعْبُ بالشُّكلِ
لا تُلزميني اليومَ ظالمةً / ما ليس من عَقْدي ولا حَلِّي
إنّ المشيبَ وقد ذُمِمْت به / من فعل ربِّكِ ليس من فعلي
ما إنْ نزلتُ عليه أرْحُلَه / وهو الّذي وافى إلى رَحْلي
مَن مبلغٌ عنّي لأشكرَه ال / ملكَ العزيزَ وجامعَ الفضلِ
والفاعلَ الفعلاتِ ما عُهدتْ / بين الأنام وقائلَ الفَصلِ
أَنت الّذي سوّيتَ معتلياً / بالفخرِ بينَ الفَرع والأصلِ
للَّه دَرُّك في الهياجِ وقد / قامَ الحِمامُ به على رِجْلِ
والحكمُ للسّمرِ الطّوالِ به / في القومِ أو للأبيضِ النَّصْلِ
والحربُ تعذِمُ كلَّ مُضْطَبِعٍ / بروائها بنيوبها العُصْلِ
وهناك من شرّ القنا عَلَقٌ / كالطَّلِّ آونةً وكالوَبْلِ
والطّعنُ يفتقُ كلَّ واسعةٍ / كالباب فاغرةٍ إلى الأكلِ
في موقفٍ زلقٍ تشيب به / لو أبصَرَتْه مفارقُ الطِّفلِ
ملآن بالآسادِ ضاريةً / غصّان من خيلٍ ومن رِجْلِ
كنتَ الأعزَّ به وقد خفضتْ / فيه رؤوس القوم من ذُلِّ
وسَقَيْتَ أُمّاتِ الكماةِ به / ضرباً وطعناً جرعةَ الثُّكلِ
حتّى كأنّك لا تخاف ردىً / أو لا تعاف مرارَةَ القتلِ
كم قد فرجتَ وأنتَ محتقرٌ / لا ترتضي مِن ضَيّقٍ أَزْلِ
ونفختَ من كَرَمٍ قضى ومضى / روحاً لنا وقتلتَ مِن مَحْلِ
وأريتَنا أنّ الألَى سُطِرَتْ / نَفَحاتُهمْ كانوا أُولي بُخْلِ
قد كان في قلبي وأنت على / شكواك مثلُ صوائبِ النَّبْلِ
وكأنّني لمّا سمعتُ به / حيرانُ ممتلئٌ من الخَبْلِ
ولو اِنّني أسطيع فِدْيَتَها / لفديتُها بالنّفسِ والأهلِ
وحملتُ ثِقْلاً لاِمرئٍ حملتْ / طولَ الزّمانِ يميُنه ثِقْلي
أنتمْ إذا خفتُ الأذى عُصُري / وإذا ضَحيتُ فأنتمُ ظِلّي
وإذا ضُربتُ فأنتُمُ جُنَنِي / وإذا ضَربتُ فأنتُمُ نَصْلي
وإذا ظمئتُ فمن غديركمُ / نَهلي ومن جَدْواكُم عَلِّي
ولقد فرغتُ من الأمور معاً / وثناؤكمْ ومديحكمْ شُغلي
ولأنتَ من قومٍ إذا وعدوا / سفّوا عن الإخلافِ والمَطْلِ
زحموا الكواكبَ عن مراكزها / ومشوا على النَّسْرين بالنَّعْلِ
والوعرُ كالجردِ المبين إذا / قطعوا مدىً والحَزْنُ كالسَّهْلِ
يا مالكاً لا مثلَ يعدلُه / ما في ولائك آخَرٌ مثلي
ما كان بعضي في يَدَيْ بشرٍ / فالآن خذْ منّي هوىً كُلّي
وَاِسمَعْ مديحاً بتّ أنظمه / يمليه منك عليَّ ما يُملي
أغليتُه دهراً ومذ عَلِقتْ / بك راحتي أرخصت ما أغلي
إذا لم أجدْ خِلّاً من النّاسِ مُجملاً
إذا لم أجدْ خِلّاً من النّاسِ مُجملاً / فمن لِيَ منهمْ بالعدوّ المجاملِ
فما إنْ أرى إلّا عدوّاً أخافه / عليَّ ويرمي كلَّ يومٍ مقاتلي
ومن كلّ ما فكّرتُ في محنتي به / قرعتُ جبيني أو عضضتُ أنامِلي
وفي الخير تلقى قائلاً غيرَ فاعلٍ / وفي الشّرّ تلقى فاعلاً غيرَ قائلِ
مَن ذا الّذي يَنجو من الآجالِ
مَن ذا الّذي يَنجو من الآجالِ / في هابطٍ من أرضهِ أو عالِ
ومَنِ المعرّجُ عن صُروفِ نوائبٍ / يُجرَرْنَ فيه أو حُتوفِ ليالِ
يا قربَ بين إقامةٍ وترحُّلٍ / والصّبحُ صبحُ العيش والآصالِ
وإذا اللّيالي قوّضَتْ ما تبتَني / فكأنّها ما بلّغتْ آمالي
ما لي أُعلَّلُ كلَّ يومٍ بالمنى / وأُساقُ من عِدٍّ إلى أوشالِ
ويغرّني الإكثارُ من نَشَبٍ وما ال / إكثارُ إلّا أوَّلُ الإقلالِ
قطّعْ حبالك من فتىً عصفتْ به / هوجُ المنون فقد قطعتُ حبالي
كم من أخٍ عُرِّيتُ منه بالرَّدى / فَعططتُ قلبي منه لا سِرْبالي
ووصلتُه حيّاً ولمّا أن أتتْ / رُسُل الحِمامِ إليه مات وِصالي
جزعي رخيصٌ يوم فاجَأَ فقدُه / قلباً به صبّاً وصبرِيَ غالِ
ونبذته في حفرةٍ مسدودة ال / أعماق عن رِيحَي صَباً وشمالِ
وكأنّه لمّا مضى بمسرّتي / عَجِلاً أتاني من مَطيفِ خيالي
حتّى متى أَنَا في إِسارِ غَرورةٍ / وَرْهاءَ تُسحرني بكلّ مُحالِ
ما لي بها إلّا الشّجى وعلى الصّدى / وقدِ اِستَطال عليَّ غيرُ الآلِ
بخلائقٍ مملولةٍ مذمومةٍ / عُوجٍ ولكنْ ما لهنّ ملالي
أوَ ما رأيتَ وقد رأيتَ معاشراً / سَكَنوا كما اِقتَرحوا قِلالَ معالِ
حكّوا بهامِهِمُ السّماءَ وجرّروا / في الخافقين فواضلَ الأذيالِ
وتحلّقوا شرفاً وعزّاً باهراً / والموتُ حطّهُمُ من الأجبالِ
من كلّ مهضوم الحَشا سبطِ الشّوى / كَرَماً وممتدِّ القناةِ طوالِ
دخّالِ كلِّ كريهةٍ ولّاجِها / جوّابِ كلِّ عظيمةٍ جوّالِ
متهجّمٍ إذْ لاتَ حين تهجّمٍ / واليومُ مُثْرٍ من قنىً ونصالِ
وإذا هُمُ سُئِلوا ندىً وجدوا وقد / سَبقوا إليه قبل كلّ سؤالِ
طلعوا على أُفقِ النّدى في ساعةٍ / لا طالعٌ فيها طلوعَ هلالِ
يا نازحاً عنّي على ضَنّي به / خذ ما تشاء اليومَ مِن إِعْوالِي
قد كنتُ ذا ثِقْلٍ ولكنْ زادني / فيك الرّدى ثِقْلاً عل أثقالي
يا لَيتني ما إنْ تخذتُك صاحباً / وأُحيلَ ودٌّ بيننا بِتَقالِ
فارقتني وأُخِذْتَ قسراً من يدي / من غير أنْ خطر الفراقُ ببالي
مَن ذا قضى من شملنا بتبدّدٍ / ورمى اِجتماعاً بيننا بزِيالِ
إن يَسلُ عنك الجاهلون محاسناً / عرّسْنَ فيك فلستُ عنك بسالِ
أو لَمْ تَرُعهم بالفراق فإنّني / مذ بِنتَ ممتلئٌ من الأَوجالِ
إنْ تدنُ منّي وُصلةً وقرابةً / فَلأَنتَ في قلبي من الحُلّالِ
وأجلُّ من قُرباك بالنسب الّذي / لا حمدَ فيه قرابةُ الأفعالِ
فدعِ التّناسبَ بالشّعوب فما له / جدوىً تَفِي بتناسب الأحوالِ
ما ضرّ خِلّي أن يكون مفارقاً / في عنصري وخلاله كخِلالي
وإذا خليلي لم أُطِقْ فعلاً به / يكفي الرّدى زوَّدتُه أقوالي
وسقى الإلهُ حفيرةً أُسْكِنْتَها / ما شئتَ من سحٍّ ومن هطّالِ
وأتَتْكَ عفواً كلُّ وَطْفاءِ الكُلى / ملأى من اللّمَعانِ والجَلْجالِ
وإذا مَضتْ عَجْلى اِستَنابتْ غيرها / كيلا تضرّ بذلك الإعجالِ
وَإِذا اِنقلبتَ إلى الجِنانِ فإنّما / ذاك التفرّقُ غايةُ الإقبالِ
ولقيتَ من عفو الإلهِ وصفحهِ / فوقَ الّذي ترجو بغير مِطالِ
وإذا نجوتَ السّوءَ في يومٍ به / كان الجزاءُ فإنّ كعبَك عالِ
ومن عجائب أمري أنّني أبداً
ومن عجائب أمري أنّني أبداً / أريدُ من صحّتي ما ليس يبقى لِي
هل صحّةٌ من سقامٍ لا دواءَ له / وكيف أبقى ولمّا يبقَ أمثالي
وما أُريد سوى عينِ المحال فلا / سبيلَ يوماً إلى تبليغ آمالي
واللَّه لا ذقتُ يوماً
واللَّه لا ذقتُ يوماً / مرارةً للسّؤالِ
ولا سمحتُ بعِرْضِي / وقايةً دون مالي
ولا رضيتُ قراراً / إلّا قلالَ المعالي
واللَّه لا كان لِي مالٌ أضِنّ به
واللَّه لا كان لِي مالٌ أضِنّ به / ولا رددتُ بغير النُّجْحِ سُؤّالي
ولا اِدَّخرتُ سوى جودٍ ومكرُمةٍ / ذَخائراً لم أبتْ فيها بأوجالِ
المالُ مالي إِذا يوماً سمحتُ به / وما تركتُ ورائي ليس من مالي
وفي غدٍ أنا مرموسٌ بمقفرةٍ / ملْساءَ عاطلةٍ من جانبِ الخالِ
خالٍ وإنْ كنتُ ذا أهلٍ وذا نَشَبٍ / عارٍ وإن كان بالبَوْغاء سِربالي
لا تَلُمِ الدّهرَ ولا تعذُلِ
لا تَلُمِ الدّهرَ ولا تعذُلِ / فطالما صَمَّ عن العُذَّالِ
في كلّ يومٍ مرّ من صَرْفِهِ / لنا أميمُ الرّأسِ بالجندلِ
مُفَوِّقاً أسهمَه وجهتي / مَن كان مدلولاً على مقتلي
أُنقل من سُفلٍ إلى علوه / طوراً ومن عالٍ إلى أسفلِ
كأنّني قسطلةٌ أُلقيتْ / في كفّ مجنونٍ من الشَّمْأَلِ
يا موتُ ما أبقيتَ من شُمَّخٍ / غُرٍّ وما جاوزتَ من رُذّلِ
صرعى بكاساتك مملوءةً / مُترعةً من ذلك الأقتلِ
كم أخرجتْ كفّك مستعصماً / لا يحذر السّوءَ من المعقلِ
أين أناسٌ سكنوا قبلنا / ذُرا العُلى في الزّمن الأوّلِ
مِن كلّ غَرثانِ الشّوى من خنىً / مُستَمَعِ الأقوالِ في المحفِلِ
كأنّما طلعتُه طَلْقَةً / سيفٌ قريبُ العهد بالصَّيْقَلِ
سِيقوا إلى الموتِ كما سوّقَتْ / نجائبُ الغادين بالأرحُلِ
وفجعةٍ جاءتْ على بغتةٍ / تغصّنِي بالبارد السَّلْسَلِ
كأنّما جرّعني نابِهٌ / بذكره كأساً من الحنظلِ
إنّ أبا الفتح قضى هالكاً / بفادحٍ من قَدَرٍ مُنزلِ
ثلّمَ من مَرْوِيَ فِقدانُه / وحزّ لمّا حزّ بالمفصلِ
فالآن قلبي جُرُحٌ كلُّه / ربّ جروحٍ لَسْنَ بالأنصُلِ
نجمَ المعالي إنّها خُطّةٌ / يبين فيها كلُّ مُستَبْسِلِ
حملتَ منها أيَّما صخرةٍ / والثِّقلُ محمولٌ على البُزَّلِ
لا تنظرِ اليومَ إلى حرّها / لذّاعةً تَعنِفُ بالمُصْطَلي
وَاِنظرْ إلى ما تركتْ بعدها / من نعمٍ للواهب المجْزِلِ
دَعْ زَمناً في الغاب خلّى لنا / أُسودَه تعبث بالأشبُلِ
ولا تلَمهُ ورؤوسٌ لنا / سليمةٌ إنْ عاث بالأرجلِ
وفي كثيبٍ فاتنا سَلْوةٌ / إن دفع السّوءُ عن الأجبُلِ
وَاِصبِرْ عليها طَخْيةً مرةُ / فإنّها عن كَثَبٍ تنجلي
عداك ما أرهف من حدّها / وعن أبيك الأوحدِ الأكملِ
ثُمّ بنيك الغُرّ مُلِّيتَ مِنْ / بقائهمْ بالأمثلِ الأمثلِ
فَاِعدلْ لهذي نِعماً ضخمةً / عن سُنَّةِ المكتئبِ المُعْوِلِ
وكذّبِ القائلَ في قولهِ / قد ظلم الدّهرُ ولم يعدِلِ
إنْ كان حزنٌ فليكنْ من فتىً / لم يقل السّوءَ ولم يفعلِ
فالحزنُ مغفورٌ ولولا الأسى / لم يحسنِ الصّبرُ ولم يجمُلِ
لا بدّ للمصبح في نعمةٍ / يصبحه في ليلهِ الأَليَلِ
وَليسَ للقاطنِ في بلدةٍ / معرّساً بدٌّ من المَرْحَلِ
إنِّيَ منكمْ بودادي لكمْ / ووسط أبياتكمُ منزلي
ما مسّكمْ من جَذَلٍ مَسّنِي / وما يصبْ من حُرَقٍ فهْوَ لِي
يا راحلاً لا أَرتجي عودَه / وإنْ رجونا عودَة الرُّحَّلِ
سَقَى الّذي واراك في تربةٍ / سحُّ قُطارِ الواكفِ المُسبِلِ
ولا يزلْ فبرك في روضةٍ / يُنفَحُ بالجادِيِّ والمَنْدَلِ
تَعاقَبُ الأنواء نُوّارَه / فمن مُلِثِّ القَطْرِ أو مُنجَلِ
طلبتُ الغِنى حرصاً على بذلِيَ الغِنى
طلبتُ الغِنى حرصاً على بذلِيَ الغِنى / فلم أره إلّا بكفّ بخيلِ
وكنتُ متى أرجو البخيلَ لحاجةٍ / حُرِمتُ رشادي أو ظَلَلْتُ سبيلي
وقلتْ لمن ذمّ القليل ضراعةً / قليلٌ يصون الوجه غيرُ قليلِ
وكَم للّذي حازَ الغِنى بعد فقده / بكاءٌ ومن حزنٍ عليه طويلِ
فأين وأحوالُ الرّجالِ شتائتٌ / مقامُ عزيزٍ من مقامِ ذليلِ
فَسل خالقاً فضلَ العطيّةِ مجزلاً / فإنّ عطاءَ الخلق غيرُ جزيلِ
وأشقى الورى مَن كان أكبرَ همّه / هجاءُ ضَنينٍ أو مديحُ مُنيلِ
يا قاتلي إنْ كنتَ تَرْ
يا قاتلي إنْ كنتَ تَرْ / ضى من ودادي بالمحالِ
فلَسوفَ أقنع من لِقا / ئك لِي بطيفٍ من خيالِ
زَوْرٌ بزَوْرٍ مثلِهِ / حذْوَ الأديمِ على مثالِ
كَيف اِستَجزتَ الصّدقَ في / هجري وكذباً في وصالي
وجعلتَ منعك في الضّحى / وتركتَ بِرَّك في اللّيالي
ما نلتقي إلّا كما / زعمتْ أمانٍ في الكرى لِي
أنتَ الحبيب فلِمْ صني / عك لِي شبيهٌ بالتَّقالِي
وأرى نَوالَك في يدي / إنْ رمتُه صَعْبَ النّوالِ
والرُّخصُ عندك كلُّه / في باطلٍ والحقُّ غالِ
أمَا ترى الدّهرَ مسلولاً صوارمُه
أمَا ترى الدّهرَ مسلولاً صوارمُه / تفري وتقطع منّا كلَّ موصولِ
معلَّلاً كلّما يدوِي ويُسقِمُه / وربّما ضرّ ذا سُقمٍ بتعليلِ
أمّلْتُ فيه أموراً ما ظفرتُ بها / وعاد يسحب ذيلَ المنعِ تأميلي
فعدِّ مثواك عن شيء منيتَ به / فلا اِنتِفاعٌ لمشغولٍ بمشغولِ
ما صِيدَ قلبُك إلّا باِبنةِ الكِلَلِ
ما صِيدَ قلبُك إلّا باِبنةِ الكِلَلِ / وكم نجا النَّبلَ مَن لم ينجُ من مُقَلِ
دعتْ هوايَ إليها فاِستَجاب لها / غنيّةٌ عن سوادِ الكُحلِ بالكَحَلِ
بيضاءُ تفضح صبحَ اللّيلِ إنْ نشرتْ / ذُؤابةً في فروع الفاحمِ الرَّجِلِ
وَلَو رأتْ وجهَها شمسُ النّهارِ وقدْ / ألْقَتْ معارجها غابتْ من الخَجلِ
وَلَم يَطُر بِيَ لولا حبُّها غَزَلٌ / فساقني حسنُها كرهاً إلى الغَزَلِ
فلو رآها عذولٌ تاب معتذراً / من أنْ يعود إلى شيءٍ من العَذَلِ
مرّتْ بنا وفؤادي لِي فما برحتْ / حتّى كأنّ فؤادي قطُّ لم يكُ لِي
وزارني طيفُها وَهْناً فأَوْهمني / زيارةً كنتُ أرجوها فلم أَنَلِ
هي الزّيارةُ معسولاً تطعُّمُها / وليسَ فيها لنا شيءٌ من العَسَلِ
لو كان طيفُك أوْلانا زيارَته / على الحقيقةِ ما ولَّى على عَجَلِ
عَطِيّةُ النومِ مَنعٌ لا اِنتِفاعَ بها / للعاشقين وجودُ الطّيف كالبُخُلِ
فَكيفَ جِئتِ إلينا غيرَ سائرةٍ / على جوادٍ ولا حِدْجٍ على جملِ
وَكيفَ لَم توقِظي صحبي وقد هجعوا / برنّةِ الحَليِ أوْ مِن فَغْمَةِ الحُلَلِ
قد قلتُ للرّكب حثّوا كلَّ سَلْهَبَةٍ / جَرْداءَ أو جَسْرَةٍ من أينُقٍ بُزُلِ
في مَهْمَهٍ لا ترى فيه لناجيةٍ / في ظهرها الكُورُ غيرَ الشدِّ والرَّحَلِ
حُطّوا بعَقْوَةِ ركنِ الدّين واِبتَهِجوا / بالمَنهلِ العَذْبِ أو في المنبَتِ الخَضِلِ
حيثُ الملوك ملوكُ الأرض خاشعةٌ / لمالك الأرضِ والأعناقِ والدُّوَلِ
وجانبٌ تُنهبُ الأموالُ فيه فما / يرضى لمن أمّل الأموالَ بالأملِ
ومطرحٌ ليس فيه للملامِ يدٌ / ولا معابٌ لتفصيلٍ ولا جُمَلِ
ما فيهِ إلّا صريحٌ أو علانيةٌ / بالاِتّفاقِ ولا صلحٌ على دَخَلِ
كم موقفٍ ثمَّ فيه ليس محتكمٌ / غيرَ الصّوارمِ والخطّيّةِ الذّبلِ
حيث النّجاءُ مَروقٌ كفُّ طالبه / ومَوْقِدُ الحربِ يرمي القومَ بالشُّعَلِ
شهدتَه بجَنانٍ ما ألَمَّ به / ذعرٌ ولا مسّه مسٌّ من الوَجَلِ
ثَبْت المقامة في دحضٍ مزالقُه / لو زالتِ الصُّمُّ يوماً عنه لم يزُلِ
وأنتَ في ظهر ملطومٍ بغرّته / كأنّه شِدّةً قَدْ قُدَّ مِن جَبَلِ
لا يعرف الطَيشَ في سِلْمٍ وممتلئاً / في ساعة الرَّوع ممّا شئتَ من خَبَلِ
مُحَكَّمٌ فيه أنّى شاء فارسه / للرّيث إنْ رامه طوراً وللعَجَلِ
فقل لمن شكّ جهلاً في شجاعته / وإنّه قانصٌ نفسَ الفتى البَطَلِ
من أين تحكم إِلّا في يديه ظُباً / يوم الكريهة في الأجسام والقُلَلِ
أَوْ مَن سواه تروّى فتقَ طعنتِه / نحرَ المدجّجِ طمآناً من الأَسَلِ
مَن عالج الملك لولاه وقد طرأتْ / على ضواحيه صعباتٌ من العِلَلِ
مَن راشَهُ بعد أنْ حُصَّتْ قَوادِمُهُ / مَن صانه وهو في أظفارِ مبتذلِ
مَن ذبّ عنه ببيصٍ ما عَرفن وقد / سُلِلْن في نصره عَوْداً إلى الخِلَلِ
مَن ردّ عنه نيوباً للخطوب وقد / هَفَوْن بالرّأي أو برّحْن بالحِيَلِ
مَن كفّ أيدِيَ أقوامٍ به عبثوا / وردّهنّ بما يكرهن من شَلَلِ
لا تحسبنّي كأقوامٍ خبرتَهمُ / قيدوا بأرشيةِ النَّعماءِ والنَّفَلِ
بلا قرارٍ على دارٍ يحلّ بها / ولا مقامٍ على شيءٍ من السُّبُلِ
فإنّني لك صافٍ غيرُ ذي كَدَرٍ / وواردٌ منك عِدّاً غيرَ ذي وَشَلِ
وإنْ تبدّل قومٌ عنك واِنتَقلوا / فليس لِي منك عُمْرَ الدّهرِ من بَدَلِ
وإنْ يحولوا ويَضحَوا غيرَ مَن عهدوا / فإنّني لم يَزُلْ ودّي ولم يَحُلِ
وإنْ يُمَلّوا وما مُلَّ الجميلُ بهمْ / فإنّني مُعتَقٌ من رِبْقَةِ المَلَلِ
خوّلتنِي منك إكراماً يُخَيَّل لِي / أنّ الأنامَ لما خوّلتني خَوَلي
وما جذلتُ لشيء في الزّمان وقدْ / أَسحبتني باِجتبائي حُلَّةَ الجَذَلِ
فإنْ وردتُ زلالاً غبَّ معطشةٍ / ففي ولائك عَلِّي اليومَ أو نَهَلِي
ومذْ وصلتُك دون النّاس كلّهم / فقد قطعتُ على خُبْرٍ بهمْ وُصُلِي
ومذْ جعلتُ لظهري منك مستَنَداً / غَنِيتُ عن أَكَمِ القِيعانِ بالجبلِ
فَاِسعَدْ بذا العيد وليمضِ الصّيامُ فقد / أثنى عليك بخير القولِ والعملِ
يمضي بلا هفوةٍ في عرضه مرقتْ / ولا عثارٍ ولا شيءٍ من الزَّلَلِ
وعشْ مُوَقّىً خطوبَ الدّهرِ محتمياً / عمادُ عزّك عن ثلمٍ وعن مَيَلِ
وثوبُ فخرك لا يُطوى على شَعَثٍ / وشمسُ ملكك لا تُدني إلى طَفَلِ
يا عليلَ الطَّرْفِ رفقاً
يا عليلَ الطَّرْفِ رفقاً / بِضَنى قلبٍ عليلِ
هو راضٍ بَعدَ أنْ لم / يرضَ ما دون القليلِ
كم لعينيك ولمّا / تجنِ فينا من قتيلِ
أنْتَ في قلبي وإنْ غُي / يِبْتَ عن عيني نزيلي
أيُّ عذرٍ مَعَ إِمْكا / نِ العطايا بالبخيلِ
وأحقُّ النّاس بالإجْ / مالِ ذو الوجه الجميلِ
ما الّذي ضرّك لو عا / نَقتني يومَ الرّحيلِ
يومَ لا يحفلُ لِي سَمْ / عٌ بعذلٍ من عذولِ
طال من يومٍ فراقٌ / لكمُ غيرُ طويلِ
بأبي مَن حملتْ كف / فاه قلبي في الحمولِ
فهو من بعد قرارٍ / من وجيفٍ وذميلِ
سَفَرٌ ما كان لي زا / دٌ به غيرُ عويلي
ليس لِي غير الأسى عن / دك والهَمّ الدّخيلِ
لا حرمتُ السُّولَ ممّنْ / هو دون الخلق سولي
وإذا حَلّأتني عَنْ / كَ فمن يروي غليلي
وإذا لم تُنِلِ الرِّفْ / دَ فما لي من مُنيلِ
رأيتكْم في أمورٍ غير مسفرةٍ
رأيتكْم في أمورٍ غير مسفرةٍ / ما يَنقَضي شُغُلٌ إلّا إلى شُغِلِ
فإِنْ تكنْ تلكمُ الأشغالُ قاطعةً / عَن غَيركمْ فَشفاها اللَّه من عللِ
وإنْ يكن ذاكَ تعويقاً لشرّكمُ / فينا فيا حبّذا الأشغالُ من عُقَلِ
لا خير فيمن تناساه الرّجاءُ فما / تسري إليه بنيّاتٌ من الأملِ
ولم يَبِتْ أحدٌ منه وإن بعدتْ / عنه محلّته إلّا على وَجَلِ
مَن لي بمن إنْ سُمته حاجةً
مَن لي بمن إنْ سُمته حاجةً / شمّر فيها فَضْلَ أذيالِهِ
فيبذل النّفسَ ولا يرتضي / في لَزَباتي بَذْلَ أموالِهِ
وحاملٍ ثِقْلي على ظهرِهِ / كأنّه من بعض أثقالِهِ
لو غدر النّاسُ به كلُّهمْ / ما خطر الغدرُ على بالِهِ
وربّما أعرضتُ عنه فلا / أعدَمُ منه فضلَ إقبالِهِ
ما عثرتْ رِجلُ اِمرئٍ مُنفِضٍ / أغنته كفّاهُ بإذلالِهِ
ولا رأته عينُ ذي زلّةٍ / أَبدَلَ إفحاشاً بإجمالِهِ