المجموع : 152
رَأَيْتُكَ لَمّا شِمْتُ بَرْقَكَ خُلَّباً
رَأَيْتُكَ لَمّا شِمْتُ بَرْقَكَ خُلَّباً / وَما أَرَبِي في عارِضٍ لَيْسَ يُمْطِرُ
فَأَخْطَأَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَرْتَجِي / وَأَدْرَكَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ
وَما ذاكَ عَنْ عُذْرٍ فأَسْلُوهُ مَطْلَباً / تَعَذَّرَ لَكِنْ حَظِّيَ الْمُتَعَذِّرُ
وَكَمْ مانِعٍ رِفْداً وَما كانَ مانِعاً / وَلكنْ أَبى ذاكَ الْقَضاءُ الْمُقَدَّرُ
وَقَدْ كانَ فِيما بَيْنَنا مِنْ مَوَدَّةٍ / وَمَعْرِفَةٍ مَعْرُوفُها لَيْسَ يُنْكَرُ
مِنَ الْحَقِّ ما يَقْضِي عَلَيْكَ بِأَنْ أُرى / لَدَيْكَ وَحَظِّي مِنْ نَوالِكَ أَوْفَرُ
وَما هِيَ إِلاّ حُرْمَةٌ لُوْ رَعَيْتَها / رَعَيْتَ فَتىً عَنْ شُكْرِها لا يُقَصِّرُ
كَرِيماً مَتى عاطَيْتَهُ كَأْسَ عِشْرَةٍ / تَعَلَّمْتَ مِنْ أَخْلاقِهِ كَيْفَ يُشْكَرُ
وَيَعْتادُنِي ذِكْراكَ في كُلِّ حالَةٍ
وَيَعْتادُنِي ذِكْراكَ في كُلِّ حالَةٍ / فَتَشْتَفُّنِي حَتّى تُهَيِّجَ وَسْواسِي
وَأَشْتاقُكُمْ وَالْيَأْسُ بَيْنَ جَوانِحِي / وَأَبْرَحُ شَوْقٍ ما أَقامَ مَعَ ألْياسِ
وَلَوْلا الرَّدى ما كانَ بِالعَيْشِ وَصْمَةٌ / وَلَوْلا النَّوى ما كانَ بِالْحُبِّ مِنْ باسِ
أوَ ما تَرى قَلَقَ الْغَدِيرِ كَأَنَّما
أوَ ما تَرى قَلَقَ الْغَدِيرِ كَأَنَّما / يَبْدُو لِعَيْنِكَ مِنْهُ حَلْيُ مَناطِقِ
مُتَرَقْرِقٌ لَعِبَ الشُّعاعُ بِمائِهِ / فَارْتَجَّ يَخْفُقُ مِثْلَ قَلْبِ الْعاشقِ
فَإِذا نَظَرْتَ إِلَيْهِ راعَكَ لَمْعُهُ / وَعَلَلْتَ طَرْفَكَ مِنْ سَرابٍ صادِقِ
أَلا يا مُحْرِقِي بالنّارِ مَهْلاً
أَلا يا مُحْرِقِي بالنّارِ مَهْلاً / كَفانِي نارُ حُبلِّكَ وَاشْتِياقِي
فَما تَرَكَتْ وَحَقَّكَ فِي فُؤادِي / وَلا جَسَدِي مَكاناً لاِحْتِراقِ
فَها أَنا مِاثِلٌ كَرَمادِ عُودٍ / مَضى مَحْصُولُهُ والشَّخصُ باقِ
فَلوْ واصَلْتَنِي يَوْماً لأَوْدى / بِجِسْمِي مَسُّ جِسْمِكَ بِالْعِناقِ
تُحَرِّقُنِي بِنارِكَ مُؤْذِناً لِي / بما أَنا فِيكَ يَوْمَ الْبَيْنِ لاقِ
وَنِيرانُ الصَّبابَةِ بالغِاتٌ / مُرادَكَ فِيَّ مِنْ قَبْلِ الْفِراقِ
أَمُعَذِّبِي بِالنّارِ سَلْ بِجَوانِحِي
أَمُعَذِّبِي بِالنّارِ سَلْ بِجَوانِحِي / عِنْدِي مِنَ الزَّفَراتِ ما يَكْفِينِي
لا تَبْغِ إِحْراقِي فإِنَّ مَدامِعِي / تُغْرِي بِنارِكَ ماءَها فَيَقِينِي
لُوْلاَ بَوادِرُها الْغزِارُ لأَوْشَكَتْ / وَهَوَاكَ نارُ هَواكَ أَنْ تُرْدِينِي
كَمْ وَقْعَةٍ لِلشَّوْقِ شُبَّ ضِرامُها / فَلَقِيتُ فِيها أَضْلُعِي بِجُفُونِي
يا مُؤْذِياً بالنّارِ جِسْمَ مُحِبِّهِ
يا مُؤْذِياً بالنّارِ جِسْمَ مُحِبِّهِ / نارُ الْجَوى أَحْرى بِأَنْ تُؤْذِيهِ
وَلِحَرِّها بَرْدٌ عَلَى كَبِدِي إِذا / أَيْقَنْتُ أَنَّ تَحَرُّقِي يُرْضِيهِ
عَذِّبْ بِها جَسَدِي فَداكَ مُعَذَّباً / وَاحْذَرْ عَلَى قَلْبِي فَإِنَّكَ فِيهِ
يا لَيْتَ أَنَّ يَدِي شَلَّتْ وَلَمْ يَرَنِي
يا لَيْتَ أَنَّ يَدِي شَلَّتْ وَلَمْ يَرَنِي / خَلْقٌ أَمُدُّ إِلَيْهِ بِالسُّؤالِ يَدا
وَلَيْتَ سُقْمِي الَّذِي فِي الْحالِ مِنْ عَدَمِي / أَحَلَّهُ الدَّهْرُ مِنِّي الرُّوحَ وَالْجسَدَا
بَلْ لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ خَلْقاً وَإِذْ قَسَمَ الْ / حَياةَ قاسِمُها لي قَصَّرَ الأَمَدا
فَالْمَوْتُ أَرْوحُ مِنْ عَيْشٍ مُنِيتُ بِهِ / وَلَمْ يَعِشْ مَنْ تقَضّى عَيْشُهُ نَكَدا
ألا فَتىً مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ يَحْمِينِي
ألا فَتىً مِنْ صُرُوفِ الدَّهْرِ يَحْمِينِي / أَلا كَريمٌ عَلَى الأَيّامِ يُعْدِيني
مَضى الْكِرامُ وَقَدْ خُلِّفْتُ بَعْدَهُمُ / أَشْكُو الزَّمانَ إِلى مَنْ لَيْسَ يُشْكِينِي
كَمْ أَسْتَفِيدُ أخاً بَرًّا فَيُعْجِزُنِي / وَأَبْتَغِي ماجِداً مَحْضاً فَيُعْيِيِني
أَرْجُو السَّماحَةَ مِمَّنْ لَيْسَ يُسْعِفُنِي / وَأَبْتَغِي الرِّفْدَ مِمَّنْ لا يُواسِينِي
لَوْ كانَ فِي الْفَضْلِ مِنْ خَيْرٍ لِصاحِبِهِ / مِنِّي فَحَتّامَ لا يَنْفَكُّ يَرْمِينِي
لَوْ كانَ فِي الْفَضْلِ مِنْ خَيْرٍ لِصاحِبِهِ / لَكانَ فَضْلِيَ عَنْ ذِي النَّقْصِ يُغْنِينِي
يا هذِهِ قَدْ أَصابَ الدَّهْرُ حاجَتَهُ / مِنِّي فَحَتّامَ لا يَنْفَكُّ يَرْمِينِي
إِنْ كانَ يَجْهَدُ أَنْ أَصْلى نَوائِبَهُ / جَمْعاً فَواحِدَةٌ مِنْهُنَّ تَكْفِينِي
كَأَنَّهُ لَيْسَ يَغْدُو مُرْسِلاً يَدَهُ / بِكُلِّ نافِذَةٍ إِلاّ لِيُصْمِينِي
سَلَوْتُ لا مَلَلاً عَمَّنْ كَلِفْتُ بِهِ / وَمِثْلُ ما نالَ مِنِّي الدَّهْرُ يُسْلِينِي
ما كُنْتُ أَرْضى الْهَوى وَالْوَجْدُ يُنْحِلُنِي / حَتّى بُلِيتُ فَصارَ الْهَمُّ يُنْضِينِي
مَنْ كانَ ذا أُسْوَةٍ فِيمَنْ بِهِ حَزَنٌ / فَالْيَوْمَ بِي يَتَأَسّى كُلُّ مَحْزُونِ
نَفضْتُ يَدِي مِنَ الآمالِ لَمّا
نَفضْتُ يَدِي مِنَ الآمالِ لَمّا / رَأَيْتُ زِمامَها بِيَدِ الْقَضاءِ
وَما تَنْفَكُّ مَعْرِفَتِي بِحَظِّي / تُرِينِي الْيَأْسَ في نَفْسِ الرَّجاءِ
أَبا الْمَجْدِ كَمْ لَكَ مِنْ طالِبٍ
أَبا الْمَجْدِ كَمْ لَكَ مِنْ طالِبٍ / يَرى بِكَ أَفْضَلَ مَطْلُوبِهِ
سَأَلْتُكَ مِسْكاً وَوَجْدِي بِهِ / كَوَجْدِ الْمُحِبِّ بِمَحْبُوبِهِ
وَلَوْ قَدْ ذَكَرْتُكَ فِي مَحْفِلٍ / غَنِيتُ بِذِكْرِكَ عَنْ طِيبِهِ
وِذِكْرِي لِمِثْلِكَ نِعْمَ الْبَدِيلُ / إِذا ضَنَّ غَيْرُكَ عَنِّي بِهِ
تَحَرّانِي الزَّمانُ بِكُلِّ خَطْبٍ
تَحَرّانِي الزَّمانُ بِكُلِّ خَطْبٍ / وَعانَدَنِي الْقَضاءُ بِغَيْرِ ذَنْبِ
كَأَنَّ الدَّهْرَ يُحْزِنُهُ سُرُورِي / أَوِ الأَيّامَ يُظْمِئُهُنَّ شُرْبِي
أَيا زَمَنَ اللِّئامِ إِلى مَ حَمْلاً / عَلَيَّ وَبَعْضُ ما حُمِّلْتُ حَسْبِي
أَما يَحْظَى الْكِرامُ لَدَيْكَ يُوْماً / فَأَرْكَبَ فِيكَ عَيْشاً غَيْرَ صَعْبِ
أَعُدْماً وَاغْتِراباً وَاكْتِئاباً / لَقَدْ أَغْرَيْتَ بِي يا دَهْرُ نَحْبِي
لَعَلَّ فَتىً حَمَيْتُ بِهِ حَياتِي / زماناً وَالخُطُوبُ يُرِدْنَ نَهْبِي
يُعِينُ كَما أَعانَ فَيَجْتَبِينِي / بِنُعْمى طالَما فَرَّجْنَ كَرْبِي
فَيُنْقِذَ مِنْ غَمارِ الْمَوْتِ نَفْسِي / وَيُطْلِقَ من إسار الهم قلبي
وكنت إذا عتبت على زمان / أزال سَماحُ نَصْرِ اللهِ عَتْبِي
أُؤَمِّلُهُ لِحادِثَةِ الليالِي / فَأُخْصِبُ وَالزَّمانُ زَمانُ جَدْبِ
وَكَيْفَ يَخِيبُ مَنْ أَلْقى عَصاهُ / بِساحَةِ مُغْرَمٍ بِالْجُودِ صَبِّ
وَما يَنْفَكُّ يَنْفَحُ كًلَّ يُوْمٍ / نَسِيمُ الْعَيْشِ مِنْ ذاكَ الْمَهَبِّ
يَرُدُّ هُبُوبُهُ كَرَماً وَجُوداً / رِياحَ الدَّهْرِ مِنْ سُودٍ وَنُكْبِ
خَلائِقُ منْ أَبِي الْمَجْدِ اسْتَطالَتْ / بِهِمَّةٍ فاخِرٍ لِلْمجْدِ تَرْبِ
حَلَتْ أَعْراقُهُ كَرَماً فَباتَتْ / تُتَيِّمُ كُلَّ ذِي أَمَلٍ وَتُصْبِي
مَكارِمُ طالَما رَوَّيْتُ صَدْرِي / بِها وَوَرَدْتُ مِنْها كُلَّ عَذْبِ
تَزِيدُ غَزارَةً وَصَفاءَ وِرْدِ / عَلى ما طالَ مِنْ رَشْفِي وَعَبِّي
وَأَلْبَسَنِي صَنائِعَ لا أُبالِي / إِذا سالَمْنَنِي مَنْ كانَ حَرْبِي
وَقَفْتُ بِها الثَّناءَ عَلَى كَرِيمٍ / يَرى كَسْبَ الْمَكارِمِ خَيْرَ كَسْبِ
فَتىً لَمْ يُدْعَ لِلْمَعْرُوفِ إِلاّ / وَنائِلُهُ لِداعِيهِ الْمُلَبِّي
فِداؤُكَ كُلُّ مَمْنُوعٍ جَداهُ / ضَنِينٍ بَلْ فِداؤُكَ كُلُّ نَدْبِ
فَكَمْ قَرَّبْتَ حَظِّي بَعْدَ نَأْيٍ / وَباعَدْتَ النَّوائِبَ بَعْد قُرْبٍ
إِذا ما كُنْتَ مِنْ عُشّاقِ حَمْدِي / أَدَلَّ وَزارَ مَجْدَكَ غَيْرَ غِبِّ
وَمِثْلُكَ حَلَّ بَذْلُ الْجُودِ مِنْهُ / مَحَلَّ هُوى الْحَبِيبِ مِنَ الْمُحِبِّ
وَإِنِّي لِلزَّمانِ لَذُو نِضالٍ
وَإِنِّي لِلزَّمانِ لَذُو نِضالٍ / فَبِي مِنْ حَدِّ أَسْهُمِهِ كُلُومُ
وَسَلاَنِي عَنِ الأَحْبابِ دَهْرٌ / يَضِيمُ الْحُرَّ حادِثُهُ الْغَشُومُ
فَقَدْ أَصْبَحْتُ لا تُجْرِي دُمُوعِي الطُّ / لُولُ وَلا تُهَيِّجُنِي الرُّسُومُ
يا حُسْنَها صَفْراءَ ذاتَ تَلَهُّبٍ
يا حُسْنَها صَفْراءَ ذاتَ تَلَهُّبٍ / كَالنّارِ إلاّ أَنَّها لا تَلْفَحُ
عاطَيْتَنِيها وَالمِزْاجُ يَرُوضُها / وَكَأَنَّها فِي الْكَأْسِ طِرْفٌ يَجْمَحُ
وَتَضَوَّعَتْ مِسْكِيَّةً فَكَأَنَّها / مِنْ نَشْرِ عِرْضِكَ أَوْ ثَنائِكَ تَنْفَحُ
إِذا عَزَّ نَفْسِي عَنْ هَواكَ قُصُورُها
إِذا عَزَّ نَفْسِي عَنْ هَواكَ قُصُورُها / فَمِثْلُ النَّوى يَقْضِي عَلَيَّ يَسِيرُها
وَهَلْ غادَرَ الهِجْرانُ إِلاّ حُشاشَةً / لِنَفْسٍ بأَدْنى لَوْعَةٍ يَسْتَطِيرُها
هَوىً وَنَوىً يُسْتَقْبَحُ الصَّبْرُ فِيهِما / وَحَسْبُكَ مِنْ حالٍ يُذَمُّ صَبُورُها
وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَماسَكَ مُهْجَتِي / وَأَنَّكَ مِنْ جَوْرِ الْفِراقِ مُجِيرُها
فَما كانَ إِلاَّ غِرَّةً ما رَجَوْتُهُ / أَلا شَرُّ ما أَرْدى النُّفُوسَ غُرُورُها
وإِنِّي لَرَهْنُ الشَّوْقِ وَالشَّمْلُ جامِعٌ / فَكَيْفَ إِذا حَثَّ الْحُداةَ مَسِيرُها
وَما زِلْتُ مِنْ أَسْرِ الْقَطِيعَةِ باكِياً / فَمَنْ لِي غَداةَ الْبَيْنِ أَنِّي أَسِيرُها
وَكُنْتُ أَرى أَنَّ الصُّدودَ مَنِيَّةٌ / يَكُونُ مَعَ اللَّيْلِ التَّمامِ حُضُورُها
فَلَمّا قضَى التَّفْرِيقُ بِالْبُعْدِ بَيْنَنا / وَجَدْتُ اللَّيالِي كَانَ حُلْواً مَرِيرُها
أَعُدُّ سُرُورِي أَنْ أَراكَ بِغِبْطَةٍ / وَأَنْفَسُ ما يُهْدِي لِنَفْسٍ سُرُورُها
كَفى حَزَناً أَنِّي أَبِيتُ مُعَذَّباً / بِنارِ هُمُومٍ لَيْسَ يَخْبُو سَعِيرُها
وَأَنَّ عَدُوِّي لا يُراعُ وَأَنَّنِي / أَبِيتُ سَخِينَ الْعَيْنِ وَهْوَ قَرِيرُها
تَعافُ النُّفُوسَ الْمُرَّ مِنْ وِرْدِ عَيْشِها / وَتَكْرَهُ حَتّى يَسْتَمِرَّ مَرِيرُها
وَلا والْقَوافِي السّائِراتِ إِذا غَلَتْ / بِحُكْمِ النَّدى عِنْدَ الْكِرامِ مُهُورُها
لَئِنْ أَنا لَمْ يَمْنَعْ حِمايَ انْتِصارُها / وَيَثْنِي أَذى الْعادِينَ عَنِّي نَكِيرُها
فَلا ظَلَّ يُوْماً مُصْحِباً لِي أَبِيُّها / وَلا باتَ لَيْلاً آنِساً بِي نَفُورُها
قَطَعْتُ صُدُورَ الْعُمْرِ لَمْ أَدْرِ لَذَّةً / وَغَفْلَةَ عَيْشٍ كَيْفَ كَانَ مُرُورُها
وَلَمّا رَمانِي الدَّهْرُ عُذْتُ بِدَوْلَةٍ / جَلا الْحادِثاتِ الْفادِحاتِ مُنِيرُها
وَكَيْفَ يَخافُ الدَّهْرُ رَبُّ مَحامِدٍ / غَدا كَرَمُ الْمَنْصُورِ وَهْوَ نَصِيرُها
إِلى عَضُدِ الْمُلْكِ امْتطَيْتُ غَرائِباً / مُحَرَّمَةٌ إِلاّ عَلّي ظُهُورُها
ِإلى مَلِكٍ تَعْنُو الْمُلُوكُ لِبَأْسِهِ / ويَقْصُرُ يَوْمَ الْفَخْرِ عَنْهُ فَخُورُها
أَعَمُّهُمُ غَيْثاً إِذا بَخِلَ الْحيَا / وَأَطْعَنُهُمْ وَالْخَيْلُ تُدْمى نُحُورُها
إِلى حَيْثُ تَلْقى الْجُودَ هَيْناً مَرامُهُ / لِباغِيهِ وَالْحاجاتِ سَهْلاً عَسِيرُها
لَدى مَلِكٍ ما انْفَكَّ مِنْ مَكْرُماتِهِ / مَوارِدُ يَصْفُو عَذْبُها وَنَمِيرُها
يَزِيدُ عَلَى غُوْلِ الطُّرُوقِ صَفاؤُها / وَيَنْمِي عَلَى طُولِ الْوُرُودِ غَزِيرُها
أَغَرُّ لَوَ أَنَّ الشَّمْسَ يَحْظَى جَبِينُها / بِبَهْجَتِهِ ما كَانَ يُكْسَفُ نُورُها
غَنِيٌّ الْعُلى مِنْ كُلِّ فَضْلٍ وَسُؤْدَدٍ / وَلكِنَّهُ مِنْ كُلِّ مِثْلٍ فَقِيرُها
يُعُدُّ الْمَنايا مُسْتَساغاً كَرِيههُا / وَبِيضَ الْعَطايا مُسْتَقَلاًّ كَثِيرُها
سَقى اللهُ أَيّامَ الْمُؤَيَّدِ ما سَقَتْ / حَوافِلُ مُزْنٍ لا يُغِبُّ مَطِيرُها
فَما نَقَلَتْ جَرْداءُ سابِحَةٌ لَهُ / شَبِيهاً وَلا وَجْناءُ يَقْلَقُ كُورُها
سَقى لهذِه الدُّنْيا مِنَ الْعَدْلِ رَيَّها / فَأَصْبَحَ لا يَخْشَى الذَّواءَ نَضِيرُها
وَهَبَّ لَهُ فِيها نَسِيمُ غَضارَةٍ / مِنَ الْعَيْشِ حَتّى عادَ بَرْداً هَجِيرُها
عَفُوٌّ فَما عايَنْتُ زَلَّةَ مُجْرِمٍ / لَدى عَفْوِهِ إِلاّ صَغِيراً كَبِيرُها
لَهُ الرَّأْيُ وَالْبَأسُ اللَّذانِ تَكَفَّلا / لأَعْدائِهِ أَوْحى حِمامٍ يُبِيرُها
سُيُوفٌ مِنَ التَّدْبِيرَ والْفَتْكِ لَمْ يَزَلْ / وَمُغْمَدُها فِي كَفِّهِ وَشَهِيرُها
رَأَى أَرْضَ صُورٍ نُهْبَةً لِمُغالِبٍ / يُنازِلُها يَوْماً وَيَوْماً يُغِيرُها
تداركها والنصر في صدر سيفه / أخو عز مات لا يخاف فتورها
هُمامٌ إِذا ما حَلَّ يَوْماً بِبَلْدَةٍ / فَخَنْدَقُها حَدُّ الْحُسام وَسُورُها
وَسُمْرٌ مِنَ الْخَطِّيِّ لا تَرِدُ الْوَغى / فَتُحْطَمَ إِلاّ فِي الصُّدُورِ صُدُورُها
أَرى أُمَراءِ الْمُلْكِ لِلْفَخْرِ غايَةً / وَأَنْتَ إِذا عُدَّ الْفَخارُ أَمِيرُها
وَما زِلْتَ تسْمُو لِلْعَلاءِ بِهِمَّةٍ / تَقِلُّ لَكَ الدُّنْيا بِها كيْفَ صُورُها
وَأَقْسِمُ لَوْ حاوَلْتَ قَدْرَكَ فِي الْعُلى / لَما آثَرَتْ عَنْكَ السَّماءَ بُدُورُها
وَإِنَّ بِلاداً أَنْتَ حائِطُ ثَغْرِها / بِسَيْفِكَ قَدْ عَزَّتْ وَعَزَّ نَظِيرُها
فَسَعْداً لأَمْلاكٍ عَلَيْكَ اعْتمِادُها / وَفَخْراً لأيّامٍ إِلَيْكَ مَصِيرُها
لَقَدْ عَطَّرَ الدُّنْيا ثَناؤُكَ فَانْثَنى / بِهِ ذا كَسادٍ مِسْكُها وَعَبِيرُها
فَتاهَتْ بِذِكْراهُ الْبِلادُ وَأَهُلُها / وَهَبَّتْ بِرَيّاهُ الصِّبا وَدَبُورُها
مَلأْتَ بِهِ الآفاقَ طِيباً مَتى دَعا / إِلى نَشْرِهِ الآَمالَ خَفَّ وَقُورُها
فَجِئتُكَ ذا نَفْسٍ يُقَيِّدُها الْجَوى / وَقَدْ كادَ حُسْنُ الظَّنِّ فِيكَ يُطِيرُها
رَمِيمٍ أُزَجِّيها إِلَيْكَ لَعَلَّهُ / يَكُونُ بِنُعْمى راحَتَيْكَ نُشُورُها
وَلَسْتُ بِشاكٍ مُدَّةَ الْخَطْبِ بَعْدَها / وَأَوَّلُ إِفْضائِي إِلَيْكَ أَخِيرُها
أبا حَسَنٍ لَئِنْ كانَتْ أَجابَتْ
أبا حَسَنٍ لَئِنْ كانَتْ أَجابَتْ / هِباتُكَ مَطْلَبِي قَبْلَ الدُّعاءِ
لَما ضاعَ اصْطِناعُكَ فِي كَرِيمٍ / مَلِيٍّ حِينَ تَقْرِضُ بِالْجَزاءِ
سَأُثْنِي بِالَّذِي أَوْلَيْتَ جَهْدِي / وَيُثْنِي السّامِعُونَ عَلَى ثَنائِي
وَكَيْفَ جُحُودُ مَعُرُوفٍ تَوالى / فَكانَ مِنَ الْخُطُوبِ دَواء دائي
أَأَجْحَدُ مِنَّةً بَدَأَتْ وَعادَتْ / إِذَنْ فَعَدَلْتُ عَنْ سَنَنٍ الْوفاءِ
سَبَقْتَ إِلى جَمِيلِ الصُّنْعِ ظَنِّي / وَقَرْطَسَ جُودُ كَفِّكَ فِي رَجائِي
وَكاَن نَداكَ حِينَ يَسِيرُ نَحْوِي / جَنِيباً لِلْمَوَدَّةِ وَالصَّفاءِ
فَما أَدْرِي أَأَشْكُرِ مِنْكَ قَصْدِي / بِجُودِكَ وَاصْطِناعِكَ أَمْ إِخائِي
أَبَتْ أَخْلاقُكَ الْغُرُّ اللَّواتِي / أَحَبُّ إِلى النُّفُوسِ مِنَ الْبَقاءِ
وَكَوْنُكَ وَالسَّماحُ إِلَيْكَ أَشْهى / مِنَ الْماءِ الزُّلالِ إِلى الظِّماءِ
سِوى كَرَمٍ وَمَعْرُوفٍ وَحِلْمٍ / وَضَرْبٍ فِي التَّكَرُّمِ وَالسَّخاءِ
وَقَدْ أَسَّسْتُ بِالْمِعادِ شُكْرِي / وَما بَعْدَ الأَساسِ سِوى الْبِناءِ
فَإِنْ تَسْمَحْ يَداكَ فَلا عَجِيبٌ / وَمَنْ ذا مُنْكِرٌ قَطْرَ السَّماءِ
كَمْ ذا التَّجَنُّبُ وَالتَّجَنِّي
كَمْ ذا التَّجَنُّبُ وَالتَّجَنِّي / كَمْ ذا التَّحامُلُ وَالتَّعَدّي
أَتَظُنُّنِي لا أَسْتَطِي / عُ أُحِيلُ عَنْكَ الدَّهْرَ وُدِّي
مَنْ ظَنَّ أَنْ لا بُدَّ مِنْ / هُ فَإِنَّ مِنْهُ أَلْفَ بُدِّ
يُحْتاجُ فِي الشِّعْرِ إلى طَلاوَهْ
يُحْتاجُ فِي الشِّعْرِ إلى طَلاوَهْ / وَالشِّعْرُ ما لَمْ يَكُ ذا حَلاوَهْ
فإِنّما سَماعُهُ شَقاوَهْ /
لَيْتَ الَّذِي قَلْبِي بِهِ مُغْرَمُ
لَيْتَ الَّذِي قَلْبِي بِهِ مُغْرَمُ / يَعْلَمُ مِنْ وَجْدِي كَما أَعْلَمُ
لَعَلَّهُ إِنْ لَمْ يَصِلْ رَغْبَةً / يَرِقُّ لِلْكْرُوبِ أَوْ يَرْحَمُ
أَذَلَّنِي حُبُّكُمُ فِي الْهُوى / فَما حَمَتْنِي ذِلَّتِي مِنْكُمْ
وَمَذْهَبٌ ما زالَ مُسْتَقْبحاً / فِي الْحَرْبِ أَنْ يُقْتَلَ مُسْتَسْلِمُ
أَبْلِغْ أَبا الْفَضْلِ الَّذِي شَهِدَتْ
أَبْلِغْ أَبا الْفَضْلِ الَّذِي شَهِدَتْ / بِالْفَضْلِ مِنْهُ الْبَدْوُ والْحَضْرُ
الْعُذْرُ عَنْدَكَ لا يَسُوغُ وَلِي / فِي أَنْ أَطِيلَ عَتابَكَ الْعُذْرُ
أَيَجُوزُ فِي حُكْمِ الْمُرُؤَةِ أَنْ / أَظْما وَدُونَ سَماحِكَ الْبَحْرُ
وَالسَّبْتُ مِنْ شَرْطِ الْمُدامِ وَلا / سِيمَا وَثَوْبُ زَمانهِ الْقُرُّ
وَلَدَيَّ بَدْرٌ لُوْ تَأَمَّلَهُ / يُوْماً لتاهَ بِحُسْنِهِ الْبَدْرُ
لا الْبَذْلُ شِيمَتُهُ وَلا الِفَتىً / عَرَفَ الْهوى عَنْ مِثْلِهِ صَبْرُ
فِي خُلْقِهِ سَرَسٌ وَلَيْسَ يُرى / إلاّ التَّمَتُّعُ مِنْهُ وَالْهَجْرُ
فَابْعَثْ لَنا خَمْراً يُراضُ بِها / فَعَسى يُذَلِّلُ صَعْبهُ الْخَمْرُ
وَالسُّكْرُ قَدْ ضَمِنَ الْوِصالَ لَنا / وَلَكَمْ وَفى بِضمانِهِ السُّكْرُ
سارِعْ إلى كَرَمٍ يُحازُ بِهِ الْ / شُّكْرُ الْجَمِيلُ وَيُعْدَمُ الأَجْرُ
صِرْتَ بَيْنَ الصّادَيْنِ يَا بْنَ الْمُجَلِّي
صِرْتَ بَيْنَ الصّادَيْنِ يَا بْنَ الْمُجَلِّي / بَيْنَ صَفْعٍ يُوهِي قَفاكَ وَصَرْفِ
بَعْدَ باءَيْنَ مِنْ بِغُاءٍ وَبَرْدٍ / حِلْفَ ضادَيْنِ فِيكَ وَضُعْفِ
ثُمَّ شِينَيْنِ شُؤْمِ جَدٍّ وَشِعْرٍ / لَمِغِيضٍ فِيهِ يَنابِيعُ كُنْفِ
قِرْنَ عَيْنَيْنِ عُدْمِ عَقْلٍ وَمالٍ / وَعَمىً عاجِلٍ بِوَقْعِ الأَكُفِّ
وَسَتأْتِي الْفاءَانِ فَقْدُكَ بَلْ فَقْ / رُكَ إِثْرَ الْحاءَيْنِ حُرْفٍ وَحَتْفٍ
وَإِذا ما السِّيناتُ حُزْنَكَ يا حُزْ / نَ ذَوِي الصَّرْفِ قُمْتَ مِنْ غَيْرِ خُلْفِ
سَفَهٌ فِي سَفالَةٍ فِي سُقُوطٍ / دائمٍ في سَوادٍ وَجْهٍ وسُخْفِ