المجموع : 110
هذي المكَارِمُ والعَليَاءُ تَفتَخِرُ
هذي المكَارِمُ والعَليَاءُ تَفتَخِرُ / بيَومِ مأثرةٍ ساعاتُه غُرَرُ
يومٌ تَبَسَّمَ عنه الدَّهرُ واجتَمَعَت / له السُّعودُ أغضتُ دونه الغِر
حتَّى كأنا نَرَى في كلِّ مُلتَفَتٍ / رَوضاً تَفَتَّحَ في أثنائِه الزَّهَرُ
لَمَّا تجلىَّ عن الآمالُ مُشرقةً / قال العلا بك أستَعِلى وأقتدرُ
وافَى على غيرِ ميعادٍ يُبَشِّرُنَا / بأن سَتَتبعَهُ أمثالُه الأُخَرُ
أهنا الَمسَرَّةَ ما جاءت مُفَاجَأَة / وما تَنَاجَت بها الألفاظُ والفِكَرُ
ولو أن بُشرَى تَلَقَّتنا بمورِدِها / لأَقبَلت نحوها الأفراحُ تَبتَدِرُ
وما يُعَنَّفُ مَن يسخو بُمهجته / فإنَّ يَومَك هذا وحده عُمُرُ
لما غَدَوتَ وماءُ العينِ ملتًفتٌ / إلا إلى منظرٍ يُبهِي ويُحتَبَرُ
ثَنَت مَهَابَتُكَ الأبصارَ حَاسرةً / حتى تبيَّن في ألحاظِها خَزَرُ
إذا تأمَّلتَهم أغضوا وإن نظروا / خلالَ ذاك بأدنى لَفتَةٍ نظروا
في ملبس ما رأتهُ عينُ معترضٍ / فشكَّ في أَنَّه أخلاقُك الزُّهَرُ
ألبستهُ منك نوراً يستضيء به / كما أضاءَ نواحي مُزنِهِ القَمَرُ
وقد تقَلَّدتَ عضباً أنت مَضرِبهُ / وعنك يأخذُ ما يأتي وما يَذَرُ
ما زال يزدادُ من إشراق شُفرَتِه / زَهواً ويظهرُ فيه التِّيهُ والأشَرُ
والشمسُ تَحسُدُ طرفاً أنت راكبُهُ / حتى تكادَ من الأفلاكِ تنحدرُ
حتى لقد خِلتُ أن الشمسَ أزعجها / شوقٌ فظلَّت على عِطفَيه تنتَثرُ
دعوتُ فِكري فلم أحمد إجابتَهُ / لكنَّه بَعدَ لأي جَاءَ يَعتذِرُ
لا تُنكرن مع عاينت لي حَصَراً / فَلَيسَ يسكرُ في أمثاله الحَصَرُ
هَنَّأَتنَا بك الليالي وسُرَّت
هَنَّأَتنَا بك الليالي وسُرَّت / بك أعيادُ دَهرنا والشهورُ
ومن العجزِ أن يُهنَّى بيومٍ / مَن بأيامِهِ تَحلَّى الدهورُ
ما لِشَمسُ الضُّحَى اختصاصٌ بوقتٍ / فيه تَعلُو على الورى أو تُنيرُ
على مُهجَتِي تَجني الحوادث والدَّهرُ
على مُهجَتِي تَجني الحوادث والدَّهرُ / فأمَّا اصطباري فهو مُمَتنِعٌ وعرُ
كأني أُلاقِي كلَّ يومٍ يَنُوبُني / بذنبٍ وما ذَنبي سوى أَنَّني حُرُّ
فإن لم يكن عند الزَّمانِ سوى الذي / أضيقُ به ذَرعاً فعندي له الصبرُ
وقالوا تَوّصَّل بالخضوعِ إلى الغِنى / وما علمُوا أنَّ الخُضوعَ هو الفَقرُ
وبَيني وبين المالِ بابانِ حَرَّما / عليَّ الغِنَى نفسي الأبيةُ والدهرُ
إذا قال هذا اليُسرُ أَبصَرتُ دونه / مواقفَ خَيرٌ من وقوفي بها العُسرُ
إذا قُدِّموا بالوفرِ أَقدَمتُ قَبلهم / بنفسِ فقيرٍ كلُّ أخلاِقهِ وَفرُ
وماذا على مثلي إذا خَضَعَت له / مطامعهُ في كفِّ مَن حصَلَ التِّبرُ
وأكثر ما عندي لمن قعدت به / فضائلهُ الإعراض والنَّظرُ الشزرُ
وكَفُّك إنَّها البحرُ الغريرُ
وكَفُّك إنَّها البحرُ الغريرُ / وعَزمُك إنَّه السيفُ الشَّهيرُ
لما فارقتُ دارَك لاختيارٍ / وكيف يُفارَقُ النَّوءُ المطيرُ
ولكن ضاقَ صدري من أُنَاسٍ / أَخَفُّهم على قَلبي ثَبيرُ
ومجلسُك المصونُ عن الدنايا / محالٌ أن تَضِيقَ به الصُّدُورُ
ولكن إِنَّما تزهى وتبهى / وتحسُنُ بين أنجمها البدُورُ
أبا حسنٍ طال انتظارُ عصَابةٍ
أبا حسنٍ طال انتظارُ عصَابةٍ / رَجَتكَ لما يُرجَى له الماجدُ الحرُّ
وقد حان بل قد هانَ لولا المطال أن / يحلَّ لهم عن وعدك الموثَقِ الأسرُ
وقد فاتهم من قربكَ الأُنسُ والمنى / وحَارَبَهُم فيك اختيارُكَ والدهر
فإن كنتَ قد عُوَّضتَ عنهم بغيرِهم / فَعَوَّضهم راحاً يزول بها الفكرُ
فأُنسُ الفتى في الدهرِ خِلٌّ مساعدٌ / وإن فاتَه الخِلُّ المساعدُ فالخمرُ
فإمَّا رسولٌ بالنبيذ مُبَادِرٌ / وإلا فلا تغضب إذا غضبَ الشِّعرُ
سقى جَانبي بغدادَ أخلافُ مُزنَةٍ
سقى جَانبي بغدادَ أخلافُ مُزنَةٍ / تُحاكي دُموعي صَوبَها وانحِدارها
فلي فيهما قَلبٌ شجاني اشتياقُهُ / ومهجةُ نفسٍ ما أَمَلُّ ادَّكارَهَا
سأغفرُ للأيامِ كلَّ عظيمةٍ / لئن قَرَّبت بعد الِبعاد مَزَارَها
جَلَّ واللهِ ما دهاك وَعَزَّا
جَلَّ واللهِ ما دهاك وَعَزَّا / فعزاءً إن الكريمَ مُعَزَّى
والحصيفُ الكريم من إن أصابت / نكبةٌ بعد ما يَعزُّ يُعَزَّى
هي ما قد عَلِمتَ أحداثُ دَهرٍ / لم تدع عُدَّةً تُصانُ وكَنزا
قصدت دولةَ الخلافةِ جَهراً / فأبادت عمادَها والمعزا
وقديماً أَفنَت جَديساً وطَسماً / حفَّزَتهُم إلى المقابرِ حَفزا
أصغ والحظ ديارهم هل ترى من / أَحَد منهُمُ وتَسمَعُ رِكزا
ذهبَ الطِّرفُ فاحتسِب وتَصَبَّر / للرَّزايا فالحرُّ من يتعزَّى
فعلى مِثله استُطِير فؤادُ الحا / زمِ للنَّدبِ حسرةً واستُفزَّا
لم يَكُن يَسمحُ القيادَ على الهو / نِ ولا كان نافراً مُشمَئِزَّا
رُبَّ يومٍ رأيتُه بينَ جُردٍ / تتقفَّاه وَهوَ يجمِزُ جَمزا
وكأن الأبصارَ تعلق منه / بِحُسام يُهزُّ في الشَّمسِ هزَّا
وتراه يُلاعبُ العَينَ حَتَّى / تَحسَبَ العينُ أَنَّه يَتَهَزَّا
وسواءٌ عليه هجَّر أو أَس / رى أو انحَطَّ أو تَسنَّمَ نَشزَا
وكأن المِضمَارَ يبرُزُ منه / مَتنُ حِسي يَنِزُّ بالماءِ نزَّا
استراحت منه الوحوشُ وقد كا / ن يَرَاها فلا ترى منه حِرزا
كم غَزالٍ أنحى عليه وعَير / نالَ منه وكم تَصَيَّدَ فَزَّا
وصرُوفُ الزمانِ تَقصِدُ فيما / يستفيدُ الفتى الأعزُّ الأعزَّا
فإذا ما وَجَدتَ من جزعِ النَّك / بَة في القَلبِ والجوانح وَخزَا
فتَذَكَّر سَوَابقاً كان ذا الطَّ ر / ف إليهنَّ حين يُمدحُ يُعزَى
أين شقٌ وداحسٌ وضبيبٌ / غَمَزتها حوادتُ الدَّهرِ غَمزا
غُلنَ ذا اللِّمَّةِ الجواد ولَزَّت / ظرباً واللِّزَازَ والسَّكبَ لَزَّا
ولقد بَزَّتِ الوجيهَ ومكتُو / م بَنى أعصرٍ وأعوجَ بزَّا
وتَصَدَّت للاحقٍ فَرَمَته / وغرابٍ وزهدَمٍ فاستَفَزَّا
فاحمدِ الله إنَّ أهونَ تُر / زأُ ما كنتَ أنتَ فيه الُمعزَّى
قد رَثَينا ولم نُقَصِّر وبالغ / نا وفي البعض ما كفَاه وأجزى
ومن العدلِ أن تُثابَ أبا عي / سى على قَدرِ ما فعلنا ونُجزى
ما تطعمتُ لذةَ العيشِ حتى
ما تطعمتُ لذةَ العيشِ حتى / صرتُ للبيتِ والكتابِ جليسا
ليس شيءٌ أعزَّ عندي من العل / م فَلِم أبتغي سواه أنيسا
إنما الذُّلُّ في مخالطةِ النَّا / س فَدَعهُم وَعِش عزيزاً رئيسا
وإذا ما الصديقُ عنكَ تَوَلَّى
وإذا ما الصديقُ عنكَ تَوَلَّى / فَتصَدَّق به على إبليس
ثم لا تُلفه بوجهِكَ حَتَّى / يَلتَقِي السَّبتُ في صَبَاحِ الخميس
يُتَمَلَّكُ الأحرارُ بالإيناسِ
يُتَمَلَّكُ الأحرارُ بالإيناسِ /
لقد صرعتني خلفةُ الدَّهرِ صَرعةً
لقد صرعتني خلفةُ الدَّهرِ صَرعةً / تَيَقَّنتُ أَنَّي لستُ منها بمنتعش
وأنذرني عِقدُ الثمانينَ بالبلَى / فها هي أعضائي من الضَّعفِ ترتعش
وقد علمَت ذاتُ الوِشاحَينِ أَنَّني / سَئِمتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يَعش
أسأتُ إلى نفسِي أُريد لها نَفعَاً
أسأتُ إلى نفسِي أُريد لها نَفعَاً / وقارفتُ ذَئباً لا أطيقُ له دَفعا
رَمتني كَفّي أسهماً لم أجد لها / إلى أن أصابَت أسهمي مَقتَلي وَقعا
وكم خطأ لو ساعدَ المرءَ جدُّه / لَعُدَّ صوباً واستزادَ به رَفعا
وذَنبي عظيمٌ غير أنِّي تائبٌ / ومن تابَ إخلاصاً فقد بَذَلَ الوُسعا
ولو أَنَّ تأديبَ الأميرِ لعَبده / بقاض على العاصين أَوسعَهم رَدعا
ولو خانَه فرعونُ آمناً طائعاً / وإن لم يُعد موسى العصا حيَّةً تَسعىَ
ولو كنت ذنباً كنتُ في جَنبِ حِلمِه / خبالَ هَباء ما يُجَابُ ولا يُدعى
وقد زاد في جُرمي تلاعُبُ مَعِشرٍ / بألسنة لم تلق من ورَع فسمَعا
حكوا أنني استصغرت نعمته التي / علوتُ بها الأفلاكَ والرُّتبَ السَّبعا
نبذتُ إذاً ذمَّتي وفارقتُ مِلَّتي / وخالفتُ في توحيدي العقلَ والشَّرعا
وإن كان لفظَي أو لساني جرى به / فلا باتَ إلاَّ وهوَ مُستوجبٌ قَطعا
وهل أَجحدُ الشمسَ الُمنيرةَ ضوءهَا / وأَزعُمُ أن الغَيثَ لا يَنبُتُ الزَّرعَا
فإن كان ما قالوه حقاً كَمَا حَكَوا / فَلِم جئتُ من بعدُ إلى بَابِهِ أَسعَى
فلا زال مَن وَلاَّه ينتظرُ الُمنى / ولا زالَ مَن عاداه يَرتقبُ الفُجعا
ولا زالت الأيامُ تُهدَي بشارةً / إليه تُرِي في قَلبِ حاسِده صَدعا
فتوحاً تَوَالي واحداً إثر واحدٍ / كما تتبع الألفاظ في سَجعها سَجعا
وَشيَّدتُ مَجدي بين قَومي فلم أقل
وَشيَّدتُ مَجدي بين قَومي فلم أقل / ألا ليتَ قَومي يَعلَمون صنيعي
تركنا أرضَ مِصرَ لكل فدمٍ
تركنا أرضَ مِصرَ لكل فدمٍ / له باعٌ يقصِّرُ عن ذِرَاعي
نفوسٌ لا تليقُ بها الَمَعالي / وأخلاقٌ تضيقُ عن المسَاعِي
إذا غلطوا بأحسابٍ تلته / عِدادٌ من إساءات تِبَاع
أقمتُ بها ومن مَحِنِ الليالي / مَقَامُ الأُسدِ في كَنفِ الضبُّاعِ
أقول وقد نأوا بُعداً وسُحقاً / لِشَرِّ الخَلق في شَرِّ البِقَاعِ
وكم خلَّفتُ من كَرَمٍ مُهَانٍ / بِعَرصَتِهِ ومن لُؤم مُطاعِ
ومن مالٍ مَصُونِ الثَّغرِ تُحمى / جوانِبُه ومن عِرضٍ مُضَاع
وأجسامٍ مُسَمَّنةٍ شباعٍ / وأَحسَابٍ مُضَمَّرةٍ جِياعِ
ونقصٍ في أكابرِها خَصيصٍ / وجهلٍ في أصاغرِها مُشاعِ
أَإِن باتت سرائركُم وكانت / مساوئكم تقام على يَفَاعِ
جعلتم ذنبنَا أَنَّا سَمِعنَا / وما الآذانُ إِلاَّ للسَّمَاعِ
كأنَّ البينَ مَحتومٌ علينا / فليس سِوَى التلاقي والوَداعِ
وما أخشى قُصُوراً عن مرامٍ
وما أخشى قُصُوراً عن مرامٍ / ومثلُك لي إلى الدنيا شفيعي
ومِثلُك لا يُنَبَّه غير أنَّا / أتانا الأمرُ بالذِّكرِ النَّفُوعِ
وما سلب الشمسَ الكسوفُ ضياءَها
وما سلب الشمسَ الكسوفُ ضياءَها / ولِكنَّها سُدَّت عليها المطالعُ
وكم كُربةٍ كانت وسيلة فَرحةٍ / وضُرٍّ تُرَى في حافَّتَيه المنافعُ
وليس ملوماً مَن تعالَت هُمومُه / إذا أنزلَته بالَحضِيضِ القوارِعُ
قد صفا الجو واستحال نسيماً
قد صفا الجو واستحال نسيماً / وتَنَدَّى الهواءُ وهو يميعُ
بَشَّرَتنا أوائلُ الزَّهرِ بالور / د فكلِّف صَباكَ ما تستطيعُ
لا تَزَل تُستَجَدُّ أيامُ أُنس / كُلَّ يومٍ بمثله مشفوعُ
تستنيرُ السعودُ فيها جديداً / كُلَّما غاب عنك وقتٌ خليعُ
أراجعةٌ تلك الليالي كعهدها
أراجعةٌ تلك الليالي كعهدها / إلى الوصلِ أم لا يُرتجى لي رجوعُها
وصحبة أقوامٍ لِبستُ لِفَقدِهم / ثيابَ حدادٍ مُستَجَدَ خليعُها
إذا لاحَ لي من نحو بغدادَ بارقٌ / تجافَت جُفُوني واسُتطيرَ هُجُوعُها
وإن أَخلَفَتها الغادياتُ رُعُودَعا / تُكَلّف تصديقَ الغمامِ دمُوعُها
سقى جانبي بغدادَ كُلُّ غَمَامةٍ / يُحَاكي دموعَ المستهام هُمُوعُها
مَعَاهِد من غزلانِ إنسٍ تحاَلَفت / لواحِظُها ألا يُدَاوَى صريعُها
بها تسَكُنُ النَّفسُ النفورُ ويَغتَدي / بآنسَ مِن قلبِ المقِيمِ نَزِيُعها
يَحنُّ إليها كلُّ قلبٍ كأنما / يُشَاد بحبَّاتِ القلوبِ ربُوعُها
فكلُّ ليالي عَيشها زَمَنُ الصَّبا / وكلُّ فصول الدَّهر فيها ربُيعها
وما زلتُ طَوعَ الحادثاتِ تقُودُني / على حُكمها مُستكرَهاً فأطيعُها
فلما حللتُ القَصرَ قَصرَ مسرَّتي / تَفَرَّقنَ عني آيساتٍ جُمُوعَها
بدارٍ بها يَسلَى المشوقُ اشتياقَه / ويأمَنُ رَيبَ الحادثات مَروعُها
بها مسرحٌ للعين فيما يَرُوقُها / ومُستَروَحٌ للنَّفس مِمَّا يروعُها
يرى كلُّ قلبٍ بينها ما يَسُرُّه / إذا زَهَرَت أشجارُها وزروعُها
كأنَّ خريرَ الماء في جَنَبَاتها / رُعُودٌ تلقَّت مُزنَةً تستريعُها
إذا ضرَبتها الريحُ وانبسطت لها / مُلاءةُ بَدرٍ فَصَّلتها وَشِيعُها
رأيتُ سيوفاً بين أثناء أدرُعٍ / مُذهَّبةً يَغشَى العيونَ لميعُها
فمن صنعةِ البدرِ المنيرِ نُصُولُها / ومن نسجِ أنفاسِ الرِّياحِ دُرُوعُها
صفا عَيشُنا فيها وكادَت لِطِيِبها / تُمازِجُها الأرواحُ لو تستطيعها
أبى سيِّدُ السادات إلا تظرُّفاً
أبى سيِّدُ السادات إلا تظرُّفاً / وإلا وصالاً دائماً وتَعَطُّفا
وساعدني فيه الزمانُ فَخِلتُه / تَحَرَّجَ من ظُلمي فتاب وأسعَفا
وأهيفَ لو للغُصنِ بعضُ قَوَامِهِ / تَقَصَّفَ عارٌ أن أُسَمِّيَه أَهيفَا
تحيَّنَ غفلاتِ الوشاةِ فَزَارنا / يُعرِّجُ عن قَصدِ الطريقِ تُخوُّفا
فما باشَرَت نَعلاهُ موضِعَ خُطوَةٍ / من الأرضِ إلا أورثاهُ تَصَلُّفا
وتلحظُ خَدَّيهِ العيونُ فَتَنثَنِي / تساقطُ فَوقَ الأرضِ وَرداً مُقَطَّفا
فقلت أَحُلم أم خَوَاطرُ صَبوةٍ / تُصوِّرُهُ أم أَنشَرَ الله يُوسُفا
وفيم تَجلَّى البدرُ والشمسُ لم تَغِب / أحاولُ منها أن تحولُ وتَكسفا
أَمَا خَشِيَت عيناك عيناً تُصِيبُها / وغُصنُكَ ذا إذ مَالَ أن يَتَقَصَّفَا
ولم يُحذِر الواشين من لحظاتِهِ / تَقَلُّب سَيفٍ بين جَفنَيِه مُرهَفاً
فقال اشتياقاً جئتُكُم وصَبَابَةً / إليكم وإكراماً لكم وَتَشوُّفاً
وليس الفتى مَن كان يُنصف حاضراً / أخاه ولكن من إذا غاب أنصف
ومَرَّ فلم أعلمَ لفَرطِ تحيري / أطيرُ سروراً أم أموتُ تأسُّفاً
فيا زَورَةً لم تَشفِ قَلباً مُتَيَّماً / وِلكنَّها زادت غرامي فأضعَفَا
فلما تَمثَّلنا الهديَّة خِلتُه / تمثَّلَ فيها بَهجَةً وتَظَرُّفا
ولما مَدَدنا نحوهُنَّ الهديَّة خِلتُه / يراها الضَّنى في حُبِّه فَتحيَّفَا
إلى باقلاء خِيف أن لا تقله / يَدَايَ لما بي من هواه فَنَصَّفَا
حَمَلنا بأطرافِ البنانِ ولم نَكَد / بنانا زَهاها الُحسنُ أن تتطرفا
وسوداً تَرَوَّت بالدِّهان وبُدِّلَت / بتَورِيدهِا لَوناً من النار أَكلَفَا
كأفواه زَنجٍ تُبصرُ الجِلدَ أَسوَدا / وتُبصِرُ إن قَرَّت لُجَينَاً مُؤَلفَا
كخلق حبيب خاف إكثارَ حاسدٍ / فأظهرَ صَرماً وهو يعتقدُ الوَفَا
وَمُنتَزع من وَكرِ أم شفيقةٍ / يَعزُّ عليها أن يُصَاد فيَعسفا
يغذَّى غذاء الطفل طال سَقَامُهُ / فَحَنَّ عليه والداه ورَفرفا
فلما بَدَت أطرافُ ريشٍ كأنه / مبادِي نباتٍ غبَّ قَطرٍ تَشَرَّفا
تكلَّفه من يرتجى عظم نَفِعِه / فكان به أحفَى وأحنَى وأرأفا
يزق بما يَهوَى ويعلف ما اشتهى / ويمنع بَعدَ الشَّبعِ أن يَتَصَرَّفا
فلما تراءتهُ العيونُ تَعَجُّبا / وقيل تَنَاهى بل تعدَّى وأَسرفا
أراق دَماً قد كان قبلُ يَصُونُه / كدمعةِ مُضنَى القلب رَوَّعَهُ الجَفَا
تضرب حتى خِلتُ أنَّ جناحه / فُؤادي حِيناً ثم عُوجِلَ وانطفا
فَجئ به مِثلَ الأسيرِ تَمَكَّنَت / أَعَادِيهِ منه بعد حَرب فَكُتِّفا
له أَخَوَاتٌ مِثلُه ألفت ثنى / على مثل ما كَانَا زماناً تألَّفا
وقال لي الفألُ الُمصيبُ مُبَشِّراً / كذا أبداً ما عِشتُما فَتَألَّفَا
فيالك من أكل على ذكر مَن بهِ / تَطيبُ لنا الدنيا تَعطَّفَ أم جَفَا
ولم أرَ قبل اليوم تُحفَةَ متحف / أَسَرَّ وأبهَى بل أَجَلَّ وأشرَفَا
علمنا به كيف التظَرُّفُ بعدَه / ومن عاشَرَ الُحرَّ الظريفَ تَظَرُّفا
من ذا الغَزَالُ الفاتنُ الطَّرفِ
من ذا الغَزَالُ الفاتنُ الطَّرفِ / الكاملُ البَهجةِ والظَّرفِ
ما بالُ عَينيهِ وألحاظِهُ / دائبةً تَعمَملُ في حَتفي
واهاً لذاك الورِد في خَدِّهِ / لو لم يكُن مُمتَنِعَ القَطفِ
أشكو إلى قلبكَ يا سَيَّدي / ما يَشتَكي قلبي من طَرفي