المجموع : 129
أيها الشخص الذي قال أنا
أيها الشخص الذي قال أنا / مسلم والكفر فيه اكتمنا
ليس هذا الأمر بالقول ولا / بالتمني يدرك المرء المنى
إن تكن آمنت بالله كما / هو في التنزيه عما ههنا
حيث لا تشبيه في العقل له / ثم لا تعطيل سرّاً عَلَنا
ثم صدقت النبي المصطفى / بالذي جاء به يرشدنا
والذي في صدره كنت به / موقناً في كل حال مؤمنا
والذي أظهره من شرعه / هكذا كنت به مستيقنا
أو بدا من ذاك شيء لك في / أحد عنك تناءى أو دنا
فإذاً أنت لعمري مسلمٌ / تتبع الفرض وتقفو السنا
فاستعن بالله إن لم تك في / هذه الحالة تلقَ المِننا
وإذا أتحفك الله بها / فاشكر الله لها وادعُ لنا
يا كثير الشوق والشجنِ
يا كثير الشوق والشجنِ / دائماً في السر والعلنِ
راح يشكو هجر ممتنع / فهو عن وصف الجميع غني
ما له إن رمته جهة / فانتبه من غفلة الوسن
ما له في ديننا أبداً / من مكان لا ولا زمن
كان قبل الكون وهو على / ما عليه كان فاستَبِن
إن تَرُمْ تحظى برؤيته / طبق ما قد جاء في السنن
ألق منك النفس وهو بأن / تعرف المودع في البدن
واستمع واصغ لذاك ولا / تشتغل عنه بلوم دني
كل من في الكون عنه إذا / لم تجدهم فيه في فتن
أنت الذي طول عمري الهمِّ تكفيني
أنت الذي طول عمري الهمِّ تكفيني / وعند موتي وتغسيلي وتكفيني
أنت العليم بحالي والبصير به / يا مالك الملك يا رب السلاطين
وليس لي من سلاح فيك أحمله / بل أنت حسبيَ عن حمل السكاكين
أنت القوي على ضعفي تدبرني / في كل أمر وعما شئت تغنيني
خلقتني من تراب واقتدرت فلا / مساعد لك في خلقي وتكويني
وأنت سويتني من نطفة رجلاً / وفيَّ منك بنفخ الروح تحييني
كم نعمة لك عندي لست أحصرها / فيما سيأتي وفي الماضي وفي الحين
وأرتجي منك توفيقي لشكرك يا / شكور أنك ما أرجوه تعطيني
وأعظم الكل إرشادي لدين هدىً / طريقة الحق نور الشرع والدين
كان النبي نبياً في الغيوب به / وآدم النفخ بين الماء والطين
وإنني بك ربي واثق كرماً / بالحفظ من كل ما عن ذاك يلويني
آمنت بالوعد حقاً والوعيد على / طبق النصوص التي جاءت بتعيين
وأنت أكرم من يوفي بموعده / من غير خلف ولا مطل ولا مين
ونرتجي كلنا خلف الوعيد فما / خلف الوعيد بعيب منك أو شين
لأنه كرم وهو الدليل على / عناية الله بالخلق المساكين
يا من له الحجة العظمى التي بلغت / أقصى الكمال وأزرت بالبراهين
على جميع الورى إن شاء عذبهم / عدلاً وخلَّدهم في نار سجين
وإن يشأ بجنان الخلد نعَّمهم / فضلاً وعاملهم باللطف واللين
إني أريدك لا أني أريد سوى / وما السوى غير تلبيس وتزيين
وأنت أنت هو الحق المبين بلا / شك وغيرك وسواس الشياطين
يا خالق الخلق بالسر العظيم ويا / من أمره بين ترحيك وتسكين
إني توسلت في الدنيا إليك بمن / جعلته سبباً في كل تدوين
ومن هو النور من فياض نورك قد / خلقت كل الورى منه بتكوين
طه النبي الذي أرسلته كرماً / فينا لكشف وإيضاح وتبيين
محمد المصطفى المختار من مضر / وآله الغر هاتيك الأساطين
أن تشرح الصدر من ضيق ومن حرج / وتفرج الهم من صعب بتهوين
ولا تدعني أمد الكف في طلب / ممن سواك على ظن وتخمين
واحفظ عقيدة قلبي من تقلبه / حتى ألاقيك في صدق وتمكين
وجد بعفوك عن عبد الغني وكن / عوناً له يوم تعديل الموازين
والطف به وبآباء له سلفوا / وكل إخوانه أرباب تحصين
والمسلمين جميعاً ما شدت سحراً / ورقُ الحمام بأنواع التلاحين
الظاهر أفناني
الظاهر أفناني / والباطن أبقاني
والعاذل يلحاني / في الكاس وفي الحان
يا صاحب أشوقي / ها أنت هو الباقي
والحق هو الساقي / من خمرة إنسان
عرج برُبا نجدِ / يا مكثرَ ذا الوجدِ
فالقرب لنا يجدي / من ساكن نعمان
الحي لنا بانا / والمركب أعيانا
فارفق بمطايانا / يا سائق أظعانِ
هذا العلم الفرد / والشوق بنا يحدو
والقرب هو القصد / في عالم روحاني
مولاي على الهادي / من طاب به الوادي
واشتاق له الحادي / فارتاح بألحانِ
أنواع تحياتي / من عبد غنيْ تاتي
في سائر أوقاتي / بالخير وإحسانِ
نحن قوم متنا به وفنينا
نحن قوم متنا به وفنينا / بتجلي وجوده الحق فينا
وحُشرنا إليه عمن سواه / ودخلنا جنانه خالدينا
قمر لا نضام فيه اجتلاء / بينته ذواتنا تبيينا
وإذا أظلم الكيان عليه / أطلعته الغيوب حيناً فحينا
يا أخلاي هذه نفحات / من رياض بها إليه أتينا
فلتشمّوا الأقاح والورد منها / والخزامى والآس والياسمينا
حضرات بها الوجود تجلَّى / زيَّنَتْه لمن يرى تزيينا
قد حمدنا السرى بهن إليها / حيث منها جئنا المقام الأمينا
وهي أم الكتاب سبع المثاني / نزلت مرتين عقلاً ودينا
فرقينا صفاتها درجات / وشربنا تسنيمها الصِرفَ عينا
وتلونا آياتها وقرأنا / هنَّ حاميم والكتابَ المبينا
وبدت عندنا معاني معانٍ / لمعان بذاتها تبتدينا
علمنا والكتاب والوصف منها / وهي ذات وراء ذا لن تبينا
كيف في الكل لن تبين وبانت / وهي نور لما يزل مستبينا
واعتباراتها الثلاث ظلام / زائل عندها عياناً يقينا
ثلّثوها حقيقةً لا اعتباراً / ثم ضلّوا ونحن فيها هدينا
فاعرف الكل هكذا وتحقيق / تعرف الحق والكفور اللعينا
خذها إليك لها هدى وبيانُ
خذها إليك لها هدى وبيانُ / منا نصيحة من له عرفانُ
مغرىً بحب المذعنين يسوقهم / للغيب منه تحقق وعيانُ
وبها يد التوحيد قد مدت لمن / حفظ العهود وعنده الإذعانُ
إني بحبك يا محمد مغرمٌ / أنت البديري بالكمال مصان
وعليك من نسج الهداية حلةٌ / وطرازها التوفيق والإيقان
فابشر بكل سعادة وعناية / وحماية ومن الإله تصان
أنت الحقيق بأن يقال لك انتبه / من رقدة الغفلات يا إنسان
أعنى بذلك رقدة الدين التي / من كان راقدها هو اليقظان
عند العوام وعند من هو غافل / والذكر منه بها هو النسيان
علم اليقين فإن ذلك بعده / عين اليقين به الأحبة دانوا
من بعده حق اليقين ولليقي / ن حقيقة لظهورها لمعان
هي وحدة باسم الوجود تحققت / وهي الوجود الحق والوجدان
تنحل فيها المشكلات جميعها / والسنة الغراء والقرآن
وكلام أهل الله في طبقاتهم / وبها يكون من الشكوك أمان
إن الوجود لمن تحقق واحد / ليس الزيادة فيه والنقصان
ذات منزهة عن التركيب لا / شيء يشابهها له الحدثان
وصفاتها في نفسها هي عينها / وكذاك أسماء لتلك حسان
والعقل يدرك أن ذلك غيرها / وهي المراتب ما لها نكران
لا عينها لا غيرها فافطن هنا / ليزول عنك الظن والحسبان
وهي اعتبارات كثيرات وما / هي غير ذات الحق جل الشان
والحس والمحسوس قد قاما بها / والعقل والمعقول يا إخوان
والكل خلق الله أي تصويره / مثل المعاني تدرك الأذهان
فانظر إلى هذا الوجود مجرداً / عنه تقاديراً هي الأكوان
ومنزهاً لجماله عن كل ما / يحوي المكان وتجمع الأزمان
فالكل موجودون منه به له / لولاه كان وجودهم ما كانوا
والكل معدومون فيه وإنما / هو وحده المتفضل المنان
وهو الذي هو عين ما هو لم يزل / ما غيَّرته بخلقها الأعيان
وكذاك لم تتغير الأعيان من / عدم بها لكن لها لوذان
تبدو به وهو الذي يبدو بها / كلٌّ لكلٍّ نسبة وقران
وهما جميعاً ظاهران فتارةً / خلقٌ يقال وتارةً رحمان
حق على العرش العظيم قد استوى / وبه محلٌّ قائم ومكان
سبحانه من أن يحل بغيره / أو في مكان أوله إمكان
هو أول هو آخر هو ظاهر / هو باطن هو واحد ديان
والكائنات جميعها معدومة / في نوره ولها به إبطان
وهو الوجود الحق جل جلاله / والإنس قد قاموا به والجان
في الملك والملكوت عز وجل عن / معنى الشريك وما هي الأوثان
فالجأ إليه وكن به متمسكاً / وليستَوِ الإسرار والإعلان
واطرح قيودك في حماه ولذ به / وليكثر التفويض والتكلان
وبه فقم واقعد به واركع به / واسجد إليه به لك استيقان
واترك مرادك في قديم مراده / يَمضي الفساد ويذهب الطغيان
واترك به دعوى الوجود له وكن / فيه بلا كون يزول الران
واجعل فناءك في هواه هو البقا / إن الفنا هو للبقا ميدان
واعكف على سنن النبي محاذراً / بدعَ الزمان يسوقها الشيطان
فالسنة الغراء منهاج التقى / تُمحى به الآثام والعصيان
واكفف عن الناس الظنون وسوءها / واحذر ففي هذا لك الحرمان
واترك على العاصين سترَ إلههم / واعلم بأنك كيف دِنتَ تدان
واكتم سريرتك التي هي قد صفت / لك عن سواك يزينك الكتمان
وأقم على نصحي وكن متحققاً / بمقالتي فمقالتي الفرقان
وأدر لسانك بالصلاة على الذي / غيث الهدى أبداً به هتّان
ولآله ولصحبه من بعده / فليكثر التسليم والرضوان
وانهض بحب الصالحين وذكرهم / فيما تروم فتذهب الأحزان
ولك الحوائج تنقضي بسهولة / وإليك يأتي العفو والغفران
وبما أتى عبد الغنيِّ فخذ ولا / تتبع عداه فإنهم عميان
أي كنت من قبل أني كنت لا معه
أي كنت من قبل أني كنت لا معه / فلا تكن معه بل كن به تكنِ
ظهر الحق للعيان وبَيْنا
ظهر الحق للعيان وبَيْنا / نحن فيه إذ صار بعداً وبَيْنا
نقطة الإنفصال من كل نفس / تجعل العين في الشهادة غينا
رُتَبٌ تنقضي وأخرى توافي / باعتبار منه لهنَّ يقينا
كل هذا نراه إذ نحن خلق / وهو شيء منا لنا لاح فينا
والعظيم العظيم جل تعالى / أين من يعرف الحقيقة أينا
لكن الأمر هكذا هو ستر / وتجلٍّ مبيّنٌ تبيينا
ويدي هذه يدي وهي أيضاً / يده لي بها يكون معينا
وجميعي هذا وروحي وجسمي / فهو لي بي يفيض دنياً ودينا
والتصاوير والتماثيل منه / لمحات تلوَّنت تلوينا
وله الخلق مثل ما قال والأم / ر على قدر ما يريد يرينا
فتراه به كذلك طوراً / ويرانا طوراً بنا مستبينا
بصر واحد وسمع وعلم / يتبدى حيناً ويُستَرُ حينا
والذي قال عنه في الذكر إنِّي / قال عنا في الذكر إنَّ اللذينا
في الكلب عشر خصالٍ كلُّها حُمِدَت
في الكلب عشر خصالٍ كلُّها حُمِدَت / يا ليتها كلها أو بعضها فينا
جوع له لم يزل والصالحون كذا / وما له موضع يختص تعيينا
كمن على ربه لا زال متكلاً / ولا ينام سوى من ليله حينا
مثل المحبين لا ميراث قط له / إن مات كالزاهدين المستقلينا
وليس يهجر يوماً من يصاحبه / وإن جفاه كأخلاق المريدينا
وراضيا بيسير من معيشته / ما زال كالقانع المستكمل الدينا
وإن يكن غالباً شخصٌ سواه على / مكانه ينصرف عن ذاك تهوينا
بتركه مثل أصحاب التواضع قل / وإن بضربٍ وطردٍ من فتى هينا
ثم الفتى قد دعاه بعد ذاك أتى / كحال أهل خشوعٍ خذه تبيينا
وإن رأى الأكل أضحى واقفاً تره / يرنو إليك كأخلاق المساكينا
وإن ترحَّل لا شيء ترى معه / مثل الذي حاز في التجريد تمكينا
هوى عين العيون
هوى عين العيون / يسوق إلى المنون
وللوجه المصون / ظهور في بطون
بدا فشهدت دوني / تناويع الفنون
وقد ثارت شجوني /
سقى الوادي وحيا / رباه الودقُ ريَّا
فكم دارت عليا / به كاس الحميا
وصرت به مُهَيّا / طويت الكون طيا
فمن كاف لنون /
وصلى الله ربي / على الداعي الملبي
على محبوب قلبي / على طه وحبي
به في نيل قربي / وآلٍ ثم صحب
بهم فتح الحصون /
أئمة كل حيِّ / ذوي القدر السنيِّ
لهم عبد الغنيِّ / بتسليم يحيِّي
من الله العليِّ / على أمد العشيِّ
وتقليب الشئون /
قلبي إلى وجه سلمى مغرمٌ عاني
قلبي إلى وجه سلمى مغرمٌ عاني /
وحبها معدم آثارَ أعياني /
فيا رفيقي حديث الغير أعياني /
روِّح فؤادي بذكر النازح الداني / فذكرُه لم يزل روحي وريحاني
من لي بمن هو باد في غلالته /
كالبدر يشرق من صافي غمامته /
فغنِّ لي باسمه وافصح بآيته /
واصرف همومي بصرفٍ من مدامته / فدنُّها من جناب العز أدناني
بالله يا بارق الأسرار قف نفسا /
فالكون نور ومن يلهو يرى غلسا /
إني أردت الهدى خذ منه لي قبسا /
واحطط رحالي بباب الدير ملتمسا / راحاً فقيُّوم ذاك الدير لي داني
شمس المعاني بأفلاك العلى بهرت /
وقصة العشق في أهل الهوى اشتهرت /
والحسن أحكامه بين الورى قهرت /
ولي بهيكله محجوبة ظهرت / من بعد ما خفيت عني بجسماني
شعر الشعور يحاكي حية لسعت /
فلو دعا كلَّ نفسٍ نحوه لسعت /
لكن حقيقتنا هذا الذي صنعت /
منيعة الوصل إلا عن فتى منعت / في الحب معناه أن يصبو إلي ثاني
عن العلو علت من فرط عزتها /
والكون قد غاب في أنوار طلعتها /
حقيقة أنا فان في محبتها /
نادمتها فمحتني عند رؤيتها / وكان محوي بها أصلاً لوجداني
ما غافل عن تجليها كمنتبه /
والقلب راق بها يا صفو مشربه /
وقد أزالت لدينا كلَّ مشتبه /
ولو شرحت الذي منها خصصت به / يوماً لأصبح من في الكون يهواني
على التقادير بالإيجاد منعمةٌ /
لما تجلت وفي وجه الرضى سمةٌ /
من الأعاريب أمر العشق معجمةٌ /
أشتاقها وهي في سري مخيمةٌ / ونورها ظاهر ما بين أجفاني
ركبت للشوق في بيدائها نُجُبا /
والكون يخفق منها قلبه وجبا /
يا لائمي في الهوى لومي غدا عجبا /
وكيف يصبح عنها الطرف محتجبا / وحسنها في جميع الخلق يلقاني
مطوَّل الوجد مني ذاك مختصرُ /
والعشق أجمعه في القلب منحصرُ /
يا قوم إني على الأغيار منتصرُ /
إن غيبت ذاتها عني فلي بصرُ / يرى محاسنها في كلِّ إنسان
عني محت سائر الأوهام والشبهِ /
لما تجلت بأمر غير مشتبهِ /
وإنني لم أزل فيها بمنتبهِ /
ما في محبتها ضدٌّ أضيق بهِ / هي المدام وكل الخلق ندماني
من مات يعلم أنك الحق المبينْ
من مات يعلم أنك الحق المبينْ / وأنا الذي قد متُّ فيك على اليقينْ
وفنيت حتى في وجودك بان لي / كيف التمسُّك منك بالحبل المتينْ
يا نور نور الكائنات جميعها / نور على نور هو النور المبينْ
أنا ظلمة ظهرت بنور محمد / ومحمد نور بنورك مستبينْ
والنور بالظلمات يظهر عادة / وكذلك الظلمات من نور تَبينْ
نحن التقادير التي قدرتها / في نور نورك يا مهيمن يا معينْ
فالطف بنا وامنن علينا بالذي / نرجوه منك ولا تدعْنا حائرينْ
وتولَّ حفظ قلوبنا وجسومنا / مما يعيب من الأمور وما يشينْ
وأعن وثبتنا عن سنن الهدى / دنياً وآخرةً كما ترضى ودينْ
بحبيبك الهادي إليك محمد / خير الورى وأجلهم طه الأمينْ
وبآله وبصحبه وبحزبه / وبمن غدوا أنصاره والتابعينْ
أبدا عليه كذا عليهم كلهم / أزكى الصلاة مع السلام بكل حينْ
ما لاح وجه الفجر في شعر الدجى / والشمس مشطت السواد عن الجبينْ
أوّاه من سار فيكم
أوّاه من سار فيكم / بروح أمرٍ أمينِ
لا طبع جسم شمال / وجهل نفس يمينِ
يرجعْ لكم منه روح / يا نور قلبي وعيني
يرجعْ بجسم ونفس / يرجعْ بخفَّيْ حنينِ
قلبي الذي في هوى المحبوب لاقَى البينْ
قلبي الذي في هوى المحبوب لاقَى البينْ / وليس للمرء إلا قلب لا قلبينْ
والقلب والدهر يقلب قلب لا قلبين / لاق اللقا بي وبالأغيار لاق البينْ
ما لابن مريم في تلك الأساطينِ
ما لابن مريم في تلك الأساطينِ / من قومه غير تبليغ وتبيينِ
كانت حقيقته الروح التي غلبت / على الهواء به والنار والطين
روح مقدسة من أمر خالقها / منفوخة فيه عن توجيه جبرين
وجاء يدعو بني يعقوب منه إلى / مثل الذي هو فيه من تحاسين
لأنهم كلهم أولاد آدم من / جسم وروح وتغليظ وتليين
فقامَ يشرح فيهم أمر نشأته / من التجلي بأنواع التلاوين
وقال إني وإني حسبما نقلوا / عنه على مقتضى إدراك تكوين
وقصده أن يروا أحوال أنفسهم / كما رأى نفسه عيسى بتهوين
فيعرفوا ربهم ذات الوجود على / ذواتهم قد تجلت في الأحايين
فيعبدوه كعيسى في عبادته / من غير نقص وجور في الموازين
وكان مشرب عيسى في معارفه / للخائفين يسمى بالرهابين
والكاشفون لشمس الروح طالعةً / هم الشماميس أمثال العراجين
والقس صاحب شان في تحققه / وغير ذلك مما في الدواوين
بمقتضى لغة الإنجيل واصطلحت / عليه تلك الحواريون في الحين
كما أتى عابد في شرعنا وأتى / مقرب ووليٌّ أهل تمكين
وهكذا هي ألقاب محققة / للعيسويين من تلك الأساطين
حتى لقد نسخت تلك الأمور وقد / سرى بها الكفر في طرق الشياطين
وما بقي الآن غير الإسم وارتفعت / حقائق الوصف عن قوم ملاعين
فراهب كافر والقس يشبهه / في زيغه عن صراط الحق والدين
والأمر في نفسه حق وقد ورثت / مقام عيسى به أصحاب ياسين
من هذه الأمة الغرا جهابذة / في صولة الحال أمثال السلاطين
فاستعملوا كل اسم في حقيقته / بالكشف والصدق لا عن حكم تخمين
وما تحاشوا لأن الأولياء لهم / حكم الوراثة عن حق وتعيين
وأنه مقتضى علم الحقائق لا / علم الرسوم لنفع لا لتزيين
فحققوا ما كشفنا عنه واعتبروا / يا عصبة الحق يكفيكم ويكفيني
كلامكم يا عواذلْ كلُّهُ مينا
كلامكم يا عواذلْ كلُّهُ مينا / معناه فِضَّهْ زَغَلْ ما تقبلو مينا
كيف العمل لم تجد إن صحتمو مينا / مراكب العشق في بحر الهوى مينا
في منزل القرب لما نحن حلّينا
في منزل القرب لما نحن حلّينا / كل التعاقيد بالتحقيق حلّينا
وحين مر الجفا بالصبر حلّينا / أعناقَنا بعقود الوصل حلّينا
لم يبق مخلوق تخصيصاً وتعيينا
لم يبق مخلوق تخصيصاً وتعيينا / إلا بلى بالبلا دنياه أو دينا
بل كل معن لقذ ذاق البلا حينا / حتى البلا بالملا منا بلى فينا
بدت شمس الضحى تُجْلَى
بدت شمس الضحى تُجْلَى / على قلبٍ بها عاني
فما أهنى وما أحلى / مليحاً ما له ثاني
يا أخلائي داؤكم دائي / في الرشا النائي إنني رائي
أصل بلوائي نقطة الباء / حيث في مائي رمز إيمائي
لاحت الأنورْ بانت الأسرار / زادت الأطوارْ غنت الأطيار
فانطفي يا نار / قد دنا الداني
أيها الغافلْ بدرك الآفل / ليت لو تدري بالهوى العذري
إنما بدري لاح في صدري / فاختفى أمري بين إخواني
جميل الوجه قد وافى / فأفنى سائر الأكوانْ
ومن بعدِ الجفا صافى / وزان الحسنَ بالإحسانْ
نورُهُ ماحي خَطَّ ألواحي / فارتشفْ راحي منه يا صاح
لا تكن صاحي واترك اللاحي / بين أشباحِ دون أرواحِ
ثم صلَّى اللهْ عَلى النبي الأواه / العظيم الجاهْ من به قد فاهْ
عبد من أغناه / مغرم عاني
مع جميع الآل / سادة الأفضال
والصحاب الغرّْ مَن جَفاهم غرّْ / هم لدفعِ الضرّْ كالدواء المرّْ
وعقود الدرّْ / ذاك حلاني
مالي لقد أصبحت من نيل المنى
مالي لقد أصبحت من نيل المنى / لا أنت أنت أرى ولا أني أنا
وأرى البلاد ولا بلاد وأهلها / لا أهلها وأرى الدُّنا هي لا الدُّنا
وجيمع ما قد كان زال ولم يزل / والكل وهماً صار لي كي يفتنا
وبدا الذي قد كان عني خافياً / متصوراً بالكل لي متعينا
من غير ما صور تغيره ولا / هو بالظهور بها يكون مكوّنا
ما قيدته عن مدى إطلاقه / إذ لا وجود لها سواه مبينا
وهي الكثيرة وهو فيها واحد / فرد وإن صبغته لي فتلونا
لم يشتغل عن بعضها بالبعض بل / في كل شيء لم يزل متمكنا
وشئونه هي وهي فانية به / وهو الذي هو ليس يدركه الفنا
حقٌّ ونحنُ وما نشاهدُ باطلٌ / فتن العقولَ بخلقِه والأعينا
فاحذر تظن بأن شيئاً غيره / معه يكون هناك في الغد أو هنا