المجموع : 226
وِرداً فَمَضمونٌ نَجاحُ المَصدَرِ
وِرداً فَمَضمونٌ نَجاحُ المَصدَرِ / هِيَ عِزَةُ الدَنيا وَفَوزُ المَحشَرِ
نادى الجِهادُ بِكُم لِنَصرٍمُضمَرٍ / يَبدو لَكُم بَينَ العِتاقِ الضُمَّرِ
خَلّوا الدِيارَ لِدارِ خَلدٍ واِركَبوا / غَمرَ العَجاجِ إِلى النَعيمِ الأَخضَرِ
وَتَسَوَّغوا كَدِرَ المَناهِلِ في السُرى / تَرووُا بِماءِ الحَوضِ غَيرَ مُكَدَّرِ
وَتَجَشَّموا البَحرَ الأُجاجَ فَإِنَّهُ / سَبَبٌ بِهِ تَرِدونَ نَهرَ الكَوثَرِ
وَتَحَمَّلوا حَرَّ الهَجيرِ فَإِنَّهُ / ظِلٌّ لَكُم يَومَ المُقامِ الأَكبَرِ
يا مَعشَرَ العُربِ الَّذينَ تَوارَثوا / شِيَمَ الحِمِيَّةِ أَكبَراً عَن أَكبَرِ
إِنَّ الإِلَهَ قَد اِشتَرى أَرواحَكُم / بيعوا وَيَهنِكُمُ ثَوابُ المُشتَري
أَنتُم أَحَقُّ بِنَصرِ دينِ نَبِيِّكُم / وَبِكُم تَمَهَّدَ في قَديمِ الأَعصُرِ
أَنتُم بَنَيتُم رُكنَهُ فَلتَدعَموا / ذاكَ البِناءَ بِكُلِّ أَلعَسَ أَسمَرِ
لَكُمُ صَرائِمُ لَو رَكِبتُم بَعضَها / أَغنَتكُمُ عَن كُلِّ طِرفٍ مُضمِرِ
وَلَو أَنَّكُم جَهَّزتُمُ عَزماتِكُم / لَهَزَمتُمُ مِنها العَدُوَّ بِعَسكَرِ
وَلَو أَنَّكُم سَدَّدتُمُ هِمّاتِكُم / طَعَنَتهُمُ قَبلَ القَنا المُتَأَطِّرِ
أَضحى الهُدى يَشكو الظَما وَلَأَنتُمُ / ظِلٌّ وَرَيُّ كَالرَبيعِ المُمطِرِ
وَعَلا الجَزيرَةَ غَيهَبٌ وَغُمودُكُم / مَطوِيَّةٌ فَوقَ الصَباحِ المُسفِرِ
الدينُ ناداكُم وَفَوقَ سُروجِكُم / غَوثُ الصَريخِ وَبُغيَةُ المُستَنصِرِ
لَم يَبقَ لِلإِسلامِ غَيرُ بَقِيَّةٍ / قَد وَطِّنَت لِلحادِثِ المُتَنَكِّرِ
وَالكُفرُ مُمتَدُّ المَطالِعِ وَالهُدى / مُتَمَسِّكٌ بِذِنابِ عَيشٍ أَغبَرِ
البيضُ تَقلَقُ في الغُمودِ مَضاضَةً / لِلحَقِّ أَن يُلقي يَدَ المُستَصغَرِ
وَالخَيلُ تَضجَرُ في المَرابِطِ حَسرَةً / أَلّا تَجوسُ خِلالَ رَهطِ الأَصفَرِ
كَم نَكَّروا مِن مَعلَمٍ كَم دَمَّروا / مِن مَعشَرٍ كَم غَيَّروا مِن مَشعَرِ
كَم أَبطَلوا سُنَنَ النَبِيِّ وَعَطَّلوا / مِن حِليَةِ التَوحيدِ ذُروَةَ مِنبَرِ
أَينَ الحَفائِظُ ما لَها لَم تَنبَعِث / أَينَ العَزائِمُ ما لَها لا تَنبَري
أَيَهُزُّ مِنكُم فارِسٌ في كَفِّهِ / سَيفاً وَدينُ مُحَمَّدٍ لَم يُنصَرِ
أَم كَيفَ تَفتَخِرُ الجِيادُ بِأَعوَجٍ / فيكُم وَتَنتَسِبُ الرِماحُ لِسَمهَرِ
هُزّوا مَعاطِفَكُم لِسَعيٍ تَكتَسي / فيهِ ثِيابَ مَثوبَةٍ أَو مَفخَرِ
جِدّوا وَنَمّوا بِالجِهادِ أُجورَكُم / ما خابَ قَصدُ مُشَمِّرٍ وَمُثَمِّرِ
عِندَ الخُطوبِ النُكرِ يَبدو فَضلُكُم / وَالنارُ تُخبِرُ عَن ذَكاءِ العَنبَرِ
لَو صُوِّرَ الإِسلامُ شَخصاً جاءَكُم / عَمداً بِنَفسِ الوامِقِ المُتَحَيِّرِ
لَو أَنَّهُ نادى لِنَصرٍ خَصَّكُم / وَدَعاكُمُ يا أُسرَتي يا مَعشَري
مَن مُنصِفي مِن سَقيمِ الطَرفِ ذي حورِ
مَن مُنصِفي مِن سَقيمِ الطَرفِ ذي حورِ / رَكِبتُ بَحرَ الهَوى فيهِ عَلى خَطَرِ
ظَبيٌ لَهُ صورَةٌ في الحُسنِ قَد قُسِمَت / بَينَ الكَثيبِ وَبَينَ الغُصنِ وَالقَمَرِ
آلَت لَواحِظُهُ أَلّا يَعيشَ لَها / قَلبٌ وَلَو أَنَّهُ في قَسوَةِ الحَجَرِ
تَجَمَّعَت فيهِ أَشتاتُ الجَمالِ كَما / لِلمَجدِ فيهِ نَظيماً كُلُّ مُنتَثِرِ
يُضَرِّجُ السَيفَ في يَومِ الهَياجِ كَما / يُدَرِّجُ اللَحظَ في خَدٍّ مِنَ الخَفَرِ
كَرّاتُ عَينَيهِ في الأَعداءِ يَومَ وَغىً / تَنوبُ عَنهُ بِفِعلِ البيضِ وَالسُمُرِ
سُيوفُهُ وَالقَنا في الحَربِ فاتِكَةٌ / كَفَتكِ مُقلَتِهِ في القَلبِ بِالنَظَرِ
وَما آنتَشا كَأَبي العَبّاسِ في زَمَنٍ / وَلا يُرى مِثلُهُ في غابِرِ العُمُرِ
البَأسُ وَالجودُ في كَفَّيهِ قَد جُمِعا / مِثلُ الحَديقَةِ بِالحِّياتِ وَالزَهَرِ
هُوَ الغَمامُ يُرى رَحماً وَصاعِقَةً / فَاِرجُ نَداهُ وَكُن مِنهُ عَلى حَذَرِ
أَما دَرى السَيفُ أَن نيطَت حَمائِلُهُ / مِنهُ عَلى ما اِزدَرى بِالصارِمِ الذِكرِ
تَراهُ في مَوقِفٍ لِلمَوتِ طالَ بِهِ / ذَيلُ المَنِيَةِ وَالأَعمارُ في قِصَرِ
بَينَ الدِما وَصَليلِ الهِندِ تَحسِبُهُ / أَقامَ يَرتاحُ بَينَ الكاسِ وَالوَتَرِ
كَأَنَّ سُمرَ القَنا في كَفِّهِ قُضُبٌ / تَلوحُ مِن فَوقِها الهاماتُ كَالثَمَرِ
فَبَأسُهُ رَوَّعَ العِصيانَ مِنهُ كَما / أَخلاقُهُ خُلِقَت مِن ناضِرِ الزَهَرِ
تَاللَهِ لَو عابَهُ الحُسّادُ ما وَجَدوا / عَيباً سِوى أَنَّهُ في خِلقَةِ البَشَرِ
يا مَن لَهُ حَسَبٌ في المَكرُماتِ سَما / مُقَدَّماً فَوقَ هامِ الأَنجُمِ الزُهُرِ
بَقاءُ غُرِّ المَعالي أَن تَدومَ لَها / فَدُم وَلازِلتَ مَعصوماً مِنَ الغيَرِ
يَشقى بِرَيبِ زَمانِها الأَحرارُ
يَشقى بِرَيبِ زَمانِها الأَحرارُ / هَل لِلزَمانِ لَدى المَكارِمِ ثارُ
سوقُ الرَدى مازالَ يَكسِدُ عِندَها / حَسَبٌ وَتُنفِقُ فَضَّةٌ وَنُضارُ
دُنياكَ دارٌ لَم تَزَل تُبنى بِها / نُوَبُ الخُطوبِ وَتُهدَمُ الأَعمارُ
تَبغي القَصاصَ بِمَن فَقَدتَ مِنَ الرَدى / جُرحُ الرَدى عِندَ النُفوسِ جَبارُ
نَضَتِ المَنِيَّةُ عَنهُ ثَوبَ حَياتِهِ / ها إِنَّما ثَوبُ الحَياةِ مُعارُ
لَهَفي لَقَد قامَت قِيامَةُ مُهجَتي / إِذ كُوِّرَت مِن شَمسِها أَنوارُ
وَغَدا نَهاري مِن تَوَحُّشِ فَقدِهِ / لَيلاً وَلَيلي بِالسُهادِ نَهارُ
أَمسَيتُ في الدُنيا وَحيداً بَعدَهُ / فَكَأَنَّما عُمرانُها إِقفارُ
وَمَحَت جَميلَ الصَبرِ مِنّي عَبرَةٌ / خُطَّت بِها في صَفحَتي آثارُ
يا لَيتَني في عيشَتي شاطَرتُهُ / لَو كانَ لي عِندَ القَضاءِ خِيارُ
يا لَيتَني قاسَمتُهُ أَلَمَ الرَدى / لَو كانَ يَرضى قِسمَتي المِقدارُ
أَو لَيتَني ساكَنتُهُ في لَحدِهِ / فَيَضُمُّنا تَحتَ التُرابِ جِوارُ
حَسبُ المَنايا أَن تَفوتَ بِمِثلِهِ / قُطباً عَلَيهِ لِلعَلاءِ مَدارُ
يُهني الثَرى أَن صارَ فيهِ لَحدُهُ / فَبِلَحدِهِ شَرَفٌ لَهُ وَفَخارُ
حازَ الثَراءَ بِدُرَّةٍ مِن جِسمِهِ / إِذ أَغرَقَت بِالنَوءِ مِنهُ بِحارُ
قَد كانَ رَأسُ المُلكِ مِنهُ مُتَوَّجاً / وَبِمِعصَمِ العَلياءِ مِنهُ سِوارُ
إِنَّ الرِياسَةَ بَعدَهُ لَكَئيبَةٌ / ما إِن يَقِرُّ بِها الغَداةَ قَرارُ
وَلّى وَسارَ المَجدُ تَحتَ مَسيرِهِ / وَلِسَيفِهِ وَلِجَفنِهِ اِستِعبارُ
هَل نافِعٌ قَولي أَبا العَبّاسِ لا / تَبعُد وَبُعدُكَ لَيسَ فيهِ مَزارُ
سَل في الظَلامِ أَخاكَ البَدرَ عَن سَهَري
سَل في الظَلامِ أَخاكَ البَدرَ عَن سَهَري / تَدري النُجومُ كَما يَدري الوَرى خَبري
أَبيتُ أَهتِفُ بِالشَكوى وَأَشرَبُ مِن / دَمعي وَأَنشَقُ رَيّا ذِكرَكَ العَطِرِ
حَتّى يُخَيَّلَ أَنّي شارِبٌ ثَمِلٌ / بَينَ الرِياضِ وَبَينَ الكَأسِ وَالوَتَرِ
مَن لي بِهِ اِختَلَفَت فيهِ المِلاحَةُ إِذ / أَومَت إِلى غَيرِهِ إيماءَ مُختَصِرِ
مُعَطَّلٌ فَالحُلى مِنهُ مُحَلَّأَةٌ / تَغنى الدَراري عَن التَقليدِ بِالدُرَرِ
بِخَدِّهِ لِفُؤادي نِسبَةٌ عَجَبٌ / كِلاهُما أَبَداً يَدمى مِنَ النَظَرِ
وَخالُهُ نُقطَةٌ مِن غُنجِ مُقلَتِهِ / أَتى بِها الحُسنُ مِن آياتِهِ الكُبَرِ
جاءَت مِن العَينِ نَحوَ الخَدِّ زائِرَةً / وَراقَها الوِردُ فَاِستَغنَت عَن الصَدَرِ
بَعضُ المَحاسِنِ يَهوى بَعضَها طَرَباً / تَأَمَّلوا كَيفَ هامَ الغُنجُ بِالحَوَرِ
جَرى القَضاءُ بِأَن أَشقى عَلَيكَ وَقَد / أُتيتَ سُؤلَكَ يا موسى عَلى قَدَرِ
إِن تُقصِني فَنِفارٌ جاءَ مِن رَشاءِ / أَو تُضنِني فَمُحاقٌ جاءَ مِن قَمَرِ
قَد مِتُّ شَوقاً وَلَكِن أَدَّعي شَطَطاً / أَنّي سَقيمٌ وَمَن لِلعُميِ بِالعَوَرِ
سَأَقتَضي مِنكَ حَقّي في القِيامَةِ إِن / كانَت نُجومُ السَما تُجزى عَنِ البَشَرِ
أَنا الفَقيرُ إِلى نَيلٍ تَجودُ بِهِ / لَو يُطرَد الفَقرُ بِالأَسجاعِ وَالفِقَرِ
بَرَّزتُ في النَظمِ لَكِنّي أُقَصِّرُ عَن / شِعرٍ أُعاتِبُ فيهِ اللَيلَ بِالقِصَرِ
ضَلَلتُ بِالبَدرِ عَلى نورِهِ
ضَلَلتُ بِالبَدرِ عَلى نورِهِ / وَالناسُ يَستَهدونَ بِالبَدرِ
أَبطَلَ موسى السِحرَ فيما مَضى / وَجاءَ موسى اليَومَ بِالسِحرِ
مُستَحسَنُ الأَوصافِ مَمنوعُها / فَلا تَرُمهُ بِسِوى الفِكرِ
كَالماءِ في السُحُبِ وَكَالدُرِّ في ال / أَصدافِ وَالشادِنِ في القَفرِ
لَو أَنَّهُ عَنَّ لِحورِيَّةٍ / أَلقَتهُ بَينَ السَحرِ وَالنَحرِ
وَلَو دَعا مَيتاً بِأَلفاظِهِ / إِذَن لَلَبّاهُ مِنَ القَبرِ
دُرٌّ ثَناياهُ وَأَلفاظُهُ / فَلَقَّبوهُ الكَوكَبَ الدُرّي
ما عَوَّذوهُ العَينَ بَل عَوَّذوا / مِن عَينِهِ الناسَ هَوىً يَسري
كَأَنَّما الخالُ عَلى خَدِّهِ / سَوادُ قَلبي في لَظى الجَمرِ
أَجرى دَمي في خَدِّهِ صِبغَةً / فَاِسوَدَّ مِنهُ مَوضِعُ الوِزرِ
يا طَرفَهُ المُعتَلَّ خُذ مُهجَتي / لَعَلَّها تَنفَعُ أَو تُبري
وَلا تَرُدَّ اللَحظَ عَن مُقلَتي / وَاِسفِك دَمي حُلواً وَخُذ أَجري
يا يوسُفَ الحُسنِ وَيا سامِرِ / يَّ الهَجرَ أَشفِق لِلهَوى العُذري
أَخشى عَلَيكَ الفَيضَ مِن أَدمُعي / وَأَنتَ في عَيني كَما تَدري
أَنتَ عَلى التَحقيقِ موسى فَقَد / أَمِنتَ أَن تَغرَقَ في البَحرِ
وَلَمّا عَزَمنا وَلَم يَبقَ مِن
وَلَمّا عَزَمنا وَلَم يَبقَ مِن / مُصانَعَةِ الشَوقِ غَيرُ اليَسيرِ
بَكَيتُ عَلى النَهرِ أُخفي الدُموعَ / فَعَرَّضَها لَونُها لِلظُهورِ
وَلَو عَلِمَ الرَكبُ خَطبي إِذَن / لَما صَحِبونِيَ عِندَ المَسيرِ
إِذا ما سَرى نَفَسي في الشِراعِ / أَعادَهُمُ نَحوَ حِمصٍ زَفيري
وَقَفنا سُحَيراً وَغالَبتُ شَوقي / فَنادى الأَسى حُسنَهُ مَن مَجيري
أَنارٌ وَقَد وَقَدَت زَفرَتي / فَصارَ الغُدوُّ كَوَقتِ الهَجيرِ
وَمَنَّ الفٌراقُ بِتَوديعِهِ / فَشَبَّهتُ ناعي النَوى بِالبَشيرِ
وَقَبَّلتُ وَجنَتَهُ بِالدُموعِ / كَما اِلتُقِطَت وَردَةٌ مِن غَديرِ
وَرَدتُ وَصَدَّقتُ عِندَ الصُدورِ / حَديثَ قُلوبٍ نَأَت عَن صُدورِ
وَقَبَّلتُ في التُربِ مِنهُ خُطىً / أُمَيّزُها بِشَميمِ العَبيرِ
أَموسى تَمَلَّ لَذيذَ الكَرى / فَلَيلِيَ بَعدَكَ لَيلُ الضَريرِ
تَغَرَّبَ نَومِيَ عَن ناظِري / وَباتَ حَديثُ المُنى في ضَميري
وَما زادَكَ البَينُ بُعداً سِوى / سَنا الشَمسِ مِن مُنجِدٍ أَو مُغيرِ
طَرَدتُ الرَجا فيكَ عَن حيلَتي / وَوَكَّلتُهُ بِاِنقِلابِ الأُمورِ
نَظَرٌ جَرى قَلبي عَلى آثارِهِ
نَظَرٌ جَرى قَلبي عَلى آثارِهِ / خَلَعَ العِذارَ فَلا لَعاً لِعِثارِهِ
يا وَجدُ شَأنَكَ وَالفُؤادَ وَخَلَّني / ما المَرءُ مَأخوذاً بِزَلَّةِ جارِهِ
دَنِفٌ يَغيبُ عَن الطَبيبِ مَكانُهُ / لَولا ذُبالٌ شَبَّ مِن أَفكارِهِ
لِلدَمعِ خَطٌّ فَوقَ صُفرَةِ خَدِّهِ / فَتَراهُ مِثلَ النَقشِ في دينارِهِ
هَيهاتَ عاقَ عَن السُلوِّ فُؤادَه / سَبَبٌ يَعوقُ الطَيرَ عَن أَوكارِهِ
قالوا سَيُسليكَ العِذارُ سَفاهَةًً / وَحَصادُ عُمري في نَباتِ عِذارِهِ
إِن لَم أَمُت قَبلَ العِذارِ فَعِندَما / يَبدو يُسَلِّمُ عاشِقٌ بِفِرارِهِ
مِثلُ الغَريقِ نَجا وَوافى ساحِلاً / فَإِذا الأُسودُ رَوابِضٌ بِجِوارِهِ
إِنَّ العِذارَ صَحيفَةٌ تَتلو لَنا / ما كانَ صانَ الحُسنُ مِن أَسرارِهِ
مَن لي بِهِ يَرضى وَيَغضَبُ مِثلَما / أَنِسَ الرَشا ثُمَّ اِنثَنى لِنِفارِهِ
نَشوانَ يَعثُرُ في الحَديثِ لِسانُهُ / عَثَراتِ ساقٍ في كُؤوسِ عُقارِهِ
وَالخالُ يَعبَقُ في صَحيفَةِ خَدِّهِ / مِسكاً خَلَعتُ النُسكَ عَن عَطّارِهِ
موسى تَنَبَّأَ بِالجَمالِ وَإِنَّما / هاروتُ لا هارونُ مِن أَنصارِهِ
إِن قُلتُ فيهِ هُوَ الكَليمُ فَخَدُّهُ / يُهديكَ مُعجِزَةَ الخَليلِ بِنارِهِ
رَوضٌ حُرِمتُ ثِمارَهُ وَقَصائِدي / مِن وُرقِهِ وَالآسُ نَبتُ عِذارِهِ
يا مَشرَفِيّاً غَرَّني بِفِرِندِهِ / وَنَسيتُ ما في حَدِّهِ وَغِرارِهِ
أَنِسَت بِنارِ الشَوقِ فيكَ جَوانِحي / وَالزَندُ لا يَشكو بِحَرِّ شَرارِهِ
أَتلَفتَ قَلبي فَاِستَرَحتُ مِنَ المُنى / كَم مِن رِضىً في طَيِّ كُرهِ الكارِهِ
مَن لي بِأَن يَدنو بَعيدُ مَزارِهِ
مَن لي بِأَن يَدنو بَعيدُ مَزارِهِ / ظَبيٌ طُلوعُ الفَجرِ مِن أَزرارِهِ
كَالغُصنِ في حَرَكاتِهِ وَقَوامِهِ / كَالظَبيِ في لَحَظاتِهِ وَنِفارِهِ
في الرَوضِ مِنهُ مَحاسِنٌ وَمَشابِهٌ / في آسِهِ وَبَهارِهِ وَعَرارِهِ
فَعَرارُهُ مِن لَحظِهِ وَبَهارُهُ / مِن خَدِّهِ وَالآسُ نَبتُ عِذارِهِ
وَعَلِقتُهُ وسَنانَ يَلعَبُ بِالنُهى / كَتَلاعُبِ الساقي بِكَأسِ عُقارِهِ
يا حُسنَهُ لَو كانَ يَرحَمُ صَبَّهُ / وَجَمالَهُ لَو كانَ مِن زُوّارِهِ
أَلِفَ التَجَنّي وَالبِعادَ شَريعَةً / فَالنَجمُ أَقرَبُ مِن دُنوِّ مَزارِهِ
أَومى إِلَيَّ بِلَحظِهِ فَتَناثَرَت / خِيَلانُهُ في الخَدِّ مِن أَشفارِهِ
لَمّا أَراقَ دَمَ المَشوقِ تَعَمُّداً / اِسوَدَّ نَقطُ الخالِ مِن أَوزارِهِ
وَإِذا أَقولُ عَسى وَلَيتَ وَرُبَّما / فَمَقالُ لا لِلصَبِّ مِن أَخبارِهِ
فَالخَدُّ يَغرَقُ في مَعينِ دُموعِهِ / وَالقَلبُ يَصلى في جَحيمِ أُوارِهِ
عَجَباً لِضِدٍّ كَيفَ يَألَفُ ضِدَّهُ / هَذا بِأَدمُعِهِ وَذاكَ بِنارِهِ
أَموسى وَلَم أَهجُركَ وَاللَهِ إِنَّما
أَموسى وَلَم أَهجُركَ وَاللَهِ إِنَّما / هَجَرتُ الكَرى وَاللُبَّ وَالأُنسَ وَالصَبرا
تَرَكتُكَ لا نَقضاً لِعَهدِيَ بَل أَرى / حَياتِيَ ذَنباً بَعدَ بُعدِكَ أَو غَدرا
قَنِعتُ عَلى رُغمي بِذِكرِكَ وَحدَهُ / أُديرُ عَلَيهِ الخَمرَ وَالأَدمُعَ الحُمرا
أُقَبِّلُ مِن كَأسِ المُديرِ حَبابَها / إِذا مَثَّلَت عِندَ المُنى ذَلِكَ الثَغرا
زارَ لَيلاً فَظَلتُ مِن فَرحَتي أَح
زارَ لَيلاً فَظَلتُ مِن فَرحَتي أَح / سَبُ إِذ زارَني الحَقيقَةَ زورا
قُلتُ هَذا خَيالُهُ لَيسَ هَذا / شَخصَهُ وَالغَرامُ يُعمي البَصيرا
وَلَكُم بِتُّ أَحسَبُ الطَيفَ شَخصاً / أَحسَبُ الحُسنَ لا يَزورُ غُرورا
سَدَلَت لَيلَةُ الوِصالِ عَلَينا / ظُلمَةً تَملأُ الخَواطِرَ نورا
ثُبتُ مِنها وَالبَدرُ يُسفِرُ في الأُف / قِ حَسوداً وَالنَجمُ يَهفو غَيورا
شارِباً في الأَقداحِ نَجمَ شُعاعٍ / لاثِماً في الأَطواقِ بَدراً مُنيرا
مِتُّ قَبلَ اللِقاءِ شَوقاً فَلَمّا / جادَ لي بِاللِقاءِ مِتُّ سُرورا
أَنا مَيتٌ في الحالَتَينِ وَلَكِن / هَجَرَ المَوتُ عاشِقاً مَهجورا
يَقولونَ لَو قَبَّلتَهُ لَاِشتَفى الجَوى
يَقولونَ لَو قَبَّلتَهُ لَاِشتَفى الجَوى / أَيَطمَعُ في التَقبيلِ مَن يَعشَقُ البَدرا
وَلَو غَفَلَ الواشي لَقَبَّلتُ نَعلَهُ / أُنَزِّهُهُ أَن أَذكُرَ الجيدَ وَالثَغرا
وَمَن لي بِوَعدٍ مِنهُ أَشكو بِخُلفِهِ / وَمَن لي بِعَهدٍ مِنهُ أَشكو بِهِ الغَدرا
وَما أَنا مَن يَستَحمِلُ الريحَ سِرَّهُ / أَغارُ حِفاظاً أَن أُبيحَ لَهُ السِرّا
يَقولُ لِيَ اللاحي وَقَد جَدَّ بي الهَوى / لِيُلهِمَني في سوءِ تَخيِيلِهِ الصَبرا
أَلَم تَروِ قَطُّ اِصِبر لِكُلِّ مُلِمَّةٍ / فَقُلتُ أَما تَروي لَعَلَّ لَهُ عُذرا
إِذا فِئَةُ العُذّالِ جاءَت بِسِحرِها / فَفي لَحظِ موسى آيَةٌ تُبطِلُ السِحرا
وَزاهِرَةِ المَرأى مُعَطَّرَةِ الشَذا
وَزاهِرَةِ المَرأى مُعَطَّرَةِ الشَذا / قَد اِبتُدِعَت خَلقاً مِنَ المِسكِ وَالنورِ
رَنَت مِثلَ مَذعورِ الظِباءِ وَإِنَّما / مَشَت مِثلَما يَمشي القَطا غَيرَ مَذعورِ
وَقَد طَرَّفَت بيضَ البَنانِ بِأَسوَدٍ / كَما تَستَمِدُّ المِسكَ أَقلامُ كافورِ
لَكَ العُذرُ إِن لَم أُعِد زَورَةً
لَكَ العُذرُ إِن لَم أُعِد زَورَةً / وَلَو قيلَ أَحسَنَ ثُمَّ اِعتَذَر
عَلِمتُ بِأَنِّيَ جُلمودُ صَخرٍ / فَلَو أَنَّني عُدتُ قالوا مِكَرّ
فَدَيتُكَ إِنّي اِمرُؤٌ قَد سَرى / إِلى قَدَمي مِن لِساني حَصَر
لَئِن مَسَّ جِسمَكَ حَرُّ الضَنى / وَلَوَّحَ ذاكَ المُحَيّا الأَغَرّ
فَما الحَرُّ في الشَمسِ مُستَغرَبٌ / وَلا عَجَبٌ لِشُحوبِ القَمَر
وَكَم ذاقَ جَمراً أَخوكَ النُضارُ / وَمُشبِهُكَ المَشرَفِيُّ الذَكَر
تَطَلَّعتَ كَالصَحوِ بَعدَ الغُيومِ / وَأَمسَكتَ مِثلَ اِمتِساكِ المَطَر
حَديثُ العُلى عَنكَ مُستَحسَنٌ / حَديثٌ إِذا أَمتَعَ النَفسَ سَرّ
تَحَقَّقَ قَولُكَ وَالفَصلُ فيهِ / فَصَحَّ العِيانُ وَصَحَّ الخَبَر
وَكَم باطِلٍ ذائِعٍ قَيَّضَت / أَباطيلَهُ تُرَّهاتٌ أُخَر
وَكَم أَنبَتَ الشِعرَ وَردُ الخُدودِ / وَسَلَّ عَلَيها سُيوفَ الحَوَر
الأَرضُ قَد لَبِسَت رِداءً أَخضَرا
الأَرضُ قَد لَبِسَت رِداءً أَخضَرا / وَالطَلُّ يَنثُرُ في رُباها جَوهَرا
هاجَت فَخِلتُ الزَهرَ كافوراً بِها / وَحَسِبتُ فيها التُربَ مِسكاً أَذفَرا
وَكَأَنَّ سَوسَنَها يُصافِحُ وَردَها / ثَغرٌ يُقَبِّلُ مِنهُ خَدّاً أَحمَرا
وَالنَهرُ ما بَينَ الرِياضِ تَخالُهُ / سَيفاً تَعَلَّقَ في نِجادٍ أَخضَرا
وَجَرَت بِصَفحَتِهِ الصَبا فَحَسِبتُها / كَفّاً تُنَمِّقُ في الصَحيفَةِ أَسطُرا
وَكَأَنَّهُ إِذ لاحَ ناصِعُ فِضَّةٍ / جَعَلَتهُ كَفُّ الشَمسِ تِبراً أَصفَرا
أَو كَالخُدودِ بَدَت لَنا مُبيَضَّةً / فَاِرتَدَّ بِالخَجَلِ البَياضُ مُعصفَرا
وَالطَيرُ قَد قامَت عَلَيهِ خَطيبَةً / لَم تَتَّخِذ إِلّا الأَراكَةَ مِنبَرا
تَنقادُ لِيَ الأَوتارُ وَهيَ عَصِيَّةٌ
تَنقادُ لِيَ الأَوتارُ وَهيَ عَصِيَّةٌ / فَأُذِلُّ مِنها كُلَّ ذي اِستِكبارِ
وَلَقَد أَزورُ مَعَ القِسيِّ أَهِلَّةً / فَأُعيرُهُنَّ دَوائِرَ الأَوتارِ
أَبا حَسَنٍ لا حَسَّنَ اللَهُ حالَةً
أَبا حَسَنٍ لا حَسَّنَ اللَهُ حالَةً / تُحَوِّجُ أَربابَ الشَبابِ إِلى العُذرِ
وَلا مَن يُنادي نَحوَ نَهرٍ وَدَوحَةٍ / وَوَجهِ أَخي حُسنٍ يُقابَلُ بِالبَدرِ
فَلا تَترُك الأَشغالَ طُرّاً وَتَرتَقي / إِلى أُفُقِ اللَذاتِ جَهراً بِلا سِرِّ
أَعِد دَعوَةَ اللُقيا عَلى مَسمَعي الَّذي / يَلِذُّ بِما أَودَعتَهُ دائِمَ الدَهرِ
وَلا تَنسَ ذِكرَ الكاسِ فَهوَ كَمالُها / وَحَسِّن لَها الإِغفالَ مِن حِليَةِ الذِكرِ
بِها حُلِّيَت حالي وَمالِيَ عيشَةٌ / سِواها وَإِلّا فَالسَلامُ عَلى العُمرِ
فَوَاللَهِ ما في الأَرضِ مَجلِسُ راحَةٍ / بِغَيرِ حُلى الراحِ الَّتي سَلَبَت صَبري
سَآلَفُها إِلفَ العَتيقِ كِتابَهُ / وَلا أَشتَهي وَرداً سِواها لَدى الحَشرِ
لِلَّهِ نَهرٌ ما رَأَيتُ جَمالَهُ
لِلَّهِ نَهرٌ ما رَأَيتُ جَمالَهُ / إِلّا ذَكَرتُ لَدَيهِ نَهرَ الكَوثَرِ
وَالشَمسُ قَد أَلقَت عَلَيهِ رِداءَها / فَتَراهُ يَرفِلُ في قَميصٍ أَصفَرِ
وَالطَيرُ قَد غَنَّت لِشَطحِ رَواقِصٍ / فَوقَ الغَديرِ جَرَرنَ ثَوبَ تَبَختُرِ
وَكَأَنَّما أَيدي الرَبيعِ عَشِيَّةً / حَلَّينَ لَبّاتِ الغُصونِ بِجَوهَرِ
وَكَأَنَّ خُضرَ ثِمارِهِ وَبَياضَهُ / ثَغرٌ تَنَسَّمَ تَحتَ خَدِّ مُعَذِّرِ
يَأوي إِلى حَسَبٍ مِثلِ السُها شَرَفاً
يَأوي إِلى حَسَبٍ مِثلِ السُها شَرَفاً / لَكِنَّ ذاكَ خَفِيٌّ وَهوَ مَشهورُ
كَأَنَّهُ السَيفُ في الهَيجاءِ مُنصَلِتاً / لَو كانَ لِلسَيفِ في الهَيجاءِ تَدبيرُ
صُعِقتُ وَقَد ناجَيتُ موسى بِخاطِري
صُعِقتُ وَقَد ناجَيتُ موسى بِخاطِري / وَأَصبَحَ طورُ الصَبرِ مِن هَجرِهِ دَكّا
وَقالوا اِسلُ عَنهُ أَو تَبَدَّل بِهِ هَوىً / أَبَعدَ الهُدى أَرضى الجُحودَ أَو الشِركا
أَنِفتُ لِذاكَ الحُسنِ أَن يَهجُرَ الحَلى / فَنَظَّمتُ مِن شِعري وَمِن أَدمُعي سِلكا
جَرى الخالُ في كافورِ خَدَّكَ مِسكَةً / فَنَمَّ بِأَشواقي نُسَيِّمُها الأَذكى
فَجُد لي بِمِسكِ الخالِ يا ظَبيُ إِنَّني / عَهِدتُ ظِباءَ المِسكِ لا تَخزَنُ المِسكا
لا تَطلُبوا ثَأري فَلا حَقَّ لي
لا تَطلُبوا ثَأري فَلا حَقَّ لي / عَلى لِحاظِ الرِئمِ مِن مَقتَلِ
سَمَحتُ في سَفكِ دَمي راضِياً / بِرَشفَةٍ مِن ريقِكَ السَلسَلِ
وِصالُ موسى لَحظَةٌ صَفوُها / يُشابُ بِالواشينَ وَالعُذَّلِ
قَصيرَةٌ تُضرِمُ نارَ الهَوى / كَأَنَّها قَبسَةُ مُستَعجِلِ
لَحظٌ يَرى القَتلَ مُنى نَفسِهِ / وَالعارَ أَن يَترُكَ قَلبَ الخَلي
غَضُّ الصِبا يُسفِرُ عَن مَنظَرٍ / أَحسَنَ مِن عَصرِ الصِبا المُقبِلِ
صُوِّرَ مِن نورٍ وَمِن فِتنَةٍ / وَالناسُ مِن ماءٍ وَمِن صَلصَلِ
شاكي سِلاحِ القَدِّ وَاللَحظِ في / حَربِ شَجٍ عَن صَبرِهِ أَعزَلِ
مُنسَلِبِ الحيلَةِ وَالصَبرِ لا / يَأوي إِلى عَقلٍ وَلا مَعقِلِ
ذو ضِنَّةٍ يَمنَعُ بَذلَ المُنى / قَولاً وَمَهما قالَ لَم يَفعَلِ
يَنفي لِيَ الحالَ وَلَكِنَّهُ / يُدخِلُ لا في كُلِّ مُستَقبَلِ
أَحَلتُ أَشواقي عَلى ذِكرِهِ / أُسَلِّطُ النارَ عَلى المَندَلِ
يا شَرَكَ الأَلبابِ كُن مُجمِلاً / وَاِستَحيِ مِن مَنظَرِكَ الأَجمَلِ
أَخشى عَلَيكَ العارَ مِن قَولِهِم / مُعتَدِلُ القامَةِ لَم يَعدِلِ
أَبيتُ فَرداً مِنكَ لَكِنَّني / مِنَ المُنى وَالذِكرِ في مَحفِلِ
وَقَد رَثى مِن سَهَري في الدُجى / شَقيقُكَ البَدرُ وَلَم تَرثِ لي