المجموع : 142
وَلّى عَنِ الدُنيا بَنو بَرمكٍ
وَلّى عَنِ الدُنيا بَنو بَرمكٍ / فَلَو تَوالى الناسُ ما زادا
كَأَنَّما أَيّامُهُم كُلُّها / كانَت لِأَهلِ الأَرضِ أَعيادا
حَلَفتُ لَقَد أَنسى يَزيدُ بنُ مَزيدٍ
حَلَفتُ لَقَد أَنسى يَزيدُ بنُ مَزيدٍ / رَبيعَةَ مِنها فَقدَ كُلِّ فَقيدِ
فَتىً يَملَأُ العَينَينِ حُسناً وَبَهجَةً / وَيَملَأُ هَمّاً قَلبَ كُلِّ حَسودِ
سَلِ الفَجرَ عَن لَيلى إِذا طَلَعَ الفَجرُ
سَلِ الفَجرَ عَن لَيلى إِذا طَلَعَ الفَجرُ / وَعَن نَشرِ أَحزانٍ يَموتُ لَها الصَبرُ
أَراضِيَةٌ سَلمى بِما صَنَعَ الدَهرُ / وَإبعادهِ وَصلاً دَنا مَعَهُ هَجرُ
أَرَتنا اللَيالي غَدرَها بَعدَما وَفَت / وَلَم نَخشَ مِنها أَن يَكونَ لَها غَدرُ
لَيالِيَّ لا أُعصى وَأَعصي عَواذِلي / وَتَشفَعُ لي تِسعٌ تَقدَّمَها عَشرُ
سَميعٌ لِما أَهوى سَريعٌ إِلى الصبا / وَفي أُذُني عَن لَومِ مَن لامَني وَقرُ
عَواذِلُ لا يَقدِرنَ مِنّي عَلى الَّتي / تُسَيِّرُني قَصداً وَإِن كَثُرَ الزَجرُ
إِذا خِفنَ إِعناتي مَسَحنَ ذُؤابَتي / وَقُلنَ فَتىً سُكرُ الشَبابِ لَهُ سُكرُ
نَطَقنَ بِحَقٍّ بَينَ أَثناءِ باطِلٍ / سَيَأتي لَهُ عُذرٌ إِذا لَم يَكُن عُذرُ
لَنا غايَةٌ خَلفَ الشَبابِ سَتَرعَوي / عَلَيها عَلى الأَيّامِ إِن بَلَغَ العُمرُ
فَإِمّا وَحَبلُ اللَهوِ يَجذِبُهُ الصِبا / وَعُرفُ الَّذي يَأتينَهُ عِندَهُ العُمرُ
تَصَيَّدَهُ بِاللَحظِ مُذ أَشرَفَت لَهُ / عُيونُ الظِباءِ النُجلِ وَالأَوجُهُ الزُهرُ
وَتُسكِرَهُ كَأسُ الصِبا وَتُميلُهُ / وَخَمرُ الشَبابِ لَيسَ يَبلُغُها خَمرُ
وَشَرقٌ إِذا ما اِستَمطَرَ العَينَ عَبرَةً / ثَوى بَينَ أُخرى لَيسَ بَينَهُما فترُ
وَجارِيَةٍ لَم تَملِك الشَمسُ نَظرَةً / إِلَيها وَلَم يَعبَث بِجدّتها الدَهرُ
سَقيمَةُ لَحظٍ ما دَرَت كَيفَ سُقمُهُ / وَساحِرَة الأَلحاظِ لَم تَدرِ ما السِحرُ
تَظَلَّمَ لَو تُغني الظُلامَةُ خَصرُها / مِنَ الرِدفِ أَتعاباً فَما أَنصَفَ الخِصرُ
وَماجَت كَمَوجِ البَحرِ بَينَ ثِيابِها / يَجورُ بِها شَطرٌ وَيَعدِلُها شَطرُ
إِذا وَصَفَت ما فَوقَ مَجرى وِشاحِها / غَلائِلُها رَدَّت شَهادَتها الأُزرُ
وَصَلنا بِها الدُنيا فَلَمّا تَصَرَّمَت / وَأَبدى نُجومَ الشَيبِ في رَأسِهِ الشِعرُ
رَأَينا نِفارا مِن ظِباءٍ أَوانِسٍ / وَلَيسَ بِها إِلّا اِنتِقال الصِبا نَفرُ
رَأَينَ فَتىً غاضَت مِياهُ جَمالِهِ / وَأَيبَسَ مِن أَغصانِهِ الوَرَقُ الخُضرُ
وَكانَ الصِبا بَينَ الغَواني وَبَينَهُ / رَسولاً لَهُ النَهيُ المُحَكَّمُ وَالأَمرُ
سَلامٌ عَلَيهِنَّ الشَبابُ مَراحَةً / رَواحِلُهُ وَالأُنسُ في عَهدِهِ قَفرُ
إِلَيكَ وَلِيَّ العَهدِ أَلقَت رِحالَها / طَلائِحُ قَد أَفنى عَرائِكَها السَفرُ
حَداها سُهَيلٌ فَاِستَمَرَّت دَريرَة / إِلَيكَ وَقادَتها المَجَرَّةُ وَالنَسرُ
إِلى اِبنِ أَميرِ المُؤمِنينَ وَمَن لَهُ / مُشابِهَةٌ لِلشَّمسِ يَتبَعُها البَدرُ
إِذا ما عَدِمنا الفَجرَ خُضنا بِوَجهِهِ / دُجى اللَيلِ حَتّى يَستَبينَ لَنا الفَجرُ
مُلوكٌ بِأَسبابِ النُبُوَّةِ طَنَّبوا / بُيوتَهُم فَاِستَحكَمَت مَرَّةً شَزرٌ
فَطاعَتهُم نورٌ وَعِصيانُهُم دُجىً / وَحُبُّهُم دينٌ وَبُغضُهُم كُفرُ
حَبانا أَميرُ المُؤمِنينَ بسائِسٍ / عَلى وَجهِهِ سيما الطَلاقَةِ وَالبِشرُ
بِمُستَقبلٍ في مُلكِهِ وَشَبابِهِ / أَنافَ بِهِ العِزُّ المُؤَيَّدُ وَالقَدرُ
عَلَيهِ جَلالُ الكِبرِياءِ وَما لَهُ / سِوى هَيبَةٍ يَسمو النَوالُ بِها كِبرُ
مِنَ الجَوهَرِ المَخبورِ في السوم قَدرُهُ / يَزيدُ قُلوبَ الناسِ عَجباً بِهِ الخَبرُ
كَريحِ الخُزامى حَرَّكَت نَشزَها الصبا / تَزيدُكَ طِيباً كُلَّما زادَها النَشرُ
وَما اِمتَنَعَت مِن عَهدِهِ نَفسُ مُسلِمٍ / بِشَرقٍ وَلا غَربٍ أَتاها لَهُ ذِكرُ
مِنَ الذَهَبِ الإِبريزِ صيغَ وَإِنَّما / مِنَ الطينَةِ البَيضاءِ يُستَخلَصُ التِبرُ
لَقَد نَطَقَت أَيّامُكُم بِفَخارِكُم / فَأَغنَتكُم مِن أَن يَفوهَ بِها الشِعرُ
إِذا اِفتَخَرَت قَيسٌ بِطيبِ العَناصِرِ
إِذا اِفتَخَرَت قَيسٌ بِطيبِ العَناصِرِ / عَلى الناسِ طَأطَأَ رَأسَهُ كُلُّ فاخِرِ
هُم صَدَعوا بِالحَقِّ حَتّى تَنَفَّسَت / أُنوفُ المُلوكِ وَهيَ خَشمُ المَناخِرِ
أَجرّتكَ قَيسٌ مِن عنانِكَ فَضلَةً / فَكُن لِعَنانِ الظُلمِ أَوَّلَ قاصِرِ
تَوَقَّ سُيوفاً قَد أَتَتكَ ظُباتُها / مَقاديرُها مَوصولَةٌ بِالمَقادِرِ
فَلَو كُنتَ بَينَ الأَبيَضَينِ تَناوَلَت / نِياطَكَ أَطرافُ السُيوفِ البَواتِرِ
وَلَو أَنَّ قَيساً لَو أَرادَت شَرارَةً / لِقَومٍ أَبانَتهم عَلى ظَهرِ طائِرِ
هُم يُطعِمونَ الوَحشَ مِن كُلِّ مُترَفٍ / وَيَسقونَ ظَمَأَ البيضِ ماءَ الحَناجِرِ
عَزمُ النَوى يعنفُ بِالصَبرِ
عَزمُ النَوى يعنفُ بِالصَبرِ / وَيُسلِمُ الوَصلَ إِلى الهَجرِ
قَد كُنتُ أَبكي مِن نَوى لَيلَةٍ / فَكَيفَ بِالجُمعَةِ وَالشَهرِ
أَسلَمَني البَينُ إِلى لُجَّةٍ / لِلهَمِّ تُنسي لُجَّةَ البَحرِ
أُحارِبُ اللَيلَ فَما يَنجَلي / حُزني بِهِ إِلّا مَعَ الفَجرِ
أَخلو بِأَحزاني وَفِكري بِهِ / وَالحُزنُ مَقرونٌ مَعَ الفِكرِ
إِذا دَعا شَوقي بِهِ عبرَةً / فاضَت عَلى الخَدَّينِ وَالنَحرِ
أَمسى اِبنُ مَنصورٍ رَجاءَ الوَرى / مُؤَمِّلاً في العُسرِ وَاليُسرِ
يَسلُكُ في الكُلِّ طَريقَ النَدى / مُنَكَّباً عَن طُرُقِ الغَدرِ
وَيَجعَلُ البِشرَ دَليلاً عَلى / تَوفيرِ ما يُبذَلُ مِن وَفرِ
كَما يَدلُّ البَرقُ في وَمضِهِ / لِرائِدِ الخِصبِ عَلى القَطرِ
شَرى اِبنُ مَنصورٍ بِأَموالِهِ / مَكارِماً تَبقى عَلى الدَهرِ
ما هُوَ إِلّا بَدرُ سَعدٍ أَتى / لأربعٍ زادَت عَلى العَشرِ
حَياتُهُ تُحيي جَميعَ الوَرى / وَمَوتُهُ قاصِمَةُ الظَهرِ
لَقَد سَرَّني مِن ذي اليَمينَينِ طاهِرٍ
لَقَد سَرَّني مِن ذي اليَمينَينِ طاهِرٍ / تَجاوُزهُ بِالعَفوُ عَن كُلِّ غادِرِ
أَتى مِن طُلوعِ الشَمسِ كَالشَمسِ أَطلَعَت / لَنا وَجهَها الأَعلى عَلى كُلِّ ناظِرِ
كَأَنَّ سُتورَ الغَيبِ وَهيَ حَصينَةٌ / تكَشّفُها لِلخَطِّ آراءُ طاهِرِ
سَما لِمُلوكٍ جَوَّرَ اللَهُ فِعلَهُم / لما اِجتَرَموا وَاللَهُ لَيسَ بِجائِرِ
وَفَتَّحتِ الدُنيا لَهُم شَهَواتهِم / وَزَيَّنَ ما فيها لَهُم كُلُّ فاخِرِ
إِذا اِستَتبَعَتهُم نِعمَةٌ في طَريقِها / أَزَلَّهُمُ عَنها رُكوبُ الجَرائِرِ
فَإِن عوتِبوا فيها أَحالوا بَدينَهُم / عَلى ما تُواتيهِ صُروفُ المَقادرِ
مُلوكٌ أَرادَت أَن تَجدَّ حِبالَها / مِنَ اللَهِ تَعساً لِلجُدودِ العَواثِرِ
أَمَسَّتهُم الدُنيا بِهِ مِن عَذابِها / وَأَظهَرَ مِنهُم كامِنات السَرائِرِ
فَلَم تَبكِ دُنيا فارَقوها عَلَيهِم / وَلا بِهِم سُرَّت بُطونُ المَقابِرِ
وَأقسِمُ لَولا طاعَةٌ طاهِرِيَّةٌ / مُحَبَّتُها مَخلوطَةٌ بِالضَمائِرِ
إِذا ثَوَّبَ الداعي بِها زَعزَعَت لَهُ / مُتونَ القَنا الخَطّيِّ بَينَ العَساكِرِ
لَغالَت بَني العَبّاسِ وَالمُلكَ دَعوَةٌ / مُفَرَّقَةُ الأَنسابِ بَينَ العَشائِرِ
فَأَردى عداهُم بِالرُدَيني طاعِناً / وَكُلُّ رَهيفِ الحَدِّ لِلضَّربِ باتِرِ
يَلينُ إِذا ما مَسّتِ الكفّ صَقلَهُ / وَيَخشُنُ في مَسّ الطلى وَالأَباهِرِ
فَأنفَذ حُكمَ اللَهِ فيما أَرادَهُ / وَما مَعَ حُكمِ اللَهِ أَمرٌ لِآمِرِ
بِخَيلٍ يَحارُ الطَرفُ في جَنَباتِها / أَوائِلُها مَشفوعَةٌ بِالأَواخِرِ
فَقُل لِرِجالِ الدَولَتَينِ أَلا اِفخَروا / بِطاهِرِ العالي عَلى كُلِّ فاخِرِ
سَلَبتَ رِداءَ المُلكِ ظالِم نَفسِه / وَصُنتَ الَّذي وَلّاكَ قَصمَ الجَبابِرِ
وَلَم تَظلِم المَخلوعَ شَيئاً وَلا الَّذي / عَلَوتَ بِذِكراهُ فُروعَ المَنابِرِ
فَطَأطَأتَ أَعناقاً وَكانَت رَفيعَةٌ / تُجاوِزُ أَبراجَ النُجومِ البَواهِرِ
وَقَد كانَ أَشهادٌ عَلى الشَرطِ مودِعٌ / بِبَيتِ الحَرامِ وَالصَفا وَالمَشاعِرِ
فَرامَ الأَمينُ النَقضَ فالِتات أَمرُه / بِرَأيِ غُواةٍ فيهِ بادٍ وَحاضِرِ
تُراثٌ لِدينِ اللَهِ أدركَ ثَأرها / عَلى عِزِّ دينِ اللَهِ أَكرَمُ ثائِرِ
فَلَمّا قَضى النَحبَ العِراقيَّ عاجَها / إِلى نَحبِهِ بِالشامِ قَبَّ الخَواصِرِ
أَقولُ وَقَد خيلت لَدَيهِم خُيولُهُ / لِكَثرَتِها سِربَ القَطا المُتَبادِرِ
عَلَيكُم بِأَسبابٍ يَشدُّ مُتونَها / إِذا جَذَبتها الحَربُ قَتلَ المَرائِرِ
خُذوا العُروَةَ الوُثقى مِنَ الأَمرِ تَرشُدوا / وَلا تَشرُدوا عَنها شُرودَ الأَباعِرِ
وَخافوا مِنَ السُلطانِ بادِرَ أَمرِهِ / فَلَن يَملِكَ المُحتاطُ رَجعَ البَوادِرِ
لَقَد ذَكَّرَتني الدارمِيّة دورُها
لَقَد ذَكَّرَتني الدارمِيّة دورُها / وَإِن شَحَطَت عَنها وَبانَ دُثورُها
كَأَنَّ رُسومَ الدارِ بَعدَ أَنيسِها / صَحائِفُ رُهبانٍ عَوافٍ سُطورُها
وَلَم أَرَ يَوماً كانَ أَفظَع في الهَوى / مِنَ اليَومِ سارَت فيهِ عِيري وَعيرُها
غَدَت بِهِمُ ريحُ الشَمالِ فَأَنجَدوا / وَراحَت بِنا نَحوَ العِراقِ دُبورُها
وَذَكَّرَني العَيشَ الَّذي قَد تَصَرَّمَت / بَشاشَتُهُ أَطلالُ سَعدي وَدورُها
لَياليَّ سُعدى لا تَزالُ تَزورُني / عَلى رِقبَةٍ مِن أَهلِها وَأَزورُها
وَإِذ أَنا مِثلُ الغُصنِ يَنآدُ في الثَرى / وَيَسمو بِأَغصانٍ يَرف نَضيرُها
وَيَلقى عُيونَ الغانِياتِ بِسُنّةٍ / يحارُ إِذا ما واجَهتهُ بَصيرُها
وَما زالَ صَرفُ الدَهرِ يَصدُعُ بَينَنا / بِأَمرِ النَوى حَتّى اِستَمَرَّ مَريرُها
أَلا لَيتَ أَيّامي بِبرقَةِ مُعتقٍ / تَعودُ لَياليها لَنا وَشُهورُها
وَغُزلانِ أُنسٍ قَد حَكَت لي عُيونها / عُيونُ المَها تَحويرُها وَفُتورُها
إِذا جاذَبَت أَردافُها في قِيامِها / أَعالِيَها مالَت عَلَيها خُصورُها
رِقاقُ الثَنايا مُرهفاتٍ بُطونُها / وَمَملوءَةٍ أَعجازُها وَنُحورُها
أَتَتكَ المَطايا بَعدَ خَمسينَ لَيلَةً / تُصيبُ الهُدى أَعيانُها وَنُحورُها
يُنازِعُ أَعنانَ السَماءِ صُعودُها / إِلَيكَ وَعيطانُ الهُضومِ حُدورُها
وَإِن واجَهَت هَولاً مِنَ اللَيلِ لَفّها / عَلى جانِبَيهِ عَزمُها وَجُسورُها
وَهانَت عَلَيهِ الأَرضُ يَومَ بَعَثتُها / إِلَيكَ اِبنَ يَحيى سَهلُها وَوُعورُها
عَلى كُلِّ فَتلاء الذِراعَينِ زادُها / إِذا ما رَحَلنا كورُها وَجَريرُها
يَكادُ إِذا ما حَرَّكَ السَوطَ رَبُّها / لِأَمرٍ وَإِن لَم يُعنِها يَستَطيرُها
فَإِن تَستَرِح مِن طولِ إِدلاجِنا بِها / إِلَيكَ فَقَد كانَت قَليلاً فُتورُها
عَلى ثِقَةٍ بِالمَنزِلِ الرَحبِ وَالغِنى / لَدَيكَ وأَحواضٍ غِزارٍ بُحورُها
لَنِعمَ مُناخُ الراغِبينَ إِذا غَدَت / شَمالٌ يُزَجّي مرّها زَمهَريرُها
وَأَضحَت كَأَنَّ الريطَ بيضٌ تَقَنَّعَت / بِهِ أَرضُها بَطناً بِها وَظُهورُها
وَنِعمَ مُناخُ المُستَجيرِ بِجودِهِ / لِفَكِّ رِقابٍ لَم تَجِد مَن يُجيرُها
وَنِعمَ المُنادى بِاِسمِهِ حينَ تَلتَقي / صُدورُ القَنا وَالحَربُ تَغلى قُدورُها
بِهِ اِلتَأَم الصَدعُ الشَآمِيُّ وَاِلتَقَت / قَبائِلُ قَد كانَت شَتاتاً أُمورُها
فَأَطفَأَ ناراً قَد عَلا لَمَعانُها / فُروعَ البِلادِ وَاِستَطارَ سَعيرُها
رَأَيتُ اِبنَ يَحيى في الأُمورِ إِذا اِلتَوَت / يُشيرُ عَلى الجُلّى وَلا يَستَشيرُها
غَنِيٌّ بِفَضلِ الحَزمِ عَن رَأيِ غَيرِهِ / يُسدّي الأُمورَ نَحوَها وَيُنيرُها
أَبدَلَ اللَهُ مِن رَجائِكَ يا عا
أَبدَلَ اللَهُ مِن رَجائِكَ يا عا / مِرُ يَأساً وَاليَأسُ مِنكَ كَثيرُ
إِنَّ لِلمُلكِ حيرَةً تُبهِرُ العَق / لَ وَظِلّاً كَما يَدورُ يَدورُ
لا تَقولَنَّ لَيتَني كُنتُ قَد مِت / تُ جَميلاً وَقَد طَوَتكَ الأُمورُ
أَنتَ في سَكرَةِ الوِلايَةِ أَعمى / فَإِذا ما اِنجَلَت فَأَنتَ بَصيرُ
فَضَحَت وُدَّكَ الوِلايَةُ يا عا / مِرُ مُذ يَومَ قيلَ أَنتَ أَميرُ
لَم تُفِدني الأَيّامُ إِلّا غُروراً / بِكَ وَالمُرتَضى بِهِ مَغرورُ
إِنَّ حَبلَ الدُنيا وَإِن طَوَّلته / لَكَ وَاِستَحكَمَت قُواهُ قَصيرُ
اِركَبِ الخافِقينَ يا اِبنَ شَقيقٍ / فَإِلى أَشجَعَ بنِ عَمروٍ تَصيرُ
وَعَلى وُدَّكَ السَلامُ فَإِنّي / بِكَ مِن بَعدِها عَليمٌ خَبيرُ
ربعٌ تَعفَّتهُ الأَعاصيرُ
ربعٌ تَعفَّتهُ الأَعاصيرُ / وَقَّفَني فَالدَمعُ مَحدورُ
ذَكَرتُ أَيّامي وَلذّاتِها / فيهِ وَعَصرُ اللَهوِ مَذكورُ
وَإِنّ مَن يَبكي لِربعٍ خَلا / لَمُستَحيرُ العَقلِ مَغرورُ
إِنَّ اِبنَ مَنصورٍ لِأَهلِ النَدى / في كُلِّ وَجهٍ سَلَكوا نورُ
لا الخَيرُ مَحظورٌ عَلى طالِبٍ / مِنهُ وَلا المَعروفُ مَنزورُ
تُدارِكُ الثَغرَ وَقَد غَيَّرَت / سُنَّتَهُ رومٌ مَغاويرُ
وَأَوجَبوا الرِقَّ لأَحرارِهِ / فَالدينُ مِن ذلِكَ مَوفورُ
فَشَرَّدَ الطاغينَ سَيفٌ لَهُ / بِالنَصرِ وَالإِسلامِ مَشهورُ
أَبدَلَهُ عِزّاً بِلا ذِلَّةٍ / أَنَّ اِبنَ مَنصورٍ لَمَنصورُ
قُدِّرَ لِلخَيرِ أَبو الفَضلِ وَال / خَيرُ لَهُ مُذ كانَ مَقدورُ
لَولاهُ ما غارَت وَلا سُيِّرَت / آمِنَةً في سُبلِها العيرُ
يا حُفرَةَ المَلكِ المُؤَمّلِ رِفدُهُ
يا حُفرَةَ المَلكِ المُؤَمّلِ رِفدُهُ / ما في ثَراكِ مِنَ النَدى وَالخَيرِ
لا زِلتِ في ظِلَّينِ ظِلِّ سَحابَةٍ / وَطفاءَ دانِيَةٍ وَظِلِّ حبورِ
وَسَقى الوَلي عَلى العِهادِ عِراصَ ما / والاكَ مِن قَبرٍ وَمِن مَقبورِ
يا يَومَ مَنصورٍ أَبَحت حِمى النَدى / وَفَجَعتَهُ بِوَلِيّهِ المَذكورِ
يا يَومَهُ أَعرَيتَ راحِلَةَ النَدى / مِن رَبِّها وَحُرِمتَ كُلَّ فَقيرِ
يا يَومَهُ ماذا صَنَعتَ بِمُرمِلٍ / يَرجو الغِنى وَمُكَبَّلٍ مَأسورِ
يا يَومَهُ لَو كُنتَ جِئتَ بِصَيحَةٍ / فَجَمَعتَ بَينَ الحَيِّ وَالمَقبورِ
لِلَّهِ أَوصالٌ تَقَسَّمُها البلى / في اللَحدِ بَينَ صَفائِحٍ وَصُخورِ
عَجَباً لِخَمسَةِ أَذرُعٍ في خَمسَةٍ / غَطَّت عَلى جَبَلٍ أَشَمَّ كَبيرِ
مَن كانَ يَملَأُ عَرضَ كُلِّ تَنوفَةٍ / وَأراهُ جولُ مُلَحَّدٍ مَخبورِ
ذَلَّت بِمَصرَعِهِ المَكارِمُ وَالنَدى / وَذُبابُ كُلِّ مُهَنَّدٍ مَأثورِ
أَفِلَت نُجومُ بَني زِيادٍ بَعدَما / طَلَعَت بِنورِ أَهلَّةٍ وَبُدورِ
لَولا بَقاءُ مُحَمَّدٍ لَتَصَدَّعَت / أَكبادُنا أَسَفاً عَلى مَنصورِ
أَبقى مَكارِمَ لا تَبيدُ صِفاتُها / وَمَضى لِوَقتِ حَمامِهِ المَقدورِ
أَصبَحتَ مَهجوراً بِحُفرَتِكَ الَّتي / بُدِّلتَها مِن قَصرِكَ المَعمورِ
بَلِيَت عِظامُكَ وَالصِفاحُ جَديدَةٌ / لَيسَ البِلى لِفِعالِكَ المَشهورِ
إِن كُنتَ ساكِنَ حُفرَةً فَلَقَد ترى / سَكناً لِعودَي مِنبَرٍ وَسَريرِ
يا راكِبَ العيسِ الَّتي
يا راكِبَ العيسِ الَّتي / أَفنى عَريكَتَها اِبتِكارُه
اِرحَل إِلى يَحيى وَأَي / قِن إِنَّ دارَ الجودِ دارُه
يَحيى اِمرُؤٌ تُرجى مَنا / فِعُه وَلا يُخشى ضرارُه
يَعفو عَنِ الذَنبِ العَظي / مِ وَلَيسَ يُعجِزُهُ اِنتِصارُه
صَفحاً عَنِ الباغي عَلَي / هِ وَقَد أَحاطَ بِهِ اِقتِدارُه
الخَيرُ يُبطئُ ذِكرهُ / وَالشَرُّ يَسبِقُهُ شَنارُهُ
أَصبَحتَ جارَ البَرمَكي / يِ وَلَيسَ يَخشى الدَهرَ جارُه
بَدرٌ يُشابِهُ لَيلهُ / في ضوءِ جَدواهُ نَهارُه
وَمَحاذِر لِلبَينِ قَد / وَقَعَ الَّذي يُخشى حِذارُه
أَبَت نَفسُ يَحيى أَن يُدَبِّرَ دَولَةً
أَبَت نَفسُ يَحيى أَن يُدَبِّرَ دَولَةً / تَزولُ أَواخيها وَيَفنى سُرورُها
وَلَمّا رَأى الأَيّامَ تَنقُصُ مَرَّةً / وَتَثقُلُ أُخرى وَهيَ واهٍ مَريرُها
تَجافى عَنِ الدُنيا وَقَد فَتَقَت بِهِ / حَواضِرُها وَاِستَقبَلتُهُ أَمورُها
سَلِ الراكِبَ المَوفى عَلى الجِذعِ هَل رَأى
سَلِ الراكِبَ المَوفى عَلى الجِذعِ هَل رَأى / لِراكِبِهِ نَجماً بَدا غَيرَ أَعوَرِ
وَلَو كانَ نَجمٌ مُخبِراً عَن مِنيَّةٍ / لَأَخبَرَهُ عَن رَأسِهِ المُتَحَيِّرِ
يُعَرِّفُنا مَوتَ الإِمامِ كَأَنَّهُ / يُعَرِّفُنا أَنباءَ كِسرى وَقَيصَرِ
أَتُخبِرُ عَن نَحسٍ لِغَيرِكَ شُؤمُهُ / وَنَجمُكَ بادي الشَرِّ يا شَرَّ مُخبِرِ
لَمّا اِشتَكى جَعفَرُ بنُ يَحيى
لَمّا اِشتَكى جَعفَرُ بنُ يَحيى / فارَقَني النَومُ وَالقَرارُ
وَمَرَّ عَيشي عَلَيَّ حَتّى / كَأَنَّما طَعمُهُ المَرارُ
حُزناً عَلى جَعفَر بنِ يَحيى / لا حُقِّقَ الخَوفُ وَالحَذارُ
إِن يَعفِهِ اللَهُ لا نُبالي / ما أَحدَثَ اللَيلُ وَالنَهارُ
يا سَلمُ إِن أًصبَحتَ في حُفرَةٍ
يا سَلمُ إِن أًصبَحتَ في حُفرَةٍ / موسّداً تُرباً وَأَحجارا
فَرُبّ بَيتٍ حَسَنٍ قُلتَهُ / خَلَّفتَهُ في الناسِ سَيّارا
قَلَّدتَهُ رَبّاً وَسيرتهُ / فَكانَ فَخراً مِنكَ أَو عارا
لَو نَطَقَ الشِعرُ بَكى بَعدَهُ / عَلَيهِ إِعلاناً وَإِسرارا
بَينَ الكَنائِسِ وَالأَرواحِ مُطَّردٌ
بَينَ الكَنائِسِ وَالأَرواحِ مُطَّردٌ / لِلعَينِ يَلعَبُ فيهِ الطَرفُ وَالبَصرُ
في رُقعَةٍ مِن رِقاعِ الأَرضِ يَعمُرُها / قَومٌ عَلى أَبَوَيهِم أَجمَعَت مُضرُ
رَأَيٌ سَرى وَعُيونُ الناسِ هاجِعَةٌ
رَأَيٌ سَرى وَعُيونُ الناسِ هاجِعَةٌ / ما أَخَّرَ الحَزمَ رَأيٌ قَدَّمَ الحَذَرا
يُعطي زِمامَ الطَوعِ إِخوانَهُ
يُعطي زِمامَ الطَوعِ إِخوانَهُ / وَيَلتَوي بِالملكِ القادِرِ
ذَهَبَت مكارِمُ جَعفَرٍ وَفِعالُهُ
ذَهَبَت مكارِمُ جَعفَرٍ وَفِعالُهُ / في الناسِ مِثلَ مَذاهِبِ الشَمسِ
مَلِكٌ تَسوسُ لَهُ المَعالِي نَفسهُ / وَالعَقلُ خَيرُ سِياسَةِ النَفسِ
وَتَرى المُلوكَ إِذا رَأَيتَهُم / كُلٌّ بَعيدُ الصَوتِ وَالجَرسِ
فَإِذا تَراءاهُ المُلوكُ تَراجَعوا / جَهرَ الكَلامِ بِمَنطِقٍ هَمسِ
سادَ البَرامِكَ جَعفَرٌ وَهُمُ الأُلى / بَعدَ الخَليفَةِ سادَةُ الأُنسِ
ما ضَرَّ مَن قَصَد اِبنَ يَحيى راغِباً / بِالسَعدِ حَلَّ بِهِ أَمِ النَحسِ
قُصورُ الصالِحِيَّةِ كَالعَذارى
قُصورُ الصالِحِيَّةِ كَالعَذارى / لَبِسنَ ثِيابَهُنَّ لِيَومِ عُرسِ
مُطِلّاتٌ عَلى بَطنٍ كَسَتهُ / أَيادي الماءِ نَسجاً وَشيَ غَرسِ
إِذا ما الطَلُّ أَثَّرَ في ثَراهُ / تَنَفَّسَ نورُهُ مِن غَيرِ نَفسِ
تَعَبَّقُهُ السَماءُ بِصَبغِ وَرسٍ / وَتُصبحُهُ كُؤوسٌ غَيرُ شُمسِ