المجموع : 84
سأرحل يا أسماء عن دار معشر
سأرحل يا أسماء عن دار معشر / جوادهم بالعرف معط كمانعِ
يجود به جود المُقَضّي بنفسه / حذار القوافي كارهاً غير طائعِ
إلى ملك لا يملك البخل ماله / ولا يدَّري معروفَه بالذرائع
جواد به من أريحيَّة جوده / تباريح يعجلن اختيار الصنائع
من القوم لا يستحمدون ببذلهم / ولكنهم يعطون جود طبائع
ولو تاجروا لم يعبثوا بتجارة / ولا انخدعت تلك الحلوم لخادع
أرى مجدهم مثل الجبال فإنها / بُنَى اللهِ إذ مجد الورى كالصنائع
لجَّ الفؤادُ فليس يلذعُهُ
لجَّ الفؤادُ فليس يلذعُهُ / عذلٌ ولا النكبات تردعُهُ
أوهى معاقدَ صبره كُلَفٌ / لم يوهه يوماً تمتُّعُهُ
بمسنَّع ظلت محاسنه / تخفي بها بدراً وتطلعه
فإذا دنا أنأى أخا كَلَفٍ / وإذا نأى أدناه مضجعه
لم تعرُني وهناً حبالتُه / إلا عرا قلبي تفجُّعه
كلا ولم ألمم بمضجعه / إلا طغى جفني ومدمعه
طغيان مرتجس الذرى خضلٍ / لحنينه زجلٌ يرجِّعه
حيران منبجس الكلى عصفت / بعد الهدوء عليه زَعزعه
وكأنما نتجت رواعده / وبوارقٌ باتت تشيِّعه
يمّاً تلاطم في غزارته / آذيُّهُ وطمى تولُّعه
سقياً لأطلال عفت فعفا / من بعدهن العيش أجمعه
عهدي بِرَيِّقِ لهوها خضلاً / أَرِقَ الرياض يرفُّ مُمرِعه
أيام صيد جنانها بقرٌ / حُمٌّ تضمَّنهن أجرعه
يغدو الأريب لها ليصرعها / وعيونها للَّحظ تصرعه
من كل آنسة الحديث لها / وجه كأن الشمس مطلعه
ولها دجى ليل تجلَّلها / فتظل تدريه وترفعه
ومنضَّد رقّت مراشفه / علا المدام به مشعشعه
ودَّعن من كادت حشاشته / لوداعهن ضحى تودِّعه
فتصدعوا ومضوا لطيِّتهم / فعرى الفؤاد لهم تصدُّعه
تالله تفتأ باكياً لهم / حتى يخدَّ الخد أدمعه
ولما دموع العين راجعة / ما عشت وصلاً فات مرجعه
أفلا تسلّاهم بمنجردٍ / كالسيل آنف منه أصمعه
وسمت نواظره فخلتَ به / جنّاً تفرِّعه وتقرعه
وكأن أذنيه شبا قلم / وحيٌ يخططه مُرفِّعه
رحُبت خواصره وجبهتُه / والمنخران وتم أتلَعه
فأناف متناه على ثبج / طلعت على الترهيف أضلعه
واشتد علباءاه وانقوَسا / دون العذار فضاق برقعه
وتحنَّبت ساقاه وانشنجت / أنساؤه فقمصنَ أكرعه
فكأنما ائتلقت بأجنحة / يسبقن لمح الطرف أربعه
تضحي الرياح إذا تمطَّر في / شأويه حسرى ليس تتبعه
شرس السجية إن شرست له / ويلين إن لاينت أخدَعه
طرف كأن على معاقده / شرقاً من الجاديِّ يردَعه
أمطاكه جزلٌ مواهبه / كلِفٌ بربّ العرف يصنعه
يهب الجزيل ولا يكدره / بأذى ولا بالمن يتبعه
لا بل يؤيده ويشفعه / بندى يحلُّ لديك موقعه
ويراه محتقَراً لديه وإن / أضحى لسان الشكر يرفعه
كم من يد سبقت إليَّ له / حسناء جاد لها تبرُّعه
فشكرته فأثابني نعماً / أوهى لها شكري يضعضعه
ملك إذا افتخر الملوك سما / كرم النِّجار به ومَنزِعه
فعلا وقصّر دون مبلغه / من مجد من ناواه أرفَعه
وله من العز التليد إذا / عدت بنو شيبان أمنعه
سيما العزيز تجبُّرٌ ويرى / في العز سيماه تخشُّعه
وإذا بنو الموت استطالهمُ / وهجٌ تغشى الموت أينَعه
ودعوا نزالِ فطاح بالورع ال / هيابة المنخوب مَهلعه
غادى كتائبهم بعدوته / أجل يطحطح من يروعه
متقلداً في الروع ذا شطُبٍ / كالرجع أبدع فيه مبدعه
مما تقلد في كتائبه / يوم الوغى واختار تُبَّعه
عضباً كأن شعاعه لهب / يَغنى به في الليل رافعه
وكأنما كسيت عقيقته / وشياً تأنق فيه صانعه
أو دبَّ فيه الذرُّ فاختلفت / تفراه أكرُعه وأذرعه
بأبي وأمي أنت تِرْبُ ندىً / في بيت مكرمة تريُّعه
إن الوزارة لم تزل وبها / شوق إليك يُرى تنزُّعه
خطبتك إذ وافقت خطبتها / وسواك أقصاه تسرُّعه
الله وفق مبتغيك لها / وحباك أمراً كنت تدفعه
نظراً من الله العزيز لمن / أمسى نظام الملك يجمعه
أفلت نجوم الغيِّ حين بدا / للرشد نجم أنت مُصدِعه
وأقمت للحق المنار على / لَقَم الطريق فبان مهيعه
ونشرت ميت العدل من جدث / قد كان فيه طال مهجعه
أمنت بيمنك في مراتعها / شاء الفلا وذُعِرن أضبعه
ولقد يرى أوسٌ ويونس من / جناتها صعباً ممنعه
حسنت بك الدنيا وعاد لها / كفٌّ طليلُ الأيك مونعه
وملأت مشرقها ومغربها / عدلاً تغشَّى الناس أوسعه
فتملَّ معتلياً سلامة ما / قُلِّدته وهَناك مَكرعه
سألتك إغنائي عن الناس كلهم
سألتك إغنائي عن الناس كلهم / فأغنيتني عنهم وعنك جميعا
فلست تراني الآن إلا مسلِّماً / عليك مشيعاً للثناء مذيعا
وأما ارتيادي نائلاً فمحرَّمٌ / عليَّ فإني قد غدوت ربيعا
ألا هكذا فليمنع اليوم من غد / وإلا فلا يا من يريد صنيعا
بتُّ وبات الصبيان في أرق
بتُّ وبات الصبيان في أرق / من بحَّةٍ لم تزل تُفزِّعنا
يبكون من خوفها ويسهرني / بكاؤهم فالبلاء يجمعنا
نحتال للنوم كي يواتيَنا / بكل شيء وليس ينفعنا
لا حفظ الله تلك مسمعة / ما يكره السامعون تسمعنا
وطويل القرن إلا أنه
وطويل القرن إلا أنه / لاحق بالأرض كالقرد الجزِعْ
طال قرناه معاً فارتفعا / وأبت قامته أن ترتفعْ
فهو إن فكرت في رجل / شب قرناه ولكن ما زرع
سوف تدري من تمرست به / يا أبا حفص أخا الرأس القرع
نحن تركناه قصيراً أصلعا
نحن تركناه قصيراً أصلعا / من بعد ما كان طويلاً أفرعا
ما زال يكسوه إذا ما استصفعا / صفعاً حتى قرَّعا
رأس أبي حفص عظيم المنفعَهْ
رأس أبي حفص عظيم المنفعَهْ / كم من يد أمست به ممتعَهْ
لو عدمته لبكت بأربعه / وأصبحت لفقده مفجَّعه
رأس جلاه الدهر حتى قرَّعه / فلم يدع في جانبيه قزعه
كأنما قرَّعه ليصفعه / لله تلك الهامة المربعه
إذا بدت كالفيشة المقصَّعه / مصقولةً مدهونةً مصنعه
ثم هوت فيها يد كالمقمعه / بصفعة هائلة مشعشعه
كأنها نُفاخة مفرقعه / يا ليت لي يافوخه وأخدعه
ملك يد من فضل رب ذي سعه / بل ليتني أسمع تلك القعقعه
مكان أعلى مسمع ومسمعه /
قالوا هجاك أبو حفص فقلت لهم
قالوا هجاك أبو حفص فقلت لهم / تأنَّ في بيته من سوف يردعُهُ
ما حاز منزله عرساً ولا أمة / إلا ومن أجل هجوي سوف يصفعه
لا تحسب الشيخ أبا حفصل
لا تحسب الشيخ أبا حفصل / يعيش من أقلامه الصُلَّعِ
لكن من الله ومن زوجه / تستدخل الأصلع في المخدع
ليست بذي بأس ولكنها / قوَّامة الليل على الأربع
من كسبها عاش أبو حفصل / وطال ما عاش مع الجوَّع
وربما عاد على نفسه / بكسب رأس جيد المصفع
يمكن بالأكلة من صفعه / في ساحة الرأس وفي الأخدع
دخلت على خالد مرةً
دخلت على خالد مرةً / وقد غاب في ذاته الأصلعُ
فقلت أشيخ كبيرٌ يناك / فقال أجل خَلِقٌ يُرقع
فقلت له أعلى أربع / فقال نعم هكذا أنجع
إذا لم أكبَّ على أربع / فلم خلقت لي إذاً أربع
تركت السجود لأربابه / فدعنيَ إذ فاتني أركع
قبيح بمثلي على سنه / يناك فيبطح أو يضجع
لأهل الجرائم وضع الصدو / ر لا لي والمصرع الأضرع
فأعرضت عن رجل فاسق / لشيطانه فيه مستمتع
إذا فعل السوء قال الخنا / ليشبه منظره المسمع
وجهك يا شنطف هول المُطَّلَعْ
وجهك يا شنطف هول المُطَّلَعْ / يأخذني منه انتفاض وفزعْ
ويطلع النحس به إذا طلع / يا ويح أثوابك لو قد تنتزع
لنزعت عن برص وعن لمع / والرأس فيه قزع من القرع
والفرج كالبالوع ما شئت بلع /
يا تناهٍ والتناهي انقطاعُ
يا تناهٍ والتناهي انقطاعُ / كن كما سماك مولىً لكاعُ
كن لدنياه انقطاعاً وشيكاً / وانقلاعاً ليس فيه انخداع
وانصداعاً ليس فيه التئام / وافتراقاً ليس فيه اجتماع
خنه ما أعطاك معطي العطايا / مثلما خان السحاب انقشاع
فهو للسلطان عرٌّ وعارٌ / واتضاع ليس فيه ارتفاع
رقعة في الملك ليست بزين / أي ثوب زينته الرقاع
طَلُقَت نُعمى ابن معدانَ منه / بثلاث ليس فيها رجاع
أو بقول الناس عوداً وبدءاً / يا لقوم باخ ذاك الشعاع
فَتَرَت تلك الرياحُ الجواري / كلها وانحط ذاك الشراع
وحمت آل الفرات الليالي / أن يروا أسراب نعمى تراع
أيها المصروع في كل حال / استمع مني ففيك استماع
قد عجبنا أنك المرء يشقى / عنده ناس وتحظى سباع
بيتك البيت القصير السواري / ما بنى فيه ضيوف جياع
واستك الاست التي منذ شقت / أبداً فيها فهود شباع
أيها المصروع من كل وجه / صَرَعاتٌ ما جناها صراع
بل بغاء مستحرٌّ وخبلٌ / مستمرٌّ مذ غذاك الرضاع
صرعةً يبدي لها فوك سلحا / من كلام يجتويه السماع
بعد أخرى يلفظ الثلط عنها / فقحة فيها هناك اتساع
قلت إذ قالوا جبانٌ كذبتم / وأثمتم بل شجاع رواع
كل صبر كان في الناس طُرّاً / كلفة والصبر فيه طباع
أبداً عند ابن معدان فحل / يُشتَرى جهراً وأنثى تباع
هم أير ثَمَّ نومٌ طويلٌ / وهموم است هناك القراع
فإذا ليمت على ذاك قالت / ليس لي بالجاهلين ارتقاع
تعمر الحيات في كل يوم / منه حجراً ليس فيه امتناع
فقحة فيها اتساع متى لم / يحشه ضاقت عليه البقاع
هي في مقدار قُبلٍ ودبرٍ / أفضيا فالذرع ذرع مشاع
هل شجاع القوم إلا شجاعٌ / أبداً ينساب فيه شجاع
قيل إن العبد عبدٌ كفورٌ / ما لفحشاء لديه قناع
قلت لا بل ذاك عبد شكور / يشكر المولى ومفساه باع
وترى البلوى التي في حشاه / نعمة فيها لنفس متاع
ولَدفعُ الفحل أشهى إليه / من دفاع الله إذ لا دفاع
إن دنياً ملكته رغيفاً / لمباح ما لها بل مضاع
ملحدٌ لا يعبد الله لكن / كل غرمول قفاه ذراع
ومتى أنحى عليه جماع / عدَّ أن قد كان منه الجماع
فله من ناكة الروم ودٌّ / وله منهم أخوهم سواع
وله منهم أخوه يغوثٌ / وله منهم يعوق مطاع
وله نسرٌ ولات وعزى / ما له لا حط ذاك البعاع
يا ابن شهرَ الصيام أنت رقيعُ
يا ابن شهرَ الصيام أنت رقيعُ / ووضيع كما يكون الوضيعُ
كل شعر جهدت نفسك فيه / وتكلفت نظمه تفقيع
لم يقله إلا موطِّنُ نفس / أنه عند بثه مصفوع
فاترك الشعر وارتدع من قريب / واعدُ عنه إلى الذي تستطيع
فستلهيك إبرة وخيوط / وإلى الأصل ما تؤول الفروع
هبك الفرات الذي بالروم مطلَعُهُ
هبك الفرات الذي بالروم مطلَعُهُ / أليس والدجلة العوراء تقطعُهُ
من أنت يا من أبوه نصف ساقية / من باشِكوتى وكيف الأرض ترضعه
أما رضيت بأن تحظى ببيدرة / من كوخ مصلحة بالقلس تذرعه
حتى وليت رقاب الناس كلهم / من شئت تخفضه منهم وترفعه
ضراط ابن ميمون فيه سعَهْ
ضراط ابن ميمون فيه سعَهْ / وضرط أبي صالح في دعَهْ
فيضرط هذا على رجله / ويضرط هذا على أربعه
إذا ما تضارط هذا وذا / سمعت رعوداً لها قعقعه
إذا كنت لا تستطيع الجماعَ
إذا كنت لا تستطيع الجماعَ / وأنت لأهل الزنا مَجمعُ
فإنك في ذاك مثل المسنِّ / يحدُّ الحديد ولا يقطعُ
ادعُني يا أخا العلا وادع عوّا
ادعُني يا أخا العلا وادع عوّا / ساً ولو كان قبل موتي بساعَهْ
ولك الله والنبي وأهلو / ه شهوداً والمسلمون جماعه
أنني لا أروع قلبك بالأك / ل لما فيه عندكم من بشاعه
فإذا جاءني رسولُك أحكم / ت أموري بالأكل قبل المجاعه
وتزوَّدت عند ذاك من الما / ء بحسب الإمكان والاستطاعه
فإذا البول لطَّني لم يكن قص / دي إلى المستراح والبلاعه
وتوجهت في الخفاء إلى الشط / ط ففي مثله لمثلي قناعه
وفرشت المنديل تحتي وصير / ت تُكايَى خفِّي مع الدُّرَّاعه
فارض مني بذا اليمينِ وإن كا / ن يميناً عليك فيها شناعه
ولحيةٍ يحملها مائقٌ
ولحيةٍ يحملها مائقٌ / مثل الشراعين إذا أشرعا
تقوده الريح بها صاغراً / قوداً عنيفاً يُتعب الأخدعا
فإن عدا والريح في وجهه / لم ينبعث في وجهه إصبعا
لو غاص في البحر بها غوصةً / صاد بها حيتانه أجمعا
لما تُؤذن الدنيا به من شرورها
لما تُؤذن الدنيا به من شرورها / يكون بكاء الطفل ساعة يوضَعُ
وإلا فما يبكيه منها وإنها / لأفسح مما كان فيه وأوسع
إذا أبصر الدنيا استهلَّ كأنه / يرى ما سيلقى من أذاها ويسمع
كأني إذِ استهللت بين قوابلي / بدا ليَ ما ألقى ببابك أجمع
وفي بعض أحوال النفوس كأنها / ترى خلف ستر الغيب ما تتوقع
أقول لوجه حال بعد بياضه / وإسفاره واللون أسود أسفع
ألا أيها الوجه الذي غاض ماؤه / وقد كان فيه مرة يتريَّع
ذقِ الهون والذل الطويل عقوبة / كذا كل وجه لا يعف ويقنع
وفرتُ عليه الماء عشرين حجة / ففرّق منه الحرص ما كنت أجمع
فلا تحمِ أنفاً إن ضرعتَ فإنّه / كذا كل من يستشعر الحرص يضرع
سعيتَ لإيقاظ المقادير ضلة / وما كانت الأقدار لو نمت تهجع
ولو جهد الساعون في الرزق جهدهم / لما وقعت إلا بما هي وُقَّع
أكنت حسبت الله ويحك لم يكن / تعالى اسمه إلا بصنعك يصنعُ
كيف يزهو من رجيعُهْ / أبد الدهر ضجيعُهْ
هو منه وإليه / وأخوه ورضيعُهْ
ليس يخلو منه إلا / وقت ما لا يستطيعه
ثم يلجيه إلى الحش / شٍ بصغر فيطيعه
فإن استعصى عليه / فهو لا شك صريعه
ثم يبدي منه صوتاً / ود لو صم سميعه
لَبِحسب المرء عاراً / يوجع القلب وجيعه
أنه عبد لجعسٍ / يشتريه ويبيعه
إذا ما أغاروا فاحتووا مال معشر
إذا ما أغاروا فاحتووا مال معشر / أغارت عليهم فاحتوته الصنائعُ