القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 98
لما جهلت من الحقيقة أمرها
لما جهلت من الحقيقة أمرها / وأقمت نفسك في مقام معلل
أثبت تبتغي حلا به / للمشكلات فكان أكبر مشكل
ولما سعى الساعون أن نهجر الوغى
ولما سعى الساعون أن نهجر الوغى / ونمنح للمغلوب من فضلنا مهلا
عقدنا مع اليونان للحرب هدنةً / على طلب منهم فكانوا اليد السفلى
هو النصر مقروناً به العزُّ لم تزل / بألسنة الأيام آياته تُتلى
أقول لمن قد بات يجهل مجدنا / سل السيف عنا والفتوَّة والنُبلا
لسلطاننا عبد الحميد سياسة / طريقتها في المعضلات هي المثلى
سللت لنصر الدين سيفَ عزيمة / فللتَ به ما لم يكن فلُّه سهلا
فجّهزت جيشاً للجهاد عرمرما / قهرت به ذاك العدو الذي ولّى
نُهنِّيك بالفتح المبين الذي به / تسامى منار للشريعة واستعلى
ليس البليد الجاهل
ليس البليد الجاهل / كمن له فضائلُ
ولا الذي يجبن في ال / حرب كمن يقاتل
إن تزِنوا محمدا / بالطود فهو فاضل
اليوم ربي أظهر ال / عدل وربي عادل
اليوم ربع المجد قد / أصبح وهو آهل
اليوم للبدر المني / رِ طابت المنازل
سار فأدرك الذي / يَخِيبُ عنه الآمل
ما كل من سار على / قصدِ الطريق واصل
من رتبة قد حازها / ليس لها معادل
قد حازها ولم يحز / ما حازه محاول
ولم يكن له سوى اس / تحقاقه وسائل
لا يدركنّه وإن / طاوله مطاول
فبينه وبين من / طاوله مراحل
شهم له عليه من / فعاله دلائل
ارتفعت عن العرا / قين به نوازل
نوازلٌ تَصفرُّ من / شدتها الأنامل
فُحُلَّ من مشكلها / بفضله مسائل
لولاه ما حلَّت من ال / مسائل المشاكل
أتى بما قد عجزت / عن مثله الأوائل
قد حسنت في العين من / جنابه الشمائل
إن حل في أرض فإنّ / الجور عنها زائل
فما بها مشاغب / ولا بها غوائل
كالحق فهو إن أتى / يزهق منه الباطل
العدل ثمّ آمن / والظلم ثَمَّ واجل
العدل والظلم به / مخيم وراحل
تخاف بأسه وتر / جو جوده القبائل
عن رتبة قد نالها / ساءلني مسائل
فقلت في جوابه / وقد يجيد القائل
إلى القلوب أرِّخن / أهوى فريق فاضل
فيك المدائح تحلو
فيك المدائح تحلو / إذ أنت للمدح أهلُ
يجلّ كل فريقٍ / وأنت أنت الأجل
أنت الذي عمّ منه / أهل العراقين فضل
لك الأكابر تعنو / لك الخصوم تذلّ
بك السياسة تزهو / بك الرياسة تحلو
مهما يكن من خلافٍ / ففيه قولك فصل
ما إن رايت كثيراً / إلَّا وعنك يقل
كم قد فعلت فعالاً / على علاك تدلّ
الناس منهم جوادٌ / وذو كمال وعدل
لكنما الفرد منهم / عن كل ما فيك يخلو
في الكل يوجد جزءٌ / وليس في الجزءِ كلّ
بغداد أشرف أرضٍ / إذ أنت فيها تحلُّ
كأنما هي غمدٌ / كأَنما أنت نصل
زكوت فرعاً كما قد / زكا لغرسك أصل
أبوك قد كان ليثاً / وأنت لليث شبل
الانتقام ينادي / ويل لخصمك ويل
ارحم فديتك فخرى / خصما به زلّ نعل
اخلع نعالك يا خص / مُ إنها قد تزلّ
غالبت بالجهل علماً / وليس كالعلم جهل
لو أذعن الخصم قبلا / لكان للخصم عقل
لكنه لم يكن يع / لم اقتدارك قبل
فكان حينئذٍ في / كبر له عنك شغل
عفوت عنه امتناناً / لمّا بدا منه ذلُّ
يا أيها الخصم صبراً / لا يُفزعَّنك هول
فإنما كل خطبٍ / دون المنية سهل
له يدٌ ونوالٌ / هما سحاب ووبل
له محيَّا جميلٌ / وصحبة لا تملّ
وفكرة بمساعي / ها المشكلات تحل
لولاه ما كان مجمو / عاً للفضائل شملُ
يا فخر كل فريقٍ / وعارضاً يستهلُّ
قد نلت رتبة مجدٍ / على المراتب تعلو
لما بلغت مداها / وأصبحت بك تغلو
ناديتُ يا مجد أرّخ / فخرى فريق يجلُّ
متى تحضر تطب يا عذل بالا
متى تحضر تطب يا عذل بالا / وأما أن تغب عنا فلا لا
وكم واعدتنا يا عدل وصلاً / وجوناه فلم تنل الوصالا
وطالبناك بالإبحار لما / مطلت فلم تزد إلا مطالا
إلى الناس التفت يا عدل يوماً / فإن عليك للناس اتكالا
زوالك بما لا تهنأ محضروه / يكون لعز مملكة زوالا
وإن السعد حيث ظلعت يبدو / وإن الأمن حيث تميل مالا
وإنك كالصبح إذا تجلى / وأسفر عن عمود قد تلالا
وإنك قد أضأت الناس قدماً / وإنك كنت حينئذٍ هلالا
فكيف وأنت هذا العصر بدرٌ / بلغت تمام ضوئك والكمالا
تُوارى نورك المحبوبَ عنا / وتحجُب عن محبيك الجمالا
أقم للحق ديواناً عظيماً / ورخّص كي نُلمَّ به عجالى
فنقرأ في ظُلامتنا كتاباً / ونشكو في حضورٍ منك حالا
وقفت وأعيني مغرورقاتٌ / على ربعٍ لمية قد أحالا
على ريعٍ لميةَ زايلتهُ / ولم يك عَرف مية عنه زالا
أسائله فلم يُرجع جوابي / كأن الربع ما فهم السؤالا
وقفت محاذياً طللاً حكاني / بهِ وحكيت دارسه هُزالا
كاني إذ أسائله خيالٌ / يخاطب في مُعَطّلة خيالا
ذكرت به زماناً فيه ميّ / تلاعبني وتوليني الوصالا
وصالاً قد نعمت به كأني / شربت به على ظمأٍ زلالا
إلا يا ميّ حبك في فؤادي / كمثل النار يشتعل اشتعالا
أبيني كيف ليلك قر تقضى / فبعدَك ليلنا يا ميُّ طالا
أَميَّةُ نوّلينا منك قرباً / أمية ثم لا تَذَرى النوالا
ولم نك إذ منعت الوصل ندرى / ابخلاً كان ذلك أم دلالا
اذنبٌ يا رعاكِ اللَه أنا / عشقنا منك يا ميُّ الجمالا
أدر في الربع عيناً منك وانظر / إلى حال إليها الربع حالا
تولى فيه عنك العيش حلواً / فخلَّ العين تنهمل انهمالا
وما الربع الذي أخبرت عنهُ / سوى الوطن الذي ركناه مالا
وليس سوى العدالة ما هوينا / وميٌّ قد ذكرناها مثالا
إذا أمست حياة المرء عبثاً / عليه لا يطيق لها احتمالا
ولازَمهُ من الآلام داءٌ / وأصبح داؤُه داءً عضالا
وقد فرحت أعاديه شِماتاً / وفارقه أحبتهُ مَلالا
فليس سوى الحِمام له طبيبٌ / يداوي منه آلاماً توالى
فإن الموت يرحمه وينفي / خطوباً قد نزلن به ثقالا
وإن الموت ملتجأ كريمٌ / لمن ألقى بساحته الرحالا
فزرنا عاجلاً يا موت زرنا / فإن لنا بزورتك احتفالا
ويا نفس ارحلي عنا ففينا / بقاؤك لم يكن إلا ضلالا
ودوسي في طريقك كل صعبٍ / بعزمٍ تنطحين به الجبالا
فإنك إن برحت الجسم منا / سموت إلى ذرى جوّ تعالى
نَفِرُّ من الحياة إلى المنايا / لأن حياتنا أمست وَبالا
نريد من الكروب بها خلاصاً / وعن دار الهوان بها ارتحالا
وإنّ لنا إذا متنا حياةً / ننالُ إلى السماء بها انتقالا
ستخرج عن مضيق الجسم روحي / وتلقى في الفضاء لها مجالا
بقاء الروح بعد الجسم أمرٌ / بهِ اختلفوا ومن يدري المآلا
فقال البعض إن الروح تبقى / إذا انفصلت عن الجسم انفصالا
وقال البعض إن النفس تفنى / إذا لاقت قوى الجسم انحلالا
فظن بقاءَها حتما أناسٌ / وعدَّ بقاءها قومٌ مُحالا
وقد قلنا بهِ ونفاه بعض / وإن لنا مع النافي جدالا
ألا إنما هذا الذي لك أنقل
ألا إنما هذا الذي لك أنقل / له مثلما أرويه أصل مؤصَّلُ
قضى أحد الضباط في الحرب نحبه / وكانإذا دارت رحى الحرب يبسُل
وخلَّف زوجاً قلبها رهن حبه / وكان له قلب بها متشغِّل
من اللاء لم يأتين فاحشة ولا / زُنن بما منه العقائل تخجل
نوار كشخص للعفاف مجسم / فإن ذكر الناس العفاف تمثل
ترقرق ماء الحسن في وجهها الذي / هو البدر ليل التِمِّ أو هو أجمل
فجلَّ لفقدان الوليّ مصابها / وباتت تناجي الهم والعين تهمل
وقد كان منها الخد كالورد زاهيا / فأصبح ذاك الورد بالهم يذبل
ولازم حمى الدق ناعم جسمها / فأمست على رغم الشبيبة تنحل
ويعرق منها الجسم في كل ليلة / وتنفث من سُل دماً حين تسعلُ
وأنشب في أحشائها الداء ظفره / فظلت له أحشاؤُها تتبزل
سقام بها أعيا الأطباء برؤه / إذا لم يعنها اللَه فالأمر مشكل
أمكروب داءِ السل هل أنت عارف / لمن أنت تؤذي أو بمن أنت تنكل
أرحها فما أبقيت إلا حُشاشة / بها حكمها عما قريب سيبطل
تجنب فقد مزقت أحشاء صدرها / أَأَنت بها حتى الممات موكل
وفسّح لها في العمر وارحم شبابها / فإنك إن أرجأتها أنت مفضل
لكِ اللَه من مسلولة حان حينها / وعما قليل للمقابر ترحل
وفاجأَها فقر فباعت لدفعهِ / أثاثاً به قد كانت الدار تجمل
إلى أن تخلى البيت من كل ما به / ولم يبق فيه ما يباع ويُنقل
تجانبها الأدنى وكل لداتها / وأعرض عنها جارها المتمول
هنالك أبدى الجوع ناجذه لها / وزاد بها الداء الذي هو معضل
فخارت قواها في غضير شبابها / وحارت فلم تدر الذي هي تفعل
كذلك جسم المرء يأكله الطوى / إذا المرء لم يلف الذي هو يأكل
فسارت على ريث تؤمُّ محلَّة / ترجِّى بها خيراً لها وتؤمل
وتزجي لها طفلاً جميلاً أمامها / كما تستحث الخِشف ادماء مغزل
لقد أضعف الجوع المبرِّح خطوه / فسار وفي أحشائِه النار تُشعل
يحور إليها بالبكاء فتنحني / عليه وتُسلى قلبه وتقبل
وتمسح عينيه اللتين أذالتا / دموعاً على الخدين منه تسلسل
تحاول أم الطفل منع دموعه / ولكنها رغما عن الأم تهطلُ
خبير بقصر الأم يشكو لها الونى / بعينيه إلا أنه ليس يسأل
تروح إلى دار الحكومة تبتغي / معاشاً لها مستأخراً ليس يحصل
ريالان بعد الزوج قد رُتبا لها / وذلك نزر ليس بالعيش يكفل
تقول لذي أمر على المال سيدي / إليك بجاه المصطفى أتوسل
أنلني معاشي اليوم وارحم فإننا / جياع إذا لم نُعطَ من أين نأكل
فأوسعها شتما ورد سؤالها / وقال لها موتي طوى لست أبذل
فعادت على يأس لها ملءَ قلبها / وقد خنقتها عبرة تتغلغل
أمالك أمر المال إنك زدتها / سقاماً على سقم أقلبك جندل
ألم ترَ أن السل أنحل جسمها / وحملها الإعواز ما لا تحمل
منكدة قد طالبتك بحقها / فلو كنت تقضي سؤلها كنت تعذل
وآبت إلى المأوى فباتت على طوى / تكابد طول الليل والليل أليل
وأعوزها زيت تنوِّر بيتها / به والدجى سجف على الأرض مسبل
فجرَّ إليها الليل أجناد همِّها / إذا فرَّ منها جحفل كرَّ جحفل
تقول ألا مالي أرى الصبح مبطئاً / وعهدي به في سالف الدهر يعجل
فيا ليل ما أدرى وقد طلتَ داجياً / أعتبي على الأيام أم أنت أطول
ألا ليت أمي لم تلدني أو انني / نفتني المنايا قبل أنيَ أعقل
برمت بمالي من حياة فإنها / شقائي وإن الموت منها لأفضلُ
حياة أمرَّتها الرزايا كأنما / يمازجها منهن صاب وحنظل
وعتبي على الأقدار فهي بما جرت / به لم تكن أستغفر اللَه تعدل
فيا موتُ زر إن الحياة تعاسة / ويا نفس جودي إن دهرك يبخل
وما سفري إن متُّ ينأَى وإنما / إلى بطنها من ظهرها اتنقل
ألا إن بطن الأرض للمرء منزل / كما أن ظهر الأرض للمرء منزل
ولم أرَ بين المنزلين تفاوتاً / سوى أن ذا أعلى وذلك أسفل
ولا مثل بطن القبر دار عدالة / تساوى بها حالا رؤوس وأرجل
ولست على الشكوى أدوم إذا دنا / حمامي إلا ريثما اتحوَّل
ولكن روحي للسماء رقيها / هنالك من نجم لنجم تجول
إلى أن تلاقي روح زوجي صادق / فتتصل الروحان والبين يخجل
فلو أبصرت روحي على البعد روحه / إذاً لمشت روحي إليه تهرول
تقبل روحي روحه وتشمُّه / وتشكو إليه ما بها كان ينزل
وتمسك بالأيدي بفضل ردائه / وما أن تخلِّى بعد للحرب يرحل
وقولي له يا روح بعدك عيشنا / تعسر حتى كاد لا يُتَحمَّل
أصبح من قد كان بالأمس سائلاً / بأحوالنا عما بنا ليس يسأل
تجنبنا الأدنى ومن كان صاحباً / ومن كان يطرينا ومن كان يجمل
وخرّى على أقدامه وتذللي / له أن من يبدي الهوى متذلل
وفي فمها بان ابتسام كأنها / تشاهد شخص الزوج فيما تخيَّلُ
تراه قريب الأرض في الجو ثابتاً / فلا هو يستعلي ولا هو ينزل
فمدت يداً نحو الخيال مشيرة / إليه وقالت وهي في البين تسعل
بربك أنبئني أإنك صادقي / قد ازدرت أم أنت الخيال الممثل
فإن كنت إياه فقل غير كاتم / لماذا لماذا أنت لا تتنزل
أصادق أنت السؤل للنفس فاقترب / وأنت لها أنت الرجاء المؤمل
فإن كان لي ذنب به عفتَ مسكني / فإني لذاك الذنب بالدمع أغسل
إذا ذكرتكَ النفس جاشت صبابة / وفار عليها من غرامك مِرجل
تبدَّل مني كل شيء عهدته / ولكنما حبيك لا يتبدل
فهل أنت في حبي كما كنت سابقاً / وقلبك كالقلب الذي كنت تحمل
إذا كنت عني أنت وحدك راضيا / فكل صعوبات الحياة تسهل
هلم إلى جنبي فإني مريضة / بحمى قوى جسمي بها تتزلزل
وسارع وأحضر لي طبيباً مداويا / كما كنت قبلا إن تشكيتُ تفعل
ولكنني أخطأت فيما طلبته / ذهولا ومن قاسى الحوادث يذهل
فإني لا أبغي سواك مداوياً / فأنت طبيبي والشفاء المؤَمل
أقم عندنا لا ترحلّن فإن تُقم / فكل نحوسات الزمان ترحل
نعيش كما كنا نعيش بغبطة / ونمرح في ثوب السلام ونرفُل
فحينئذٍ لا حادث يستفزِّنا / ولا أحد بيني وبينك يفصل
وغاب فقالت آه بل أنت ميت / ولكنما روحي إليك ستقبلُ
وحانت لصوب الطفل منها التفاتة / فقالت وفياضٌ من الدمع مهمل
ولكن صبِّي من يقوم بأمره / إذا زارني حتفي الذي أتعجل
أَأَترك من بعدي صغيري أحمداً / وحيداً بلا حامٍ بهِ يتكفل
وأحمد ريحاني فإن أَبتعد فمن / يشممه بعدي ومن ذا يقبل
أليست تكاليف الحياة التي لوت / جناحي على طفل كأحمد تثقلد
وأغمى من جوع على الطفل أحمدٍ / فصاحت أغث ربي عليك المعول
أطلَّت عليها جارة ذات عيلة / لتعلم من في ظلمة الليل يعول
ونادت من الباكي كذا بحرارة / وذيل الدجى الضافي عَلَى الأرض مسدل
أجابت بصوت راجف متقطع / وقالت أنا يا هذه أنا سنبل
جعادة إن ابني تُغَيَّبُ نفسه / من الجوع إن الجوع ويلي يقتل
جعادة إن ابني الوحيد هو الذي / بهِ في ليالي وحدتي أتعلل
جعادة أن الأمر جدٌّ فأدركي / وللجار حق واجب ليس يغفل
فجاءت إليها بالسراج وَنبَّهت / قوى الطفل حتىّ عادَ يَرنو وَيعقل
سقته حليباً كان ملءَ ثديِّها / فنام وباتت أمه تتململ
وتذرف عيناها الدموع وقلبها / تظلُّ به الأحزان تعلو وتسفل
إلى الصبح حتى بان فانطلقت إلى / محلِّ بهِ أهل المبرة تنزل
عليها ثياب رثة وملاءة / كأحشائها في كل آن تبزل
تكفكف دمعاً بالبنان وكلما / مشت خطوة أو خطوتين تمهل
تمد يميناً بالسؤال ضعيفة / وتخجل منهم عند ما هي تسأل
أأرملة الجندي لا تخجلي فمن / حقوق العلى أن الحكومة تخجل
عرض الحب لسلمى وتأَلى
عرض الحب لسلمى وتأَلى / ثم لما نال ما نال تولَّى
كان منه الحب برقاً خلباً / لاح في عرض الدجى ثم اضمحلا
أزمع الركب في للصباح رحيلا
أزمع الركب في للصباح رحيلا / ما على الركب لو أقام قليلا
لكل طلوعٍ يا ذُكاء أفول
لكل طلوعٍ يا ذُكاء أفول / فنورك هذا في المساء يزولُ
ويرحل لألاء النهار وبعده / يخيِّم ليل يا ذكاء ثقيل
تصعَّدتِ في أوج تسامى مقامه / وكل صعودٍ يقتضيه نزول
إذا غبت عن أرض طلعت بغيرها / فأشرق آكام بها وسهول
لوجهك هذا ليته دام بازغاً / شعاعٌ يرد الطرف وهو كليل
نعم أنت عنا تغربين وإنما / فراقك رزءُ لو علمت جليل
فيخفى ضياء منك للعين باهرٌ / ويظهر نور للنجوم ضئيل
وينأى عن الروضِ الأنيق اخضراره / ويكتنف الأزهارَ فيه ذبول
هنالك تستولي على الأرض ظلمة / وتوحش فيها أرسم وطلول
ولكنّ قرص البدر في لمعانه / ببعض الليالي البيضِ منك بديل
ألا أيها البدر المنير لأنت لي / إذا الشمس غابت صاحب وخليل
تصبُّ بوجه الأرض نوراً كأنه / مذابُ لجينٍ في البطاح يسيل
يخصُّك قلبي أيها البدر بالهوى / لأنك بين الزاهرات جميل
فأقرب نجم أنت يا بدر طالعٍ / على الأرض يجرى حولها ويجول
كما الأرض تأتي كل عام بدورة / على الشمس في تَطوافها فيحول
جمعتَ جمالاً راع طرفي وبهجةً / فماذا عسى يا بدر فيك أَقولُ
لك اللَه ما أبهاك يا بدر طالعاً / فهل لك في باقي النجوم مثيل
تضجرت من أرض بها الفضل ضائعٌ / ومن زمن فيه الكرام قليل
وأكثرُ بخسا للفضيلة موقع / يجادل أهل العلم فيه جَهول
وإن امرءاً لم يحتفل قومه به / وجانَبه أصحابه لذليل
لنفسي مقام في السماء ستهتدي / إليه إذا بالنفس جدّ رحيل
أتخشى ضلالا في السرى وطريقها / عليه بياض الفرقدين دليل
مقامٌ بغير الموت لست أناله / فليس إليه ما حييت سبيل
وما زلت في ليلي أمتِّع ناظري / بمنظر بدرٍ حان منه أفول
وقد سطع الفجر المضيءُ حذاءه / ولاح بياض للصباح طويل
إذا صيحة من بيت جاري تعتلي / وأخرى وأخرى صوتهن يهول
نساء عراها حادث صرخت له / وأعقب صوت الصارخات عويل
حكين بترداد النواح حمائما / لهن بريعان الصباح هديل
لقد حلَّ مذ عامين في الدار هذه / فتى لنساء كالظباء يعول
فتى ما رأت عين امرئٍ مثل حسنه / بوجنته ماء الشباب يجول
فتى لم يجاوز بعد عشرين حجة / يقال له عند الدعاء نبيل
عراه سَقام قبل ستة أشهر / فعهدي به في الدارِ وهو عليل
أظن نبيلا مات من داء سُله / فقد قال بعض إنه لثقيل
نجوت وَربِّي يا نبيل من الأذى / فليس له بعدا إليك وصول
ولكنما خلَّفت بعدك نسوة / مرزأة أحزانهن تطول
مدلهة ما ان لهن مساعد / ومهملة ما ان لهن معيل
تسمَّعت إحداهن وهي حليلة / له تتلوى بالاسى وتقول
لأنت جميل في الحياة وبعدها / كذلك في عينيَّ أنت جميل
سيذبُل هذا الخد وهو مورَّدٌ / ويكمَد هذا الطرف وهو كحيل
لقد رمت عنا رحلة أبدية / أمالك عن هذا المرام عدول
ألا ثكلت أمُّ الذين أكُفهم / عليك بطوعٍ للتراب تهيل
إلى مَن إلى من بعد موتك نلتجي / إلى من إلى من والزمان بخيل
وليس لنا في هذه البلدة التي / نعيش بها إلا حماك مقيل
وليس لنا حامٍ يلم شتاتنا / وليس لنا أهل وليس قبيل
سأَلزم قبراً أنت تسكن جوفه / وللدمع مني في ثَراك أُذيل
قد كنت أنظم والحياة رغادة
قد كنت أنظم والحياة رغادة / واليوم أنظم والحياة ملال
لم تبق من ماء جمعت زلاله / في الحوض إلا هذه الأوشال
قلت في تيهي للسماء وقداد
قلت في تيهي للسماء وقداد / جت اريني نوراً يكون دليلا
فأجابت لو استطعت لما أل / فيتني بالذي سألت بخيلا
غير اني مربوطة باواخي / سنن لا ألقى لها تبديلا
قلت للريح خففي البرد اني / واجد وطأه عليّ ثقيلا
فاجابت لا استطيع لانفا / سي حراً وعن عصوفي عدولا
انني في دنياي مثلك مدفوع / فما ذنبي ان هببت عجولا
قلت بعد العياء للمرض / ارحمني ولا تتخذ اليّ سبيلا
قال الله لا ضغينة عندي / لك قبلا ولم اكنّ ذحولا
غير اني بان اغولك مأمور فما / حيلتي سوى ان اغولا
أذكى تعصب ثلة جهال
أذكى تعصب ثلة جهال / نارا بها انا دون غيري الصالي
ذهب الربيع فلا ربيع قبالتي / ومضى الهزار فلا هزار حيالي
اعمارنا ليست على سعة المنى / ان الحياة قصيرة الآجال
ولسوف اهجع في حفير مظلم / متقطعاً في جوفه اوصالي
الكذب عاهرة شهدت طلاءها / وسمعت منها رنة الخلخال
انا لمربوطون من عاداتنا / بسلاسل كسلاسل الاغلال
ان العجول على نبالة قصده / متعثر في السير بالاذيال
قاسيت اهوال الليالي جمة / يالليالي ثم للاهوال
وهو القريض اذا يميني افلتت / منه القياد اخذته بشمالي
لما عتا دهري وددت زواله / وزواله لو صح فيه زوالي
ولقد حنى ظهري الضعيف بقسوة / ما للزمان الضخم من اثقال
ما كنت في شيخوختي متمنيا / لتعود ايام مضت وليال
انا لست مهما ضعضعتني كبرة / متطلعاً الا الى استقبالي
لم يبق من ماض تصرم عهده / لك في زوايا النفس غير خيال
من كان ذا حوباء فيها نزعة / للمجد لا يبكي على الاطلال
ثق بالطبيعة انها مستعرض / فيه يطول تعاقب الاجيال
تحبهم ثم ارزم ثم سالا
تحبهم ثم ارزم ثم سالا / فعب اتيه يطأ التلالا
كأن الجو عفريت مخوف / تزمجر ثم كشر ثم صالا
كأن البرق في يده حسام / يشق به من السحب الجبالا
كأن الغيث غدران تهاوى / كأن الزمن يشتعل اشتعالا
كأن الليل شيطان رجيم / رأى ليزيد شرته مجالا
كأن الريح جبار عنيد / يريد ليقلع الا كم الثقالا
كأن البرد جني تنزى / هنالك او هنا يلقى نبالا
وزمجرت الطبيعة فهي غول / يريد بمن ترباهم نكالا
أتلقى الارض ساعتها ويلقى / عليها كل ذي روح زوالا
وكان الحرب بين الجو يرغي / ووجه الارض صاخبة سجالا
فقدت بليلة ادجت كهذي / جميع مشاعري الا خيالا
وان خيال ليلى لي سراج / سيهديني اذا خفت الضلالا
وقفت عند الحدث النازل
وقفت عند الحدث النازل / مودعاً للأمل الراحل
صافحني يبكي وصافحته / وكنت كالمأخوذ والذاهل
وكان شخص البين لي ماثلا / ابصره كالشبح الهائل
سار وسار الدمع في اثره / منسربا من جفني الهامل
لقد مضى يتبع منه الخطي / ولا اراه عنه بالقافل
كأنني من خلفه ناظر / لأخريات الكوكب الآفل
يزري على الباكين في بؤسهم / دموعهم من ليس بالثاكل
قد اخرجت دمعي الى اعيني / لواعج للهم في داخلي
ابكي وادري ان هذا البكى / في الخطب لا يجدر بالعاقل
فلا امام الدمع من غاية / ولا وراء الدمع من طائل
لكنما اليم اذا ما طغى / من زعزع فاض على الساحل
انهنه الدمع فلا ينهي / فياله من شغل شاغل
قد نفق الزور فلله ما / يكابد الحق من الباطل
رب اديب هضموا حقه / وعالم ساووه بالجاهل
لم ار في عمري على طوله / للحق مثل السيف من كافل
ولا اذا ما وصمت وصمة / شائنة كالدم من غاسل
كيف نجاتي في خضم طما / والموج مثل الجبل الزاحل
زوبعة والليل محلولك / وقد نأى الفلك عن الساحل
لقد كان منك اليك السبيل
لقد كان منك اليك السبيل / فما ازعج الراحلين الرحيل
وليس امام الرحيل زماع / وليس وراء الرحيل قفول
وليس طريق الردى موعراً / فيتعب سالكه او يطول
يزول الفتى وشعور الفتى / ويبقى هنالك مالا يزول
وانت الحياة تحول سريعا / وانت البوار الذي لا يحول
وصوتك عذب على كل سمع / ووجهك في كل عين جميل
وانت لنا في البداية ام / وانت لنا في النهاية غول
نهار لمن هو يحيا قصير / وليل لمن هو يردى طويل
ظهور وبعد الظهر خفاء / طلوع وبعد الطلوع افول
يحارب بعضك للفوز بعضا / وانت الدروع وانت النصول
وما الحزم في القلب الا هدى / ولا العقول في الرأس الا رسول
وان الحياة اذا اعوزت / ينازع فيها الشباب الكهول
بايدي الفريقين منهم سيوف / بها من قراع الدروع فلول
وبين العيون على قربها / ووجه الحقائق ستر يحول
حقائق قد اعجزت كل رأس / واعجز ما في الرؤس العقول
أليس هنالك من ومضة / أكل محاولة مستحيل
اذا نكل المرء عن ظنه / فليس يعاب عليه النكول
تؤول حياتي بعد الردى / ولكن الى أي شيء تؤول
اسير بليل من الشك داج / على ضوء عقلي وهو ضئيل
وان الطبيعة في سيرها / لها سنن ليس عنها حويل
وما الكون اجمع الا اسير / وهذي النواميس الا كبول
طغى البعض يشدو بمجد اثيل / ومن اين للقرد مجد اثيل
رأيت ضحى اليوم محلولكا / فماذا عسى ان يكون الاصيل
وارسل طرفي الى ما بقربي / فيرجع طرفي وهو كليل
ولم يبق بي سائلا غير صحبي / على ان خطبي بصحبي جليل
وان الحفير لآخر بيت / به يجد الراحتين النزيل
سيبقى على جهله جيلنا / ومن بعد ذلك جيل فجيل
سيبقى شقائي بقاء حياتي / فان هي زالت فهذا يزول
على ان موتي اذا حم يوما / فاني له بحياتي بخيل
واني على كبرتي هذه / اود لو ان حياتي تطول
في الغرب حيث كلا الجنسين يشتغل
في الغرب حيث كلا الجنسين يشتغل / لا يفضل المرأة المقدامة الرجل
كلا القرينين معتز بصاحبه / عليه ان نال منه العجز يتكل
وكل جنس له نقص بمفرده / اما الحياة فبالجنسين تكتمل
بيت نظيف واولاد قد ازدهروا / كأنهم زهر في الروض تنتقل
والبيت فيه نظام حين تبصره / وانه لنظام ما به خلل
تبقى المودة حتى الموت بينهما / فما هنالك شنآن ولا ملل
وانما غاية الزوجين واحدة / وان تعددت الاسباب والسبل
وقد يطلقها او قد تطلقه / اذا قضى بالطلاق الكره والملل
اما العراق ففيه الامر مختلف / فقد المّ بنصف الامة الشلل
ومن تزوج لا عن خبرة سبقت / فانما خطبه في داره جلل
وقد يعالج هما لا يزايله / حتى يموت وجرحا ليس يندمل
وقد يطلقها في حانة ثملا / وليس تدري لماذا طلق الثمل
في البيت بعد وفاق في الهوى دعة / وفيه بعد خلاف في الهوى جدل
اعزز فتاتك واخطب عن معاشرة / بريئة ولامّ الناقد الهبل
كم قد تزوج ذو الستين يافعة / والشيب في رأسه كالنار يشتعل
يقضى لبانته منها الى اجل / وقد يكون قصيرا ذلك الاجل
ولا يبالي بحبل الود بعدئذ / أكان متصلاً ام ليس يتصل
تزوجت وهي لا تدري لشقوتها / أزوجها احد الغيلان ام رجل
يسبها لا لذنب ثم يركلها / بالرجل منه مهينا وهي تحتمل
وبعد ذلك يعدو كالنعام الى / اصحابه وهو مما جاءه جذل
يروي لهم كيف ابكاها وآلمها / كأنه في ميادين الوغى بطل
ولم تكن اربع يشبعن نهمته / والذئب يشبعه من جوعه حمل
لا تحسبن كل من قد سار مهتديا / وكل من كان معوجا سيعتدل
القوم ان واجهوا اعداءهم جبنوا / والقوم ان قابلوا ازواجهم بسلوا
الى السماء العيون النجل شاخصة / ماذا ترى في السماء الاعين النجل
وددت من كل قلبي غير مختشع / لو عاد يوما على اعقابه الازل
فاسأل اللَه تقديرا يغير ما / قضاه قبلا فلا ظلم ولا دخل
جاؤوا قبيحا وسبوا من يعارضهم / فيه الا بئس ما قالوا وما فعلوا
تلك الشتائم في الاعراض جارحة / للنفس اكثر مما تجرح الاسل
الغرب والشرق طول الدهر بينهما / تنازع عجزت عن حسمها الحيل
بين الشقيقين من اجل البقاء وغى / ليت الصداقة عن هذي الوغى بدل
والفرق بينهما في كل ناحية / باد اذا نظرت تستشرف المقل
ولا تكافوء فيما شب بينهما / هذا يفوز وهذا كله فشل
هذا على نفسه تلقاه معتمدا / يسعى وهذا على الاقدار يتكل
هذا له من نشاط ما يقدمه / وذا يؤخره عن غايه الكسل
تبقى الحياة على الارزاء طيبة / ما دامت النفس بالآمال تتصل
لو كنت اشهر بعض العز في وطني / ما كنت عن وطني المحبوب ارتحل
ماذا يثبط في بغداد معتزمي / وليس لي ناقة فيها ولا جمل
ليلى الحقيقة في حلي ومرتحلي / هي الخيال هي السلوى هي الامل
ما في هواي لليلى من مصانعة / أليس تأمرني ليلى وامتثل
قد قلت ان العقل لي
قد قلت ان العقل لي / يهدى فكان مضللي
جربت عقلي فهو ليس / الى الحقيقة موصلى
سيكون في سير الحيا / ة على الضمير معوّلي
ولقد كرهت العقل فهو / بما يشير مكبلي
من لي بعقل لا يحيد / عن الطريق الامثل
العقل في الانسان ليس / من الضمير بافضل
الا اذا استوفى فكا / ن من الطراز الاول
ولقد تبدل كل شيء / في حتى انملى
الا ضميري فهو حتى / اليوم لم يتبدل
العقل يرفعني / ولكن الضمير ممثلى
لا ريب في ان الحجى / هو زينة للمحفل
او انه في العبقري / يفل غرب المنصل
ويقوم ان حزبته حا / زبة مقام الجحفل
لكنه جم تردده / امام المعضل
انا بعصر تسابق / والويل للمتهمل
انا بعصر الطائرا / ت ركوبة المتنقل
انا بعصر الكهربا / ء وما لها من مشعل
عصر التنعم والتبسم / والسرور الاكمل
ولقد مضى عصى البكى / بين الدخول فحومل
كان الضمير مسيرا / لي في الزمان الاول
اذ كان يحبو العقل فيه / حبو طفل محول
حتى اذا ما شب حا / ول طعنه في المقتل
ودنا يهدم ما بنا / ه في الحياة بمعول
انحى عليه يدوسه / ولقد اناخ بكلكل
اما الضمير فقد تما / وت لا يفر ولا يلى
ما يصنع العصفور اصبح / في مخالب اجدل
لكن عقلي اليوم وا / هي الحبل رخو المفصل
زلت به رجل تخو / ر عن الطريق الامثل
فرجعت عنه الى الضمير / مطلقا لتعقلي
اليوم في ادب الحيا / ة على الضمير توكلي
اني به متوسل / ولقد حمدت توسلي
ضربتني الايام عند / الشيب ضربة
لكنني لم اعن / للايام او اتذلل
لا فخر في مد السلا / ح الى مقاتل اعزل
انا لست من ذنب جنا / ه العقل بالمتنصّل
انا في حياتي ما كذبت / لنيل شيء ليس لي
انا ما كطفرت بكل عمري / بالكتاب المنزل
انا لم ازل اشدو بنعت / للنبي المرسل
انا لست بالمسؤول عن / نزوات عقل مبطل
ما زال يبدي رأيه / سألوه ام لم يسئل
قد شاء عقلي بعد تفكير / وطول تأمل
باللَه حل المشكلا / ت فكان اكبر مشكل
ما ضرنا لو ضل هذا / الكون غير معلل
أنريد في تعليله / ارضاء قوم جهل
ويقول عقلي والرجا / ء مطية المتخيل
الكون ماضيه يعو / د بنا الى المستقبل
وتعود هذي الار / ض بعد خرابها كالاول
فتمثل الدور الذي / قد مرّ خير ممثل
ونعود نحيا مثلما / كنا بغير تبدّل
ونموت ثم نعود في / ادوارها بتسلسل
كذب الذي قد قال ان / القبر آخر منزل
هذا لعمري ما يرى / عقلي بوجه مجمل
أما الأمير فقائل / لي بالحجى لا تحفل
الدين معقل اهله / والدين امنع معقل
تاللَه لا ادري متى / لليل العماية ينجلى
اني لآخذ بالمعا / د من الكتاب المنزل
لا مثلما استخلصته / من عقلي المتطفل
ةاخاف نارا في الجحيم / بها الاثيم سيصطلى
اما الصراط فانه / فوق الجحيم كمنصل
او انه جسر كقنو / النخلة المتعثكل
لا يأمن الماشي بار / جله سقوطا من عل
الاّ اذا عبر الصرا / ط على اغرّ محجل
او فوق كبش قرنه / في رأسه كالمعول
يا رب حين اجوزه / مشيا عليك توكلي
يا رب خوف صراطك / الممدود همّ مثقلى
صعب علي عبوره / يا رب ثبت ارجلي
طوبى لمن قد عاش عن / اهل الجحيم بمعزل
اما الجنان فانها / مقصورة المتبتل
ما شئت من حور وغلمان / وطيبة مأكل
في كل ناحية شمر / دلة لكل شمردل
وودت لو اصبحت اكرع / في الشراب السلسل
ولقبلة احرزت من / حوراء ذات تدلل
وحسوت كأساً ثرّة / من كف اغيد أكحل
ويل لمملكة قضى اهمالها
ويل لمملكة قضى اهمالها / من اهلها ان يفشل استقلالها
ولبلدة منكوسة قد انكدت / علماؤها وتنعمت جهالها
ولامة بعد الوفاق تخالفت / فتقطعت لخلافها اوصالها
فرحت لفرط الجهل من ادبارها / فكانما ادبارها اقبالها
ما خير ناس اجفلت من ظلها / فقضى على غاياتها اجفالها
امم اذلتها سياسة قسوة / من اقوياء يسرهم اذلالها
من كل عاصمة الرشيد لاهلها / لم يبق الا طيفها وخيالها
عاثت بها فتاكة ابناؤها / فكأنما ابناؤها اغوالها
تقفو خطى الآباء انجال فما / الآباء راشدة ولا انجالها
ان جد بين الغي يوما والهدى / حرب فاين من الوغى ابطالها
دخل الذئاب حمى العرين تدوسه / لا الاسد تحميه ولا اشبالها
لم يسمعوا نصحي لهم وكأنما / كانت على آذانهم اقفالها
وهو التعصب حاك آراءً لهم / صعبا على من راضها استئصالها
واذا العقيدة في النفوس استحكمت / فمن العسير بحجة ابطالها
مرضى من العادات مزمنة فلا / يرجى بغير مطبب ابلالها
اما النجاح فلا نجاح لأمة / ما ايدت اقوالها افعالها
غلت فما ابدت اقل تذمر / فكأنما طابت لها اغلالها
بالرافدين من الشباب عصابة / قد صارعت آلامها آمالها
لم يبق عند بني العراق سوى المنى / اما المنى فطويلة احبالها
ولقد كشفنا للصروف صدورنا / اما الصروف فلا تطيش نبالهال
لم تبق للايام من هبة فقد / تعطى اليمين فتسترد شمالها
ما للركاب بطيئة في سيرها / اثقيلة في ظهرها احمالها
ان الحياة اذا حوت حرية / هي نعمة ما ان يراد زوالها
ديست باقدام ثقيل وطؤها / ارض العروبة سهلها وجبالها
سكتت عن التغريد كل طيورها / الا حمامات لها اعوالها
كم ليلة عصافة قد كشرت / للفتك عن انيابها اغوالها
قل للاساتذة الألى قد ازمعوا / عوداً لمصر ومصر سعد فالها
ان العراق لكم يجل وانما / اجلالكم في وقته اجلالها
اني ارى بين الجهالة والنهى / حربا تدور وانتم ابطالها
عودوا اليها راشدين فانها / امّ كثير عنكم تسآلها
لا غرو عند نزوحكم عن دجلة / ان شيعتكم بالقلوب رجالها
الما بشعر قام كالطلل البالي
الما بشعر قام كالطلل البالي / يمثل نفس القوم في الزمن الخالي
وافراح ناس بعد خفض ونعمة / عليهم اناخ الدهر يقسو بكلكال
وشقوة اجيال مشوا في حياتهم / كما قد تلقوه على نهج اجيال
وما الشعر الا ما يمثل اهله / فينقل من ماض اناسا الى الحال
وما كل شعر قد سمعت بجيد / ولا كل ماء قد وردت بسلسال
اذا لم يكن شعر الفتى من شعوره / فما هو مقبول ولا هو ذو بال
وان قصرت الفاظه عن مراده / فليس من استحقاقه غير اهمال
وان يزك معناه ولم يزك لفظه / فذاك كخود في دريس واسمال
وما راقني ممن تقدم عهدهم / سوى الصدق ان الصدق اجمل سربال
ويا حبذا هذا الجديد لو انه / اتانا بوجه من طلاء به خال
وما عن قلى رفضي الغلاة وانما / هنالك اميال تخالف اميالي
قد انهار صرح الشعر الا اقله / وقد كان ملء العين كالجبل العالي
واما حياض كان ثراً نميرها / فانك لا تلقى بها غير او شال
ولم ارض فيمن خاب للجهل سعيهم / كمغترف ماء يفيض بغربال
رأيت ابتذالا فيك يا شعر زاريا / وما كان هذا في مصيرك آمالي
اردتك خلواً من عيوب زرية / فانك عندي ذلك الجوهر الغالي
كأنك لم تركب جواداً لغارة / ولم تتبطن كاعباً ذات خلخال
يجادلني في الشعر لا عن روية / فرق من اللنقاد كلهم قال
كلانا ملّم بالصواب بزعمه / ولكن صوت المبطلين هو العالي
كلانا اذا خاض العجاجة مبسل / ولكنما ابسالهم غير ابسالي
هنالك حرب شبها السخط والرضى / وما كل من خاضوا الحروب بابطال
نشأت على استقلال نفس تمردت / فلا ارتضى نسجا على غير منوالي
ولا ادعى اني انفردت بمقولي / ولكنني راض كغيري باقوالي
سوى ما اريهم انني ان قفوتهم / شأوت وأني فوق اجرد ذيال
لقد ظل هذا الشعر خمسين حجة / يهذب اقوالي ويصلح اعمالي
فسرت على ما قد هداني سراجه / وان كان في تلك الهداية اضلالي
وافصحت حتى اوهنتني كبرة / وحينئذ اسمكت كالطلل البالي
وقلت اقلني ايها الشعر عثرتي / فقد زل رجلي وهي تحمل اثقالي
فاعرض عني لا يريد اقالتي / واشمت في اعراضه بي عذالي
واني ان اهلك فلست بخاسر / لشيء كثير من عقار واموال
لعمرك ما في الموت شيء يهولني / ولكن حياتي هذه ذات اهوال
على ان لي بعد الهزيمة كرة / اصول بها جلداً على كل مختال
سأجهر بالحق الذي يكتمونه / وان قطعوا بالسيف يا حق اوصالي
واني في غيلي كرئبال غيضة / ومن ذا ترى في غيله غير رئبال
لحى اللَه ناساً اخطأوا طرق العلا / ولم يطلبوا الغايات الا من المال
نصبت لليلى من قريض نحته
نصبت لليلى من قريض نحته / على صفحة القرطاس اجمل تمثال
حكاها كأن الله صاغها معاً / شبيهين في ثوب من الحسن هلهال
وشبه ناس طرفها وقوامها / بابيض بتار واسمر عسال
على خطأ منهم فما السيف باترا / ولا الرمح عسالا ليلى بامثال
واحسب اني لا اشط عن الهدى / اذا قلت ليلى كوكب الافق العالي
سرى حب ليلى في جميع جوارحي / واذهلني عن غيرها أي اذهال
وليلى كقرص الشمس يجمل ضؤه / ويملأ عيني في غدوّى وآصالي
وان تك ليلى اليوم شط بها النوى / فما انا عن ليلى وايامها سال
يعز على عيني الشقية ان ترى / لليلى بقربي منزلا غير محلال
اريد رحيلا عن بلاد تهنيني / ولكن افدني اين انزل احمالي
وفي القوم من لا يبتغي نقلة له / وان نسفت ارض العراق بزلزال
ولكن حرا ليس يرضيه حاله / يموت ولا يبقى مقيما على الحال
ارى النحس في بغداد لي متجسما / يريني انيابا كانياب اغوال
يريدون بالاذلال جرح كرامتي / ويأبى جراحات المذلة امثالي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025