المجموع : 63
بلادَكَ يا عليُّ فأنت أولى
بلادَكَ يا عليُّ فأنت أولى / بأن تَرْعَى لها الذِمَمَ الكِبارا
قَضاءٌ زَلزلَ الدُّنيا فأمستْ / مَمالِكُها تَموجُ دَماً ونارا
بِلادَكَ لا تَدَعْها للعَوادِي / وجَنّبها بحكمتِكَ العِثارا
ولا تَقْذِفْ بها في غيرِ حقٍّ / بحيثُ ترى ظلاماً لا نهارا
علينا أن نَرُدّ الشَّرَّ عنها / ونَنْهضُ للعدّوِّ إذا أغارا
علينا أن نُناضِلَ عن حِماها / نصون ذمارها داراً فدارا
نُحارِبُ مَن يُحارِبُنا ونأبَى / لأَنْفُسِنا المَذَلَّةَ والصَّغارا
ونَحفظُ عَهْدَنا في غيرِ بَغْيٍ / ونَرْضَى الحقَّ نَجعلُه شِعارا
بِلادَكَ يا عليُّ فقد تجلّتْ / وُجوهُ الرأي للأُممِ الحَيارى
رَماها مِن قَضاءِ اللهِ رَامٍ / وأورثها امتهاناً وانكسارا
نَاجِ الممالكَ وَهي حَيْرَى تَنظُرُ
نَاجِ الممالكَ وَهي حَيْرَى تَنظُرُ / أُيراعُ سِربُكِ للسلام ويُذْعَرُ
لكِ في المخافةِ عُذرُ كُلِّ مُجرّبٍ / عَرفَ السياسةَ والمُجرِّبُ يُعْذَرُ
أَعَلَى القواضبِ قَامَ مِحرابُ الهُدَى / لِبَنِي الحضارةِ واسْتقرَّ المِنْبَرُ
إن يخطبوا باسْمِ الإِخاءِ ويكتبوا / فالقولُ لَغْوٌ والكتابُ مُزوَّرُ
الكاتبُ الأعلى يُدمِّرُ ما بَنَوْا / فَوقَ الصَّحائفِ والخطيبُ الأكبرُ
نَادَى بميثاقِ السّلامِ دُعاتُه / صَدَقَ الدُّعاةُ هو السَّلامُ الأحمرُ
وَضعوه كالبُركانِ يَهدأُ تارةً / يبغي السّبيلَ وتارةً يتفجّرُ
نارُ القتالِ تشبُّ بين سُطورِه / ودَمُ الضّعيفِ يَسيلُ منه ويقطرُ
كيلوجُ مُؤْتَمِرٌ يُشاوِرُ صَحْبَهُ / والسّيفُ يضحكُ والمدافِعُ تسخرُ
يَقضي ويَحكمُ في الشُّعوبِ وخلفه / قاضٍ يَجورُ وحاكمٌ يَتَجبَّرُ
يَجري الأَذَى في مُستَبدِّ قَضائِه / مِلءَ الزّمانِ ويستفيض المُنْكَرُ
رَكب العَمَى فإذا الضَّلالُ سبيلُه / وإذا الهَوَى إنجيلُه المُتخيَّرُ
زُلْفَى المُقرّبِ في أثيمِ كِتابِه / أُمَمٌ تُقَتَّلُ أو شعوبٌ تُنْحَرُ
انظُرْ إلى القتلى تَضِجُّ دِماؤُها / وَإلى المَصارعِ تقشعِرُّ وتَجْأَرُ
في كُلّ يَومٍ للسياسةِ حُجَّةٌ / يَمْضِي الحُسامُ بها وتَقْضِي العسكرُ
وِيلسُونُ يعرفها ويَشهدُ أنّها / فصلُ الخطابِ وإن أَبَى المُتذَمِّرُ
وضع الشرّائعَ لِلشُّعوبِ كثيرةً / فإذا الذي وضعَ الأئمةُ أكثرُ
الأرضُ ميراثُ القَويِّ فإنْ مَضَى / يبغي الزيادةَ فالسّماءُ المظهرُ
مَرْأىً من الملأ العليِّ ومظهرُ
مَرْأىً من الملأ العليِّ ومظهرُ / أين البيانُ لِمثلهِ والمِنْبَرُ
جبريلُ يهتف والنبيُّ كعهدِه / بين الصُّفوفِ يرى الوجوهَ وينظرُ
والسّبعةُ الفقهاءُ في ترتيلهم / للذِّكرِ والملأُ الأماثلُ حُضّرُ
غُضّوا النّواظرَ خاشعين أوِ انْظُروا / هذا عليٌّ في الندِيِّ وجعفرُ
اللهُ أنزلَهُ كِتاباً قيّماً / يَصِفُ الحياةَ لِكُلِّ من يتدّبرُ
هُوَ نُورُه وسَبيلُه ما مِثلُه / نُورٌ يُرامُ ولا سَبيلٌ يُؤثَرُ
من ضَلَّ فيه فمالَهُ من عاذرٍ / والمرءُ يَخبِطُ في الظّلامِ فَيُعْذَرُ
دينٌ يَفيِضُ هُدىً ودُنيا طَلْقةٌ / مِثلُ الرّبيعِ النّضرِ أو هي أنضرُ
دُنيا القياصرِ أَو هِيَ الدُنيا التي / زَحفَتْ طلائِعُها فأدبر قيصرُ
ما خَطْبُنَا بين الشّعوبِ أما كفى / أنّا نُعابُ بديننا ونُعيَّرُ
سَادُوا بِباطِلِهمْ ودَاسُوا حقَّنا / ولَنَحْنُ أخْلَقُ أن نَسُودَ وأجْدَرُ
يا قومنا هل تَعْرِفُون كِتابكم / أم ليس فيكم مُؤمِنٌ يتذكَّرُ
عُذْراً فقد عَظُمَ البلاءُ فهاجني / حتّى لأَحْسَبُ مُهجَتِي تتفجَّرُ
وكأنّ في كَبِدِي وبين جَوانِحي / ناراً مُؤجَّجَةً تجيشُ وتَهْدِرُ
إن تَجْهَلُوُه فإنّه السِّر الذي / يُحيي النُّفوسَ إذا تَموتُ وتقْبَرُ
وهو الحِمى المأمولُ يَعْصِمُنا إذا / جَرَتِ الأُمور بما نَخافُ ونَحْذَرُ
ماذا نخافُ وَكُلُّ حَرْفٍ مَعقِلٌ / وَلِمَنْ ندينُ وكلُّ سطرٍ عسكرُ
هو قُوَّةُ الإسلامِ ما من قوّةٍ / تُرْمَى بها إلا تُرَدُّ وتُقْهَرُ
إنّا لننصرُ ربَّنا ونُعِزُّه / ولَنَحنُ أَوْلَى من يُعِزُّ ويَنْصُرُ
كَذَبَ الألُىَ ظَنُّوا الظُّنونَ بِقَوْمِنا / هل يُبصِرُ الأَعْمَى ويَعْمَى المُبصِرُ
زَعَمُوا الحَضَارةَ لم تَقُمْ إلا على / أَيمْانهم والحقُّ ضاحٍ مُسْفِرُ
أمِنَ الحضارةِ هَذِهِ الفِتَنُ التي / باتت لها الدُّنيا تَضِجُّ وتَجْأرُ
نَشِطوا فتلك مَمالكٌ يُرْمَى بها / بين العواصفِ أو شعوبٌ تُنْحَرُ
يَرْمُون باسْمِ الحقِّ وهو خَصيمُهم / فيما يُراقُ من الدّماءِ ويُهْدَرُ
هل قام لِلعُمْرانِ رُكنٌ لم يَقُمْ / منهم إليهِ مُخَرِّبٌ وَمُدَمِّرُ
ذَبَحُوا السَّلامَ فَمِنْ دِماءِ ذَبِيحهِم / في كلِّ أرضٍ لُجّةٌ تتسعَّرُ
الحربُ سُوقٌ والنُّفوسُ تجارةٌ / بِئْسَ التِجارُ همو وبئسَ المتجرُ
طَغَتِ النُّفوسُ فظالمٌ لا يرعوِي / عن ظُلمهِ ومُشاغِبٌ لا يُقْصِرُ
كُنّا الغُزاةَ الفاتحينَ فلم يَكُنْ / منّا امرؤٌ عاتٍ ولا مُتَجَبِّرُ
إنّا لَيمنعُنا الكتابُ المُنْتَقَى / ويَردُّنا الدّينُ الأَبَرُّ الأَطْهَرُ
يا مُنْصِفِي القرآنَ من أعدائهِ / أَنتُمْ لِقَوْمِكُمُ العَتادُ الأكبرُ
هذا سَبيلُ المُؤمنينَ لكم بهِ / أجرُ المُجاهدِ والمجاهِدُ يُؤْجَرُ
أَنُريدُ رحمةَ رَبِّنا وكِتَابُهُ / يُجْفَى على مَرِّ الزَّمانِ ويُهْجَرُ
أنتم فريقُ اللهِ ليس كَصُنعِكُمْ / صُنعٌ وأنتم حِزبُهُ المُتَخَيَّرُ
الذِّكرُ محفوظٌ بصالحِ سَعْيِكُمْ / باقٍ على الدُّنيا يُذاعُ ويُنْشَرُ
يَزَعُ النُّفوسَ عن الهَوَى ويَرُدُّها / عما يَعيبُ من الأُمورِ ويُنْكرُ
ويُقيمُ لِلأخلاقِ من آياتِه / صَرْحاً تُراعُ له الصُّروحُ وَتُذْعَرُ
يُعطي المَقَاوِمَ والمَواقِفَ حقَّها / فَمُبَشِّرٌ آناً وآناً مُنْذِرُ
اللهُ أَكْرَمَكُم به وأَحَبَّكم / والله يُكرِمُ من يُحبُّ ويَشْكُرُ