القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : تَمِيم بنُ المُعِزّ الفاطِميّ الكل
المجموع : 120
ليس شعري وإن كسا المجدَ دُرّاً
ليس شعري وإن كسا المجدَ دُرّاً / بالغاً عُشْر ما حويتَ فغَفْرا
إنني عالم بذنبِيَ إن كن / تُ إذا قلتُ أشعرَ الناسِ طُرّاً
بهرتْني أضدادُ فضلك لمَّا / أن تجمَّعن فيك شَفْعاً وَوِترا
أنت شمسٌ وأنت بدرٌ منيرٌ / ليس من شاء كان شمساً وبدرا
ويقولون إنّ في الأرض بحرا / كَذَبوا ليس غيرُ كفِّيك بحرا
ما رأوا راحتيك تقذِف دُرّاً / ولُجيَناً إذا استهلَّت وتِبْرا
قد ملأتُ السماءَ فيك دعاءً / وملأتُ البلادَ والأرضَ شكرا
لَهْفِي على مَن أقمت عُذْرَهْ
لَهْفِي على مَن أقمت عُذْرَهْ / في الهجر لمّا أطال هَجرَهْ
أَذابَنِي فاقتصْصتُ منه / بأنْ أذاب اللثام ثَغْرَه
فلو ترى ضِحْكَه ودَمْعي / وذِلّتي في الهوى وكِبْرَهْ
رأيتَ مستصحبَين راحَا / وحُزْن هذا لذا مَسَرَّه
لو سكن الأُفْقَ مَنْ جفاني / لخِلْتَهُ شمسَه وبدرَهْ
بِأبي الزائرُ الذي ملأَ اللح
بِأبي الزائرُ الذي ملأَ اللح / ظ بهاءً وكلَّ قلب سرورا
خِلْتُه البدرَ مقبلاً وقديماً / كان آباؤه الكرام بدورا
زاد داري أنساً فيا ليت أني / كلَّ يوم به أروح مَزُورا
نجومُ سعودك لا تَفْتُرُ
نجومُ سعودك لا تَفْتُرُ / وآياتُ فضلك لا تُنْكَرُ
وفي كلّ ما أنت فَعَّالُه / لك المعجزاتُ الّتي تَبْهَر
فمجدُك ما فوقه مَصْعَدٌ / وقَصْرُك ما بعده منظَر
مَنَازِلُ لم يَبْنِ مِثلاً لها / على الأرض كِسْرَى ولا قَيْصَر
بناء تردّدَ فيه الجَمَالُ / ولاح عليه السَّنا الأنوَر
فظاهرُه العزّ مستظهَرٌ / وباطنه التِبْرُ والجوهرُ
ولو سَحَرَتْ أَرْبُعٌ قبلَه / لكان البديعَ الذي يَسحَر
فَهُنِّيتَه وتملأْتَه / وذَلَّ لك الدهرُ والأعصرُ
هجرتُ شُرْب الراح في فتيه
هجرتُ شُرْب الراح في فتيه / ما منهمُ من يهجر الخمرا
فقال منهم قائل هُجْرُها / في هَجْرِها لا يَبْسطُ العُذْرا
وخمرنا بعدُ فما استكملت / في دَنّها معصورةً شهرا
وليس عُمْرُ الخَمْر ما لم يَحُلْ / حَوْلٌ عليها عندنا عُمْرا
وقد أتى النوْرُوزُ مستجهِلاً / مَن لم يَجِدْه ميّتاً سُكْرا
ولستُ في استهدائها مخطئاً / كَلاَّ ولا مرتكبا نُكْرا
فعُذْتُ من قصدِ فريدِ العُلا / بَمعقِلٍ لا زال لي ذُخرا
مولىً حَباني بعضَ إنعامه / عندي وحسبي قَصْدُه فخرا
فجاء حسنُ الظنّ من قبل ما / أمَّلته يؤذِن بالبشرى
وسار نظمُ الشِّعْر في إثْرِه / مقدِّماً قبل الندَى شكرا
يا حَبذا شكري وظنّي بمن / أرجو لردّ العسر لي يسرا
وابِأبي من حَسَّن الظنَّ في
وابِأبي من حَسَّن الظنَّ في / قصدي ومن أسلفني شكرا
ومن دعاني للمهمّ الذي / يُسَهِّل المستصعَب الوَعْرا
أحسنتَ إِحسانَ المحبّ الذي / أخلصَ لي الإسرارَ والجَهرا
ولا ومَن أسأله راجياً / منه العُلا والعزَّ والنصرا
ما جاءني شِعُرك مَسْتَقياً / وقدوتي مالكةٌ خمرا
إلا التي استخلصتُها وهْيَ لم / يَبْلُغُ مَدَى العمرِ لها شهرا
فليتني رحتُ بلا مُهْجةٍ / ولم أقدِّم في الورى عذرا
أوْليتني مُلِّكتُ عمري لكي / أُعطِيّ منه سائلي الشَطْرا
لكنني أحبوك إذْ لم أجِد / من صِرْفها ما جاوز العمرا
صفراءَ كالوَرْس عقيقيَّة / صافية عاتقة بِكْرا
يَزُفُّها نحوك مَنْ يرتضي / مثلك كُفْؤاً فارتقب عَشرا
لا زلتَ يا مالكُ لي سالماً / لعلّ سقمي بك أن يَبْرَا
أيها الماجد الّذي لم يقصِّرْ
أيها الماجد الّذي لم يقصِّرْ / عن معالي آبائه الأبرارِ
إنّ حقّ الوداد عند ذوي الآ / داب حقّ معظَّم المقدار
سيمَّا حقّ من صفا وتَناهَى / لكَ في ظاهرٍ وفي إضمارِ
أنا فيه مقدِّم لك عذرا / فأجِزْ بالقبول وجهَ اعتذاري
لا أُؤَدِّي حقوقَه وهْو فردٌ / كيف لمَّا شفعتُه بالجِوار
لم تعبِّر بلاغتي ولساني / منه عن عُشْر ما حوتْ أسراري
ليس أني ضعُفت عنه ولكن / ضعفتْ عن بلوغه أشعاري
زاد رَبْعي دنُّو رَبْعِك منه / أَنَساً في القلوب والأبصار
زان شعري لذيذُ شِعرِك فيه / مثلَ ما زان قربُ دارك داري
فهنيئاً لك المنازلُ والإق / بالُ والعمرُ دائَم الإيسار
لو أمِنتُ الذي حذرتُ إذاً زر / تُكَ فيهنّ أوّل الزُّوّار
قاضياً في زيارتي لك حقّاً / ليس تقضيه رُقْعتي واستتاري
إن تأخّرتُ باختيار زماني / عنك فاعلم أن الدنّو اختياري
ساعةٌ من جني حديثك ما بي / ن سماع الغِنَا وشُرْب العُقَار
ومعاطاتُك الكئوسُ على رو / ض المعاني ورِقّة الأفْكار
هو عندي ألذّ من مُلْك كِسَرى / وافتضاضِ الكواعب الأبكار
يا وحيدَ الكمالِ في كلّ فنّ / ووحيدَ الأيّام والأعصار
أبهج النِيلَ ما بنيتَ عليه / كابتهاج السماء بالأقمار
وكذاك البقاعُ تفخرُ بالأمْ / جاد فخراً يَحُطُّ كلَّ فخَار
صانك اللهُ مُبَقِّي مُعَلِّي / وَلَوى عنك حادثَ المقْدار
وصلَتْ هديَّتُك التي هذَّبتها
وصلَتْ هديَّتُك التي هذَّبتها / تهذِيبها في الوزن والمنثورِ
دُرّية الآداب إلاّ أنّها / معشوقةُ التطويل والتقصير
هي كالرياض إذا تَضاحَكَ نَوْرُها / وصفاء ودّك فيه كالكافور
قد لاح نجمك بين العِزّ والظَّفَر
قد لاح نجمك بين العِزّ والظَّفَر / وحاز وجهُك نورَ الشمس والقمِر
يا طالعَ السعدِ من بعد السقوطِ وقد / وافَى بلا عائقٍ فيه ولا كَدَر
لانَتْ بدولتك الدنيا لطالبها / كأنّ أمرَك فيها سابقُ القَدر
وأشرق المُلْكُ مذ أُلبِستَ خِلْعَتَه / وأصبح الدهرُ عذبَ الورد والصَّدَر
أنت العزيزُ الذي لو لا خلاَفَتُهُ / ما أصبحَ العدلُ منشوراً على البشر
كأنّ عَصْرَكَ من إشراقِ بَهْجَتِه / تفتُّحُ الْوَرْدِ بين الروض والزهرَ
أسهم أصاب القلب أم لَحظُكِ الشَزْرُ
أسهم أصاب القلب أم لَحظُكِ الشَزْرُ / وسُقمٌ بدا ما بين جفنِيك أم سِحْرٌ
وماذا الذّي في صحن خدّكِ لائحٌ / أماءُ جَمالٍ جائلٌ فيه أم خمرُ
سَفرتِ فَجوّلتِ الدُّجَى قبل فَجرِه / أشمس أضاءت من نِقابك أم بدرُ
لقد أسكرتْ عيناكِ قدَّكِ فانثنى / كما ينثني بالشارب الثمِل السُّكْرُ
وحَمَّلْتِني ما لا أطيقُ من الهوى / كما لم يُطِقْ حَمْلاً لأَردافِك الخَصْرُ
أجَوْراً على العُشّاق والعدلُ ظاهر / وظلماً لهمْ والحقُّ أَنْجُمُه زُهرُ
ألستِ تخافين العزيزَ ومذ بدت / خلافَتُهُ لم يبق ظُلمٌ ولا غدر
صِليني لتُشْفَى غُلَّتي بِك مثلَ ما / شفتْ بأبي المنصور غُلَّتَها مصر
تباشرتِ الدنيا به وبمُلْكه / وردّ على الأيّام بهجتَها الدهرُ
هَنَاك قدومٌ حَفَّه السعد والعلا / ومدّ عليه عزّ سلطانِه النصر
رجعتَ وقد قضّيت ما لم يقضِّه / إمامٌ وما لم يحوِ أمثالهَ عصر
بفتح بشرقِ الأرض والغرب ذكرهُ / تَغَنّى به الدنيا ويحدو به السّفْر
فإن يك بَدْر لم يُقَسْ بشبيهه / فذى الوقعةُ الكبرى شبيهُتُها بدر
نصرت بها التوحيد والحق نُصْرَةً / عزيزيَّةً صَلَّى لها المجدُ والفخر
وأرهبتَ أهلَ الشامِ حتّى تركتُهَمْ / وليس لهم سرّ سواك ولا جهر
وسُسْتَهُمُ حَزْماً بما لم يَسُسهُمُ / بمعشاره يوماً زيادٌ ولا عَمْرو
فلو تَسْمَعُ الموتى لناديتُ مُسْمِعاً / يزيدَ بِخِزْيٍ قم فقد أدرِك الوِتر
نهضتُ بثارات الحسين وزيده / نهوضاً به من زَيْنب شُفيَ الصدر
ففاطمة الزهراءُ تُفْديك يابْنَها / وتسأل أن تَبْقَى ويبقَى لك العُمْرُ
وإنكَ للسَيفُ الذي الله ضاربٌ / به والهدى المدروسُ من نوره الذكر
فيا أيّها البحرُ الذي موجُه لُهىً / ويا أيّها الغيث الذي ماؤه تِبرُ
فداؤك قْوم طُلْتَهم وعلوتَهُمْ / أبوهُمْ إذا عدّوا أميَّةُ أو صخر
أراني إذا هذّبتُ فيك قصيدةً / يساعِدني في مدحك النظم والنّثر
ويجذِبُني قلبي إليك وهِمِّتي / ويعذبُ لي في حوك شعري لك الفكر
وهل أنا إلا ساعةٌ أنت يومُها / ويومٌ من الأيام أنت له شهر
وإني لممزوج بحبّك خِلْقةً / كما امتزجت بالماء في كأسها الخمر
كلانا لأصلٍ واحدٍ ولمَنبتٍ / تفرّع غُصْنانَا وما اختلف النَّجْر
فيا من عُلاه لي وإن كنتُ عبدَه / ومن أنا عند الانتساب له شَطْر
ضميرك يلقاني بخالص ودِه / ووجهُك ما إن ينقضي منه لي بشر
فإن كنُت في نشري لفضلك مُسْهِبا / ففضلكُ فضلٌ لا يحصِّله الذكر
أُهنّيك لا أَعني سواك بأَوبة / كأنك عِقْد وهْيَ من تحته نَحْرُ
ولو أنّ أرضاً هزّها الشوقُ أقبلت / إليك اشتياقاً أرضُ مصرك والقَصْرُ
أرى أناساً ساء بي ظنُّهُم
أرى أناساً ساء بي ظنُّهُم / في كلّ ما قلتُ من الشعِر
لمّا تطأطا بهمُ عِلْمُهُمْ / قاسُوا بأقدارهِمُ قدري
قالوا سواه صانعٌ كلَّ ما / يأتي به في السرّ والجهرِ
لو فهِموا أو عقلوا لاستحَوْا / أن يجعلوا المِرِّيخَ كالبدر
قِيسوا بشعري شعرَه تعلموا / تضايُقَ النهر عن البحر
من بَطَّل الحقّ هجا نفسه / بجهله من حيث لا يدري
فناظروني فيه أو فاشرحوا / شعريَ إن أنكرتمُ أمري
أولا فقولوا حسدٌ قاتل / مستمِكنٌ في القلب والصدر
سَقَى السفحَ من دَيْر القُصَير إلى النّهر
سَقَى السفحَ من دَيْر القُصَير إلى النّهر / إلى الجيزة الغرّاء فالشّط فالجسِر
من الغاديات الغُرّ كلّ مُخيّم / ضعيفِ الصَبَا عذب الحيَا مُسْبَل القَطْر
إذا جادها صوباً أجاد رياضَها / وألبَسها وَشْياً من النَوْر والزهر
فمن بُسُطٍ مسكيَّة ونمارقٍ / خَلُوقيّةٍ حفّت بأَقْبِيةٍ خُضْر
كأنّ الندى فوق الشقائق جائلاً / دموعٌ أرِيقت في الخدود على النحر
إذا الريحُ جالت بينهنّ تضوَّعت / بريح فتيتِ المسك أو عنبر الشِّحْرِ
خليلَيّ لا عيشٌ سوى اللهو والصِّبا / ولا لهوَ إلاّ في سماع وفي خمر
فَحُثّا كؤوس الرّاح صِرْفاً فإنني / أرى الدهرَ صَعْباً لا يَدُومُ على أمر
إذا الدهرُ أعطاك القِيادَ فلا تثِق / به فقُصَاراه التنقّل للغدر
فأَعط من العيش الشبابَ نَصيبَهُ / ولا تنتظرْ كَرَّ البياض على الشعر
وغضبيّ من الإدلال والتيه في الهوى / بلا غَضَب سَكْرَي الجفونِ بلا سُكر
كأن على لَبَّاتها رونَق الضُّحى / وفي حيثُ يَهْوِي القُرْط منها سنا الفجر
ترى البدر مثل البدر في صحن خدّها / وتفترّ عن مثل الجُمَان من الثغر
حَلَفت ببيض الهند تجري متونُها / نجيعاً وأطرافِ المثقَّفة السُمْر
وخوض الوغَى للموت في كل مأْقِطٍ / بهيمٍ يَخاف الذعرُ فيه من الذّعر
أليَّةَ من لاَقى الحِمامَ بمثله / ومارسَ منه الدهرُ أَمْضَى من الدهر
لأَنتَ العزيزُ المصطفَى والَّذي به / غدا المُلْكُ غَضَّ الفرع مجتمِعَ الوَفْر
وأنت سراجُ الحقّ في كلّ شبهة / وغوثُ الورى واليسرُ في أثَر العسر
ولا زلت تني مذ ولِيت أمورَنا / غلى الخُلُق المرضيّ والرُتَبُ الزُهْر
تسير بسيرات النبي وهَدْيه / وتَتْبع ما قد صحّ عنه من الأَثْر
وتضربُ مَن عاداك بالذّلِّ صاغراً / وتصحب من والاك بالعزّ والنصر
إلى أن نَعَشْتَ الملكَ بعد اضطرابه / وأمَّنت من قد كان منه على حذْر
ولولاك لم نلق الغني متبسّطاً / ولم نَجِدِ الأيامَ طيِّبة النَشْر
صَفُوحٌ بذولٌ للنَّدى مُتَكَرّم / إذا جُدْت أتبعت السماحة بالعذر
كأنّ رِواقَ الملكِ مذْ لاح تحته / جبينُك مضروبٌ على الشمس وَالبدر
بدتْ لك آياتٌ عليك شواهدٌ / بأنك أنت المصطفَى من أُولى الأْمر
وأنك أنت الخامسُ القائم الّذي / تَدينُ له أرضُ العِراقين عن قَسْر
وأنك مهديّ الأئِمة كلِّهم / وصاحبُ ذا الوقِت المسمَّى وذا العصر
ولما اختلفنا في النجوم وعلمها / وفي أنها بالنَّفع والضّرّ قد تَجْري
فمِن مؤمن هنّا بها ومكذِّب / ومن مُكْثِرٍ فِيها الجِدالَ ولا يَدْرِي
ومِن قائل تجري بسَعْدٍ وَأَنْحُسٍ / وتَعْلَمُ ما يأتي من الخير والشر
فعلّمَتنا تأويلَ ذلك كلِّه / بما فيه من سِرّ وما فيه من جهر
عن الطاهر المنصور جدِّك ناقلاً / وكان بها دونَ البريّة ذا خُبْر
وأخبرتَنا أنَّ المنجِّم كاهن / بماقال والكهان من شيعة الكفر
وأن جميع الكافرين مصيرُهُمْ / إلى النار في يوم القيامة والحشر
فجمّعتَنا بعد اختلاف ومِرْية / وألفَّتنا بعد التنافر والزَّجْر
وأوضحتَ فيها قول حقّ مبرهَن / يجلِّي ظلامَ الشّكّ عن كلّ ذي فكر
فعدْنا إلى أنّ الكواكب زِينةٌ / وفيها رجومٌ للشياطين إذ تسري
مسخّرة مضطرة في بروجها / تسِير بتدبير الإله على قَدْر
وأن جميع الغَيبِ لله وحدَه / تباركَ من ربّ ومن صَمَد وَتْر
وما علمتْ منه الأئمّة إنما / رَوَوه عن المختار جدِّهم الطُهْر
وكم لك فينا مثلها من هداية / سلِمتَ أبا المنصور للمجد والفخر
فإنك حبلُ الله بين عباده / وحُجَّتُه يا مُبْدِيَ الحُجَج الغرّ
إذا ما ملوكُ الأرِض سامَتْك في العلا / فَضَلتْهَمُ فَضْلَ الهلال على النسر
ولو كاثر الغيث الملث بقَطْره / يَمِنَك أربتْ في نداه على القطر
ولو وازنتْك النفسُ منّي جعلتُها / فداءكَ أو كثّرتُ عمرك من عمري
وقد خصّك الرحمنُ قبلَ مقالتي / بطولِ بقاءِ العمرِ في مرتضَى الذّكْرِ
فيا واحدَ الأملاك طرّاً وما عسى / أُحَصِّله من نظم فضلك في الشعر
ولو جلَّ عن شكرٍ من الناس ماجدٌ / لأصبحتَ في الدّنيا جليلاً عن الشكر
لك الشرف الأعلى الذي كان هاشمٌ / له بانياً بين المشاعر والحجْر
فَضَلْت البرايا أوّلاً ثم آخِراً / وسُدْتَهُمُ طَوْعاً بنائلك الغَمْر
وجاريتَ للمجد الملوك فَفُتَّهُمْ / ولم يبلغوا من عشر شأوك للعُشْر
ففي كلّ صدر صفوُ حبّك ثابتٌ / ولكنّه دونَ الذي لك في صدري
عليك صلاةُ الله ما ذَرَّ شارقٌ / فإنك برّ ما تملّ من البِرّ
يا عمِّ لا زلتَ في النعماء محبوراً
يا عمِّ لا زلتَ في النعماء محبوراً / سامي المحلّ قريرَ العين مسرورا
أبلغْ فديتُك مولانا وسيِّدَنا / ومن غدا آمرا والدهرُ مأمورا
وقل له ظَفِرَتْ كفّاك واعترضَتْ / لك السعودُ ولا لاقيتَ تكديرا
يا خيرَ مستخلَف ما زال منذ بدا / من البريَّة ممدوحاً ومشكورا
إن الخلافَة مذ أُلبِسْت حُلَّتها / عَزَّت ولم تَلْقَ من مَسْعاك تقصيرا
تأويلُ ما أنا مُهديه ومُرْسلُه / ودّي وشكريّ منظوماً ومنثورا
إذ كلّ ما رحتُ مهْديه فمنك بدا / وإن أَعَدْناه ترديدا وتكريرا
بعثتُ شِبْهَ النهود البارزات وما / تحكي خدودَ الدمى حسناً وتحميرا
من كلّ تفّاحة زهراءَ مُذْهَبة / كأنها حشيت مسكاً وكافورا
كأنهنّ خدود قَدْ لُثمن فقد / أَبْقَى اللثام بها نقشاً وتأثيرا
وكلّ ليمونة تحكي بظاهرها / لونَ المحبِّ إذا ما بات مهجوراً
فاسْلَمْ سَلِمتْ على الأيام مرتفعاً / تَزِينُها وعلى الأعداء منصورا
يا يوم أسعفنا بكل سرور
يا يوم أسعفنا بكل سرور / طِيباً فِنلنا منه كل حبور
ظِلْنا نُسَقَّي جوهراً من قهوة / قد عُتِّقت في جوهر البَلُّور
في جنَّة قد ذُللّت ثمراتُها / وتسربلتْ بغَلائلٍ من نورِ
وجرى النسيمُ على ثمارِ غُصونها / فتضوعّتْ بالمسك والكافور
ينساب في الأكناف منها جدولٌ / كالنَّصْل أو كالحيّة المذعور
ما بين أُترجّ يلوح كأنه / كبرى الثُّدِيّ الصّفِر فوق صدور
وكأنّ نَرْجِسَه إذا استقبلتَه / يرنو بأجفانِ العيون الحُور
وكأنّما النارَنْج في أغصانه / أُكَرٌ تَرَوَّتْ من دم اليَعْفُور
وكأنما نَشَر الربيعُ مَلاحِفاً / فيها مُرَيَّشَة من المنثور
وكأنّ سَوْسَنَها خدودٌ قد بدت / للَّثم فيها زُرْقَةُ التأثِير
ويَزيدها حسناً على تَحْسينها / مُلْك العزيز لها أبي المنصور
مَلِكٌ تزيد طباعُه كَرماً على / خُلُق المُعز وشيمة المنصور
أنا عبدك المخلوقُ منك وإنني / لجِميلِ ما أوليتَ أَلفُ شَكور
وضعيفةِ الألحاظ ساحرةٍ
وضعيفةِ الألحاظ ساحرةٍ / زادت لواحظُها على السحر
صفراء يحسبها محدِّثُها / ذَهَباً يكاد بَضَاضَةً يجري
فكأنما خَفَرُ الحياءِ بها / سُقْمٌ غدت منه على سكر
وكأنّ رقَةَ لفظها جمعت / طِيبَ الوصال ولذّةَ البِشر
فحديثُها كالبُرء أو كَرِضا الْ / مَحْبُوب بعد السُّخْط والهجر
إن قلّ أدّته بلا لَبَثٍ / أو طال نَصَّته بلا هَذْر
ترتجّ من ثِقَلِ روادفُها / حتّى تنوءَ بدقّة الخَصْر
فكأنها قمر على غُصُنٍ / قد لاح في ليلٍ من الشَّعْر
في صفرة كالخمر شاهدةٍ / أنّ الجمالَ المحضَ للصُّفْر
وإذا مشتْ من لينها اضطربت / مثلَ اضطراب الموجِ فِي البحر
وكأنها تخطو إذا نهضت / فوق المناصل أو على الجمر
لا تعذُلِوا فيها المحبَّ فقد / قامتْ له بجوامع العُذْر
سلام اللهِ والنعماء تَتْرَى
سلام اللهِ والنعماء تَتْرَى / ووافدة السرور على نزار
على المرضِي العلا قولاً وفعلاً / وكاشف غُمَّة الكُرَب الكِبار
إذا ما نحن زُرْناه فإنا / نزورُ نَدىً يَزيدُ على البحار
أُنظر لتفويف الرياض وحسنِها
أُنظر لتفويف الرياض وحسنِها / قد نَمَّقَتْهُ يَدُ السّحاب الممطِر
بُسُطٌ تَخالَف صبغُها ونسِيجُها / ما بين أَصفَر كالعقيقِ وأخضِر
يَجْمَعْن حُسْنَ المنظَر الزاهي الذي / راقَ العيونَ إلى كريم المخبر
فكأنّ نرجِسه عيونٌ أبرزت / أجفانها لكنها لم تنظر
وشقائق كست الرُّبا نسجِها / حُلَلا كتضْريج الخدود الأحمر
مُتَبَرجِّات ناعمات أكملت / خَفَر الذليل ونخوة المتكبر
وغلائل زُرْق نشرن كأنها / آثار تَجْميش الصدور النُضَّر
ما بين مَوز قد بدا كمراودٍ / من عَسْجَد مملوءة من سُكر
فاشربْ على تلك الرياضِ ونشرِها / رَاحاً تُرِيح فؤادَ كُلِّ مفكّر
فَنَدى العزيزِ وجُودُه عُوْنٌ على / ما نَتَّقِيه من فساد الأعصر
أوَ ما تراه حاز ظَرْفَ عُطارد / وثَباتَ بَهْرامٍ وسعدَ المشترِي
متفرّع من هاشم في ذِروة / طابت لطيب فروعِها والعنصر
فيك للمكرمات سر خفي
فيك للمكرمات سر خفي / كامِنٌ وهو في البريَّة جهر
أنت ليثٌ وأنت بحر وغَيْثٌ / وسحابٌ جَزْلٌ وشمسٌ وبدرُ
كيف سمّوا في الأرض بحراً وقطرا / وندى راحتيك بحر وقَطْر
يا إماماً لولاه ما ستُمطِر الجو / دُ ولا كان للبريّة فخر
إنني فيك قائلٌ قولَ حقٍّ / ساعةٌ من فراق وجهك شهرُ
لعنة الله والعبادِ على مَنْ / ليس يهواك منه قلبٌ وصدر
أطَعْتُ الصِبَا وشبابي نضيرُ
أطَعْتُ الصِبَا وشبابي نضيرُ / ولم يبدُ في عارضِيَّ القَتِيرُ
وأغرقتُ في اللّهو إني امرؤ / بِطبِّ المجون عليمٌ بصيرُ
وعاصيتُ عاذِلي في الهوى / لأنّي بطاعة قلبي جدير
وما هو إلا شبابٌ يزولُ / وعمر يسيرٌ ودهر قصير
وكل امرئ مستعارُ الحياة / ولا بدّ أن يَقْتَضِيها المُعِير
هل العيشُ إلا دَلالُ الصِبَا / وبَمٌّ يناغِيه مَثْنًى وزير
وحمراء صفراء يَسْقِيكها / أغنُّ مليحُ السجايا غرير
غلامٌ ويحسبه ناظِروه / غُلاميَّةً فهْو حقّ وزور
إذا اتبع الكأسَ ألفاظه / يرادِفها منه لحظ سَحُور
أما تُبْصِر الرّوضَ كيف اغتدى / وأوّلهُ مونِقٌ والأخير
كأنّ النَّدَى فوقَ أغصانه / إذا أسفرَ الصُّبْح دُرٌّ نَثير
وإن خطرتْ فيه رِيحُ الصَّبَا / تنفّس في الجوّ منه عَبير
كأنّ البنفسَج لثُم المحبّ / حوته خدودُ الدُّمَى والنُحُور
ونرجسه أعينٌ لُحْظُها / سواكِن والأُقحوانُ الثغور
ومن باقِلاَء كبلْق الحمام / تميس ولكنّها لا تطير
إذا ما تداعت فواخيتُها / بدا للطياهيج فيها صفيرُ
وإن هبَّت الرّيح في سَرْوها / تعانقن ضمَّ الصدورِ الصدورُ
كما اهتزَّ في المشي غِيدٌ وعِينٌ / فمادت روادِفُها والخُصُور
خليلَيّ إني خلعت العِذار / فهل منكما مُسعِد أو نصير
أرى الدّهر قد عاد سهلَ القِياد / وسودُ لياليه ليست تدور
كأن العزيز له زاجر / بجدواه فهْو ذليل أسير
لقد خضعتْ لك شمسُ النهار / وصلِّى لك القمر المستنير
ولم أر مثلك فيمن مضى / أميراً عليه نداه أمير
تلافيتني بضروب الجميل / فلا غَرْوَ إني محب شكورُ
إذا كنتُ ذا قلبٍ عَزوفٍ وهِمَّة
إذا كنتُ ذا قلبٍ عَزوفٍ وهِمَّة / يُقَصِّر عنها يَذْبُلُ وثَبِير
ولم ترضَ نفسي أن تذِلّ وتختذي / لغيرك إذ لا مَن سواك كثير
فما بال وعدي لم يتمَّ وماله / تلوح عليه كَأْبَةٌ وفتور
تأنَّيتُه شهراً أرجِّي قضاءه / وشهرٌ رهين الانتظار شهور
أيرجِعَ من يرجوك للدّهر صاغراً / وأنت على كلّ الأمور قدير
وكيف يخِيب المرتجِي منك نائلاً / وطائره بالسعد ظَلَّ يطيرُ
أأجزع من صَرْف الزمان ورَيْبه / وأنت على صرف الزمان أمير
وإني وإن لم أُعطَ حظّاً لَعالِمٌ / جَليد على كرِّ الخطوب صَبُورُ
إذا لم أكنْ نِكْساً جَهْولاً فَهَيِّنٌ / عَلَيّ بُؤُوسٌ نالني وحَبُورُ
وما زلتُ أَسمو للغني بك والعُلا / ومثلي بما يَسمو إليه جَدِير
فيا ليتَ شِعْرِي ما الّذي فيك عَاقني / وأنت عليمٌ بالرجال بصير
قضاؤك حقّ فاقضِ ما شئتَ إنني / على كلّ ما تَقضِي الغداةَ شَكور

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025