المجموع : 59
أَما تَغضَبُ العَلياءُ أَنِّيَ غَضبانُ
أَما تَغضَبُ العَلياءُ أَنِّيَ غَضبانُ /
وَأَنّي نَزيلٌ لِلصَباحِ وَحائِرٌ / وَأَنّي ضَيفٌ لِلسَحابِ وَحَيرانُ
وَفي خِدمَةِ السُلطانِ عَرَّضَ نَفسَهُ / فَتىً ما عَلَيهِ لِلنَباهَةِ سُلطانُ
وَكَم شامِتٍ بي قالَ جُعتَ وَلَم تَخُن / وَقَد شَبِعوا وَاِستَبهَلوكَ وَإِن خانوا
فَما كانَ عِندي لِلسُؤالِ إِجابَةٌ / وَما كانَ عِندي لِلإِجابَةِ تِبيانُ
وَبَيني وَبَينَ الدَهرِ حَربٌ قَديمَةٌ / وَما لِيَ أَنصارٌ وَلا لِيَ أَعوانُ
فَجَهِّز إِلى لُقياكَ لي جَيشَ عُسرَتي / كَماجَهَزَ الجَيشَ التَبوكِيِّ عُثمانُ
وَمُلكُ سُلَيمانَ الشَياطينُ حَولَهُ / فَبِاللَهِ لا يَركَن إِلَيهِم سُلَيمانُ
وَكَم قائِلِ ما يَشتَري الحَمدَ عاجِزٌ / فَقُلتُ وَلا باعَ الأَمانَةَ إِنسانُ
تَغرَّبتُ في الأَوطانِ وَالفَقرُ غُربَةٌ / إِذا اِستَوطَنوا وَالمالُ في البَينِ أَوطانُ
فَإِن كانَ لَفظي بِالشِكايَةِ صاحِياً / فَمِن خَلقِهِ قَلبٌ مِنَ الهَمِّ سَكرانُ
وَلَو لَم يَكُن عُثمانُ مِن فَوقِ ظَهرِها / لَقالَت لَنا ما فَوقَ ظَهري إِنسانُ
وَأُقسِمُ ما قَصَّرتُ في شُكرِ نِعمَةٍ / فَلي مِنكَ ديوانٌ وَلي فيكَ ديوانُ
أَرى الكُتّابَ كُلُّهُمُ جَميعاً
أَرى الكُتّابَ كُلُّهُمُ جَميعاً / بِأَرزاقٍ تَعُمُّهُمُ سِنينا
وَما لِيَ بَينَهُم رِزقٌ كَأَنّي / خُلِقتُ مِنَ الكِرامِ الكاتِبينا
يَعِزُّ عَلَيَّ قَبرٌ بَعدَ مَهدٍ
يَعِزُّ عَلَيَّ قَبرٌ بَعدَ مَهدٍ / وَرَكضُ النَعشِ مِن قَبلِ الحِصانِ
وَأَن أَخَذَ المُغَسَّلُ ما نَواهُ / سَماحُكَ لِلطَبيبِ وَلِلخِتانِ
لَئِن قوسِمتَ في ثَمَراتِ نَفسٍ / جَناها ذا الحِمامُ وَأَيُّ جانِ
فَكُلُّ الناسِ سارَ بِلا اِرتِيادٍ / وَبَينَ يَدَيكَ رُوّادُ الجِنانِ
وَلَقَد خَلَوتُ بِعَبرَةٍ مُتَفَرِّداً
وَلَقَد خَلَوتُ بِعَبرَةٍ مُتَفَرِّداً / وَخَلَت بِقَلبي عِندَها أَحزاني
وَعَرَفتُ مِن بَينِ القُبورِ مَكانَهُ / مِثلَ الهُمومِ وَقَد عَرَفنَ مَكاني
حُزنٌ غَدَت أَعمارُهُ نوحِيَّةٌ / وَالدَمعُ كَالطَوقانِ لا الغُدرانِ
وَأَنا اِبنُ نوحٍ قَبرُهُ الجَبَلُ الَّذي / ما كانَ عاصِمَهُ مِنَ الطوفانِ
أَتُراكَ في دارِ البَقا اِستَبطَأتَني / فَاِنظُر كَأَنَّكَ بي فَسَوفَ تَراني
هَذي الحَياةُ أَماتَني دَهري بِها / فضوَدِدتُ لَو بِإِماتَتي أَحياني
وَيَقولُ قَلبي فيكَ كُلَّ قَصيدَةٍ / لِلحُزنِ تُخرِسُ ما يَقولُ لِساني
وَإِذا اِستَغاثَ القَلبُ فيكَ بِمُفصِحٍ / لَبَّتهُ تَلبِيَةَ الصَدى أَجفاني
بَخِلَ اللِسانُ بِلَفظَةٍ وَبِخاطِري / ما شاءَتِ الأَسماعُ فيكَ مَعانِ
يا دَهرَ لَونٍ في الإِساءَةِ واحِدٍ / أَينَ التَلَوُّنُ يا أَبا الأَلوانِ
عَزّى المُعَزّي غَيرَهُ عَن غَيرِهِ / وَسَلا وَأَخفى سَلوَةَ الغَيرانِ
فَاِقصِد فَقَد وَضَعَ الطَريقُ لِقاصِدٍ / بِعَزائِكَ الأَرواحَ في الأَبدانِ
أَمسَوا سُطوراً في الثَرى مَطوِيَّةً / وَقُبورُهُم مِن فَوقُ كَالعُنوانِ
أَخجَلتُمُ ثِقَتي وَلَو كُنتُم عِدىً / ما أُخجِلَت لَكِنَّكُم إِخواني
عَرَفَ الَّذي عَرَفَ الزَمانَ وَأَهلَهُ / وَهُما إِذا ما حُصِّلا زَمَنانِ
فَبَقيتُ مَفقوداً بِغَيرِ مُصاحِبٍ / وَيَظَلُّ مَوجوداً بِغَيرِ زَمانِ
لي مِنهُ طَيفٌ لَو هَجَعتُ وَذِكرُهُ / مِنهُ عَلى اليَقَظاتِ طَيفٌ ثانِ
لَم أَنسَ عَهدَكُمُ عَلى بُعدِ المَدى / وَيُقَلِّلُ النِسيانُ بِالإِنسانِ
وَتَقولُ عَيني كَيفَ أَنسى ذِكرَ مَن / ما زالَ أَسكَنَ فِيَّ مِن إِنساني
أَنتَ الطَليقُ مِنَ الحَياةِ وَها أَنا / في سِجنِها أَمسَيتُ عَينَ العاني
أَهلُ المَصائِبِ بَعدَكُم أَهلي كَما / أَنَّ القُبورَ لِأَجلِكُم أَوطاني
ما عادَ دَهري مَرَّةً بِإِساءَةٍ / وَمَتى بَداني قَطُّ بِالإِحسانِ
كُنتُم حِجاباً حالَ فيما بَينَنا / وَعَدِمتُكُم فَرَأَيتُهُ وَرَآني
وَلَقيتُ ما لَم يَكفِهِ صَبري وَلَم / يَثبُت لِرَوعَةِ ما جَناهُ جَناني
أَخَوَيٍّ لَم يَعرِف ضَنايَ سِواكُما / ما أَنتُم أَخَوانِ بَل أَبَوانِ
وَوَقَفتُ في يَومَيكُما أَفَلا عَلى / يَومِ ذَخِرتُكُما لَهُ تَقِفانِ
أَنكَرتُ بَعدَكُما الوُجوهُ فَكُلُّ مَن / قَد كانَ ذا وَجهٍ لَهُ وَجهانِ
فَكَأَنَّ باسِمَها الَّذي يَشكو إِلى / قَلبي وَمُقبِلَها الَّذي وَلّاني
وَسَمِعتُ ما قالَ المُسَلّي وَهوَ لي / يُغري وَقامَ بِزَعمِهِ يَنهاني
عَينُ الكَثيبِ وَسَمعُهُ في قَلبِهِ / لا ما اِدَّعَت عَيناهُ وَالأُذُنانِ
وَإِلَيكَ عَنهُ يا عَذولُ فَرُبَّما / يُغشي الزَفيرُ لِنارِهِ بِدُخانِ
لَم أَنسَ فَالَكَ وَالبَلاءُ مُوَكَّلٌ / بِالنُطقِ قِدماً أَو فَبِالإِنسانِ
إِذ قُلتُ هاتيكَ النِيابُ ذَخِرتَها / خِلَعَ الطَبيبِ فَقُلتُ أَو أَكفاني
وَالدَمعُ في أَجفانِهِ مُتَرَقرِقٌ / وَيَرِقُّ لي مِن ذِكرِهِ الجَفنانِ
وَرَأَيتُ مِنهُ ما رَأى في نَفسِهِ / عِندَ النَوى فَبَكَيتُهُ وَبَكاني
أَوثَقَ ما كانَ بَأيّامِهِ
أَوثَقَ ما كانَ بَأيّامِهِ / خانَتهُ وَالأَيّامُ خَوّانَه
ما رَعَتِ الأَيّامُ أَيّامَهُ / وَلا اِتَّقى المَقدورُ سُلطانَه
إِن قُلتَ مَن كانَ وَما وَصفُهُ / فَكُلُّ شَيءٍ حَسَنٍ كانَه
ماتَ وَماتَ الناسُ مِن بَعدِهِ / وَما أَماتَ الشُكرُ إِحسانَه
وَعُمرُ نوحٍ لَم يَكُن عُمرَهُ / بَلِ النَدى غَمَّرَ طوفانَه
غَمِّض عَنِ الدُنيا وَعَن أَهلِها / عَينَكَ إِن لَم تَرَ إِنسانَه
أَبقَيتَ أَطرافَ غِنى كُلُّ مَن / أَبصَرها رَجَّعَ أَلحانَه
فَقَضَّبَت أَحداثُها دَوحَهُ / وَقَصَفَت مِن بَعدُ أَغصانَه
دُنياهُ يا دُنياهُ ما أَنتِ في / ظُلمِكِ ذا الإِنسانَ إِنسانَه
وَزالَ إِمكانُ فَتىً واسِعٌ / لِلحَقِّ ما اِستَوسَعَ إِمكانَه
إِن أَبكِهِ طَرفي عَلى خيفَةٍ / يَأمُرُ بِالكِتمانِ أَجفانَه
وَلَيتَهُ أَعلَنَ أَشجانَه / فَيَحمِلُ الإِعلانُ أَشجانَه
وَكُنتُ في كِتمانِ حُبّي لَهُ / كَمُؤمِنٍ يَكتُمُ إيمانَه
مَن جَعَلَ الدَهرَ لِباساً لَهُ / فَكَيفَ يَستَغرِبُ أَلوانَه
أَصبَحتُ أَرفَعُهُ حَمداً وَيَخفِضُني
أَصبَحتُ أَرفَعُهُ حَمداً وَيَخفِضُني / ذَمّاً وَأَمدَحُهُ طَوراً وَيَهجوني
رَجُلٌ تَوَكَّلَ لي وَكَحَّلَني
رَجُلٌ تَوَكَّلَ لي وَكَحَّلَني / فَدُهيتُ في عَيني وَفي عَيني
وَخَشيتُ تَنقُلُ نَقطَ كُحلَتِهِ / عَيَنَّ مِن عَينٍ غِلى غَينِ
قُم أَدِر نوراً مُبينا
قُم أَدِر نوراً مُبينا / ما تَرانا مُظلِمينا
وَاِقتُلِ الكَأسَ بِمَزجٍ / تَقتُلِ الهَمِّ يَقينا
كَي أَرى الكَأسَ تُربِنا / دُرَراً مِمّا تُرينا
مِن يَدَي ساقٍ سُقينا / مِن لَماهُ ما سُقينا
إِنَّها لَمّا رَأَتهُ / عَرِقَت مِنهُ جَبينا
فَإِنَّ ثَناءً أَنتَ تَذخَرُهُ مِنّي
فَإِنَّ ثَناءً أَنتَ تَذخَرُهُ مِنّي / يَفوقُ ثَراءً أَنتَ تَذخَرُهُ عَنّي
أَبا حَسَنِ أَحسِن فَإِنَّكَ قادِرٌ / وَإِنَّكَ بَعدَ الدَهرِ تَبقى بِما تُفني
إِنَّما الدارُ قَبلُ بِالسُكّانِ
إِنَّما الدارُ قَبلُ بِالسُكّانِ / ثُمَّ بَعدَ السُكّانِ بِالجيرانِ
فَإِذا ما الأَرواحُ شَرَّدَها الحَت / فُ فَماذا يُرادُ بِالأَبدانِ
وَإِذا السَعادَةُ لا حَظَتكَ عُيونُها
وَإِذا السَعادَةُ لا حَظَتكَ عُيونُها / نَم فَالمَخاوِفُ كُلُّهُنَّ أَمانُ
وَاِصعَد بِها العَنقاءَ فَهيَ حِبالَهُ / وَاِقتَد بِها الجَوزاءَ فَهيَ عِنانُ
ما كانَ يَرِفُني زَمانِيَ قَبلَ ما
ما كانَ يَرِفُني زَمانِيَ قَبلَ ما / عَرَّفتَ ما بَينَ الزَمانِ وَبَيني
فَإِذا وَيَومي في السَعادَةِ واحِدٌ / وَالناسُ في الأَيّامِ في يَومَينِ
سَقى اللَهُ أَرضَ الغوطَتَينِ وَأَهلَها
سَقى اللَهُ أَرضَ الغوطَتَينِ وَأَهلَها / فَلي بِحَنوبِ الغَواطَتَينِ جُنونُ
وَما ذَكَرَتها النَفسُ إِلّا اِستَفَزَّني / إِلى صيبِ ماءِ النَيرَبَينِ حَنينُ
وَقَد كانَ شَكّي في الفِراقِ مُرَوِّعي / فَكَيفَ أَكونُ اليَومَ وَهوَ يَقينُ
وَكَم ظَلَّ أَو كَم باتَ عِندي كِتابُهُ
وَكَم ظَلَّ أَو كَم باتَ عِندي كِتابُهُ / سَميرَ ضَميرٍ أَو جَنانَ جَنانِ
مَملوكُ مَولانا وَممَلوكُ اِبنِهِ
مَملوكُ مَولانا وَممَلوكُ اِبنِهِ / وَأَخيهِ وَاِبنُ أَخيهِ وَالجيرانِ
طَيَّ الكِتابِ إِلَيهِ مِنهُ إِجابَةً / لِسَلامِ مَولانا اِبنِهِ عُثمانِ
وَاللَهُ قَد ذَكَرَ السَلامَ وَأَنَّهُ / يَجزي بِأَحسَنَ مِنهُ في القُرآنِ
بِتَحِيَّةٍ قَد جِئتُ فيها أَوَّلا / وَمَن اِقتَفاها كانَ بَعدي الثاني
تُهدي لِذي النورَينِ ما بَقِيَ الضُحا / تَسري رَكائِبُها إِلى عُثمانِ
وَرَسولي السُلطانُ في إِبلاغِها / وَالناسُ رُسلُهُمُ إِلى السُلطانِ
تُهابُ بِكَ البِلادُ تَحُلُّ فيها
تُهابُ بِكَ البِلادُ تَحُلُّ فيها / وَلَولا اللَيثُ ما هِيَبَ العَرينِ
سَلامٌ عَلى تِلكَ الخَلائِقِ إِنَّها
سَلامٌ عَلى تِلكَ الخَلائِقِ إِنَّها / هِيَ النَيِّراتُ الطَيِّباتُ إِذا تُجنى
فَلا فَلَّ صَرفُ الدَهرِ حَدَّ شَباتِها / وَلا صَحِبَت إلّا السَلامَةَ وَاليُمنا
وَإِنَّ بِلاداً ما اِحتَلَت بي لَعاطِلٌ
وَإِنَّ بِلاداً ما اِحتَلَت بي لَعاطِلٌ / وَإِنَّ زَماناً ما وَفى لي لَخَوّانُ
وَإِذا مَحاسِنُ أَوجُهٍ بَلِيَت
وَإِذا مَحاسِنُ أَوجُهٍ بَلِيَت / فَعَفا الثَرى عَن وَجهِهِ الحَسَنِ