القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَني النابُلُسي الكل
المجموع : 129
أيها الشخص الذي قال أنا
أيها الشخص الذي قال أنا / مسلم والكفر فيه اكتمنا
ليس هذا الأمر بالقول ولا / بالتمني يدرك المرء المنى
إن تكن آمنت بالله كما / هو في التنزيه عما ههنا
حيث لا تشبيه في العقل له / ثم لا تعطيل سرّاً عَلَنا
ثم صدقت النبي المصطفى / بالذي جاء به يرشدنا
والذي في صدره كنت به / موقناً في كل حال مؤمنا
والذي أظهره من شرعه / هكذا كنت به مستيقنا
أو بدا من ذاك شيء لك في / أحد عنك تناءى أو دنا
فإذاً أنت لعمري مسلمٌ / تتبع الفرض وتقفو السنا
فاستعن بالله إن لم تك في / هذه الحالة تلقَ المِننا
وإذا أتحفك الله بها / فاشكر الله لها وادعُ لنا
يا كثير الشوق والشجنِ
يا كثير الشوق والشجنِ / دائماً في السر والعلنِ
راح يشكو هجر ممتنع / فهو عن وصف الجميع غني
ما له إن رمته جهة / فانتبه من غفلة الوسن
ما له في ديننا أبداً / من مكان لا ولا زمن
كان قبل الكون وهو على / ما عليه كان فاستَبِن
إن تَرُمْ تحظى برؤيته / طبق ما قد جاء في السنن
ألق منك النفس وهو بأن / تعرف المودع في البدن
واستمع واصغ لذاك ولا / تشتغل عنه بلوم دني
كل من في الكون عنه إذا / لم تجدهم فيه في فتن
أنت الذي طول عمري الهمِّ تكفيني
أنت الذي طول عمري الهمِّ تكفيني / وعند موتي وتغسيلي وتكفيني
أنت العليم بحالي والبصير به / يا مالك الملك يا رب السلاطين
وليس لي من سلاح فيك أحمله / بل أنت حسبيَ عن حمل السكاكين
أنت القوي على ضعفي تدبرني / في كل أمر وعما شئت تغنيني
خلقتني من تراب واقتدرت فلا / مساعد لك في خلقي وتكويني
وأنت سويتني من نطفة رجلاً / وفيَّ منك بنفخ الروح تحييني
كم نعمة لك عندي لست أحصرها / فيما سيأتي وفي الماضي وفي الحين
وأرتجي منك توفيقي لشكرك يا / شكور أنك ما أرجوه تعطيني
وأعظم الكل إرشادي لدين هدىً / طريقة الحق نور الشرع والدين
كان النبي نبياً في الغيوب به / وآدم النفخ بين الماء والطين
وإنني بك ربي واثق كرماً / بالحفظ من كل ما عن ذاك يلويني
آمنت بالوعد حقاً والوعيد على / طبق النصوص التي جاءت بتعيين
وأنت أكرم من يوفي بموعده / من غير خلف ولا مطل ولا مين
ونرتجي كلنا خلف الوعيد فما / خلف الوعيد بعيب منك أو شين
لأنه كرم وهو الدليل على / عناية الله بالخلق المساكين
يا من له الحجة العظمى التي بلغت / أقصى الكمال وأزرت بالبراهين
على جميع الورى إن شاء عذبهم / عدلاً وخلَّدهم في نار سجين
وإن يشأ بجنان الخلد نعَّمهم / فضلاً وعاملهم باللطف واللين
إني أريدك لا أني أريد سوى / وما السوى غير تلبيس وتزيين
وأنت أنت هو الحق المبين بلا / شك وغيرك وسواس الشياطين
يا خالق الخلق بالسر العظيم ويا / من أمره بين ترحيك وتسكين
إني توسلت في الدنيا إليك بمن / جعلته سبباً في كل تدوين
ومن هو النور من فياض نورك قد / خلقت كل الورى منه بتكوين
طه النبي الذي أرسلته كرماً / فينا لكشف وإيضاح وتبيين
محمد المصطفى المختار من مضر / وآله الغر هاتيك الأساطين
أن تشرح الصدر من ضيق ومن حرج / وتفرج الهم من صعب بتهوين
ولا تدعني أمد الكف في طلب / ممن سواك على ظن وتخمين
واحفظ عقيدة قلبي من تقلبه / حتى ألاقيك في صدق وتمكين
وجد بعفوك عن عبد الغني وكن / عوناً له يوم تعديل الموازين
والطف به وبآباء له سلفوا / وكل إخوانه أرباب تحصين
والمسلمين جميعاً ما شدت سحراً / ورقُ الحمام بأنواع التلاحين
الظاهر أفناني
الظاهر أفناني / والباطن أبقاني
والعاذل يلحاني / في الكاس وفي الحان
يا صاحب أشوقي / ها أنت هو الباقي
والحق هو الساقي / من خمرة إنسان
عرج برُبا نجدِ / يا مكثرَ ذا الوجدِ
فالقرب لنا يجدي / من ساكن نعمان
الحي لنا بانا / والمركب أعيانا
فارفق بمطايانا / يا سائق أظعانِ
هذا العلم الفرد / والشوق بنا يحدو
والقرب هو القصد / في عالم روحاني
مولاي على الهادي / من طاب به الوادي
واشتاق له الحادي / فارتاح بألحانِ
أنواع تحياتي / من عبد غنيْ تاتي
في سائر أوقاتي / بالخير وإحسانِ
نحن قوم متنا به وفنينا
نحن قوم متنا به وفنينا / بتجلي وجوده الحق فينا
وحُشرنا إليه عمن سواه / ودخلنا جنانه خالدينا
قمر لا نضام فيه اجتلاء / بينته ذواتنا تبيينا
وإذا أظلم الكيان عليه / أطلعته الغيوب حيناً فحينا
يا أخلاي هذه نفحات / من رياض بها إليه أتينا
فلتشمّوا الأقاح والورد منها / والخزامى والآس والياسمينا
حضرات بها الوجود تجلَّى / زيَّنَتْه لمن يرى تزيينا
قد حمدنا السرى بهن إليها / حيث منها جئنا المقام الأمينا
وهي أم الكتاب سبع المثاني / نزلت مرتين عقلاً ودينا
فرقينا صفاتها درجات / وشربنا تسنيمها الصِرفَ عينا
وتلونا آياتها وقرأنا / هنَّ حاميم والكتابَ المبينا
وبدت عندنا معاني معانٍ / لمعان بذاتها تبتدينا
علمنا والكتاب والوصف منها / وهي ذات وراء ذا لن تبينا
كيف في الكل لن تبين وبانت / وهي نور لما يزل مستبينا
واعتباراتها الثلاث ظلام / زائل عندها عياناً يقينا
ثلّثوها حقيقةً لا اعتباراً / ثم ضلّوا ونحن فيها هدينا
فاعرف الكل هكذا وتحقيق / تعرف الحق والكفور اللعينا
خذها إليك لها هدى وبيانُ
خذها إليك لها هدى وبيانُ / منا نصيحة من له عرفانُ
مغرىً بحب المذعنين يسوقهم / للغيب منه تحقق وعيانُ
وبها يد التوحيد قد مدت لمن / حفظ العهود وعنده الإذعانُ
إني بحبك يا محمد مغرمٌ / أنت البديري بالكمال مصان
وعليك من نسج الهداية حلةٌ / وطرازها التوفيق والإيقان
فابشر بكل سعادة وعناية / وحماية ومن الإله تصان
أنت الحقيق بأن يقال لك انتبه / من رقدة الغفلات يا إنسان
أعنى بذلك رقدة الدين التي / من كان راقدها هو اليقظان
عند العوام وعند من هو غافل / والذكر منه بها هو النسيان
علم اليقين فإن ذلك بعده / عين اليقين به الأحبة دانوا
من بعده حق اليقين ولليقي / ن حقيقة لظهورها لمعان
هي وحدة باسم الوجود تحققت / وهي الوجود الحق والوجدان
تنحل فيها المشكلات جميعها / والسنة الغراء والقرآن
وكلام أهل الله في طبقاتهم / وبها يكون من الشكوك أمان
إن الوجود لمن تحقق واحد / ليس الزيادة فيه والنقصان
ذات منزهة عن التركيب لا / شيء يشابهها له الحدثان
وصفاتها في نفسها هي عينها / وكذاك أسماء لتلك حسان
والعقل يدرك أن ذلك غيرها / وهي المراتب ما لها نكران
لا عينها لا غيرها فافطن هنا / ليزول عنك الظن والحسبان
وهي اعتبارات كثيرات وما / هي غير ذات الحق جل الشان
والحس والمحسوس قد قاما بها / والعقل والمعقول يا إخوان
والكل خلق الله أي تصويره / مثل المعاني تدرك الأذهان
فانظر إلى هذا الوجود مجرداً / عنه تقاديراً هي الأكوان
ومنزهاً لجماله عن كل ما / يحوي المكان وتجمع الأزمان
فالكل موجودون منه به له / لولاه كان وجودهم ما كانوا
والكل معدومون فيه وإنما / هو وحده المتفضل المنان
وهو الذي هو عين ما هو لم يزل / ما غيَّرته بخلقها الأعيان
وكذاك لم تتغير الأعيان من / عدم بها لكن لها لوذان
تبدو به وهو الذي يبدو بها / كلٌّ لكلٍّ نسبة وقران
وهما جميعاً ظاهران فتارةً / خلقٌ يقال وتارةً رحمان
حق على العرش العظيم قد استوى / وبه محلٌّ قائم ومكان
سبحانه من أن يحل بغيره / أو في مكان أوله إمكان
هو أول هو آخر هو ظاهر / هو باطن هو واحد ديان
والكائنات جميعها معدومة / في نوره ولها به إبطان
وهو الوجود الحق جل جلاله / والإنس قد قاموا به والجان
في الملك والملكوت عز وجل عن / معنى الشريك وما هي الأوثان
فالجأ إليه وكن به متمسكاً / وليستَوِ الإسرار والإعلان
واطرح قيودك في حماه ولذ به / وليكثر التفويض والتكلان
وبه فقم واقعد به واركع به / واسجد إليه به لك استيقان
واترك مرادك في قديم مراده / يَمضي الفساد ويذهب الطغيان
واترك به دعوى الوجود له وكن / فيه بلا كون يزول الران
واجعل فناءك في هواه هو البقا / إن الفنا هو للبقا ميدان
واعكف على سنن النبي محاذراً / بدعَ الزمان يسوقها الشيطان
فالسنة الغراء منهاج التقى / تُمحى به الآثام والعصيان
واكفف عن الناس الظنون وسوءها / واحذر ففي هذا لك الحرمان
واترك على العاصين سترَ إلههم / واعلم بأنك كيف دِنتَ تدان
واكتم سريرتك التي هي قد صفت / لك عن سواك يزينك الكتمان
وأقم على نصحي وكن متحققاً / بمقالتي فمقالتي الفرقان
وأدر لسانك بالصلاة على الذي / غيث الهدى أبداً به هتّان
ولآله ولصحبه من بعده / فليكثر التسليم والرضوان
وانهض بحب الصالحين وذكرهم / فيما تروم فتذهب الأحزان
ولك الحوائج تنقضي بسهولة / وإليك يأتي العفو والغفران
وبما أتى عبد الغنيِّ فخذ ولا / تتبع عداه فإنهم عميان
أي كنت من قبل أني كنت لا معه
أي كنت من قبل أني كنت لا معه / فلا تكن معه بل كن به تكنِ
ظهر الحق للعيان وبَيْنا
ظهر الحق للعيان وبَيْنا / نحن فيه إذ صار بعداً وبَيْنا
نقطة الإنفصال من كل نفس / تجعل العين في الشهادة غينا
رُتَبٌ تنقضي وأخرى توافي / باعتبار منه لهنَّ يقينا
كل هذا نراه إذ نحن خلق / وهو شيء منا لنا لاح فينا
والعظيم العظيم جل تعالى / أين من يعرف الحقيقة أينا
لكن الأمر هكذا هو ستر / وتجلٍّ مبيّنٌ تبيينا
ويدي هذه يدي وهي أيضاً / يده لي بها يكون معينا
وجميعي هذا وروحي وجسمي / فهو لي بي يفيض دنياً ودينا
والتصاوير والتماثيل منه / لمحات تلوَّنت تلوينا
وله الخلق مثل ما قال والأم / ر على قدر ما يريد يرينا
فتراه به كذلك طوراً / ويرانا طوراً بنا مستبينا
بصر واحد وسمع وعلم / يتبدى حيناً ويُستَرُ حينا
والذي قال عنه في الذكر إنِّي / قال عنا في الذكر إنَّ اللذينا
في الكلب عشر خصالٍ كلُّها حُمِدَت
في الكلب عشر خصالٍ كلُّها حُمِدَت / يا ليتها كلها أو بعضها فينا
جوع له لم يزل والصالحون كذا / وما له موضع يختص تعيينا
كمن على ربه لا زال متكلاً / ولا ينام سوى من ليله حينا
مثل المحبين لا ميراث قط له / إن مات كالزاهدين المستقلينا
وليس يهجر يوماً من يصاحبه / وإن جفاه كأخلاق المريدينا
وراضيا بيسير من معيشته / ما زال كالقانع المستكمل الدينا
وإن يكن غالباً شخصٌ سواه على / مكانه ينصرف عن ذاك تهوينا
بتركه مثل أصحاب التواضع قل / وإن بضربٍ وطردٍ من فتى هينا
ثم الفتى قد دعاه بعد ذاك أتى / كحال أهل خشوعٍ خذه تبيينا
وإن رأى الأكل أضحى واقفاً تره / يرنو إليك كأخلاق المساكينا
وإن ترحَّل لا شيء ترى معه / مثل الذي حاز في التجريد تمكينا
هوى عين العيون
هوى عين العيون / يسوق إلى المنون
وللوجه المصون / ظهور في بطون
بدا فشهدت دوني / تناويع الفنون
وقد ثارت شجوني /
سقى الوادي وحيا / رباه الودقُ ريَّا
فكم دارت عليا / به كاس الحميا
وصرت به مُهَيّا / طويت الكون طيا
فمن كاف لنون /
وصلى الله ربي / على الداعي الملبي
على محبوب قلبي / على طه وحبي
به في نيل قربي / وآلٍ ثم صحب
بهم فتح الحصون /
أئمة كل حيِّ / ذوي القدر السنيِّ
لهم عبد الغنيِّ / بتسليم يحيِّي
من الله العليِّ / على أمد العشيِّ
وتقليب الشئون /
قلبي إلى وجه سلمى مغرمٌ عاني
قلبي إلى وجه سلمى مغرمٌ عاني /
وحبها معدم آثارَ أعياني /
فيا رفيقي حديث الغير أعياني /
روِّح فؤادي بذكر النازح الداني / فذكرُه لم يزل روحي وريحاني
من لي بمن هو باد في غلالته /
كالبدر يشرق من صافي غمامته /
فغنِّ لي باسمه وافصح بآيته /
واصرف همومي بصرفٍ من مدامته / فدنُّها من جناب العز أدناني
بالله يا بارق الأسرار قف نفسا /
فالكون نور ومن يلهو يرى غلسا /
إني أردت الهدى خذ منه لي قبسا /
واحطط رحالي بباب الدير ملتمسا / راحاً فقيُّوم ذاك الدير لي داني
شمس المعاني بأفلاك العلى بهرت /
وقصة العشق في أهل الهوى اشتهرت /
والحسن أحكامه بين الورى قهرت /
ولي بهيكله محجوبة ظهرت / من بعد ما خفيت عني بجسماني
شعر الشعور يحاكي حية لسعت /
فلو دعا كلَّ نفسٍ نحوه لسعت /
لكن حقيقتنا هذا الذي صنعت /
منيعة الوصل إلا عن فتى منعت / في الحب معناه أن يصبو إلي ثاني
عن العلو علت من فرط عزتها /
والكون قد غاب في أنوار طلعتها /
حقيقة أنا فان في محبتها /
نادمتها فمحتني عند رؤيتها / وكان محوي بها أصلاً لوجداني
ما غافل عن تجليها كمنتبه /
والقلب راق بها يا صفو مشربه /
وقد أزالت لدينا كلَّ مشتبه /
ولو شرحت الذي منها خصصت به / يوماً لأصبح من في الكون يهواني
على التقادير بالإيجاد منعمةٌ /
لما تجلت وفي وجه الرضى سمةٌ /
من الأعاريب أمر العشق معجمةٌ /
أشتاقها وهي في سري مخيمةٌ / ونورها ظاهر ما بين أجفاني
ركبت للشوق في بيدائها نُجُبا /
والكون يخفق منها قلبه وجبا /
يا لائمي في الهوى لومي غدا عجبا /
وكيف يصبح عنها الطرف محتجبا / وحسنها في جميع الخلق يلقاني
مطوَّل الوجد مني ذاك مختصرُ /
والعشق أجمعه في القلب منحصرُ /
يا قوم إني على الأغيار منتصرُ /
إن غيبت ذاتها عني فلي بصرُ / يرى محاسنها في كلِّ إنسان
عني محت سائر الأوهام والشبهِ /
لما تجلت بأمر غير مشتبهِ /
وإنني لم أزل فيها بمنتبهِ /
ما في محبتها ضدٌّ أضيق بهِ / هي المدام وكل الخلق ندماني
من مات يعلم أنك الحق المبينْ
من مات يعلم أنك الحق المبينْ / وأنا الذي قد متُّ فيك على اليقينْ
وفنيت حتى في وجودك بان لي / كيف التمسُّك منك بالحبل المتينْ
يا نور نور الكائنات جميعها / نور على نور هو النور المبينْ
أنا ظلمة ظهرت بنور محمد / ومحمد نور بنورك مستبينْ
والنور بالظلمات يظهر عادة / وكذلك الظلمات من نور تَبينْ
نحن التقادير التي قدرتها / في نور نورك يا مهيمن يا معينْ
فالطف بنا وامنن علينا بالذي / نرجوه منك ولا تدعْنا حائرينْ
وتولَّ حفظ قلوبنا وجسومنا / مما يعيب من الأمور وما يشينْ
وأعن وثبتنا عن سنن الهدى / دنياً وآخرةً كما ترضى ودينْ
بحبيبك الهادي إليك محمد / خير الورى وأجلهم طه الأمينْ
وبآله وبصحبه وبحزبه / وبمن غدوا أنصاره والتابعينْ
أبدا عليه كذا عليهم كلهم / أزكى الصلاة مع السلام بكل حينْ
ما لاح وجه الفجر في شعر الدجى / والشمس مشطت السواد عن الجبينْ
أوّاه من سار فيكم
أوّاه من سار فيكم / بروح أمرٍ أمينِ
لا طبع جسم شمال / وجهل نفس يمينِ
يرجعْ لكم منه روح / يا نور قلبي وعيني
يرجعْ بجسم ونفس / يرجعْ بخفَّيْ حنينِ
قلبي الذي في هوى المحبوب لاقَى البينْ
قلبي الذي في هوى المحبوب لاقَى البينْ / وليس للمرء إلا قلب لا قلبينْ
والقلب والدهر يقلب قلب لا قلبين / لاق اللقا بي وبالأغيار لاق البينْ
ما لابن مريم في تلك الأساطينِ
ما لابن مريم في تلك الأساطينِ / من قومه غير تبليغ وتبيينِ
كانت حقيقته الروح التي غلبت / على الهواء به والنار والطين
روح مقدسة من أمر خالقها / منفوخة فيه عن توجيه جبرين
وجاء يدعو بني يعقوب منه إلى / مثل الذي هو فيه من تحاسين
لأنهم كلهم أولاد آدم من / جسم وروح وتغليظ وتليين
فقامَ يشرح فيهم أمر نشأته / من التجلي بأنواع التلاوين
وقال إني وإني حسبما نقلوا / عنه على مقتضى إدراك تكوين
وقصده أن يروا أحوال أنفسهم / كما رأى نفسه عيسى بتهوين
فيعرفوا ربهم ذات الوجود على / ذواتهم قد تجلت في الأحايين
فيعبدوه كعيسى في عبادته / من غير نقص وجور في الموازين
وكان مشرب عيسى في معارفه / للخائفين يسمى بالرهابين
والكاشفون لشمس الروح طالعةً / هم الشماميس أمثال العراجين
والقس صاحب شان في تحققه / وغير ذلك مما في الدواوين
بمقتضى لغة الإنجيل واصطلحت / عليه تلك الحواريون في الحين
كما أتى عابد في شرعنا وأتى / مقرب ووليٌّ أهل تمكين
وهكذا هي ألقاب محققة / للعيسويين من تلك الأساطين
حتى لقد نسخت تلك الأمور وقد / سرى بها الكفر في طرق الشياطين
وما بقي الآن غير الإسم وارتفعت / حقائق الوصف عن قوم ملاعين
فراهب كافر والقس يشبهه / في زيغه عن صراط الحق والدين
والأمر في نفسه حق وقد ورثت / مقام عيسى به أصحاب ياسين
من هذه الأمة الغرا جهابذة / في صولة الحال أمثال السلاطين
فاستعملوا كل اسم في حقيقته / بالكشف والصدق لا عن حكم تخمين
وما تحاشوا لأن الأولياء لهم / حكم الوراثة عن حق وتعيين
وأنه مقتضى علم الحقائق لا / علم الرسوم لنفع لا لتزيين
فحققوا ما كشفنا عنه واعتبروا / يا عصبة الحق يكفيكم ويكفيني
كلامكم يا عواذلْ كلُّهُ مينا
كلامكم يا عواذلْ كلُّهُ مينا / معناه فِضَّهْ زَغَلْ ما تقبلو مينا
كيف العمل لم تجد إن صحتمو مينا / مراكب العشق في بحر الهوى مينا
في منزل القرب لما نحن حلّينا
في منزل القرب لما نحن حلّينا / كل التعاقيد بالتحقيق حلّينا
وحين مر الجفا بالصبر حلّينا / أعناقَنا بعقود الوصل حلّينا
لم يبق مخلوق تخصيصاً وتعيينا
لم يبق مخلوق تخصيصاً وتعيينا / إلا بلى بالبلا دنياه أو دينا
بل كل معن لقذ ذاق البلا حينا / حتى البلا بالملا منا بلى فينا
بدت شمس الضحى تُجْلَى
بدت شمس الضحى تُجْلَى / على قلبٍ بها عاني
فما أهنى وما أحلى / مليحاً ما له ثاني
يا أخلائي داؤكم دائي / في الرشا النائي إنني رائي
أصل بلوائي نقطة الباء / حيث في مائي رمز إيمائي
لاحت الأنورْ بانت الأسرار / زادت الأطوارْ غنت الأطيار
فانطفي يا نار / قد دنا الداني
أيها الغافلْ بدرك الآفل / ليت لو تدري بالهوى العذري
إنما بدري لاح في صدري / فاختفى أمري بين إخواني
جميل الوجه قد وافى / فأفنى سائر الأكوانْ
ومن بعدِ الجفا صافى / وزان الحسنَ بالإحسانْ
نورُهُ ماحي خَطَّ ألواحي / فارتشفْ راحي منه يا صاح
لا تكن صاحي واترك اللاحي / بين أشباحِ دون أرواحِ
ثم صلَّى اللهْ عَلى النبي الأواه / العظيم الجاهْ من به قد فاهْ
عبد من أغناه / مغرم عاني
مع جميع الآل / سادة الأفضال
والصحاب الغرّْ مَن جَفاهم غرّْ / هم لدفعِ الضرّْ كالدواء المرّْ
وعقود الدرّْ / ذاك حلاني
مالي لقد أصبحت من نيل المنى
مالي لقد أصبحت من نيل المنى / لا أنت أنت أرى ولا أني أنا
وأرى البلاد ولا بلاد وأهلها / لا أهلها وأرى الدُّنا هي لا الدُّنا
وجيمع ما قد كان زال ولم يزل / والكل وهماً صار لي كي يفتنا
وبدا الذي قد كان عني خافياً / متصوراً بالكل لي متعينا
من غير ما صور تغيره ولا / هو بالظهور بها يكون مكوّنا
ما قيدته عن مدى إطلاقه / إذ لا وجود لها سواه مبينا
وهي الكثيرة وهو فيها واحد / فرد وإن صبغته لي فتلونا
لم يشتغل عن بعضها بالبعض بل / في كل شيء لم يزل متمكنا
وشئونه هي وهي فانية به / وهو الذي هو ليس يدركه الفنا
حقٌّ ونحنُ وما نشاهدُ باطلٌ / فتن العقولَ بخلقِه والأعينا
فاحذر تظن بأن شيئاً غيره / معه يكون هناك في الغد أو هنا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025