المجموع : 89
تَصامَمْتُ عن لَومِ العذولِ كأنَّما
تَصامَمْتُ عن لَومِ العذولِ كأنَّما / رَمى الوجدُ يومَ البينِ سمعِيَ بِالوَقْرِ
وقد كنتُ معذوراً بآنِفةِ الصِّبَا / فهَل ليَ بعد الشَّيبِ في الجهلِ مِن عُذرِ
وغيرُ ملومٍ مدلجٌ ضلَّ إِنما / يُلام إذا ما ضَلَّ في وضَحِ الفَجرِ
رأيتُ ما تلفِظُ الموسى فآسفَني
رأيتُ ما تلفِظُ الموسى فآسفَني / إذ عادَ حالِكُه كالثَّلجِ منثُورَا
فقلتُ إذ رابَني تغييرُ صَبْغَتِه / سبحانَ من ردَّ ذاكَ النَّدَّ كافُورَا
إذا تقوَّسَ ظهرُ المرءِ من كِبَرٍ
إذا تقوَّسَ ظهرُ المرءِ من كِبَرٍ / فعاد كالقوسِ يمشي والعصَا الوترُ
فالموتُ أروحُ آتٍ يسترِيحُ بِه / والعيشُ فيه لهُ التَّعذيبُ والضَّررُ
إذا عَاد ظهرُ المرءِ كالقَوسِ والعصَا / له حينَ يمشي وهْي تقدمُهُ وَتَرْ
وملَّ تكاليفَ الحياةِ وطُولَها / وأضعَفَهُ من بعدِ قُوَّتِه الكِبَرْ
فإنّ لَه في الموتِ أعظمَ راحةٍ / وأمْناً من الموتِ الذي كان يُنتظَرْ
احْذَرْ من الدّنيَا ولاَ
احْذَرْ من الدّنيَا ولاَ / تَغْتَرَّ بالعُمرِ القَصيْرِ
وانظُرْ إلى آثَارِ مَنْ / صَرَعَتْهُ مِنَّا بالغُرُورِ
عَمَرُوا وشادوا ما ترا / هُ مِنَ المنازِلِ والقصورِ
وتحوّلُوا من بعد سُكْ / نَاها إلى سَكْنَ القبورِ
لا تَغْتَبِط بسرورِ دُنْ
لا تَغْتَبِط بسرورِ دُنْ / يَا ما يدومُ بها سُرُورُ
وكذاكَ لا تَجْزَع لِحَا / دِثَةٍ تَضِيقُ بها الصُّدورُ
فجميعُ ما فيهِ الأَنَا / مُ أَلَيْسَ آخِرَهُ القبورُ
أرَى العينَ تَستحلِي الكَرى وأَمَامَها
أرَى العينَ تَستحلِي الكَرى وأَمَامَها / كَرىً ليس تَقضِيهِ إلى داعِيَ الحشْرِ
وليس ينامُ الخائفون فمالَهَا / تَنَامُ على عُظْمِ المخافةِ والذُّعْرِ
دنيايَ ناشِزَةٌ فإن فارَقتُهَا
دنيايَ ناشِزَةٌ فإن فارَقتُهَا / طوعاً وإلا فارقَتْنِي كارِهَا
إنّا لَنُنْكِرُ سوءَ عاقبةِ الورَى / فيها ونَهْوَاها على إِنكارها
كلٌّ بها كَلِفٌ ومن يزهدْ يكُنْ / في زُهْدِهِ متكلِّفاً مُتَكارها
أَذْكَرتُ نَفْسي مَصْرَع الآباءِ مِنْ / قَبْلي فَمَا أَصْغَتْ إلى إِذْكَارِهَا
وعجِبْتُ منها كَيفَ لم يَجْرِ الذِي / خُلِقَتْ لهُ يَوْماً عَلى أَفْكَارِهَا
والمَوتُ إن لم يأتِ في إِمْسائها / وافَى معَ الإِصْباح في إِبْكَارِهَا
وأمَامَها السَّفَرُ البَعيدُ وقَطْعُهُ / بِالبِرِّ لا بِقُرومِها وبِكَارِها
والدَّهرُ يَطْرقُ بالخطوبِ وما لَنَا / بعَوانِها أَيْدٌ ولا أَبْكارِها
والتُرْبُ أوكارُ الأنامِ وكُلُّنَا / كالطَّيرِ رائحةً إلى أَوْكارِها
لك الحمدُ يا مولايَ كمْ لكَ منّةً
لك الحمدُ يا مولايَ كمْ لكَ منّةً / عليَّ وفضلاً لا يقومُ بهِ شُكْرِي
نزلتُ بهذا المسجدِ العامَ قافلاً / من الغَزْوِ موفورَ النّصيبِ من الأجرِ
ومنهُ رحلتُ العِيسَ في عامِيَ الَّذي / مضَى نحوَ بيت اللهِ ذي الرِّكنِ والحجْرِ
فأدّيتُ مفروضِي وأسقَطْتُ ثِقْلَ ما / تحمَّلْتُ من وِزْرِ السّنينَ على ظَهْرِي
أيّها الظَّالمُ مهلاً
أيّها الظَّالمُ مهلاً / أنتَ بالحاكمِ غِرُّ
كلُّ ما استعذَبْتَ منْ جَوْ / ركَ تعذيبٌ وجَمْرُ
ليس يلقى دعوةَ المظ / لومِ دونَ اللهِ سِتْرُ
فَخَفِ الله فما يَخْ / فى عَلَيْهِ مِنهُ سرُّ
يجمعُ الظّالمَ والمَظْ / لومَ بعد الموتِ حَشْرُ
حيثُ لا يَمْنَعُ سُلْ / طانٌ ولا يُسْمَعُ عُذْرُ
أَوَ ما يَنهاكَ عن ظُل / مِك موتٌ ثمَّ قَبْرُ
بعضُ ما فيه من الأهْ / وَالِ فيهِ لكَ زَجْرُ
إلى اللهِ أشكُو رَوعَتي ورزِيَّتي
إلى اللهِ أشكُو رَوعَتي ورزِيَّتي / وحُرقَةَ أحشائي لفَقْدِ أبي بَكرِ
خَلا ناظِري مِنه وكان سوادَهُ / ولم يَخْلُ من حزني ووجدي به صَدْري
خَشِيتُ عليه اليُتْمَ لكنَّ ثُكْلَهُ / ولوعَتَه لم يخطُرَا لي على فِكْرِ
فيا ليتَه لاقى الذي كنتُ أختَشي / عليه وأنّي دونَهُ صاحبُ القَبْرِ
فما في حياتي بعدَهُ ليَ راحَةٌ / فيا طولَ حُزني إن تطاولَ بي عُمري
ولم تُسْلِني الأيَّامُ عنهُ وإنَّما / سُلُوِّي بما أرجو من الأجْرِ في الصَّبْرِ
أُعاتِبُ فيكَ الدّهرَ لو أعتبَ الدّهرُ
أُعاتِبُ فيكَ الدّهرَ لو أعتبَ الدّهرُ / وأستنجِدُ الصّبرَ الجميلَ ولا صَبرُ
وأسألُ عن نَهجِ السُّلُوِّ وقد بَدا / لعَينَيَّ إلاّ أنّ مسلَكه وَعرُ
وكيف التَّسلِّي والحوادثُ جمَّةٌ / إذا ما انقَضى أمرٌ يسوءُ أتى أمرُ
رمَتْنِيَ في عشْرِ الثّمانينَ نكبةٌ / من الثُّكل يُوهي حملُها مَن له عَشْرُ
على حين أفْنى الدّهرُ قَومي ولم تزلْ / لهم ذِروةُ العلياءِ والعَدَدُ الدَّثْرُ
إذا حاربُوا فالأسْدُ تحمي عَرينَها / وإن سالَموا كان التَّبتُّلُ والذِّكرُ
تُبيحُ وتَحمي منذ كانت سُيوفُهُم / يُباحُ بها ثَغْرٌ ويُحمى بها ثَغْرُ
مَضَوْا وانطَوَتْ دُنياهُمُ وتَصَرّمَتْ / كأنَّهُمُ ما عُمِّرُوا ولَها نَشْرُ
فلم يَبقَ إلاّ ذكرُهم وتأسُّفي / عليهم ولَن يبقى التأسُّفُ والذِّكرُ
وأصبحتُ لا آلٌ يُلبُّون دعوتي / ولا وطنٌ آوي إليهِ ولا وَفْرُ
كأنّيَ مَن غير التُّرابِ فليسَ لي / من الأَرضِ ذاتِ العرضِ دونَ الوَرى شِبرُ
رُزئتُ أبا بكرٍ على شَغَفي بهِ / فيا لَهْفَتا ماذا جَني الحادِثُ البِكْرُ
لِسبعٍ مَضتْ من عُمرهِ غالَه الرّدى / وكنتُ أُرجِّي أن يطولَ به العُمْرُ
وقلتُ عتيقٌ من خُطوبِ زَمانِهِ / عتيقٌ بهذا يخبرُ الفأْلُ والزَّجْرُ
فعاجلَه قَبلَ التَّمام حِمامُهُ / ولا عجبٌ قد يُخْضَدُ الغُصُنُ النَّضْرُ
ويأمُرني فيه الأخِلاّء بالأُسى / وهَيهاتَ مالي بالأُسى بَعده خُبْرُ
يَقولون كَم هَذا البكاءُ ولو بَدا / ضَميرُ الّذي بي رَقَّ لي وبَكى الصّخْرُ
وكنتُ أظنُّ الدّمعَ يُبْرِدُ غُلَّتِي / إلى أن بَدا لي أنّ دمعَ الأسى جَمْرُ
أبا بَكر ما وجدي عليك بمنْقَضٍ / طَوالَ اللّيالي ما انقَضى اليومُ والشَّهرُ
أطلْتَ عليَّ اللّيلَ حتَّى كأنَّما / زَمانيَ ليلٌ كلُّه مالَه فَجرُ
وإنّي لأسْتَدعي الكَرى وهْو نافرٌ / به من جُفوني أن يُلِمَّ بها ذُعرُ
لعلَّ خَيالاً منك يَطرقُ مضجَعي / فأشكو إليه ما رَماني به الدَّهرُ
تُمثِّلُكَ الأفكارُ لي كلَّ لَيلةٍ / وتُؤنِسُني أشباهُكَ الأنجمُ الزُّهرُ
إذا لجَّ بي شوقٌ أتيتُكَ زائراً / فأرجِعُ كالمخبولِ دَلَّهَهُ السِّحرُ
وما القُربُ من قبرٍ أجَنَّكَ نَافِعي / إذا كانَ فيما بَينَنا للثَّرى سِترُ
أقولُ لنفسي حينَ جدَّ نِزاعُها / عليكِ بِحُسنِ الصَّبرِ إنْ أمكنَ الصَّبرُ
ألسنا بَني المَوتى إليهم مآلُنا / بلا مِرْيَةٍ والفرعُ يَجذبُه النَّجْرُ
فنحن كَسَفْرٍ عرَّسوا ووَراءَهم / رِفاقٌ إذا وافَوْهُمُ رحَلَ السّفْرُ
من الأرضِ أُنْشِئْنا وفيها مَعادُنا / ومِنها يكون النّشْرُ والبعثُ والحَشرُ
هي الأُمُّ لا بِرَّ لديها وردَّنا / إلى بطنها بعد الوِلادِ هو البِرُّ
ثَكولٌ ولا دمعٌ لها إثرَ هالكٍ / وكلُّ رَقوبٍ ثاكلٍ دمعُها هَمْرُ
أضلَّ الورى حبُّ الحياةِ فحازِمٌ / خبيرٌ سواءُ في الضَّلالةِ والغِرُّ
فَلا يأمنَنْ غَدْرَ اللياليَ آمِنٌ / وإن أمْهَلَتْه إنَّ إِمْهالَها خَتْرُ
تُعيرُ وبالقَسرِ العنيفِ ارتجاعُها / ولا خَيرَ في عاريَّةٍ ردَّها القَسْرُ
ونحنُ عليها عاكِفون وليسَ في / مواهِبِها عُقبى تَسرُّ ولا يُسرُ
فما بالُنا في سَكرةٍ من طِلابِها / ومَنْ نالَها مِنَّا يَزيدُ بهِ السُّكرُ
مَضى من مَضى مِمَّن حَبَتْهُ فأكثرَتْ / وراحَتُه من كلِّ ما جَمَعت صِفْرُ
وما نالَ أيَّامَ الحياةِ من الغِنى / عن الفقْرِ في يومِ المَعادِ هو الفَقْرُ
يُحاسَبُ عن قِطميرِه ونَقيرِهِ / ولم يَتَّبِعْهُ منه كُثرٌ ولا نَزْرُ
وهذا هو الخُسرُ المبينُ فما لنا / حِراصٌ على أمرٍ عَواقِبهُ خُسْرُ
وقد كان في آبائِنا زاجرٌ لنا / يُبصِّرُنا لو كان يردعُنا الزَّجرُ
تفانَوْا فبطنُ الأرضِ مِن بعدِ وحشَةٍ / بهم آهِلٌ مستأنِسٌ وخَلا الظَّهرُ
وقد دَرَسَتْ آثارُهم وقبورُهم / كما دَرسوا فيها فليسَ لها أُثْرُ
فهل ليَ في هَذي المواعِظِ واعِظٌ / يُبَرِّدُ ما يُخفي من الكَمَدِ الصّدرُ
يَحُثُّ على الصّبرِ الجميلِ فإِنَّه / يُنالُ به حُسنُ المعوضَةِ والأجرُ
ومَن نَزعَتْ أيدي المنيةِ مِن يَدي / هو الذُّخرُ لي في يومِ يَنْفَعُني الذُّخرُ
أزورُ قبرَكَ مشتاقاً فيحجُبُني
أزورُ قبرَكَ مشتاقاً فيحجُبُني / ما هيلَ فوقَك من تُربٍ وأحْجارِ
فأنْثَنِي ودُموعي مِن جَوى كَبِدِي / تَفيضُ فاعجب لماءٍ فاضَ من نارِ
وصل الكتاب أن الفداء لفكرة
وصل الكتاب أن الفداء لفكرة / نظمت نفيس الدر فيه أسطرا
وفضضته عن جونة فتأرجت / نفحاته مسكا وفاحت عنبرا
وأعدت فيه تأملي متحيرا / كيف استحال اللفظ فيه جوهرا
سل المدائن عمن كان يملكها
سل المدائن عمن كان يملكها / هل آنست منهم من بعدهم خبرا
فلو أجابتك قالت وهي عالمة / بسيرة الذاهب الماضي ومن غبرا
أرتهم العبر الدنيا فما اعتبروا / فصيرتهم لقوم بعدهم عبرا
يا أوحد العصر علا وعنصرا
يا أوحد العصر علا وعنصرا / وبحر فضل بالعلوم زخرا
أفحمني شكرك عن أن أشكرا / نثرت من ذكري علي جوهرا
طوقتني درا وفاح عنبرا / وطاب من فيك فصار سكرا
تناستني الآجال حتى كأنني
تناستني الآجال حتى كأنني / رذية سفر بالفلاة حسير
ولما تدع مني الثمانون منة / كأني إذا رمت القيام كسير
أؤدي صلاتي قاعدا وسجودها / علي إذا رمت السجود عسير
وقد أنذرتني هذه الحال أنني / دنت رحلة مني وحان مسير
ديار الهوى حيا معالمك القطر
ديار الهوى حيا معالمك القطر / وإن لم يدع إلا تذكرك الدهر
عهدتك أفقا للسعود وساكنو / ربوعك في أرجائك الأنجم الزهر
وعصرهم فصل الربيع نضارة / فهل يرجعن لي ذلك الزمن النضر
إذا مر في فكري الديار وأهلها / فيالي من وجد يجدده الذكر
إذا أوحشتني وحدتي بعد فقرهم / ولهت كأني قد أصابني السحر
فكيف التأسي والتأسي فيهم / ولا عوض عنهم ولا عنهم صبر
لقد ساءني الدهر الذي سرني بهم / وما ظلموا ساؤوا قصاصا بما سروا
يا دار غيرك البلى وتحكمت
يا دار غيرك البلى وتحكمت / فيك الخطوب ومحت الآثارا
أصبحت تعرفك القلوب توهما / ويصد عنك الأعين الإنكارا
لم يبق منك الدهر رسما مائلا / ينبي بأن هناك كانت دار
لهفي على الزمن القصير قطعته / بك إن أيام السرور قصار
لم يبق منه سوى جوى متسعر / في القلب يذكي ناره التذكار
لا زلت يا ملك الإسلام في نعم
لا زلت يا ملك الإسلام في نعم / قرينها المسعدان النصر والظفر
تردي الأعادي وتستصفي ممالكهم / وعونك الماضيان السيف والقدر
فأنت إسكندر الدنيا بنورك قد / تضاءل المظلمان الظلم والضرر
أعدت للدهر أيام الشباب وقد / أظلم المهرمان الشيب والكبر
وجاد غيث نداك المسلمين فمن / سحابه المغنيان
وسرت سيرة عدل في الأنم كما / قضى بها الصادقان الشرع والسور
ففق بنصر على الكفار إنهم / يرديهم المهلكان الغدر والأشر
ثناهم إذا رأوا إقبال ملكهم / إليهم المزعجان الخوف والحذر
وما الفرار بمنجيهم وخلفهم / من بأسه المدركان السمر والبتر
وسوف يعفو إذا منهم بصارمه / وجيشه المخبران العين والأثر
ولو رقوا في ذرى ثهلان أسلمهم / لسيفه العاصمان الحصن والوزر
قضى بتفضيله عمن تقدمه / ما استودع المخبران الكتب والسير
عدل به أمن الشاء المهمل أن / يروعه الضاريان الذئب والنمر
وجود كف إذا انهات تفرق في / تيارها الزاخران البحر والمطر
مكارم جمعت فيه توافق في / تفضيله الأكرمان الخبر والخبر
فاسلم وعش وابق للإسلام ما جرت ال / أفلاك والنيّران الشمس والقمر
بنجوة من صروف الدهر يقصر عن / منالها المفسدان الخطب والغبر
ديار الهوى حيا معالمك القطر
ديار الهوى حيا معالمك القطر / وجادك نور الناصر الغدق الهمر
به رجعت في عنفوان شبابها / ونضرتها من بعد ما هرمت مصر
وكم خاطب ردته لم يك كفأها / إلى أن أتاها خاطب سيفه المهر
حماها حمى الليث العرين وصانها / كما صان عينا من ملم القذى شفر
وكان بها بحر أجاج فأصبحت / ومن جوده العذب النمير بها بحر