المجموع : 60
يا سيدي عطفاً على عصبةٍ
يا سيدي عطفاً على عصبةٍ / أفكارهم للقمحِ محميَّه
قد طبخت بالشوقِ أكبادهم / فيا لها طبخة قمحيَّه
يا رسولي لصبي
يا رسولي لصبي / مائس مثلَ صبيه
خذْ متى شئت ثيابي / وارْم في حلقي عشيه
علوت اسماً ومقداراً ومعنى
علوت اسماً ومقداراً ومعنى / فيا لله من حسن حليّ
كأنَّكم الثلاثة ضرب خيط / عليّ في عليّ في عليّ
يا سيدي دعوة من نفسِهِ
يا سيدي دعوة من نفسِهِ / محصورة في بيدق الحاشيه
ينهي إلى همَّتك المشتكى / وإنَّما يشكو إلى العاليه
أصبحت من بعد خمولي الذي
أصبحت من بعد خمولي الذي / قد كانَ مسموماً ومرئيَّا
أعملُ في الأيامِ ما أشتهي / لأنَّني أصبحتُ بدريَّا
رأينا تواقيع تاج الزمان
رأينا تواقيع تاج الزمان / وفيها من الفضلِ معنى جليّ
بنسكٍ وجودٍ وحفظ أجاد / فقلتُ الثلاثة حظّ الوليّ
تهنّ بعوده عيداً سعيداً
تهنّ بعوده عيداً سعيداً / وعشْ ما شئتَ يا كهف البرايا
نحرتَ بهِ جميع عداكَ فانْحر / قروناً آخرين من الضَّحايا
رب مولى مال عني بعد ما
رب مولى مال عني بعد ما / كانَ بالإحسانِ ميَّالاً إليَّ
فاضل سلمت في الدهر له / ليته سلم في الحين عليَّ
برغمِي أن أهاديكم بمعنى
برغمِي أن أهاديكم بمعنى / دقيق في مقابلة العطايا
فيا خجلي ويا عُتبي لدهرٍ / إذا وصل الدَّقيق إلى الهدايا
بأبي أنتِ حلوة الرِّيق لكن
بأبي أنتِ حلوة الرِّيق لكن / أنا من لسعة الجفا في بليَّه
فيكِ شهد وفيكِ لسع فرفقاً / بشجيٍّ أمسى وأنتِ خليَّه
فديتك أيُّها الرَّامي بقوسٍ
فديتك أيُّها الرَّامي بقوسٍ / ولحظٍ يا ضنا جسدِي عليه
لقوسكَ نحو حاجبكَ انْجذاب / وشبه الشيء منْجذبٌ إليه
أخا الخصر الدَّقيق فدتكَ روحِي
أخا الخصر الدَّقيق فدتكَ روحِي / نعم وفدتْ ملاحتك البرايا
عسى تهديه لي ضمًّا ومنْ لي / بأن يصل الدَّقيق إلى الهدايا
قالوا وقد زدتني برًّا وتكرمةً
قالوا وقد زدتني برًّا وتكرمةً / يا خير من لندَى كفّ أناديهِ
ماذا قبضت نهار العشر قلتُ لهم / قبضتُ ميقاتَ موسى من أياديهِ
بمقدمِكَ السعيد قد اسْتنارت
بمقدمِكَ السعيد قد اسْتنارت / دمشق وبشرت بسنا عليّ
وقد كانتْ إلى الوسميِّ تهفو / فأغناها الوليّ عن الوليّ
حيينا فإنَّا في رضى حبِّهم متنا
حيينا فإنَّا في رضى حبِّهم متنا / وصحَّ لقانا بالغيوبِ فما غبنا
وقلنا وقد جاء البشير فبشَّرنا / أحبَّتنا صدُّوا وقد علموا أنَّا
متى بعدنا عن جنابهمُ عدنا /
بعدنا عياناً والقلوب على المنى / منى القلب لا تخلو لديها من الجنا
فيا حبَّذا الأحباب والبين بينَنا / منعنا جناهم فاغْتديْنا بأنَّنا
مدى الدهر ما لذنا بغير ولا عذنا /
لها نعم ملء الأيادِي مباحةٌ / لها راحتا جود وللبحر راحةٌ
ومهما عرتنا من صدودِ إجاحةٌ / لنا برحاء القرب في البعدِ راحةٌ
وقد مسَّنا ضرّ فكيفَ ولو أنَّا /
سقى جفنيَ البسَّام سفح المقطم / وحامَ عليها نوء دمع ومهزم
فكم في حماهم من شجيِّ القلب مغرم / وكم من ذراهم من مشوَّق متيَّم
يودُّ دنوّ الحين منه إذا حنا /
وكم مستهام صادح بحنينه / دفين الأسى يبكي لأجل دفينهِ
وكم ذي بكى يروي عن ابن معينهِ / وكم ذي سقامٍ مشعر بأنينهِ
وما شعروا من ضعفِهِ أنَّه أنَّا /
وكم ثمَّ من أغصانِ غيد ثنينا / إلى العهدِ لا تلوي من الوعدِ بيننا
ورُبَّ ظباً عارضننا ورميننا / وأعين عين رُعْننا ورعيْننا
بما أخذتْ منَّا وما صرفتْ عنَّا /
علونَ وأظهرنَ الجمال مثابةً / تخال لها عندَ الشموس قرابة
ولم تُبق من أرواح قومٍ صبابة / تجافيننا حتَّى فتنا صبابة
ولا طفْننا حتَّى سلمنا وما كدْنا /
يجنُّ سواد الليل لي بعد قربكم / ويضحي نهاري باسماً عند عتبكم
فلله ليل ما أجنّ لصبِّكم / سلو إن شككتم في جنوني بحبِّكم
نهاري إذا أضحى وليلي إذا جنىّ /
نهاري بأخبار الرضا يتبسَّم / وليلي إلى روح الرجا يتنسَّم
وجوهر روحي منكم يتقسَّم / تبشِّرني الألطاف بالقرب منكم
فصدريَ ما أفضى وعيشيَ ما أهنا /
وما أحسن الدنيا نعيماً ومنسكا / بدولة سلطان محا شكوَ من شكا
بمطلب جود لم يخف منه مهلكا / فسهَّل للدنيا وللدين مسلكا
وأسبلَ أذيال النجاح فأسبلنا /
فيا رُبَّ أيد دولة الملك الذي / روى حسن الأوصاف عن عرفها الشذي
لقد أخذت في ملكها خير مأخذ / بسهميْ ثناء أو دعاءٍ منفذ
ترى الفوز منه قابَ قوسين أو أدنى /
مليك وجدنا بابه الرحب معدنا / لكسب الثنا والأجر والملك موطنَا
فجاءَ الرجا من كلِّ ناحيةٍ بنا / وفاضت بحور الشعر بالمدحِ والهنا
على بابِهِ حتَّى سبَحنا وسبَّحنا /
وزدنا به من رائق العيش صفوهُ / وجوَّز من بعد التحرُّج زهوهُ
ولما رأينا الجدّ بالجودِ لهوهُ / ركبنا المطايا والسوانح نحوهُ
فيا بحر قد صارتْ سوابحنا سُفنا /
جرينَ بنا كالسفن جري السوابح / إلى بابِ قصرٍ سافر النجْح سافح
سوائر من غادٍ إليه ورائح / عمرنا وعمَّرنا بيوت المدائح
فلله حسنى ما عمَرْنا وعمَّرنا /
مليك له في اسم وفعل بنصرِهِ / عوائد من سرِّ الجميل وجهره
ولما نصرنا في الحروب بذكرِهِ / قصرنا على كسب الغنى باب قصره
فيا حبَّذا القصر المشيَّد والمغْنى /
لنا ملكٌ قد كمَّل الله فضله / فخوله ملك البسيطة كلّه
بحدٍّ وجمع جمَّع الفضل شمله / هو البحر إلا أنَّنا سمكٌ له
بلقياه نحيى أو بفرقته نَفنى /
مبادِيه في العلياء غايات من مضى / من الحائزين الملك يَعْنُو له القضا
له صارم عزم وحزم قد انْتضى / فهو حاكم بالعدلِ في وصفه رضا
وكم معرب يبني وكم شرف يبنى /
يحقُّ لشعري أن يطيش نباته / سروراً بسلطانٍ وفت لي صِلاته
ومدح تسامت كلّ يومٍ رواته / إلى روض قولٍ باكرت زهراته
وأعذرهُ لو طاشَ والإنس والجنا /
لذكركَ يا أوفى الملوك الأكارم / عفا طلل من ذكر معنٍ وحاتم
كأنَّك عنهم قد ختمت بخاتمٍ / فحاتم طيّ ما له بشر باسم
ومعن فلا لفظ يحسّ ولا معنى /
لعمريَ لو كانوا نجوماً ترفَّعت / وأحملها ضوء الصباح فأقلعت
ممدَّحة يوم النوال تورَّعتْ / وكانوا بحاراً في زمانٍ توزَّعت
ندامى كأنَّا في أحادِيثِهم خضنا /
إلى أن تجلَّت طلعة ناصريَّة / جلتْ دولة من ملكها قاهريَّه
مليَّة أبيات العطا قادريَّة / وكان عطا معن القرى نادريَّه
وأنت القرى أعطيتَ والكنز والمدنا /
فلا زالَ للإسلامِ ملكاً وناصراً / وللمالِ والأعدا مبيداً وقاهراً
ولا زالَ كلّ الناس أصبحَ شاعراً / يقيم لوزني شعره البرّ وافراً
وما كانَ ذو وفر يقيم لنا وزنا /
وحقُّكَ لا أنسى ببابِك ثروتي / مرتَّبة في حالِ ضعفي وقوَّتي
ولا قلتُ ما قالَ ابن جرح لعسرتي / أذو صنعة فاسْتخدِموني لصنعتي
برزقي وإلا فارْزقوني مع الزّمنى /
صرفت فعلي في الأسى وقولي
صرفت فعلي في الأسى وقولي / بحمدِ ذي الطُّول الشديد والحول
يا لائماً ملامه يطول / إسمع هديت الرشد ما أقول
كلامك الفاسد لست أتَّبع / حدّ الكلام ما أفاد المستمع
أفدي غزالاً مثلوا جماله / في مثل قد أقبلت الغزاله
ما قالَ مذ ملَّك قلبي واسترقّ / كقولهم ربَّ غلامٍ لي أبق
للقمرين وجهه مطالع / فهي ثلاث ما لهنَّ رابع
لأحرف الحسن على خدّيهِ خط / وقال قول إنَّها اللام فقط
داني المزار يحذر الضنين / عليهِ مثل بان أو يبين
كتمته والحسن ليسَ يجتلى / والاسم لا يدخله من وإلى
منفرد بالحبِّ في دار الهنا / مثاله الدار وزيد وأنا
لا يختشي ملاعب الظنون / والأمر مبنيٌّ على السكون
في خدِّه التبريّ هانَ نشبي / وقيمة الفضَّة دون الذهب
فاصْرف عليها ثروةً تستام / فما على صارفِها ملام
وانْفق له دينار من ضنٍّ وشح / ولا تبل أخفّ وزناً أم رجح
وإن رأيت قدّه العالي فصف / وقف على المنصوبِ منه بالألف
والعارض النونيّ ما أنصفته / وإن تكن باللام قد عرفته
في مثله انظم إن نظمت محسناً / وإن ذكرت فاعلاً منوَّنا
واهاً لها بحرفِ نونٍ قد عرف / كمثل ما تكتبه لا يختلف
يأتي بنقطِ الخال في إعجام / وتارةً يأتي بمعنى اللام
دونكَ إن عشقتهُ بين الورَى / معظماً لقدره مكبرا
وإن ترد وجنته المنيرة / فصغر النار على نويره
كم ومتى جادلت فيه من عذلٍ / ولا حتَّى ثم أو وأم وبل
حتَّى تولَّت أوجه العذَّال / وأقبلَ الغلام كالغزال
للحظهِ المسكر فعل يطرب / مفعولهُ مثل سقى ويشرب
فلا تلم عويشقاً فيه تلف / ولا سكيران الذي لا ينصرف
لا تلح قلبي في الهوى فتتعبا / وما عليكَ عتبهُ فتعتبا
جسمي وذاكَ الخصر والجفن الدنف / هنَّ حروف الاعتدال المكتنف
بجفنِهِ نادى الهوى يا للشجي / وكلُّ ياءٍ بعد مكسورٍ تجي
يا جفنهُ الناصب فيه فكري / ونصبهُ وجرُّه بالكسر
إن قيل للظبيِ هنا إلمام / فاكْسر وقل ليقم الغلام
ويا مليحاً عنهُ أخّرت القمر / إمَّا لتهوان وإمَّا لصغر
كرِّر فما أحلى لسمعي السامي / قولك يا غلام يا غلامي
وارْفق بمضناك فما سوى اسمه / ولا لغير ما بقى من رسمه
فقد حكى العداة بالوقوف / فاعْطف على سائلك الضعيف
أفقرت في الحسنِ الغواني مثلما / قالوا حذامي وقطامي في الدما
فافْخر بمعنى لحظكَ المعشوق / في كلِّ ما تأنيثهُ حقيقي
يا لكَ لحظاً بسعاد أزرى / وجاءَ في الوزنِ مثال سكرى
حتَّى اسمه منتقص لمنْ وعى / كما يقال في سُعاد يا سُعا
يا واصفاً أوصاف ذيَّاك الصّبا / تمَّ الكلام عنده فلينصبا
هيهات بلْ دع عنكَ ما أضنى وما / وعاص سبَّاب الهوى لتسلما
وحبر الأمداح في عليّ / قاضي القضاة الطاهر التقيّ
بكلِّ معنى قد تناها واسْتوى / في كلمٍ شتى رواها من روى
باكر إلى ذاكَ الحما العالي وصفْ / إذا درجت قائلاً ولم تقفْ
دونكَ والمدح ذكيًّا معجبا / نحو لقيت القاضيَ المهذَّبا
ذو الجود والعلم عليه أرسى / وهكذا أصبحَ ثمَّ أمسى
فاضْرع إلى قارٍ لقاء نافع / واقْرع إلى حامي حماه المانع
يقول للضيفِ نداه حب وهل / ومثله ادْخل وانْبسط واشْرب وكل
إذا ظفرت عندهُ بموعدٍ / يقول كم مال أفادته يدي
له يراع كم له في خطرهِ / حماية منظومة مع درَّه
في الجود والبأس وفي العلمِ وفي / ذلكَ منسوب إليه فاعْرف
فقولهم أبيض في الهبات / كقولهم أحمر في الصفات
شم حدّه يوم الندَى والبأس / فإنَّه ماضٍ بغير لبس
لله ما أليَنهُ عند العطا / وما أحدّ سيفه حين السطا
يهزّه ذو الرفع في العلاء / والجزم في الفعلِ بلا امْتراء
حبر له يثني الثناء قصدهُ / وخلفهُ وإثرهُ وعنده
إن قالَ قولاً بين الغرائبا / وقام قسّ في عكاظ خاطبا
وإن سخا أتى على ذي العددِ / والكيل والوزن ومذروع اليدِ
معطَّل السمع من العذَّال / فحالهُ مغير بحال
الفضل جنس بيته المهنى / ونوعه الذي عليه يبنى
سامَ بهِ أهل العلا جميعاً / وادْفع ولا ردًّا ولا تفريعا
وإن ذكرت أفق بيتٍ قد نما / فانْصب وقل كم كوكباً يحوي السما
بين نظيم المجد والعلاء / عند جميع العرَبِ العرباء
يقرُّ من يأتي له أو اقْترب / وكل منسوب إلى اسمٍ في العرب
تقول مصر في علاه الواجبه / كقول سكَّان الحجاز قاطبَه
أبنية الأنصار طلاَّع الفنن / وزادَ مبنى حسنه أبو الحسن
جار إذا ما امْتدَّت الأيادِي / تقول هذا طلحة الجواد
إذا اجْتليت في العطا جبينهُ / أو اسْتشرت للرجا يمينه
تقول قد خلتُ عنه تولى راحل / وواقف بالبابِ أضحى السائل
فياض سيب في الورَى فلم يقل / في هبةٍ يا هب مَن هذا الرجل
قال لهُ الشرع امْض ما تحاوله / وأقْض قضاء لا يردّ قائله
وأنتَ يا قاصدهُ سرْ في جددْ / واسع إلى الخيرات لقّيت الرّشد
إن تكتحل سناه تلقى الرشدا / وأين ما تذهب تلاق سعدَا
فافْخر به سحب الحيا إن صابا / واسْتوتْ المياه والأخشابا
ولا تقل كانَ غماماً ورحل / كانَ وما انْفكَّ الفتى ولم يزل
باب سواه اهْجر عداك عيب / وصغِّر الباب فقل بويب
هذا الذي يفعل فينا الطولا / فقدم الفاعل فهو أولى
جود به أنسى أحاديثَ المطر / فليسَ يحتاج لها إلى خبر
مثل الهبا فيه كلام العذَّل / والريح تلقاء الحيا المنهل
وبحر شعر خضتهُ لذكرهِ / وغصت في البحرِ ابْتغاء درِّه
حتَّى ملا عيني نداه عينا / وطبتُ نفساً إذ قضيتُ دينا
دونكها معسولة الآداب / ممزوجة بملحةِ الإعراب
مضى بها الليل مضيِّ الأنجم / وبات زيدٌ ساهراً لم ينم
فافْتح لها باب قبول يجتلى / وإن تجد عيباً فسدّ الخللا
لا زلتَ مسموع الثنا ذا مننِ / جائِلة دائرة في الألسن
ما لعداك راية تقام / وليس غير الكسر والسلام
أثنى شذا الروض على فضلِ السحب
أثنى شذا الروض على فضلِ السحب / واشْتملت بالوشي أرداف الكُثب
ما بين نورٍ مسفر اللثام / وزهر يضحك في الأكمام
إن كانت الأرض لها ذخائر / فهيَ لعمري هذهِ الأزاهر
قد بسطتها راحة الغمائم / بسط الدنانير على الدراهم
أحسن بوجه الزمن الوسيم / تعرف فيهِ نضرة النعيم
وحبَّذا وادِي حماة الرَّحب / حيثُ زهى العيش بهِ والعشب
أرض السناء والهناء والمرح / والأمن واليُمن ورايات الفرح
ذات النواعير سقاة التربِ / وأمَّهات عصفه والأبّ
تعلَّمت نوح الحمام الهتَّف / أيام كانت ذات فرعٍ أهيفِ
فكلّها من الحنينِ قلبُ / لا سيَّما والماء فيها صب
لله ذاكَ السفح والوادِي الغرد / والماء معسول الرضاب مطَّرد
يصبو لها الرائي ويهفو السامع / ويحمد العاصي فكيفَ الطائع
إذ نظرت للربى والنهر / فارْوِ عن الربيع أو عن جعفرِ
محاسن تلهي العيون والفكر / ربيع روضات وشحرور صفر
أمام كلّ منزلٍ بستان / وبين كل قرية ميدان
أما رأيت الوُرق في الأوراق / جاذبة القلوب بالأطواق
فبادر اللذَّة يا فلان / واغْنم متى أمكنك الزَّمان
ولا تقل مشتى ولا مصيفُ / فكل وقتٍ للهنا شريف
كلّ زمانٍ يتقضَّى بالجذلْ / زمان عيش كيفما دارَ اعْتدلْ
أحسن ما أذكر من أوقاتِهِ / وخير ما أبعث من لذَّاته
برُوزنا للصيدِ فيهِ والقنص / وحورنا من مرِّه أحلى الفُرَصْ
وأخذنا الوحشَ من المسارب / وفعلنا بالطيرِ فوقَ الواجب
لما دنَا زمان رمي البندق / سرنا على وجهِ السُّرور المشرق
في عصبة عادلة في الحكم / وغلمة مثل بدور التمّ
من كلِّ مبعوثٍ إلى الأطيارِ / تظله غمامة الغبارِ
وكلّ معسول الشباب أغيد / منعطف عطف القضيب الأملد
قد حمدَ القوم بهِ عقبى السفر / عند اقْتران القوس منهُ بالقمر
لولا حذار القوس في يديهِ / لغنَّت الورق على عطفيه
في كفِّه محنيَّة الأوصال / قاطعة الأعمار كالهلال
زهراء خضراء الإهاب معجبه / ممَّا ثوت بين الرياض المعشبه
فاغرة الأفواه للأطيار / طالبة لهنَّ بالأوتار
كأنَّها حولَ المياه نون / أو حاجب بما تشا مقرون
لها نبات بالمنى مغدوقة / من طيبةٍ واحدة مخلوقة
سامعة لما تشير الأمّ / مع أنَّها مثل الحجار صمّ
واهاً لها من شهب تخطف / شاهرة بالعزمِ وهي تقذف
كأنَّها والطيرُ منها هارب / خلفَ الشياطين شهاب ثاقب
حتَّى نزلنا بمكانٍ مونق / إخوان صدقٍ أحدق بالملّق
فيا لهُ في الحسنِ من محلٍّ / مراد جدّ ومراد هزل
للطيرِ في مياههِ مواقع / كأنَّها من فوقه فواقع
فلم نزل في منزل كريم / نروي حديث الرمي عن قديم
حتَّى طوى الأفق رداء الورس / والْتقمَ المغرب قرص الشمس
وذرّ مسك الليل من فرقِ الأفق / واتَّشحت خود السماء بالنطق
وابْتدرَ القومُ إلى المراصد / من ساهرِ الليل التَّمام ساهد
بينا الطيور في مداها سائره / إذا هم من عينه بالساهره
كالليث يسطو كفه بأرقم / والبدر يرمي في الدجى بأنجم
وأقبلت مواكبُ الطيور / على طروسِ الجوِّ كالسطور
فحبَّذا السطور في المهارق / منقوطة الأحرف بالبنادق
من كلِّ تمّ حقّ أن يسمي / ضياؤه المشرق بدر التمّ
تخالهُ من تحتِ عنقٍ قد سجا / طرَّة الصبح تحتَ أذيال الدجى
وكلّ حيّ حسن الوسامه / كأنَّه في أفقهِ غمامه
تتبعه أوزَّة دكناء / من دونها لفلفة غرَّاء
تقدّمها أنيسة ملوَّنه / تابعة من كلّ وصفٍ أحسنه
يجني بها الآكل خير ما جنى / وأحسن المأكول ما تلوَّنا
ورُبَّما مرَّ لديها حبرج / كأنَّه على نضارٍ يدرج
وانْقضَّ من بعض الجبال النّسر / له بأبراج النجوم وكرُ
مغبرُّ الخلق شديد الأيدي / يبني على الكسرِ حروف الصيدِ
وكلّ كركيّ عجيب السير / كأنَّه طيف خيال الطير
ما بينَ أحشاء الظلام يسري / من أرضِ بغداد لأرض مصرِ
يحثّ مسراه عقاب كاسره / خافضة لحظ الطيور ناصبه
إذا مضت جملتها المعترضه / تواصلت خيوطها المنقرضه
وأبيض الغيم يسمَّى مرزما / كم بات مثل نوئه منسجما
يحثُّ غرنوقاً شهيّ المجتلى / مقدَّماً على الغرانيق العلى
وكلُّ صوع مبهت المفاجي / كالبرقِ يخطو فوقَ ليلٍ داجي
وأبيض مثل الغمام يسجم / وكيف لا يسجم وهو مرزمُ
يحفُّه شبيطرٌ قويّ / في ملَّة الأطيار موسويّ
هذا وكم ذي نظر ممتاز / ينعت في الواجب بالعُنَّاز
أسوده ذو غرَّة في الصدر / كأنه نور الهدى في الكفرِ
فلم تزل قسينا الضَّواري / تصيبها بأعين النظَّارِ
حتَّى غدت دامية النحور / ساقطة منها على الخبيرِ
كأنها وهي لدينا وقّع / لدى محاريب القيسّ ركَّعُ
وأصبحت أطيارنا قد حصّلت / قلا تسل بأيّ ذنبٍ قتلت
مُستتبعاً وجه العشا وجه السحر / وكلّ وجه منهما وجه أغَر
يا لك من صيدٍ مقرّ العين / يرضي الصحاب وهو ذو وجهين
لم نرضَ ما وفى من الأماني / حتَّى شفعناه بصيدٍ ثاني
صيد الملوك الصيد بالكواسر / والخيل في وجهِ الصباح السافرِ
ذاك الذي تصبو له الجوارح / فهي إلى طلاّبه طوامح
واثقة بالرزق حيث كانا / تغدو خماصاً وتجي بطانا
سرنا على اسم الله والمناجح / نعومُ في الأقطارِ بالسوابح
خيل تحاذي الصيد حيث مالا / كأنها أضحت له ظِلالا
تسعى لها قوائم لا تتبع / وكيف لا وهي الرياح الأربع
رائقة المنظر زهراء الغرر / كأنها الروضات حيّت بالزهر
من أحمر للبرق عنه خبر / يشهدُ أن الحسن حقًّا أحمرُ
وأصفر الجلدة كالدينار / يسرُّ كفّ الصائد الممتار
وأشهب كالسهم في انْقضاضه / وصفحة الطرس في ابْيضاضه
ماضي السباق أظهر اللباس / ناهيك من سهمٍ ومن قرطاس
وأخضر مثل سنا العيش النضر / يطوي الفلا وكيف لا وهو الخضر
وأدههمٌ سادَ على الجيادِ / وهكذا السواد في السواد
تحفُّنا من فوقها غلمان / كأنهم لدوحِها أغصان
تركٌ تريك في سناء الملبس / كواكباً طالعة في الأطلسِ
منظومة الأوساط بالسلاحِ / من كلِّ سهمٍ رجل النجاح
وكلّ عضب ذرب المقاطع / يحرّف الهام عن المواضع
على يدِ الزائر منهم زاده / من كلِّ باز قرم فؤاده
قد كتبت في شكلِهِ حروف / تقري بما يقرى به الضيوف
فالمنسر الأشفى بحال جيما / والعين تجلى بالنضارِ ميما
دان لمن يتلوه خير جمّ / سهم إذا حبرته أو شهم
وكلُّ شاهينٍ شهيِّ المرتمى / كبارقٍ طار وصوب قد همى
بينا تراهُ ذاهباً لصيده / معتصماً بأيده وكيده
حتَّى تراهُ عائداً من أفقِهِ / ملتزماً طائره في عنقِه
أفلحَ من كانَ على يسراه / حتى غدت حاسدة يمناه
تلك يدٌ لا تعرف الإعسارا / لأجل ذا قد سمِّيت يسارَا
وكلُّ صقر مسبل الجناح / مواصل الغدوّ والرَّواح
ذو مقلةٍ لها ضرام واقد / تكادُ تشوي ما يصيد الصائدُ
كأنما المخلب منه منجل / لحصدِ أعمار الطيور مرسل
عيش ذوي الصيد به عيش رخيّ / يصلحُ أن يدعى وكيل المطبخ
يا حبَّذا طيور جدّ ولعبْ / تهوي إلى الأرضِ وللأفق تثبْ
من سنقر عالي المدا والشانْ / معظم الأخبار والعيانْ
كأنه خليفة قد أقدما / يفسد في الأرضِ ويسفكُ الدما
يصعدُ خلفَ الرزق ليس بمهله / كأنه من السما يستعجله
ومن عقابٍ بأسها مروّع / كأنها للطيرِ جنٌّ تفزع
كم جلبت لطائرٍ من همن / وكم وكم قد أهلكت من قرن
وحبَّذا كواسر الكواهي / عديمة الأنظار والأشباه
مخصوصة بالطرد القويم / حدباً كظهر الذنب الركيم
ذاك لعمري حدبٌ للرائي / يعدل ملك القلعة الحدباء
هذا وقد تجهَّزت أعدادٌ / تجمعها الكلاب والفهاد
من كلِّ فهدٍ عنتريّ الحمله / إذا رأى شخص مهاة عَبله
مبارك الإقبال والإعراض / مستقبل الحال بنابٍ ماض
كأنه من حدِّه كنابه / قد أحرق الأنجم في إهابه
له على مسائل الجفون / خطّ لبعض الألفات الجون
ما أبصر المبصر خطًّا مثله / وكيف لا والخطّ لابن مقله
وكلُّ منسوب إلى سلوق / أهرت وثَّاب الخطا مشوق
طاوي الفؤاد ناشر الأظافر / يا عجباً منه لطاوٍ ناشرِ
يعضُّ بالبيض ويخطو بالقنا / ويسبق الوهم لإدراك المنى
كالقوس إلاَّ أنه كالسهم / والغيم يجلو عن شهاب رجم
إذا ترآى بقر الوحش انْدفع / كأنه المرِّيخ في الثور طلع
قاصرة عن طرفِ يداه / مشروطة برجلِهِ أذناه
لو أمكن الشمس التي تجلى له / ما سمِّيت من خوفها غزاله
يشفعه بكلِّ غورٍ غار / مغالب الصيد على الأوكار
يكاد يبغي سلَّماً إلى السما / أو نفقاً في الأرضِ حيثُ يمَّما
واهاً لها من أكلُبٍ طوارد / معربة عن مضمر المصائد
قد بالغت من طمعٍ في كسبها / ففتَّشت عن أنفسٍ لم تخبها
حتَّى إذا تمَّت بها الأمور / حفَّت بنا لصيدِها الطيور
ما بين روضات صمدنا نحوها / ودور آفاق ملكنا جوّها
واسْتقبلت أطيارها البزاة / معلمة كأنها عزاة
فلم تزل تسطو سطا الحجَّاج / على الكراكيّ أو الدرَّاج
إذا نحت سائرة محلِّقة / عادت بها كمضغة مخلّقه
حتى غدت تلك الضواري صرعى / مجموعة لدى التراب جمْعا
كأن أقطار الفلاة مجزره / أو روضة من الدماءِ مزهره
كأنَّ صرعى وحشها كفار / الموت عقبى أمرها والنار
للمرء فيها منظرٌ أحبّه / يملأ من لحمٍ وشحمٍ قلبه
لله ذاكَ المنظر المهنى / إنّ معان عن ذراه عدنا
قد ملئت من ظفر أيدينا / وقد شكرنا الفضل ما حيينا
نشير حول الملك المنصور / كالشهب حول القمر المنير
محمدٌ ناصر دين أحمد / الملك ابن الملك المؤيد
قالَ الأنام حظّه جليّ / قلتُ نعم وجدُّه عليّ
ذاكَ الذي ساما العلى صبيًّا / وجاءه من مهده مهديا
ناش على الحرِّ وتقليب المنن / كأنما مزجته من اللَّبن
بين حجور العلم والأعلام / تكنفه لواحظ الأقلام
محكم السطوة سحَّاح الديم / يأخذ بالسيفِ ويعطي بالقلم
لو لمس الصخر لفاض نهرا / أو صحب النجم لعاد بدرا
تختمت بيُمنه المكارمُ / فهو على كلِّ الوجوه حاتمُ
لا ظلم تلقى في حماه العالي / إلاَّ على الأعداء والأموال
أما ترى بالصيدِ فرط حبّه / تمرنا على اعتياد حربه
أما ترى الدينار منه خائفا / أصفر في كفِّ العفاة ناشفا
يا قاطعاً عرض الفلا وواصلاً / وقادماً يبغي العلا وراحلا
إذا تأمَّلت المقام الناصريّ / فاعْقد عليهِ أكرم الخناصر
ملك إذا حققته قلت ملك / قاضية بسعدِهِ أيدِي الفلك
كالبدر في سنائِهِ وتمِّهِ / والطود في وقاره وحلمه
تسجد إن لاحَ رؤوس العالم / وراثة قد حازها من آدم
ما ضرَّ من خيَّم في جنابه / أن لا يكون الشهد من أطنابه
مرأى يشفُّ عن فخارِ الأهل / ونسخة قد قوبلت بالأصل
جنابه عن جاره لا ينكب / وباب نجح للمنى مجرَّب
غنِيتُ في ظلالِهِ عن الورى / غنى نزيل المزن عن قصد القرى
ورحت عن نعماه بالتواتر / أروي أحاديث عطا وجابر
معتصماً بالكرمِ المؤيد / مصلي الحمد على محمد
قديم قصد وثناء أو هوى / ما ضلَّ سعيٌ فيهما ولا غوى
يزيد لفظي بهجةً ورونقاً / كأنه الخمرة إذ تُعتقا
حسبكَ منِّي في الثناءِ شاعرا / وحسب شعري قوَّة وناصرا
لهفي على غادةٍ إذا أسفَرتْ
لهفي على غادةٍ إذا أسفَرتْ / غارَتْ وجوهُ الشموس واستترتْ
لها من السمر قامةٌ خطرَتْ / كم قتلت عاشقاً وكم أسرَتْ
إذا دعت للنهوضِ ميلها عطفا / كانَ سحر الجفون حملها ضعفا
في خدِّها شامةٌ معنبرةٌ / يا نعمةٌ بالشقيق مزهرةٌ
وكم لها في الشفاهِ جوهرةٌ / تحفُّها ريقةٌ معطَّرةٌ
من رامَ بالشهدِ أن يمثلها رشفا / فإنَّما رامَ أن يعسّلها وَصفا
تحكم في الناس عنسه وردا / حكم ابن أيوب في سطاً وندا
بين عفاةٍ له وبين عدا / ما يدٌ سمِّيت لديه يدا
وهيَ غمامٌ لمن تأمَّلها وطفا / سبحان من للعبادِ أرسلها لطفا
مؤيّدٌ في مُلا مراتبهِ / يتَّضح الملك في مناقبهِ
إذا طوى الأرض في كتائبِهِ / ثمَّ سقاها حيا مواهبهِ
أنبت أزهارها ودللها قطفا / من بعد ما كادَ أن يزلزلها خسفا
وغادة جاد سحر مقلتها / وراقَ للناسِ روض طلعتها
جنيتُ نارَ الأسى بجنَّتها / وصُحت من صبوتي بوجنتها
وجنَّة وردٍ تشكو النفوسُ لها لهفا / بياضُ م شمَّلها وقبَّلها ألفا
زحفتْ بيضُ الظُّبا لما رنا
زحفتْ بيضُ الظُّبا لما رنا / فتلقاها سريعاً مقتلي
عامريّ اللحظ طائيّ الفمِ /
بارزٌ في حسنه كالصنمِ /
قلتُ والقلب إليهِ ينتمي /
لكَ قلبي عبدُ ودٍّ وأنا / فيكَ يا أشهلُ عبدُ الأشهلِ
آه ما أكثرَ فيكَ المللا /
ما دنا شخصكَ حتَّى ارتحلا /
ودعا الحادي وشدَّ الجملا /
فاسْتشارَ البينُ عندِي فتنا / وغدا يوميَ يومَ الجملِ
أترى يرجعُ عيشي الناعمُ /
ومقامي بالحميا قائمُ /
والحيا بالبرقِ معطٍ باسمُ /
كعمادِ الدين جمَّاع الثنا / أفضلُ الأمَّةِ نجلُ الأفضلِ
ملكٌ عمَّ الورى بالمننِ /
وكفاهمُ مرتبات المحنِ /
طاهر الأسرار شهمُ العلنِ /
راقبَ الله وأسدى المننا / فهوَ الوسميّ فينا والولي
كرَمُ الأخلاق من مذهبهِ /
والعلا والجودُ من مطلبهِ /
يا أماني الوفدِ هنيتِ بهِ /
الندى حيث الهدى حيث الثنا / فاجْتدِي أو فاجْتني أو فاجْتلي
وفتاةٍ أتمنَّى وصلها /
وهيَ لا تألفُ إلاَّ بخلِّها /
بهواها يا رسولي قلْ لها /
علِّلي القلب بأرواح المنا / وعدي الصبَّ ودعي المطل
إليَّ بكأسك الأشهى إليَّا
إليَّ بكأسك الأشهى إليَّا / ولا تبخل بعسجدها عليَّا
معتقةٌ تدارُ على النداما /
كأنَّ على ترائبها نظاما /
من الرَّاح التي محت الظلاما /
أضاءت وهي صاعدة الحميا / فقلتُ عصيرُ عنقودِ الثريَّا
أدرها بينَ ألحانِ وزُمرِ /
على درّين من زهرٍ وقطرِ /
كأنَّ حديثهُ في كلِّ قطرِ /
حديث ندى المؤيد في يديَّا / يطيبُ روايةً ويضوعُ ريَّا
إلى الملك المؤيد سارَ مدحي /
وخاضَ إلى حماهُ كلّ سمح /
كما خاضَ النجوم طلوب صبح /
فيا لندًى طوى الأقطار طيَّا / وأنشرَ حاتماً عندِي وطيَّا
حلفتُ ببشرِكَ الوضَّاح حقَّا /
لقد فُقتَ الأنام علاً وسبقا /
فرفقاً يا فتى العلياء رفقا /
شويتَ جوانحَ القرناء شيَّا / فليتك لو لطفت بهنَّ شيَّا
وغانيةٍ يجنُّ بها الجنانُ /
يضوع إذا تنفستِ المكانُ /
خلوتُ بها وقد سمح الزمانُ /
فألقيتُ الحيا عن منكبيَّا / وغافلتُ الرقيبَ وقلتُ هيَّا