المجموع : 54
وَيْلي على من كلُّ عي
وَيْلي على من كلُّ عي / ن أبصرته تُعظمُهْ
ويضره لبس الغلا / ئِلِ والشنوفِ ويؤلِمه
لو لامَسَ الوَهْمَ الخفيْ / يَ أديمَه لجرى دَمُهْ
أو زارني لم أستطع / خوفاً عليه ألثمُه
ظبي يعذِّب مهجتي / ظلماً وقلبي يرحمُه
يأبى رضاه وسخطُه / وصدودُه وتبرُّمُهْ
لمّا استقل من الهوى / ما لم أزل أستعظمُه
ناديته لم يَبْقَ حبْ / بٌ فوق حبّك أعلمُه
لمن أشكو تظلُّمي
لمن أشكو تظلُّمي / منك يا ذا التجرُّمِ
ألجفنيكِ لا هما / نَذَرَاً في الهوى دمي
أم لخدّيِك إذ بدا / فيهما وردُ ملثمي
ليس لي عنكِ مَهربٌ / فانصفي أو تحكّمي
فقتِ كل الورى بلح / ظٍ ولفظٍ ومبسمِ
خُلِقْتُ لأعلو وجوهَ المهَا
خُلِقْتُ لأعلو وجوهَ المهَا / وأستر لينَ خدودِ الدمىَ
فلم تَرَ قَبْلي عيونُ الورى / على الغانيات ضُحىً مُعلَما
أأُظهِر أم أخفي الّذي بي من السَقْم
أأُظهِر أم أخفي الّذي بي من السَقْم / وكم أدفع الأيّامَ بالصبر والحِلم
أعلِّل نفسي بالأماني تجلُّداً / وأُوِهمُها أن النّزاهة في العُدم
صبَرتُ على الأحداث حتى أذَبْنَني / وحتى انتهيت سِكِّينهُنّ إلى العظم
ولم يَلق مخلوقٌ من الدهر مِثل ما / لقيتُ من الأرْزاء والجورِ في الحكم
فما عنَفت غيري الخطوب بجورها / ولا ظلمت أحداثها أحداً ظلمي
أرُوني مريضَ القلب مثلي والمنُى / عليلَ الغنى والحالِ والحظّ والجِسم
وما خذلْتني همّتي فألومها / وما ضاق بي مذ كنتُ في محفِلٍ عِلمي
وأنَفذُ من رمح الشّجاع سياستي / وأبصَرُ من عين البصيرِ ضِيا فهمي
فلِمْ أختفي تحت التراب مضيَّعاً / وقد نوّهت في الخافِقين العُلا باسمي
وما ليَ أخطو في الحضيض تخلُّفاً / وقد عُقِدتْ كفّي على كاهِل النجم
أيا ابنَ معزّ الدين والفضلُ كلُّه / إليك انتهى دون الأعارِبِ والعُجْمِ
أناديك أم أشكو إليك ظُلامتي / أم أشكوك أم أكني عن الأمر أم أُسمي
أتغدو ظُنوني في معاليك ظُلَّما / وتصبِحُ آمالي مبدَّدة النَّظْم
وأشربُ إذ أصبحتُ ضيفَك من دمي / وآكل إذ خلصتُ ودَّك من لحمي
وأُبخَس حظّاً أنت كنت ابتدأتَه / وأنت أحقّ الناس بالعدْل في القَسْم
إذا كنت أنت الحاكم المرتضَى به / فما لك تغدو دون حُكمك لي خَصْمي
أجِزْني على مقدار ما أنا محسنٌ / ولا تعطني ما ليس يبلغُه سَهْمي
فإني على إنكار مَجْدكِ أتّقي / وعنك إذا رامت عُلاك العدا أرمي
وما كان حقّي منك ذا غيرَ أنني / رجوتُ وراءَ الحرب عاقبةَ السِّلْم
فكم من محبّ راحَ بالّلحظ قانعاً / إذا راح ممنوعاً من الضَّمّ واللّثْم
فإن كنتُ محبوباً فكن خيرَ واصل / لحبلي فإنّي فيك مجتمع الهّمِّ
يا أكرمَ الناسِ كلِّ الناس في الشِّيَم
يا أكرمَ الناسِ كلِّ الناس في الشِّيَم / وأفضلَ الخَلق من عُرْب ومن عَجَمِ
بل لا أَقيسُك بالدنيا وساكنها / وهل يُقاس ضياءُ الصبح بالظُّلَمِ
ما أحسن الدهرَ إذا أصبحتَ مالكَهُ / أفديك من ملِكٍ بَرٍّ ومِن حَكَم
قد كنتَ أسَّسْتَ يا مولاي مبتدِئاً / مَرَمّتي بالغاً فيها مَدَى الكَرَمِ
ولَم تَتِمَّ فتمِّمْها فأحسَنُ ما / في المجد تتميمُ ما تُسدي من النعم
وأمرُ بتعجيلها حتّى أعيشَ وقد / أقْرَرْتَ عيني وقد بَلَّغْتَني هِمَمي
السّقم في اللحّظ السقيم
السّقم في اللحّظ السقيم / والبرءُ في اللّفظ الرخيمِ
وقيامةُ العشّاق بي / ن الخدّ والقَدّ القويم
قمر تفرّع غُصن با / نٍ في نَقَا كَفَلٍ عميم
أغنت لواحظ طرفهِ / في السكر عن كأس النديم
أشكو إلى متظلِّم ال / وَجَنات ذي نظرٍ ظَلوم
ولقد شكوت هواه لو / أشكو هواه إلى رحيم
قدُّ القضيب وطلعةُ ال / بدر المنير وعينُ ريم
قل للإمام ابن الإما / مِ نزارٍ المَلِكِ الكريم
يا بانيَ الشرف الحدي / ث ووارثَ الشرف القديم
لك همّةٌ ما هَمُّها / إلاّ إلى الأمر الجسيم
فلو ارتقيتَ إلى النجو / مِ لنلت ما فوق النجوم
وكذاك لو تبغي التُّخو / مَ لنلتَ ما تحت التُّخومِ
أنت الحكيمُ إذا نَبَا / عن حكمة ذهنُ الحكيم
أنت العليم بكلّ ما / تعيا به فِطَن العليم
نحن السَّوام وأنت أر / فَقُ من رعى شاءَ المُسِيم
يأيها المَلِك الوسي / مُ جَلَلتَ عن حُسْن الوسيم
ما البدرُ أبهَجُ منك نو / راً في دجى الليل البهيم
كلاَّ ولا للغَيثِ جُو / دُ يديك بالجود السَّجوم
وجمعتَ مفترق العلو / م فأنت مجتمَعُ العلوم
يُغني النِّدامى طِيبُ ذك / رِك عَنْ مُجاجاتِ الكُروم
وعن المثَاني رخَّمتْ / نَبَرات منطقِها الرخيمِ
يا قَرْمَ آلِ محمّدٍ / والقَرْمُ مِن نَسْل القُرومِ
أنت الصراط المستقي / مُ من الصراط المستقيم
يأيّها الفَرْع الّذي / قد طابَ من طيبِ الأُروم
عوّدتني نِعَماً كست / عِطْفَيَّ أثوابَ النعيم
خذوا بدمي لؤلؤَ المبتَسم
خذوا بدمي لؤلؤَ المبتَسم / وسحرَ العيون ونَظْمَ الكَلِمْ
ودونكُم شادِناً وجهُه / كشمس النهار وبدر الظُّلِمْ
له صَوْلَجان كلون الظلامِ / على وجنة مثلِ لون العَنَم
وقولوا لمن سَفَكتْ مهجتي / بوهم الظُّنون وسوء التُّهَم
أحَلْتِ على الصُّدغ قتلَ المحبِّ / وعيناك ضرَّجَتاه بدَم
نعَمْ عقربُ الصُّدغ لدّاغةٌ / وليس لها غيرَ عينيك سَمْ
جحدتْ قتلي وقالت كيف لي
جحدتْ قتلي وقالت كيف لي / قتلُ إنسانٍ ومالي من حُسامْ
وبعينيها حُسامٌ مرهَفٌ / حدُّه الكُحلُ وتفتيرُ السَّقام
هَبْك قد أخفيتِ سهميك فَما / لكِ أن تُخفي دمي تحتَ اللِّثامْ
هاكِ عيني وفؤادي فهُمَا / عرّضاني لكِ يا بدرَ التِّمامْ
فحلال لكِ في الحبّ دمي / وهو يا حسناء للناس حرامْ
هذا الغزالُ الَّذي يَرمي بمقلتِه
هذا الغزالُ الَّذي يَرمي بمقلتِه / فما يبالي بمَن أردى من الأُممِ
رمى فلم يُخْطِ قلبي سهمُ مقلتِه / تلك الكَحيلة بالتفتير والسَّقَم
فكيف يّجْحَدُ قتلي أو يكذّبني / فيه وراحتُه مخضوبةٌ بدمي
بالله لا تطلبوه إنّه هِبَةٌ / منّي لذاك اللَّمَى واللّحظ والعَنَمِ
جسدي ناقصٌ وحبُّك نامِ
جسدي ناقصٌ وحبُّك نامِ / مذ غَدَا سُقم مقلتيك سقامي
يأبى تلك من جفون مِراضٍ / مرض فيه صحة للوَسام
أتُراها مَشوبةً بسَقامٍ / أم تراها كحيلةً بمنام
أم ترى ذِلّةَ الهوى خالطْتها / فهي تشكو ذلَّ المحبِّ المُضام
ما على الشادن الذي سَكرِتْ عي / ناه مّما بخدّه من مدام
لو رأى غفلةَ المراقب يوماً / فأشارت ألحاظُه بالسلامِ
هاك قلبي أسيرَ حبِّك عَبْداً / أو فجدِّدْ كُلُومَه بالكلام
قد تملّكت مذ تَمَلَّكْتَني النا / سَ جميعاً فأنت مولى الأنامِ
أنت مولاي دونهم وهمُ طُرْ / ر عبيدي والصَّبُّ عبدُ الغرام
والله لو لم يكن في الدمع يومَ نأَوا
والله لو لم يكن في الدمع يومَ نأَوا / واشٍ علّي لكَفْكَفتُ الدموع دما
كتمت حبَّكُم عن كلّ جارحة / منّي فلم تشتكِ الأوصاب والسَّقَما
ثمّ استنمتُ إلى قلبي بسِّركُم / فكان فيه كَناسٍ كلَّ ما عَلِما
يا ربَّةَ الكِلّة الحمراءِ مُنجِدةً / إن تقتليني قتلتِ الجودَ والكرما
جودي ولو بسلام منكِ يصحبُه / من لحظك الكحل أو من كفّك العَنَما
تأزَّرَ الغصنُ دِعصا في ثيابكِ أم / تعمّم البدرُ في أزرارك الظُّلمَا
يا ليت شعري متى هام الفؤاد بها / وللمحبِّ أمانٍ كلَّما اهتُضِما
متى أقبِّلُ ذاك الوردَ منضرجاً / وأَجتني نظمَ ذاك الدرِّ منتظما
ويَجمع الجَدُّ منّا في مُلاءته / لَيثاً هَصوراً وظَبْياً تَمَّ واحتَشَما
ضَمّاً يذيب حصا الياقوتِ أيسرُه / حتى تراه على اللَّبّاتِ منسجمِا
وجَولةً عَبِثت بالَفْرش وانتثرتْ / فيها السُّموط وظلَّ الحجِلْ منقسما
فلي بكلّ مكان من مجرَّدها / أَثْرٌ يدلّ عليه أنه لثما
كأنّما رشحتْ أصداغُها سَبَجاً / وذاب كُحل مآقِيها إذا ازدَحما
فصار في خدّها مِسكا وفي فمها / لَمىً يلوح وفي لَبّاتها حُممَا
لاَ تَردَّى بالسَّلامَهْ
لاَ تَردَّى بالسَّلامَهْ / كلُّ مَن سَمّاكِ هامَةْ
يا محَلاًّ حلَّه الوح / شُ وأعطاه زِمامَه
يا عذابَ الصَّدِّ والهج / ر ويا ثِقْلَ الغَرامة
يا عزاءً لحبيب / واهتماما بالندامة
كلُّ سيوفِ الموت عضبٌ حسامْ
كلُّ سيوفِ الموت عضبٌ حسامْ / إذا غَدَا كلُّ حُسامٍ كَهامْ
وللرّدَى داعٍ إذا ما دعا / جَدَّ ولَم يَرعَ لخَلْقٍ ذِمام
لله ما بانَ بِه يومُها / من رِقّة الظَّرف وحُسْن الوسَام
كانت رضا النفس ونَيْلَ المنى / ولذّةَ العيش وطِيبَ المدام
ريحانَ سمعي وسَنَا مقلتي / وسُؤلَ قلبي من جميع الأنام
لهفي على ما فات من قربها / لهفاً له في كلّ عضو سَقام
لهفي على تلك الطِّباع التي / قال خُلِّصت من كلِّ عيب وَذَام
لهفي وقَلَّ اللهفُ منّي لَمن / كان سلوِّى عنه كلّ اهتمام
لم أدرِ في حبّي لها ما الأسى / ولا تطعَمتُ أليمَ الغرام
وكلّ محبوب له ضَجْرةٌ / يطول فيها العذل والإختصام
وما تجنّتْ قطّ مذ أيقنتْ / أنِّي بها ذو كَلَف مستهام
ولا دعاها التَّيهُ يوماً إلى / أن تُظهِر الدَّلَّ وتُبِدي المَلام
خلائقٌ كالشّهد معسولةٌ / وعشْرةٌ كالروض غِبَّ الغَمام
أَنعَى إلى الإطراب أخلاقها / ولذَّةَ الإيناس يومَ النِّدام
أَنعَى إلى العُودِ وأوتارِه / ذاك الغِنَا الجائز حدَّ التَّمامْ
أنعَى إلى الإحسانِ إِحسانهَا / وشَدْوَها العذبَ كسَجْعِ الحَمام
يا حبّذا وَصلُكِ لو لم يَبِن / وحبّذا قُرْبُك لو كان دام
ما كنتِ إلاّ كبدي قُطِّعتْ / ومقلتي بانت وقلبي استهامْ
وكنت قد دافعتُ عنها العِدا / فكيف لي عنكِ بدفعِ الحِمام
لو كان غيرُ الموتِ لم يستطعِ / رميكِ دوني بجليل العِظام
لا تأمن الدهرَ الغَيُورَ وإن صفا
لا تأمن الدهرَ الغَيُورَ وإن صفا / لك سِلْمهُ بعد الوغَى وتَحَلَّما
وإذا جرى لك بالسعود فدارِه / وأحذر تقلبه وإن هوَ أبرَما
وإذا أصابك من زمانٍ نبوَةٌ / فالبس لها الخلُقُ الحميدَ الأكرما
وإذا قدَرْت على العدوّ فأَبقِه / إبقاءَ مَن وَجَد الإقالة أحزَما
وارفع ضعيفَك لا يَحُرْ بِكَ ضعفه / يوماً فتدركهُ العواقبُ قد نَمَا
فيهيض عظمَك مثل ما قد هضته / وتروح في إغرائه لا ترغما