المجموع : 65
على دارٍ حَللتَ بِها سَلامي
على دارٍ حَللتَ بِها سَلامي / وَجادَتها مغلَّسةُ الغمامِ
وَزارَك بِالتحيّةِ كلُّ يومٍ / وَجادَك بالعطيَّةِ كلّ عامِ
فَكَم لكَ في رِقابٍ مِن أَيادٍ / بَواقٍ مثلَ أَطواقِ الحمامِ
وَمِن مِنَنٍ مَلَكنَ الفَضلَ حتّى / خَلَطنَ كِرامَ دَهرك باللئامِ
فَكيفَ أُطيق شُكرَكَ وَهو شيءٌ / يَضيقُ بِثقلِ غايَته كَلامي
فَرَأيُكَ جُنَّتي وَنَداكَ كَنزي / وَمن جَنَفِ الخطوبِ بك اِعتِصامي
وَإِن ذعرَ الزّمانُ فَأَنتَ رُكني / أَلوذُ بِهِ مِن الخططِ العظامِ
فَقُل لِمُسَوّفٍ بِالبذلِ ملقىً / يُعلَّلُ بِالمَواعِدِ وَهو ظامِ
وَمَن يُزوى عَنِ الجَدوى وَيُعطي / مَتى يُعطي القَليلَ منَ الحطامِ
خُذوا منّي الثناءَ عَلى مقامٍ / بعَقوَةِ مَن يَطيب به مقامي
حِمىً مُنِحَ الكفايَةَ قاطنوهُ / فَلا سَغبي يُخاف ولا أوامي
حِمىً لأغرّ تُبصره قريباً / كَشمسِ الأفقِ أَو بدرِ التمامِ
كَأنّي إِذ حَطَطت إليهِ رَحلي / نَزلتُ بِهَضب رَضوى أو شمامِ
سلوتُ النّاسَ كلّهمُ وأَضحى / بِهِ وَجدي وَفي يده غرامي
أَلا يا ذا السّياساتِ اللّواتي / غَلَبنَ عَلى المَقاصِدِ وَالمرامِ
وَمَن قَطع الزمانَ وفي يَديهِ / مَقادَةُ ذَلك الجيش اللهامِ
وَمن سلبت مَحاسِنُه عديلاً / يُضافُ إِليهِ مِن هَذا الأنامِ
أَجِرني أَن أَزورَ سِواك مولىً / أَراهُ وَأَنت لي مولى غلامِ
وَدُم لِلفَضل وَالإنعامِ حتّى / نَراكَ وَقَد سئمتَ من الدوامِ
يَومَ الحِمى ما أَنتَ مِن همّي
يَومَ الحِمى ما أَنتَ مِن همّي / فارَقتُ فيكَ الرّوحَ مِن جسمي
حثّوا لفُرقتك الجمالَ وما / حثّوا النّوى إلّا عَلى رغمي
قالوا شكوتَ الحبّ في كَلِمٍ / مَنظومةٍ مِن غَيرِ ما كلمِ
يا لَيتَ زعمَهُمُ وَما صَدَقوا / كانَ المصدَّقَ فيَّ لا زَعمي
يا ربّةَ الخدرِ الّتي اِعتَمَدت / قَتلي فَأَخرَجها إلى سقمي
لَو كانَ لي مُعدٍ عَليك لما / أَقدمتِ آمنةً على ظلمي
وَغريرةٍ في عَصرِ شرَّتها / يَنمي الغرامُ بِها كما ينمي
مَطَلَت وَقد جدّت فليسَ لَها / إِن لُمتَها عُذرٌ منَ العدمِ
فَمَتى شكوتُ الوجدَ أَعطفها / قامَت تُعاقبني بلا جرمِ
لَو كانَ لِلواشينَ مقدرةٌ / ما سوّغوك زيارَة الحلمِ
زُرتِ الأُلى باتوا بكاظمةٍ / مُتَملمِلين جوىً على الرضمِ
طَرحوا الخدودَ عَلى سواعدهم / وَاللّيلُ في أَثوابِهِ السُّحمِ
وَلَقد طَرقتِ وَما طروقُكِ في / عِلمٍ لِقائِفِهِم ولا رجمِ
يَهوى رجالٌ لا حلومَ لَهُم / أنّي خرجتُ لَهُم على الحلمِ
وَيُريد منّي أَن أُساجِلَهُ / من لا خطور له على وهمي
يرمونني ويودّ جاهلهم / أنّي كَما يَرمونني أرمي
هَيهاتَ ما إن قلّ عَن مِدَحي / إلّا اِمرؤٌ قد قلّ عن ذمّي
دقّوا كَما دقّ المحالُ وما / لا طائلٌ فيه عن الفهمِ
لَو كنتُمُ لا كنتمُ أبداً / أُسداً لَما أَطعمتكُم لَحمي
ما بالُكم تَدمى أَظافرُكم / في بَحثِكم عنّي ولا تُدمي
وَكمِ الخصامُ وما يعدُّكمُ / أحدٌ مِنَ الأقوامِ من خصمي
إنّ الهوى وَالرّأيَ ما اِجتَمعا / الرّأي يُبصِرُ وَالهَوى يُعمي
إِن كُنتَ يا ذا الودّ تُنكِرُ ما / قَنَصَتهُ عَينُك فيّ مِن همِّ
فَأدِر كُؤوسَكَ وَهيَ مترعةٌ / صرفاً بِغيرِ سُلافةِ الكرمِ
لا تُعطِنيها ثمّ تُغرِمني / شَيئاً أضنُّ بِهِ عن الغرمِ
بلّغ هَداك اللَّه مألُكةً / ملكَ الملوكِ العُربِ والعجمِ
مِن ناطقٍ بِثناءِ منّتهِ / وَعَطائِهِ المترادِفِ الجمِّ
أَنتَ الّذي أَوليتني نعماً / لَم يحصها نَثري ولا نظمي
وَرَفَعتني عَن أَن تسمِّيَني / فَدَعَوتني شَرفاً بغيرِ اِسمي
يا اِبنَ الَّذين تَبوؤوا قللاً / في المَكرُماتِ مَنيعة الهدمِ
حلّوا اليَفاعَ فَما علَوا شرفاً / حتّى عَلَوا شَرفاً على النجمِ
لا جارُهم يخشى البياتَ ولا / مَن عاقدوه يخاف من هضمِ
أَعيَوا عَلى بُهَمِ الرّجالِ ردىً / ولدى ندىً أعيوا على الذمِّ
بِأَناملٍ تَندى إِذا اِعتصرت / ومعاطسٍ وموارنٍ شمِّ
مِن كلّ غرثان الجنانِ من الش / شَنعاءِ ملآنٍ من الحزمِ
قَومٌ يشنّونَ الغوارَ على / أَرضِ العدوِّ بِقرَّحٍ بهمِ
لا ينذرونَهُمُ وَإِن بعدوا / وَطَناً بِغيرِ قَعاقِعِ اللّجمِ
وَبِأذرُعٍ تَنهلُّ حامِلَةً / إمّا لِبيضٍ أو قناً صمِّ
ساعِد جُدودَك وهيَ كافلةٌ / في النُّجحِ وَالتصمِيمِ والعزمِ
كاللّيثِ يَستَدني فَريسَتهُ / فَيسانِدُ التَظفيرَ بِالعذمِ
وَخذِ الّذي أَسأَرت من طرفٍ / متنظّراً لِندائك الحتمِ
وَاِضمُم أَقاصيها فَلَيسَ لِما / نَشَرَ الرِّجال قواهُ كالضَّمِّ
وَاِختَر لِنَفسكَ مَن عَجَمتَ فَما / حُمِلَ القنا إلَّا على العجمِ
لا تحقرنَّ صَغيرةً عَرَضَت / فَالسمُّ حَشوُ أَصاغرِ الرقمِ
فَدقيقُهنَّ جَليلهنَّ غداً / وَمنَ الأفيل مَنابتُ القرمِ
لَولا مكيداتُ الرّجالِ لما / زلّت صُخور النيق بالعصمِ
وَلَكانَ ما في اليمِّ مِن عَجبٍ / نالَتهُ أَيدي الناسِ في اليمِّ
والأسدُ لَولا خَوفُ بَطشَتِها / وَنَفاذُها سُوِّين بالبهمِ
فَاِسلَم لَنا ملكَ المُلوكِ وَإِن / فُقدَ الورى حرباً وفي سلمِ
فَاِسعَد بِيَومِ المهرجانِ وَنل / ما شِئتَ مِن نفلٍ ومن غنمِ
تَبقى بَقاءَ الطالِعات دُجىً / مِن غَيرِ مَنقصةٍ ولا ثلمِ
في عزِّ مملكةٍ ممنّعةٍ / يَشوي مَراميها ولا يصمي
وَأَصِخ وُقيتَ بِنا لقافيةٍ / تَبقى بقاءَ صُخورها الصمِّ
صَدقت مَعانيها فليس لِمَن / نَظَم الكَلامَ بِها سوى النظمِ
مَحجوبةٍ عمّن سِواك كَما / حَجَب الغباءُ الفهمَ عن فدمِ
لا عَيبَ فيها غيرُ واحدةٍ / وَالبدرُ يَنقصُ لَيلةَ التَّمِّ
إِنّي اِستَنَبتُ سوايَ يُنشدها / وَأَنا الجديرُ بِذلك القسمِ
وَإِذا حُرِمتُ وُصولَها بيَدي / أَنفذتُ نُسخَتها عَلى رَسمي
إِذا جِئتَ أَعلامَ العُذَيبِ فسلّمِ
إِذا جِئتَ أَعلامَ العُذَيبِ فسلّمِ / عَلى دِمَنٍ أَقوَت وَإِن لَم تكلَّمِ
فَما زالَ تَكليمُ الدّيار وَأَهلُها / عَلى شَحَطٍ مِنها تعلَّةَ مُغرمِ
وَفي النّفرِ الغادينَ مِن بَطنِ وجرةٍ / هَضيمُ الحَشا حسّانةُ المتبسّمِ
إِذا أَسفَرَت فالدّرُّ ثمّ مُنظّمٌ / وَإِن نَطَقت فَالدّرُّ غَيرُ مَنظّمِ
حَلفتُ بِمَن زارَ الملبُّونَ بَيتهُ / وَما رَحَّلوهُ نَحوه مِن مخطَّمِ
وَشُعثٍ أَطالوا في الهَجيرِ ظِماءهم / إِلى كَرعةٍ مِن ماءِ أَحواضِ زمزمِ
وَبِالخيفِ إِذ حطُّوا إِليهِ رِحالَهم / وَما هَرَقوا عندَ الجِمارِ منَ الدّمِ
وَبالوادِ وادي بَطنِ مكّةَ مُفعَمٍ / يلفُّ أُناساً من مُحِلٍّ وَمحرمِ
إِذا رَفَعوا تِلكَ العقائرَ هدَّراً / سَمِعت كَقعقاعِ الأباء المضرّمِ
لَقَد نالَ فَخرُ الملكِ مِن قُلَلِ العُلا / مَواطنَ شطّت عَن فَصيحٍ وأعجمِ
وَأَحرَزَها فَوتُ الظّنونِ منيحةً / إِذا طَلَبت أَعيَت عَلى المتجشّمِ
ولم يقرها إلا شبا السيف في الوغى / وإلا سقيطاً من قناً متحطم
فَتىً لَم يُرِغ إلّا الثناءَ ولَم يُطِع / وَقَد سُئِلَ المَعروف غيرَ التكرّمِ
وَلا باتَ في أَعقابِ أَمرٍ مغرِّبٍ / يعضُّ بَنانَ الآسفِ المتندِّمِ
وَلَم يُدنِ مِن أَبياتِهِ غير ذابلٍ / طَويلٍ وآرِيِّ الجوادِ المطهَّمِ
بِجودٍ كَما شاءَت سَحابةُ مربِعٍ / وَحلمٍ كَما اِختارَت هضابُ يَلملمِ
لَهُ الخَلواتُ اللّائي ما اِعتَرضت بها / قَذاةٌ ولا إِلمامةٌ بمحرّمِ
فَلَيس غدوٌّ عِندهنَّ لزلّةٍ / وَلَيسَ رواحٌ بينهنّ لمأثمِ
فَمَشهدهُ في صَونِهِ كَمغيبهِ / وَذاكَ الّذي يُبديهِ مثلُ المكتَّمِ
وَما العفُّ إلّا مِن تنزّه قادراً / فَربّ عَفافٍ كانَ مثلَ التحرّمِ
أَذمُّ إِليك الدّهرَ إلّا لَيالياً / طَلعت لنا فيهنّ غُرّة أدهمِ
فَمن لَم يَكُن للدّهر قَبلك لائِماً / فَما فيهِ بَعد اليومِ لومٌ للوّمِ
أَجِل في الورى طَرفاً فَإنّكَ لا ترى / مِنَ النّاس إلّا من عَمَمت بأنعُمِ
بحدٍّ كَحدّ السّيفِ غَير مثلّمٍ / وَعودٍ كَعودِ الرّمح غير مُوَصّمِ
وَإِن زُرتَهُ يَوماً فإنّ مَزارهُ / قَرا مُسرَجٍ في هَبوَةِ النّقعِ ملجَمِ
وَلا خَيرَ فيمن لا يَطيعك قَلبُه / وَيَجشمُ ردّاً عَنك ما لم تجشّمِ
فَأَكثرُ طاعاتِ الرّجالِ ذرائعٌ / إِلى نيلِ حاجاتٍ وَإِدراكِ مغنمِ
وَأَنتَ الّذي وَلّيتَني المننَ الّتي / أَنفنَ عَلى ظنّي وَفُتنَ تَوهّمي
هَنيئاً لَكَ التحويل في اللّيلة الّتي / أَذلّ إِليها السّعدُ سَبعة أنجمِ
أَتَتنا بِصَفوٍ منك في كدرِ الوَرى / وَجاءَت بِفذٍّ في العلا غير توأمِ
فَلا زلتَ تَخطو نَحوهُ كلّ حادثٍ / وَتطوي إِلَيهِ كلّ حولٍ مُجرّمِ
بلغتَ المُنى في جَميعِ المَرامِ
بلغتَ المُنى في جَميعِ المَرامِ / وَبُقّيتَ كَهفاً لِهَذي الأنامِ
وَحوشيتَ مِن عَثراتِ الزمانِ / وَبوعدتَ عَن طُرُقاتِ الحمامِ
وَلا زِلت في كل مطلوبةٍ / مِنَ العزّ فَوق الذرا والسنامِ
وَهنّيتَ بِالعيدِ عيد السعودِ / وَكيد الحسودِ ورغم المسامي
فَقَد جاءَ يُخبِرنا فيك بال / بقاءِ وَما ترتجي مِن دوامِ
وَإنّ الّذي بكَ من نعمةٍ / تعلّ وتَنهلُ درَّ التّمامِ
وإِنَّكَ تنفذُ في كلِّ ما / تُشيرُ إِليه نفوذَ السّهامِ
ولمّا فَضلت جميع الملوك / دَعَوناك فينا همام الهمامِ
وَما ضلّ عَن مأثُراتٍ أَقمت / عَلى الناسِ في النّاس غير النيامِ
وَكَم لَكَ مِن زَورةٍ في العدو / وِ والحرب مشبوبة كالضرام
ومن وقفةٍ في مضيق القرا / عِ وَالجيشُ مشتعلٌ بِاِنهِزامِ
تُديرُ كُؤوسَ المَنايا كَما / تُديرُ السُّقاةُ كؤوسَ المدامِ
وَوجهُكَ في ظُلُماتِ القَتامِ / كَبدرٍ يُضيء سَواد الظلامِ
وَأَنتَ عَلى ظَهرِ عالي التلي / لِ عَبلِ القوائمِ وافي الحزامِ
كَأنّك مِنهُ عَلى يذبلٍ / وَإِلّا عَلى هَضبةٍ مِن شمامِ
يُخوّضهُ مُمتَطيهِ البحورَ / وَيُعثِرهُ مِن كماةٍ بهامِ
فَيا اِبنَ القلالِ قلالِ الجبالِ / علاءً ويا اِبنَ البحورِ الطوامي
وَقَومٍ مَضوا لَم يَقولوا الخنا / وَلَم يَسمَعوا كَلِمات الملامِ
نَقيّينَ مِن كلّ ما شانهمْ / بَريئين من كلِّ عارٍ وذامِ
وليِدُهُمُ في حِجىً كالكهولِ / وواحِدُهمْ مثلُ جيشٍ لُهامِ
يُرَوْن نِحافاً وأيديهمُ / مُحكَّمَةٌ في الأمورِ الجِسامِ
كرامٌ ولكنّهم بَذلةٌ / لأموالهم برّحوا بالكِرامِ
أُحِبُّك حبَّ النّفوسِ الحياةِ / وَحبّ الشِّفاءِ خلالَ السَّقامِ
وما إنْ أُبالِي إذا كنتَ مِنْ / ورائي إذا جاءني من أمامي
وكنتُ نفوراً شديد الإباءِ / فَقادتْ بَنانُك منّي زمامي
وإنِّيَ ذاك الّذي ترتضيهِ / وَجرّبتَه في الأمور العِظامِ
كأنّي سِنانُك يومَ الطّعانِ / وماضي لسانِك يومَ الخِصامِ
وإنْ كنتَ منتقماً مرّةً / بكفّي أرَيْتُك كيف اِنتقامي
وإمّا ضربتَ بحدّي الرؤوس / ضربتَ بغير البَليدِ الكَهامِ
وإنّ لسانِيَ في الذَّبَّ عن / ك يجري متى شئتَ مجرى حسامي
فَخُذها فَكَمْ كَلِمٍ قد قَصُرْ / نَ أغنيننا عن طويلِ الكلامِ
كأنّ نَشاها نَشا روضةٍ / وَإِلّا فَرائحةٌ من مُدامِ
لَها رَتَكٌ في جميعِ البلادِ / كما أرْتَكَتْ جائلاتُ النّعامِ
فلا تستمعْ إنْ سَمعتَ القريضَ / سِوى ما أنظّمهُ من كلامي
سَلامٌ وَلا زلتَ ملآنَ مِنْ / تحيّتنا أبداً والسَّلامِ
ليس دارُ الزّوراءِ دارَ مُقامٍ
ليس دارُ الزّوراءِ دارَ مُقامٍ / وثراها حربٌ لماءِ الغَمامِ
وإذا ما نظرتَ لم تَرَ إلّا / نعمةً جمّةً لقومٍ لِئامِ
وبطيئين عن مزاولةِ الخي / رِ سِراعاً إِلى اِنتِهاكِ الحرامِ
كلُّ جارٍ لهمْ بغير وفاءٍ / وصديقٍ لَهُمْ بغيرِ ذِمامِ
وبمن حلَّ أرضَها كلَّ يومٍ / سَخطٌ دائمٌ على الأيّامِ
ليس فيها عيشٌ قصيرُ وساعا / تُك فيها الطّوالُ كالأعوامِ
وإذا ما طلبتُ فيها دواءً / لسَقامي فليس غيرُ سَقامِ
فضحاها مثلُ الدُّجى بمخازٍ / فاضحاتٍ وصبحُها كالظّلامِ
ومحلٌّ لا عهدَ فيه لمعرو / فٍ ولا عَرْجَةٌ على إنعامِ
قد كَرَعْنا منه ولا ظَمَأٌ في / نا من البَوِّ في بحورٍ طَوامِ
قد مضى شهرُ الصّيامِ
قد مضى شهرُ الصّيامِ / عارياً من كلّ ذامِ
صُمْتَ عن كلّ قبيحٍ / وأثامٍ وحرامِ
لا كقومٍ عن شرابٍ / صومُهمْ أو عن طعامِ
وأتى العيدُ بشيراً / بالتحيّاتِ الجِسامِ
وبظلٍّ لك ممدو / دٍ على هذي الأنامِ
ونُزوحٍ عن حذارٍ / وبلوغٍ لمرامِ
وقرارٍ وسرورٍ / وثباتٍ ودوامِ
يدع الأعداءَ ما بي / ن قعودٍ وقيامِ
كم مقامٍ لك فيه / للورى خيرُ مقامٍ
حيث ليس الأمر إلّا / للقنا أو للحسامِ
ومواضٍ تملأ البِي / د خليّاتٍ بهامِ
ما يُغادِرْنَ وقد دَحْ / رجن بيضاتِ النّعامِ
لك وجهٌ في الوغى يُش / رق ما بين القَتامِ
مثلما أشرق صبحٌ / بين أثناء الظّلامِ
كم أيادٍ لك في النّا / سِ كأطواق الحَمامِ
وعطاءٍ يُخجلُ الدَّر / راتِ من ماء الغَمامِ
وسُرىً في ظُلَمِ اللّي / لِ إلى فعل الكِرامِ
لم تزلْ تعدِلُ عن دا / رِ مَعابٍ ومَلامِ
غيرَ راضٍ من ظهور ال / عيسِ إلّا بالسَّنامِ
فاِفخَرِ اليومَ بأنْ لي / س مُناوٍ ومُسامِ
ما توازى أبداً بالن / نَبْعِ عِيدانُ الثُّمامِ
لا ولا الماضي من الأسْ / يافِ بالسّيفِ الكَهامِ
قل لقومٍ غرّه من / ه تَغاضٍ وتحامِ
واِزورارٌ عن مُكافا / ةٍ لجانٍ ذي اِجترامِ
ليس إطراقُ أُسودِ ال / غابِ إطراقَ النّيامِ
إنّما يخشى الّذي يع / جل عن طيشِ السِّهامِ
قد رأوا عاقبةَ الإبْ / قاء عاماً بعد عامِ
وإذا ما قيس فضلٌ / بانَ هَضْبٌ من شَمامِ
وجيوشُ الحكم كم أغْ / نين عن جيشٍ لُهامِ
لم تزلْ كفاّك فينا / بين عفوٍ واِنتقامِ
وَاِصطِناعٍ لكِرامٍ / وَاِمتناعٍ من مَضامِ
وَبلوغٍ في الأعادي / للأماني واِحتكامِ
وَاِجتِذابٍ من أُنوف ال / خَلْقِ صَغْراً بالزّمامِ
لا قَضى اللَّهُ لما أعْ / طاك إلّا بالتّمامِ
وثنى عنه سريعاً / كلَّ خَرْمٍ واِنثلامِ
وَاِختلالٍ واِنحلالٍ / وَاِنقطاعٍ وَاِنصرامِ
فَاِستَمعْها كلماتٍ / صادراتٍ عن غرامِ
وصريحٍ من ولاءٍ / وصفاءٍ كالمُدامِ
ناقعاتٍ إن حساهُن / نَ الفتى كلَّ أُوامِ
ما جرى إلّا ولائي / لك ما بين عظامي
وله منك رَضاعٌ / دام من غير اِنفطامِ
وإذا ناجاك مدحٌ / فاِطّرحْ عنّي كلامي
على الرَّبعِ رَبْعِ الرّاحلين سلامي
على الرَّبعِ رَبْعِ الرّاحلين سلامي / وإنْ هاج تسليمي عليه أُوامي
تذكّرتُ لمّا أنْ مررتُ على اللِّوى / بِأهلِ اللّوى وجدى وطول سَقامي
وما مكّنَ الحادون بِي من تَلُّومٍ / عليه ولا مَن حَطّ بعضَ لثامي
وساروا وقلبي من ورائي تلفُّتاً / وإنْ كان قصدُ النّاعجاتِ أمامي
وَما كنتُ من قبل الّذين ترحّلوا / أُقادُ إلى دار الهوى بزِمامِ
وَلمّا تَركنا الأثلَ من جَنَباتِنا / وأطربني منهنّ نَوْحُ حَمامٍ
رماني غزالُ الواديينِ بسهمِهِ / وطاشتْ وعندي الشَّيبُ عنه سهامي
وَما رابَهُ إلّا اِبيِضاضُ مفارقي / وأنّ صباحي في مكان ظلامي
نَفضتُ الصِّبا عن أمّ رأسي وقَلَّصَتْ / عن الغانياتِ شِرَّتي وعُرامي
فما لِيَ تعريجٌ بذاتِ قلائدٍ / ولا لِيَ إلمامٌ بذاتِ خِدامِ
فَكَم بين أنّي رُقْتُهنّ بفاحمي / وبينِيَ لمّا راعهنّ ثَغامي
أقول وقد خلّفتُ سَلْعاً لناقتي / وزفرتُها موصولةٌ ببُغامِ
وَحنّتْ كما حنّ الأباءُ محرَّقاً / تلاطمُهُ النّكْباءُ أيَّ لِطامِ
فؤادِيَ مشتاقٌ ودمعِيَ جامدٌ / وأنتَ بلا شوقٍ ودمعُك هامِ
وليس بمغنٍ في سوادِ جوانحٍ / لقلبك من وَجْدٍ بياضُ لُغامِ
قِفِي بي على الزَّوراءِ في خير موقفٍ / وَعوجي بِنا منها بخير إمامِ
فما لَكِ إنْ بلَّغْتِنِيه مشافِرٌ / يعُدنَ إلى قطع المدَا بخطامِ
ولستُ أُبالي كيف أصبحتِ بعدها / أَجبَّاءَ أم كَوْماءَ ذاتَ سَنامِ
وَقد عَلِقَتْ كفَّيَّ بالنّبعِ من مُنىً / فما أنا أُمْنى بعدها بثُمامِ
فقولوا لِمَلْكِ النّاس عنِّيَ قولةً / إذا قلتُها لم أخشَ فيه مَلامي
أَلستَ الّذي لولاه لم يكُ ركنُنُا / بركنٍ ولا مدعومُهُ بدعامِ
وَلَولا الّذي نظّمتَهُ منه جاهداً / لغُودِر محلولاً بغير نظامِ
ولا كان منّا غيرُ حائمِ قفرةٍ / يلوذ على حرّ الصَّدى بحيامِ
فأين ملوكُ الأرضِ منك وأين مِنْ / تَبَلُّجِ إصباحٍ سوادُ ظلامِ
وأيُّ مليكٍ قبلك اليومَ قادرٌ / مضى لم يطُفْ فيه بَربْعِ أثامِ
وأيُّ حلالٍ قبلما أنت فاعلٌ / رأيناهُ لم يمزِجْهُ بعضُ حرامِ
وَأَنتَ الّذي أَوْلَيتنا النّعمَ الّتي / تركْن كِرامَ النّاسِ غيرَ كِرامِ
وقد جرّبوا منك الحفيظةَ حيثما / دُعيتَ إليها والعيونُ سوامِ
لدَى ساعةٍ ما إنْ بها متحكِّمٌ / سوى ذابلٍ لَدْنٍ وحدِّ حُسامِ
وأنت على جَنْبَيْ سريعٍ إلى المدَا / كأنّك منه فوق ظهرِ شَمامِ
وللخيلِ إمّا من نَجيعٍ براقعٌ / وإلّا عثارٌ في الصّعيد بِهامِ
يثرنَ خفافاً في الوغى فكأنّما / شَلَلْتَ على دَوٍّ قطيعَ نَعامِ
وَحولكَ طلّاعون كلَّ ثَنِيَّةٍ / إلى الموتِ ورّادون كلَّ حِمامِ
إذا قُذِفوا في حَوْمَةٍ فكأنّما / تَضَرَّمُ منه قَفْرُها بضرامِ
تراهمْ كراماً بالنّفوسِ لدى الوغى / ولكنّهمْ في الحربِ جِدُّ لِئامِ
جعلتُك حِصْني يوم خوفي من الأذى / وتُرساً من الأعداء يوم أُرامي
فأنتَ سِناني يوم طعنِيَ في الكُلى / وأنت حُسامي إن سلَلْتُ حسامي
ولستُ أُبالي بعد أن إِبْتَ بالّذي / تريع جروحي عنده وكِلامي
وإنّ عَنائي في هواك لَراحةٌ / وَإِنّ اِنتِقاصي في رضاك تمامي
وَعَن كُلَّ شيءٍ تَجتَويهِ طرائدي / وفي كلِّ شيءٍ ترتضيهِ حِيامي
وما ضرّني لمّا شَرِبتُك أنّني / غَرَفتُ فلم أشربْ كؤوس مُدامِ
وَلا أنّ كفّي لم أَنُطْها بِعصْمَةٍ / من النّاس أطواراً وأنت عصامي
وحوشيتُ أَنْ ألقى سواك مُمَلَّكاً / هوايَ ومعطي باليدين غرامي
فإنْ تكُ أسبابٌ لديك ضعيفةٌ / فأسبابُ قربي منك غيرُ رِمامِ
فلا حان يومٌ منك فيه قطيعتي / ولا آن وقتٌ فيه منك صِرامي
ولا اِطُّرِحَتْ إلّا برَبْعِك أرحُلي / وَلا كانَ إلّا في ذُراك مقامي
وأيُّ كلامٍ لم يكنْ بمفَاخرٍ / سبقت بها سِلْكاً فليس كلامي
وهُنِّيتَ يومَ المِهْرَجانِ فإنّه / كفيلٌ بما تهوى بكلِّ مَرامِ
يبشّرنا فيما نرى بإقامةٍ / وفي نعمٍ أُلْبِستَها بدوامِ
وَما جاءنا إلّا بِأَسعدِ طالعٍ / وَلا زارَنا إِلّا بأفضلِ عامِ
ومهما تَدُمْ فالعينُ فيه قريرةٌ / وكلُّ غصونٍ للأنامِ نوامِ
ألا قلْ للوزير مقالَ مُثْنٍ
ألا قلْ للوزير مقالَ مُثْنٍ / بما يولي من المِنَنِ الجِسامِ
أبي سعدٍ ومن لولاه كانتْ / أمورُ العالمين بلا نظامِ
أنِفْتُ تفضُّلاً من أنْ يُرى لي / مديحٌ سار في قومٍ لِئامِ
ولو أنّي جريتُ على اِختِياري / وكانتْ راحتي فيها زِمامي
لما عرّجتُ إِلّا عَن لِئامٍ / وَلا عرّستُ إِلّا في كِرامِ
ولكنّ التَّقِيَّةَ لم تزلْ بِي / تقود إلى فعالٍ أو كلامِ
عَنِ القومٍ الّذين على هداهمْ / بقولٍ في حلالٍ أو حرامِ
تلقّينا مجاملةَ الأعادي / وَفي الأحشاءِ وَقْدٌ كالضّرامِ
ولولا ما تراه سمعتَ قولي / وَكَم بُليَ المُفَوَّهُ بالكِمامِ
وإِنّي راقبٌ زمناً وشيكاً / يَبينُ به الصّباحُ من الظّلامِ
أَقول إذا أردتُ بلا اِتّقاءٍ / وآتي ما أشاءُ بلا اِحتشامِ
فعيشُ المرء لا عَبِقاً بسُؤْلٍ / وَلا جَذِلاً بشيءٍ كالحِمامِ
هو الزّمنُ الّذي ما صحّ يوماً / لعانٍ في يديه من السَّقامِ
جَموحٌ بين أضدادٍ فنَحْسٌ / بلا سَعْدٍ وصبحٌ في ظلامِ
وَما يَسطيعُ فَرْقاً فيه إِلّا / قليلٌ بين عَضْبٍ أو كَهامِ
وَقَد عَشِيَتْ عيونٌ فيه عن أَنْ / تميّز بين نَبْعٍ أو ثُمامِ
وكلُّ مقالةٍ قيلتْ دفاعاً / لشرٍّ فهي صِفْرٌ من ملامِ
ومن لا فضلَ فيه ولا خِلالٌ / تقدّم ما يقدّمه كلامي
فما الأقدامُ تُعْدَلُ بالهوادي / ولا خُفٌّ يُسَوّى بالسّنامِ
ومَن هو ناقصٌ لم يدنُ يوماً / بتفضيلٍ إلى دارِ التَّمامِ
وَمدحُك لاِمرئٍ كَذِباً هجاءٌ / وطيفٌ زار في سُكْرِ المنامِ
وَلَو أَنّا عَددنا كلَّ نابٍ / عن الحُسنى حقيقٍ بِالملامِ
لكان النّاسُ كلُّهم سواءً / وأخرجناك من كلِّ الأنامِ
فمدحُك دون كلِّ النّاسِ حِلٌّ / وفي باقي الورى كلُّ الحرامِ
عليك أَميرَ المؤمنين سلامي
عليك أَميرَ المؤمنين سلامي / وفي يدك الطُّولى زِمامُ غرامي
وأَنتَ الّذي لمّا بلغتُ ديارَه / بلغتُ المُنى عفواً ونلتُ مَرامي
ولم يك لي إِلّا عليك توكُّلِي / وَلا كانَ إِلّا في ذُراك مقامي
وحبُّك ثاوٍ في سوادِ جوانحي / وأَنت صباحي في سوادِ ظلامي
ولمّا وردتُ العِدَّ في عزّك الّذي / به الشَّرفُ الأقصى بلَلْتُ أُوامي
ولستُ أُبالي من لِمامِ عظيمةٍ / أَمامي بها دون الأنامِ إمامي
وما لي اِلتِفاتٌ بعد أنْ كنتَ جُنَّتِي / إلى مَنْ رماني عامداً بسهامِ
وَما شقّت الأوطار إِلّا بلغتُها / بكلِّ صهيلٍ تارةً وبُغامِ
ومحتقرين للدّؤوبِ كأنّهمْ / سِراعاً إلى القِيعانِ فوق نَعامِ
إِذا اِلتَفّ مِنهمْ واحدٌ بقبيلةٍ / فَقَد لَفّ نبعٌ منهمُ بثمامِ
وإِنْ قُذِفوا في حَوْمةٍ فكأنّما / قذفتَ يَبيساً من غَضاً بضرَامِ
كأنّهمُ لم يعرفوا الموتَ جُرأةً / عليه ولا وارَوْا فتىً برِجامِ
فَقُلْ للّذي يَبغي مساماةِ هاشمٍ / وقد فَضَلوا في الفخر كلَّ مُسامِ
وفيهمْ شعارُ الدّين يجري ومنهمُ / كما شاهد الأقوامُ كلُّ هُمامِ
وقد ملكوا الأرضَ العريضةَ كلَّها / وقادروا عرانين الورى بخطامِ
عدلتَ بحصباء الثّرى أنجُمَ العُلا / وسوّيتَ ظُلْماً جُثَّماً بقيامِ
فأين ضياءٌ ساطعٌ من ظلامِهِ / وأين سماءٌ من حضيض رَغامِ
فللّه أيّامٌ مضين وأنتُمُ / تخوضون فيها الخيلَ لُجَّ قَتامِ
وللخيلِ إمّا بالجسومِ طريحةً / عِثارٌ وإمّا بالصّعيدِ بهامِ
وما إنْ ترى في ذلك الحين آمراً / مطاعاً سوى رمِحٍ وحدِّ حُسامِ
ولمّا أردتمْ فصلَ ما كان مُلبِساً / ضربتمْ لُهاماً في الورى بلُهامِ
وما زلتُمُ حتى أخذتمْ تراثَكم / وأنتمْ كرامٌ من أكفّ لئامِ
وَطارَ الّذي لا خيرَ فيه كأنّه / عقيبَ اِنبلاجِ الصّبح طيفُ مَنامِ
وحقُّكُمُ في النّاس ما كان خافياً / ولكنْ تغابٍ دونه وتَعامِ
وفُزتُم به من غير أنْ تتدنّسوا / بعارٍ وأنْ تُقْذَوْا عليه بذامِ
فللّه ما قاسيتُمُ من شديدةٍ / وداويتُمُ في اللَّه أيّ سَقامِ
وعرّضتُمُ أجلادكمْ في حفيظةٍ / لكلِّ كُلومٍ صَعْبةٍ وكَلامِ
وحُمِّلْتُمُ الأعباءَ وهي ثقيلةٌ / وكم من ثقيلٍ فوق ثِقْلِ سِلامِ
وإنْ كنتُمُ عُرِّيتُمُ من مقامكمْ / زماناً فكم صُدَّ الضُّحى بظلامِ
فَواديكمُ والحمدُ للّه مُفْهقٌ / من العزّ فينا والبحورُ طوامِ
وأنتمْ كما شئتُمْ وشاء وليُّكمْ / ودمعُ الّذي يُشجى بذلك هامِ
وبالقائمِ الماضي الشّبا قامتِ العُلا / وهبّتْ عيونٌ بعد طول مَنامِ
ولولاه كنّا مثلَ نَهْبٍ مقسَّمٍ / وَلَيسَ لَنا في ذي الأذيّة حامِ
هَنيئاً بِهَذا العيد يا خيرَ مفطرٍ / كما كنتَ عصرَ اليومِ خيرَ صيامِ
فإنْ تركوا مآكلاً ومشارباً / فإنّك ترّاكٌ لكلّ حَرامِ
وإنْ جانبوا بعضَ الأثامِ تورُّعاً / فَأنتَ الّذي جانبتَ كلَّ أَثامِ
وَإِنْ خَشَع الأقوامُ يوماً لربّهم / فأين خشوعٌ من خشوع شَمامِ
فلا زلتَ طلّاعاً لكلِّ ثنيَّةٍ / من العمرِ سبّاقاً لكلّ حِمامِ
وإن لم يدمْ شيءٌ فمُتّعتَ بالّذي / به أنتَ مشغوفٌ بكلّ دوامِ
وبُلّغتَ من ذُخرِ النُّبُوّةِ كلّما / تُرامِي وعنه بالنّضالِ تُحامي
فبشّرْ بوالي العهدِ قومَك عاجلاً / فَلا طَرْفَ إلّا نَحو ذلك سامِ
وَلا اِجتازَ ثَلْمٌ لم تَرِدْهُ بريبةٍ / ولا مرّ نقصٌ محتوٍ بتمامِ
وَلا اِعتلَّ شيءٌ كان فيك مُصحَّحاً / ولا اِنحلَّ منكَ الدَّهرَ سلكُ نظامِ
وإنْ أجدبتْ أجراعُ قومٍ فلا يزلْ / جنابُك ممطوراً بكلّ غَمامِ
فَلا تَحفِلَن إلّا بما أنا قائلٌ / ولا تسعمنْ في المدحِ غير كلامي
ونُصحُكمُ فرضٌ فدونك قولةً / حططتُ لها حتّى أقولَ لِثامي
لَقَد ظَفِرت أيّامُكُم بِمُحمَّدٍ / بماضٍ حديدِ الغَرْب غيرِ كَهامِ
فخدمتُهُ أغنتكُمُ وهو واحدٌ / وكم واحدٍ أغنى غَناءَ أنامِ
فضمّا عَليه باليدين فإنّه / مَلِيٌّ كَما نهوى بكلِّ مَرامِ
وَليسَ سعودُ المرء إلّا رضاكُمُ / وإنْ لم يَطُفْ منكمْ برَبْعِ مَلامِ
خدمتُكمُ والرَّأسُ منّيَ فاحمٌ / وها الرّأسُ مُبَيضُّ الذُّرا كثَغامِ
وَلَم تَظفروا منّي بِهَفوةِ عامدٍ / تطأطئُ رأسي أو تجرّ مَلامي
فمَغْنىً جفوتمْ لا وطأتُ تُرابه / ولا ضُربتْ يوماً عليه خيامي
وما لِيَ تعريجٌ بغير شعابكمْ / ووادٍ حللتمْ فيه دارُ مقامي
وعنكمْ ضرابي او طعانِيَ في العِدا / وفيكمْ جِدالي كلُّه وخصامي
فلا زلتُ موقوفَ الغرامِ عليكمُ / إلى أنْ أَزورَ تربتي بحِمامي
وعَقْرُكمُ لا كان منه ترحُّلِي / ودرُّكُمُ لا كان منه فطامي
وإنِّيَ منكمْ وُصْلَةً وولادَةً / وفي حبّكمْ لا زلت عنه مسامي
وسِيطَ بلحمي وُدُّكمْ ثمّ رُوِّيَتْ / عظامِيَ منه وهي غيرُ عظامي
وذكرُكُمُ زادي وقوتِيَ في الورى / ومثلُ شرابي طعمُهُ وطعامي
مِن أين لِي مُعْدٍ على الأيّامِ
مِن أين لِي مُعْدٍ على الأيّامِ / ومعالجٌ فيهنَ طولَ سقامي
أو ضامنٌ لِي أن أُعمّر ساعةً / والموتُ من خلفي ومن قُدّامي
ما لي بما تقضي اللّيالِي طاقةٌ / يا صاحِ في نَقْضٍ ولا إِبرامِ
عصف الرّدى بأقاربي وأصاحبِي / وَاِلتَفّ بالآباءِ والأعمامِ
وَاِجتَثَّ إِخواني مَعاً وقبائلي / وَاِجتذّ نَبْعي تارةً وثُمامي
وأَباتَنِي صِفْرَ الأناملِ من أخٍ / آوي إليهِ أوْ أبلُّ أُوامي
وأرى من الأقوام لمّا أنْ مُحُوا / بيد الرّدى ما حلّ في أقوامي
كم ضلّ عنّي ما أحاول واِهتدى / داري الّذي لم يجر في أوْهامي
وأتى النّجاحُ فتىً وما أنْ سامَهُ / وَمضتْ بخيبتِها يدُ المُستامِ
هَل نَحنُ في الأيّام إِلّا معشرٌ / صُمٌّ بلا فهمٍ ولا إِفهامِ
وكأنّنا فيها نَحُزُّ جلودَنا / حَزَّ المُدى لحماً على أوضامِ
نهوى وِصالَ مَلولَةٍ قطّاعةٍ / ونريد مثوى غير ذاتِ مقامِ
وَأُريد لِي فيها دواماً كاذباً / ما تمَّ في أحدٍ وأين دوامي
والمرءُ في هذي الحياةِ مُحكِّماً / يُمناهُ بين تصامُمٍ وتَعامِ
في أسرِ تقتيرٍ مكانَ تكرُّمٍ / أو قهرِ إقدامٍ مكانَ تحامِ
وَتَقودُه ذُلّاً وصَغراً مَذقَةٌ / من خائلٍ أوْ وَدْقَةٌ لجهَامِ
وَلَنا النّهى وكأنّنا في غَفلةٍ / في هذه الدّنيا من الأنعامِ
نَبكي عَلى الدنيا وَمِنها دَهرنا / فالجَفْنُ منها أو عليها هامِ
ورضاعُها لا دَرّ دَرُّ رضاعها / فهو البليّةُ في جوار فطامِ
وَكأنّما العمرُ الطّويلُ إِذا اِنقضى / طيفٌ رأَتْه مُقلةٌ بمنامِ
ويغرّني فأظنّ أنّي خالدٌ / ما طالَ أَو ما اِمتدّ من أعوامي
وإذا وعظتُ بمن أُصِبتُ من الورى / فحِمامُ كلِّ العالمين حِمامي
كم ذا فرجتُ شدائداً ودفعتُها / بالرّمحِ آونةً وبالصّمصامِ
ورقيتُ في الآدابِ كل ثنيّةٍ / وعلَوْتُ في الأطلاب كلَّ سَنامِ
حتّى إذا أمّ الحِمامُ زيارتي / لم يُنجِ إسراجي ولا إِلْجامي
لا بدّ للسّاري دُجىً من وقفةٍ / والنّاطقين بنا من الإرْمامِ
والصّاعدين على الورى فوق الرُّبى / من أن يُحَطّوا عن ذُرا الأعلامِ
وَمُصيبةٍ غطّتْ عليَّ بَصيرَتي / ورمتْ ضياءَ جوانحي بظلامِ
وغفلتُ عنها والرّزايا زُوَّرٌ / ساحاتِ أيقاظٍ ورَبْعَ نيامِ
وتسلَّمتْ وَسَنَ الكَرى من مُقْلَتِي / وتناولتْ خَفْضِي من الأيّامِ
وتقطّعتْ عِصَمِي وكان حلولُها الس / سَبَبَ القويَّ إلى اِنحلالِ نظامي
ولقد هفا قلبي بها وَلَعثرَةٌ / بِالقَلبِ تُنسي عَثْرةَ الأقدامِ
قُلْ لِلوزيرِ وَقَد حسا مِن حَرّها / لمّا أتَتهُ غَير كَأسِ مُدامِ
حوشيتَ من حزنٍ عقيبَ مسرَّةٍ / فينا ومن نقصٍ بُعَيدَ تمامِ
وَإِذا خَطاك الدّهرُ لم يجتزْ بما / لا نرتضيه فما عليه ملامي
وَإِذا اِلتَوَتْ عن ساحتيك صُروفُهُ / عفواً فقد فُزنا بكلّ مَرامِ
وإذا بقيتَ مُسلّماً فَلَهيِّنٌ / مَن بات حَشْوَ جنادلٍ وسِلامِ
وإذا صححتَ من الكُلومِ فدع بنا / مَن شئتَ مجروحاً بكلّ كِلامِ
وإذا السَّراةُ تَخصَّصَتْ وتمنّعَتْ / فدعِ الشّوى تُرمى بأيّ سِهامِ
فَاِصبِرْ لَها وإنِ اِرتَمَت فطالما / يَزداد في اللّأواء صبرُ كِرامِ
وإِذا جزعتَ فكيف يصبر معشرٌ / ما فيك ليس بهمْ من الأحلامِ
ولَربّما أثِمَ الحزينُ ولم تزلْ / فينا عَرِيَّ الكفِّ من آثامِ
أَنتَ الّذي لمَّا نزلنا شِعْبَه / لُذنا بهَضبَي يَذْبلٍ وشَمامِ
وإِذا تقاسمتِ الرّجالُ وكان في / قسمٍ فذلك أوْفرُ الأقسامِ
وَإِذا اِحتبى فَعلى السّكينةِ والنُّهى / وَإِذا اِختَطى فإِلى المحلِّ السامي
وَمكارمٌ مَشكورةٌ حينَ اِفتَدتْ / فينا طويلَ لِزامها بِلمامِ
وليُسلَ عنه إنّ آخذَه الّذي / أَخَذَ الشُّبُولَ ردىً من الضِّرغامِ
أَنَا مُقتدٍ بك في الأمور وضاربٌ / أنّى حللتَ من البلادِ خيامي
وإذا حللتَ أسىً حَلَلْتُ وإن تُرِدْ / صبراً صبرتُ وفي يديك زِمامي
وبحسبِ ما ترجو قعودِيَ وادعاً / وبحسب ما تخشى يكون قيامي
وضربتُ منك بحدّ عَضْبٍ قاطعٍ / لمّا ضربتُ من الورى بكَهامِ
لا تُنكِرَنْ مَيْلِي إذا ما مِلْتُ في / صَعْبٍ يلمُّ وأنتَ فيه دِعامي
فَجميعُ أَعضاءِ الرّجالِ تصرُّفاً / طولَ الزّمانِ توابعٌ للهامِ
كلُّ الوصائِلِ يُقتَطعنَ على الفتى / إلّا وِصالَ محبّةٍ وغرامِ
يا آلَ عبّاسٍ ومَن لولاهُمُ / كنّا بلا سُرُجٍ على الإظْلامِ
إنْ يمضِ منكمْ شيخُكمْ فلَفَحلكم / باقٍ لكمْ ولنا على الأعوامِ
وَلْيُلْهَ عن ماضٍ مضى ثاوٍ ثوى / وليُسْلَ عن نهرٍ ببحرٍ طامِ
وإذا ذوى غصنٌ فلا جزعٌ وقدْ / أبقى لنا الأصلَ الأشمَّ السّامي
لم يمضِ عنّا من مضى وظلامُهُ / لِتَهجُّدٍ ونهارُهُ لصيامِ
صلّى الإلهُ على الّذي قَنَصَ الرّدى / وعلى ثراه تحيّتِي وسلامي
ولْتَبْكِ فيه غُدْوَةً وعشيّةً / في كلِّ يومٍ عينُ كلِّ غمامِ
فلقد مضى صِفْرَ الحقيبةِ من قذىً / عُرْيانَ من دَنَسٍ وثوبِ حَرامِ
أرضى بطاعتِهِ الصّباحَ ولم يكن / يوماً عليه ملامةٌ لظلامِ
فَلَقَلَّ فيه رعايةً لحقوقِهِ / ما سيّرتْ أو سطّرَتْ أقْلامِي
هلِ الشيبُ إلّا غُصّةٌ في الحَيازِمِ
هلِ الشيبُ إلّا غُصّةٌ في الحَيازِمِ / وداءٌ لرّباتِ الخدور النّواعمِ
يَحِدْنَ إذا أبصَرْنَه عن سبيلهِ / صُدودَ النّشاوى عن خبيث المطاعمِ
نعمّمتُهُ بعد الشّبيبةِ ساخطاً / فكان بياضُ الشّيبِ شرَّ عمائمي
وقُنّعتُ منه بِالمَخوفِ كأنّني / تقنّعتُ من طاقاتِهِ بالأراقمِ
وهيّبني منه كما هاب عائجٌ / على الغابِ هيباتِ اللّيوثِ الضّراغمِ
وهدّدني في كلّ يومٍ وليلةٍ / سَنا وَمْضِهِ بالقارعاتِ الحواطمِ
كفانِيَ عُذّالي على طرْبَةِ الصِّبا / وقام بلَوْمٍ عِفْتُهُ من لوائمي
وقصّر عنِّي باعُ كلِّ لَذاذَةٍ / وقصّر دوني خَطْوُ كلِّ مُخالِمِ
فواللَّهِ ما أَدري أَصُكَّتْ مفارقي / بِفِهْرِ مَشيبٍ أوْ بفهرِ مُراجِمِ
ولمّا سقانِيهِ الزّمانُ شربتُهُ / كما أُوجِرَ المَأْسورُ مُرَّ العلاقمِ
حَنَتْنِيَ منه الحانياتُ كأنّني / إذا ظَلْتُ يوماً قائماً غيرُ قائمِ
وَأَصبحتُ يُستَبْطى مُثُولِي ويُدَّعى / وَما صدقوا فيَّ اِختلالُ العزائمِ
فَلا أَنا مَدعوٌّ ليومِ تَفاكُهٍ / ولا أَنَا مرجُوٌّ ليومِ تخاصمِ
فلا تطلبا منّي لقاءَ محاربٍ / فَما أَنا إِلّا في ثيابِ مُسالِمِ
وَلا تَدفَعا بي عنكما غُشْمَ غاشمٍ / فإنِّيَ في أيدي المشيبِ الغواشمِ
فَلو كُنتُ آسو منكما الكَلْمَ ما رأتْ / عيونُكما عندي كُلومَ الكوالِمِ
وإنّي أميمٌ بالمشيبِ فخلِّيا / ولا تطلبا عندي علاجَ الأمائِمِ
مشيبٌ كخَرْقِ الصُّبحِ عالٍ بياضُهُ / بُرودَ اللّيالي الحالكاتِ العوارمِ
وتطلع في أُفقِ الشّبابِ نجومُهُ / طلوعَ الدَّرارِي في خلالِ الغمائمِ
كأنِّيَ منه كلّمَا رمتُ نهضةً / إلى اللّهوِ مقبوضُ الخُطا بالأداهمِ
تُساندنِي الأيدي وقد كنتُ برهةً / غنيّاً بنفسي عن دِعامِ الدّعائِمِ
وَأخشَع في الخطبِ الحقير ضراعةً / وقد كنت دفّاعاً صدورَ العظَائمِ
وقد كنتُ أبّاءً على كلّ جاذِبٍ / فلمّا علاني الشّيبُ لانَتْ شَكائمي
ولمّا عراني ظِلُّهُ وحملتُهُ / أنِسْتُ على عَمْدٍ بحَمْلِ المظالِمِ
فلا ينغُضَنْ رأسي إلى العزّ بعدما / تجلّلهُ منه مُذلُّ الجماجمِ
فيا صِبغَةً حُمِّلتُها غيرَ راغبٍ / ويا صبغةً بُدِّلْتُها غيرَ سائمِ
ويا زائري من غير أن أستزيرهُ / كما زِيرَ حَيْزومُ الفتى باللّهاذِمِ
أقِمْ لا تَرِمْ عنّي وإنْ لم تكنْ هوىً / فكم قد سَخِطْنا فَقْدَ غيرِ مُلائمِ
فمن مبدِلي من صبحِهِ بظلامِهِ / ومَن عائِضِي عن بِيضهِ بالسّواهمِ
ومن حاملٌ عنّي الغَداةَ غرامهُ / وقد كنتُ نهّاضاً بثِقْل المغارِمِ
فيا بيضَ بِيضَ الرّأْسِ هل لِيَ عَوْدَةٌ / إلى السُّودِ من أغياركُنّ الفواحمِ
تنازحنَ بالبِيض الطّوالعِ شُرَّداً / كما شرّد الإصباحُ أحلامَ نائِمِ
ويا فجرَ رأسي هل إلى ليلةِ المُنى / سبيلٌ وكرّاتِ المواضي القوائمِ
ليالِيَ أُفدى بالنّفوسِ وأرتدي / من البِيض إِسعافاً ببيضِ المعاصِمِ
فإنْ كان فقداني الشبيبةَ لازماً / فحُزْني عليها الدّهرَ ضربةُ لازمِ
وإنْ لم يكنْ نَوْحي بشافٍ وأدمعي / فدمعُ الحيا كافٍ ونوْحُ الحمائمِ
خلِّ عنها مَنيحةً للّئامِ
خلِّ عنها مَنيحةً للّئامِ / واِسلُ عمّا يُسيلُ سُحْبَ المِلامِ
وتعلّمْ كلَّ الّذي أنت مُحتا / جٌ إليه في هذه الأيّامِ
أين أُخطِي صوابَها والتّجاري / بُ جُثومٌ خلفي ومن قُدّامي
بِبيانٍ يسري بِرأيٍ مُصيبٍ / كالسُّرى بالمصباحِ في الإظلامِ
خُلِقَ المرءُ ناقصاً وهو يُدمِي / أَظهُرَ العِيسِ في اِبتغاءِ التَّمامِ
من رأى اللَّهُ أَن ينوط به الحا / جَ فليس الغِنى له بِمرامِ
ومُعنّىً بسدِّ طُرْقِ المنايا / وهو ملقىً على طريقِ الحِمامِ
قد مضى باطلي وأقشع عنّي / وتجلّتْ جهالتي وعُرامي
وتناسيتُ ما تقولُ لِيَ الشّر / رةُ والشيبُ لامعٌ في ظلامِي
فعدولِي عن الهوى وصُدوفي / وعكوفي على النُّهى ومُقامي
وأطعتُ النَّصيحَ من بعد أن كُنْ / تُ على النُّصْحِ خالعاً لِلجامي
وتجافيتُ طائعاً مَسْرَحَ اللّهْ / وِ ومجنَى المُنى ومخبَى اللِّئامِ
وأَعَدْتُ العُفاةَ بالجاهِ والما / لِ يجرّون بُردَةَ الإنعامِ
وتعلّمتُ أنّما زَوْرَةُ الآ / مالِ فينا كزَوْرَةِ الأحلامِ
ومُقامي من الخلائف في يو / مِ اِجتماعِ الوفود خيرُ مقامِ
ما لِغيري مثلُ الّذي لِيَ منهمْ / من صنوفِ الإعظامِ والإكرامِ
لم يزالوا ولن يزالوا مُشيدي / نَ محلّي ومُجْزلي أَقسامي
ومُهيبين بي وقد عَنَتِ الشُّو / رى إلى الرّأي في الأمورِ الجسامِ
وإذا ما حكمتُ في الأمر سدّوا / طرُقاتِ الخروجِ عن أحكامي
ويَعافون كلَّ وِرْدٍ به الري / يُ إذا كان لا يَبُلُّ أُوامِي
ويردّون سَرْحَهُمْ عن جميع ال / قاعِ ما لم يكن به أَنْعامِي
وتُخَلّي أَكفُّهمْ مُحْصَداتِ الش / شرِّ ما لم يكن بهنّ اِعتِصامي
ملكوا رِبْقَتِي لِما سيّروهُ / من لُصوقي بودّهمْ واِلتزامي
فلهمْ إنْ عفوتُ يوماً عن الذّنْ / بِ وَمِن أَجلهمْ يكونُ اِنتِقامي
وَإليهمْ إِذا تحيّز أقوا / مٌ بقومٍ تحيُّزي واِنضمامي
وتخصّصتُ بالملوكِ يلبُّو / ن نِدائي ويسمعون كلامي
وإذا ما ذممت يوماً عليهمْ / في عظيمٍ أمضَوْا هناك ذِمامي
ومتى أعْضَلَتْ خطوبٌ صِعابٌ / أَو وَهى للملوك سِلْكُ نظامِ
جعلوني دليلَهمْ في ضَلالٍ / مُوقَدٍ أو صباحَهمْ في ظلامِ
كم كفيتُ الكُلومَ بالكلمِ الغُر / رِ وحدَّ السُّيوفِ بالأقلامِ
قد رأَوْا يومَ هيّجوا ملك البَصْ / رَةِ كَفِّي له عن الإقدامِ
بعد أنْ أزمعَ اللّقاءُ وأهوى / لاِقتِناصِ الطُّلى هَوِيَّ القَطامِي
وتراءتْ للنّاسِ شنعاءُ صَمّا / ءُ تجوبُ الدُّجى بغير خِطامِ
قلّدوني إصلاحَها ورَمَوْا بي / طلبَ السِّلمِ في صعابِ المرامي
فَتَلافيتُ دَرأَها باِعتِدالي / وَدَعمت اِعوِجاجها بدِعامي
وَأَعَدْتُ الصّفاءَ من بعد أنْ كا / ن مسوقاً من قبضةِ المُستامِ
كَيفَ يَبغِي شَأوي وقد ملك الفو / تَ عَثورُ الخُطا قصيرُ المَرامِ
وغبيٌّ يَخال وهو ورائي / أنّه من فضيلةٍ مِن أمامي
لَيس ذَنبي عليه غيرَ زيادا / تي عليه ونقصَه عن تمامي
قد خصمتُ الّذين مدّوا إِلى الفخ / ر طماحاً بقطع كلِّ خصامِ
لم يُصبني بالسُّوءِ رامٍ وكم أصْ / مى وأَردى بما يُعابُ الرّامي
غُرِسَتْ في ذُرا الفخار أُصولي / وفورعي خُضْرُ الغصونِ نوامِ
فَدَعُوا للشّجاع مَطْواه في الوا / دي وخلّوا العرينَ للضِّرْغامِ
فَلئن غرّكمْ صُموتي فكم صِل / لِ فَلاةٍ يَهُبّ بعد مَنامِ
ليس بيني وبين أوّلِ قومي / غيرُ بَرٍّ أوْ مُرْسَلٍ أو إِمامِ
أوْ عظيمٍ مؤهَّلٍ لخطوبٍ / شامساتٍ أوْ حادثاتٍ عِظامِ
بحُلومٍ مثل الصُّخورِ رِزانٍ / ووجوهٍ مثلَ البُدورِ تَمامِ
أَرِجي الذِّكرِ طيّبي النَّشرِ بسّا / مين من كلِّ باسلٍ بسّامِ
ليسَ فيهمْ إِلّا الرئيسُ على الأش / ياخِ طُرّاً والسِّنُّ سِنُّ الغُلامِ
خَلَفوا الغيثَ في المحولِ وكانوا / في البرايا الأرواحَ في الأجسامِ
وَإِذا ما الدّماءُ سِلْنَ وأَطرا / فُ العوالي هَمَتْ بموتٍ زُؤامِ
وَهَبوا العيشَ لِلمَماتِ وآبوا / بأُنوفٍ شُمٍّ عن الإرغامِ
وتسلَّوْا والعِرْضُ أَمْلَسُ لم يُدْ / مَ بِقَرْفٍ عن الجلودِ الدَّوامِي
وأَبى طعنُهمْ سوى ثُغرةِ النّحْ / ر وضربُ السُّيوفِ غير الهامِ
وإذا ما قرنتَهمْ بسواهمْ / بان ما بين تَلْعةٍ وشَمامِ
كان لَولايَ غائضاً مكرعُ الفق / هِ سحيقَ المدا وبحرُ الكلام
ومعانٍ شَحَطْن لُطفاً عن الأف / هامِ قرّبتُها من الأفهامِ
ودقيقٌ أبرزتُهُ بجليلٍ / وحلالٌ أبَنْتُهُ من حرامِ
كم لَدودٍ خصمتُهُ بجدالٍ / فكأنّي كَعَمْتُهُ بكَعامِ
وعنودٍ هديتُهُ بعد أنْ كا / نَ شَروداً عن سُنّةِ الإسلامِ
وطويلِ اللّسانِ صُبَّتْ عليه / بمقالي غمائمُ الإفحامِ
وبنثري والنَّظْمِ سارتْ إلى الآ / فاقِ شوسٌ يمدُدْن فضلَ زمامِ
قَد بَلغتُ الّذي أردتُ وَجاوَز / تُ طَويلاً تَمَنِّيَ الأقوامِ
ما أُبالي وقد رأيتُ بنفسي / ما ترجّتْ منّي بُدورَ حِمامِي
وإذا كنتُ في يَفاعٍ من العِز / زِ منيفٍ على ذُرا الأحلامِ
وتعرَّتْ مآزري وذُيولي / من عيوبٍ مذمومةٍ وأثامِ
فحياةٌ كميتةٍ ورحيلٌ / إنْ تدانى وشيكُهُ كمُقامِ
ربّ ذنبٍ يضيق عن مَسرَحِ العُذ
ربّ ذنبٍ يضيق عن مَسرَحِ العُذ / ر وجانٍ لا صفحَ عن إجرامِهْ
وحقيقٍ باللّومِ أخرَسَنِي الدَّه / رَ زماناً فلم أفُهْ بملامِهْ
وشتيتِ الظُّنونِ يحذر كلَّ ال / حِذْرِ من خلفِهِ ومن قُدّامِهْ
لم يَبِنْ لِي إقبالُهُ من تولّي / هِ ولم أدْرِ بُرْأَه من سَقامِهْ
كلّما ساءني بفعلٍ قبيحٍ / جاءني منه سرّني بكلامِهْ
يا دارُ دارَ الصُّوّمِ القُوّمِ
يا دارُ دارَ الصُّوّمِ القُوّمِ / كيف خلا أُفقُكِ من أَنجُمِ
عَهدي بها يرتع سكّانُها / في ظلِّ عيشٍ بينها أَنعَمِ
لم يُصبحوا فيها لوم يغبُقوا / إلّا بِكَأسَي خَمْرَةِ الأنْعَمِ
بَكيتُها مِن أَدمُعٍ لو أَبَتْ / بكيتُها واقعةً من دمِ
وعُجتُ فيها راثياً أهلَها / سَواهِمَ الأوصالِ والمَلْطَمِ
نَحَلنَ حتّى حالهنّ السُّرى / بعضَ بقايا شَطَنٍ مُبْرَمِ
لم يدعِ الإسآدُ هاماتِها / إلّا سَقيطاتٍ على المَنْسِمِ
يا صاحبي يومَ أَزالَ الجَوى / لحمي بِخدَّيَّ عن الأعظُمِ
داويتَ ما أَنت به عالمٌ / ودائِيَ المعضلُ لم تعلمِ
ولستُ فيما أَنَا صبٌّ به / مَنْ قَرَن السّالِيَ بالمُغرَمِ
وَجْدِي بغير الظّعنِ سيّارةً / من مَخْرِمٍ ناءٍ إلى مَخْرِمِ
ولا بلفّاءَ هضيمِ الحشا / ولا بذاتِ الجِيد والمِعْصَمِ
فَاِسمَعْ زفيري عند ذكر الأُلى / بالطَّفَّ بين الذّئبِ والقَشْعَمِ
طَرْحى فإمّا مُقعَصٌ بالقَنا / أَو سائلُ النّفسِ على مِخْذَمِ
نَثْرٌ كدُرٍّ بَدَدٍ مُهْمَلٌ / لغفلةِ السِّلكِ فلم يُنْظَمِ
كأنّما الغَبراءُ مَرْمِيَّةٌ / مِن قِبَلِ الخضراءِ بالأنجمِ
دُعُوا فجاؤوا كرَاماً منهمُ / كم غرّ قوماً قَسَمُ المُقسِمِ
حتّى رأوْها أخْرَياتِ الدُّجى / طوالعاً من رَهَجٍ أقْتَمِ
كأنّهمْ بالصُّمِّ مطرورةٌ / لمنجد الأرض على مُتهِمِ
وفوقها كلُّ مَغيظِ الحَشا / مُكتَحِلِ الطَّرْف بلون الدَّمِ
كأنّه من حَنَقٍ أجْدَلٌ / أرشده الحِرْصُ إلى مَطْعَمِ
فَاِستَقبلوا الطّعنَ إلى فِتْيَةٍ / خُوّاضِ بحرِ الحَذَرِ المُفْعَمِ
من كلّ نهّاضٍ بثِقْلِ الأذى / موكَّلِ الكاهلِ بالمُعظَمِ
ماضٍ لِما أمَّ فلو جاد في ال / هيجاءِ بالحَوْباءِ لم يندَمِ
وكالفٍ بالحربِ لو أنّه / أُطعِمَ يومَ السِّلمِ لم يطعمِ
مثلَّمِ السّيفِ ومن دونِهِ / عِرْضٌ صحيحُ الحدِّ لم يُثْلَمِ
فلم يزالوا يُكرعون الظُّبا / بين تراقي الفارسِ المُعْلَمِ
فمُثخَنٌ يحملُ شَهّاقةً / تَحكي لِراءٍ فُغْرَةَ الأعْلَمِ
كأنّما الوَرْسُ بها سائلٌ / أو أُنبتَتْ من قُضُبِ العَنْدَمِ
ومُستَزلٌّ بالقنا عن قَرا / عَبْلِ الشّوى أو عن مَطا أدْهَمِ
لو لم يكيدوهمْ بها كيدَةً / لاِنقَلبوا بالخِزْي والمَرْغَمِ
فَاِقتُضِبَتْ بالبِيضِ أرْواحُهمْ / في ظلّ ذاك العارضِ الأسْحَمِ
مصيبةٌ سِيقتْ إلى أحمدٍ / ورَهْطِهِ في الملأ الأعظمِ
رُزْءٌ ولا كالرُّزْءِ من قبلِهِ / ومؤلمٌ ناهيك من مؤلِمِ
ورميةٌ أصْمتْ ولكنّها / مُصمِيةٌ من ساعدٍ أجْذَمِ
قلْ لبني حربٍ ومَنْ جمّعوا / من جائرٍ عن رُشدِهِ أوْ عمِ
وكلِّ عانٍ في إسارِ الهوى / يُحسب يَقظانَ من النُوَّمِ
لا تحسبوها حُلْوةً إنّها / أَمَرُّ في الحلقِ من العَلْقَمِ
صرَّعَهمْ أنّهمُ أقدموا / كم فُدِيَ المُحْجِمُ بالمُقدِمِ
هَل فيكمُ إلّا أَخو سَوْءَةٍ / مُجَرَّحُ الجِلْدِ من اللُّوَّمِ
إنْ خاف فقراً لم يجُدْ بالنّدى / أو هاب وَشْكَ الموتِ لم يُقْدِمِ
يا آلَ ياسينَ ومَنْ حُبُّهمْ / مَنْهَجُ ذاك السَّنَنِ الأقومِ
مهابطُ الأملاكِ أبياتُهم / ومُستَقَرُّ المُنْزَلِ المُحكَمِ
فأنتُمُ حُجّةُ ربّ الورى / على فصيحِ النّطقِ أو أَعجمِ
وأين إلّا فيكُمُ قُرْبَةٌ / إلى الإلهِ الخالقِ المُنعمِ
واللَّه لا أخليتُ من ذكركمْ / نَظْمِي ونثري ومَرامِي فمي
كلّا وَلا أغْبَبْتُ أعداءَكُمْ / من كَلِمي طَوْراً ومن أسهُمي
ولا رُئِي يومَ مصابٍ لكمْ / مُنكشِفاً في مشهدٍ مَبْسَمِي
فإنْ أَغِبْ عن نصركمْ برهةً / بِمُرهفاتٍ لم أَغبْ بالفمِ
صلَّى عليكمْ ربُّكمْ واِرتَوَتْ / قبوركمْ من مُسبِلٍ مُثْجِمِ
مُقَعْقَعٍ تُخجِلُ أَصواتُهُ / أصواتَ ليثِ الغابةِ المُرْزِمِ
وَكيفَ أَستَسقِي لَكمْ رحمةً / وأَنتمُ الرّحمةُ للمجرمِ
غُرِرْتُ بما أَظهرتموه وليس لي
غُرِرْتُ بما أَظهرتموه وليس لي / بدائكمُ تحت الأضالعِ من عِلْمِ
وما كنتُ أخشى أنّ ذنباً جنيتُمُ / يَضيقُ به ذَرْعي مَدا الدّهرِ أوْ حِلْمِي
ولا أَنّنِي أُدْهى منَ الأمنِ غافلاً / ويَكلِمُنِي من كنتُ آسو به كَلْمِي
ومن عَجَبٍ أنّ السّهامَ تصيبني / من القوم ما فَوَّقْتُ نحْوهُمُ سهمي
وَإنِّيَ أَقضي كلَّ يومٍ وليلةٍ / فَأقربُ إبْقاءً وأُرمى فلا أَرمِي
فلا تطعموا أنْ تظلموني فإنْني / بعيدٌ متى حاولتُمُ عن يد الظلْمِ
فلا تطلبوا حربي فإنّ غَبِينَةً / طِلابُ اِمرئٍ حربي وفي كفِّهِ سِلْمِي
وَإنْ كنتُ مغروراً بكمْ بعد هذه / فلا تقبلوا عذري ولا تغفروا جُرمي
وَما الذّئبُ إلّا لِلزّمان الّذي رمى / صَميمي بكمْ كُرْهاً وصيَّركُمْ قِسْمِي
وزائرٍ ما زار إلّا
وزائرٍ ما زار إلّا / في سوادِ الظُّلَمِ
جاد ولم يدرِ بما / جاد ولمّا يعلمِ
ومتّعَ القَلْبَ من ال / خير بما لم يَدُمِ
بات الكرى يشفع لي / في نيلِ تلك النِّعَمِ
عطيّةٌ ما طُلبتْ / ومِنَّةٌ لم تُرَمِ
لا عيبَ إلّا أنّها / زيارةٌ في الحُلُمِ
خادَعْتَنِي بزيارةِ الحُلُمِ
خادَعْتَنِي بزيارةِ الحُلُمِ / وظلمتَ لمّا جئتَ في الظُّلَمِ
وعددتها جهلاً بموقعها / من جملةِ الإحسانِ والنِّعمِ
وظننتُ أنّك طاردٌ سَقَماً / فجلبتَ لي سُقماً على سَقَمِي
وَصْلٌ بغير رِضىً ولا لِهوىً / وعطيّةٌ ليستْ من الكَرَمِ
كذِبٌ وما شكرٌ على كَذِبِ / ما صحّ في فكرٍ ولا كَلِمِ
ووددتُ من مَقْتي مخادعتي / أنّ الرُّقادَ جفا فلم أنَمِ
قالوا أمَا اِستمتعتَ قلتُ لهمْ / هل متعةٌ لفتىً من العَدَمِ
ما الطّيفُ إلّا كالسّراب ولا / رِىٌّ بغير البارِدِ الشَّبمِ
ولمّا اِلتَقينا والقلوبُ مَهيجةٌ
ولمّا اِلتَقينا والقلوبُ مَهيجةٌ / وأَيمانُنا مشغولةٌ بالقوائِمِ
جعلنا القنا فيهمْ مكانَ ضلوعهمْ / وحدَّ الظُّبا منهمْ مكانَ العمائِمِ
وأَقدَمَتِ النَّصْرَ البعيدَ سيوفُنا / وقد كان لولا سلُّها غيرَ قادمِ
وعُدنا كما شئنا تَعَثّر خيلُنا / عقيبَ التّلاقي بالطُّلى والجماجِمِ
لا تخشَ من غائلةٍ فُوِّضَتْ
لا تخشَ من غائلةٍ فُوِّضَتْ / إلى الإلهِ القادرِ العالمِ
ونَمْ إذا شئتَ فإنّ الّذي / يرعاك فيها ليس بالنّائمِ
كم ذا وَقَى اللّهُ بألْطافِهِ / شَرَّ غَشومٍ مُجمِعٍ عازمِ
وكَم أَزال اللَّهُ من ظالمٍ / وأنصفَ القاعدَ من قائمِ
ضنَّ عنّي بالنَّزرِ إذْ أنا يقظا
ضنَّ عنّي بالنَّزرِ إذْ أنا يقظا / نُ وأعطى قليلَه في مَنامي
زَوْرَةٌ عاجَلَتْ وما هي إلّا الز / زورُ سُقماً مُبرِّحاً من سَقامِ
وَاِلتَقينا كَما اِشتَهينا ولا عي / بَ سوى أنّ ذاك في الأحلامِ
وإذا كانتِ المُلاقاةُ ليلاً / فاللّيالي خيرٌ من الأيّامِ
وبلغتُ المرامَ آيسَ ما كُنْ / تُ على النّأيِ من بلوغِ المَرامِ